الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(باب ما يحتاج إلى معرفته من خلق الإنسان)
الخلق بفتح الخاء المعجمة وضمها في الأصل بمعنى، لكن خص الأول بالهيئات والآثار والصور المدركة بالحواس الظاهرة، والثاني بالقوى والسجايا المدركة بالبصائر كما قاله الراغب وغيره، وأوضحته في شرح القاموس وغيره. ومراد المصنف بالخلق هنا الحواس الظاهرة والأعضاء التي في الجسم كما هو ظاهر. والإنسان بالكسر: البشر، ومثله الإنس، وقد اتفقوا على أنه اسم جنس يقع على الذكر والأنثى والواحد والجمع، واختلفوا في اشتقاقه مع اتفاقهم على زيادة نونه الأخيرة: فقال البصريون: من الأنس خلاف الوحشة، وعليه جرى من قال:
وما سمي الإنسان إلا لأنسه
…
ولا القلب إلا أنه يتقلب
لأنهم يأنسون بأمثالهم، وعليه فوزنه «فعلان» .
وقال الكوفيون: من النسيان لأنه يغلب عليهم، وعليه فالهمزة زائدة ووزنه «إفعان» على النقص، وأصله «إنسيان» على «إفعلان» . وعن ابن عباس، رضي الله عنهما قال:«خلق الله آدم فنسي فسمي إنساناً» . وعليه قول الشاعر:
قالت وقد حم الفراق، وكأسه
…
قد خولط الساقي بها والحاسي
لا تنسين تلك العهود فإنما
…
سميت إنسانًا لأنك ناسي
وقيل: إنه مشتق من الإيناس، مصدر آنس ممدودًا، أي: أبصر. وفي معناه قلت:
لما تستر إذ رآني مقبلًا
…
عني زعيمًا أنه لا يؤنس
ناديته، لا تخف شخصك إنما
…
سميت إنسانًا لأنك مؤنس
ويقال للمرأة إنسانة بالهاء كما حكاه الشيخ ابن مالك، والمحقق الرضي، والجلال في «الهمع» ، وابن هشام ونقله عنه الشيخ يس وغيرهم، وقال:
إنسانةُ الحي أم أدمانة السمر
الأبيات.
ووقع في كلامهم كثيرًا، فقول المجد إنها عامية شهادة على النفسي، فهي مردودة، وتشكيكه في أبيات أبي منصور من أعجب القصور، فقد أوردها أبو منصور الثعالبي في غالب كتبه مدعيًا أنه لم يسبق لمعناه، وقد أوضحته في شرح القاموس وغيره شرحًا كافيًا، وأشرت إليه في شرح نظم الفصيح، وبينت الفرق بينه وبين الناس، وما له وما عليه.
(جثة الإنسان) بضم الجيم وشد المثلثة وهاء التأنيث: (شخصه) ، بفتح الشين وسكون الخاء المعجمتين وبالصاد المهملة، أي ذاته، فإن الشخص في الأصل سواد الإنسان وغيره، تراه من بعد، ثم استعمل في ذاته كما في غير ديوان. قال الخطابي: ولا يسمى شخصًا إلا جسم مؤلف له شخوص وارتفاع. وظاهر كلام المصنف ترادف الجثة والشخص، وهو الذي في القاموس وغيره، وقيده الجوهري بما إذا كان نائمًا أو قاعدًا، وبسطه الفيومي في المصباح، فقال: الجثة للإنسان إذا كان قاعدًا أو نائمًا فإن كان منتصبًا فهو طلل. والشخص يعم الكل، وهو الموافق لما في المحكم. والله أعلم.
(وجثمانه) بضم الجيم وسكون المثلثة وفتح الميم وبعد الألف نون فهاء تأنيث: (جماعة جسمه) بكسر الجيم وسكون السين المهملة، أي جميع بدنه، قال ابن دريد: الجسم كل شخص مدرك. وقال أبو زيد: الجسم: الجسد. قلت: فعلى قول ابن دريد يكون الجسم عامًا في الحيوان والجماد
وغير ذلك، بخلاف قول أبي زيد بأنه يختص بالنوع العاقل فقط، لأنه فسره بالجسد، والجسد إنما يطلق على جسم العاقل فقط، وهو الإنسان والملائكة والجن، كما في القاموس والصحاح والمصباح والبارع والخلاصة وغيرها. على أن صاحب المحكم خصه بالإنسان فقط، وجعل إطلاقه على الملائكة والجن قليلًا، كما يدل عليه قوله: الجسد: جسم الإنسان، ولا يقال لغيره من الأجسام المغتذية، وقد يقال للملائكة والجن جسد. وقد أودعنا فيه كلامًا مطولًا في شرح نظم الفصيح وغيره. وأما قوله تعالى:{فأخرج لهم عجلًا جسدًا} ، أي ذا جثة على التشبيه بالعاقل، أو الجسم كما نبه عليه في المصباح وغيره، والله أعلم، وقد يقال في الجثمان جسمان بالسين بدل المثلثة كما في الدواوين اللغوية. لكن ظاهر كلام الجوهري أنه جمع، والتحقيق أنه مفرد. والجثمان والجسمان والجسم كلها مترادفة. والله أعلم.
(وقمته) بكسر القاف وشد الميم: (أعلى رأسه) وقد استعملوا القمة بمعنى القامة أيضًا كما في القاموس وغيره.
(والبشرة) بفتح الموحدة والشين المعجمة والراء المهملة آخره هاء تأنيث. (ظاهر جلده) بكسر الجيم وسكون اللام، وقد يفتحان معًا، أي: جلد الإنسان، وهو ظاهر بشرته، يستعمل في كل حيوان. وقال الأزهري: الجلد: غشاء جسد الحيوان. وقوله: (كله) هو بالرفع تأكيد لـ «ظاهر» كما لا يخفى، وجميعها بشر بإسقاط هاء التأنيث، ثم أطلقوه على الإنسان واحده
وجمعه حتى صار حقيقة عرفية فيه بحيث لا تتوقف إرادته على علاقة، ولذا يذكره اللغويون كالمشترك.
(والأدمة) محركة (باطنة) أي باطن الجلد ليوافق ما قبله. وفي القاموس: الأدمة محركة: باطن الجلدة التي تلي اللحم، أو ظاهرها الذي عليه الشعر، وهذا من غرائبه. فإن الجمهور على أن البشرة الظاهر، والأدمة الباطن كما للمصنف وهو الذي في الصحاح وغيره. والله أعلم.
(والفروة) بفتح الفاء وسكون الراء وبعد الواو هاء تأنيث: (جلدة الرأس) بكسر الجيم أي غطاء الرأس (خاصة) لا تستعمل الفروة في غيرها.
(والفودان) تثنية فود بفتح الفاء وسكون الواو وبالدال المهملة، وهما (جانبا) تثنية جانب أي ناحيتا (الرأس) عن اليمين وعن اليسار. وهذا الذي ذكره المصنف هو الذي نقله في البارع عن الأصمعي، وقال: إن كل شق فود، ويجمع على أفواد. وقال ابن فارس في المجمل: الفود معظم شعر اللمة مما يلي الأذنين. وتبعه المجد وغيره. وقال ابن السكيت الفودان: الضفيرتان.
(والقمحدوة) بفتح القاف والميم وسكون الحاء وضم الدال المهملتين وفتح الواو المخففة بعدها هاء تأنيث، والواو زائدة، ووزنها «فعلوة» كما قاله أبو حيان وغيره:(العظم الناشئ) ، اسم فاعل من نشأ كمنع مهموزًا، أي تجدد وحدث، ولعل المراد: الظاهر البارز، ولذا كان شيخنا أبو عبد الله
الشاذلي يصحح ما يوجد في بعض النسخ وهو الناشز. بالشين والزاي المعجمتين، أي المرتفع البارز وهو الذي كان في نسخته، وفي بعض النسخ: الناتئ بالفوقية والهمزة، وهو صحيح أيضًا، لأن معناه البارز كالناشز، أي المرتفع (من الرأس فوق القفا) بالقصر، وقد تمد كما في القاموس، وهو مؤخر العنق، وقال المجد: وراء العنق. وفسر الفيومي القمحدوة بأنها ما خلف الرأس، وهو مؤخر القذال، ومثله في الصحاح وغيره، والجمع قماحد. وأنشدني غير واحد من الشيوخ:
حباك الوليد بن المغيرة مجده
…
وعلمك الأشياخ ضرب القماحد
(والشؤون) جمع شأن بفتح الشين وسكون الهمزة، كالشأن بمعنى الأمر (عروق) جمع عرق بكسر العين وسكون الراء المهملتين والقاف (في الرأس) صفة عروق، (منها) أي العروق: أو الشؤون، ومتعلق منها قوله (يجري)، أي: يسيل، من جرى الماء وغيره من المائعات، وفاعله (الدمع) بالفتح هو ماء العين، وهو في الأصل مصدر دمعت العين، كفرح ومنع، أي: سال منها الماء لحزم أو سرور، ثم أطلقوه على نفس السائل، وقوله (إلى العينين) متعلق بيجري أيضًا، وهو تثنية عين. والمراد بها الجارحة المعروفة، ولها أزيد من ثمانين معنى استوعبها طائفة من الأدباء نظمًا ونثرًا. قال السهيلي في الروض الأنف: الشؤون: مجاري الدمع، وهي أطباق الرأس، وهي أربعة للرجل وثلاثة للمرأة كذا ذكروه عن أهل التشريح، وكذلك ذكر قاسم بن ثابت في «الدلائل». قلت: هذه التفرقة التي نقلها السهيلي عن أهل
التشريح من شؤون المرأة وشؤون الرجل، وأنها أربعة للرجل وثلاثة للمرأة غريبة لم يتعرض لها أئمة اللغة. والله أعلم.
