المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في عيوب الزوجين وما يردان به منها] - شرح ميارة = الإتقان والإحكام في شرح تحفة الحكام - جـ ١

[ميارة]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَةُ الْكِتَابِ]

- ‌[بَابُ الْقَضَاءِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَعْرِفَةِ أَرْكَانِ الْقَضَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي رَفْعِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَمَا يُلْحَقُ بِذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مِنْ الْقَضَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمَقَالِ وَالْجَوَابِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْآجَالِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِعْذَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خِطَابِ الْقُضَاةِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ]

- ‌[بَابُ الشُّهُودِ وَأَنْوَاعِ الشَّهَادَاتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ مَسَائِلُ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ مِمَّا يَتَكَرَّرُ وُقُوعُهُ غَالِبًا]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَنْوَاعِ الشَّهَادَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ الشَّهَادَةُ الَّتِي تُوجِبُ الْحَقَّ مَعَ الْيَمِينِ]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ أَقْسَامِ الشَّهَادَةِ وَهِيَ الَّتِي تُوجِبُ الْحَقَّ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَا يُوجِبُ الْيَمِينَ لَا عَلَى الطَّالِبِ بَلْ عَلَى الْمَطْلُوبِ]

- ‌[فَصْلٌ الشَّهَادَةُ الَّتِي لَا عَمَلَ لَهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مِنْ الشَّهَادَةِ]

- ‌[بَابُ الْيَمِينِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[بَابُ الرَّهْنِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَرَاهِنَيْنِ]

- ‌[بَابُ الضَّمَانِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[بَابُ الْوَكَالَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَدَاعِي الْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلِ]

- ‌[بَابُ الصُّلْحِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ وَلِلْأَبِ الصُّلْحُ عَلَى الْمَحْجُورِ]

- ‌[بَابُ النِّكَاحِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَوْلِيَاءِ وَمَا يَتَرَتَّبُ فِي الْوِلَايَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَنْ لَهُ الْإِجْبَارُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ فَاسِدِ النِّكَاحِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مِنْ النِّكَاحِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَدَاعِي الزَّوْجَيْنِ وَمَا يَلْحَقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْقَبْضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُهْدِيهِ الزَّوْجُ ثُمَّ يَقَعُ الطَّلَاقُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الشُّوَارِ الْمُورَدِ بَيْتَ الْبِنَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي إثْبَاتِ الضَّرَرِ وَالْقِيَامِ بِهِ وَبَعْثِ الْحَكَمَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الرَّضَاعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي عُيُوبِ الزَّوْجَيْنِ وَمَا يُرَدَّانِ بِهِ مِنْهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اللِّعَانِ]

- ‌[بَابُ الطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ الْخُلْع]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَيْمَانِ اللَّازِمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّدَاعِي فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا ثُمَّ أَرَادَ الْعَوْدَ لِلزَّوْجِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الرَّجْعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْفَسْخِ]

- ‌[بَابُ النَّفَقَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّدَاعِي فِي النَّفَقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَجِبُ لِلْمُطَلَّقَاتِ وَغَيْرِهِنَّ مِنْ النَّفَقَةِ وَمَا يُلْحَقُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الطَّلَاقِ بِالْإِعْسَارِ بِالنَّفَقَةِ وَمَا يُلْحَقُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْمَفْقُودِينَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَضَانَةِ]

- ‌[بَابٌ فِي الْبُيُوعِ وَمَا شَاكَلَهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْأُصُولِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْعُرُوضِ مِنْ الثِّيَابِ وَسَائِرِ السِّلَعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الطَّعَامِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ النَّقْدَيْنِ وَالْحُلِيِّ وَشِبْهِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الثِّمَارِ وَمَا يُلْحَقُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجَائِحَةِ فِي الثِّمَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الرَّقِيقِ وَسَائِرِ الْحَيَوَانِ]

- ‌[فَصْلٌ كِلَابَ الْمَاشِيَةِ يَجُوزُ بَيْعُهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الدَّيْنِ وَالْمُقَاصَّةِ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَوَالَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ وَالثُّنْيَا]

الفصل: ‌[فصل في عيوب الزوجين وما يردان به منها]

مُضَافٍ وَالْخَبَرُ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ بَعْدَهُ وَالْإِشَارَةُ بِذَا إلَى شَهَادَةِ الْمَرْأَتَيْنِ أَيْ وَشَهَادَةُ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ كَهَذِهِ الشَّهَادَةِ أَعْنِي شَهَادَةَ الْمَرْأَتَيْنِ فِي أَنَّ النِّكَاحَ يُفْسَخُ بِهَا مَعَ الْقَيْدِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ كَوْنُ الرَّضَاعِ فَاشِيًّا شَائِعًا قَبْلَ عَقْدِ النِّكَاحِ فَالتَّشْبِيهُ فِي الْفَسْخِ وَالْفَشْوِ، ثُمَّ أَشَارَ إلَى أَنَّ فَسْخَهُ بِشَهَادَةِ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ بِذَلِكَ خِلَافًا يَعْنِي مَعَ الْفَشْوِ أَيْضًا وَذَلِكَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ إذَا اُشْتُرِطَ فِي صِحَّةِ شَهَادَةِ الْمَرْأَتَيْنِ وَفِي شَهَادَةِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فَأَحْرَى أَنْ يُشْتَرَطَ فِي شَهَادَةِ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ وَفُهِمَ مِنْ فَسْخِ النِّكَاحِ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ أَنَّ الرَّضَاعَ يَثْبُتُ بِهَا إذْ لَوْلَا ثُبُوتُهُ مَا فُسِخَ النِّكَاحُ (ابْنُ الْحَاجِبِ) وَيَثْبُتُ الرَّضَاعُ بِشَاهِدَيْنِ وَبِامْرَأَتَيْنِ إنْ كَانَ فَاشِيًا مِنْ قَوْلِهِمَا قَبْلَ الْعَقْدِ وَإِلَّا لَمْ يَثْبُتْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَالرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ مِثْلُهُمَا (التَّوْضِيح) أَيْ يُشْتَرَطُ الْفَشْوُ عَلَى الْمَشْهُورِ.

وَاخْتَلَفَ الشُّيُوخُ هَلْ تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ مَعَ الْفَشْوِ أَوْ إنَّمَا تُشْتَرَطُ مَعَ عَدَمِ الْفَشْوِ عَلَى مَذْهَبَيْنِ وَإِلَى الثَّانِي ذَهَبَ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَالْأَوَّلُ مُقْتَضَى كَلَامِ اللَّخْمِيِّ (ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ) وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ (ابْنُ الْحَاجِبِ) وَفِي الْوَاحِدَةِ فَاشِيًا مِنْ قَوْلِهَا قَوْلَانِ (التَّوْضِيحُ) الْمَشْهُورُ عَدَمُ الْقَبُولِ وَيُسْتَحَبُّ التَّنَزُّهُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَفِي الشَّارِحِ عَنْ الْعُتْبِيَّةِ وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ نَافِعٍ وَسَحْنُونٌ تَجُوزُ شَهَادَةُ الْمَرْأَتَيْنِ فِي ذَلِكَ وَالرَّجُلُ وَالْمَرْأَةِ وَإِنْ لَمْ يَفْشُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمَا فَشَهَادَةُ الْمَرْأَتَيْنِ مَعَ الْفَشْوِ تَجُوزُ بِاتِّفَاقٍ وَشَهَادَةُ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ دُونَ فَشْوٍ لَا تَجُوزُ بِاتِّفَاقٍ وَيُخْتَلَفُ فِي شَهَادَةِ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ مَعَ الْفَشْوِ وَفِي شَهَادَةِ الْمَرْأَتَيْنِ دُون فَشْوٍ وَمَنْ يَشْتَرِطُ الْفَشْوَ فِي شَهَادَتِهِمَا لَا يَشْتَرِطُ الْعَدَالَةَ وَمَنْ لَا يَشْتَرِطُ الْفَشْوَ يَشْتَرِطُ الْعَدَالَةَ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ عَلَى هَذَا فِي رَسْمٍ جَاعَ فَبَاعَ امْرَأَتَهُ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ اهـ.

فَقَوْلُهُ بِصِحَّةِ الْإِرْضَاعِ يَتَعَلَّقُ بِشَاهِدَيْنِ وَبِاثْنَتَيْنِ عَطْفٌ عَلَى بِالْعَدْلَيْنِ وَجُمْلَةُ قَدْ فَشَا خَبَرُ كَانَ وَمِنْ قَبْلِ عَقْدٍ يَتَعَلَّقُ بِفَشَا وَقَوْلُهُ وَفِي الْأُولَى اُقْتُفِيَ أَيْ اُقْتُفِيَ الْفَسْخُ فِي الْقَوْلِ الْأَوْلَى أَيْ الْأَحَقِّ بِسُكُونِ الْوَاوِ مِنْ الْأَوْلَوِيَّةِ

[فَصْلٌ فِي عُيُوبِ الزَّوْجَيْنِ وَمَا يُرَدَّانِ بِهِ مِنْهَا]

عَطَفَ مَا يُرَدَّانِ بِهِ عَلَى عُيُوبِ مِنْ عَطْفِ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ إذْ كُلُّ مَا يُرَدَّانِ بِهِ عَيْبٌ وَلَيْسَ كُلُّ عَيْبٍ يَرُدَّانِ بِهِ وَضَمِيرُ مِنْهَا لِلْعُيُوبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

مِنْ الْجُنُونِ وَالْجُذَامِ وَالْبَرَص

وَالدَّاءِ فِي الْفَرْجِ الْخِيَارُ يُقْتَنَص

بَعْدَ ثُبُوتِ الْعَيْبِ أَوْ إقْرَارِ

بِهِ وَرَفْعِ الْأَمْرِ فِي الْمُخْتَارِ

يَعْنِي أَنَّ الْعُيُوبَ الَّتِي تُوجِبُ الْخِيَارَ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ فِي الْآخَرِ أَرْبَعَةٌ الْجُنُونُ وَالْجُذَامُ وَدَاءُ الْفَرْجِ وَالْبَرَصُ وَدَاءٌ الْفَرْجِ يَخْتَلِفُ بِاعْتِبَارِ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ كَمَا يَأْتِي وَإِنَّمَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلسَّالِمِ مِنْ الزَّوْجَيْنِ فِي الْآخَرِ الَّذِي بِهِ الْعَيْبُ بَعْدَ ثُبُوتِ الْعَيْبِ إمَّا بِشَهَادَةِ أَهْلِ الْبَصَرِ وَالْمَعْرِفَةِ بِذَلِكَ وَإِمَّا بِإِقْرَارِ الْمَعِيبِ بِعَيْبِهِ وَبَعْدَ الرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ عَلَى الْقَوْلِ الْمُخْتَارِ فِي ذَلِكَ (ابْنُ الْحَاجِبِ)

وَلِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ الْخِيَارُ بِالْعَيْبِ وَالْغَرُورِ لِلْمَرْأَةِ الْخِيَارُ بِالْعِتْقِ (التَّوْضِيحُ) يَعْنِي أَنَّ لِلْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَسْبَابٍ اثْنَانِ يَسْتَوِي فِيهِمَا الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ وَهُمَا الْعَيْبُ وَالْغَرُورُ بِالْحُرِّيَّةِ وَالثَّالِثُ خَاصٌّ بِالْمَرْأَةِ وَهُوَ الْعِتْقُ إذَا كَانَ زَوْجُهَا عَبْدًا يَعْنِي، ثُمَّ عَتَقَتْ (، ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ) وَالْعَيْبُ الْجُنُونُ وَالْجُذَامُ وَالْبَرَصُ وَدَاءٌ الْفَرْجِ مَا لَمْ يَرْضَ بِقَوْلٍ، أَوْ تَلَذُّذٍ أَوْ تَمْكِينٍ، أَوْ سَبْقِ عِلْمٍ بِالْعَيْبِ (التَّوْضِيح)

ص: 199

وَقَوْلُهُ مَا لَمْ يَرْضَ رَاجِعٌ إلَى غَيْرِ مَذْكُورٍ وَهُوَ لَازِمُ الْعَيْبِ الَّذِي هُوَ وُجُوبُ الْخِيَارِ وَلَا يَرْجِعُ لِلْعَيْبِ لِأَنَّهُ وَإِنْ حَصَلَ الرِّضَا فَهُوَ عَيْبٌ وَفَاعِلُ يَرْضَ ضَمِيرٌ عَائِدٌ عَلَى أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ كَذَلِكَ قَوْلُهُ، أَوْ سَبْقِ عِلْمٍ يُرِيدُ مِنْ أَحَدِهِمَا بِعَيْبِ الْآخَرِ وَهُوَ ظَاهِرٌ. اهـ

(الْمُتَيْطِيُّ) فَإِذَا رَفَعَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا إلَى الْإِمَامِ وَأَحَبَّتْ فِرَاقَهُ وَقَرَّرَتْهُ عَلَى عَيْبِهِ فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ وَإِلَّا أَثْبَتَتْ ذَلِكَ عِنْدَهُ وَيُعْرَفُ الْجُذَامُ وَالْبَرَصُ بِأَنْ يُنْظَرَ إلَى جَسَدِهِ مَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي الْعَوْرَةِ فَيُصَدَّقُ فِيهِ.

(قَالَ بَعْضُ الْمُوَثَّقِينَ) وَحَكَى بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يَنْظُرُ الرِّجَالُ إلَيْهِ

لِلضَّرُورَةِ

كَمَا يُنْظَرُ النِّسَاءُ، وَأَمَّا الْحَصُورُ وَالْمَجْبُوبُ الْمَمْسُوحُ ذَكَرُهُ وَأُنْثَيَاهُ، أَوْ مَقْطُوعُهُمَا جَمِيعًا وَالْعِنِّينُ فِي قَوْلِ الْقَاضِي أَبِي مُحَمَّدٍ فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ يُخْتَبَرُ بِالْجَسِّ عَلَى الثَّوْبِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لِأَنَّ ذَلِكَ ظَاهِرٌ لَا يَخْفَى وَيُحْذَرُ مِنْ الْمُلَامَسَةِ (قَالَ الْمُتَيْطِيُّ) فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ بِإِقْرَارِهِ، أَوْ انْكَشَفَ عَلَيْهِ طَلَّقَ عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَلَا يُفَوِّضُ ذَلِكَ إلَيْهَا هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ اهـ وَالِاقْتِنَاصُ الِاصْطِيَادُ وَالْمُرَادُ هُنَا أَنَّ مِنْ هَذِهِ الْعُيُوبِ يَحْصُلُ الْخِيَارُ لِلسَّالِمِ مِنْهُمَا فَكَأَنَّ الْخِيَارَ وَحْشُ صَيْدٍ وَتُوُصِّلَ إلَيْهِ مِنْ هَذِهِ الْعُيُوبِ (تَنْبِيهٌ) بَقِيَ عَلَى النَّاظِمِ مِنْ الْعُيُوبِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَيَرُدُّ بِهِ كُلٌّ مِنْهُمَا الْعَذْيَطَةُ وَهُوَ حَدَثُ الْغَائِطِ عِنْدَ الْجِمَاعِ

وَدَاءُ فَرْجِ الزَّوْجِ بِالْقَضَاءِ

كَالْجَبِّ وَالْعُنَّةِ وَالْخِصَاءِ

وَذَاكَ لَا يُرْجَى لَهُ زَوَالٌ

فَلَيْسَ فِي الْحُكْمِ بِهِ إمْهَالٌ

شَرَعَ هُنَا فِي الْكَلَامِ عَلَى دَاءِ فَرْجِ الرَّجُلِ وَسَيَذْكُرُ دَاءَ فَرْجِ الْمَرْأَةِ فِي قَوْلِهِ

وَالرَّتْقُ دَاءُ الْفَرْجِ فِي النِّسَاءِ إلَخْ

وَأَخْبَرَ هُنَا أَنَّ دَاءَ فَرْجِ الرَّجُلِ إذَا كَانَ جَبًّا، أَوْ عُنَّةً، أَوْ خِصَاءَ فَإِنَّ الْحُكْمَ فِيهِ لَا يُمْهَلُ بَلْ إمَّا أَنْ تَرْضَى، أَوْ تُفَارِقَ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَا يُرْجَى زَوَالُهُ صَارَ الْإِمْهَالُ كَالْعَبَثِ (قَالَ فِي الْمُقَرِّبِ) قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ كُلُّ مَنْ ذَهَبَ ذَكَرُهُ قَبْلَ بِنَائِهِ بِامْرَأَتِهِ بِخِصَاءٍ، أَوْ بَلِيَّةٍ نَزَلَتْ بِهِ فُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ مَكَانَهُ وَلَمْ يُؤَجَّلْ لَهُ كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ

(وَفِي النَّوَادِرِ مِنْ الْوَاضِحَةِ) ، وَكَذَلِكَ يُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعِنِّينِ بِغَيْرِ أَجَلٍ إذَا أَقَرَّ بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ حَصُورٌ أَوْ مَجْبُوبٌ وَالْعِنِّينُ الَّذِي لَا يَنْتَشِرُ ذَكَرُهُ كَالْأُصْبُعِ فِي جَسَدِهِ لَا يَنْقَبِضُ وَلَا يَنْبَسِطُ وَالْحَصُورُ الَّذِي يُخْلَقُ بِغَيْرِ ذَكَرٍ، أَوْ بِذَكَرٍ صُغَارٍ كَالزِّرِّ وَشِبْهِهِ لَا يُمْكِنُ بِهِ وَطْءٌ فَهَذَانِ إنْ أَقَرَّا بِحَالِهِمَا فَطَلَبَتْ الزَّوْجَةُ الْفِرَاقَ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا بِطَلْقَةٍ، وَكَذَلِكَ الْمَجْبُوبُ وَلَا تَأْجِيلَ فِيهِمْ اهـ (ابْنُ الْحَاجِبِ) وَدَاءُ فَرْجِ الرَّجُلِ مَا يَمْنَعُ الْوَطْءَ كَالْجَبِّ وَالْخِصَاءِ وَالْعُنَّةِ وَالِاعْتِرَاضِ فَالْمَجْبُوبُ الْمَقْطُوعُ ذَكَرُهُ وَأُنْثَيَاهُ وَالْخَصِيُّ الْمَقْطُوعُ أَحَدُهُمَا وَإِنْ كَانَ قَائِمَ الذَّكَرِ وَالْعِنِّينُ ذُو ذَكَرٍ لَا يَتَأَتَّى بِهِ الْجِمَاعُ أَيْ لِصِغَرِهِ وَالْمُعْتَرِضُ بِصِفَةِ الْمُتَمَكِّنِ وَلَا يَقْدِرُ وَرُبَّمَا كَانَ بَعْدَ وَطْءٍ وَرُبَّمَا كَانَ فِي امْرَأَةٍ دُونَ أُخْرَى وَقَدْ يُفَسَّرُ الْعِنِّينُ بِالْمُعْتَرَضِ.

(التَّوْضِيحُ) وَيُقَالُ لِلْمُعْتَرَضِ الْمَرْبُوطُ وَيُقَالُ أَنَّ سَبَبَهُ السِّحْرُ وَقَوْلُهُ وَقَدْ يُفَسَّرُ الْعِنِّينُ بِالْمُعْتَرَضِ أَيْ وَقَدْ يُطْلِقُ الْأَصْحَابُ لَفْظَ الْعِنِّينِ وَيَكُونُ مُرَادُهُمْ بِهِ الْمُعْتَرِضَ اهـ بِاخْتِصَارٍ (ابْنِ الْحَاجِبِ)

ص: 200

فَفِي الْجَبِّ وَالْخِصَاءِ وَالْعُنَّةِ الْخِيَارُ وَقِيلَ إلَّا فِي الْقَائِمِ الذَّكَرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَقْطُوعَ الْحَشَفَةِ (التَّوْضِيحُ) وَهَلْ الْحَصُور مَنْ لَا ذَكَرَ لَهُ أَلْبَتَّةَ، أَوْ لَهُ ذَكَرٌ صَغِيرٍ فَيَرْجِعُ إلَى الْعِنِّينِ قَوْلَانِ وَقَدْ فَسَّرَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْحَصُورَ بِاَلَّذِي لَا يَنْزِلُ الْمَاءُ مِنْهُ وَقَتَادَةُ وَمُجَاهِدٌ بِاَلَّذِي لَا يَأْتِي النِّسَاءَ اهـ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى الْمُعْتَرَضِ قَرِيبًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَحَيْثُ عِيبَ الزَّوْجُ بِاعْتِرَاضِ

