المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

مباحثها تفتقر لمصنفٍ مستقلٍ لغرابتها واحتياج الخائض في هذا العلم - شرح كفاية المتحفظ تحرير الرواية في تقرير الكفاية

[ابن الطيب]

فهرس الكتاب

- ‌[شرح مقدمة كفاية المتحفظ]

- ‌[فوائد لغوية]

- ‌الفائدة الأولى:

- ‌الفائدة الثانية:

- ‌الفائدة الثالثة:

- ‌الفائدة الرابعة:

- ‌الفائدة الخامسة:

- ‌الفائدة السادسة:

- ‌الفائدة السابعة:

- ‌الفائدة الثامنة:

- ‌الفائدة التاسعة:

- ‌الفائدة العاشرة:

- ‌[الغريب]:

- ‌[الحوشي والغريب من الألفاظ]:

- ‌[الاستشهاد في اللغة]:

- ‌وها هنا تنبيهات يحتاج إلى تحصيلها الهمم العالية، والقرائح النبيهات:

- ‌[التنبيه] الأول:

- ‌التنبيه الثاني:

- ‌التنبيه الثالث:

- ‌التنبيه الرابع:

- ‌[باب في صفات الرجال المحمودة]

- ‌[فصل في ألفاظ الحماسة والإقدام]

- ‌[صفات الرجال المذمومة]

- ‌[صفات النساء المحمودة]

- ‌[صفات النساء المذمومة]

- ‌فصلتذكر بعض الألفاظ الدالة على الزوجة

- ‌[باب في مخالطة النساء]

- ‌(معرفة حلي النساء)

- ‌(باب ما يحتاج إلى معرفته من خلق الإنسان)

- ‌[ترتيب أزمان الآدمي]

- ‌فصلفي ترتيب أزمان الإناث

- ‌(باب في الحلي)

- ‌بابفي أسماء الإبل باختلاف الأزمنة والسنين

- ‌هذا فصلفيه تفاصيل عجيبة تتعلق بالإبل

- ‌[من صفات الإبل]

- ‌فصليتعلق بأعداد الإبل

- ‌هذا بابفي ألوان الإبل

- ‌هذا بابفي أنواع سير الإبل

- ‌[باب في الخيل]

- ‌[ومن عدو الخيل]

- ‌فصل في أسماء بعض المشاهيرمن الخيل وأنسابها

- ‌هذا فصلفي بعض ألوان الخيل

- ‌هذا بابفي أسماء جماعات الخيل

- ‌(أسماء الخيل في السباق)

- ‌[باب في أسماء الحرب]

- ‌[باب في السلاح]

- ‌[من صفات السيف المذمومة]

- ‌هذا فصليتعلق بأطراف السيف ونحوها

- ‌صفات الرماح

- ‌[باب في السهام]

- ‌[باب في الدروع والبيض]

- ‌[باب في السباع والوحوش]

- ‌[باب في الظباء]

- ‌[باب في البقر الوحشية]

- ‌[باب في الحمير الوحشية]

- ‌[باب في النعام]

- ‌[باب في الطير]

- ‌[باب في النحل والجراد والهوام وصغار الدواب]

- ‌[باب في نعوت القفار والأرضين]

- ‌[باب في الرمال]

- ‌[باب في الجبال والأماكن المرتفعة والأحجار]

- ‌[باب في المحال والأبنية]

- ‌فصلله تعلق بالباب

- ‌[باب في الرياح]

- ‌[باب في السحاب]

- ‌[باب في المطر]

- ‌[باب في السيول والمياه]

- ‌باب في النبات

- ‌هذا فضلله تعلق بالنبات

- ‌هذا باب في أشجار الحاضرة ونباتها

- ‌[باب في النخل]

- ‌[باب في الأطعمة]

- ‌[هذا فصل يتعلق بالأكل]

- ‌[باب في الأشربة]

- ‌[فصل في اللبن]

- ‌[فصل في العسل]

- ‌[باب في الخمر]

- ‌[باب في الآنية]

- ‌[باب في اللباس]

- ‌هذا فصل له تعلق باللباس

- ‌[باب في الطيب]

- ‌[باب في الآلات وما شاكلها]

الفصل: مباحثها تفتقر لمصنفٍ مستقلٍ لغرابتها واحتياج الخائض في هذا العلم

مباحثها تفتقر لمصنفٍ مستقلٍ لغرابتها واحتياج الخائض في هذا العلم إليها، وافتقار كلام ابن جني لما أشرنا إليه من الشرح، فلا يعده القاصر تطويلًا في محله، أو تعقيدًا ربما يستغنى عن جله. فإن أمثال هذه الحور مقصورات في قصور الأذهان الألمعية عن أرباب القصور. والله الموفق سبحانه.

