الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(معرفة حلي النساء)
هذه ترجمة استطردها لموجب ذكر النساء وأوصافهن، وعلاقات القلوب بمحاسنهن، فإن من تتمة أوصافهن الكاملة ذكر زينتهن، وحليتهن والتنوع في ذلك. والترجمة: خبر لمبتدأ محذوف على حذف مضاف، أي هذا باب معرفة. أي: علم حلي النساء. والحلي يجوز كونه مفردًا فيضبط بفتح الحاء المهملة وسكون اللام، وجمعًا فيكون بضم الحاء أو كسرها للمناسبة وكسر اللام. والأصل حلوي، ثم اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فأبدلت الواو ياء ثم أدغمت في الياء، وكسرت اللام لمناسبة الياء، ويجوز بقاء الحاء على ضمها وكسرها لمناسبة كسرة اللام على ما قرر في الصرف، والله أعلم. والحلي، بالفتح: هو كل ما تزين به المرأة وغيرها من مصوغ المعدنيات أو الحجارة الفاخرة.
(الرعثة) بفتح الراء والعين المهملتين والثاء المثلثة آخره هاء تأنيث، وتسكن العين أكثر وأفصح:(القرط) بضم القاف وسكون الراء وبالطاء المهملتين: ما تحلى به الأذن، والتحقيق أنه ما يكون في شحمة الأذن. وعبارة بعضهم: القرط ما يعلق في أسفل الأذن، والشنف بالفتح ما يعلق في
أعلاها. وهو الذي في الفصيح وغيره. والشنف بالشين المعجمة والنون، يقال بالفتح عند الأكثر، وحكى المجد فيه الضم أيضًا. وأنشدني العلامة أبو عبد الله بن الشاذلي:
يُشير إلى قرطاه وتصغي
…
خلاخله إلى نغم الوشاح
و(جمعه) أي جمع لفظ الرعثة (رعاث) بكسر الراء، وجمع فعلة على فعال قياس مطرد، وجمعوا رعاث على رعث بضمتين ككتاب وكتب، وجمعوا القرط على أقراط وقراط وقروط وقرطة كعنبة.
و(القلب) بضم القاف وسكون اللام وبالموحدة: (السوار) بكسر السين وضمها. ويقال أسوار بزيادة همزة مضمومة، أوله (يكون من عاج) وهو عظم الفيل كما قاله ابن فارس والجوهري وغيرهما، وخصه ابن سيده في المحكم، والقزاز في غريبه بناب الفيل. قالا: ولا يسمى غيره عاجًا. وفسره ابن قتيبة والخطابي وغيرهما بأنه الذبل بالذال المعجمة والموحدة الساكنة، وهو ظهر السلحفاة البرية. ومنهم من يقول: كل عظم عند العرب عاج. وقد وسعت القول فيه بأزيد من هذا في شرح القاموس، (أو نحوه) أي: نحو العاج من العظام، وهذا القيد مشى عليه بعض اللغويين، وقيده بعض بأنه الذي يكون فيه فضة. وقال أقوام: القلب سوار المرأة مطلقًا. وعليه مشى الجوهري والمجد وغيرهما، والله أعلم.
وأنشدني شيخنا الإمام ابن المسناوي، وسمعته مرات من العلامة أبي عبد الله الشاذلي:
أحب بني العوام من أجل حبها
…
ومن أجلها أحببت أخوالها كلبا
تجول خلاخيل النساء ولا أرى
…
لرملة خلخالًا يجول ولا قلبا
و(كذلك) أي مثل القلب في معناه، (المسكة) بفتح الميم والسين المهملة والكاف وهاء التأنيث و (جمعها مسك) بغير هاء، فهو اسم جنس جمعي، قال المجد: المسك بالتحريك: الذبل والأسورة والخلاخيل من القرون والعاج، الواحد بهاء. وفي الصحاح إيماء إليه كغيره من الأمهات اللغوية.
و(الوقف) بفتح الواو وسكون القاف وآخره فاء: (الخلخال) بخاءين معجمتين مفتوحتين بينهما لام ساكنة، وبعد الألف لام أخرى وقد يقال: خلخل بغير ألف على أنه لغة في المد أو مقصور منه، وهو الحلي المعروف، وكون الوقف هو الخلخال إنما ذكره صاحب خلاصة المحكم وحده، وهو غريب، والمشهور أن الوقف هو السوار، فقيل من العاج فقط، وعليه اقتصر المجد كالجوهري، وقيل من العاج والذبل وعليه جماعة، وقيل: الوقف، السوار ما كان، حكاه ابن سيده في المحكم، وصدر في الخلاصة بتفسيره بالخلخال. لكنه قيده بأنه من الفضة والذبل وغيرهما، ثم حكى ما عليه الجمهور من تفسيره بالسوار بـ: قيل، وهو غريب كما نبهنا عليه أولًا، وأشرنا إليه في شرح نظم الفصيح، والله أعلم.
وقد أنشدني الإمام ابن الشاذلي:
أما في نسيم الريح عرف يعرف
…
لنا، هل لذات الوقف بالجزع موقف
وهو مطلع قصيدة ابن زيدون المشهورة التي مدح بها «المعتضد» .