أَوْ بَرَصٍ وَقِيمَ عِنْدَ الْقَاضِي

أَجَّلَهُ إلَى تَمَامِ عَامِ

كَذَاك فِي الْجُنُونِ وَالْجُذَامِ

وَبَعْدَ ذَا يَحْكُمُ بِالطَّلَاقِ

إنْ عَدِمَ الْبُرْءَ عَلَى الْإِطْلَاقِ

وَالْعَبْدُ فِي الْأَصَحِّ كَالْأَحْرَارِ

وَقِيلَ بِالتَّشْطِيرِ كَالظِّهَارِ

يَعْنِي أَنَّهُ إذَا كَانَ عَيْبُ الزَّوْجِ مِمَّا يُرْجَى زَوَالُهُ وَيُطْمَعُ فِي بُرْئِهِ وَقَامَتْ الزَّوْجَةُ بِحَقِّهَا عِنْدَ الْقَاضِي، فَلَا يُطَلِّقُ عَلَيْهِ مِنْ حِينِهِ بَلْ يُؤَجِّلُ لَهُ سَنَةً وَذَلِكَ الِاعْتِرَاضُ وَالْبَرَصُ وَالْجُنُونُ وَالْجُذَامُ فَإِنْ بَرِئَ فِي السَّنَةِ، فَلَا إشْكَالَ

وَإِنْ تَمَّتْ وَلَمْ يَبْرَأْ فَالْخِيَارُ لِلزَّوْجَةِ فِي أَنْ تُقِيمَ مَعَهُ أَوْ تُفَارِقَهُ وَالتَّأْجِيلُ فِي ذَلِكَ بِالسَّنَةِ هُوَ لِلْحُرِّ وَاخْتُلِفَ فِي الْعَبْدِ فَقِيلَ كَالْحُرِّ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَقِيلَ يُؤَجَّلُ شَطْرَ السَّنَةِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، وَكَذَلِكَ هَذَا الْخِلَافُ فِي الْعَبْدِ يُظَاهِرُ مِنْ زَوْجَتِهِ وَيُمْنَعُ مِنْ التَّكْفِيرِ فَيَدْخُلُ عَلَيْهِ الْإِيلَاءُ فَقِيلَ يُؤَجَّلُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ كَالْحُرِّ وَقِيلَ بِالتَّشْطِيرِ فَيُؤَجَّلُ شَهْرَيْنِ فَقَطْ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ كَالظِّهَارِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَالَ فِي طُرَرِ ابْنِ عَاتٍ) الِاعْتِرَاضُ وَالْجُنُونُ وَالْجُذَامُ وَالْبَرَصُ لَا يُطَلَّقُ فِيهِ ابْتِدَاءً وَيُؤَجَّلُ مَنْ بِهِ هَذِهِ الْعُيُوبِ لِلْمُعَالَجَةِ مِنْهُ إذَا كَانَ يُطْمَعُ فِي إزَالَتِهِ عَنْهُ وَالْأَجَلُ فِي ذَلِكَ عَامٌ لِلْحُرِّ وَفِي الْعَبْدِ خِلَافٌ قِيلَ عَامٌ قِيلَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ مِثْلَهُ وَزَادَ بَعْدَ الْأَجَلِ لِلْحُرِّ وَسَوَاءٌ كَانَتْ زَوْجَتُهُ حُرَّةً، أَوْ أَمَةً وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْعَبْدَ يُؤَجَّلُ سَنَةً رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَهُ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَقِيلَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَبِهِ الْحُكْمُ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ اللَّخْمِيُّ الْأَوَّلُ أَبْيَنُ لِأَنَّ السَّنَةَ جُعِلَتْ لِيُخْتَبَرَ بِهَا فِي الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ فَقَدْ يَنْفَعُ فِي فَصْلٍ دُونَ فَصْلٍ، وَهَذَا يَسْتَوِي فِيهِ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ.

(فَرْعٌ) وَهَلْ يَكُونُ الْأَجَلُ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ، أَوْ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ نَقَلَ الْمُتَيْطِيُّ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ السَّنَةَ مِنْ يَوْمِ تَرْفَعهُ إلَى السُّلْطَانِ وَقَالَ الْبَاجِيُّ هَذِهِ عِبَارَةُ أَصْحَابِنَا وَتَحْقِيقُ ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّ ابْتِدَاءَ أَجَلِ السَّنَةِ مِنْ يَوْمِ يَحْكُمُ السُّلْطَانُ بِهَا إذْ لَا يَحْكُمُ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ الْعَيْبِ أَوْ إقْرَارِ الزَّوْجِ فَقَدْ يَطُولُ مَا بَيْنَ الرَّفْعِ وَالْحُكْمِ

وَكَالرِّجَالِ أَجَلُ النِّسَاءِ

فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْأَدْوَاءِ

وَفِي سِوَاهَا لَا يَكُونُ الْأَجَلُ

لَهُنَّ إلَّا مَا يَرَى الْمُؤَجِّلُ

يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ تُؤَجَّلُ فِي هَذِهِ الْأَمْرَاضِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي هِيَ الْجُنُونُ وَالْجُذَامُ وَالْبَرَصُ سَنَةً كَالرَّجُلِ، وَأَمَّا مَا عَدَاهَا فَتُؤَجَّلُ قَدْرَ مَا يَرَاهُ الْمُؤَجِّلُ بِالْكَسْرِ وَهُوَ الْقَاضِي مِمَّا يَتَأَتَّى فِيهِ مُعَالَجَةُ ذَلِكَ الدَّاءِ وَإِنَّمَا تَعَيَّنَ عَوْدُ الْإِشَارَةِ إلَى مَا عَدَا الِاعْتِرَاضَ لِأَنَّهُمْ عَدَّوْهُ مِنْ الْأَمْرَاضِ الْخَاصَّةِ بِالرَّجُلِ وَالْكَلَامُ الْآنَ فِي النِّسَاءِ وَالْأَدْوَاءُ جَمْعُ دَاءٍ وَهُوَ الْمَرَضُ (فَفِي وَثَائِقِ ابْنِ فَتْحُونٍ) إذَا كَانَ بِالْمَرْأَةِ جُنُونٌ أَوْ جُذَامٌ، أَوْ بَرَصٌ فَإِنَّهَا تُؤَجَّلُ فِي التَّدَاوِي مِنْ ذَلِكَ سَنَةً وَقَالَ فِي دَاءِ الْفَرْجِ إنَّهَا تُؤَجَّلُ فِي التَّدَاوِي مِنْهُ بِقَدْرِ اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ وَلَمْ يُحِدَّ اهـ (وَفِي مُخْتَصَرِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ) وَأُجِّلَا فِيهِ وَفِي بَرَصٍ وَجُذَامٍ رُجِيَ بُرْؤُهُمَا سَنَةً، ثُمَّ قَالَ وَأُجِّلَتْ الرَّتْقَاءُ لِلدَّوَاءِ بِالِاجْتِهَادِ

وَيُمْنَعُ الْمَبْرُوصُ وَالْمَجْذُوم مِنْ

بِنَائِهِ وَذُو الْجُنُونِ فَاسْتَبِنْ

وَذُو اعْتِرَاضٍ وَحْدَهُ لَنْ يُمْنَعَا

وَهُوَ مُصَدَّقٌ إذَا مَا نُوزِعَا

وَإِنْ يَقُلْ وَطِئْت أَثْنَاءَ الْأَمَدْ

فَقَوْلُهُ مَعَ الْيَمِينِ الْمُعْتَمَدْ

ص: 201

اشْتَمَلَتْ الْأَبْيَاتُ عَلَى ثَلَاثِ مَسَائِلَ (الْأُولَى) أَنَّ مَنْ ضُرِبَ لَهُ الْأَجَلُ مِنْ الرِّجَالِ لِمُعَالَجَةِ دَائِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَطَلَبَ الْبِنَاءَ بِزَوْجَتِهِ أَثْنَاءَ الْأَجَلِ الْمَضْرُوبِ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَذَلِكَ الْمَجْنُونُ وَالْمَجْذُومُ وَالْمَبْرُوصُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي ضَرْبِ الْأَجَلِ لَهُمْ فِي قَوْلِهِ

وَحَيْثُ عِيبَ الزَّوْجُ بِاعْتِرَاضِ

الْبَيْتَيْنِ إلَّا الْمُعْتَرَضَ فَإِنَّهُ لَا يُمْنَعُ وَلَهُ الْبِنَاءُ فِي أَثْنَاءِ الْأَجَلِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِالْبَيْتِ الْأَوَّلِ وَشَطْرِ الثَّانِي (قَالَ فِي طُرَرِ ابْنِ عَاتٍ) وَيُمْنَعُ الْمَجْنُونُ مِنْ الْبِنَاءِ بِهَا لِمَا يُخْشَى مِنْهُ عَلَيْهَا، وَكَذَلِكَ الْمَجْذُومُ وَالْمَبْرُوصُ إذَا كَانَتْ الرَّائِحَةُ مِنْهُمَا تُؤْذِي ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ فَتْحُونٍ وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ مِثْلُهُ سَوَاءٌ

(وَفِي طُرَرِ ابْنِ عَاتٍ) وَلَا يُمْنَعُ الْمُعْتَرَضُ مِنْ الْبِنَاءِ وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ مِثْلَهُ وَزَادَ فَإِنْ وَطِئَ فِي خِلَالِ السَّنَةِ وَإِلَّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا عِنْدَ انْقِضَائِهَا (قَوْلُهُ

وَهُوَ مُصَدَّقٌ إذَا مَا نُوزِعَا)

هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ مِمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهَا الْأَبْيَاتُ يَعْنِي إذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى الرَّجُلِ الِاعْتِرَاضَ وَأَنْكَرَ هُوَ فَإِنَّهُ مُصَدَّقُ فِي نَفْيِ الِاعْتِرَاضِ (ابْنُ الْحَاجِبِ) وَصُدِّقَ فِي الْعُنَّةِ (التَّوْضِيحُ) أَيْ فِي الِاعْتِرَاضِ فَهَذِهِ مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي أُطْلِقَ فِيهَا الْعُنَّةُ عَلَى الِاعْتِرَاضِ اهـ. وَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ فِي نَفْيِ الْعُنَّةِ (وَفِي الطُّرَرِ) إذَا أَنْكَرَ الزَّوْجُ مَا ادَّعَتْ عَلَيْهِ مِنْ الِاعْتِرَاضِ فَهُوَ مُصَدَّقٌ وَقَدْ نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ وَفِي ابْنِ الْحَاجِبِ أَيْضًا وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي الْوَطْءِ مَعَ يَمِينِهِ بَعْدَ أَنْ تَوَقَّفَ حِينَ نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ (وَفِي الْمُخْتَصَرِ) وَصُدِّقَ فِي الِاعْتِرَاضِ أَيْ فِي نَفْيِ الِاعْتِرَاضِ (الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ) مِمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ الْأَبْيَاتُ الْمُعْتَرَضُ يُضْرَبُ لَهُ الْأَجَلُ فَيَدَّعِي فِي أَثْنَائِهِ أَنَّهُ وَطِئَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِالْبَيْتِ الثَّالِثِ (التَّوْضِيحَ) فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي الْوَطْءِ مَعَ يَمِينِهِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ قَالَ الْمُعْتَرَضُ فِي الْأَجَلِ جَامَعْتهَا دِينَ وَحَلَفَ فَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفَتْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ نَكَلَتْ بَقِيَتْ زَوْجَةً وَتَوَقَّفَ فِيهَا مَالِكٌ مَرَّةً إذْ نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ وَأَفْتَى غَيْرُهُ أَنْ تَجْعَلَ الصُّفْرَةَ فِي قُبُلِهَا وَقَالَ أُنَاسٌ يُجْعَلَ نِسَاءٌ مَعَهَا. اهـ

(وَفِي الْمُخْتَصَرِ) وَصُدِّقَ إنْ ادَّعَى فِيهَا الْوَطْءَ بِيَمِينِهِ وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَإِلَّا بَقِيَتْ فَقَوْلُهُ حَلَفَتْ أَيْ وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ نَكَلَتْ بَقِيَتْ أَيْ زَوْجَةً.

وَتُمْنَعُ الْإِنْفَاقُ مَا لَمْ تَدْخُلْ

إنْ طَلَبَتْهُ فِي خِلَالِ الْأَجَل

تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَجْنُونَ وَالْمَجْذُومَ وَالْمَبْرُوصَ يُضْرَبُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ سَنَةً وَيَمْنَعُونَ مِنْ الدُّخُولِ أَثْنَاءَهَا فَإِذَا طَلَبَتْ زَوْجَةُ أَحَدِهِمْ النَّفَقَةَ فِي ذَلِكَ الْأَجَلِ، فَلَا نَفَقَةَ لَهَا فِيهِ لِأَنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ الِاسْتِمْتَاعِ وَقَدْ مَنَعَتْهُ نَفْسَهَا لِسَبَبٍ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى دَفْعِهِ فَكَانَ بِذَلِكَ مَعْذُورًا، وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمُعْتَرَضِ، وَأَمَّا الْمُعْتَرَضُ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ الْبِنَاءِ بِزَوْجَتِهِ فَإِذَا طَلَبَتْهُ بِالنَّفَقَةِ لَزِمَتْهُ لِكَوْنِهِ مُتَمَسِّكًا مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا (قَالَ ابْنُ رُشْدٍ) فِي رَسْمِ الصَّلَاةِ مِنْ سَمَاعِ يَحْيَى مِنْ كِتَابِ الطَّلَاقِ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ التُّونِسِيِّ وَانْظُرْ إذَا ضُرِبَ لِلْمَجْنُونِ أَجَلٌ سَنَةً قَبْلَ الدُّخُولِ هَلْ لَهَا نَفَقَةُ إذَا دَعَتْهُ إلَى الدُّخُولِ مَعَ امْتِنَاعِهَا مِنْ ذَلِكَ لِجُنُونِهِ كَمَا إذَا أَعْسَرَ بِالصَّدَاقِ أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِإِجْرَاءِ النَّفَقَةِ مَعَ امْتِنَاعِهَا مِنْهُ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى دَفْعِ صَدَاقِهَا فَأَجَالَ النَّظَرَ وَلَمْ يُبَيِّنْ فِي ذَلِكَ شَيْئًا

وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا نَفَقَةَ لَهَا لِأَنَّهَا مَنَعَتْهُ نَفْسَهَا لِسَبَبِ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى دَفْعِهِ فَكَانَ بِذَلِكَ مَعْذُورًا بِخِلَافِ الَّتِي مَنَعَتْهُ نَفْسَهَا حَتَّى يُؤَدِّيَ إلَيْهَا صَدَاقَهَا إذْ لَعَلَّ لَهُ مَالًا فَكَتَمَهُ. اهـ

(قَالَ الشَّيْخُ ابْنُ غَازِيٍّ) وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُ الْمُعْتَرَضِ عَلَى الْمَجْنُونِ لِأَنَّ الْمَجْنُونَ يُمْنَعُ عَنْهَا كَمَا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُعْتَرَضُ مُرْسَلٌ عَلَيْهَا اهـ، وَهَذَا فِي تَأْجِيلِ الزَّوْجِ وَانْظُرْ إذَا أُجِّلَتْ الزَّوْجَةُ لِجُنُونٍ، أَوْ جُذَامٍ أَوْ بَرَصٍ قَبْلَ الْبِنَاءِ هَلْ لَهَا نَفَقَةٌ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ لَيْسَ مِنْ قِبَلِهَا، أَوْ لَا نَفَقَةَ لَهَا لِأَنَّهَا وَإِنْ لَمْ تَمْنَعْهُ هِيَ فَإِنَّهُ إنْ اسْتَمْتَعَ سَقَطَ خِيَارُهُ

ص: 202

وَالْعَيْبُ فِي الرِّجَالِ مِنْ قَبْلِ الْبِنَا

وَبَعْدَهُ الرَّدُّ بِهِ تَعَيَّنَا

إلَّا اعْتِرَاضًا كَانَ بَعْد مَا دَخَلْ

وَالْوَطْءُ مِنْهُ هَبْهُ مَرَّةً حَصَلْ

وَبِالْقَدِيمِ الزَّوْجُ وَالْكَثِيرِ

يُرَدُّ وَالْحَادِثِ وَالْيَسِيرِ

إلَّا حُدُوثَ بَرَصٍ مَنْزُورِ

فَلَا طَلَاقَ مِنْهُ فِي الْمَشْهُورِ

وَزَوْجَةٌ بِسَابِقٍ لِعَقْدِهِ

وَهُوَ لِزَوْجٍ آفَةٌ مِنْ بَعْدِهْ

اعْلَمْ أَنَّ فَهْمَ هَذِهِ الْأَبْيَاتِ يَتَوَقَّفُ عَلَى مَعْرِفَةِ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْجُمْلَةِ وَذَلِكَ أَنَّ الْعَيْبَ الْمَوْجُودَ فِي أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ سَابِقًا عَلَى عَقْدِ النِّكَاحِ، أَوْ حَادِثًا بَعْدَ عَقْدِهِ فَإِنْ كَانَ سَابِقًا عَلَى الْعَقْدِ ثَبَتَ بِهِ الْخِيَارُ لِلْآخَرِ لِأَنَّ صَاحِبَ الْعَيْبِ مُدَلِّسٌ حَيْثُ كَتَمَ وَلَمْ يُبَيِّنْ وَسَوَاءٌ كَانَ الْعَيْبُ بِالزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ وَإِنْ كَانَ حَادِثًا بَعْدَ الْعَقْدِ فَإِنْ حَدَثَ بِالْمَرْأَةِ، فَلَا مَقَالَ لِلزَّوْجِ وَهِيَ مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِهِ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الْفِرَاقِ بِالطَّلَاقِ

وَسَيَقُولُ النَّاظِمُ بَعْدُ

وَزَوْجَة بِسَابِقٍ لِعَقْدِهِ

وَهُوَ لِزَوْجٍ آفَةٌ مِنْ بَعْدِهِ

وَإِنْ حَدَثَ بِالرَّجُلِ فَحَكَى ابْنُ الْحَاجِبِ فِي ذَلِكَ أَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ الْأَوَّلُ أَنَّ لَهَا الْخِيَارَ فِي كُلِّ عَيْبٍ حَدَثَ بِالرَّجُلِ بَعْدَ الْعَقْدِ بَنَى، أَوْ لَمْ يَبْنِ لِأَنَّ الْفِرَاقَ لَيْسَ بِيَدِهَا، فَلَا مُخَلِّصَ إلَّا إنْ خُيِّرَتْ الثَّانِي لَا خِيَارَ لَهَا كَاَلَّذِي يَحْدُثُ بِالزَّوْجِ الثَّالِثُ لَا خِيَارَ لَهَا إلَّا إنْ حَدَثَ بِهِ بَرَصٌ فَتُخَيَّرُ الرَّابِعُ لَهَا الْخِيَارُ إلَّا فِي الْبَرَصِ الْيَسِيرِ، فَلَا خِيَارَ لَهَا (ابْنُ الْحَاجِبِ) وَالْعَيْبُ الْمُقْتَضِي لِلْخِيَارِ مَا وُجِدَ قَبْلَ الْعَقْدِ لَا بَعْدَهُ وَفِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ لِلْمَرْأَةِ خَاصَّةً بَعْدَهُ ثَالِثُهَا إلَّا فِي الْبَرَصِ وَرَابِعُهَا إلَّا فِي الْقَلِيلِ مِنْهُ اهـ فَتَكَلَّمَ النَّاظِمُ فِي الْبَيْتَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ عَلَى الْعَيْبِ الْحَادِثِ بِالرَّجُلِ بَعْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ بَنَى، أَوْ لَمْ يَبْنِ وَأَنَّ لِلْمَرْأَةِ الْخِيَارَ بِسَبَبِهِ إلَّا إذَا كَانَ الْعَيْبُ اعْتِرَاضًا حَدَثَ بَعْدَ الْوَطْءِ وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً، فَلَا خِيَارَ لَهَا وَتَقَدَّمَ أَنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ حَكَى فِي ذَلِكَ أَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ ذَهَبَ النَّاظِمُ فِي هَذَا الْبَيْتِ عَلَى الْأَوَّلِ مِنْهَا، ثُمَّ تَكَلَّمَ عَلَى نَظِيرِهِ.

