الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَعْنَاهُ التَّقْرِير والتنبيه لينبه عَلَى ثَلَاثَة: الحكم وعلته ليعتبروها فِي نظائرها وَأَخَوَاتهَا، وَذَلِكَ أَنه لَا يجوز أَن يخْفَى عَلَيْهِ عليه السلام أَن الرطب ينقص إِذا يبس فَيكون سُؤال تعرف واستفهام، وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى الْوَجْه الَّذِي ذكرته وَهَذَا كَقَوْل جرير:
ألستم خير من ركب المطايا
وأندى الْعَالمين بطُون رَاح
وَلَو كَانَ استفهامًا لم يكن فِيهِ (مدح) وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ: أَنْتُم خير من ركب المطايا، وَهَذَا جَوَاب الْخطابِيّ والاستفهام بِمَعْنى التَّقْرِير كثير، مَوْجُود فِي الْقُرْآن الْعَظِيم فِي قَوْله تَعَالَى:(وَمَا تِلْكَ بيمينك يَا مُوسَى) و (ألم نشرح لَك صدرك) إِلَى آخر ذَلِكَ.
فَائِدَة: قَالَ ابْن حبَان فِي «صَحِيحه» : الْبَيْضَاء الرطب من السلت باليابس من السلت. وَفِي «الغريبين» : السلت حب بَين الْحِنْطَة وَالشعِير لَا قشر لَهُ. وَفِي «الصِّحَاح» : أَنه ضرب من الشّعير لَيْسَ لَهُ قشر، كَأَنَّهُ الْحِنْطَة. وَفِي الْمُجْمل: أَنه ضرب من الشّعير، رَقِيق القشرة، صغَار الْحبَّة.
الحَدِيث الْحَادِي عشر
«رُوِيَ أنَّه صلى الله عليه وسلم نهَى عَن بيع اللَّحْم بِالْحَيَوَانِ» .
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ مَالك عَن زيد بن سَالم، عَن سعيد
بن الْمسيب «أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم نهَى عَن بيع اللَّحْم بِالْحَيَوَانِ» وَهَذَا مُرْسل كَمَا ترَى وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي «مراسيله» من حَدِيث القعْنبِي، عَن مَالك بِهِ، قَالَ الرَّافِعِيّ فِي «تذنيبه» : وَقَوي هَذَا مَعَ إرْسَاله فَإِن الصَّحَابَة عمِلُوا بِهِ، ودرجوا عَلَيْهِ. قلت: وَرُوِيَ مُسْندًا من حَدِيث سهل بن سعد وَابْن (عمر) رضي الله عنهما أما حَدِيث سهل فَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ بِلَفْظ: نهَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن بيع اللَّحْم بِالْحَيَوَانِ» ثمَّ قَالَ: تفرد بِهِ يزِيد بن مَرْوَان، عَن مَالك، عَن الزُّهْرِيّ عَنهُ، وَلم يُتَابع عَلَيْهِ، وَصَوَابه مَا فِي «الْمُوَطَّأ» : عَن زيد، عَن سعيد مُرْسلا. وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: رَوَاهُ يزِيد بن مَرْوَان هَكَذَا وَغلط فِيهِ، وَالصَّحِيح مَا فِي «الْمُوَطَّأ» يَعْنِي مُرْسلا. وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: هَذِه الطَّرِيق لَا ترضي. قَالَ يَحْيَى بن معِين: يزِيد بن مَرْوَان كَذَّاب. ووهاه ابْن حبَان أَيْضا. وَأما حَدِيث ابْن عمر فَرَوَاهُ الْبَزَّار فِي «مُسْنده» بِلَفْظ: «أَنه عليه السلام نهَى عَن بيع الْحَيَوَان بِاللَّحْمِ» رَوَاهُ من حَدِيث ثَابت بن زُهَيْر، عَن نَافِع عَنهُ، وثابت هَذَا ضَعَّفُوهُ، وَالصَّحِيح فِي هَذَا الحَدِيث الْإِرْسَال كَمَا صرح بِهِ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ وَغَيرهمَا، قَالَ عبد الْحق: الصَّحِيح أَن هَذَا الحَدِيث مُرْسل كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي «مراسيله» ، قَالَ: وَلَا أعلمهُ مُسْندًا إِلَّا من حَدِيث ثَابت
بن زُهَيْر، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر. قَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ: ثَابت هَذَا مُنكر الحَدِيث ضَعِيف لَا يشْتَغل بِهِ. وَذكر الْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» : حَدِيث مَالك شَاهدا لحَدِيث الْحسن، عَن سَمُرَة «أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم نهَى عَن بيع الشَّاة بِاللَّحْمِ» قَالَ: وَهُوَ صَحِيح الْإِسْنَاد، رُوَاته عَن آخِرهم أَئِمَّة حفاظ ثِقَات. قَالَ: وَقد احْتج البُخَارِيّ بالْحسنِ، عَن سَمُرَة. وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» ثمَّ قَالَ: هَذَا إِسْنَاد صَحِيح. قَالَ: وَمن أثبت سَماع الْحسن الْبَصْرِيّ من سَمُرَة عدَّه مَوْصُولا، وَمن لم يُثبتهُ فَهُوَ مُرْسل جيد انْضَمَّ إِلَى مُرْسل سعيد بن الْمسيب وَالقَاسِم بن أبي (بزَّة) ، وَقَول أبي بكر الصّديق يَعْنِي الْآتِي. هَذَا آخر الْكَلَام عَلَى أَحَادِيث الْبَاب بِحَمْد الله وَمِنْه.
وَأما أَثَره: فَهُوَ مَا رُوِيَ «أَن جزورًا نحرت عَلَى عهد أبي بكر رضي الله عنه فجَاء رجل بعناق، فَقَالَ: أعطوني جزورًا. فَقَالَ أَبُو بكر: لَا يصلح هَذَا» ذكره الْمُزنِيّ تلو خبر سعيد بن الْمسيب، فَقَالَ: وَعَن ابْن عَبَّاس «أَن جزورًا نحرت عَلَى عهد أبي بكر، فجَاء رجل بعناق فَقَالَ: أعطوني
…
» إِلَى آخِره كَمَا ذكره الرَّافِعِيّ سَوَاء، وَرَوَاهُ الشَّافِعِي فِي «الْأُم» عَن ابْن أبي يَحْيَى، عَن صَالح مولَى التوءمة، عَن ابْن عَبَّاس، عَن أبي بكر
الصّديق «أَنه كره بيع اللَّحْم بِالْحَيَوَانِ» وَرَوَاهُ فِي الْقَدِيم، عَن رجل، عَن صَالح مولَى التوءمة، عَن ابْن عَبَّاس «أَن جزورًا نحرت عَلَى عهد أبي بكر فجَاء رجل بعناق، فَقَالَ: أعطوني جزورًا بِهَذِهِ العناق. فَقَالَ أَبُو بكر الصّديق: لَا يصلح هَذَا» قَالَ: فَلم يرو فِي هَذَا عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم شَيْء، كَانَ قَول أبي بكر الصّديق فِيهِ مِمَّا لَيْسَ لنا خِلَافه؛ لأَنا لَا نعلم أَن أحدا من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ بِخِلَافِهِ، وإرسال سعيد بن الْمسيب.