ورأيت بخط بعض المحققين: الشؤون مواصل قبائل الرأس، وهي أربع قبائل، أي: قطع، مشعوب بعضها إلى بعض، فموضع شعبها يقال له الشؤون، واحدها شأن. وزعم الأصمعي. قال: يقال إن مجاري الدموع منها، فذلك يقال: استهلت شؤونه. وأنشد قول أوس بن حجر:
لا تحزنيني بالفراق فإنني
…
لا تستهل من الفراق شؤوني
وأنشدني شيخنا ابن الشاذلي أثناء القراءة:
ستبدي شؤوني عن شؤوني كلها
…
وهل لامرئٍ نمت مدامعه عذر
قلت: هو مع هذا الجناس التام العجيب أعذب من وصل الحبيب عند غفلة الرقيب. وأنشد الإمام ابن الخطيب في «روضة التعريف بالحب الشريف» :
بلاني الحب فيك بما بلاني
…
فشأني أن تفيض غروب شأني
(وأم الرأس) بضم الهمزة: (جلدة) بكسر الجيم (رقيقة) بقافين (فوق الدماغ) بكسر الدال المهملة وآخره غين معجمة. قال المجد: الدماغ
ككتاب: مخ الرأس، أو أم الهام، أو أم الرأس، أو أم الدماغ: جليدة رقيقة كخريطة هو فيها، (إذا بلغت) أي وصلت (الشجة) بفتح الشين المعجمة وشد الجيم: الجراحة. وإنما تسمى بذلك إذا كانت في الوجه أو الرأس، والجمع شجاج (إليها) أي إلى أم الرأس (قيل لها) أي أطلق على الشجة، وسميت عندهم:(المأمومة) مفعولة من أمه: إذا ضربه على أم دماغه، والشجاج عند الفقهاء تسع، وقيل عشر، أوردها المجد في «دمغ» وأوردتها نظمًا ونثرًا في شرحه، وزدتها إيضاحًا في بعض تعاليق الفقه.
(والغدائر) بفتح الغين المعجمة والدال المهملة، وبعد الألف همزة مكسورة وآخره راء مهملة:(ذوائب الشعر) جمع ذؤابة بضم الذال المعجمة وفتح الهمزة وبعد الألف موحدة، أي خصل الشعر المتدلية منه، وقيل: الذؤابة: الشعر المضفور من الرأس، وقيل: كل ما يرخى منه، قال الجوهري: وكان الأصل ذآئب لأن الألف التي في ذؤابة كالألف التي في رسالة، حقها أن تبدل منها همزة في الجمع، ولكنهم استثقلوا أن تقع ألف الجمع بين الهمزتين، فأبدلوا من الأولى واوًا: وأشار إليه المجد وغيره. والشعر: يقال بفتح العين وسكونها كغيره من حلقي العين، مثل نهر. (والواحدة) لغدائر (غديرة) كظريفة. ومنه بيت التلخيص لامرئ القيس:
غدائره مستشزرات إلى العلا
البيت.
(وفرع المرأة) بفتح الفاء وسكون الراء وبالعين المهملتين (شعرها) وفي الصحاح كالقاموس: الفرع: الشام التام.
(والصماخ) بكسر الصاد المهملة ويقال بالسين أيضًا كما في القاموس والناموس وغيرهما آخره خاء معجمة: (ثقب) بفتح المثلثة وسكون القاف وموحدة، هو الخرق الذي يكون في (الأذن الذي يفضي إلى المسمع) كمنبر. كذا في بعض النسخ. والمسمع والمسمعة: الأذن حكى اللحياني: فلان طويل المسمعين، وقيل: المسمع خرقها ومدخل الكلام فيها، قاله في المحكم. والمراد المعنى الأخير، إذ لا معنى للأول لأنه لا معنى لقولك: ثقب الأذن الذي يفضي إلى الأذن، ويؤيد ما قلناه أن في بعض النسخ «يفضي إلى السمع» بالفتح، بإسقاط الميم الأولى كما هو الواقع في عبارة الفيومي في المصباح. وقد يطلق الصماخ على الأذن نفسها كما في القاموس وغيره. والله أعلم.
(ومحيا الإنسان) بضم الميم وفتح الحاء والتحتية المشددة مقصورًا (وجهه). وقال المجد: المحيا: جماعة الوجه وحرة. ومثله في المحكم.
(والأسازير) الظاهر أنه جمع جمع، فالأسارير جمع أسرار والأسرار جمع سرر، كعنب، أو سر. قال في المغرب في حديث عائشة رضي الله عنها، أنه عليه السلام «دخل عليها تبرق أسارير وجهه» . جمع أسرار،
جمع سرر أوسر، وهو ما في الجبهة من الخطوط والمعنى أن وجهه يلمع ويضيء سرورًا. وفسرها المصنف بقوله:(الكسور) كأنه جمع كسر بالفتح، أي الكسرات (التي تكون في الجبهة) بفتح الجيم وسكون الموحدة والهاء آخره هاء تأنيث: هي موضع السجود من الوجه، أو مستوى ما بين الحاجبين إلى الناصية، وهو موافق لقولهم: الخطوط، لأنه المراد. وقال عياض في المشارق: أسارير الوجه: خطوط الجبهة وتكسرها، واحدها سر أو سرر، والجمع أسرار. والأسارير جمع الجمع. وقال الأخفش: أسرار الوجه: محاسنه وخطوطه، ويجمع على أسرة أيضًا. وكثير ما أنشدنا شيخنا الإمام ابن المسناوي بيت أبي كبير الهذلي الذي أنشدته عائشة، رضي الله عنها، لرسول الله صلى الله عليه وسلم:
وإذا نظرت إلى أسرة وجهه
…
برقت كبرق العارض المتهلل
وفي الصحاح ما يقتضي أن الأسرة جمع سرار ككتاب، وهو الظاهر.
والله أعلم.
(وهي) أي الأسارير (الغضون) بضم الغين والضاد المعجمتين (أيضًا) ، أي كما يطلق عليها لفظ «الأسارير» يطلق عليها لفظ الغضون، وهو جمع غصن محركة، كأسد وأسود، وقد تسكن الضاد كفلس، وفلوس، إلا أن الغصون عام يكون [في] كل متكسر لا خصوصية له بالوجه ولا بالكف ولا بغيرهما كما نبه عليه في المصباح. والله أعلم.
(والجبينان) تثنية جبين، بفتح الجيم وكسر الموحدة وبعد التحتية نون:(جانبا الجبهة). قال المجد: الجبينان: حرفان مكتنفا الجبهة من جانبيها فيما بين الحاجبين مصعدًا إلى قصاص الشعر، أو حروف الجبهة ما بين الصدغين متصلًا عند الناصبة، كله جبين. وعلى الأول اقتصر في المحكم. وقال الجوهري: الجبين فوق الصدغ، وهما جبينان عن يمين الجبهة، وشمالها. ومثله في المحكم والتهذيب، ونقله في المصبااح مقتصرًا عليه. والعامة تطلق الجبينين على الجبهة، واستعمله «المتنبي» وغيره وخطئوه، ولكن صحح الشهاب الخفاجي في العناية ذلك الاستعمال، وقال أنه مجاز علاقته المجاورة، ونقله عن شارح ديوان زهير، وفيه كلام أودعناه شرح القاموس وغيره. والله أعلم.
(والحجاج) بكسر الحاء المهملة وتفتح فتح الجيم وجيم أخرى بينهما ألف (العظم الذي ينبت) بضم الموحدة مضارع نبت كنصر، (عليه شعر الحاجب) إذا كان الحاجب هو الشعر النابت. كما هو رأي كثير من اللغويين فالإضافة بيانية، وإن كان الحاجب هو العظم فوق العين بلحمه وشعره كما هو رأي آخرين، وبه صدر المجد، فهو من إضافة البعض إلى الكل. والله أعلم. قال في المصباح: حجاج العين بالكسر، والفتح لغة: العظم المستدير حولها، وجمعه أحجة، وهو مذكر، وقال ابن الأنباري: الحجاج: العظم المشرف على غار العين. وعبارة المصنف كالصحاح. وأنشدني شيخنا ابن الشاذلي:
مقارعة أحجتها العوالي
…
مجنبةً نواظرها الرقادا
(والوجنة) بفتح الواو في الأفصح كما في المصباح، وتثلث كما في القاموس، وتبدل الواو همزة بالحركات الثلاث أيضًا كما في القاموس، ويقال وجنة بفتحتين كما في المحكم والقاموس وغيرهما، ووجنة بكسر الجيم حكاها في القاموس، ونقلها الشيخ يس وهي أغربها، فتصير ثمان لغات. فاقتصار الجلال السيوطي في التوشيح على الفتح والكسر فقط قصور، وكذلك اقتصار الكرماني في شرح البخاري على ضم الهمزة في المبدل. والله أعلم. وفسر المصنف الوجنة بقوله:(أعلى الخد) بفتح الخاء المعجمة وشد الدال المهملة، أي المرتفع منه (الذي تحته حجم) بفتح الحاء المهملة وسكون الجيم: ما تحس به تحت يدك. قال المجد: الحجم: كل شيء ملمسه الناتئ تحت يدك والمراد من (العظم)، عظم الخد لا مطلق العظم كما هو ظاهر. وقال المجد: الوجنة: ما ارتفع من الخدين، وهو قريب من كلام المصنف، ومثله في توشيح الجلال، وقيل: هي أعلى الخد وما يلي العين من الوجه، وتطلق على الخد كله كما قاله الخفاجي في شرح الشفا.
(والمقلة) بضم الميم وسكون القاف (شحمة العين التي تجمع السواد والبياض) هو نص الصحاح والمصباح وغيرهما، وبه صدر المجد، وزاد: أو هي السواد والبياض أو الحدقة وكلاهما غير مشهور.
(والحدقة) بفتح الحاء والدال المهملة والقاف وهاء تأنيث: (السواد
الأعظم) ، عليه اقتصر أرباب التآليف المتداولة.
(والناظر) كاسم الفاعل من نظر إليه: (السواد الأصغر الذي يبصر الرائي فيه شخصه) أي: ذاته إذا نظر في العين. وعليه اقتصر الجوهري وقال المجد: الناظر: العين. أو النقطة السوداء في العين، أو البصر نفسه.