وَهُوَ حُدُوثُ الْعَيْبِ بِالزَّوْجَةِ بَعْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ عَلَيْهَا حَيْثُ قَالَ

وَهُوَ لِزَوْجٍ آفَةٌ مِنْ بَعْدِهِ

أَيْ حُدُوثُ الْعَيْبِ بِالزَّوْجَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ آفَةٌ نَزَلَتْ بِالزَّوْجِ، فَلَا خِيَارَ لَهُ فَإِمَّا أَمْسَكَ، أَوْ طَلَّقَ، ثُمَّ تَكَلَّمَ عَلَى الرَّدِّ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ السَّابِقِ عَلَى الْعَقْدِ فَأَشَارَ لِرَدِّ الزَّوْجِ بِهِ بِقَوْلِهِ

وَبِالْقَدِيمِ الزَّوْجُ وَالْكَثِيرِ

الْبَيْتَ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ وَالْحَادِثِ أَيْ بَعْدَ الْعَقْدِ هُوَ تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ أَوَّلًا

وَالْعَيْبُ فِي الرِّجَالِ مِنْ قَبْلِ الْبِنَا

الْبَيْتَيْنِ وَكَأَنَّهُ كَرَّرَهُ لِيَسْتَثْنِيَ مِنْهُ حُدُوثَ الْبَرَصِ الْيَسِيرِ بِالزَّوْجِ فَإِنَّهُ لَا يُوجِبُ لِلْمَرْأَةِ خِيَارًا، أَوْ هَذَا هُوَ الْقَوْلُ الرَّابِعُ عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ كَمَا تَقَدَّمَ وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الْكَثِيرَ يُوجِبُ لَهَا الْخِيَارَ، وَكَذَلِكَ الْجُذَامُ الْبَيِّنُ إذَا هُوَ أَضَرُّ مِنْ الْبَرَصِ، وَهَذَا الْمَفْهُومُ هُوَ مَنْطُوقُ قَوْلِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ وَلَهَا فَقَطْ الرَّدُّ بِالْجُذَامِ الْبَيِّنِ وَالْبَرَصِ الْمُضِرِّ الْحَادِثَيْنِ بَعْدَهُ فَتَلَخَّصَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ يُسْتَثْنَى مِنْ الْعَيْبِ الْحَادِثِ بِالزَّوْجِ بَعْد الْعَقْدِ شَيْئَانِ.

الِاعْتِرَاضُ بَعْدَ الْوَطْءِ وَالْبَرَصُ الْيَسِيرُ، فَلَا خِيَارَ فِيهِمَا لِلزَّوْجَةِ لِقَوْلِهِ

إلَّا اعْتِرَاضًا كَانَ بَعْد مَا دَخَلْ

الْبَيْتَ وَلِقَوْلِهِ

إلَّا حُدُوثَ بَرَصٍ مَنْزُورِ

الْبَيْتَ، فَلَا طَلَاقَ مِنْهُ أَيْ، فَلَا خِيَارَ فِيهِ لِلْمَرْأَةِ وَلَوْ عَبَّرَ بِالْخِيَارِ بَدَلَ الطَّلَاقِ لَكَانَ أَوْلَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، ثُمَّ تَكَلَّمَ عَلَى رَدِّ الْمَرْأَةِ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ فَقَالَ

وَزَوْجَةٌ بِسَابِقٍ لِعَقْدِهِ

فَتَلَخَّصَ مِنْ كَلَامِهِ أَيْضًا أَنَّهُ حَكَى فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي حَكَى ابْنُ الْحَاجِبِ فِيهَا أَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ وَهِيَ حُدُوثُ الْعَيْبِ بِالرَّجُلِ بَعْدَ الْعَقْدِ قَوْلَيْنِ مِنْهَا الْأَوَّلُ فِي الْبَيْتِ الْأَوَّلِ مِنْ هَذِهِ وَالرَّابِعُ فِي قَوْلِهِ

إلَّا حُدُوثَ بَرَصٍ مَنْزُورِ

فَقَوْلُ النَّاظِمِ

وَالْعَيْبُ فِي الرِّجَالِ مِنْ قَبْلِ الْبِنَا

وَبَعْدَهُ الْبَيْتَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْعَيْبَ الْحَادِثَ بِالرَّجُلِ بَعْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ سَوَاءٌ حَدَثَ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ عَيْبٌ لِلزَّوْجَةِ الرَّدُّ بِهِ، وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَمَّا دَخَلَ فِي قَوْلِهِ وَبَعْدَهُ عَيْبُ الِاعْتِرَاضِ الْحَادِثِ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَالْوَطْءِ وَهُوَ لَا يُرَدُّ بِهِ اسْتَثْنَاهُ النَّاظِمُ.

فَقَالَ الِاعْتِرَاضُ إذَا كَانَ بَعْدَ الْوَطْءِ وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ بِهِ وَذَلِكَ مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِالزَّوْجَةِ وَقَوْله

وَبِالْقَدِيمِ الزَّوْجُ وَالْكَثِيرِ

الْبَيْتَيْنِ يَعْنِي أَنَّ الْعَيْبَ إذَا كَانَ بِالزَّوْجِ فَإِنَّهُ يُرَدُّ بِهِ قَلِيلًا كَانَ الْعَيْبُ، أَوْ كَثِيرًا قَدِيمًا كَانَ أَيْ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ حَادِثًا بَعْدَ الْعَقْدِ إلَّا إذَا كَانَ الْحَادِثُ بَعْدَهُ بَرَصًا يَسِيرًا، فَلَا يُرَدُّ بِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الرَّابِعُ عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ كَمَا تَقَدَّمَ فَكَأَنَّ النَّاظِمَ حَكَى الْقَوْلَ الْأَوَّلَ

ص: 203

وَالرَّابِعَ مِمَّا عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَزَادَ ابْنُ الْحَاجِبِ بَعْدَ حِكَايَةِ الْأَقْوَالِ الْأَرْبَعَةِ مَا نَصُّهُ، وَأَمَّا جُنُونُهُ الْحَادِثُ فَيُعْزَلُ سَنَةً فَإِنْ صَحَّ وَإِلَّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَقِيلَ إنْ كَانَ يُؤْذِيهَا وَعَنْ مَالِكٍ وَالْمَجْذُومُ الْبَيِّنُ كَذَلِكَ (التَّوْضِيحُ) أَيْ فَيُعْزَلُ سَنَةً إنْ رُجِيَ بُرْؤُهُ، ثُمَّ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا إنْ شَاءَتْ.

وَحَاصِلُ الْقَوْلِ الرَّابِعِ أَنَّ مَا يَحْدُثُ بِالرَّجُلِ بَعْدَ الْعَقْدِ، فَلَا خِيَارَ لِلْمَرْأَةِ إلَّا فِي الْبَرَصِ الْكَثِيرِ وَالْجُذَامِ الْبَيِّنِ وَالْجُنُونِ إذَا حَدَثَ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْبِنَاءِ أَمَّا بَعْدَ الْبِنَاءِ، فَلَا خِيَارِ لَهَا بِهِ وَعَلَى هَذَا اقْتَصَرَ فِي الْمُخْتَصَرِ بِقَوْلِهِ وَلَهَا فَقَطْ الرَّدُّ بِالْجُذَامِ الْبَيِّنِ وَالْبَرَصِ الْمُضِرِّ الْحَادِثَيْنِ بَعْدَهُ لَا بِكَاعْتِرَاضٍ، أَوْ جُنُونِهِمَا وَإِنْ مَرَّةً فِي السَّنَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ أَيْ بَعْدَ الْعَقْدِ وَحَكَى ابْنُ عَرَفَةَ فِي جُنُونِ مَنْ تَأْمَنُ زَوْجَتُهُ أَذَاهُ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ الْأَوَّلُ إلْغَاؤُهُ لِابْنِ رُشْدٍ مِنْ سَمَاعِ زُونَانَ عَنْ أَشْهَبَ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ الثَّانِي اعْتِبَارُهُ لِسَمَاعِ عِيسَى رَأَى ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتَهُ الثَّالِثُ إنْ حَدَثَ بَعْدَ الْبِنَاءِ أُلْغِيَ وَإِلَّا، فَلَا اللَّخْمِيُّ وَقَوْلُهُ

وَزَوْجَةٌ بِسَابِقٍ لِعَقْدِهِ

يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَةَ تُرَدُّ بِالْعَيْبِ السَّابِقِ عَلَى الْعَقْدِ وَلَا إشْكَالَ فِي هَذَا، وَأَمَّا مَا حَدَثَ بِالْمَرْأَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَمُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِالزَّوْجِ لَا خِيَارَ لَهُ فَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ، أَوْ فَارَقَ فَإِنْ فَارَقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ لَزِمَهُ نِصْفُ الصَّدَاقِ وَإِنْ فَارَقَ بَعْدَهُ لَزِمَهُ الصَّدَاقُ كَامِلًا.

وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ وَهُوَ أَيْ حُدُوثُ الْعَيْبِ بِالْمَرْأَةِ مِنْ بَعْدِ الْعَقْدِ آفَةٌ نَزَلَتْ بِالزَّوْجِ، فَلَا رَدَّ لَهُ بِهِ وَفِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ مَا حَدَثَ بِالْمَرْأَةِ مِنْ عَيْبٍ بَعْدَ الْعَقْدِ لَغْوٌ وَهُوَ نَازِلَةٌ بِالزَّوْجِ (ابْنُ رُشْدٍ) وَمَا حَدَثَ بِالرَّجُلِ بَعْدَ الْعَقْدِ مِنْ جُذَامٍ ثَالِثُ الْأَقْوَالِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ لَهَا الْخِيَارُ إنْ كَانَ بَيِّنًا إلَّا إنْ رُجِيَ بُرْؤُهُ، فَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا إلَّا بَعْدَ أَجَلِهِ سَنَةً لِعِلَاجِهِ (ابْنُ عَرَفَةَ) وَالْبَرَصُ إذَا حَدَثَ بِالرَّجُلِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ يَسِيرُهُ لَغْوٌ اتِّفَاقًا وَشَدِيدُهُ وَكَثِيرُهُ سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُرَدُّ بِهِ (وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ) حُدُوثُ جُنُونِ الرَّجُلِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الدُّخُولِ كَوُجُودِهِ قَبْلَ الْعَقْدِ قَالَ، وَكَذَا الْجُذَامُ بِخِلَافِهِمَا إذَا حَدَثَا بَعْدَ الدُّخُولِ رَاجِعْهُ اهـ.