‌الفائدة الثالثة:

اختلف العلماء: هل اللغة توقيف ووحي، أو اصطلاح وتواطؤ؟ قال ابن فارس في فقه اللغة:«اعلم أن لغة العرب توقيف، ودليل ذلك قوله تعالى: {وعلم آدم الأسماء كلها} فكان ابن عباس يقول: علمه الأسماء كلها، وهي هذه الأسماء التي يتعارفها الناس من دابة وأرض وسهل وجبل وحمار وأشباه ذلك من الأمم وغيرها. وقال مجاهد: علمه اسم كل شيء. وقال غيرهما: علمه أسماء الملائكة وأسماء ذريته أجمعين. قال ابن فارس: والذي نذهب إليه في ذلك ما ذكرناه عن ابن عباس. ثم أخذ يبين ما يرد على ذلك: أن من عود الضمير للمذكورين في «عرضهم» ربما عين أنه لأعيان بني آدم، إذ لو أريد غيرها لقال عرضها، أو عرضهن، وأجاب بأن ذلك من باب التغليب نظر {فمنهم من يمشي}

الخ. وأطال في تقرير ذلك، ورجح التوقيفية فيها على ما هو مذهب أئمة السنة وهو من أشياخهم.

وتردد في ذلك ابن جني في الخصائص، فمال مرة إلى أن اللغات تواضع وتواطؤ، كما يقوله المعتزلة، لأنه من أشياخهم كشيخه أبي علي الفارسي، وتارة إلى القول بالوقف، وتارة إلى التوقف عن الخوض في ذلك مطلقًا، وقد عقد لذلك ترجمة في الخصائص فقال: باب القول على أصل اللغة، إلهام هي أم

ص: 71

اصطلاح؟ هذا موضع محوج إلى فضل تأمل، غير أن أكثر أهل النظر على أن أصل اللغة إنما هو تواضع واصطلاح لا وحي وتوقيف، إلا أن أبا علي قال لي يومًا: هي من عند الله، واحتج بقوله تعالى:{وعلم آدم الأسماء كلها} وهذا لا يتناول موضع الخلاف، لأنه قد يجوز أن يكون تأويله: أقدر آدم على أن واضع عليها، وهذا المعنى من عند الله سبحانه وتعالى لا محالة، فإذا كان ذلك محتملًا سقط الاستدلال به، وقد كان أبو علي قال أيضًا به في بعض كلامه، وهذا أيضًا رأي أبي الحسن، على أنه لم يمنع قول من قال: إنها تواضع منه، على أنه قد فسر هذا بأن قيل: إنه تعالى علم آدم أسماء جميع المخلوقات بجميع اللغات: العربية والفارسية والسريانية والعبرانية والرومية وغير ذلك، فكان آدم وولده يتكلمون بها، ثم إن ولده تفرقوا في الدنيا، وعلق كل واحد منهم بلغة من تلك اللغات، فغلبت عليه واضمحل عنه ما سواها لبعد عهدهم بها، وإذا كان الخبر الصحيح قد ورد بهذا وجب تلقيه باعتقاده والانطواء على القول به.

فإن قيل: فاللغة فيها أسماء وأفعال وحروف، وليس يجوز أن يكون المعلم من ذلك الأسماء وحدها دون غيرها، مما ليس بأسماء، فكيف خص الأسماء وحدها؟ قيل: اعتمد ذلك من حيث كانت الأسماء أقوى الثلاثة، ولابد لكل كلام مفيد منفرد من الاسم، وقد تستغني الجملة المستقلة عن كل واحد من الحرف والفعل، فلما كانت الأسماء من القوة والأولوية في النفس والرتبة على ما لا خفاء به، جاز أن يكتفى بها عما هو تال لها، ومحمول في الحاجة إليها عليها.

