الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: (ضَعِيف) . و (أما) عبد الرَّحْمَن الْقطَامِي فَهُوَ واه، قَالَ الفلاس: كَانَ كذابا. وَقَالَ ابْن حبَان: يجب تنكب رواياته.
قلت: وَكَانَ السَّاجِي يَقُول: عبد الرَّحْمَن الْقطَامِي. وَالصَّوَاب: ابْن الْقطَامِي وَذكره ابْن الْجَوْزِيّ فِي «مَوْضُوعَاته» أَيْضا، وَقَالَ: إِنَّه حَدِيث لَا يَصح. وَفِي الْكتاب الْمُسَمَّى « (الْمُغنِي) عَن الْحِفْظ وَالْكتاب بقَوْلهمْ لم يَصح شَيْء فِي الْبَاب» لأبي حَفْص الْموصِلِي بَاب حجُّوا قبل أَن لَا تَحُجُّوا: «وَمن أمكنه الْحَج فَلم يحجّ فليمت إِن شَاءَ يهوديًّا (و) إِن شَاءَ نصرانيًّا» . قَالَ الْعقيلِيّ: لَا يَصح فِي هَذَا شَيْء. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: لَا يَصح (فِيهَا) شَيْء.
الحَدِيث الثَّامِن
عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما «أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يَقُول: لبيْك عَن شبْرمَة. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: من شبْرمَة؟ قَالَ: أَخ لي - أَو قريب لي - قَالَ: أحججت عَن نَفسك؟ قَالَ: لَا. قَالَ: حج عَن نَفسك، ثمَّ عَن شبْرمَة» (وَفِي) رِوَايَة: «هَذِه عَنْك ثمَّ عَن شبْرمَة» .
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَابْن مَاجَه فِي (سُنَنهمَا) من حَدِيث عَبدة بن سُلَيْمَان، عَن ابْن أبي عرُوبَة، عَن قَتَادَة، عَن عزْرَة، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا بِهِ بِاللَّفْظِ الأول، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ، وَالْبَيْهَقِيّ فِي «سُنَنهمَا» ، وَأَبُو حَاتِم بن حبَان فِي «صَحِيحه» بِاللَّفْظِ الثَّانِي وَإِسْنَاده صَحِيح عَلَى شَرط مُسلم. قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي «السّنَن» و «الْمعرفَة» و «الخلافيات» بعد تَخْرِيجه لَهُ: هَذَا إِسْنَاد صَحِيح لَيْسَ فِي هَذَا الْبَاب أصح مِنْهُ. ثمَّ رَوَاهُ من طرق كَذَلِك مَرْفُوعا، قَالَ: وَرُوِيَ مَوْقُوفا عَلَى ابْن عَبَّاس. قَالَ: وَمن رَوَاهُ مَرْفُوعا حَافظ ثِقَة فَلَا يضرّهُ خلافُ مَن خَالفه، قَالَ يَحْيَى بن معِين: سمعته من عَبدة بن سُلَيْمَان مَرْفُوعا. وَرَوَاهُ غنْدر، عَن سعيد بن أبي عرُوبَة (فَوَقفهُ)(وَرُوِيَ) عَن ابْن عَبَّاس من وَجه آخر مَوْقُوفا، وَعَبدَة بن سُلَيْمَان رَفعه وَهُوَ مُحْتَج بِهِ فِي «الصَّحِيحَيْنِ» ، وَرَوَاهُ عَنهُ (مَرْفُوعا جمَاعَة من) الثِّقَات، وَتَابعه عَلَى رَفعه مُحَمَّد بن عبد الله الْأنْصَارِيّ
وَمُحَمّد بن بشر، قَالَ يَحْيَى بن معِين: أثبت النَّاس سَمَاعا (من) سعيد عَبدة بن سُلَيْمَان. وَقَالَ عبد الْحق: علل بَعضهم هَذَا الحَدِيث بِأَنَّهُ رُوِيَ مَوْقُوفا. قَالَ: وَالَّذِي أسْندهُ ثِقَة فَلَا يضرّهُ. وَقَالَ ابْن الْقطَّان: الرافعون لَهُ ثِقَات فَلَا يضرهم وقف الواقفين لَهُ، إِمَّا (لأَنهم) حفظوا مَا لم يحفظوا، وَإِمَّا لِأَن (الواقفين) رووا عَن ابْن عَبَّاس (رَأْيه)، (والرافعين) رووا عَنهُ رِوَايَته. وَخَالف الطَّحَاوِيّ فَقَالَ فِي «مشكله» : الصَّحِيح أَنه مَوْقُوف، قَالَ أَحْمد: رَفعه خطأ. وَقَالَ ابْن الْمُنْذر: لَا يثبت.