(والحماليق: بواطن) جمع باطن (الأجفان) جمع جفن بفتح الجيم وسكون الفاء، وهو غطاء العين من أعلاها وأسفلها كما في المصباح والقاموس وغيرهما. (واحدها) أي الحماليق، أي المفرد منها (حملاق) بكسر الحاء المهملة وضمها، ويقال حملوق كعصفور. وقد فسره المجد بأنه باطن الأجفان الذي يسود بالكحلة، أو ما عطته الأجفان من بياض المقلة أو باطن الجفن الأحمر الذي إذا قلب للكحل رأيت حمرته. واقتصر الجوهري على القولين الأولين.
(والأشفار) بفتح الهمزة: (حروف الأجفان التي) هي صفة حروف (ينبت عليها) أي الحروف (الشعر) بالتحريك ويفتح، (الواحد) أي مفرد الأشفار (شفر) بضم الشين المعجمة وقد تفتح مع سكون الفاء فيهما، (والشعر النابت عليها) أي الأشفار أو الحروف المفسرة لها، (هو) أي الشعر (الهدب) بضم الهاء وسكون الدال المهملة وبالموحدة، وكثير من القوم يغلطون فيزعمون أن الأشفار هي الأهداب، وهو غلط كما في الدرة وغيره. وقال في المصباح: شفر العين: حرف الجفن الذي ينبت عليه الهدب، قال ابن قتيبة: والعامة تجعل أشفار العين الشعر، وهو غلط، وإنما الأشفار حروف
العين التي ينبت عليها الشعر. والشعر: الهدب. وقد وسعنا الكلام فيه في شرح نظم الفصيح، وأشرنا إليه في شرح القاموس وغيره، والله أعلم.
(والمحجر) بكسر الميم وسكون الحاء المهملة وفتح الجيم، وبالعكس، وإن اقتصر في المصباح على الثاني لأنه وزنه بمجلس، وآخره راء مهملة:(ما دار) أي أحاط (بالعين، وهو) أي المحجر (ما يبدوا) أي يظهر مضارع بدا كدعا: إذا ظهر (من النقاب) ككتاب، وهو ما تنتقب به المرأة، قال في التوشيح: النقاب هو الخمار الذي يشد على الأنف أو تحت المحاجر. وبهذا أو ما يقرب منه فسره الأكثر. قال في المصباح: المحجر وزان مجلس: ما ظهر من النقاب من الرجل والمرأة من الجفن الأسفل، وقد يكون من الأعلى قال بعض العرب: وهو ما دار بالعين من جميع الجوانب وبدا من البرقع. وقال المجد: المحجر كمجلس ومنبر، من العين: ما دار بها وبدا من البرقع، أو ما يظهر من نقابها وعمامته إذا اعتم. (وجمعه) أي المحجر (محاجر). وما ألطف وأعذ ما أنشدنيه شيخنا ابن الشاذلي رحمه الله:
لله ما فعلت بنا
…
تلك المحاجر في المعاجر
أمضى وأقضى في النفوس
…
س من الخناجر في الحناجر
ولقد تعبت بينكم
…
تعب المهاجر في الهواجر
قلت: المعاجر جمع معجر كمنبر، وهو الثوب الذي يعتجر به، أي يلتفت به، أصغر من الرداء. وقد اشتملت الأبيات على ضروب من الأدب
أعذب في الأذواق من ارتشاف الضرب، وجادتها أنواء أنواع البديع، فأزهرت بما فاق النبع والغرب، والنسيك والغرب عند من أتقن كلام العرب.
(والمؤق) بضم الميم وتفتح وسكون الهمزة، والقاف، وفيه لغات سنوردها في كلام المجد:(طرف العين) بفتح الطاء والراء المهملتين (الذي يلي الأنف) أي: يلاصقه، ويتصل به، والموصول صفة طرف. قال في المصباح: مؤق العين بالهمزة ساكنة، ويجوز التخفيف: مقدمها، والماق لغة فيه، وقيل: المؤق المؤخر، والماق بالألف المقدم. وقال الأزهري: أجمع أهل اللغة أن الموق والماق جزء العين الذي يلي الأنف، وأن الذي يلي الصدغ يقال له اللحاظ، والمأقي لغة فيه، قال ابن القطاع: مأقي العين «فعلي» وقد غلط فيه جماعة من العلماء فقالوا: «مفعل» ، وليس كذلك، بل الياء في آخره للإلحاق، ولما كان «فعلى» بكسر اللام نادرًا لا أخت لها ألحق بـ «مفعل» ولذا جمع على مآقٍ على التوهم، وجمع المؤق على أمآق، ومثل قفل وأقفال، ويجوز القلب فيقال آماق. قال المجد: مأق العين، ومؤقها، ومؤقيها، وماقيها، وماقها، ومؤقئها، ومأقيها، وموقها، وأمقها، ومقيتها، بضمهما، كمعقٍ، ومعقٍ، ومعطٍ، وقاضٍ، ومالٍ، وموقع، ومأوي الإبل، وسوق: طرفها مما يلي الأنف، وهو مجرى الدمع من العين، أو مقدمها، أو مؤخرها، والجمع آماق وأماق ومواقٍ ومآقٍ.
وقد أنعمت هذه الألفاظ شرحًا في شرح القاموس، وأوضحت ضبط لغاتها العشر، وبينت الخلاف في «مأقى» ، هل هو «فعلى» كما هو رأي ابن
السكيت وحققوه، أو «مفعل» كما مال إليه بعض القاصرين. والله أعلم.
(واللحاظ) بفتح اللام، ووهم من كسرها كما نبه عليه ابن قتيبة والحريري وغيرهما، وإن جرى عليه في المصباح فهو من بوادر قلمه:(طرفها) أي العين (الذي يلي الصدغ)، الموصول صفة الطرف كالذي قبله. والصدغ: بضم الصاد وسكون الدال المهملتين، وربما أبدلت صاده سينا في لغة كما حكاه في القاموس: ما بين العين والأذن، قاله المجد. وفي المصباح: ما بين لحظ العين إلى أصل الأذن، وقد يطلق الصدغ على الشعر المتدلي على ذلك المكان مجازًا كما في الأساس وغيره، وليس هو فيه حقيقة كما يوهمه كلام المجد. والله أعلم. وقد أطلق في القاموس كالجوهري فقالا: اللحاظ كسحاب: مؤخر العين. وأكثر أئمة اللغة يقول اللحاظ: طرف العين مما يلي الأذن كما قال المصنف. وقد يقال له لحظ بالفتح أيضًا. فأما اللحاظ بالكسر فمصدر لاحظه كقاتل: إذا راعاه، كما في المصباح، ويطلق اللحاظ بالكسر على سمة تحت العين كما في القاموس، والله أعلم.
(والعرنين) بكسر العين وسكون الراء المهملتين ونونين بينهما تحتية: (الأنف) بفتح الهمزة وقد تضم وسكون النون، اسم لمجموع المنخرين والحاجز والقصبة وهي ما صلب من الأنف، فعد المنخرين من المزدوج لا ينافي عد الأنف من غير المزدوج كما توهمه الغنيمي في «شرح الشعراوية» كما بينته في شرح القاموس. وإطلاق العرنين على الأنف
مشهور، وإن كان في الأصل هو أعلاه، أو ما صلُب منه، أو غير ذلك. قال المجد: العرنين بالكسر: الأنف كله، أو ما صلب من عظمه. وقال الفيومي: العرنين «فعلين» بكسر الفاء: من كل شيء أوله، ومنه عرين الأنف لأوله، وهو ما تحت مجتمع الحاجبين، وهو موضع الشحم، وهو شم العرانين، وقد يطلق العرنين على الأنف. وعلى كونه أول الأنف اقتصر في الصحاح. والله أعلم.
(وهو) أي الأنف: (المعطس) بمهملات كمجلس، وعليه اقتصر الفيومي، وقد تفتح الطاء كمقعد كما في القاموس والصحاح وغيرهما، (والمخطم) بفتح الميم وسكون الخاء المعجمة وكسر الطاء المهملة كمجلس، وقد يعكس فيقال مخطم كمنبر، وفيه لغة ثالثة: خطم بالفتح بغير ميم حكاها المجد وغيره، واقتصر الأكثر على الأولى. (والخرطوم) بضم الخاء المعجمة وسكون الراء وضم الطاء المهملتين وبعد الواو ميم، وكونه الأنف كما قال المصنف عليه اقتصر في المصباح. وقال المجد: الخرطوم كزنبور: الأنف، أو مقدمة، أو ما ضممت عليه الحنكيم: كالخرطم كقنفذ. قلت: الأكثر أن المقصور هو الأول: قصر، لا أنه لغة مستقلة كما نبه عليه أبو حيان وغيره، ولذلك لم يذكره أكثر أرباب التآليف. والله أعلم.
(والمارن) بفتح الميم وبعد الألف راء مهملة مكسورة فنون: (ما لان من الأنف) وهو ما دون القصبة كما نبه عليه في المصباح كالصحاح مقتصرًا على ما عقد المصنف، وذكره المجد ثالثًا فقال: المارن: الأنف، أو طرفه، أو ما لان منه.
(والأرنبة) بفتح الهمزة والنون بينهما راء مهملة ساكنة آخره موحدة فهاء تأنيث: (طرف المارن)، وفي الأمهات المشهورة: طرف الأنف، وهو قريب، وقد أنشدني الإمام ابن الشاذلي على العرنين:
ولو غير أخوالي أرادوا نفيصتي
…
جعلت لهم فوق العرانين ميسما
(وأسنان الإنسان):
المراد بها ما يكون في الفم، جمع سن بالكسر، وهي عند اللغويين كالضرس وزنًا ومعنىً، وظاهر كلام المصنف أن الأسنان أعم، وفيه كلام أودعناه في شرح نظم الفصيح وغيره. وأسنان مبتدأ وخبره اثنان، كذا رأيناه في جميع النسخ المروية المقررة، والأولى (اثنتان) بزيادة التاء لأن المعدود مؤنث كما نصوا عليه، ولذا جرى المصنف بعد عليه، والخطب فيه سهل.
