المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في شهادة السماع] - شرح ميارة = الإتقان والإحكام في شرح تحفة الحكام - جـ ١

[ميارة]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَةُ الْكِتَابِ]

- ‌[بَابُ الْقَضَاءِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَعْرِفَةِ أَرْكَانِ الْقَضَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي رَفْعِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَمَا يُلْحَقُ بِذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مِنْ الْقَضَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمَقَالِ وَالْجَوَابِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْآجَالِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِعْذَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خِطَابِ الْقُضَاةِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ]

- ‌[بَابُ الشُّهُودِ وَأَنْوَاعِ الشَّهَادَاتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ مَسَائِلُ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ مِمَّا يَتَكَرَّرُ وُقُوعُهُ غَالِبًا]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَنْوَاعِ الشَّهَادَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ الشَّهَادَةُ الَّتِي تُوجِبُ الْحَقَّ مَعَ الْيَمِينِ]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ أَقْسَامِ الشَّهَادَةِ وَهِيَ الَّتِي تُوجِبُ الْحَقَّ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَا يُوجِبُ الْيَمِينَ لَا عَلَى الطَّالِبِ بَلْ عَلَى الْمَطْلُوبِ]

- ‌[فَصْلٌ الشَّهَادَةُ الَّتِي لَا عَمَلَ لَهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مِنْ الشَّهَادَةِ]

- ‌[بَابُ الْيَمِينِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[بَابُ الرَّهْنِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَرَاهِنَيْنِ]

- ‌[بَابُ الضَّمَانِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[بَابُ الْوَكَالَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَدَاعِي الْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلِ]

- ‌[بَابُ الصُّلْحِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ وَلِلْأَبِ الصُّلْحُ عَلَى الْمَحْجُورِ]

- ‌[بَابُ النِّكَاحِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَوْلِيَاءِ وَمَا يَتَرَتَّبُ فِي الْوِلَايَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَنْ لَهُ الْإِجْبَارُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ فَاسِدِ النِّكَاحِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مِنْ النِّكَاحِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَدَاعِي الزَّوْجَيْنِ وَمَا يَلْحَقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْقَبْضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُهْدِيهِ الزَّوْجُ ثُمَّ يَقَعُ الطَّلَاقُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الشُّوَارِ الْمُورَدِ بَيْتَ الْبِنَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي إثْبَاتِ الضَّرَرِ وَالْقِيَامِ بِهِ وَبَعْثِ الْحَكَمَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الرَّضَاعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي عُيُوبِ الزَّوْجَيْنِ وَمَا يُرَدَّانِ بِهِ مِنْهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اللِّعَانِ]

- ‌[بَابُ الطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ الْخُلْع]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَيْمَانِ اللَّازِمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّدَاعِي فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا ثُمَّ أَرَادَ الْعَوْدَ لِلزَّوْجِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الرَّجْعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْفَسْخِ]

- ‌[بَابُ النَّفَقَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّدَاعِي فِي النَّفَقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَجِبُ لِلْمُطَلَّقَاتِ وَغَيْرِهِنَّ مِنْ النَّفَقَةِ وَمَا يُلْحَقُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الطَّلَاقِ بِالْإِعْسَارِ بِالنَّفَقَةِ وَمَا يُلْحَقُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْمَفْقُودِينَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَضَانَةِ]

- ‌[بَابٌ فِي الْبُيُوعِ وَمَا شَاكَلَهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْأُصُولِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْعُرُوضِ مِنْ الثِّيَابِ وَسَائِرِ السِّلَعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الطَّعَامِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ النَّقْدَيْنِ وَالْحُلِيِّ وَشِبْهِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الثِّمَارِ وَمَا يُلْحَقُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجَائِحَةِ فِي الثِّمَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الرَّقِيقِ وَسَائِرِ الْحَيَوَانِ]

- ‌[فَصْلٌ كِلَابَ الْمَاشِيَةِ يَجُوزُ بَيْعُهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الدَّيْنِ وَالْمُقَاصَّةِ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَوَالَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ وَالثُّنْيَا]

الفصل: ‌[فصل في شهادة السماع]

مِنْ شُرُوطِ الشَّهَادَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ أَوَّلَ الْبَابِ، أَوْ وُجِدَ فِيهَا مَانِعٌ يَمْنَعُ مِنْ قَبُولِهَا فَالْأَوَّلُ: كَشَاهِدِ الزُّورِ لِاخْتِلَالِ شَرْطِ الْعَدَالَةِ فِيهِ، الثَّانِي: كَشَهَادَةِ الِابْنِ لِأَبِيهِ لِوُجُودِ الْمَانِعِ وَهِيَ التُّهْمَةُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الشُّرُوطِ، وَأَنَّ مَنْ اخْتَلَّ فِيهِ شَرْطٌ مِنْهَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ.