(قلت: وَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الْبَيْهَقِيّ من قَوْله: وَرُوِيَ من وَجه آخر عَن ابْن عَبَّاس مَوْقُوفا. قد أخرجه من حَدِيث الشَّافِعِي، كَمَا سَاقه الْبَيْهَقِيّ فِي «الْمعرفَة» عَنهُ) : نَا سُفْيَان، عَن أَيُّوب، عَن أبي قلَابَة: «سمع ابْن عَبَّاس رجلا يُلَبِّي عَن شبْرمَة، قَالَ: وَمَا شبْرمَة؟ فَذكر (قرَابَة) قَالَ: أحججت عَن نَفسك؟ قَالَ: لَا. (قَالَ) : فحج عَن نَفسك، ثمَّ
حج عَن شبْرمَة» وَفِي هَذَا استبعاد تعدد الْقِصَّة بِأَن يكون فِي (زَمَنه) عليه السلام وزمن ابْن عَبَّاس عَلَى سِيَاقَة وَاحِدَة (واتفاق لَفظه) . نَبَّه عَلَى ذَلِك صَاحب «الإِمَام» وأعلَّ هَذَا الحَدِيث أَيْضا بِالْإِرْسَال؛ فَإِن سعيد بن مَنْصُور رَوَاهُ عَن سُفْيَان، عَن ابْن جريج، عَن عَطاء، عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: إِنَّه أصح.
قلت: هَذِه طَرِيقَته وَطَرِيقَة جمَاعَة، وَرَأَى جماعات تَقْدِيم الْوَصْل (إِذا اجْتمع) مَعَ الْإِرْسَال، وَأعله بَعضهم (بِأَنَّهُ) رُوِيَ عَن قَتَادَة عَن ابْن جُبَير بِإِسْقَاط «عزْرَة» ذكره صَاحب «الاستذكار» ، وَأعله ابْن الْجَوْزِيّ فِي «تَحْقِيقه» بِأَن قَالَ: فِيهِ مقَال، فَإِن فِيهِ عزْرَة وَهُوَ لَا شَيْء. وَهَذَا غلط مِنْهُ (وَكَأَنَّهُ) ظن أَن عزْرَة هَذَا هُوَ ابْن قيس الَّذِي قَالَ فِيهِ يَحْيَى: لَا شَيْء. وَلَيْسَ كَذَلِك، وَإِنَّمَا هُوَ عزْرَة بن عبد الرَّحْمَن الْخُزَاعِيّ من رجال مُسلم، وَوَثَّقَهُ عَلّي بن المدينى وَيَحْيَى بن معِين، وَذكره ابْن حبَان فِي «ثقاته» وَأخرجه فِي «صَحِيحه»
من (جِهَته) وَلما ذكر صَاحب «الْإِلْمَام» هَذَا الحَدِيث قَالَ: رَأَيْت فِي كتاب «التَّمْيِيز» للنسائي: عزْرَة الَّذِي رَوَى عَنهُ قَتَادَة لَيْسَ بِذَاكَ الْقوي. ثمَّ (ذكره) - أَعنِي ابْن الْجَوْزِيّ - من طَرِيقين آخَرين عَن الدَّارَقُطْنِيّ:
أَحدهمَا: من حَدِيث يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن، عَن حميد بن الرّبيع، عَن مُحَمَّد بن بشر، عَن سعيد بن أبي عرُوبَة، عَن قَتَادَة، عَن عزْرَة، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ:«سمع النَّبِي صلى الله عليه وسلم (رجلا) يُلَبِّي عَن شبْرمَة، قَالَ: أحججت؟ قَالَ: لَا. قَالَ: لَبِّ عَن نَفسك، ثمَّ لبِّ عَن شبْرمَة» ثمَّ أعلَّها بحميد بن الرّبيع وَنقل عَن يَحْيَى أَنه قَالَ فِي حَقه: كذَّاب. وأغفل (رَاوِيه) يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن، وَفِي (حَدِيثه) وهم كَبِير مَعَ أَن البرقاني قَالَ: رَأَيْت الدَّارَقُطْنِيّ يحسن القَوْل فِي حميد. وَقَالَ مُحَمَّد بن عُثْمَان بن أبي شيبَة: أَنا أعلم النَّاس بِهِ، هُوَ ثِقَة لكنه شَرِه يُدَلس.