(وثلاثون سنًا) بكسر المهملة. وإذا صغر زادوا فيه هاء التأنيث: (أربع) بدل مفصل من مجمل، أو خبر لمبتدأ محذوف، أي هي
…
الخ. أو مبتدأ خبره محذوف. أي: منها (ثنايا) جمع ثنية بفتح المثلثة وكسر النون وشد التحتية بعدها هاء تأنيث، وقد قالوا إن الثنايا من الأسنان مقدمها، ثنتان منها من فوق، وثنتان من أسفل. (وأربع رباعايات) جمع رباعية كثمانية مخففًا، وهي التي بين الثنية والناب كما في الأمهات اللغوية. (وأربع أنياب) جمع ناب، وعينه تحتية، والناب مذكر ما دام له هذا الاسم، وهو الذي يلي الرباعيات. قال ابن سينا ولا يجتمع في حيوان ناب وقرن معًا، قاله في
المصباح. وما قاله من الجزم بتذكيره جزم في القاموس بخلافه فقال: أنه مؤنث، وكلام المصباح عندي أصوب، والله أعلم.
(وأربع ضواحك) جمع ضاحك أو ضاحكة، وكلاهما بمعنى السن التي تلي الناب كما في المصباح، وفي القاموس ما يقتضي أن الواحدة ضاحكة بالهاء فقط. قال: الضاحكة: كل سن تبدو عند الضحك، والأربع التي بين الأنياب والأضراس. (واثنتا عشرة) بسكون الشين المعجمة وقد تكسر عند تميم (رحى) مقصورًا، وألفه عن واو في الأفصح فيثنى رحوان، وقد يقال رحيان بالتحتية نادرًا كما نبه عليه المجد وغيره، والأرحاء هي التي يكون بها المضغ: كأنها رحى للطعام الذي يكون في الفم، فهي كالرحى الذي هو الطاحون.
وقوله: (ثلاث في كل جانب) بيان للاثنتي عشرة فإن ثلاثًا في أربع هي اثنتا عشرة، أي كل جانب مشتمل على ثلاث، فإن في الفك الأعلى جانبين يمينًا ويسارًا، والفك الأسفل مثله (ثم) جاء بها لبعد هذا النوع في أقصى الفم (أربعة) كأنه جاء بالهاء في العدد لأنه الناجذ مذكر، (نواجذ) بالجيم والذال المعجمة، (وهي) أي النواجذ (أقصاها) أي أبعد الأسنان في الفم إلى جهة الحلق، وهو الذي اقتصر عليه ابن الأثر في النهاية، وصدر به المجد، ثم أطلق أنها الأنياب وما يليها أو الأضراس كلها. والحق ما قاله المصنف كابن الأثير والجماء الكثير. (والناجذ) بفتح النون وبعد الألف جيم مكسورة وآخره ذال معجمة:(ضرس الحلم) بكسر الضاد المعجمة وسكون الراء وبالسين المهملتين، كالسن وزنًا ومعنىً وتأنيثًا كما في الأمهات، وفرقوا في العرف بين
الأسنان والأضراس، فجعلوا الأضراس آلة المضغ التي في الجوانب دون غيرها من الثنايا والرباعيات والأنياب كما هو مقتضى صنيع المصنف، والحلم بكسر الحاء المهملة: العقل، وأصله الأناة، وأضافوا الضرس إليه لأنه يتأخر طلوعه، فلا ينبت إلا بعد أن يكمل الإنسان ويتم عقله. قال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة: إن الناجذ آخر الأضراس، وإنما يطلع إذا استحكمت شبية الإنسان واشتدت مرته، ولذا يدعوه العامة ضرس الحلم، كأن الحلم يأتي مع طلوعه، ويذهب نزق الصبي. وقد سبق أنهم اشتقوا منه المنجذ لكمال عقله. وفي بعض النسخ: والنواجذ: ضروس الحلم بصيغة الجمع، وكلاهما صحيح كما هو ظاهر. والله أعلم. (والأرحاء) جمع رحى بالقصر. (والنواجذ) جمع ناجذ (هي الأضراس) أي وما عداها ثنايا ورباعيات وأنياب وتقدم أن كلام اللغويين صريح في اتحاد الأضراس والأسنان، وأنه لا فرق بينهما عندهم. والمتعارف هذا التفصيل الذي ذكره المصنف. والله أعلم.
(وإذا سقطت) كنصر سقوطًا أصل السقوط هو الوقوع من أعلى إلى أسفل ثم استعملوه بمعنى الذهاب والزوال أي زالت (أسنان الصبي) بفتح الصاد المهملة وكسر الموحدة وشد التحتية أي الولد الصغير، ويأتي الكلام عليه (قيل) في حقه (ثغر) بضم المثلثة وكسر الغين المعجمة مجهولًا من الثلاثي، ونائب فاعله (الصبي) ذكره للبيان، وإلا فلو حذفه وأعاد الضمير على الصبي الأول لكان كافيًا (فهو) أي الصبي (مثغور) على القياس. كأن أحدًا ثغره كمنع، أي: أسقطها لها.
(فإذا نبتت) أي: أسنانه (قيل) في حقه (قد اتغر) بشد الفوقية، وأصله افتعل، فأبدلت المثلثة الأولى مثناة، وأدغمت في تاء الافتعال، (واثغر) بشد المثلثة إبقاء لها مع قلب تاء الافتعال مثلثة الأجل الإدغام نظير ادكر واذكر.
(بالتاء) المثناة وقدمها لأنها أفصح (والتاء) المثلثة (مع التشديد فيهما) ، أي
التاء والثاء لوجود تاء الافتعال ووجوب الادغام فيها على ما عرف في الصرف. وهذا الذي ذكره المصنف هو الذي عليه الأكثر، وبنقله ختم في المصباح الخلاف في ذلك. وهناك أقوال أخر أوردها الفيومي والمجد. وابن سيده وغيرهم، قال ابن فارس: إذا كسر ثغر الصبي قيل ثغر بالبناء للمفعول، وثغرته كمنع: كسرته. وإذا ثبت بعد السقوط قيل: أثغر كأكرم. فإذا ألقى أسنانه قيل: اتغر على افتعل، وبعضهم يقول: إذا نبتت أسنانه قيل اتغر بالتشديد. وقال أبو زيد: ثغر [الصبي] كعني: سقط ثغره، وبنو كلاب لا يقولون للصبي اثغر بالتشديد بل يقولون للبهيمة اثغرت، وأوردنا باقيه في شرح القاموس وغيره.
(واللسان) بالكسر الجارحة المعروفة، (يذكر) أي يستعمل مذكرًا وهو الأكثر الأفصح. قال أبو حاتم: التذكير فيه أكثر، وهو في القرآن كله مذكر. (ويؤنث) أي يستعمل مؤنثًا لأنه يكنى به عن الكلمة واللغة، فيراد به الجارحة كما يراد به إذا ذكر العضو، فلو استعمل بمعنى الكلمة أو اللغة وجب التأنيث كما في الصحاح وغيره، (وجمعه) أي اللسان (إذا ذكر: ألسنة) كحمار وأحمرة، (وإذا أنت فالجمع ألسن) كذراع وأذرع. قال في الصحاح: لأن ذلك قياس ما جاء على فعال من المذكر والمؤنث. (وعكدة [اللسان]) بفتح العين والكاف الدال المهملتين آخره هاء تأنيث (أصله) أي أصل اللسان، وما غلظ منه كما زاده بعض.
(والصردان) تثنية صرد بضم الصاد وفتح الراء وبالدال المهملات (العرقان المستبطنان) بكسر الطاء المهملة (له) أي اللسان.
(والجيد) بكسر الجيم وسكون التحتية آخره دال مهملة: (العنق) يقال بضم العين المهملة وسكون النون وضمها أيضًا وفتحها، وعنيق كأمير أربع لغات: هي الوصلة بين الرأس والجسد، ومنه امرئ القيس المشهور:
وجيد كيجد الرئم ليس بفاحش
…
(والوقص) بفتح الواو والقاف وبالصاد المهملة: (قصر العنق). وقد وقص كفرح، فهو أوقص. (والجيد) بفتح الجيم والتحتية وآخره دال مهملة:(طال العنق) وعليه الأكثر وبه صدر المجد. وقيل: رقة العنق مع طول، وقد جيد كفرح فهو أجيد وهي جيداء وجيدانة أيضًا كمنا في القاموس وغيره. وقال الجوهري: الجيد محركة: طول العنق وحسنه؟
(وهو) أي العنق (التليل) بفتح الفوقية وكسر اللام وبعد التحتية الساكنة لام أخرى أيضًا. (والهادي) العنق أيضًا لأنه المتقدم من البدن، وكل متقدم هادٍ، وهوادي الوحش ما تقدم القطيع منها. وأنشدني غير واحد من الشيوخ:
قد جاءنا الطرف الذي أهديته
…
هاديه بعقد أرضه بسمائه
وقال القطامي:
إني وإن كان قومي ليس بينهم
…
وبين قومك إلا ضربةُ الهادي
(والطلية) بضم الطاء المهملة وسكون اللام وفتح التحتية آخره هاء تأنيث: العنق أيضًا (والجمع طلى) بالضم والقصر، هذا قول الأصمعي وعليه الأكثر.
وقال أبو عمرو والفراء: الواحدة طلاة. ومنهم من يقول: الطلي أصول الأعناق كما أشار إليه المجد. والله أعلم.