وَأَمَّا الْمَوَانِعُ فَعَدَّ ابْنُ الْحَاجِبِ مِنْهَا جُمْلَةً صَالِحَةً أَوَّلُهَا: التَّغَفُّلُ الثَّانِي: أَنْ يَجُرَّ بِهَا نَفْعًا كَمَنْ شَهِدَ عَلَى مَوْرُوثِهِ الْمُحْصَنِ بِالزِّنَا، أَوْ قَتْلِ الْعَمْدِ مَا لَمْ يَكُنْ فَقِيرًا أَوْ يَدْفَعُ ضَرَرًا كَشَهَادَةِ بَعْضِ الْعَاقِلَةِ بِفِسْقِ شُهُودِ الْقَتْلِ خَطَأً، الثَّالِثُ: أَكِيدُ الشَّفَقَةِ بِالنَّسَبِ كَالْأُبُوَّةِ وَالْأُمُومَةِ، أَوْ بِالسَّبَبِ كَالزَّوْجِيَّةِ فَلَا يَشْهَدُ الزَّوْجُ لِلزَّوْجَةِ وَلَا هِيَ لَهُ، الرَّابِعُ: الْعَدَاوَةُ فَلَا تُقْبَلُ عَلَيْهِ وَتُقْبَلُ لَهُ عَكْسُ الْقَرَابَةِ، الْخَامِسُ: الْحِرْصُ عَلَى إزَالَةِ التَّغْيِيرِ بِإِظْهَارِ الْبَرَاءَةِ أَوْ التَّأَسِّي، فَالْأَوَّلُ كَشَهَادَتِهِ فِيمَا رُدَّ فِيهِ بِفِسْقٍ، أَوْ صِبًا، أَوْ رِقٍّ، أَوْ كُفْرٍ، وَالثَّانِي وَهُوَ التَّأَسِّي كَشَهَادَةِ وَلَدِ الزِّنَا فِي الزِّنَا، وَكَشَهَادَةِ مَنْ حُدَّ فِي مِثْلِ مَا حُدَّ فِيهِ، السَّادِسُ: الْحِرْصُ عَلَى تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ كَالشَّاهِدِ الْمُخْتَفِي لِتَحَمُّلِهَا، وَلَا يَضُرُّ عَلَى الْمَشْهُورِ أَوْ عَلَى أَدَائِهَا فَيَرْفَعُ شَهَادَتَهُ قَبْلَ أَنْ يُطْلَبَ بِهَا فِي مَحْضِ حَقِّ آدَمِيٍّ، وَذَلِكَ قَادِحٌ، السَّابِعُ: الِاسْتِبْعَادُ كَإِشْهَادِ أَهْلِ الْحَاضِرَةِ شُهُودًا مِنْ الْبَادِيَةِ.

(وَفِي الْمُدَوَّنَةِ) لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ السُّؤَالِ إلَّا فِي التَّافِهِ الْيَسِيرِ لِحُصُولِ الرِّيبَةِ فِيمَا لَهُ قَدْرٌ وَبَالٌ، وَقَوْلُهُ مِمَّا أَبِي بِضَمِّ الْهَمْزَةِ أَيْ: مِمَّا أَبَاهُ الْفُقَهَاءُ مِنْ الشَّهَادَاتِ وَلَمْ يَقْبَلُوهُ.

[فَصْلٌ فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ]

ِ (ابْنُ عَرَفَةَ) شَهَادَةُ السَّمَاعِ لَقَبٌ لِمَا يُصَرِّحُ الشَّاهِدُ فِيهِ بِإِسْنَادِ شَهَادَتِهِ لِسَمَاعٍ مِنْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَتُخْرِجُ شَهَادَتُهُ الْبَتَّ، وَالنَّقْلَ أَيْ تُخْرِجُ شَهَادَةَ الْبَتِّ مِنْ قَوْلِهِ بِإِسْنَادِ شَهَادَتِهِ لِسَمَاعٍ وَتُخْرِجُ شَهَادَةَ النَّقْلِ مِنْ قَوْلِهِ مِنْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ؛ لِأَنَّ الْمَنْقُولَ عَنْهُ فِي شَهَادَةِ النَّقْلِ مُعَيَّنٌ