قلت: قد صرح فِي هَذَا الحَدِيث بِالتَّحْدِيثِ فَقَالَ: نَا مُحَمَّد بن بشر.
الطَّرِيق الثَّانِي: من حَدِيث (الْحسن) بن ذكْوَان، ثَنَا عَمْرو بن دِينَار، عَن عَطاء، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ:«سمع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يَقُول: لبيْك عَن شبْرمَة. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: هَل حججْت قطّ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: هَذِه عَنْك وَحج عَن شبْرمَة» . ثمَّ أعلَّها بالْحسنِ بن ذكْوَان.
وَنقل عَن أَحْمد أَن أَحَادِيثه أباطيل، وَعَن يَحْيَى (أَنه) ضَعِيف.
قلت: لكنه من فرسَان البُخَارِيّ، فاحتجَّ بِهِ فِي «صَحِيحه» ، وَذكره ابْن حبَان فِي «ثقاته» ، وَقَالَ ابْن عدي: أَرْجُو أَنه لَا بَأْس (بِهِ) . وليت ابْن الْجَوْزِيّ أعلَّه بالراوي عَنهُ (و) هُوَ أَبُو بكر الْكَلْبِيّ فَإِنَّهُ مَتْرُوك، وأعلَّهُ ابْن الْمُغلس الظَّاهِرِيّ بِوَجْه آخر وَهُوَ أَن قَتَادَة رَاوِيه عَن عزْرَة لم يقل:«ثَنَا» وَلَا «سَمِعت» وَهُوَ إِمَام فِي التَّدْلِيس. قَالَ: وَقد قَالَ بعض أهل الْعلم: إِن هَذَا (الْخَبَر) لَيْسَ بِثَابِت؛ لِأَن سعيد بن أبي عرُوبَة كَانَ يحدث هَذَا الحَدِيث بِالْبَصْرَةِ فَيجْعَل هَذَا الْكَلَام من قَول ابْن عَبَّاس وَلَا يسْندهُ، وبالكوفة يَجعله مُسْندًا. قَالُوا: وَقد (رَوَاهُ)
ابْن أبي لَيْلَى، عَن عَطاء، عَن عَائِشَة (مَرْفُوعا) قَالُوا: وَقد رَوَاهُ ابْن جريج وَهُوَ أثبت من ابْن أبي لَيْلَى، فَلم يقل «عَن عَائِشَة» وأرسله، وَرَوَاهُ أَبُو قلَابَة عَن ابْن عَبَّاس، وَأَبُو قلَابَة لم يسمع مِنْهُ شَيْئا، قَالُوا: فَالْخَبَر بذلك غير ثَابت.
قلت: فِي «تَقْيِيد المهمل» للجياني: (قَالَ البُخَارِيّ: عزْرَة بن عبد الرَّحْمَن الْخُزَاعِيّ) كُوفِي، عَن سعيد بن جُبَير وَسَعِيد بن عبد الرَّحْمَن بن أَبْزَى، سمع مِنْهُ قَتَادَة. فقد صرح البُخَارِيّ بِسَمَاع قَتَادَة (من عزْرَة) فقد يُقَال: زَالَت تُهْمَة تدليسه وَقد أسلفنا الْجَواب عَمَّن أوقفهُ.
فَائِدَتَانِ: الأولَى: عزْرَة الْمُتَقَدّم فِي الحَدِيث هُوَ عزْرَة بن عبد الرَّحْمَن الْخُزَاعِيّ، كَذَا ذكره الْأَئِمَّة البُخَارِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان فِي «تواريخهم» ، وَكَذَا ذكره صَاحب «الْكَمَال» ، والمزي فِي «تهذيبه» ، و «أَطْرَافه» .