(والأخدعان) تثنية أخدع بفتح الهمزة وسكون الخاء المعجمة وفتح الدال وبالعين المهملتين: (عرقان في موضع المحجمتين) تثنية محجمة بالكسرة آلة الحجامة وهي القارورة، أي في الموضع الذي توضع عليه القارورة من العنق عند احتجامه. قال في المصباح: الأخدعان عرقان في موضع الحجامة، وهو قريب من كلام المصنف. وقال المجد: الأخدع: عرق في المحجمتين، وهو شعبة من الوريد. والظاهر أن المحجمتين في كلام المجد بفتح الميم: مكان الاحتجام، إذ لا معنى لكون العرق في آلة الحجم كما هو ظاهر، بخلاف كلام المصنف فإنه أضاف «موضع» إلى «المحجمتين» فلا معنى لجعلهما بالفتح بمعنى مكان، والله أعلم.
(والوريد) بفتح الواو وكسر الراء المهملة وبعد التحتية الساكنة دال مهملة: (عرق في العنق يتصل بالقلب) إذا قُطع مات صاحبه، وقيل: الودج نفسه، وقيل بجنبه. وقال الفراء: عرق بين الحلقوم والعلباوين، وهو ينبض أبدًا، وهو من الأوردة التي فيها الحياة، ولا يجري فيها دم، بل هي مجاري النفس بالحركات.
(والأوداج): العروق التي يقطعها الذابح من الشاة، واحدها أي الأوداج:(ودج) بفتح الواو والدال المهملة آخره جيم، ويقال فيه وداج ككتاب.
قال الفيومي: هو عرق الأخدع الذي يقطعه الذابح فلا يبقى معه حياة، ويقال: في الجسد عرق واحد حيث ما قطع مات صاحبه: وله في كل عضو اسم، فهو في العنق الودج والوريد، وفي الظهر النياط، وهو عرق ممتد فيه، والأبهر: وهو عرق مستبطن القلب، والقلب متصل به. والوتين في البطن، والنسا في الفخذ، والأكحل في اليد، والصافن في الساق. وقال في المجرد: الوريد: عرق كبير يدور في البدن، وذكر معنى ما تقدم، لكنه خالف في بعض. قال: والودجان عرقان غليظان يكتنفان ثغرة النحر يمينًا ويسارًا. وزاد في التهذيب: والوريدان بجنب الودجين، فالودجان من الجداول، والوريدان المنبض والنفس.
(واللغاديد): جمع لغدود كعصفور، معجمة الغين مهمل الدالين، ويقال لغديد كقنديل (لحم باطل الحلق مما يلي الأذنين) في القاموس أنه لحمة في الحلق أو كالزوائد في باطن الأذن، أو ما أطاف بأقصى الفم إلى الحلق من اللحم. وأنشدني شيخنا ابن الشاذلي:
أتزعم يا ضخم اللغاديد أننا
…
ونحن أسود الحرب لا نعرف الحربا
(والقصرة) بفتح القاف والصاد والراء المهملتين آخره هاء تأنيث (أصل العنق) وجمعها قصر بحذف الهاء، قال الجوهري: وبها قرأ ابن عباس? ترمي بشرر كالقصر? محركة، ويجمع أيضًا على قصرات، قال:
وأبيض مثل الملح بليت حده
…
وهبته بالساق والقصرات
(والضبع) بفتح الضاد المعجمة وسكون الموحدة وبالعين المهملة (العضد) بفتح الضاد المعجمة وسكون الموحدة وبالعين المهملة (العضد) بفتح العين المهملة وضم الضاد المعجمة وبالدال المهملة، هذه أفصح لغاته، وفيه لغات أوردها المجد فقال: العضد بالفتح والضم وبالكسر، وككتف وندس وعنق: ما بين المرفق إلى الكتف. وتفسير الضبع بالعضد هو الذي اقتصر عليه الجوهري، وغيره، وقلدهم ابن هشام في شرح الكعيبة. قالوا: وجمعه أضباع على غير قياس كفرخ وأفراخ.
وقال المجد: الضبع العضد كلها أو وسطها بلحمها، أو الإبط، أو ما بين الإبط إلى نصف العضد من أعلاه. وزاد ابن سيده أنه ما تحت الابط. ويقال: الإبط ضبع للمجاورة، وقيل الضبع باطن الساعد. وقد أوردتها تكميلًا لكلامه في شرح القاموس. وخرجت مرة لزيارة بعض الصالحين فقلت:
قصدتكم رجال الله أسعى
…
فقد هتفت بجودكم الحمام
ولم أقصد ذرا فضلٍ سواكم
…
ولو نشبت بضبعي الحمام
(والمأبض) بفتح الميم وسكون الهمزة وكسر الموحدة وبالضاد المعجمة: (باطن المرفق) بفتح الميم وسكون الراء المهملة وكسر الفاء وآخره قاف في أفصح لغاته، وفيه لغة كمنبر، وعليهما اقتصر المجد وغيره. وزاد العكبري أنه يقال: مرفق بالفتح فيهما، وهو موصل الذراع في العضد. (وهو) أي: المأبض (باطن الركبة) بضم الراء المهملة وسكون الكاف وفتح الموحدة وهاء التأنيث: موصل ما بين أسافل أطراف الفخذ وأعالي الساق، كما يطلق المأبض على باطن المرفق يطلق على باطن الركبة (أيضًا) لكن في القاموس تقييده بباطن مرفق البعير. واقتصر الجوهري على قوله: المأبض: باطن الركبة من كل شيء. ولم يذكر إطلاقه على باطن المرفق. ففي كلام المصنف تجوز ظاهر.
(والنواشر) جمع ناشرة بالشين المعجمة والراء المهملة: (عروق باطن الذراع) بكسر الذال المعجمة، من طرف المرفق إلى طرف الأصبع الوسطي، وهو أنثى عند سيبويه والفراء وأبي العباس ثعلب، وكذلك خطأ من ذكرها في الفصيح. وقال الأصمعي: لا أعرف التذكير. قلت: نقله الزجاج وغيره. وقالوا: هو لغة لطوائف من عكل، بل نقله قوم عن ثعلب في غير الفصيح، وعن الفراء أيضًا. وقد نقلت ذلك كله واسعًا في شرح نظم الفصيح وبسطته بسطًا، والله أعلم. وقد وافق المصنف الجوهري في كون النواشر عروق باطن الذراع كجماعة، (وكذلك) في المعنى (الرواهش أيضًا) وهو جمع راهش لأنه اسم. وقد نقل الجوهري عن أبي عمرو أن الرواهش عروق
باطن الذراع كما قال المصنف، وهو المختار.
(وقيل) أي قال بعض اللغويين (النواشر: عروق ظاهر الذراع، والرواهش: عروق باطنها) أي: الذراع لأنه أنثى. قال المجد: النواشر: عصب الذراع من داخل وخارج، أو عروق وعصب في باطن الذراع، أو العصب في ظاهرها، واحدتها ناشرة. ثم قال: الراهشان: عرقان في باطن الذراعين، والرواهش: عروق ظاهر الكف. وهو خلاف ما سبق عن الصحاح، وما في الصحاح أصح على ما عرف عن أرباب الفن. والله أعلم.
(والمعصم) بكسر الميم وسكون العين وفتح الصاد المهملتين: (موضع السوار) وقد يطلق على اليد كما قيل وهو بعيد. ومن شواهد المغني:
بدا لي منها معصم حين جمرت
أي: رمت الجمار.
والزند) بفتح الزاي المعجمة وسكون النون وبالدال المهملة، ووهم من كسر أوله من المتشدقين:(طرف الذراع الذي) صفة لطرف أي: الطرف الذي (انحسر) مطاوع حسر بمهملات كضرب، أي: انكشف (عنه اللحم)، هو كقول الفيومي في المصباح: الزند ما انحسر عنه اللحم من الذراع وهو مذكر. وقال المجد: الزند موصل طرف الذراع في الكف، (فرأس الزند
الذي) صفة لرأس (بلي الخنصر) بالكسر، وهي الأصبع الصغرى (هو الكرسوع) بالضم مهمل الحروف، وبهذا التفسير صدر في القاموس. (ورأسه) أي: الزند (الذي يلي الإبهام) بكسر الهمزة وسكون الموحدة: أكبر الأصابع. (هو الكوع) بالضم وبينهما الرسغ بضم الراء وسكون السين المهملتين وقد تضم السين إتباعًا، وقد تبدل صادًا، أربع لغات، وآخره غين معجمة. وقد أنشدنا شيخنا الإمام ابن المسناوي غير مرة في فنون متنوعة، وشيخنا العلامة ابن الشاذلي عند قراءة هذا الكتاب قول من ضبط ذلك، مع زيادة ما في الرجل، بقوله:
فعظم يلي الإبهام كوع
…
وما يلي / لخنصره الكرسوع
والرسغ ما وسط / وعظم يلي
…
إبهام رجل ملقب / ببوع
فخذ بالعلم، واحذر من الغلط
والبيتان نسبهما غير واحد لأبي الفتح المالكي. وقال الجلال في التوشيح: البوع بالفتح: الباع، وبالضم: جمع بوع. ويقال «لا يعرف كوعه من بوعه» قال الدميري في شرح المنهاج: البوع: عظم الرسغ الذي يلي الإبهام في اليد، والكوع ما يقابله في الرجل. وهنا كلام في القاموس مخالف لكلامهم، فلا يعتد به، وقد بينا أوهامه في شرحه.