وَأُعْمِلَتْ شَهَادَةُ السَّمَاعِ

فِي الْحَمْلِ وَالنِّكَاحِ وَالرَّضَاعِ

وَالْحَيْضِ وَالْمِيرَاثِ وَالْمِيلَادِ

وَحَالِ إسْلَامٍ أَوْ ارْتِدَادِ

وَالْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ وَالْوَلَاءِ

وَالرُّشْدِ وَالتَّسْفِيهِ وَالْإِيصَاءِ

وَفِي تَمَلُّكِ الْمِلْكِ بِيَدِ

يُقَامُ فِيهِ بَعْدَ طُولِ الْمَدَدِ

وَحَبْسِ مَنْ جَازَ مِنْ السِّنِينَا

عَلَيْهِ مَا يُنَاهِزُ الْعِشْرِينَا

وَعَزْلِ حَاكِمٍ وَفِي تَقْدِيمِهِ

وَضَرَرِ الزَّوْجَيْنِ مِنْ تَتْمِيمِهِ

اشْتَمَلَتْ الْأَبْيَاتُ السِّتُّ عَلَى عَدِّ مَوَاضِعِ شَهَادَةِ السَّمَاعِ وَذَلِكَ فِي: الْحَمْلِ وَمِمَّا يَنْبَنِي عَلَيْهِ أَنْ تَصِيرَ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ، وَفِي النِّكَاحِ، وَصِفَةُ شَهَادَةِ السَّمَاعِ فِي النِّكَاحِ أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ تَحْتَ حِجَابِ الزَّوْجِ فَيُحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِ الزَّوْجِيَّةِ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ يَمُوتُ أَحَدُهُمَا فَيَطْلُبُ الْحَيُّ مِنْهُمَا الْمِيرَاثَ فَيُثْبِتُ الزَّوْجِيَّةَ بِالسَّمَاعِ الْمُسْتَفِيضِ فَيُحْكَمُ لَهُ بِالْمِيرَاثِ، فَلَوْ لَمْ تَكُنْ الْمَرْأَةُ فِي عِصْمَةِ أَحَدٍ بِزَوْجِيَّةٍ فَأَثْبَتَ رَجُلٌ أَنَّهَا

ص: 85

زَوْجَتُهُ تَزَوَّجَهَا بِالسَّمَاعِ لَمْ يَسْتَوْجِبْ الْبِنَاءَ عَلَيْهَا، لِأَنَّ شَهَادَةَ السَّمَاعِ إنَّمَا تَنْفَعُ مَعَ الْحِيَازَةِ لِلْمَرْأَةِ وَهَذَا لَمْ يَحُزْهَا إلَيْهِ إذْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ السَّمَاعُ مِنْ وَاحِدٍ وَقَدْ فَشَا ذِكْرُهُ وَوَاحِدٌ لَا يَجُوزُ بِهِ النِّكَاحُ، قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْحَاجِّ.

(قَالَ الْقَاضِي الْمِكْنَاسِيُّ) : قُلْت فَيَظْهَرُ مِنْهُ أَنْ لَا يَبْنِيَ عَلَيْهَا بِشَهَادَةِ السَّمَاعِ مَعَ أَنَّهُ يَرِثُهَا بِهِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ سَمَاعًا مُنْتَشِرًا مُسْتَفِيضًا يَقَعُ بِهِ الْعِلْمُ كَمَا أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَا يُمْكِنُ أَنْ يُخْتَلَفَ فِي هَذَا أَنَّهُ يَبْنِي بِهَا بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ، لَا سِيَّمَا إذَا طَالَ الْأَمْرُ وَمَاتَتْ الْبَيِّنَاتُ. اهـ (وَفِي التَّوْضِيحِ) عَنْ أَبِي عِمْرَانَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ عَلَى النِّكَاحِ أَنْ يَكُونَ الزَّوْجَانِ مُتَّفِقَيْنِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا إذَا أَنْكَرَ أَحَدُهُمَا فَلَا. اهـ.

وَتَجُوزُ فِي الرَّضَاعِ وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ انْتِشَارُ الْحُرْمَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي بَابِ الرَّضَاعِ، وَتَجُوزُ فِي الْحَيْضِ وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ الْبُلُوغُ وَالْخُرُوجُ مِنْ الْعِدَّةِ وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَتَجُوزُ فِي الْمِيرَاثِ فَيَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا وَارِثُ فُلَانٍ وَذَلِكَ يَئُولُ إلَى النَّسَبِ وَالْوَلَاءِ، وَتَجُوزُ فِي الْوِلَادَةِ، وَمِمَّا يَنْبَنِي عَلَيْهَا أَيْضًا أَنْ تَصِيرَ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ، وَالْخُرُوجُ مِنْ الْعِدَّةِ وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَتَجُوزُ فِي الْإِسْلَامِ وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ أَنْ تَرِثَهُ وَرَثَتُهُ الْمُسْلِمُونَ دُونَ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ، وَفِي الرَّدِّ فَمِيرَاثُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ وَفِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ وَيَنْبَنِي عَلَيْهِمَا قَبُولُ شَهَادَةِ مَنْ عُدِّلَ، وَعَدَمُ قَبُولِهَا مِمَّنْ جُرِحَ، وَتَجُوزُ فِي الْوَلَاءِ وَإِنَّ فُلَانًا مُعْتَقٌ لِفُلَانٍ أَوْ مُعْتَقٌ لِأَبِيهِ أَوْ جَدِّهِ فَيَرِثُهُ بِذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَاصِبٌ مِنْ نَسَبِهِ، وَتَجُوزُ فِي الرُّشْدِ وَالسَّفَهِ، وَمِمَّا يَنْبَنِي عَلَيْهِمَا إمْضَاءُ تَصَرُّفَاتِ الرَّشِيدِ وَرَدِّ تَصَرُّفَاتِ الْمَحْجُورِ عَلَى تَفْصِيلٍ مَذْكُورٍ فِي مَحَلِّهِ، وَتَجُوزُ فِي الْوَصِيَّةِ فَتَثْبُتُ بِشَهَادَةِ السَّمَاعِ.