وَوَقع فِي «سنَن أبي دَاوُد» ، و «ابْن مَاجَه» : عزْرَة. غير مَنْسُوب، وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» : هُوَ عزْرَة بن يَحْيَى. وَنَقله عَن الْحَاكِم، عَن أبي عَلّي الْحَافِظ، قَالَ: وَقد رَوَى قَتَادَة أَيْضا عَن عزْرَة بن تَمِيم، وَعَن عزْرَة بن عبد الرَّحْمَن.
قلت: ونصَّ (عَلَى) أَنه عزْرَة بن يَحْيَى الجيانيُّ فِي «تَقْيِيد المهمل» قَالَ: وَقَالَ أَحْمد: هُوَ عزْرَة بن دِينَار وَلَا أرَاهُ يَصح.
الْفَائِدَة الثَّانِيَة: قَالَ الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ فِي «مبهماته» : اسْم (المُلَبى) عَنهُ «شبْرمَة» . وَهُوَ كَمَا قَالَ، فقد جَاءَ صَرِيحًا كَمَا قدمْنَاهُ، قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ فِي (تلقيحه) : وَفِي حَدِيث تفرد بِهِ ابْن عمَارَة أَن اسْمه: «نُبَيْشَة» قَالَ: وَهُوَ خطأ، وَيُقَال: إِن ابْن عمَارَة رَجَعَ عَن تِلْكَ الرِّوَايَة. قَالَ الْخَطِيب: وَلَا أحفظ اسْم (الملبي) . وَقَالَ ابْن باطيش فِي كِتَابه «الْمُغنِي فِي غَرِيب الْمُهَذّب» : اسْمه «نُبَيْشَة» .
قلت: فِيهِ نظر، وَكَأَنَّهُ وهم فَإِن الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ رويا من حَدِيث الْحسن بن عمَارَة، عَن عبد الْملك بن ميسرَة، عَن طَاوس، عَن ابْن عَبَّاس أَنه (الملبى) عَنهُ، وَهُوَ خطأ كَمَا (أسلفناه) لَا (الملبي) قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ ثمَّ الْبَيْهَقِيّ: هَذِه الرِّوَايَة وهم، وَالصَّوَاب مَا تقدم عَن ابْن عَبَّاس. وَيُقَال: إِن الْحسن بن عمَارَة كَانَ يرويهِ ثمَّ رَجَعَ عَنهُ إِلَى الصَّوَاب، يحدث بِهِ عَلَى الصَّوَاب مُوَافقا لرِوَايَة غَيره عَن ابْن عَبَّاس، وَهُوَ مَتْرُوك الحَدِيث عَلَى كل حَال.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي «الْمعرفَة» : إِنَّه حَدِيث بَاطِل. وَقَالَ (ابْن) الْجَوْزِيّ فِي «تَحْقِيقه» : تفرد بِهَذَا الحَدِيث بلفظَيْه «هِيَ (عَن) نُبَيْشَة واحجج عَن نَفسك» و «هَذِه (عَن) نُبَيْشَة واحجج عَن نَفسك» الحسنُ بن عمَارَة، وَهُوَ الَّذِي (كَانَ) (يَقُول) مَكَان «شبْرمَة» :«نُبَيْشَة» ثمَّ رَجَعَ إِلَى الصَّوَاب فِي آخر عمره، وَقَالَ فِي «علله» : إِنَّه حَدِيث لَا يَصح.
فَائِدَة ثَالِثَة: «شبْرمَة» بِضَم الشين وَالرَّاء، ذكره ابْن مَنْدَه، وَأَبُو نعيم فِي «الصَّحَابَة» ، وَهُوَ من الْأَفْرَاد، و «نُبَيْشَة» غير مَنْسُوب أَيْضا، توفّي فِي حَيَاة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَلَيْسَ «نُبَيْشَة الْهُذلِيّ» وَلَيْسَ فِي الصَّحَابَة نُبَيْشَة غَيرهمَا.
فَائِدَة رَابِعَة (غَرِيبَة) : أَن هَذَا الحَدِيث من رِوَايَة ابْن عَبَّاس، وَمن رِوَايَة عَائِشَة، وظفرت لَهُ بطرِيق ثَالِث من حَدِيث أبي الزبير، عَن جَابر، «سمع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم رجلا وَهُوَ يُلَبِّي: لبيْك عَن شبْرمَة. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أحججت عَن نَفسك؟ قَالَ: لَا. قَالَ: أَفلا حججْت عَن