و (الراحة) بفتح الراء والحاء المهملتين بينهما ألف وهي عين الكلمة، لأنها مقلوبة عن واو، وجمعها: راحات، وراح أيضًا، وأنشدوا في وصف السحاب القريب من الأرض:
دانٍ مسفٍ فويق الأرض، هيدبه
…
يكاد يمسكه من قام بالراح
(الكف) بالفتح: اليد أو إلى الكوع قاله المجد. وقال الأزهري: الكوع: الراحة مع الأصابع لأنها تكف الأذى عن البدن، ونقله في المصباح، فتوقف بعض المتأخرين ممن شرح الشمائل في أن الأصبع جزء من الكف ساقط لا معنى له كما ها ظاهر، والتأنيث في الكف هو الأكثر الأشهر، وتذكيره غلط أو قليل جدًا. قال ابن الأنباري: زعم من لا يوثق به أن الكف مذكر، ولا يعرف تذكيرها من يوثق بعلمه، وقولهم: كف مخضب على معنى ساعد، ونقله في المصباح، وزدناه إيضاحًا في شرح نظم الفصيح، وأشرنا لتحقيقه في شرح القاموس وغيره. (وفيها الأصابع) جملة حالية من الكف كما هو ظاهر، والأصابع جمع أصبع مثلثة الهمزة والموحدة، تسع لغات، والعاشرة أصبوع بالضم، كما نقل ذلك كله المجد عن كراع. وفي تذكيرها كلام مبسوط في شرح القاموس وشرح نظم الفصيح، والمعروف هو تأنيثها سواء كانت بلفظ الأصبع أو غيره كالخنصر والبنصر وغير ذلك، وقد أوردت لغاتها مجموعة نظمًا مرات في شرح نظم الفصيح. (وهي) أي الأصابع:(الإبهام) وهو أكبرها
كما مر، ولا يجوز حذف الهمزة الأولى منه، ولا يقال فيه «بهم» كما وقع لابن أبي زيد في التيمم من «الرسالة» فإنه غلط. والبهم صغار الغنم كما نبهنا على ذلك في غير ديوان.
(ثم السبابة) بفتح السين المهملة والموحدة المشددة وبعد الألف موحدة أخرى، آخره هاء تأنيث، سميت بذلك لأنهم كانوا يشيرون بها عند السب كما أشار إليه في المصباح، كما أنها سميت في الإسلام المسبحة بصيغة اسم الفاعل، لأنها يشار بها عن التسبيح. (ثم الوسطى) بالضم (ثم البنصر) بكسر الموحدة وسكون النون وكسر الصاد وبالراء المهملتين، (ثم الخنصر) بكسر الخاء وسكون النون وكسر الصاد وبالراء المهملتين، وحكى المجد فتح الصاد أيضًا وهو غريب، وأغرب منه زعمه أن الخنصر يقال للوسطى.
و(كذلك) أي مثل أسمائها في اليد (أسماؤها في الرجل أيضًا).
و(السلاميات) بضم السين وفتح اللام والميم جمع سلامى كحبارى (العظام) جمع عظم، وهو قصب الحيوان الذي عليه اللحم (التي بين كل مفصلين) تثنية مفصل بفتح الميم وكسر الصاد المهملة كمسجد (من مفاصل الأصابع) سواء كانت في اليد أو الرجل كما هو مختار كثيرين، أو أصابع اليد كما هو مختار جماعة. وفي الحديث: «يصبح على كل سلامي من بني آدم
صدقة قال في النهاية: «السلامي جمع سلامية وهي الأنملة من أنامل الأصابع، أو واحدة وجمعه سواء» ، ويجمع على سلاميات، وهي التي بين كل مفصلين من أصابع الإنسان، أو السلامى كل عظم مجوف من صغار العظام، المعنى: على كل عظم من عظام ابن آدم صدقة. وقال الخطابي: يريد أن كل عضو ومفصل من بدنه عليه صدقة. وقال النووي: هو بضم السين وتخفيف اللام، وأصله عظام الأصابع وسائر الكف، ثم استعمل في جميع عظام البدن ومفاصله. وقال المجد: السلامى: عظام صغار طول أصبع وأقل في اليد والرجل، وفي المصباح: السلامى أنثى، قال الخليل: هي عظام الأصابع، وزاد الزجاج على ذلك فقال: وتسمى القصب. وقال قطرب: عروق ظاهر الكف والقدم، وقد زدته إيضاحًا في شرح القاموس وحواشي القسطلاني. وعد قطرب وغيره من أصحاب المثلثات له فيها مع السلام والسلام مما لا معنى له كما أوضحته في غير ديوان.
و(الرواجب) جمع راجبة بالجيم والموحدة: (بطون السلاميات وظهورها) فالرواجب تطلق على كل من البطون والظهور. وقال ابن الأثير: إنها ما بين عقد الأصابع من داخل، ووسع المجد فقال: الرواجب مفاصل أصول الأصابع، أو بواطن مفاصلها، أو هي قصب الأصابع أو مفاصلها، أو ظهور السلاميات، أو ما بين البراجم من السلاميات، أو المفاصل التي تلي الأنامل: وقد أشار لبعضها ابن سيده في المحكم والمخصص.
و(البراجم) جمع برجمة بضم الموحدة والجيم بينهما راء مهملة ساكنة: (رؤوس السلاميات من ظاهر الكف) وهي، أي: البراجم، (ظهور
مفاصل الأصابع). فالبراجم مستعملة للأمرين، وفي القاموس: البراجم المفاصل الظاهرة أو الباطنة من الأصابع، أو هي بطون الأصابع كلها، أو ظهور القصب من الأصابع، أو رؤوس السلاميات إذا قبضت كفك نشزت وارتفعت. وفي الصحاح: البراجم، مفاصل الأصابع التي بين الأشاجع والرواجب، وهي رؤوس السلاميات من ظهر الكف إذا قبض القابض كفه نشزت وارتفعت.
(والكاهل) بكسر الهاء (مقدم) كمعظم أي متقدم أعلى (الظهر مما يلي العنق)، زاد في المصباح: وهو الثلث الأعلى وفيه ست فقرات وقال أبو زيد: الكاهل خاص بالإنسان ولا يستعمل في غيره إلا على طريق الاستعارة، وهو ما بين كتفيه. وقال الأصمعي: هو موصل العنق، وأشار لمثله في المحكم والقاموس وغيرهما.
و(هو) أي الكاهل (الكتد) بفتح الكاف والفوقية، وقد تكسر وبالدال المهملة، وعليه مشى بعض اللغويين، والأكثر أنه ما بين الكاهل إلى الظهر، ولذلك اقتصر عليه في الصحاح. وقال في القاموس: الكتد محركة: مجتمع الكتفين من الإنسان والفرس كالكتد، أو هما الكاهل، أو ما بين الكاهل إلى الظهر. وفي المصباح: الكتد بفتح التاء وكسرها، وقال ابن السكيت: مجتمع الكتفين، وبعضهم يقول: ما بين الكاهل إلى الظهر. وقيل: مغرز في الكاهل عند الحارك، والجامع أكتاد.
و(الثبج) بفتح المثلثة والموحدة وبالجيم، قضيته أنه الكاهل أيضًا
كالذي قبله، وفي المصباح: الثبج بفتحتين، ما بين الكاهل إلى الظهر، ومثله في الصحاح والقاموس والمحكم وغيرها.
(والصلب) بضم الصاد المهملة وسكون اللام وبالموحدة: ابتداؤه (من الكاهل إلى عجب الذنب) ، العجب بفتح العين المهملة وسكون الجيم وبالموحدة، والذنب محركة: آخر كل شيء. وعجب الذنب: عظم لطيف في أصل الصلب عند رأس العصعص كحب الخردل، وقيل: هو رأس العصعص. وقال شيخ شيوخنا الخفاجي في العناية: العجب بالفتح والضم، أصل الذنب، وهو أول ما يخلق وآخر ما يبلى كما ورد في الحديث، فزاد في ضبطه الضم. وعبارة بعض الأفاضل: العجب بالباء والميم، قيل: هو مثلث الأول، وظاهر الآثار أنه لأفراد الإنسان فقط، والجمهور على أنه لا يفنى لسر يعلمه الله، واختار المزني أنه يفنى كسائر الجسد. وقد نقلت في حواشي القسطلاني ما يرشد إليه، وذكرته في شرح القاموس أيضًا. وحكاية التثليث فيه غريب، فإن المعروف فيه الفتح وعليه اقتصر أرباب التآليف، نعم ذكروا أن الباء تبدل ميمًا، وحكى المجد في العجم بالميم الفتح والضم، والله أعلم. وقد وافق المصنف المجد في تفسيره الصلب، فقال: الصلب بالضم وبالتحريك عظم من لدن الكاهل إلى العجب كالصالب. وقال الفيومي: الصلب كل ظهر له فقار، وتضم اللام للإتباع، ومثله في الصحاح. وعبارة بعض المحققين: الصلب، عظم ممتد من لدن الكاهل، وهو فقار الظهر الممتدة فيه كالسلسة، وأصل معناه: الشديد، فسمي به الظهر والعظم
المذكور، والله أعلم. وعلم من مجموع كلامي المجد والفيومي أن فيه ثلاث لغات: الضم والتحريك وضم الفاء والعين.
و(المطا) بفتح الميم والطاء المهملة والقصر: (الظهر). (هو) أي الظهر، (القرا) بفتح القاف والراد المهملة والقصر كالمطا وزنًا ومعنى، (أيضًا مقصورًا) ، الظاهر أنه قيد لما يليه، والأولى رده لهما معًا، أو ضبط الأول لئلا يتوهم أن الأول ممدود، والله أعلم.
و(الحيزوم) بفتح الحاء المهملة وسكون التحتية وضم الزاي المعجمة وبعد الواو الساكنة ميم (الصدر) ، ويقال فيه الحزيم أيضًا، قاله ابن هشام في شرح الكعبية، وأصله في الصحاح. قال: وهو وسط الصدر، وما يشد عليه الحزام، وأنشد ابن هشام:
كأنما أوب يديها إلى
…
حيزومها فوق حصى الفدفد
نوح ابنة الجون على هالكٍ
…
تندبه رافعة المجلد
والمجلد كمنبر: قطعة من جلد في يد النائحة تلطم بها وجهها. فالمصنف جعل الحيزوم هو الصدر، والجوهري وابن هشام وغيرهما جعلوه وسط الصدر، والمجد قال: الحيزوم ما استدار بالظهر والبطن، أو ضلع الفؤاد، أو ما اكتنف الحلقوم من جانب الصدر (وهو) أي الصدر (الكلكل)
بكافين ولامين كجعفر، وعلى تفسيره به اقتصر الجوهري، وبه صدر المجد فقال: الكلكل والكلكال: الصدر، أو ما بين الترقوتين، أو باطن الزور.
