الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[باب في الرياح]
هذا (باب في الرياح) جع ريح، وهو الهواء المتحرك كما قال الراغب، وأوضحته في حاشية القسلطاني، وياؤه عن واو لذلك جمعوه على أرواح، وربما قالوا أرياح للفرق بين جمع روح، كما أوضحته في شرح نظم الفصيح وحاشية الدرة وغيرهما خلافًا لمن أنكره كالحريري.
(أمهات) جمع أم، أي أصول (الرياح أربع: الصبا) بفتح المهملة والموحدة مقصورًا. (والدبور) كصبور (والشمال) بالفتح والكسر، والشمل، والشأمل بالهمز ودونه، والشمل محركة وتسكن ميمه، والشمأل بالهمزة وقد تشدد لامه، والشومل كجوهر، والشمول كصبور وأمير، فهي اثنتا عشرة لغة. (والجنوب) بفتح الجيم. (فالصباهي الريح الشرقية) نسبة إلى الشرق خلاف الغرب، (ويقال لها القبول) بالفتح. (وهي) التي (تهب) بالضم على غير قياس، أي تثور (من مشرق الاستواء) بكسر الراء على غير قياس، أي موضع الشروق زمن استواء الليل والنهار كما يفيده الجوهري. (وهو مطلع) بفتح اللام على القياس وكسرها على خلافه: مكان طلوع (الشمس في زمن
الاعتدال) هو تفسير لما قبله. (والدبور تقابلها) أي الصبا (وهي الريح الغربية) نسبة للغرب، (لأنها) أي الدبور (تهب من مغرب الشمس) بكسر الراء على غير قياس، أي مكان غروبها، ولابد من قيد «زمن الاعتدال» وأغنى عند اشتراطها في ضدها كما لا يخفى. (والشمال هي الريح الشأمية) نسبة إلى الشأم مهموزًا، ويخفف، لأنه عن مشأمة القبلة، وقيل هو غير مهموز لأنه شامات، أو لغير ذلك مما شرحناه في شرح القاموس وشرح نظم الفصيح وغيرهما.
(وتسمى) أي الشمال عند بعض (الجربياء) بكسر الجيم والموحدة بينهما راء ساكنة وبعد التحتية ألف ممدودة، قيل: الجربياء نكباء كما يأتي: (وهي تهب من ناحية) أي جهة (القطب الأعلى).
(والجنوب هي الريح اليمانية) بالألف وتخفيف ياء النسبة على غير قياس، وجوز بعضهم تشديد الياء مع الألف، والجمهور على المنع لأن الألف عوض عن إحدى الياءين، فلا يجوز الجمع بينهما على ما عرف في محله، (وتسمى النعامى) بالضم والقصر كحبارى. (والأزيب) عند بعض، وهي بفتح الهمزة والتحتية بينهما زاي ساكنة آخره موحدة، وقيل هي نكباء كما يأتي، (وهي تهب من ناحية سهيل) مصغر: نجم معروف عند طلوعه تنضج الفواكه وينقضي القيظ.
(وكل ريح انحرفت) أي هبت منحرفة (عن مهاب) جمع مهب بالفتح: موضع هبوب (هذه الرياح الأربع) الأصول، (فوقعت بين ريحين منها فهي نكباء) بالفتح والمد، لأنها نكبت عن المهاب المعروفة (وجمعها نكب) بالضم.
تنبيهات:
الأول - قد حققنا مطالع هذه الرياح وما لها وما عليها في شرح نظم الفصيح، وألممنا بها في شرح القاموس، ورأينا غير واحد جمعها في ضوابط، منها قوله:
شملت بشأم، والجنوب تيامنت
…
وصبت بشرق، والدبور بمغرب
ورأيته في بعض المجاميع على تغيير في الشطر الأول ونصه:
شملت بجوفٍ والجنوب بقبلةٍ
وجمعها النواجي مبسوطةً في قوله:
صبًا ودبور والجنوب وشمأل
…
بشرقٍ وغربٍ والتيمن والضد
ومن بينها النكباء: أزيب جربيا
…
وصابية، والهيف خاتمة العد
وقد جرى على أن [الأرزيب] والجربياء من النكب على خلاف قول المصنف أنها من أسماء الأمهات.
