الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْأُمُور الَّتِي نقلهَا (الرَّافِعِيّ)(هُنَا) عَنهُ؛ كلهَا صَحِيحَة) ثمَّ ذكر فِي الْبَاب أَحَادِيث وأثرًا وَاحِدًا، أما الْأَحَادِيث فَثَلَاثَة عشر حَدِيثا.
الحَدِيث الأول
قَوْله عليه السلام «بني الْإِسْلَام عَلَى خمس
…
» الحَدِيث.
هَذَا الحَدِيث مُتَّفق عَلَى صِحَّته أخرجه الشَّيْخَانِ من حَدِيث ابْن عمر رضي الله عنهما كَمَا سلف فِي الصَّوْم، وَهُوَ حَدِيث عَظِيم الْموقع كثير الْفَوَائِد.
الحَدِيث الثَّانِي
عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: «خَطَبنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَيهَا النَّاس، إِن الله كتب عَلَيْكُم الْحَج. فَقَامَ الْأَقْرَع بن حَابِس فَقَالَ: أَفِي كل عَام يَا رَسُول الله؟ قَالَ: لَو قلتهَا لَوَجَبَتْ، وَلَو وَجَبت لم تعملوا بهَا، (وَلم تستطيعوا أَن تعملوا بهَا)، الْحَج مرّة، فَمن زَاد (فمتطوع)» .
هَذَا الحَدِيث صَحِيح رَوَاهُ أَحْمد، وَأَبُو دَاوُد،
وَابْن مَاجَه، وَالنَّسَائِيّ، فِي «سُنَنهمْ» وَالْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» ، وَالْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» ، وَاللَّفْظ الْمَذْكُور هُوَ لفظ أَحْمد، أخرجه من حَدِيث سُلَيْمَان بن كثير، عَن ابْن شهَاب، عَن أبي سِنَان الدؤَلِي، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: «خَطَبنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس
…
» فَذكره، وَقَالَ:«فَهُوَ تطوع» بدل «فمتطوع» وَلَفظ الْبَيْهَقِيّ كَلَفْظِ الرَّافِعِيّ سَوَاء ثمَّ قَالَ: تَابعه سُفْيَان بن حُسَيْن، وَمُحَمّد بن أبي حَفْصَة، عَن الزُّهْرِيّ عَن (أبي سِنَان)، وَقَالَ: عقيل، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سِنَان، وَهُوَ أَبُو سِنَان الدؤَلِي.
قلت: (أما) مُتَابعَة سُفْيَان، فأخرجها أَبُو دَاوُد، وَابْن مَاجَه بِلَفْظ:«أَن الْأَقْرَع بن حَابِس سَأَلَ رَسُول الله فَقَالَ: يَا رَسُول الله، الْحَج فِي كل سنة أَو مرّة وَاحِدَة؟ (فَقَالَ: بل مرّة وَاحِدَة) فَمن زَاد (فتطوع) » .
وَأما مُتَابعَة مُحَمَّد بن أبي حَفْصَة؛ فأخرجها الْحَاكِم كَمَا سَيَأْتِي.
قلت: وتابعهما أَيْضا سُلَيْمَان بن كثير كَمَا سلف، وَعبد
(الْجَلِيل) بن حُمَيْد، عَن الزُّهْرِيّ، وَلَفظه:«أَنه عليه السلام (قَامَ) (فَقَالَ) : إِن الله تبارك وتعالى كتب عَلَيْكُم الْحَج. فَقَالَ الْأَقْرَع بن حَابِس التَّمِيمِي: كل عَام يَا رَسُول الله؟ فَسكت فَقَالَ: لَو قلت نعم لوَجَبت ثُمَّ إِذا لَا تَسْمَعُونَ وَلَا تطيعون، وَلكنه حجَّة وَاحِدَة» . رَوَاهُ النَّسَائِيّ من حَدِيث مُوسَى بن سَلمَة عَنهُ بِهِ، وأَعلَّه ابْن الْقطَّان بِجَهَالَة مُوسَى وَعبد الْجَلِيل. وَقَالَ:(فَالْحَدِيث) إِذا لَا يَصح من (أجلهما) .