(والبرك) بفتح الموحدة، وسكون الراء المهملة ويقال له: البركة بالكسر أيضًا كما في الصحاح والقاموس وغيرهما.
(والجوشن) بفتح الجيم والشين المعجمة بينهما واو ساكنة وآخره نون.
(والجؤجؤ) بجيمين وهمزتين مضمومًا كهدهد. (والزور) بفتح الزاي المعجمة وسكون الواو وبالراء المهملة (مقدم الصدر) ، وفسره الجوهري بأعلى الصدر، وقال المجد: الزور، وسط الصدر، أو ما ارتفع منه إلى الكتفين، أو ملتقى أطراف عظام الصدر حيث اجتمعت.
(والترقوتان) تثنية ترقوة بفتح الفوقية ولا يجوز ضمها كما نبه عليه المجد وغيره، وسكون الراء المهملة وضم القاف وفتح الواو مخففة وهاء تأنيث، «فعلوة» ولا نظير لها سوى عرقوة وعنصوة وثندوة وقرنوة. لا سادس لها. والعرقوة: واحدة عراقي الدلو كما سيأتي. والعنصوة: النبت القليل المتفرق. والثندوة: أصل الثدي أو لحمه، والقرنوة: نبت. والترقوتان: (العظمان المشرفان على أعلى الصدر) ، وهذا لا ينافي قول المجد والفيومي وغيرهم، الترقوة: العظم الذي بين ثغرة النحر والعاتق كأنه مشرف على
أعلى الصدر كما قال المصنف، والجمع التراقي. قال بعضهم: ولا تكون الترقوة لشيء من الحيوان إلا للإنسان خاصة كما في المصباح وغيره، ومنه: ? إذا بلغت التراقي? ويؤيد ما قلناه قول المصنف.
(والهمزة) بفتح الهاء وسكون الزاي المعجمة: الحفرة (التي بينهما) أي الترقوتين (هي الثغرة) بضم المثلثة وسكون الغين المعجمة وبالراء المهملة آخره هاء تأنيث.
(والفريصة) بالفاء والراء والصاد المهملتين كسفينة: (لحمة بين الثدي) بفتح المثلثة وسكون الدال المهملة آخره تحتية: العضو المعروف، وقد يكسر أوله، وقد يفتح أوله وثانيه. قال بعضهم: هو خاص بالمرأة. والأشهر أنه عام في الذكور والإناث، وغالب أهل اللغة على تذكيره، والتأنيث جائز فيه (والكتف) بفتح الكاف وكسر الفوقية وتسكن مع الفتح وتكسر، (ترعد) مجهولًا، أي ترتعد وتضطرب، هي أي: اللحمة المفسر بها الفريصة (عند الفزع) متعلق ترعد، والفزع محركة: الخوف كما جزم به أكثر أئمة اللغة.
وقال بعضهم: الفزع كرب يلحق من الشيء بغتة، والخوف كرب يلحق مما يتوقع وروده، وقد استعملوه بمعنى المسارعة لدفع العدو ونحوه. وفيه كلام أوردته في شرح القاموس مؤيدًا بكلام المبرد في الكامل وغيره، والله أعلم. وقال المجد: الفريصة اللحمة بين الجنب والكتف. وقال الزمخشري في الأساس: الفريصة لحمة في الجنب ترتعد عند الفزع. يقال: ارتعدت فرائصه وفي مجمع الأمثال ما يوافق كلام المصنف. والله أعلم.
(والشاكلة) بالشين المعجمة: (الخاصرة) بفتح الخاء المعجمة وكسر الصاد وفتح الراء المهملتين، فهي مثلها وزنًا ومعنى، و (هي) أي الخاصرة (الخصر) بفتح الخاء المعجمة وسكون الصاد المهملة. وهذا مخالف لما أطبقوا عليه من أن الخصر هو وسط الإنسان. زاد المصباح وهو المستدق فوق الوركين. وأما الخاصرة فقالوا: هي الشاكلة كما قال أولًا، وفسروا الشاكلة بأنها الطفطفة بطاءين مهملتين وفاءين، وضبطوها بالفتح والكسر، وفسروها بأنها أطراف الجنب المتصلة بالأضلاع، أو كل لحم مضطرب، أو الرخص الناعم من أول البطن، ولم يجعل أحد الخصر بمعنى الخاصرة، بل هي غيره، كما هو مشهور غني عن البيان. والألفاظ المذكورة بعد الخصر كلها بمعناه، أو تقرب منه، لا بمعنى الخاصرة، والله أعلم.
(ومن أسماء الخصر أيضًا) عند بعضهم كالمصنف (الكشح) بفتح الكاف وسكون الشين المعجمة وبالحاء المهملة، فهو مثله وزنًا ومعنى، وقيل هو الخاصرة، وقيل: ما بين الخاصرة إلى الضلع الخلف، وقيل ما بين منقطع الأضلاع إلى الورك، وقيل الجنب، وقيل ما بين الخاصرة والجنب، وقيل غير ذلك مما استوعبته في شرح القاموس.
(والقرب) قال ابن هشام في شرح الكعبية على وزن القرب ضد البعد، وسمع فيه أيضًا قرب بضمتين، كما سمع في عسر ويسر السكون والضم، ولا نعلم ذلك مسموعًا في ضد البعد، ومن أجاز في نحو قفل قفل بضمتين أجاز ذلك، وفسره بالخاصرة لا الخصر. قال المجد: القرب بالضم وبضمتين: الخاصرة، أو من الشاكلة إلى مراق البطن. وعلى كونه الشاكلة إلى المراق اقتصر في الصحاح (وجمعه) أي القرب (أقراب).
(والإطل) بكسر الهمزة وسكون الطاء المهملة وقد تكسر إتباعًا للفاء كإبل، أطبقوا على تفسيره بالخاصرة كالذي بعده، (وجمعه) أي الإطل (آطال) بالمد.
(والأيطل) بفتح الهمزة والطاء المهملة بينهما تحتية ساكنة، والظاهر أنها زائدة فوزنه «فيعل» كصيقل. (وجمعه) أي الأيطل (أياطل) وقد أراد أن يذكر بعض ما اشتمل عليه باطن الإنسان على طريقة الاختصار فقال:
(وفي الجوف) بفتح الجيم وسكون الواو وآخره فاء، أصله الخلاء، ثم استعملوه فيما يقبل الشغل والفراغ، فقيل: جوف الدار لداخلها وباطنها، وجوف الإنسان لداخل بطنه وباطنه، والجائفة من الجراحة: الواصلة إلى الجوف.
(الفؤاد) بضم الفاء وفتح الهمزة وبعد الألف دال مهملة. قال المجد: والفواد بالفتح والواو غريب. قلت: إن كان مسموعًا فلا غرابة فيه فإن إبدال الهمزة واوا تخفيفًا أمر مشهور متداول، وإن كان غير مسموع كما جزم به الأفزري وغيره. ونقلته واسعًا في شرح القاموس، فلا معنى لذكره، ولا لادعاء غرابته، اللهم إلا أن يكون حاكيه قاس القلب على ما فيه و (هو) أي الفؤاد (القلب) ، وقضيته ترادفهما، وعليه اقتصر في المصباح كجماعة من أهل اللغة، والأكثر على التفرقة، والحديث شاهد بها. قال
الأزهري: القلب مضغة في الفؤاد معلقة بالنياط. وبهذا جزم الواحدي وغيره. وقيل: القلب أخص من الفؤاد كما أشار إليه المجد. وقيل: الفؤاد وعاء القلب أو داخله أو غشاؤه، والقلب جثته كما قال عياض وغيره، والله أعلم. وقد سبق أنه يطلق على العقل وغيره من المعاني.
(ويسمى) أي القلب (الجنان) بفتح الجيم ونونين بينهما ألف (أيضًا) وقد اتفقوا على إطلاقه عليه.
(وفي) نفس (القلب) أمور منها: (سويداؤه) مصغرًا ممدودًا. (وهي) أي السويداء (علقة) بفتح العين المهملة واللام والقاف وآخره هاء تأنيث. (سوداء في وسط القلب) بفتح الواو والسين المهملة، ويجوز سكونهما، وقد بسطنا الكلام في الوسط ومتعلقاته في شرح نظم الفصيح لأنه من مقاصده، وحاصله أن كل موضع يصلح فيه «بين» فالسكون فيه أفصح ويجوز التحريك، كجلست وسط القوم، وما لا يصلح فيه «بين» فالتحريك فيه أفصح، ويجوز السكون، كجلست وسط الدار ونحوه. وقد نظم التزام الفصيح بعض الأفاضل فقال:
فرق ما بين قولهم وسط الشي
…
ء ووسط تحريكًا أو تسكينًا
موضع صالح لـ «بينٍ» فسكن
…
ولـ «في» حركن تراه مبينًا
كجلسنا وسط الجماعة إذا هم
…
وسط الدار كلهم جالسنا
(يقال للرجل) أي الشخص إذ لا يختص بهم: (اجعل ذلك) الأمر المهتم بشأنه (في سويداء قلبك) أي: بالغ في التحفظ على محبته والاعتناء به، ويقال له: سواد القلب وسوداؤه بالمد دون تصغير وأسوده، أربع لغات حكاه المجد والجوهري وغيرهما، أي حبته، وذلك كناية عن داخل القلب. (وخلب القلب) بكسر الخاء المعجمة وسكون اللام وبالموحدة. (حجابه) الذي يحجبه ويستره عن سواد البطن. قال الجوهري: الخلب بالكسر: الحجاب الذي بين القلب وسواد البطن. وقال في المغني: الخلب زيادة الكبد، أو حجاب القلب، أو ما بين الكبد والقلب. وقد أورده ثعلب في الفصيح بقوله: خلب الكبد فأشبعناه شرحًا في نظمه.