(قَالَ شَيْخُ شُيُوخِنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْمَنْجُورِ رحمه الله فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ الْمُنْتَخَبِ) : وَالْمَفْهُومُ مِنْ الْوَصِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ يَعْنِي: سَيِّدِي عَلِيًّا الزَّقَّاقَ إنَّمَا هِيَ الْوَصِيَّةُ بِالْمَالِ، (قَالَ شَيْخُ شُيُوخِنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ غَازِيٍّ) : وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِالْوَصِيَّةِ بِالْمَالِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَالْقَرَافِيُّ وَالْغِرْنَاطِيُّ لَفْظَ الْوَصِيَّةِ غَيْرَ مُفَسَّرٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ قَصَدُوا مَا فِي الْكَافِي مِنْ الْإِيصَاءِ بِالنَّظَرِ، وَبِذَلِكَ فَسَّرَ صَاحِبُ التَّوْضِيحِ الْوَصِيَّةَ فِي النَّظْمِ الَّذِي فِي أَوَّلِهِ

يَا سَائِلِي عَمَّا يُنَفَّذُ حُكْمُهُ

، وَتَجُوزُ أَيْضًا فِي ثُبُوتِ الْمِلْكِ لِحَائِزِهِ وَلَا تَنْفَعُ لِغَيْرِ الْحَائِزِ لِضَعْفِهَا، وَلِذَلِكَ قَالَ النَّاظِمُ: الْمِلْكِ بِيَدِ وَأَمَّا قَوْلُهُ

يُقَامُ فِيهِ بَعْدَ طُولِ الْمَدَدِ

وَقَوْلُهُ وَحَبْسٍ جَازَ إلَخْ فَيَأْتِي بَعْضُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ قَرِيبًا - إنْ شَاءَ اللَّهُ -، وَتَجُوزُ فِي الْحَبْسِ الْقَدِيمِ وَلِذَلِكَ قَالَ: جَازَ مِنْ السِّنِينَ إلَخْ. (التَّوْضِيحُ) وَلَا تُفِيدُ شَهَادَةُ السَّمَاعِ فِي الْحَبْسِ إلَّا مَعَ الْقَطْعِ عَلَى الْمَعْرِفَةِ أَنَّهُ مُحْتَرَمٌ بِحُرْمَةِ الْأَحْبَاسِ. اهـ وَتَجُوزُ أَيْضًا فِي عَزْلِ حَاكِمٍ أَوْ تَوْلِيَتِهِ، وَيَنْبَنِي عَلَى تَوْلِيَتِهِ نُفُوذُ حُكْمِهِ، وَعَلَى عَزْلِهِ عَدَمُ نُفُوذِهِ، وَتَجُوزُ أَيْضًا فِي إثْبَاتِ ضَرَرِ الزَّوْجَيْنِ وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ التَّطْلِيقُ بِالضَّرَرِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَنْبَنِي عَلَى هَذِهِ الْأُمُورِ.

