الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هَذَا الحَدِيث صَحِيح، أخرجه الشَّيْخَانِ فِي «صَحِيحَيْهِمَا» من حَدِيث ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَوْم فتح مَكَّة: «إنَّ هَذَا الْبَلَد حرَّمه الله يَوْم خلق السَّمَاوَات، لَا يعضد شَوْكُهُ، وَلَا يُخْتلى خَلَاهُ، وَلَا ينفر صيدُه، وَلَا تُلْتقط لُقَطَتُهُ إِلَّا لمعَرِّف. فَقَالَ الْعَبَّاس: إِلَّا الْإِذْخر؛ فَإِنَّهُ لَا بُد مِنْهُ (للقُيُون) والبيوت. فَقَالَ: إِلَّا الْإِذْخر» وَأَخْرَجَاهُ أَيْضا من حَدِيث أَبَى هُرَيْرَة رضي الله عنه: أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم لمَّا فتح مكةَ قَالَ: «لَا ينفر صيدُها، وَلَا يُخْتَلى خَلاهَا، وَلَا تَحِلُّ ساقطتها إِلَّا لِمُنْشِد. فَقَالَ الْعَبَّاس: إِلَّا الْإِذْخر؛ فَإنَّا نجعله لِقُبُورِنَا وَبُيُوتنَا. فَقَالَ: إِلَّا الْإِذْخر» .
فَائِدَة: الْعَضُد: القطْع. والإِذْخر بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة، كَذَا قيَّدَهُ (غيرُ واحدٍ) ، مِنْهُم صاحبُ «الإِمَام» وَهُوَ نَبْت طيب الرّيح، قَالَ الْخطابِيّ: وَهُوَ مكسور الأوَّل، والعامَّةُ تفتحه وَلَيْسَ بصوابٍ. والقَيْن: الحَدَّاد.
الحَدِيث السَّابِع عشر
عَن كَعْب بن عجْرَة رضي الله عنه: «أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَضَى فِي بَيْضِ نعَامٍ أَصَابَهُ المُحْرِمُ بِقِيمَتِهِ» .
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث عباد بن يَعْقُوب، نَا إِبْرَاهِيم بن أبي يَحْيَى، عَن حُسَيْن بن عبد الله بن عبيد الله، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عباسٍ، عَن كَعْب بن عجْرَة:«أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَضَى فِي بَيْضِ النَّعَام أَصَابَهُ مُحْرِم بِقَدْر ثمنه» . وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ سَوَاء، ثمَّ قَالَ: وَرَوَاهُ مُوسَى بن دَاوُد، عَن إِبْرَاهِيم وَقَالَ:«بِقِيمَتِه» وَهَذَا مَا فِي «الرَّافِعِيّ» وَعباد هَذَا هُوَ الروَاجِنِي، من رجال البُخَارِيّ، لَكِن قَالَ ابْن حبَان: هُوَ رَافِضِي دَاعِيَة، يروي الْمَنَاكِير عَن الْمَشَاهِير؛ فَاسْتحقَّ التركَ. وَقَالَ ابْن عدي: يروي أَحَادِيث أُنْكِرَتْ عَلَيْهِ فِي فَضْلِ أهل البَيْتِ ومثالبِ غيرِهم. وَإِبْرَاهِيم هَذَا قد علمتَ حالَهُ فِي كتاب «الطَّهَارَة» وحُسَين هَذَا تَركه النسائيُّ وابْنُ الْمَدِينِيّ، وَقَالَ يَحْيَى: ضَعِيف. وَقَالَ مرّة: لَيْسَ بِهِ بَأْس، يُكْتَبُ حديثُه. لَا جرم قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ فِي «تَحْقِيقه» : هَذَا الحَدِيث لَيْسَ بشيءٍ.