قلت: هذا صدر كلامه في الخصائص، وهو موافق لمذهب الأشعري والجمهور من كونها توقيفية، والجواب الذي أجاب به عن الاقتصار على

ص: 72

الأسماء في الآية دون الأفعال حسن، وأحسن منه ما ذكره بعض أئمة الأصول عند الاستدلال بالآية، قال: فالأسماء كلها معلمة من عند الله بالنص، وكذا الأفعال والحروف أيضًا لعدم القائل بالفصل، ولأن الأفعال والحروف أيضًا أسماء، لأن الاسم ما كان علامة، والتمييز من تصرفات النحاة لا من اللغة، ولأن التكلم بالأسماء وحدها متعذر كما أشار إليه في المحصول والحاصل وغيرهما. ثم أخذ في الخصائص يحتج للقول بالمواضعة: وذلك أنهم ذهبوا إلى أن أصل اللغة لابد فيه من المواضعة قالوا: وذلك بأن يجتمع حكيمان أو ثلاثة فصاعدًا، فيحتاجوا إلى الإبانة عن الأشياء المعلومات فيضعوا لكل واحد منها سمة ولفظا، إذا ذكر عرف به مسماه ليمتاز من غيره، ويغني بذكره عن إحضاره إلى مرآة العين، فيكون ذلك أقرب وأسهل من تكلف إحضاره، وأطال القول في تقرير هذا الكلام، وإن كان واضحًا بنحو ورقة، ثم قال: وذهب بعضهم إلى أن أصل اللغات كلها إنما هو من الأصوات المسموعات، كدوي الريح وصوت الرعد وخرير الماء وشحيج الحمار ونعيق الغراب وصهيل الفرس ونحو ذلك، ثم ولدت اللغات عن ذلك فيما بعد، وهذا عندي وجه صالح ومذهب متقبل. قال: واعلم فيما بعد أنني على تقادم الوقت دائم التنقير والبحث عن هذا الموضع، فأجد الدواعي والخوالج قوية التجاذب لي، مختلفة جهات التغول على فكري، وذلك أني تأملت حال هذه اللغة الشريفة الكريمة اللطيفة، فوجدت فيها من الحكمة والدقة

ص: 73

والإرهاف والرقة ما يملك علي جانب الفكر حتى يكاد يطمح بي أمام غلوة السحر، فمن ذلك ما نبه عليه أصحابنا، ومنه ما حذوته على أمثلتهم فعرفت بتتابعه وانقياده علي، وبعد مراميه وآماده، صحة ما وفقوا لتقديمه منه، ولطف ما أسعدوا به، وفرق لهم عنه، ويضاف إلى ذلك وارد الأخبار المأثورة بأنها من عند الله تعالى، فقوي في نفسي اعتقاد كونها توقيفيًا من الله سبحانه وتعالى، وأنها وحي. ثم أقول في هذا ضد هذا: إنه كما وقع لأصحابنا ولنا، وتنبهوا وتنبهنا على تأول هذه الحكمة الرائعة الباهرة، كذلك لا ينكر أن يكون الله تعالى، قد خلق من قبلنا - وأن بعد مداه عنا من كان ألطف منا أذهانًا، وأسرع خواطر وأجرأ جنانًا، فأقف بين تين الخلتين حسيرًا، وأكاثرهما فأنكفئ مكثورًا، وان خطر خاطر فيما بعد يعلق الكف بإحدى الجهتين ويكفها عن صاحبتها قلنا به. قلت: فحاصل كلامه أولًا وآخرًا يرجع إلى ثلاثة أقوال: التوقيف، وهو الذي رواه عن شيخه أبي علي الفارسي مستدلًا بالآية، والمواضعة والتواطؤ وهو الذي نسبه لأهل النظر في أول كلامه، واستدل في الأثناء بما أطال فيه الكلام بلا طائل، وتأول الآية بما مر من أن معنى علمه: قدره على وضعها، ونقل عن قوم أنه: كان يجتمع حكيمان أو ثلاثة فصاعدا

الخ. وعن آخرين أن أصل اللغات كلها من الأصوات المسموعات كدوي الريح

الخ. واستحسن هذا الأخير، قال: إنه وجه صالح ومذهب متقبل، ثم مال للتوقيف، وأيده بالأثر، وجزم بأنها من عند الله، ثم غلبه ما لديه مما لا اعتماد عليه، فاستنبط قولًا ثالثًا واعتمده، زاعمًا أنه الذي ترجح عنده في الوقت، وهو الوقف عن القول بكل منهما، وأنه لا يدري ذلك لعدم دليل قاطع وبرهان ساطع، فأنت تراه كيف ينتقل من تخير إلى تحير، ومن ترجيح دليل إلى بحث في تعليل.