(وكذلك) في المعنى (شغافه) بفتح الشين والغين المعجمتين كسحاب. قال المجد: هو غلاف القلب أو حجابه أو حبته أو سويداؤه أو مولج البلغم. ومثله في المحكم. وقال في الصحاح: والشغاف: غلاف القلب، وهو جلدة دونه كالحجاب. (ومنه قيل: شغف) مجهولًا، (فلان بكذا) كناية عن المحبوب، واستعمال كذا في الكنايات عن المقاصد كثير، وأكثر منه استعمالها كناية عن الأعداد، وتحقيق مباحثها في المغني وغيره، وأودعت تحقيقات من مسائلها في شرح نظم الفصيح، وحاشية الدرة. (أي) حرف تفسير لا اسم فعل كما قاله بعض، ونقله ابن يعيش، ولا حرف عطف كما قاله الكوفيون وتبعهم صاحب المستوفى والمفتاح، (وصل): تفسير لشغف،
ومعناه بلغ، (حبه إلى شغاف قلبه) وقد مر ذلك في الألفاظ الدالة على العلاقات الغرامية. وقال الشاعر:
علم الله أن حبك منى
…
في سواد الفؤاد وسط الشغاف
(وفي) ظاهر (البطن) لأن داخله هو الجوف، وقد أورد ما فيه وبقي عليه ما في ظاهره، وهو خلاف الظهر، وجزم المجد والفيومي بأنه مذكر. وقال في الصحاح وهو مذكر. وحكى أبو حاتم عن أبي عبيدة أن تأنيثه لغة، وحكاه غيره عن الأصمعي أيضًا:(السرة) بضم السين وفتح الراء المشددة المهملتين آخره هاء تأنيث، وهو الموضع الذي يقطع منه السرر. (فأما السرر) بكسر السين وفتحها (فهو الذي تقطعه القابلة) فاعلة من قبلت المرأة الولد كفرح. قبالة بالكسر: إذا تلقته وأخذته عند الولادة، فهي قابلة وقبول وقبيل كما في القاموس وغيره. ويقال لما تقطعه: سر، بالضم أيضًا كما في الصحاح والقاموس وغيرهما.
(والذي يبقى) متصلًا لازقًا (في البطن هو السرة) بالهاء، وجمعها سر كأنها من أسماء الجنس الجمعية، وسرر كغرف، وسرات بالإدغام، لا يحركون العين لأنها كانت مدغمة كما في الصحاح. والسرة لا تقطع، فلذلك لا يجوز عرفت ذلك قبل أن تقطع سرتك بل المسموع قبل أن يقطع سرك أو سررك كما في الأمهات اللغوية، والله أعلم.
(والثنة) بضم المثلثة وشد النون المفتوحة وهاء التأنيث: (شعرات تتصل من السرة إلى العانة) بفتح العين المهملة والنون بينهما ألف مبدلة
عن واو كانت متحركة فوجب إبدالها لتحركها وانفتاح ما قبلها كما نبه عليه في المصباح، وفيها اختلاف فقال الأزهري وجماعة: هي منبت الشعر فوق قبل المرأة وذكر الرجل، والشعر النابت عليهما يقال له الإسب والشعرة. وقال ابن فارس في موضع هي الإسب. وقال الجوهري والمجد: هي شعر الركب. وقال ابن السكيت وابن الأعرابي: استعان واستحد، حلق عانته، وعلى هذا فالعانة الشعر النابت، وقوله عليه السلام? في قصة بني قريظة «من كان له عانة فاقتلوه» ظاهره دليل لهذا القول، وصاحب القول الأول يقول: الأصل من كان له شعر عانة، فحذف للعلم به، وقال في التوشيح: العانة، الشعر الذي حوالي ذكر الرجل وفرج المرأة، وزاد ابن سريج، وحلقه الدبر، فجعل العانة منبت الشعر مطلقًا، والمشهور الأول. قلت: لا يخلو كلامه عن تأمل، قال: والشعر النابت على العانة يسمى شعرة، وفي نسخة: ما بين السرة إلى العانة، وهذه عبارة الصحاح إلا أنها بالواو بدل إلى وهي أوضح. وفي القاموس: الثنة: العانة. أو ما بينهما وبين السرة، والله أعلم.
(وهي) أي الثنة (مراق البطن) بفتح الميم والراء المهملة و (بتشديد القاف) جمع لا مفرد له كما قاله الجوهري وغيره. وقيل إنه جمع مرق بفتح الميم والراء، أي موضع الرقة واللين، وقضيته أن المراق هو الشعرات المتصلة
…
الخ، على النسخة الأولى، أو ما بين السرة والعانة على النسخة الثانية، وكلاهما غير مرضي ولا معروف ولا منقول عن نقاد عروف، بل الذي في الأمهات اللغوية كالصحاح والمحكم والقاموس والمجمل وغيرها، أن
مراق البطن ما رق منه ولان، والله أعلم. وانظر لو جعل «وهي» راجعًا إلى العانة، هل يصح الكلام لأنها من المراق على ما فيه من البعد.
(ومؤخر الإنسان) بضم الميم وفتح الهمزة والخاء المعجمة المشددة آخره راء (أليتاه) تثنية ألية بفتح الهمزة والتحتية بينهما لام ساكنة آخره هاء تأنيث، وهي العجيزة أو ما ركب العجز من شحم أو لحم كما في القاموس. و (هو) أي المؤخر (الكفل) بفتح الكاف والفاء، و (الردف) بكسر الراء وسكون الدال المهملتين وبالفاء، ذكره الجوهري وابن فارس وابن سيدة وغيرهم، وأغفله صاحب القاموس كما نبهت عليه في شرحه.
(والبوص) بفتح الموحدة وضمها وبالواو والصاد المهملة: العجيزة، قاله الجوهري وأنشد:
عريضة بوصٍ إذا أدبرت
…
هضيم الحشا شختة المحتضن
وذكره المجد وغيره.
(والعجز) بفتح العين المهملة وضم الجيم وبالزاي المعجمة. قال المجد: العجر مثلثة وكندس وكتف: مؤخر الشيء، ويؤنث، وجمعه أعجاز، وقال الجوهري: العجز: مؤخر الشيء، يؤنث ويذكر، وهو للرجل والمرأة جميعًا، والجمع أعجاز. و (العجيزة) كسفينة، قضيته أنها مثل العجز في كل شيء، وهو ظاهر كلام جماعة منهم المجد وغيره. وقال الجوهري:
العجيزة للمرأة خاصة، فلا يقال عجيزة الرجل، قال بعضهم وهو التحقيق.
(والرفغان) بالراء المهملة والفاء والغين المعجمة: (باطنا أصل الفخذين) تثنية فخذ بالفاء والخاء والذال المعجمتين، قال في القاموس: الفخذ ككتف: ما بين الساق والورك، مؤنث كالفخذ، ويكسر، (واحدهما) أي: الرفغين (رفغ) بالضم و (رفغ) بالفتح.
وقد اختلفت عبارات المحدثين، وأهل الغريب، وأئمة اللغة في معنى الأرفاغ ومدلوله، وكل من ذكر له معنى أجحف بغيره، فرأيت أن أثبت كلامهم على اختلافه تتميمًا للفائدة، فأقول: الرفغ بالفتح في لغة تميم، وبالضم في لغة أهل العالية، هو باطن الفخذين، أو أصولهما مما يلي الجوف، أو ما بين الدبر والذكر، أو مغابن الجسد كله، أو معاطفه، أقوال. قال الزبيد في مختصر العين: الرفغ، باطن الفخذ ووسخ الظفر. وقال ابن فارس في المجمل: الرفغ، أصل الفخذين، وسائر المغابن أرفاغ، وكل موضع اجتمع فيه الوسخ رفغ، وفي الحديث:«كيف لا أوهم ورفغ أحدكم بين ظفره وأنملته» . قال الإمام عبد الحق: الرفغ، أصل الفخذين، الفتح لتميم، والضم لأهل العالية، والأرفاغ: أصول المغابن كلها، «ورفغ أحدكم بين ظفره وأنملته». قال الليث: الرفغ وسخ الظفر، كأنه أراد، ووسخ رفغ أحدكم، فاختصر الكلام، وأراد صلى الله عليه وسلم: لا تقلمون أظافركم، ثم تحكون بها أرفاغكم، فيتعلق بها ما في الأرفاع .. وفي الحديث: «إذا التقى
الرفغان فقد وجب الغسل» ، والرفغان: أصلا الفخذين كما مر، يريد، إذا التقى ذلك من الرجل والمرأة، ولا يكون ذلك إلا بعد التقاء الختانين. وهذه المادة تدور على اللين والقذر المجتمعين في المغابن، فمن القذر ما تقدم ومنه الرفغ الذي هو ألام الوادي، وشره ترابًا، ومن اللين: رفاغة العيش ورفاغيته، أي رفاهيته، وفي حديث أبي داود:«ثم غسل مرافغه» ، قال في المرقاة: هو جمع رفغ، بضم الراء وفتحها وسكون الفاء، وهي مغابن البدن أو مطاويه، وما يجتمع فيه الأوساخ كالإبطين وأصول الفخذين ونحوهما. وعن ابن الأعرابي: المرافغ، أصول الفخذين، لا واحد لها من لفظها.
وقال عياض: الرفغان، أصلا الفخذين ومجتمعهما من أسفل البطن، ومنه:«إذا التقى الرفغان وجب الغسل» ويقال: الرفغان في غير هذا الحديث الإبطال، وقيل: أصول المغابن، وأصله ما ينطوي من الجسد، فكلها أرفاغ، وبالجملة، فالمادة كما قالوا تدور بين الوسخ واللين، ويلزمه الانطواء، والله أعلم.
(والرضفة) بفتح الراء المهملة والضاد المعجمة وتسكن، والفاء، آخره هاء تأنيث:(العظم المنطبق) أي المشتمل (على رأس الركبة)، ويقال: طبق تطبيقًا فانطبق، إذا جعل له غطاء فتغطى، قال المجد: الرضف، عظام كالأصابع المضمومة تداخل بعضها بعضًا، وهي من الفرس ما بين الكراع والذراع، واحدتها رضفة وتحرك، وأغفلها الجوهري والفيومي وغيرهما.