و(السمط) بكسر السين المهملة وسكون الميم وآخره طاء مهملة: (العقد) بكسر العين المهملة وسكون القاف، وآخره دال مهملة، فهو مثله وزنًا ومعنى، ومثله السلك، ومعناها الخيط الذي ينظم فيه الجوهر وغيره. وفسرهما المجد بالقلادة، وقال بعض اللغويين: إنما يقال له سمط ما دام فيه خرز، وإلا فهو سلك وخيط، وهو الذي في فقه اللغة لأبي منصور الثعالبي وغيره.
و(الجحل) بكسر الحاء المهملة وبفتح وكلاهما مع سكون الجيم، وقد يقال بكسرتين كإبل، وتشديد اللام كطمر (الخلخال) ولو أسقط قوله (أيضًا) لكان أولى، أو جاء بالحجل عقب الوقف ليناسب الإتيان بـ أيضًا وبما بعده، لأنه كله من متعلقات الخلخال لكان أنسب بالصناعة، وأخر السمط لأنه كلام أجنبي بالنسبة لهذه، لكنه اعترض بالسمط كما هو ظاهر، ويطلق الحجل على القيد أيضًا كما في أمهات اللغة و (جمعه) أي الحجل:(حجول) بالضم، ويجمع على أحجال أيضًا. وقول العيني أنه يجمع على حجال بغير ألف ككتاب وهم كما نبه عليه العلامة عبد القادر البغدادي في شرح شواهد الرضي، وأشرت إليه في شرح القاموس، والله أعلم.
و(كذلك) أي مثل الحجل في معناه (البرة) بضم الموحدة وفتح الراء
المهملة وهاء التأنيث النائبة عن لام الكلمة المحذوفة وهو الواو، وأصله بروة بالضم كغرفة كما قال الجمهور، لا بالفتح كقرية وقرى، وإن قاله أبو علي وسلمه الجوهري، فإنه وهم من أبي علي رحمه الله كما نبهوا عليه، وإن أغفله المجد كعادته في الإعراض عن المهمات، والاعتراض بما لا يجدي من المدلهمات كما نبهنا عليه في شرحه. وكون البرة هي الخلخال كما قاله المصنف هو الذي في أكثر الدواوين اللغوية، وعليه اقتصر المجد وغيره، وزعم الجوهري أنه علم من الخلخال، فقال: البرة، حلقة من صفر تجعل في لحم أنف البعير، كل حلقة من سوار وقرط وخلخال وما أشبهها برة. وقلده في ذلك جماعة من شراح السقط والحماسة والمعلقات وغيرهم، والمعروف عن أئمة اللغة أن البرة الخلخال كما قاله المصنف، والله أعلم.
(وجمعها) أي لفظ البرة (برون) ألحقوه بجمع المذكر السالم في الدواوين النحوية، وإذا جمعوه أبقوا حركة الفاء على ما هي عليه، وأجازوا كسرها أيضًا، فإن كان المفرد مفتوحًا أو مكسورًا كعضة التزموا كسره، وأنشد في الصحاح:
وقعقعن الخلاخل والبرينا
وأنشد الرضي شاهدًا على كسر نون الجمع في الشعر قول الطرماح:
حسان مواضع النقب الأعالي
…
غراث الوشح صامتة البرين
وكنى «بغراث الوشح» عن دقة الخصر. فإنه يقال: «غرثى الوشاح» ، أي: دقيقة الخصر. وكنى «بصامته البرين» ، عن امتلاء الساقين وسمنهما بحيث لا يتحرك الخلخال فيسمع صوته. والنقب بضم ففتح، جمع نقبة بالضم، وهو الوجه واللون وما يبدو، وأراد بالأعالي ما يظهر للشمس، وفيه كلام أودعناه شرح الشواهد البيضاوية، ويقال في الجمع أيضًا البرى بالضم والقصر كالظبا والقرى. وأنشدني العلامة ابن الشاذلي:
ومن كان يستدعي الجمال بحليةٍ
…
أضر به فقد البرى والمراسل
قلت: المراسل جمع مرسلةٍ كمكرمةٍ، وهي القلادة الطويلة تقع على الصدر، أو القلادة فيها الخرز وغيرها. وقد زدته إيضاحًا في شرح نظم الفصيح، والله أعلم.
و(الخدمة) بفتح الخاء المعجمة والدال المهملة والميم آخره هاء تأنيث، عطفًا على البرة، أي: والخدمة كذلك (أيضًا) ، أي مثل الحجل في أن معناه الخلخال (والجمع خدام) بكسر الخاء ككتاب، ويجمع على خدم محركة بإسقاط الهاء كما في القاموس وغيره، وأصل الخدمة سير يشد به رسغ البعير. قال الجوهري: وبه سمي الخلخال خدمة، لأنه ربما كان من سيور، ويركب فيه الذهب والفضة. وظاهر كلام المصنف أنه أصل، وهو الذي يقتضيه صنيع القاموس، فيكون مشتركًا، وما قاله الجوهري هو الأظهر، والله أعلم.