(تَتْمِيمٌ) قَالَ فِي الْبَابِ الثَّانِي وَالثَّلَاثِينَ مِنْ التَّبْصِرَةِ فِي الْقَضَاءِ بِشَهَادَةِ السَّمَاعِ (قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ) : شَهَادَةُ السَّمَاعِ لَهَا ثَلَاثُ مَرَاتِبَ الْمَرْتَبَةُ الْأُولَى: تَقْيِيدُ الْعِلْمِ وَهِيَ الْمُعَبَّرُ عَنْهَا بِالتَّوَاتُرِ كَالسَّمَاعِ بِأَنَّ مَكَّةَ مَوْجُودَةٌ وَمِصْرَ وَنَحْوَ ذَلِكَ فَهَذِهِ إذَا حَصَلَتْ كَانَتْ بِمَنْزِلَةِ الشَّهَادَةِ بِالرُّؤْيَةِ، وَغَيْرِهَا مِمَّا يُفِيدُ الْعِلْمَ، الْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ: شَهَادَةُ الِاسْتِفَاضَةِ وَهِيَ تُفِيدُ ظَنًّا قَوِيًّا يَقْرُبُ مِنْ الْقَطْعِ وَتَرْتَفِعُ عَنْ شَهَادَةِ السَّمَاعِ مِثْلَ: أَنْ يَشْهَدَ أَنَّ نَافِعًا مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَأَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ هُوَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَيَجُوزُ الِاسْتِنَادُ إلَيْهَا، وَمِنْهَا إذَا رُئِيَ الْهِلَالُ رُؤْيَةً مُسْتَفِيضَةً، وَرَآهُ الْجَمُّ الْغَفِيرُ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ وَشَاعَ أَمْرُهُ فِيهِمْ لَزِمَهُمْ الصَّوْمُ أَوْ الْفِطْرُ مَنْ رَآهُ وَمَنْ لَمْ يَرَهُ، وَحُكْمُهُ حُكْمُ الْخَبَرِ الْمُسْتَفِيضِ لَا يَحْتَاجُ إلَى شَهَادَةٍ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَلَا تَعْدِيلٍ قَالَهُ الطُّرْطُوشِيُّ وَمِنْهَا اسْتِفَاضَةُ التَّعْدِيلِ وَالتَّجْرِيحِ وَمَا يَسْتَفِيضُ عِنْدَ الْحَاكِمِ مِنْ ذَلِكَ.

(قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ) : مِنْ النَّاسِ مَنْ لَا يَحْتَاجُ أَنْ يَسْأَلَ عَنْهُ الْحَاكِمُ لِإِشْهَارِ عَدَالَتِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَسْأَلُ عَنْهُ لِاشْتِهَارِ جُرْحَتِهِ وَإِنَّمَا يُكْشَفُ عَمَّا يُشْكِلُ وَمِنْهَا الْقَسَامَةُ بِالسَّمَاعِ بِالِاسْتِفَاضَةِ، (قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ) : مِثْلُ أَنْ يَعْدُوَ رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ فِي سُوقٍ مِثْلِ سُوقِ الْأَحَدِ وَمَا أَشْبَهَهُ فِي كَثْرَةِ النَّاسِ فَقَطَعَ كُلُّ مَنْ حَضَرَ عَلَيْهِ بِالشَّهَادَةِ، فَرَأَى مَنْ ارْتَضَى مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ ذَلِكَ إنْ كَثُرَ هَكَذَا وَتَظَاهَرَ بِمَنْزِلَةِ اللَّوْثِ تَكُونُ فِيهِ الْقَسَامَةُ مِنْ مُعِينِ الْحُكَّامِ. الْمَرْتَبَةُ الثَّالِثَةُ: شَهَادَةُ السَّمَاعِ وَهِيَ الَّتِي يَقْصِدُ

ص: 86

الْفُقَهَاءُ الْكَلَامَ عَلَيْهِ، وَيَتَعَلَّقُ النَّظَرُ بِصِفَاتِهَا وَشُرُوطِهَا، وَمَحِلِّهَا. فَأَمَّا صِفَاتُهَا بِأَنْ يَقُولُوا: سَمِعْنَا سَمَاعًا فَاشِيًا مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ وَغَيْرِهِمْ (وَفِي مُفِيدِ الْحُكَّامِ) ، وَتَفْسِيرُ شَهَادَةِ السَّمَاعِ أَنْ يَشْهَدَ شَاهِدَانِ، أَوْ أَرْبَعَةٌ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا يَسْمَعُونَ أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ صَدَقَةٌ عَلَى بَنِي فُلَانٍ، وَأَنَّ فُلَانًا مَوْلَى فُلَانٍ قَدْ تَوَاطَأَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ، وَكَثُرَ سَمَاعُهُمْ وَفَشَا حَتَّى لَا يَدْرُونَ وَلَا يُحِيطُونَ مِمَّا سَمِعُوهُ مِنْ كَثْرَةِ مَا سَمِعُوا بِهِ مِنْ النَّاسِ مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ وَغَيْرِهِمْ، وَلَا يَكُونُ السَّمَاعُ أَنْ يَقُولُوا: سَمِعْنَا مِنْ أَقْوَامٍ بِأَعْيَانِهِمْ يُسَمُّونَهُمْ أَوْ يَعْرِفُونَهُمْ إذْ لَيْسَتْ حِينَئِذٍ شَهَادَةً بَلْ هِيَ شَهَادَةٌ عَلَى شَهَادَةِ السَّمَاعِ اهـ. وَأَمَّا شُرُوطُهَا فَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي الْبَيْتَيْنِ بَعْدُ، وَأَمَّا مَحَلُّهَا فَقَدْ عَدَّ النَّاظِمُ جُمْلَةً صَالِحَةً وَزَادَ غَيْرُهُ مَسَائِلَ أُخَرَ اُنْظُرْ شِفَاءَ الْغَلِيلِ لِابْنِ غَازِيٍّ.

