الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب التَّفْلِيس
ذكر فِيهِ رحمه الله من الْأَحَادِيث تِسْعَة أَحَادِيث:
أَحدهَا
عَن كَعْب بن مَالك رضي الله عنه «أنَّه صلى الله عليه وسلم حجر عَلَى معَاذ وَبَاعَ عَلَيْهِ مَاله» .
هَذَا الحَدِيث صَحِيح رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ من حَدِيث هِشَام بن يُوسُف، أبنا معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن ابْن كَعْب بن مَالك، عَن أَبِيه « (أَن) النَّبِي صلى الله عليه وسلم حجر عَلَى معَاذ بن جبل مَاله وَبَاعه فِي دين كَانَ عَلَيْهِ» قَالَ الْبَيْهَقِيّ: كَذَا رَوَاهُ هِشَام بن يُوسُف الصَّنْعَانِيّ، عَن معمر وَخَالفهُ عبد الرَّزَّاق فِي إِسْنَاده فَرَوَاهُ مُرْسلا. قَالَ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عبد الله بن الْمُبَارك عَن معمر. وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» فِي مَوَاضِع هُنَا وَقَالَ: إِنَّه حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ. وَفِي كتاب الْأَحْكَام وَقَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد. وَفِي تَرْجَمَة معَاذ وَقَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ. وَقَالَ ابْن الطلاع: إِنَّه حَدِيث ثَابت. وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي «مراسيله» من حَدِيث عبد الرَّزَّاق، عَن معمر، عَن
الزُّهْرِيّ، عَن ابْن كَعْب بن مَالك وَهُوَ عبد الرَّحْمَن «أَن معَاذ بن جبل لم يزل يدَّان حَتَّى أغلق مَاله كُله، فَأَتَى غرماؤه إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَطلب معَاذ إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَن يسْأَل غرماءه أَن يضعوا لَهُ أَو يؤخروا، فَأَبَوا، فَلَو ترك [لأحد] من أجل أحد لترك لِمعَاذ من أجل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَبَاعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم مَاله كُله فِي دينه حَتَّى قَامَ معَاذ بِغَيْر شَيْء» وَفِي رِوَايَة لَهُ عَن عبد الرَّحْمَن «فَلم يزدْ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم غرماءه عَلَى أَن خلع لَهُم مَاله» . وَرَوَاهُ أَيْضا مُرْسلا سعيد بن مَنْصُور وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ وَقَالَ عبد الْحق: إِنَّه أصح من الْمُتَّصِل. وَقَالَ صَاحب (الْإِلْمَام) : إِنَّه الْمَشْهُور فِيهِ. وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه من طَرِيق آخر مُتَّصِلا رَوَاهُ من حَدِيث [عبد الله بن مُسلم] بن هُرْمُز، عَن سَلمَة الْمَكِّيّ، عَن جَابر بن عبد الله «أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (خلع معَاذ بن جبل من غُرَمَائه ثمَّ اسْتَعْملهُ عَلَى الْيمن، فَقَالَ معَاذ: إِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم) استخلصني بِمَا لي ثمَّ استعملني» وَعبد الله هَذَا ضعفه أَحْمد وَغَيره، وَقَالَ أَبُو حَاتِم: لَيْسَ بِالْقَوِيّ. وَسَلَمَة لَا أعرف حَاله وَلَا رَوَى عَنهُ غير عبد الله وَلَا رَوَى عَن غير جَابر. وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: رَوَى عَن جَابر من وَجْهَيْن ضعيفين.
فَائِدَة: كَانَ تفليس معَاذ سنة تسع من الْهِجْرَة كَمَا نبه عَلَيْهِ ابْن الطلاع فِي «أَحْكَامه» قَالَ: وَحصل لغرمائه خَمْسَة أَسْبَاع حُقُوقهم، فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، بِعْهُ لنا. فَقَالَ:«لَيْسَ لكم إِلَيْهِ سَبِيل» . قلت: وَهَكَذَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» وَقَالَ: تفرد بِبَعْض أَلْفَاظه الْوَاقِدِيّ. و (بَعثه) إِلَى الْيمن وَقَالَ: «لَعَلَّ الله أَن يجبرك» وَذَلِكَ فِي ربيع الآخر سنة تسع بعد أَن غزا غَزْوَة تَبُوك وَقدم بعد مَوته عليه الصلاة والسلام فِي خلَافَة الصّديق وَمَعَهُ غلْمَان، فَرَآهُمْ عمر فَقَالَ: مَا هم. فَقَالَ: أصبهم فِي وَجْهي. فَقَالَ عمر: من أَي وَجه؟ فَقَالَ: أهدوا إليّ وأكرمت بهم. فَقَالَ عمر: اذكرهم لأبي بكر. فَقَالَ معَاذ: فأذكر هَذَا لأبي بكر! فَنَامَ معَاذ فَرَأَى كَأَنَّهُ عَلَى شَفير جَهَنَّم وَعمر آخذ بحجزته من وَرَائه لِئَلَّا يَقع فِي النَّار، فَفَزعَ معَاذ فَذكرهمْ لأبي بكر كَمَا أمره عمر فسوغه إيَّاهُم أَبُو بكر، وَقَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُول: لَعَلَّ الله أَن يجبرك. فَقَضَى غرماءه بَقِيَّة (دُيُونهم) » وَرَوَى الطَّبَرَانِيّ فِي «مُعْجَمه» «أَنه عليه الصلاة والسلام لما حج بَعثه إِلَى الْيمن، وَأَنه أول من تجر فِي مَال الله حَتَّى إِذا كَانَ فتح مَكَّة بَعثه إِلَى الْيمن» .
تَنْبِيه: لما ذكر عبد الْحق هَذَا الحَدِيث من مَرَاسِيل أبي دَاوُد تعقبه بِأَن قَالَ: أسْندهُ هِشَام بن يُوسُف والمرسل أصح. فَاعْترضَ ابْن الْقطَّان فَقَالَ: كَذَا ذكر هَذِه الرِّوَايَة وَلم يعزها وَلَا أعرف موقعها. هَذَا لَفظه، وَهُوَ عَجِيب مِنْهُ، فَهِيَ فِي الْكتب الْمَشْهُورَة كالدارقطني وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ كَمَا أسلفناها.