وَالْعَيْبُ مُبْتَدَأٌ وَفِي الرِّجَالِ وَمِنْ قَبْلِ الْبِنَا فِي مَحِلِّ الصِّفَةِ لِلْعَيْبِ وَجُمْلَةُ الرَّدُّ بِهِ تَعَيَّنَا خَبَرُ الْعَيْبُ وَالرَّابِطُ جُمْلَةَ الْخَبَرِ بِالْمُبْتَدَأِ ضَمِيرُ بِهِ الْعَائِدُ عَلَى الْعَيْبُ وَالزَّوْجُ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ يُرَدُّ وَبِالْقَدِيمِ يَتَعَلَّقُ بِيَرُدُّ وَزَوْجَةٌ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ تُرَدُّ وَبِسَابِقٍ بِذَلِكَ الْمَحْذُوفِ

وَالرَّتْقُ دَاءُ الْفَرْجِ فِي النِّسَاءِ

كَالْقَرْنِ وَالْعَفْلِ وَالْإِفْضَاءِ

بَيَّنَ هُنَا دَاءَ فَرْجِ الْمَرْأَةِ وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِ فِي بَيَانِ دَاءِ الْفَرْجِ فِي الرَّجُلِ

وَدَاءُ فَرْجِ الزَّوْجِ بِالْقَضَاءِ

كَالْجَبِّ وَالْعُنَّةِ وَالْخِصَاءِ

يَعْنِي أَنَّ دَاءَ فَرْجِ الْمَرْأَةِ هُوَ الرَّتَقُ وَالْقَرَنُ وَالْعَفَلُ وَالْإِفْضَاءُ (ابْنُ الْحَاجِبِ) وَدَاءُ الْفَرْجِ فِي الْمَرْأَةِ مَا يَمْنَعُ الْوَطْءَ، أَوْ لَذَّتَهُ كَالرَّتَقِ وَالْقَرَنِ وَالْعَفَلِ وَزِيدَ الْبَخَرُ وَالْإِفْضَاءُ (التَّوْضِيحُ) عِيَاضٌ الرَّتَقُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالتَّاءِ الْتِصَاقُ مَوْضِعِ الْوَطْءِ وَالْتِحَامُهُ وَالْعَفَلُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ فِي النِّسَاءِ كَالْأُذْرَةِ فِي الرِّجَالِ

وَهُوَ بُرُوزُ لَحْمٍ فِي الْفَرْجِ وَالْقَرْنِ بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ مِثْلُهُ لَكِنَّهُ قَدْ يَكُونُ خِلْقَةً غَالِبًا وَيَكُونُ عَظْمًا وَقَدْ يَكُونُ لَحْمًا قَالَ غَيْرُهُ، وَأَمَّا الْقَرَن بِفَتْحِ الْقَافِ وَالرَّاءِ فَهُوَ الْمَصْدَرُ وَهُوَ الْأَحْسَنُ هُنَا لِيَكُونَ مُوَافِقًا لِبَاقِي الْعُيُوبِ فَإِنَّهَا كُلَّهَا مَصَادِرُ وَمَنْ عَدَّ الْفَتْحَ خَطَأً فَقَدْ أَخْطَأَ قَوْلُهُ وَزِيدَ الْبَخَرُ وَالْإِفْضَاءُ زَادَهُمَا فِي الْجَلَّابِ وَالْبَخَرُ نَتْنُ الْفَرْجِ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَخْبَرَ بِذَلِكَ عَنْ دَاءِ الْفَرْجِ اهـ وَالْإِفْضَاءُ اخْتِلَاطُ مَحِلِّ الْجِمَاعِ وَمَجْرَى الْبَوْلِ بِزَوَالِ الْحَائِلِ الرَّقِيقِ الَّذِي بَيْنَهُمَا وَإِذَا وَقَعَ ذَلِكَ، فَلَا تُمْسِكُ بَوْلًا وَلَا نُطْفَةً وَالْبَخَرُ وَالْإِفْضَاءُ يَمْنَعَانِ لَذَّةَ الْجِمَاعِ لَا مُطْلَقَ الْجِمَاعِ (قَالَ الشَّارِحُ) وَسَكَنَّ الشَّيْخُ رحمه الله التَّاءَ مِنْ الرَّتْقِ لِضَرُورَةِ الْوَزْنِ، أَوْ لَعَلَّهُ اسْتَعْمَلَهُ مَصْدَرًا كَقَوْلِك رَتَقْت الشَّيْءَ رَتْقًا

وَلَا تُرَدُّ مِنْ عَمَى وَلَا شَلَلْ

وَنَحْوِهِ إلَّا بِشَرْطٍ يُمْتَثَلْ

يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تُرَدُّ إلَّا مِنْ الْعُيُوبِ الْمَذْكُورَةِ قَبْلُ وَلَا تُرَدُّ مِنْ غَيْرِهَا كَالْعَمَى وَأَحْرَى الْعَوَرُ وَالشَّلَلُ وَقَطْعُ عُضْوٍ وَنَحْوُ ذَلِكَ إلَّا إذَا تَزَوَّجَ عَلَى شَرْطِ السِّلَامَةِ فَيُمْتَثَلُ الشَّرْطُ وَتَرُدُّ بِغَيْرِ مَا تَقَدَّمَ

ص: 204

أَوْ قَدْ وُلِدَتْ مِنْ زِنًا، أَوْ سَوْدَاءَ فَقَالَ مَالِكٌ لَا تُرَدُّ النِّسَاءُ فِي النِّكَاحِ إلَّا مِنْ الْعُيُوبِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي وُصِفَتْ لَك وَمِنْ كِتَابِ ابْنِ يُونُسَ وَسُئِلَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي زَيْدٍ عَمَّا يَكْتُبُ النَّاسُ فِي صَدَقَاتِهِمْ وَهِيَ صَحِيحَةُ الْعَقْلِ وَالْبَدَنِ إنْ وَجَدَهَا بَعْدَ ذَلِكَ عَمْيَاءَ أَوْ شَلَّاءَ هَلْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا بِهَذَا الَّذِي كَتَبَ فِي الصَّدَاقِ فَقَالَ لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ وَلَيْسَ كَالشَّرْطِ حَتَّى يُبَيِّنَ فَيَقُولُ لَا عَمْيَاءَ وَلَا شَلَّاءَ قَالَ وَلَوْ كَانَ فِي مَوْضِعِ صَحِيحَةِ الْبَدَنِ سَلِيمَةِ الْبَدَنِ لَرَأَيْت لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا إذَا وَجَدَهَا عَمْيَاءَ، أَوْ شَلَّاءَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ وَبِهَذَا كَانَ يُفْتِي عُلَمَاؤُنَا وَنُفْتِي نَحْنُ

(قَالَ الشَّارِحُ) اسْتَشْكَلَ ابْنُ عَرَفَةَ الرَّدَّ بِالسَّوَادِ إذَا اشْتَرَطَ السَّلَامَةَ لِعَدَمِ انْدِرَاجِهَا عِنْدَهُ تَحْتَ الْعُيُوبِ الَّتِي يُرَدُّ بِهَا إذَا اشْتَرَطَ السَّلَامَةُ وَبَحْثُهُ ظَاهِرٌ. اهـ

(وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ) إنْ وَجَدَهَا سَوْدَاءَ، أَوْ عَمْيَاءَ، أَوْ عَوْرَاءَ لَمْ تُرَدَّ وَلَا يَرُدُّ بِغَيْرِ الْعُيُوبِ الْأَرْبَعَةِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ السَّلَامَةَ مِنْهُ قُلْت فَإِنْ شَرَطَ أَنَّهَا صَحِيحَةٌ فَإِذَا هِيَ عَمْيَاءُ، أَوْ شَلَّاءُ، أَوْ مُقْعَدَةٌ أَيَرُدُّهَا قَالَ نَعَمْ إذَا اشْتَرَطَهَا عَلَى مَنْ أَنْكَحَهُ إيَّاهَا لِقَوْلِ مَالِكٍ فِيمَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَإِذَا هِيَ لِغَيَّةٍ إنْ زَوَّجُوهُ عَلَى نَسَبٍ فَلَهُ رَدُّهَا وَإِلَّا، فَلَا (عِيَاضٌ) قَوْلُهُ لِغَيَّةٍ أَيِّ لِغَيْرِ نِكَاحٍ كَمَا قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لِزِنْيَةٍ عَكْسُ هَذَا الرَّشِيدَةُ إلَّا إنَّهُ يَجُوزُ فَتْحُ الرَّاءِ هُنَا (ابْنُ رُشْدٍ) إنْ أَجَابَ الْوَلِيُّ الْخَاطِبَ عِنْدَ قَوْلِهِ قِيلَ لِي وَلِيَّتُك سَوْدَاء أَوْ عَوْرَاءُ بِقَوْلِهِ كَذَبَ مِنْ قَالَ ذَلِكَ هِيَ الْبَيْضَاءُ الْغَرَّاءُ، فَلَا خِلَافَ أَنَّ هَذَا شَرْطٌ يُوجِبُ رَدَّهَا إنْ وُجِدَ بِهَا بَعْضَ ذَلِكَ.

وَإِنَّمَا الْخِلَافُ إنْ وَصَفَهَا الْوَلِيُّ عِنْدَ الْخِطْبَةِ بِالْبَيَاضِ وَصِحَّةِ الْعَيْنَيْنِ ابْتِدَاءً بِغَيْرِ سَبَبٍ وَهِيَ سَوْدَاءُ، أَوْ عَمْيَاءُ فَفِي لَغْوِهِ وَكَوْنِهِ شَرْطًا قَوْلَانِ (الْمُتَيْطِيُّ) قَوْلُهُ صَحِيحَةٌ فِي جِسْمِهَا قِيلَ هُوَ كَشَرْطِ السَّلَامَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ وَحَكَى عَبْدُ الْحَقِّ وَغَيْرُهُ عَنْ الشَّيْخِ أَنَّهُ لَا يُوجِبُ لَهُ ذَلِكَ (الْبَاجِيُّ) ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا لَا تُرَدُّ بِفَاحِشِ الْقَرَعِ كَالْجَرَبِ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ (ابْنُ رُشْدٍ) وَابْنُ حَبِيبٍ يَرَى رَدَّ الْقَرْعَاءِ وَالسَّوْدَاءِ (ابْنُ عَرَفَةَ) نَقَلَهُ عَنْهُ اللَّخْمِيُّ بِشَرْطِ كَوْنِهَا مِنْ بِيضٍ وَفِي الْجَلَّابِ تُرَدُّ مِنْ نَتِنِ الْفَرْجِ فَعَلَى هَذَا تُرَدُّ بِالْبَخَرِ وَالْخَشَمِ وَهُوَ نَتِنِ الْأَنْفِ لَانَ نَتِنَ الْأَعْلَى أَوْلَى بِالرَّدِّ اهـ.