قلت: وَرُوِيَ من طَرِيق آخر، رَوَاهُ ابْن مَاجَه وَالدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث أبي المهزم، عَن أبي هُرَيْرَة «أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَضَى فِي بَيْضٍ
يُصِيبهُ الْمحرم ثمنه» . وَأَبُو المهزم هَذَا فتح الأميرُ (ابْن مَاكُولَا) الزايَ مِنْهُ، وَقَالَ ابْن نَاصِر: بِكَسْرِهَا. حَكَاهُ ابْن قُتَيْبَة فِيمَا غيَّرَهُ أَصْحَاب الحَدِيث من الْأَسْمَاء، واسْمه يزِيد بن سُفْيَان بَصرِي ضعَّفوه، قَالَ شُعْبَة: لَو أَعْطَوه فِلْسًا لَحَدَّثهم سبعين حَدِيثا. وَقَالَ ابْن حزم فِي «مُحَلاه» : هَالك. قَالَ ابْن الْقطَّان: وَالَّذِي رَوَاهُ عَن أبي المهزم هُوَ عَلّي بن غرابٍ، (وَقد) عنعن وَلم يُصَرح (بِالتَّحْدِيثِ) ، وَهُوَ مَشْهُور بالتدليس وإنْ كَانَ صَدُوقًا.
قلت: بَين عَلّي بن غراب وَأبي المهزم «حسينُ المُعَلم» (كَذَا) هُوَ فِي «الدَّارَقُطْنِيّ» . وأمَّا ابْن مَاجَه فَفِي سَنَده بدل «عَلّي بن غرابٍ» : «عَلّي بن عبد الْعَزِيز» ، وَقيل: إِنَّه هُوَ، فتنبّه لذَلِك.
قَالَ الرّبيع: قلت للشَّافِعِيّ: (هَل) تروي (فِي) هَذِه المسألةِ شَيْئا عَالِيا؟ فَقَالَ: أما شَيْء يَثْبُتْ مِثْلُه فَلَا. فَقلت: مَا هُوَ؟ قَالَ: أَخْبرنِي الثِّقَة عَن أبي الزِّنَاد أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ «فِي بَيْضِ النعام يُصِيبهَا المُحْرِمُ قيمتهَا» . قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَقد رُوي هَذَا مَوْصُولا، إِلَّا أَنه
مُخْتَلف فِيهِ. قَالَ الْمُنْذِرِيّ فِي كَلَامه عَلَى أَحَادِيث «الْمُهَذّب» : وأجودُ مَا ورد فِي هَذَا مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي «مراسيله» عَن يَحْيَى بن خلف، نَا أَبُو عَاصِم، عَن ابْن جريج قَالَ: أَخْبرنِي زِيَاد، عَن أبي الزِّنَاد قَالَ: بَلغنِي عَن عَائِشَة رضي الله عنها: «أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حكم فِي بيض النعام فِي كلِّ بَيْضَة صيامُ يَوْم» . قَالَ أَبُو دَاوُد: وَقد أسْند هَذَا الحَدِيث، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح. قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» : إِن الصَّحِيح رِوَايَة زِيَاد، عَن أبي الزِّنَاد، عَن رجل، عَن عَائِشَة، قَالَه أَبُو دَاوُد السجستانيُّ وغيرُه من الحُفَّاظِ. وَقَالَ عبد الْحق: لَا يُسْنَدُ من وَجه صَحِيح.
قلت: وَحَدِيث عَائِشَة هَذَا رَوَاهُ الدارقطنيُّ، وَقَالَ فِيهِ: زِيَاد بن سعد، عَن أبي الزِّنَاد، عَن رجل، عَن عَائِشَة. وَهَذَا فِي حُكْم الْمُنْقَطع، وَوَصله من حَدِيث أبي الزِّنَاد، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة. وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم فِي «علله» : سألتُ أبي عَن حَدِيث رَوَاهُ الوليدُ بن مُسلم، عَن ابْن جريج قَالَ: أحسن مَا سمعتُ فِي بيض النعام حَدِيث أبي الزِّنَاد، عَن الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا فِي بَيْضِ النعامِ:«فِي كل بَيْضَةٍ صِيَام يومٍ، أَو إطْعَام مسكينٍ» . فَقَالَ: هَذَا حَدِيث لَيْسَ بِصَحِيح عِنْدِي، وَلم يسمع ابْنُ جريج من أبي الزِّنَاد شَيْئا، يُشْبِهُ أَن يكون ابْن جريج أَخذه من إِبْرَاهِيم بن أبي يَحْيَى. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «علله» : ذكر لِأَحْمَد بن حَنْبَل هَذَا الحديثُ فَقَالَ: لم يسمع ابْن جريج