(تَنْبِيهٌ) قَوْلُهُ:

وَفِي تَمَلُّكِ لِمِلْكٍ بِيَدِ

الْبَيْتَيْنِ (قَالَ فِي التَّوْضِيحِ) قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: إنَّمَا يَشْهَدُ بِالْمِلْكِ إذَا طَالَتْ الْحِيَازَةُ وَكَانَ يَتَصَرَّفُ فِيهِ تَصَرُّفَ الْمَالِكِ فِي الْهَدْمِ وَنَحْوِهِ، وَلَا يُنَازِعُهُ أَحَدٌ وَلَا يُكْتَفَى بِشَهَادَتِهِمْ أَنَّهُ يَحُوزُهَا حَتَّى يَقُولُوا: إنَّهُ يَحُوزُهَا لِحَقِّهِ وَإِنَّهَا لَهُ مِلْكٌ، وَأَمَّا مَنْ يَشْتَرِي شَيْئًا مِنْ سُوقِ الْمُسْلِمِينَ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُشْهَدَ لَهُ بِالْمِلْكِ لِأَنَّهُ قَدْ يَشْتَرِي مِنْ غَيْرِ مَالِكٍ (الْمَازِرِيُّ) وَالْمِلْكُ لَا يَكَادُ يُقْطَعُ بِهِ وَقَالَ فِي مُخْتَصَرِهِ: وَجَازَتْ بِسَمَاعٍ فَشَا عَنْ ثِقَاتٍ وَغَيْرِهِمْ بِمِلْكٍ لِحَائِزٍ مُتَصَرِّفٍ طَوِيلًا.

(وَفِي التَّبْصِرَةِ) إذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِالسَّمَاعِ أَنَّهُ حُبْسٌ عَلَى الْحَائِزِينَ لَهُ وَهُوَ تَحْتَ أَيْدِيهِمْ، أَوْ يَكُونُ لَا يَدَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ فَتَشْهَدُ بَيِّنَةٌ بِالسَّمَاعِ أَنَّهُ حُبِسَ عَلَى بَنِي فُلَانٍ، أَوْ لِلَّهِ تَعَالَى مَا بَقِيَتْ الدُّنْيَا فَهَذَا الَّذِي تَصِحُّ فِيهِ شَهَادَةُ السَّمَاعِ إذَا تَطَاوَلَ الزَّمَانُ. (وَفِي الْمَوَّاقِ مَا نَصُّهُ) تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى السَّمَاعِ فِي الْأَحْبَاسِ جَائِزَةٌ بِطُولِ زَمَانِهَا. اهـ (وَفِي حَاشِيَةِ) شَيْخِنَا سَيِّدِي أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ عَاشِرٍ رحمه الله عَلَى الْمُخْتَصَرِ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ هَذَا الشَّرْطُ عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ خَاصٌّ بِغَيْرِ الْمَوْتِ، وَأَمَّا بِالْبُعْدِ فَيُشْتَرَطُ عَدَمُ طُولِ الزَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ مَعَ الطُّولِ تُمْكِنُ الشَّهَادَةُ فِيهِ عَلَى الْقَطْعِ، وَشَهَادَةُ السَّمَاعِ يُشْتَرَطُ فِيهَا كَوْنُ الْمَشْهُودِ بِهِ بِحَيْثُ لَا يُدْرَكُ بِالْقَطْعِ، قِفْ عَلَى ابْنِ غَازٍ وَفِي ابْنِ عَرَفَةَ مَا هُوَ صَرِيحٌ أَوْ كَالصَّرِيحِ فِي اخْتِصَاصِ شَرْطِ الطُّولِ بِالْأَحْبَاسِ وَالْأَشْرِيَةِ. اهـ وَهَذَا الَّذِي نَسَبَ إلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ هُوَ ظَاهِرُ النَّظْمِ، وَفِي الْحَاشِيَةِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّ شَرْطَ طُولِ الزَّمَانِ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ كَالْحَيْضِ وَالْحَمْلِ مُشْكِلٌ. اهـ.