قلت: عبد الْجَلِيل رَوَى عَن الزُّهْرِيّ وَأَيوب، وَعنهُ جمَاعَة، وَهُوَ صَدُوق. ومُوسَى (قَالَ) النَّسَائِيّ فِي حَقه: صَالح الحَدِيث. وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي موضِعين من كتاب الْحَج من «مُسْتَدْركه» :
أَحدهمَا: فِي أَوله من حَدِيث سُفْيَان (بن) حُسَيْن. كَمَا أخرجه أَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه؛ إِلَّا أَنه قَالَ: «فَمن أَرَادَ (يتَطَوَّع) بدل «فَمن (زَاد) فمتطوع»
ثَانِيهمَا: (بعد هَذَا) الْموضع بِنَحْوِ (كراسة) من حَدِيث عبد الله بن صَالح، نَا اللَّيْث، حَدثنِي عبد الرَّحْمَن بن خَالِد بن [مُسَافر] عَن ابْن شهَاب، عَن أبي سِنَان الدؤَلِي، عَن ابْن عَبَّاس أَنه عليه السلام قَالَ:«يَا قوم، كتب الله عَلَيْكُم الْحَج. فَقَالَ الْأَقْرَع بن حَابِس: (أكل) عَام يَا رَسُول الله؟ فَصمت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ثمَّ قَالَ: لَا، بل حجَّة وَاحِدَة، ثمَّ من حج بعد ذَلِك فَهُوَ تطوع، وَلَو قلت: نعم. لَوَجَبَتْ عَلَيْكُم، ثمَّ إِذا لَا تَسْمَعُونَ وَلَا تطيعون» ثمَّ قَالَ فِي الْإِسْنَاد الأول: هَذَا إِسْنَاد صَحِيح وَلم يُخرجهُ الشَّيْخَانِ (فَإِنَّهُمَا) لم يخرجَا (لِسُفْيَان) بن حُسَيْن وَهُوَ من الثِّقَات الَّذين يجمع حَدِيثهمْ. وَقَالَ فِي الحَدِيث الثَّانِي: هَذَا حَدِيث
صَحِيح عَلَى شَرط البُخَارِيّ، وَلم يخرجَاهُ. ثمَّ ذكره قبل هَذَا الحَدِيث من حَدِيث روح بن عبَادَة، ثَنَا مُحَمَّد بن أبي حَفْصَة، عَن ابْن شهَاب، عَن أبي سِنَان، (عَن ابْن عَبَّاس) «أَن الْأَقْرَع بن حَابِس سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: الْحَج كل عَام؟ قَالَ: (لَا) حجَّة وَاحِدَة، وَلَو قلت نعم لَوَجَبَتْ، وَلَو وَجَبت لم تسمعوا وَلم تطيعوا» وَذكره أَيْضا فِي كتاب «التَّفْسِير» من «مُسْتَدْركه» فِي تَفْسِير سُورَة «آل عمرَان» من حَدِيث سُلَيْمَان بن كثير بِهِ كَمَا سَاقه أَحْمد، إِلَّا أَنه زَاد:(أَو لم) تستطيعوا أَن تعملوا بهَا، الْحَج مرّة؛ فَمن زَاد فتطوع» ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ، وَلم (يخرجَاهُ) . قَالَ: وَهَكَذَا رَوَاهُ سُفْيَان بن حُسَيْن، عَن الزُّهْرِيّ، ثمَّ سَاقه بِلَفْظ:«سَأَلَ الْأَقْرَع بن حَابِس رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: الْحَج فِي كل عَام مرّة؟ قَالَ: لَا بل مرّة وَاحِدَة فَمن زَاد (فتطوع) » ، ثمَّ قَالَ: وَفِي الْبَاب عَن عَلّي بن أبي طَالب بالشرح وَالْبَيَان عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ثمَّ سَاق بِإِسْنَادِهِ عَن عَلّي بن عبد الْأَعْلَى، عَن أَبِيه، عَن أبي البخْترِي، عَن عَلّي قَالَ: «لما نزلت هَذِه الْآيَة (وَللَّه عَلَى النَّاس حج الْبَيْت من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا) قَالُوا: يَا رَسُول الله، أَفِي كل عَام؟ فَسكت
ثمَّ قَالُوا: أَفِي كل (عَام) ؟ فَسكت ثمَّ قَالُوا: أَفِي كل عَام؟ قَالَ: لَا، وَلَو قلت: نعم لَوَجَبَتْ. فَأنْزل الله (يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تسألوا عَن أَشْيَاء) الْآيَة» .
