المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب الرهن وما يتعلق به] - شرح ميارة = الإتقان والإحكام في شرح تحفة الحكام - جـ ١

[ميارة]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَةُ الْكِتَابِ]

- ‌[بَابُ الْقَضَاءِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَعْرِفَةِ أَرْكَانِ الْقَضَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي رَفْعِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَمَا يُلْحَقُ بِذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مِنْ الْقَضَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمَقَالِ وَالْجَوَابِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْآجَالِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِعْذَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خِطَابِ الْقُضَاةِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ]

- ‌[بَابُ الشُّهُودِ وَأَنْوَاعِ الشَّهَادَاتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ مَسَائِلُ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ مِمَّا يَتَكَرَّرُ وُقُوعُهُ غَالِبًا]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَنْوَاعِ الشَّهَادَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ الشَّهَادَةُ الَّتِي تُوجِبُ الْحَقَّ مَعَ الْيَمِينِ]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ أَقْسَامِ الشَّهَادَةِ وَهِيَ الَّتِي تُوجِبُ الْحَقَّ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَا يُوجِبُ الْيَمِينَ لَا عَلَى الطَّالِبِ بَلْ عَلَى الْمَطْلُوبِ]

- ‌[فَصْلٌ الشَّهَادَةُ الَّتِي لَا عَمَلَ لَهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مِنْ الشَّهَادَةِ]

- ‌[بَابُ الْيَمِينِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[بَابُ الرَّهْنِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَرَاهِنَيْنِ]

- ‌[بَابُ الضَّمَانِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[بَابُ الْوَكَالَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَدَاعِي الْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلِ]

- ‌[بَابُ الصُّلْحِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ وَلِلْأَبِ الصُّلْحُ عَلَى الْمَحْجُورِ]

- ‌[بَابُ النِّكَاحِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَوْلِيَاءِ وَمَا يَتَرَتَّبُ فِي الْوِلَايَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَنْ لَهُ الْإِجْبَارُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ فَاسِدِ النِّكَاحِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مِنْ النِّكَاحِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَدَاعِي الزَّوْجَيْنِ وَمَا يَلْحَقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْقَبْضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُهْدِيهِ الزَّوْجُ ثُمَّ يَقَعُ الطَّلَاقُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الشُّوَارِ الْمُورَدِ بَيْتَ الْبِنَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي إثْبَاتِ الضَّرَرِ وَالْقِيَامِ بِهِ وَبَعْثِ الْحَكَمَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الرَّضَاعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي عُيُوبِ الزَّوْجَيْنِ وَمَا يُرَدَّانِ بِهِ مِنْهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اللِّعَانِ]

- ‌[بَابُ الطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ الْخُلْع]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَيْمَانِ اللَّازِمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّدَاعِي فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا ثُمَّ أَرَادَ الْعَوْدَ لِلزَّوْجِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الرَّجْعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْفَسْخِ]

- ‌[بَابُ النَّفَقَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّدَاعِي فِي النَّفَقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَجِبُ لِلْمُطَلَّقَاتِ وَغَيْرِهِنَّ مِنْ النَّفَقَةِ وَمَا يُلْحَقُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الطَّلَاقِ بِالْإِعْسَارِ بِالنَّفَقَةِ وَمَا يُلْحَقُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْمَفْقُودِينَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَضَانَةِ]

- ‌[بَابٌ فِي الْبُيُوعِ وَمَا شَاكَلَهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْأُصُولِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْعُرُوضِ مِنْ الثِّيَابِ وَسَائِرِ السِّلَعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الطَّعَامِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ النَّقْدَيْنِ وَالْحُلِيِّ وَشِبْهِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الثِّمَارِ وَمَا يُلْحَقُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجَائِحَةِ فِي الثِّمَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الرَّقِيقِ وَسَائِرِ الْحَيَوَانِ]

- ‌[فَصْلٌ كِلَابَ الْمَاشِيَةِ يَجُوزُ بَيْعُهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الدَّيْنِ وَالْمُقَاصَّةِ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَوَالَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ وَالثُّنْيَا]

الفصل: ‌[باب الرهن وما يتعلق به]