وَالزَّوْجُ حَيْثُ لَمْ يَجِدْهَا بِكْرَا

لَمْ يَرْجِعْ إلَّا بِاشْتِرَاطِ عُذْرَا

مَا لَمْ يُزِلْ عُذْرَتَهَا نِكَاحٌ

مُكْتَتَمٌ فَالرَّدُّ مُسْتَبَاحٌ

يَعْنِي أَنَّ مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَنَّهَا بِكْرٌ فَوَجَدَهَا ثَيِّبًا، فَلَا رُجُوعَ لَهُ لِأَنَّ الْبِكْرَ فِي اللُّغَةِ هِيَ الَّتِي لَمْ يَنْعَقِدْ عَلَيْهَا نِكَاحٌ قَطُّ وَهَذِهِ كَذَلِكَ وَلَا يَدُلُّ لَفْظُ بِكْرٍ عَلَى كَوْنِهَا عَذْرَاءَ وَهِيَ الَّتِي بِخَاتَمِ رَبِّهَا هَذَا لَفْظُ الشَّارِحِ فَإِنْ كَانَ زَوَالُ عُذْرَتِهَا بِنِكَاحٍ كَتَمُوهُ عَنْ الزَّوْجِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَلَهُ رَدُّهَا إذْ لَيْسَتْ بِكْرًا حِينَئِذٍ وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ وَالزَّوْجُ حَيْثُ لَمْ يَجِدْهَا بِكْرًا لَمْ يَرْجِعْ، ثُمَّ قَالَ مَا لَمْ يُزِلْ عُذْرَتَهَا نِكَاحٌ (قَالَ فِي الْمُقَرِّبِ) قُلْت تَزَوَّجَهَا وَهُوَ لَا يَعْرِفُهَا فَإِذَا هِيَ عَمْيَاءُ، أَوْ عَوْرَاءُ أَوْ قَطْعَاءُ، أَوْ شَلَّاءُ، أَوْ مُقْعَدَةُ

ص: 205

الْبَيْتِ، وَأَمَّا مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَنَّهَا عَذْرَاءُ فَوَجَدَهَا ثَيِّبًا غَيْرَ عَذْرَاءَ فَلَهُ الرُّجُوعُ وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ إلَّا بِاشْتِرَاطِ عَذْرَاء (الْمَوَّاقِ) عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ لَوْ شَرَطَ أَنَّهَا عَذْرَاءُ فَوَجَدَهَا ثَيِّبًا غَيْرَ عَذْرَاءَ فَلَهُ رَدُّهَا اتِّفَاقًا

وَفِي كَوْنِ شَرْطِ أَنَّهَا بِكْرٌ كَذَلِكَ وَلَغْوُهُ قَوْلَانِ وَاَلَّذِي عَوَّلَ عَلَيْهِ ابْنُ فَتْحُونٍ وَصَوَّبَهُ وَأَخَذَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَرَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَهُ أَشْهَبُ أَنْ لَا رَدَّ لَهُ بِذَلِكَ. اهـ

(الْحَطَّابُ) وَعَلَى عَدَمِ رَدِّهَا بِالثُّيُوبَةِ فِي الدُّخُولِ عَلَى أَنَّهَا بِكْرٌ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الْمُتَيْطِيُّ وَابْنِ فَتْحُونٍ لَوْ بَانَ أَنَّهَا ثَيِّبٌ مِنْ زَوْجٍ لَكَانَ لِلزَّوْجِ الرَّدُّ اهـ، ثُمَّ قَالَ الْمَوَّاقِ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى رَدِّهَا بِالثُّيُوبَةِ إنْ أَكَذَبَتْهُ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ وَجَدَهَا ثَيِّبًا فَلَهُ عَلَيْهَا الْيَمِينُ إنْ كَانَتْ مَالِكَةً أَمْرَ نَفْسِهَا، أَوْ عَلَى أَبِيهَا إنْ كَانَتْ ذَاتَ أَبٍ (ابْنُ حَبِيبٍ) وَلَا يُنْظِرُهَا لِلنِّسَاءِ وَلَا تُكْشَفُ الْحُرَّةُ فِي مِثْلِ هَذَا، اُنْظُرْ إذَا قَالَ وَجَدْتهَا مُفْتَضَّةً فَإِنَّهُ يَجِبُ حَدُّهُ لِلْقَذْفِ وَإِنْ ثَيِّبٌ قَوْلُهُ أَيْ إنَّهَا ثَيِّبٌ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ لَمْ أَجِدْهَا بِكْرًا لِأَنَّ الْعُذْرَةَ تَذْهَبُ بِغَيْرِ جِمَاعٍ اُنْظُرْ نَوَازِلَ ابْنِ الْحَاجِّ فَعَلَى مَا ذُكِرَ عَوَّلَ شَيْخ الشُّيُوخ ابْنُ لُبٍّ قَالَ وَلَا يُنْظِرُهَا الْقَوَابِلَ وَشَدَّدَ فِي ذَلِكَ.

(وَمِنْ نَوَازِلِ الْبُرْزُلُيِّ) سُئِلَ الْقَابِسِيُّ عَمَّنْ اشْتَرَطَ عَذْرَاءَ فَوَجَدَهَا ثَيِّبًا فَقَالَ هَذَا شَيْءٌ لَا يَمْنَعُ الزَّوْجَ الْوَطْءَ وَشَيْءٌ يَدْخُلُ عَلَى الْمَرْأَةِ وَلَا تَشْعُرُ مِنْ لَعِبٍ، أَوْ قَفْزَةٍ وَمِنْ تَكَرُّرِ الْحَيْضِ فَتَأْكُلهُ الْحَيْضَةُ وَيَزُولُ الْحِجَابُ وَلَيْسَ بِعَيْبٍ عَلَى كُلِّ حَالٍ اهـ وَانْظُرْ جَوَابَ الْقَابِسِيِّ هَذَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ لَهُ الرَّدُّ اتِّفَاقًا، ثُمَّ قَالَ الْمَوَّاقِ وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ إنْ شَرَطَ أَنَّهَا بِكْرٌ فَأَلْفَاهَا ثَيِّبًا عَلَى ذَلِكَ، فَلَا رَدَّ لَهُ وَرَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ لِأَنَّ الْعُذْرَةَ تَذْهَبُ بِالْقَفْزَةِ وَالْحَيْضَةِ كَمَا قَالَ أَشْهَبُ وَقَدْ تَكُونُ الْعُذْرَةُ ذَهَبَتْ بَعْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ، فَلَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجَةِ شَيْءٌ (وَسُئِلَ) الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ عَمَّنْ تَزَوَّجَ بِكْرًا، ثُمَّ زَنَتْ فَقَالَ هَذِهِ نَازِلَةٌ نَزَلَتْ بِالزَّوْجِ وَيَلْزَمُهُ جَمِيعُ الصَّدَاقِ إنْ دَخَلَ وَنِصْفُهُ إنْ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ (وَفِي الْمُدَوَّنَةِ) فِي الْمَرْأَةِ يَظْهَرُ بِهَا حَمْلٌ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا الزَّوْجُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هِيَ زَوْجَتُهُ إنْ شَاءَ طَلَّقَ وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ وَلَا يَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ وَتُحَدُّ هِيَ (الْمُتَيْطِيُّ) يَنْبَغِي لِأَوْلِيَاءِ الْمَرْأَةِ تَذْهَبُ عُذْرَتُهَا بِغَيْرِ جِمَاعٍ أَنْ يُشِيعُوا ذَلِكَ وَيُشْهِدُوا بِهِ لِيَرْتَفِعَ عَنْهَا الْعَارُ عِنْدَ نِكَاحِهَا.

ثُمَّ قَالَ وَيَنْبَغِي لِلْوَلِيِّ أَنْ يُعْلِمَ الزَّوْجَ عِنْدِ نِكَاحِهَا بِمَا جَرَى عَلَيْهَا فَإِنْ لَمْ يُعْلِمْهُ فَقَالَ أَشْهَبُ لَا مَقَالَ لِلزَّوْجِ وَقَالَ أَصْبَغُ لِلزَّوْجِ الرَّدُّ وَالرُّجُوعُ عَلَى الْأَبِ قَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ وَهُوَ الصَّوَابُ عِنْدِي اهـ كَلَامُ الْمَوَّاقِ (تَنْبِيهَاتٌ. الْأَوَّلُ) قَالَ مُقَيَّدُ هَذَا الشَّرْحِ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ بِفَضْلِهِ تَلَقَّيْنَا مِنْ بَعْضِ شُيُوخِنَا رحمهم الله أَنَّ الْخِلَافَ الْمُتَقَدِّمَ فِي الرَّدِّ إذَا لَمْ يَجِدْهَا بِكْرًا إنَّمَا هُوَ فِي غَيْرِ عُرْفِ أَهْلِ فَاسَ أَمَّا عُرْفُنَا الْيَوْمَ فَإِنَّ اشْتَرَطَ الْبَكَارَةِ كَاشْتِرَاطِ كَوْنِهَا عَذْرَاءَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي عُرْفِنَا لِأَنَّهُمْ يَعْنُونَ بِالْبَكَارَةِ كَوْنَهَا عَذْرَاءَ لَا غَيْرُ فَلِلزَّوْجِ الرَّدُّ إذَا وَجَدَهَا ثَيِّبًا سَوَاءٌ قَالُوا بِكْرًا، أَوْ عَذْرَاءَ (الثَّانِي) تَنَبَّهْ لِلْفَرْقِ بَيْنَ قَوْلِهِ وَجَدْتهَا مُفْتَضَّةً أَوْ وَجَدْتهَا ثَيِّبًا وَأَنَّهُ عَلَى التَّعْبِيرِ بِالِافْتِضَاضِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ وَهُوَ غَالِبُ عِبَارَتِهِمْ يُحَدُّ حَدَّ الْقَذْفِ.

