الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِلَى الميسرة، فَأَتَيْته فَقلت: بَعَثَنِي إِلَيْك رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لتبعث إِلَيْهِ أثوابًا إِلَى الميسرة فَقَالَ: وَمَا الميسرة؟ وَمَتى الميسرة؟ وَالله مَا لمُحَمد ثاغية وَلَا راغية. فَرَجَعت فَأتيت النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا رَآنِي (قَالَ) : كذب عَدو الله، أَنا خير من بَايع، لِأَن يلبس أحدكُم ثوبا من رقاع شَتَّى خير لَهُ من أَن يَأْخُذ بأمانته - أَو فِي أَمَانَته - مَا لَيْسَ عَنهُ» .
ثاغية من أصوات الشَّاء، وراغية من أصوات الْإِبِل، قَالَه ابْن الْجَوْزِيّ فِي «جَامع المسانيد» وَفِي «علل ابْن أبي حَاتِم» سَأَلت أبي عَن حَدِيث نصر بن عَلّي عَن سُلَيْمَان (بن سليم) عَن جَابر بن يزِيد عَن سُفْيَان الزيات عَن الرّبيع بن أنس عَن أنس «أنَّه صلى الله عليه وسلم استسلف من رجل من الْيَهُود شَيْئا إِلَى الميسرة، فَقَالَ الْيَهُودِيّ: وَهل لمُحَمد من ميسرَة؟ فَأتيت النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرته فَقَالَ: كذب الْيَهُودِيّ
…
.» ثمَّ سَاق بَاقِي الحَدِيث، فَقَالَ: هَذَا حَدِيث مُنكر، وَسليمَان وسُفْيَان مَجْهُولَانِ.
الحَدِيث الثَّالِث
عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ رضي الله عنهما قَالَ: «أَمرنِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن أَشْتَرِي لَهُ بَعِيرًا ببعيرين إِلَى أجل» .
هَذَا الحَدِيث سلف الْكَلَام عَلَيْهِ وَاضحا فِي بَاب الرِّبَا. بِهِ انْتَهَى الْكَلَام عَلَى أَحَادِيث الْبَاب.
وَأما آثاره فَأَرْبَعَة:
أَحدهَا: عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أَنه قَالَ «فِي قَوْله تَعَالَى: (يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا تداينتم بدين إِلَى أجل مُسَمَّى: أَنه السّلم» .
وَهَذَا الْأَثر رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» بِإِسْنَاد الصَّحِيح من حَدِيث شُعْبَة عَن قَتَادَة، عَن أبي حسان الْأَعْرَج، عَنهُ أَنه قَالَ:«أشهد أَن السّلف الْمَضْمُون إِلَى أجل مُسَمَّى أَن الله عز وجل أحله، وَأذن فِيهِ، وَقَرَأَ هَذِه الْآيَة (يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا تداينتم بدين إِلَى أجل مُسَمَّى، وَفِي رِوَايَة لَهُ من حَدِيث أبي [حَيَّان] عَن رجل، عَنهُ قَالَ: «فِي هَذِه الْآيَة (يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا تداينتم) قَالَ: فِي الْحِنْطَة فِي كيلٍ مَعْلُوم» وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي «أكبر معاجمه» بِلَفْظ «أَن ابْن عَبَّاس سُئِلَ عَن (السّلف) فَقَالَ: أشهد أَن الله أحله وَأنزل فِيهِ أطول (آيَة فِي) كتاب الله (يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا تداينتم) الْآيَة.
الْأَثر الثَّانِي: عَن ابْن عمر رضي الله عنهما «أَنه اشْتَرَى رَاحِلَة بأَرْبعَة
أَبْعِرَة (يوفيها) صَاحبهَا بالربذة» .
وَهَذَا الْأَثر صَحِيح، رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي «صَحِيحه» بِغَيْر إِسْنَاد، فَقَالَ:«فَاشْتَرَى ابْن عمر رَاحِلَة بأَرْبعَة أَبْعِرَة مَضْمُونَة عَلَيْهِ، يوفيها صَاحبهَا بالربذة» . وَرَوَاهُ مَالك فِي «الْمُوَطَّأ» ، وَالشَّافِعِيّ عَنهُ، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر «أَنه اشْتَرَى رَاحِلَة بأَرْبعَة أَبْعِرَة
…
» فَذكره.
قلت: وَقد جَاءَ عَن ابْن عمر خلاف هَذَا، قَالَ عبد الرَّزَّاق: أبنا معمر، عَن (ابْن) طَاوس، عَن أَبِيه أَخْبرنِي «أَنه سَأَلَ ابْن عمر عَن بعير ببعيرين نظرة، فَقَالَ: لَا. وَكره» . وَقَالَ ابْن أبي شيبَة: ثَنَا ابْن أبي زَائِدَة، عَن ابْن عون، عَن ابْن سِيرِين» قلت لِابْنِ عمر: الْبَعِير بالبعيرين إِلَى أجل. فكرهه» .
