الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الضَّمَان
ذكر فِيهِ أَرْبَعَة أَحَادِيث.
الحَدِيث الأول
عَن أبي أُمَامَة رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْعَارِية مَرْدُودَة، وَالدّين مقضي، والزعيم غَارِم» .
هَذَا الحَدِيث حسن رَوَاهُ أَحْمد فِي «مُسْنده» وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه فِي «سُنَنهمْ» من حَدِيث إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش عَن شُرَحْبِيل بن مُسلم قَالَ: سَمِعت أَبَا أُمَامَة يَقُول: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: «الْعَارِية مُؤَدَّاة، والمنحة مَرْدُودَة، وَالدّين مقضي، والزعيم غَارِم» هَذَا (لفظ أَحْمد) وَلَفظ أبي دَاوُد فِي الْبيُوع مثله إِلَّا أَنه لم يذكر «والمنحة مَرْدُودَة» وَلَفظ التِّرْمِذِيّ فِي الْبيُوع والوصايا مثل لفظ أبي دَاوُد فِي الْبيُوع «أَنه عليه الصلاة والسلام قَالَ ذَلِكَ فِي حجَّة الْوَدَاع» وَلَفظ ابْن مَاجَه فِي الْأَحْكَام: «الْعَارِية مُؤَدَّاة والمنحة مَرْدُودَة» .
وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ فِي «سنَنه» فِي الْعَارِية من حَدِيث حَاتِم بن حُرَيْث
الْحِمصِي، عَن أبي أُمَامَة مَرْفُوعا بِمثل لفظ ابْن مَاجَه، وَرَوَاهُ أَبُو حَاتِم بن حبَان فِي «صَحِيحه» من هَذِه الطَّرِيق بِزِيَادَة عَلَيْهِ، وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ أَيْضا من حَدِيث الْحجَّاج بن الفرافصة حَدَّثَني مُحَمَّد بن الْوَلِيد عَن أبي عَامر الرصافي، عَن أبي أُمَامَة مَرْفُوعا: «الْعَارِية مُؤَدَّاة
…
» الحَدِيث، ومداره خلا طريقي النَّسَائِيّ عَلَى إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش الْحِمصِي كَمَا أسلفته لَك، ورده أَبُو مُحَمَّد بن حزم فِي «محلاه» بِهِ فَقَالَ: إِنَّه ضَعِيف. وَقد أسلفت لَك أَقْوَال الْأَئِمَّة فِيهِ فِي بَاب الْغسْل وحكينا عَن الإِمَام أَحْمد وَغَيره صِحَة مَا رَوَاهُ عَن الشاميين دون مَا رَوَاهُ عَن الْحِجَازِيِّينَ، وَهَذَا الحَدِيث من رِوَايَته عَن الشاميين؛ فَإِن إِسْمَاعِيل حمصي من أهل الشَّام فَيكون صَحِيحا عَلَى رَأْي هَؤُلَاءِ، لَا جرم أَن الْمُنْذِرِيّ حسنه هُنَا، وَفِي الْوَصَايَا قَالَ هُنَا: وَقد رُوِيَ عَن أبي أُمَامَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَيْضا من غير هَذَا الْوَجْه. وَنقل الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي «إلمامه» عَن التِّرْمِذِيّ أَيْضا تَصْحِيحه، وَالَّذِي رَأَيْته فِي عدَّة نسخ مِنْهُ تحسينه فَقَط. وَصرح بِتَصْحِيحِهِ أَيْضا الْقُرْطُبِيّ فِي «تَفْسِيره» فِي أَوَائِل تَفْسِير سُورَة الْبَقَرَة عِنْد قَوْله تَعَالَى:(وَقُلْنَا يَا آدم اسكن) الْآيَة، وَأغْرب ابْن حزم فَادَّعَى فِي «محلاه» فِي بَاب الْحجر أَن شُرَحْبِيل بن مُسلم مَجْهُول لَا يُدْرَى من هُوَ، وَلَو استحضر هَذَا هُنَا لرد الحَدِيث بِهِ، وَهُوَ عَجِيب مِنْهُ؛ فقد رَوَى عَنهُ