ص: 74

وقال الفخر الرازي في المحصول، وتبعه التاج الأرموي في الحاصل والسراج الأرموي في التحصيل ما حاصله: الألفاظ إما أن تدل على المعاني بذواتها، أو بوضع الله تعالى إياها، أو بوضع الناس، أو يكون البعض بوضع الله والباقي بوضع الناس، والأول مذهب عباد بن سليمان، والثاني مذهب أبي الحسن الأشعري وابن فورك، والثالث مذهب أبي هاشم، وأما الرابع فإما أن يكون الابتداء من الله والتتمة من الناس، وهو مذهب الأستاذ أبي إسحق الاسفراييني أو الابتداء من الناس والتتمة من الله وهو مذهب قوم. ثم أخذوا في رد مذهب عباد من أصله، والاستدلال بما عده من المذاهب بما لها وما عليها مما ليس محله هذا المختصر.

وقال أبو الفتح بن برهان في كتاب «الوصول إلى الأصول» : اختلف العلماء في اللغة: هل تثبت توقيفًا واصطلاحًا؟ فذهبت المعتزلة إلى أن اللغات بأسرها تثبت اصطلاحًا، وذهبت طائفة إلى أنها تثبت توقيفًا، وزعم

ص: 75

الأستاذ أبو اسحق أن القدر الذي يدعو به الإنسان غيره إلى التواضع يثبت توقيفًا، وما عدا ذلك يجوز أن يثبت بكل واحد من الطريقين.

وقال القاضي أبو بكر محمد بن الطيب: يجوز أن يثبت توقيفًا، ويجوز أن يثبت اصطلاحًا، ويجوز أن يثبت بعضه توقيفًا وبعضه اصطلاحًا، والكل ممكن. وعمدة كل من هذه الأقوال وأدلتها وما لها وما عليها مبسوط في المطولات من دواوين الأصول.

وقال الإمام الغزالي في المنخول: قال قائلون: اللغات كلها اصطلاحية، إذ التوقيف يثبت بقول الرسول، ولا يفهم قوله دون ثبوت اللغة. وقال آخرون: هي توقيفية، إذ الاصطلاح يفرض بعد دعاء البعض البعض بالاصطلاح، ولابد من عبارةٍ يفهم منها قصد الاصطلاح. وقال الآخرون: ما يفهم منه قصد التواضع توقيفي دون ما عداه. ثم اختار تجويز العقل لذلك كله تبعًا لشيخه إمام الحرمين. وأطال في تقريره.

ص: 76

وقال ابن الحاجب في المختصر الأصلي: الظاهر من هذه الأقوال قول الأشعري وقال التاج السبكي في شرح منهاج البيضاوي: ومعنى قول ابن الحاجب: القول بالوقف عن القطع بواحد من هذه الاحتمالات. وترجيح مذهب الأشعري بغلبة الظن محال، وقد كان بعض الضعفاء يقول: إن هذا الذي قاله ابن الحاجب مذهب لم يقل به واحد، لأن العلماء في المسألة بين متوقف وقاطع بمقالته، فالقول بالظهور لا قائل به، قال: وهذا ضعيف، فإن المتوقف لعدم قاطع قد يرجح بالظن، ثم إن كانت المسألة ظنية اكتفي في العمل بها بذلك الترجيح وإلا توقف عن العمل بها. ثم قال: والإنصاف أن الأدلة ظاهرة فيما قاله الأشعري، فالمتوقف إن توقف لعدم القطع فهو مصيب، وإن ادعى عدم الظهور فهو غير مصيب، هذا هو الحق الذي قاله جماعة من المتأخرين منهم الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد، وقد أشار السبكي لمثله في شرحه على ابن الحاجب الموسوم برفع الحاجب. وهذا ما تحمله هذه العجالة، التي هي بالنسبة إلى مبادئ هذا الفن درة في نحر، أو قطرة من بحر، والله أعلم.

تنبيه: قال التاج في رفع الحاجب: الصحيح عندي أنه لا فائدة لهذه المسألة، وهو ما صححه ابن الأنباري وغيره، ولذلك قيل: ذكرها في الأصول فضول. وأشار لمثله في شرح منهاج البيضاوي. قلت: والحق أنه ليس كذلك، بل ذكرها له فائدتان: فقهية ولذا ذكرت في أصوله، ونحوية ولذا ذكرها ابن جني في الخصائص، وتبعه الجلال في الاقتراح وأشار لها في

ص: 77