فَائِدَة: الرَّاحِلَة النجيب: الْبَعِير، والربذة - بِفَتْح الرَّاء وبالباء الْمُوَحدَة ثمَّ ذال مُعْجمَة - مَوضِع عَلَى ثَلَاث مراحل من الْمَدِينَة، وَقد أَطَالَ الْبكْرِيّ فِي تَعْرِيفهَا.
الْأَثر الثَّالِث: عَن عَلّي رضي الله عنه «أَنه بَاعَ بَعِيرًا بِعشْرين بعير إِلَى أجل» .
وَهَذَا الْأَثر رَوَاهُ مَالك فِي «الْمُوَطَّأ» ، وَالشَّافِعِيّ عَنهُ، عَن
صَالح بن كيسَان، عَن الْحسن بن مُحَمَّد بن عَلّي، عَن عَلّي بن أبي طَالب «أَنه (بَاعَ) جملا لَهُ يُدعَى [عصيفيرًا] بِعشْرين بَعِيرًا إِلَى أجل» . وَالْحسن هَذَا لم يلق جده عليًّا لَا جرم، قَالَ ابْن الْأَثِير: هَذَا مُرْسل؛ لِأَن الْحسن لم يلق جده عليًّا. وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي «شرح الْمُهَذّب» : فِي إِسْنَاده انْقِطَاع بَين حسن وَعلي فَلم يُدْرِكهُ.
قلت: وَقد جَاءَ [عَن] عَلي خلاف ذَلِكَ، قَالَ عبد الرَّزَّاق فِي «مُصَنفه» : أَخْبرنِي عبد الله بن أبي بكر، عَن ابْن [أبي] قسيط، عَن ابْن الْمسيب، عَن عَلّي «أَنه كره بَعِيرًا ببعيرين نَسِيئَة» . وَقَالَ ابْن أبي شيبَة: ثَنَا وَكِيع، ثَنَا ابْن أبي ذِئْب، عَن يزِيد بن عبد الله بن قسيط، عَن أبي الْحسن البراد، عَن عَلّي (قَالَ) :«لَا يصلح الْحَيَوَان [بالحيوانين] ، وَلَا الشَّاة بالشاتين، إِلَّا يدا بيد» .
الْأَثر الرَّابِع: «أَن أنسا رضي الله عنه كَاتب عبدا لَهُ عَلَى مَال، فجَاء العَبْد بِالْمَالِ، فَلم يقبله أنس، فَأَتَى العَبْد عمر فَأَخذه مِنْهُ وَوَضعه فِي بَيت المَال» .
وَهَذَا الْأَثر ذكره الشَّافِعِي فِي «الْأُم» ، فَقَالَ: «أخبرنَا أَن أنس
بن مَالك كَاتب غُلَاما (لَهُ) عَلَى نُجُوم إِلَى أجل، فَأَرَادَ الْمكَاتب تَعْجِيلهَا ليعتق، فَامْتنعَ أنس من قبُولهَا، وَقَالَ: لَا آخذها إِلَّا عِنْد محلهَا. فَأَتَى الْمكَاتب عمر بن الْخطاب فَذكر ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ عمر: إِن أنسا يُرِيد الْمِيرَاث» . فَكَانَ فِي الحَدِيث «فَأمره عمر بأخذها مِنْهُ وَأعْتقهُ» . وَكَذَا ذكره الْبَيْهَقِيّ فِي «الْمعرفَة» عَن الرّبيع عَنهُ، وَرَوَاهُ فِي «سنَنه» بِإِسْنَاد حسن من حَدِيث أنس بن سِيرِين عَن أَبِيه قَالَ:«كاتبني أنس بن مَالك عَلَى عشْرين ألف دِرْهَم فَكنت فِيمَن فتح تستر فاشتريت رثَّة فربحت فِيهَا، فَأتيت أنس بن مَالك بكتابته فَأَبَى أَن يقبلهَا مني (إِلَّا نجومًا كاتبت عمر بن الْخطاب فَذكرت ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: أَرَادَ أنس الْمِيرَاث) وَكتب إِلَى أنس أَن اقبلها من الرِّجَال فقبلها، وَرَوَى الْبَيْهَقِيّ أَيْضا عَن عبد الْعَزِيز بن رفيع، عَن أبي بكر «أَن رجلا كَاتب غُلَاما لَهُ فنجمها نجومًا فَأَتَى (بمكاتبته) كلهَا فَأَبَى أَن يَأْخُذهَا إِلَّا نجومًا، فَأَتَى الْمكَاتب عمر فَأرْسل عمر إِلَى مَوْلَاهُ، فجَاء فَعرض عَلَيْهِ فَأَبَى أَن يَأْخُذهَا، فَقَالَ عمر رضي الله عنه: فَإِنِّي أطرحها فِي بَيت المَال. وَقَالَ للْمولَى: خُذْهَا نجومًا. وَقَالَ للْمكَاتب: اذْهَبْ حَيْثُ شِئْت» .