قلت: وَهَذَا الحَدِيث ضَعِيف مُنْقَطع، أَبُو البخْترِي لم يسمع من عَلّي، قَالَ ابْن عبد الْبر:(لَهُ)(مَرَاسِيل) عَنهُ، وَلم يسمع مِنْهُ عبد الْأَعْلَى ضَعَّفوه. وَقَالَ أَبُو زرْعَة: ضَعِيف الحَدِيث رُبمَا رفع الحَدِيث وَرُبمَا وَقفه. وَرَوَاهُ يَحْيَى بن أبي أنيسَة، عَن الزُّهْرِيّ، فَقَالَ: عَن عبيد الله بن عبد الله، عَن ابْن عَبَّاس. وَالصَّوَاب كَمَا قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ، عَن أبي سُفْيَان. وَيَحْيَى بن أبي أنيسَة مَتْرُوك.
ثمَّ اعْلَم أَن ابْن حزم ذكر هَذَا الحَدِيث فِي محلاه من طَرِيق أبي دَاوُد (ثمَّ) قَالَ: لَا حجَّة فِيهِ؛ لِأَن رَاوِيه أَبُو سِنَان الدؤَلِي قَالَ فِيهِ عقيل: سِنَان مَجْهُول غير مَعْرُوف. انْتَهَى (وَهَذَا يُوهم) أنَّ عُقيلاً - أحد (رُوَاته) - قَالَ: «سِنَان مَجْهُول» وَلَيْسَ كَذَلِك، فَالَّذِي قَالَه
أَبُو دَاوُد، وَهُوَ أَبُو سِنَان الدؤَلِي، وَكَذَا (قَالَه) عبد الْجَلِيل بن حميد وَسليمَان بن كثير جَمِيعًا، عَن الزُّهْرِيّ، وَقَالَ عُقيل: سِنَان؛ يَعْنِي: فِي رِوَايَة عقيل، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سِنَان، فعُرِف بِهَذَا أَن المُضَعِّف لأبي سِنَان: ابْن حزم لَا عُقيلاً، وَلَيْسَ هُوَ حِينَئِذٍ مَجْهُول؛ فقد رَوَى عَنهُ جمَاعَة، وَقَالَ أَبُو زرْعَة: ثِقَة.
تَنْبِيه: هَذَا الحَدِيث ذكره (الرَّافِعِيّ) دَلِيلا عَلَى أَن الْحَج لَا يجب بِأَصْل الشَّرْع إِلَّا مرّة وَاحِدَة، ويغني عَنهُ فِي الدّلَالَة حَدِيث ثَابت فِي «صَحِيح مُسلم» من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ:«خَطَبنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس، قد فرض الله عَلَيْكُم الْحَج فحجوا. فَقَالَ (رجل) : يَا رَسُول الله، أكل عَام؟ فَسكت حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: لَو قلت نعم لَوَجَبَتْ وَلما اسْتَطَعْتُم. ثمَّ قَالَ: (ذروني) مَا تركتكم فَإِنَّمَا هلك من كَانَ قبلكُمْ بِكَثْرَة سُؤَالهمْ وَاخْتِلَافهمْ عَلَى أَنْبِيَائهمْ، فَإِذا أَمرتكُم (بِأَمْر) فائتوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُم، وَإِذا نَهَيْتُكُمْ عَن شَيْء فَدَعوهُ» . قَالَ صَاحب «الإِمَام» : وَرَوَاهُ أَبُو الجهم الْمَالِكِي (من) هَذَا الْوَجْه