وَشَرْطُهَا اسْتِفَاضَةٌ بِحَيْثُ لَا

يَحْضُرُ مَنْ عَنْهُ السَّمَاعُ نُقِلَا

مَعَ السَّلَامَةِ مِنْ ارْتِيَابِ

يُفْضِي إلَى تَغْلِيطٍ أَوْ إكْذَابِ

وَيُكْتَفَى فِيهَا بِعَدْلَيْنِ عَلَى

مَا تَابَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ الْعَمَلَا

يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ شَهَادَةِ السَّمَاعِ شَرْطَانِ أَحَدُهُمَا: الِاسْتِفَاضَةُ وَالثَّانِي: السَّلَامَةُ مِنْ الرِّيبَةِ الْمُؤَدِّيَةِ إلَى تَغْلِيطِ الشَّاهِدِ أَوْ تَكْذِيبِهِ، فَالِاسْتِفَاضَةُ هِيَ أَنْ يَكُونَ الْمَنْقُولُ عَنْهُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَلَا مَحْصُورٍ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: بِحَيْثُ لَا يَحْضُرُ إلَخْ (قَالَ الْبَاجِيُّ) وَشَرْطُ شَهَادَةِ السَّمَاعِ أَنْ يَقُولُوا: سَمِعْنَا سَمَاعًا فَاشِيًا مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ وَغَيْرِهِمْ، وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَقَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ: قَالَا وَلَا يُسَمُّوا مَنْ سَمِعُوا مِنْهُ فَإِنْ سَمَّوْا خَرَجَتْ مِنْ شَهَادَةِ السَّمَاعِ إلَى الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ، وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغُ.

وَأَمَّا السَّلَامَةُ مِنْ الرِّيبَةِ بِغَلَطِ الشَّاهِدِ أَوْ كَذِبِهِ فَيُحْتَرَزُ بِذَلِكَ مِنْ وُجُودِ الرِّيبَةِ، وَمِثَالُهَا مَا حَكَاهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي النَّوَادِرِ عَنْ الْمَجْمُوعَةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ إذَا شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى السَّمَاعِ وَفِي الْقَبِيلِ مِائَةٌ مِنْ أَسْنَانِهِمَا لَا يَعْرِفُونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا إلَّا بِأَمْرٍ يَفْشُو وَيَكُونُ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ اثْنَيْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَا شَيْخَيْنِ كَبِيرَيْنِ قَدْ بَادَ جِيلُهُمَا، فَتَجُوزُ شَهَادَتُهُمَا، وَنَقَلَ الشَّارِحُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّاطِبِيِّ شَرْطًا لَنَا وَهُوَ: أَنْ يَكُونَ فِيمَا تَقَادَمَ عَهْدُهُ وَطَالَ زَمَانُهُ فَإِنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمْ يُفْتَقَرْ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ قَصْدَ الزَّمَانِ مَظِنَّةٌ لِوُجُودِ شَهَادَةِ الْقَطْعِ، إلَّا أَنْ لَا يُمْكِنَ فِي الْعَادَةِ

ص: 87

شَهَادَةُ الْقَطْعِ كَمَا فِي الضَّرَرِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ قَالَ: وَالتَّحْقِيقُ فِي الطُّولِ الِاسْتِنَادُ إلَى الْعُرْفِ، (قُلْت) : وَتَقَدَّمَ قَبْلَ هَذِهِ الْأَبْيَاتِ مُتَّصِلًا بِهَا بَعْضُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا الشَّرْطِ. وَرَابِعًا وَهُوَ كَثْرَةُ عَدَدِ الشُّهُودِ فَلَا يُقْتَصَرُ عَلَى رَجُلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُوجَدْ إلَّا رَجُلَانِ دَلَّ عَلَى عَدَمِ الِانْتِشَارِ، لَكِنْ لَوْ كَانَا مِنْ الْكِبَرِ بِحَيْثُ بَادَ جِيلُهُمَا لَزَالَتْ الرِّيبَةُ وَالْعَمَلُ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِعَدْلَيْنِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: وَيُكْتَفَى فِيهَا إلَخْ. وَخَامِسًا: وَهُوَ الْعَدَالَةُ فِي هَؤُلَاءِ النَّاقِلِينَ فَلَا تَكْفِي الْكَثْرَةُ مَا لَمْ تَبْلُغْ مَبْلَغَ التَّوَاتُرِ بِخِلَافِ مَنْ يُنْقَلُ عَنْهُمْ، فَإِنَّ الِانْتِشَارَ كَافٍ لِشَهَادَةِ الْعَادَةِ بِالصِّدْقِ فِي مِثْلِهِ.

وَسَادِسًا: وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَشْهُودُ فِيهِ مِنْ شَأْنِهِ الِاشْتِهَارُ، وَأَنْ لَا يَخْتَصَّ بِمَعْرِفَةِ بَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ كَمَا فِي الْأَنْسَابِ، وَالْأَحْبَاسِ الْعَامَّةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْحَبْسِ الْخَاصِّ لِمُعَيَّنٍ فَإِنَّهُ قَدْ لَا يَشْتَهِرُ اشْتِهَارَ الْحَبْسِ الْعَامِّ، وَلَا بُدَّ فِي نَصِّ الشَّهَادَةِ مِنْ لَفْظِ الِانْتِشَارِ، أَوْ مَا يُفْهِمُ ذَلِكَ الْمَعْنَى. وَسَابِعًا: وَهُوَ كَوْنُ الِاشْتِهَارِ فِي مَوْضِعِ الشَّيْءِ الْمَشْهُودِ بِهِ، وَزَادَ فِي التَّبْصِرَةِ. ثَامِنًا: وَهُوَ كَوْنُ الشَّيْءِ الْمَشْهُودِ بِهِ تَحْتَ يَدِ الْمَشْهُودِ لَهُ، إنَّمَا تَنْفَعُ لِمَنْ الشَّيْءُ فِي يَدِهِ.

(قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ) : لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ السَّمَاعِ لِمُدَّعِي دَارٍ بِيَدِ غَيْرِهِ وَقَدْ حَازَهَا، وَإِنَّمَا تَجُوزُ لِمَنْ الدَّارُ فِي يَدِهِ. وَتَاسِعًا: وَهُوَ أَنْ يَحْلِفَ الْمَشْهُودُ لَهُ (قَالَ ابْنُ مُحَرِّزٍ) : لَا يُقْضَى لِأَحَدٍ بِشَهَادَةِ السَّمَاعِ إلَّا بَعْدَ يَمِينِهِ؛ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ السَّمَاعُ مِنْ شَاهِدٍ وَاحِدٍ، وَالشَّاهِدُ الْوَاحِدُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ الْيَمِينِ. وَعَاشِرًا: وَهُوَ أَنْ لَا يُسَمُّوا الْمَسْمُوعَ مِنْهُمْ، وَإِلَّا كَانَ نَقْلَ شَهَادَةٍ فَلَا تُقْبَلُ إذَا كَانَ الْمَقْبُولُ عَنْهُمْ غَيْرَ عُدُولٍ (قُلْت) : وَهَذَا الشَّرْطُ بِعَيْنِهِ هُوَ الَّذِي عَنَى النَّاظِمُ بِالِاسْتِفَاضَةِ وَقَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ: شَهَادَةُ السَّمَاعِ إذَا كَانَ يُنْتَزَعُ بِهَا فَلَا تَجُوزُ إلَّا عَلَى السَّمَاعِ مِنْ الْعُدُولِ، وَإِنْ كَانَتْ لِيُقِرَّ بِهَا فِي يَدِ حَائِزِهَا فَهَذِهِ يُخْتَلَفُ فِي اشْتِرَاطِ الْعَدَالَةِ فِيهَا.

(تَنْبِيهٌ) مَا تَقَدَّمَ مِنْ حَلِفِ الْمَشْهُودِ لَهُ بِالسَّمَاعِ هُوَ خَاصٌّ بِالدَّعْوَى الَّتِي يَقْطَعُ الْقَائِمُ بِهَا لَا فِي مِثْلِ دَعْوَى مَوْتِ مَوْرُوثِهِ فِيمَا بَعُدَ مِنْ الْبِلَادِ فَإِنَّ الْيَمِينَ هُنَا تُضَعَّفُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يَحْلِفُ إلَّا فِيمَا يَعْلَمُهُ الْحَالِفُ عِلْمًا يَقِينِيًّا مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ الشَّاهِدِ. وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ إذَا تَحَقَّقَ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ الشَّاهِدِ فَيُنْظَرُ فِي إمْكَانِ تَحَقُّقِ ذَلِكَ هُنَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ. اهـ مِنْ الشَّارِحِ (قَالَ مُقَيِّدُ هَذَا الشَّرْحِ) : وَقَدْ كُنْت جَمَعْت الشُّرُوطَ الْمَذْكُورَةَ فِي أَبْيَاتٍ فَقُلْت

شَهَادَةُ السَّمَاعِ فِيمَا عَدَّدُوا

عَامِلَةٌ مَعَ حَلِفٍ وَقَيَّدُوا

حَلِفَهُ بِكَوْنِ مَا ادَّعَاهُ

مُحَقَّقًا عِنْدَهُ لَا امْتَرَاهُ

كَذَا عَدَالَةٌ يَلِي طُولَ الْمَدَا

وَالِانْتِشَارُ مَعَ لَفْظِهِ بَدَا

مَعَ كَوْنِ مَشْهُودٍ بِهِ مِمَّا يُرَى

أَنْ يَسْتَفِيضَ وَيَشِيعَ فِي الْوَرَى

وَكَثْرَةُ الشُّهُودِ ثُمَّ الِانْتِشَارْ

مُعْتَبَرٌ لَدَى مَحَلِّ الِاضْطِرَارْ

وَلَا بِهَا يُزَالُ مَا يَدٌ شَمِلْ

وَنَفْيُ تَعْيِينٍ لِمَنْ عَنْهُ نُقِلْ

وَذُو اسْتِفَاضَةٍ كَذَا السَّلَامَهْ

مِنْ رِيبَةٍ فَاحْفَظْ وَلَا مَلَامَهْ

قَالَ النَّاظِمُ رحمه الله.

ص: 88