تتمة: في شرح البيت الثاني من بيتي النواجي، قوله: ومن بينها، أي من بين كل ريحين منها النكباء كما مر. فالأزيب: النكباء التي تجري بين الصبا والجنوب، عليه اقتصر الجوهري، وأورده المجد ثانيًا. والجربياء: النكباء التي تجري بين الشمال والدبور كما في الصحاح، وجعلها المجد
كالأزيب بين الجنوب والصبا، ولم يوافقوه كما أوضحنا في شرحه. وصابية كاسم الفاعل من صبا: هي النكباء التي تجري بين الصبا والشمال، والهيف: النكباء التي بين الجنوب والدبور حارة كما يأتي للمصنف. والله أعلم.
الثاني: هذه الكلمات الموضوعة للدلالة على أمهات الرياح كما استعملوها أسماء استعملوها صفات، قال المبرد في الكامل، وأشار إليه المجد في مواضع من القاموس، وإن كان التحقيق أنها تنوسيت فيها معنى الوصفية.
الثالث: أسماء الريح كلها مؤنثة إلا «إعصار» فإنه مذكر كما في قوله تعالى: {فأًابها إعصار فيه نار} كما صرح به غير واحد.
الرابع: الأفعال المبنية من الريح، كلها ثلاثيةكنصر، تقول: شملت الريح، ودبرت، وجنبت، وصبت كدعا، إلا النعامي بالضم وهي من أسماء الجنوب كما مر فإنك تقول فيها أنعمت رباعيًا كما في الفصيح. قال ناظمة:
وكلها تقول فيها يفعل
…
بالضم، لكن في الصبا يحتمل
إلا النعامى، فتقول أنعمت
…
وهي التي من الجنوب يممت
أي: وكل الرياح تقول في مضارع ثلاثة يفعل بالضم كينصر إلا النعامى، وقوله: لكن في الصبا يحتمل مما لا معنى له، بل هو أيضًا كدعا، لأن لامه واو كما صرحوا به، فاحتمال غيره ساقط، وقد أنعمته شرحًا في شرحه. والله أعلم.
(ومحوة) بالفتح (اسم علم) فلا تدخله الألف واللام ولا ينصرف للعلمية والتأنيث: (من أسماء الشمال) وعليه اقتصر الجوهري، (وقيل: هو اسم للدبور) وعليه اقتصر في القاموس. (وسميت بذلك) أي محوة (لأنها تمحو السحاب) أي تذهب به فلا تبقي له أثرًا، يقال: محاه يمحوه ويمحاه ويمحيه: إذا أزاله وأذهب أثره.
(والهيف) بفتح الهاء وسكون التحتية: (الريح الحارة) ، ويقال لها الهوف بالواو، وهي النكباء التي تجري بين الجنوب والدبور من تحت مجرى سهيل، تهب من ناحية اليمن كما في الصحاح وغيره. ومن الشواهد المشهورة:
وبدلت والدهر ذو تبدل
…
هيفا دبورا بالصبا والشمأل
(والنائجة: الريح) بالإفراد فيهما، وفي نسخة بالجمع فيهما (الشديدة المر) بالفتح، أي الهبوب، مصدر مرت الريح: إذا هبت شديدة (وقد نأجت) بفتح النون والهمزة والجيم، (تنأج) بالفتح كتمنع لمكان حرف الحلق في العين، أي تحركت بشدة.
(والسوافي: التي تسفي التراب) بفتح الفوقية وسكون المهملة وكسر الفاء، مضارع سفى ك رمى (أي تثيره) مضارع أثار بفتح الهمزة والمثلثة أي ترفعه وتحركه (وتحمله) بالكسر مضارع حمل كضرب (الواحدة سافياء) كقاصعاء. وأنشدني غير واحد:
لعب الزمان بها وغيرها
…
بعدي سوافي المور والقطر
(والبوارح: الريح الحارة الشديدة، الواحدة بارح) بفتح الموحدة وبعد الألف راء مكسورة فحاء مهملة. قال أبو زيد: البارح: الشمال الحارة.
(والروامس: التي ترمس الآثار) بالضم، مضارع رمس الشيء، بفتح الراء والميم والسين المهملة (أي تدفنها) بالكسر مضارع دفنه كضرب: إذا ستره في الأرض وأخفاه، ولم يذكروا لها مفردًا.
(والحواصب: التي ترمي بالحصباء) بالحاء والصاد المهملتين ممدودًا، أي الحصا (واحدها حاصب) كما في القرآن العزيز.