(الثَّالِثُ) فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِمْ أَنَّ الْعُذْرَةَ تَزُولُ بِالْقَفْزَةِ وَغَيْرِهَا كَتَكْرَارِ الْحَيْضِ فَتَأْكُلُهُ الْحَيْضَةُ وَيَزُولُ الْحِجَابُ أَنَّ الْعُذْرَة سَاتِرٌ رَقِيقٌ عَلَى الْمَحِلِّ يَزُولُ بِأَدْنَى شَيْءٍ وَهُوَ الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ الشَّارِحُ كَمَا تَقَدَّمَ بِخَاتَمِ رَبِّهَا.

(الرَّابِعُ) فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِمْ فِي تَوْجِيهِ عَدَمِ الرَّدِّ فِي اشْتِرَاطِ كَوْنِهَا عَذْرَاءَ وَقَدْ تَكُونُ الْعُذْرَةُ ذَهَبَتْ بَعْد عَقْدِ النِّكَاحِ إلَخْ أَنْ لَا رَدَّ لِلزَّوْجِ حَتَّى يَثْبُتَ أَنَّ زَوَالَهَا قَبْلَ الْعَقْدِ عَلَيْهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ الِاسْتِصْحَابُ

ص: 206

فَيُحْمَلُ زَوَالُهَا عَلَى الْحُدُوثِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ.

(الْخَامِسُ) اُنْظُرْ قَوْلَهُ فِيمَنْ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَلَا يُلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ أَيْ بِالزَّوْجِ ظَاهِرُهُ وَلَوْ أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يُلْحَقُ بِهِ إذَا أَتَتْ بِهِ لِذَلِكَ وَلَا يَنْتَفِي إلَّا بِاللِّعَانِ وَإِنَّمَا لَا يُلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ إذَا أَتَتْ بِهِ لِأَقَلِّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(السَّادِسُ) قَوْلُ الْمُتَيْطِيُّ يَنْبَغِي لِأَوْلِيَاءِ الْمَرْأَةِ تَذْهَبُ عُذْرَتُهَا مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ أَنْ يُشِيعُوا ذَلِكَ إلَخْ (قُلْت) عَلَى إشَاعَةِ ذَلِكَ عَمَلَ الْعَامَّةُ فِيمَا يَقَعُ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ، وَكَذَا الْمُوَثِّقُونَ حَتَّى يَعْقِدُوا فِي ذَلِكَ الْوَثَائِقَ وَالسِّجِلَّاتِ وَقَدْ وَقَفْت فِي ذَلِكَ عَلَى وَثِيقَةٍ بِخَطِّ الْإِمَامِ الْعَالِمِ الْحَسَنِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَطِيَّةِ التِّيجَانِيِّ الشَّهِيرِ الْوَنْشَرِيسِيِّ وَقَدْ تُقْطَعُ بَعْضُ أَطْرَافِهَا لِقِدَمِهَا وَنَصَّ مَا وَجَدْتُ سَالِمًا مِنْ ذَلِكَ هَذَا كِتَابُ تَحْصِينٍ لِرَفْعِ مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ مِنْ الظُّنُونِ عَقَدَهُ فُلَانٌ لِابْنَتِهِ فُلَانَةَ الصَّغِيرَةِ فِي حَجَرِهِ وَوِلَايَتِهِ، وَأَمْرِهِ لِمَا جَرَى عَلَيْهَا مِنْ الْقَدَرِ الَّذِي لَا يُغَالَبُ بِالْحَذَرِ وَذَلِكَ أَنَّهَا مَشَتْ فِي الْأَرْضِ مِشْيَةَ الصَّبِيَّانِ وَلَعِبَتْ لِعْبَ أَمْثَالِهَا مِنْ الْوِلْدَانِ فَسَقَطَتْ عَلَى حَجَرٍ أَصَابَ رَحِمَهَا وَأَسْقَطَ عُذْرَتَهَا وَيَعْلَم مِنْ يَضَع اسْمَهُ عَقِبَ تَارِيخِهِ أَنَّهَا لِصِغَرِهَا مِمَّنْ لَا يُتَشَوَّفُ إلَيْهَا الرِّجَالُ فَصِغَرِ سِنِّهَا قَرِينَةُ رَفْعِ الِاحْتِمَالِ فَلِيَكُنِ الذَّاهِبُ إلَى نِكَاحِهَا طَيِّبُ النَّفْسِ زَهِيُّ الْبَالِ وَأَنَّهُ رَافِعٌ حِجَابَ لَمْ يُرْفَعْ لِقَضَاءِ أَرَبٍ مِنْ الْآرَابِ وَأَنَّهَا بِكْرٌ عَوَانٌ لَمْ يَطْمِثْهَا إنْسٌ قَبْلَهُ وَلَا جَانٌّ وَيَشْهَدُ بِمُضْمَنِ هَذِهِ الْوَثِيقَةِ عَنْ عِلْمِ صِغَرِ الْبِنْتِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَفِي كَذَا اهـ

وَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ قَبْلَ إلَّا بِنْتًا

فِي قِدَمِ الْعَيْبِ الَّذِي تَبَيَّنَا

وَالْقَوْلُ بَعْدُ فِي الْحُدُوثِ قَوْلُ الْأَبْ

وَالزَّوْجُ إذَا ذَاكَ بَيَانُهُ وَجَبْ

يَعْنِي أَنَّهُ إذَا ظَهَرَ بِالزَّوْجَةِ عَيْبٌ وَاخْتَلَفَتْ مَعَ الزَّوْجِ فَادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّ الْعَيْبَ قَدِيمٌ يُوجِبُ لَهُ الْخِيَارُ وَادَّعَتْ الزَّوْجَةُ حُدُوثَهُ فَيَكُونُ مُصِيبَةٌ بِالزَّوْجِ فَإِنْ كَانَ اخْتِلَافُهُمَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ فِي قِدَمِهِ وَعَلَى الزَّوْجَةِ بَيَانُ كَوْنِهِ حَادِثًا وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجَةِ فِي حُدُوثِهِ، أَوْ قَوْلُ أَبِيهَا وَعَلَى الزَّوْجِ بَيَانُ كَوْنِهِ قَدِيمًا وَعَلَيْهِ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ وَالزَّوْجُ إذْ ذَاكَ بَيَانُهُ وَجَبَ

(فَفِي طُرَرِ ابْنِ عَاتٍ) اُنْظُرْ إذَا ظَهَرَ بِالزَّوْجَةِ جُذَامٌ فَادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِهَا قَدِيمًا وَقَالَ الْأَب بَلْ حَدَّثَ بِهَا فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ وَعَلَى الْأَبِ الْبَيِّنَةُ بِحُدُوثِهِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَبِ وَعَلَى الزَّوْجِ الْبَيِّنَةُ قِيَاسًا عَلَى الْبُيُوعِ فِيمَا وَجَدَ مِنْ عَيْبِ السِّلْعَةِ فَاخْتُلِفَ فِيهِ الْحُكْمُ فِيهِمَا سَوَاءٌ ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ عِيسَى مِنْ الشَّرْحِ وَقَدْ وَهَمَ ابْنُ فَتْحُونٍ رحمه الله -

ص: 207

فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَنَحْوِ هَذَا الْفِقْهِ فِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَالَ الشَّارِحُ) هَلْ يُرِيدُ بِالْبَيِّنَةِ إقَامَةَ شَهَادَةٍ بِأَنَّ الْعَيْبَ بِهَا قَدِيمٌ، أَوْ حَادِثٌ، أَوْ شَهَادَةُ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِأَنَّهُ قَدِيمٌ أَقْدَمُ مِنْ أَمَدِ الْعَقْدِ، أَوْ حَادِثٌ بَعْدَ الْعَقْدِ، أَوْ مُحْتَمَلٌ كَالشَّهَادَةِ فِي الرَّقِيقِ وَفِي الدَّوَابِّ هَذَا مِمَّا يُحْتَمَلُ وَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا اهـ وَقَوْلُهُ وَالْقَوْلُ بَعْدُ أَيْ بَعْدَ الْبِنَاءِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ قَبْلَ الِابْتِنَاءِ وَلَفْظُ الْأَبِ أَيْ أَبِي الزَّوْجَةِ يَقْرَأُ بِنَقْلِ حَرَكَةِ الْهَمْزَةِ لِلسَّاكِنِ قَبْلَهَا وَالْإِشَارَةُ فِي قَوْلِهِ إذْ ذَاكَ لِكَوْنِ الِاخْتِلَافِ بَعْدَ الْبِنَاءِ

كَذَا بِرِدِّ ذِي انْتِسَابٍ أُلْفِيَا

لِغَيَّةٍ أَوْ مُسْتَرَقًّا قُضِيَا

يَعْنِي كَمَا يَقْضِي لِلزَّوْجَةِ بِحُدُوثِ عَيْبِهَا الْمُتَنَازِعِ فِيهِ بَعْدَ الْبِنَاءِ كَذَلِكَ يَقْضِي لَهَا بِرَدِّ الزَّوْجِ إذَا تَزَوَّجَتْهُ عَلَى أَنَّهُ ذُو نَسَبٍ فَوَجَدَتْهُ لَا نَسَبَ لَهُ أَيْ وَلَدُ زِنًا وَهُوَ قَوْلُهُ لِغَيَّةٍ أَيْ لِزَنْيَةِ وَهُوَ بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ مِنْ الْغَيِّ وَحَكَى بَعْضُ اللُّغَوِيِّينَ كَسْرَ الْغَيْنِ، أَوْ تَزَوَّجَتْهُ وَهِيَ حُرَّةٌ عَلَى أَنَّهُ حُرٌّ فَوَجَدَتْهُ عَبْدًا، أَوْ فِيهِ شَائِبَةٌ رِقٍّ فَلَهَا الْخِيَارُ فِي رَدِّهِ وَالرِّضَا بِهِ فِي الْوَجْهَيْنِ، وَكَذَلِكَ عَكْسُ الْمَسْأَلَتَيْنِ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَنَّهَا ذَاتُ نَسَبٍ فَوَجَدَهَا بِنْتَ زِنًا فَهُوَ مُخَيَّرٌ أَيْضًا، كَذَلِكَ مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ فَوَجَدَهَا أَمَةً أَمَّا مَسْأَلَةُ وُجُودِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ وَلَدَ زِنًا فَفِي الْمُقَرِّبِ فِي وُجُودِ الْمَرْأَةِ بِنْتَ زِنًا أَنَّ

ص: 208