جمَاعَة، وَقَالَ الإِمَام (أَحْمد) : هُوَ من ثِقَات الْمُسلمين. وَوَثَّقَهُ أَيْضا ابْن معِين وَالْعجلِي، وأعل طَريقَة النَّسَائِيّ الأولَى بحاتم بن حُرَيْث فَقَالَ: إِنَّه مَجْهُول. وَهَذَا نَحْو قَول أبي حَاتِم: شيخ مَجْهُول. وَقَالَ ابْن معِين: لَا نعرفه. نعم قد عرفه غَيرهم، فروَى عَن خلق، وَعنهُ الْجراح بن مليح وَمُعَاوِيَة بن صَالح، وَقَالَ عُثْمَان الدَّارمِيّ: ثِقَة. لَا جرم أخرجه ابْن حبَان فِي «صَحِيحه» كَمَا سلف، وأعل طَرِيقه الثَّانِي بالحجاج بن الفرافصة فَقَالَ: إِنَّه مَجْهُول. وَهُوَ وهم مِنْهُ؛ فقد رَوَى عَن ابْن سِيرِين وَجَمَاعَة، وَعنهُ الثَّوْريّ وَجَمَاعَة. قَالَ يَحْيَى بن معِين: لَا بَأْس بِهِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: شيخ صَالح متعبد. نعم قَالَ أَبُو زرْعَة: لَيْسَ بِالْقَوِيّ. عَلَى أَن لحَدِيث أبي أُمَامَة هَذَا شَوَاهِد:
أَحدهَا: من حَدِيث أنس رضي الله عنه رَوَاهُ ابْن مَاجَه فِي «سنَنه» بِإِسْنَاد جيد من حَدِيث مُحَمَّد بن شُعَيْب عَن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد، عَن سعيد بن أبي سعيد عَنهُ مَرْفُوعا:«الْعَارِية مُؤَدَّاة، والمنحة مَرْدُودَة» قَالَ أَبُو طَاهِر: إِسْنَاده مُتَّصِل.
ثَانِيهَا: حَدِيث سُوَيْد بن جبلة الْفَزارِيّ، رَوَاهُ (الْحَافِظ) أَبُو مُوسَى الْأَصْبَهَانِيّ فِي «مُعْجم الصَّحَابَة» فِي تَرْجَمَة سُوَيْد هَذَا من حَدِيث بَقِيَّة عَن الزبيدِيّ عَن رَاشد بن سعد عَنهُ مَرْفُوعا: «الْعَارِية مُؤَدَّاة، والمنحة
مَرْدُودَة، والزعيم غَارِم» وَبَقِيَّة حَالَته مَعْلُومَة سلفت، وَرَاشِد هَذَا وثقوه، وشذ ابْن حزم فضعفه، قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ:(لَا يعْتَبر بِهِ، وَفِي «مُخْتَصر الصَّحَابَة» للذهبي) سُوَيْد بن جبلة الْفَزارِيّ لَا تصح لَهُ صُحْبَة، شَامي حَدِيثه مُرْسل. وَبَعْضهمْ يَقُول: لَهُ صُحْبَة رَوَى عَنهُ لُقْمَان بن عَامر وَأَبُو المصبح (المقرائي) .
ثَالِثهَا: من حَدِيث ابْن لَهِيعَة عَن عبد الله بن حبَان اللَّيْثِيّ، عَن رجل، عَن آخر مِنْهُم من قَالَ:«إِنِّي لتَحْت نَاقَة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يُصِيبنِي لُعَابهَا ويسيل عَلَى جرنها حِين قَالَ: الْعَارِية مُؤَدَّاة والمنحة مَرْدُودَة» .
رَوَاهُ الْحَافِظ أَبُو بكر الْخَطِيب فِي «تلخيصه» من حَدِيث ابْن لَهِيعَة بِهِ، وَابْن لَهِيعَة حَالَته مَعْلُومَة سلفت. وَرَوَاهُ أَحْمد فِي «مُسْنده» بِإِسْنَاد آخر عَن ابْن إِسْحَاق عَن ابْن الْمُبَارك، عَن عبد الله بن يزِيد بن جَابر، عَن سعيد بن أبي سعيد، عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:«أَلا إِن الْعَارِية مُؤَدَّاة، والمنحة مَرْدُودَة، وَالدّين مقضي، والزعيم غَارِم» .
فَائِدَة: الزعيم: الْكَفِيل. الْغَارِم: الضَّامِن. والمنحة: النَّاقة أَو الشَّاة يُعْطِيهَا صَاحبهَا غَيره لينْتَفع بهَا ثمَّ يُعِيدهَا.
تَنْبِيه: رُبمَا يَقع فِي بعض نسخ الرَّافِعِيّ فِي هَذَا الحَدِيث «عَن أبي قَتَادَة» بدل «أبي أُمَامَة» وَلَا شكّ أَنه من تَحْرِيف النساخ.