(والحراجيج: الدائمة الهبوب واحدها حرجوج) بالحاء المهملة وجيمين كعصفور، وقيدها المجد بالباردة. والحرجوج من أوصاف النوق أيضًا كما مر.
(والحرجف) بفتح الحاء المهملة والجيم بينهما راء ساكنة آخره فاء: (الريح الشديدة الباردة) فهي ضد الحرور، وفي المثل «كلا النسيمين حرور حرجف» أي نسيما الغداة والعشي، يضرب لمن يرجى عنده خير فيرى منه ضده كما في مجمع الأمثال للميداني وغيره. (وكذلك الصرصر) بصادين
مهملتين وراءين، والقرآن أعظم شاهد.
(والبليل) بفتح الموحدة وكسر اللام كأمير: (التي فيها برد) بالفتح (وندى) بالقصر كالطل، كأنها أصابها بلل من الندى.
(والعاصفة) بالتاء والعاصف بدونها كما في القرآن: (الريح الشديدة) ، وقد عصفت بفتح العين والصاد المهملتين كضرب (وكذلك القاصف) بالقاف بدل العين، وهو في القرآن الكريم أيضًا.
(والربدة) بفتح الراء والدال المهملة بينهما تحتية ساكنة: الريح (اللينة) خلاف الشديدة.
(والنسيم) بفتح النون وكسر السين المهملة (النفح) بالمهملة (الضعيف من الريح).
(والصرصر) سبق ذكره، ولكن أعاده هنا بأبسط مما سبق فقال:(الريح ذات الصوت) بالفوقية، مصدر صات إذا نادى ورفع صوته، واستعماله في الريح ونحوه مجاز كما نبه عليه الزمخشري وغيره. (ويقال: ذات الصر) بإسقاط الفوقية وتضعيف الراء وكسر المهملة في أوله (وهو) أي الصر بالكسر: (البرد الشديد).
(والعرية) بفتح العين المهملة وكسر الراء وشد التحتية المفتوحة: (الري الباردة).
(والسهام) بفتح السين المهملة: (الريح الحارة). قال المجد: السهام كسحاب، حر السموم ووهج الصيف. (وهي السموم) بفتح المهملة وهي في القرآن (أيضًا).
(والعقيم) بفتح العين المهملة وكسر القاف: (التي لا تثير) مضارع أثار، أي تهيج (سحابا ولا تأتي بمطر) كأنه استعير من المرأة العقيم التي لا تلد، ووردت في القرآن أيضًا.
(والمعصرات) على صيغة اسم الفاعل كما في القرآن: (الريح التي تأتي بالمطر، وقيل: المعصرات: السحائب ذوات المطر) ، وبه فسرت الآية دون الأول، وعليه اقتصر الجوهري والمجد وغيرهما فحكاته بـ: قيل، والتصدير بغير مما لا معنى له.
(والأعاصير: التي ترفع التراب بين السماء والأرض، والواحدة إعصار) بالكسر وفي القاموس: الإعصار: الريح تثير السحاب، أو التي فيها نار، أو التي تهب من الأرض كالعمود نحو السماء، أو التي فيها العصار، وهو الغبار الشديد، واقتصر البيضاوي على المعنى الثالث. (والعرب تسميه) - أي
الإعصار (الزوبعة). قال في الصحاح والقاموس والمحكم: الزوبعة: رئيس من رؤساء الجن، ومنه سمي الإعصار زوبعة، وقيل: أم زوبعة.
(والمور) بالضم: (التراب الذي تثيره الرياح وتجيله) بضم الفوقية وكسر الجيم، مضارع أجال، أي صيره جائلًا، أي مترددًا ذاهبًا جائيًا، وهو هنا مجاز.
(والهباء) بالفتح ممدودًا (التراب الرقيق الذي تطيره) - مضارع أطار رباعيًا: صيره طائرًا، أي مرتفعًا بقوة، (الريح على وجوه الناس وثيابهم).
(والهبوة) بفتح الهاء والواو بينهما موحدة ساكنة آخره هاء تأنيث: (الغبرة) بفتح الغين والموحدة والراء وهاء تأنيث، (يقال: يوم ذو هبوة) أي صاحب غبرة، أي غبار. (ويقال: يوم راح) مخففًا (وريح) كسيد: (إذا كان ذا ريح).