الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإن اشتهر، والحق أنه مسموع وارد في كلامهم، وأغلفه أرباب التآليف لشهرته، وأشار إليه في المصباح، والله أعلم.
[الغريب]:
وقوله: «من غريب الكلام» بيان «لما يحتاج» في محل نصب على الحال كما هو مقرر في «من» البيانية، والإضافة في «غريب الكلام» من إضافة الصفة إلى الموصوف، أي: ما يحتاج إليه من الكلام الغريب. والغريب - كما أشار إليه السعد في المطول قسمان: غريب حسن: وهو الذي لا يعاب استعماله على العرب، لأنه لم يكن غريبًا عندهم لشهرته بينهم، وتداوله على ألسنتهم، وهو في النظم أحسن منه في النثر، كما أشار إليه السعد والسيد وابن رشيق في العمدة وغيرهم. ومن هذا القسم غريب القرآن والحديث الذي قالوا إن معرفته من الضروريات للمفسر والمحدث كما اشترطوه في شروطهما، ولذلك اعتنى جمع من الأعلام بالتنصيف فيه، وأفرده خلق لا يحصون، منهم أبو عبيدة وأبو عمر الزاهد وابن دريد والعزيزي الذي أقام على ما قيل خمس عشرة سنة يهذب غريبه ويحرره هووشيخه أبو بكر بن الأنباري، وأحسن ذلك مفردات الراغب، قال ابن الصلاح: وحيث رأيت في كتب التفسير، «قال أهل المعاني»: فالمراد مصنفو الكتب في معاني القرآن كالزجاج والفراء والأخفش وابن الأنباري. وقد اعتنى بغريب الحديث القاضي أبو الفضل عياض، وابن الأثير، وابن قتيبة، والخطابي، والهروي وغيرهم.
وغريب قبيح: وهو ما يعاب استعماله مطلقًا نظمًا ونثرًا، وتخلو منه
الدواوين اللغوية المتداولة بين علماء هذا الشأن، ويسمى عندهم بالوحشي الغليظ وبالمتوعر، وهو مع غرابته ثقيل على السمع، كريه على الذوق، وهذا هو الذي اشترط علماء المعاني خلو الكلام منه في الفصاحة دون الأول كما عرف في محله، قلت: ومراد المصنف بالغريب هنا القسم الأول، وكأنه أراد أن ما ذكره غريب بالنسبة لهذه الأعصار التي غلبت فيها العجمة على الناس، وقل تعاطيهم للعلوم اللسانية، حتى صارت الألفاظ الضرورية عند الأقدمين من الناس فضلًا عن العرب تسمى وحشية غريبة لعدم تداولها بين الناس. وإلا فإنه لم يذكر شيئًا من الغريب بالنسبة لما اصطلح عليه علماء هذا الشأن لاختصاره، وعدم استيفائه لباب من أبواب اللغة المشهورة المتداولة عند الأقدمين، فضلًا عن غرابتها كما يعلمه من مارس فنونها، والله أعلم.
ولما وصف كتابه بأنه مختصر مشتمل على المحتاج إليه من الكلام الغريب نبه على ما أودعه فيه على جهة الإجمال ليرغب فيه الطالب فقال: (أودعناه كثيرًا من الأسماء والصفات) أقول: أصل الإيداع الدفع على وجه الوديعة، تقول: أودعته مالًا: إذا دفعت إليه ليكون وديعة، وأودعته أيضًا: قبلت ما أودعكه، فهو من الأضداد كما في الصحاح والقاموس وغيرهما، ثم صار يستعمل بمعنى الجعل. تقول: أودعت كذا في كذا: إذا جعلته فيه، وهو قريب من الأول. ومنه قول المصنف: أودعناه أي جعلناه في هذا الكتاب كثيرًا، فالضمير مفعوله الأول، وكثيرًا مفعوله الثاني، وهو فعيل من الكثرة بالفتح كما في الفصيح وغيره، وتكسر في لغة، أو هو رديء، أو خطأ كما أوضحته في شرح نظم الفصيح. والكثرة نقيض القلة، وكثر الشيء ككرم، فهو كثير، كأمير، وغراب، وصاحب، وصيقل.
وقوله: «من الأسماء» بيان لما في «كثير» من الإيهام، فهو صفة له، «والأسماء» جمع اسم، وهو يطلق على ما يقابل الفعل والحرف وعلى ما يقابل الكنية واللقب، وعلى ما يقابل الصفة على ما قرر في العربية، وكأنه أراد الإطلاق الثالث لأنه قابله بالصفات. والخلاف في كون الأسماء مشتقة من السمو وهو العلو كما هو مذهب البصريين الذي عليه المعول بدليل التكسير والتصغير، أو من الوسم وهو العلامة كما يدعيه الكوفيون - مشهور مبسوط. وقد أوضحت كلا من المذهبين مع ماله وما عليه في «السمط». والصفات: جمع صفة، وأصلها وصفة، فحذفت الواو منها لما تقرر من وجوب حذف الواو من مضارع مثله، وفعلته عملًا بقوله في الخلاصة:
فا أمرٍ أو مضارعٍ من كوعد
…
احذف، وفي كعدةٍ ذاك اطرد
والصفة والوصف والنعت ألفاظ مترادفة من حيث اللغة، وفرق المتكلمون بين الوصف والصفة، فقالوا: الوصف يقوم بالواصف، والصفة بالموصوف، كما فرق أقوام من الكوفيين منهم أبو العباس ثعلب بين النعت والصفة، فقالوا: النعت ما كان خاصًا بعضو كالأعور والأعرج، فإنهما يخصان موضعين من الجسد، والصفة للعموم كالعظيم والكريم. ومن ثم قال جماعة: الله تعالى يوصف ولا ينعت. والله أعلم.
وجملة أودعناه
…
الخ. صفة أخرى لكتاب، وأتى مع كونه واحدًا بضمير الجمع الدال على العظمة إظهارًا لملزومها وهو تعظيم الله إياه بالعلم كما قاله «الجلال المحلي» في شرح قول «التاج السبكي»: نحمدك اللهم