الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَدِيث يُوسُف بن خَالِد (السَّمْتِي) ، عَن عَمرو بن أبي عَمرو، عَن الْمطلب، عَن (أبي) مُوسَى الْأَشْعَرِيّ (مَرْفُوعا) :«لحمُ الصَّيْد حَلَال لكم مَا لم تصيدوه أَو يُصَدْ لكم وَأَنْتُم حُرُم» . ويوسف هَذَا واهٍ. وَأما الْكَلَام فِي الْمطلب (فقد خَالف) ابْنَ سعد أَبُو زرْعَة فَقَالَ: ثِقَة. وَكَذَا وثَّقه الدارقطنيُّ وغيرُه.
فَائِدَة: رِوَايَة: «أَو يصاد لكم» بالألفِ، لَا إِشْكَال فِيهَا، وَرِوَايَة مَنْ رَوَى:«أَو يُصَدْ» بحذفها، جَائِزَة عَلَى لُغَة، وَمن ذَلِك: قَوْله تَعَالَى: (إِنَّه من يتقِ ويصبر) عَلَى قِرَاءَة من قَرَأَ بِالْيَاءِ، وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
بِمَا لاقتْ لَبُونُ بني زِياد
ألَمْ يَأْتيكَ والأَنْبَاءُ تَنْمى
الحَدِيث الْخَامِس بعد الْعشْرين
عَن أبي قَتَادَة رضي الله عنه: «أَنه خرج مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَتخلف مَعَ بعض أَصْحَابه، وَهُوَ حَلَال وهم محرمون، فَرَأَوْا حمر وَحش، فَاسْتَوَى عَلَى
فَرَسه ثمَّ سَأَلَ أصحابَه أَن يناولوه سَوْطًا فَأَبَوا فسألَهُم رمْحَه، فَأَبَوا، فَأَخذه وَحمل عَلَى الْحمر فعقر مِنْهَا أَتَانَا، فَأكل مِنْهَا بَعضهم وأَبَى بَعضهم، فلمَّا أَتَوا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم سَأَلُوهُ، فَقَالَ: هَل مِنْكُم أحد أمره أَن يحمل عَلَيْهَا أَو أَشَارَ إِلَيْهَا؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: فَكُلُوا مَا بَقِي من لَحمهَا» .
هَذَا الحَدِيث صَحِيح، أخرجه الشَّيْخَانِ فِي «صَحِيحَيْهِمَا» عَنهُ، قَالَ: «كُنْتُ يَوْمًا جَالِسا مَعَ رجالٍ من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي منزلٍ فِي طَرِيق مَكَّة، وَرَسُول الله صلى الله عليه وسلم[نَازل] أمامنا، وَالْقَوْم مُحْرِمُون وَأَنا غيرُ مُحْرِم، عَام الْحُدَيْبِيَة، فأبْصَرُوا حمارا وحشيًّا وَأَنا مَشْغُول أَخْصِفُ نَعْلي، فَلم (يُؤْذِنُوني) وأحبوا لَو أَنِّي (أبصرته)، فقمتُ إِلَى الفرسِ فأسرجته (ثمَّ) ركبتُ ونسيتُ السَّوْطَ والرُّمْحَ؛ فَقلت لَهُم: نَاوِلُوني السَّوْطَ والرُّمْحَ، قَالُوا: لَا واللهِ لَا نُعِينكَ عَلَيْهِ [بِشَيْء] ، فغضبتُ فنزلتُ (فأخذتُهما) ، ثمَّ ركبتُ، فشددتُ عَلَى الْحمار فعقرتُه، ثمَّ جئتُ بِهِ وَقد مَاتَ، فوقَعُوا فِيهِ يَأْكُلُونَهُ، ثمَّ إنَّهُمْ شكُّوا فِي أكْلِهم إِيَّاه وهم حُرُم، فرحنا وخبَّأتُ العضدَ (معي) فأدركْنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم -
(فسألنَْاهُ) عَن ذَلِك، فَقَالَ: هَل مَعكُمْ مِنْهُ شَيْء؟ فَقلت: نَعَمْ. فناولْتُه العَضُدَ، فَأكلهَا [حَتَّى نَفَّدَها] وَهُوَ مُحْرِم» . وَفِي رِوَايَة لَهما:«إِنَّمَا هِيَ طعمة أطعمكموها اللَّهُ» . وَفِي أُخْرَى لَهما: «فَهُوَ حَلَال، فَكُلُوا» . وَفِي رِوَايَة لَهما من حَدِيث أبي قَتَادَة: فَقَالَ لَهُم النَّبِي صلى الله عليه وسلم: «هَل مِنْكُم أحد أمره أَن يَحْمِل عَلَيْهَا، أَو أَشَارَ إِلَيْهَا؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: فكُلُوا مَا بَقِي مِنْ لَحمهَا» وَفِي رِوَايَة لمُسلم: « (هَل) أَعنتم أَو أَشرتم أَو أصدتم» . وَفِي رِوَايَة لَهُ قَالَ: «هَل مَعكُمْ مِنْهُ شَيْء؟ قَالَ: مَعنا رِجله. فَأَخذه النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَأكلهَا» . وَفِي رِوَايَة للطحاويِّ فِي «شرح الْآثَار» : «أَنه عليه السلام بعث أَبَا قَتَادَة (عَلَى) الصَّدَقَة، وَخرج عليه السلام وأصحابُه وهُمْ مُحْرِمُون، حَتَّى نزلُوا عسفانَ، وَجَاء أَبُو قَتَادَة وَهُوَ حل
…
» الحَدِيث. وَفِي
رِوَايَة للدارقطني وَالْبَيْهَقِيّ فِي حَدِيث أبي قَتَادَة أَنه قَالَ حِين اصطاد الْحمار الوحشي: « (فذكرتُ) شَأْنه لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم، (وذكرتُ) أَنِّي لم أَكُن أحرمتُ، وَأَنِّي إِنَّمَا اصطدته لَك، فَأمر النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَصْحَابه، فأكَلُوا وَلم يأكُلْ حِين أخبرتُه أَنِّي اصطدتُه لَهُ» قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: قَالَ أَبُو (بكر) النيسابوريُّ: قَوْله: «إِنَّمَا اصطدتُه لَك» وَقَوله: « (و) لم يأكلْ مِنْهُ» لَا أعلم أحدا ذكَرَه فِي هَذَا الحَدِيث غير معمر، وَهُوَ مُوَافق لِمَا رُوي عَن عُثْمَان.
قَالَ ابْن حزم فِي «مُحَلَاّه» : وَلم يذكر سماعَه من عبد الله بن أبي قَتَادَة. وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: هَذِه الزِّيَادَة غَرِيبَة، وَالَّذِي فِي «الصَّحِيحَيْنِ» :«أَنه عليه السلام أكل مِنْهُ» ، وَإِن كَانَ الإسنادان (صَحِيحَيْنِ)، قَالَ النَّوَوِيّ فِي «شرح المهذَّب» : ويُحْتمل أَنه جَرَى لأبي قَتَادَة فِي تِلْكَ (السفرة) قضيتان للجَمْع (بَين) الرِّوَايَتَيْنِ. وَقَالَ ابْن حزم: إِنَّهَا قَضِيَّة وَاحِدَة
فِي وَقت وَاحِد فِي مَكَان وَاحِد، فِي صيدٍ واحدٍ. قَالَ: وَلَا يشك أحد فِي أَن أَبَا قَتَادَة لم يصد الْحمار إِلَّا لنَفسِهِ ولأصحابه وهم محرمون، فَلم يمنعهُم رَسُول الله من أكله. وَخَالفهُ ابْن عبد الْبر فَقَالَ: كَانَ اصطياده الْحمار لنَفسِهِ لَا لأَصْحَابه، وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وجَّه أَبَا قَتَادَة عَلَى طَرِيق الْبَحْر مَخَافَة العدوِّ، فَلذَلِك لم يكن محرما إِذْ اجْتمع مَعَ أَصْحَابه؛ لِأَن مخرجهم لم يكن وَاحِدًا. قَالَ: وَكَانَ ذَلِك عَام الْحُدَيْبِيَة أَو بعده بعام عَام الْقَضِيَّة.
آخر الْجُزْء الرَّابِع، بحَمْدِ الله وعونه