وَالْبِكْرُ مَعَ شَاهِدِهَا تُحَلَّفُ

وَفِي ادِّعَاءِ الْوَطْءِ أَيْضًا تَحْلِفُ

وَفِي سِوَى الْمَشْهُورِ يَحْلِفُ الْأَبُ

عَنْ ابْنِهِ وَحَلْفُ الِابْنِ مَذْهَبُ

يَعْنِي أَنَّ الْبِكْرَ الْبَالِغَ إذَا قَامَ لَهَا شَاهِدٌ بِحَقٍّ فَإِنَّهَا تَحْلِفُ مَعَهُ وَتَسْتَحِقُّ، وَهَذَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي السَّفِيهِ الْبَالِغِ حَيْثُ قَالَ:" وَالْبَالِغُ السَّفِيهُ " الْبَيْتَ وَكَذَلِكَ أَيْضًا إذَا خَلَا بِهَا الزَّوْجُ خَلْوَةَ اهْتِدَاءٍ وَادَّعَتْ الْوَطْءَ وَأَنْكَرَهُ الزَّوْجُ، فَإِنَّ خَلْوَتَهُ بِهَا شَاهِدٌ عُرْفِيٌّ يَشْهَدُ لَهَا فَتَحْلِفُ مَعَهُ وَتَسْتَحِقُّ الصَّدَاقَ كَامِلًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا فِي قَوْلِهِ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ أَقْسَامِ الشَّهَادَةِ وَهِيَ الَّتِي تُوجِبُ الْحَقَّ مَعَ الْيَمِينِ، " وَهَا هُنَا عَنْ شَاهِدٍ " الْبَيْتَ وَعَلَى هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ اشْتَمَلَ الْبَيْتُ الْأَوَّلُ.

(قَالَ) ابْنُ سَهْلٍ فِي أَحْكَامِهِ عَنْ ابْنِ لُبَابَةَ: إنَّ الْعَوَاتِقَ الْأَبْكَارَ لَا يَمِينَ عَلَى مَنْ لَمْ تَطْلُقْ مِنْهُنَّ مِنْ الْوِلَايَةِ إلَّا فِي شَيْءٍ يَكُونُ لَهُنَّ بِهِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ، فَإِنَّهُنَّ يَحْلِفْنَ كَمَا يَحْلِفُ السَّفِيهُ، وَفِي مِثْلِ ادِّعَائِهِنَّ عَلَى الْأَزْوَاجِ الْوَطْءَ اهـ. وَأَمَّا الْبَيْتُ الثَّانِي فَقَدْ اسْتَدْرَكَ فِيهِ قَوْلَيْنِ آخَرَيْنِ فِي مَسْأَلَةِ الصَّبِيِّ، يَقُومُ لَهُ شَاهِدٌ بِحَقٍّ، فَقَدْ قَدَّمَ فِيهِ قَوْلًا وَاحِدًا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي قَوْلِهِ:" يَحْلِفُ مُنْكِرٌ وَحَقٌّ وَقَفَا " الْبَيْتَ وَذَكَرَ هُنَا قَوْلَيْنِ آخَرَيْنِ مُقَابِلَيْنِ لِلْمَشْهُورِ، وَلِذَلِكَ قَالَ:" وَفِي سِوَى الْمَشْهُورِ " أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْأَبَ يَحْلِفُ عَنْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ، الثَّانِي: أَنَّ الصَّبِيَّ هُوَ الَّذِي يَحْلِفُ.

(قَالَ الشَّارِحُ) قَوْلُهُ " وَحَلِفُ الِابْنِ مَذْهَبٌ " يَعْنِي بِهِ أَنَّهُ قَدْ قِيلَ: إنَّ الِابْنَ يَحْلِفُ وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا، وَسَاقَهُ بِالتَّنْكِيرِ إشْعَارًا بِأَنَّهُ مَذْهَبٌ لَا يَخْلُو مِنْ شُذُوذٍ لِعَدَمِ جَرَيَانِهِ عَلَى الْأُصُولِ، وَفِيهِ إشْكَالٌ كَمَا يَأْتِي، ثُمَّ قَالَ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَلَيْسَ لِوَصِيِّ الصَّغِيرِ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ شَاهِدٍ وَيَسْتَحِقُّ حَقَّهُ، وَاخْتُلِفَ هَلْ ذَلِكَ لِلْأَبِ أَمْ لَا؟ فَالْمَشْهُورُ الْمَعْلُومُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتِهِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ لَهُ.

(وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ) : ذَلِكَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ يَمُونُهُ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ وَهَذَا فِيمَا لَمْ يَلِ فِيهِ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ الْمُعَامَلَةَ؛ لِأَنَّ مَا وَلِيَ فِيهِ أَحَدُهُمَا الْمُعَامَلَةَ فَالْيَمِينُ عَلَيْهِ وَاجِبَةٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَحْلِفْ غُرِّمَ وَقَدْ وَقَعَ فِي كِتَابٍ جُمِعَتْ فِيهِ أَقْضِيَةُ مَالِكٍ وَاللَّيْثِ أَنَّ الصَّغِيرَ يَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ كَالسَّفِيهِ وَهُوَ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّ الْقَلَمَ مَرْفُوعٌ عَنْهُ فَلَا يَتَحَرَّجُ مِنْ الْحَلِفِ عَلَى بَاطِلٍ. .

[بَابُ الرَّهْنِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

ِ (ابْنُ عَرَفَةَ) الرَّهْنُ مَالٌ قُبِضَ تَوَثُّقًا بِهِ فِي دَيْنٍ فَتَخْرُجُ الْوَدِيعَةُ وَالْمَصْنُوعُ بِيَدِ صَانِعِهِ، وَقَبْضُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ عَبْدًا جَنَى عَلَيْهِ وَإِنْ شَارَكَهُ فِي الْأَحَقِّيَّةِ لِجَوَازِ اشْتِرَاكِ الْمُخْتَلِفَاتِ فِي أَمْرٍ يَخُصُّهَا، وَلَا تَدْخُلُ وَثِيقَةُ ذِكْرِ الْحَقِّ وَلَا الْحَمِيلُ، وَلَا يَخْرُجُ مَا اُشْتُرِطَتْ مَنْفَعَتُهُ؛ لِأَنَّ شَرْطَهَا لَا يُنَافِي قَبْضَهُ لِلتَّوَثُّقِ. اهـ.

(فَقَوْلُهُ مَالٌ) جِنْسُ مُنَاسِبِ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ بِمَعْنَى الْمَرْهُونِ وَحَدُّ الِاسْمِ دُونَ الْمَصْدَرِ الَّذِي هُوَ إعْطَاءُ مَالٍ تَوَثُّقًا بِحَقٍّ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ هُوَ الْمُسْتَعْمَلُ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ، (قَوْلُهُ قُبِضَ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الرَّهْنَ لَا يَتَقَرَّرُ مِنْ غَيْرِ قَبْضٍ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ رحمه الله وَإِنْ وَقَعَ مِنْهُ صِحَّةُ التَّوَثُّقِ بِهِ، (قَوْلُهُ فِي دَيْنٍ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الرَّهْنُ فِي مُعَيَّنٍ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ فِي دَيْنٍ، وَالدَّيْنُ لَا يَتَقَرَّرُ فِي الْمُعَيَّنَاتِ (فَإِنْ قُلْت) وَقَعَ فِي كُتُبِ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الرَّهْنَ يَصِحُّ فِي الْعَارِيَّةِ، وَإِطْلَاقُهُمْ يَدُلُّ عَلَى الْحَقِيقَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، فَالْحَدُّ غَيْرُ جَامِعٍ (قُلْت) الْجَوَابُ: أَنَّ الرَّهْنَ الْمَذْكُورَ لَمْ يَكُنْ فِي الْمُعَيَّنِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي قِيمَتِهِ إذَا هَلَكَ وَكَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ تَأَوَّلُوا مَا وَقَعَ لَهُمْ وَهُوَ صَحِيحٌ صَحَّ مِنْ الرَّصَّاعِ (ابْنُ سَلْمُونٍ) وَإِذَا كَانَ فِي الْعَارِيَّةِ فَهُوَ فِي الْقِيمَةِ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ. (وَفِي ابْنِ الْحَاجِبِ) الرَّهْنُ إعْطَاءُ أَمْرٍ وَثِيقَةً بِحَقٍّ. اهـ.

(التَّوْضِيحُ) الرَّهْنُ لُغَةً اللُّزُومُ، وَالْحَبْسُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدثر: 38] أَيْ: مَحْبُوسَةٌ، وَالرَّاهِنُ دَافِعُ الرَّهْنِ وَالْمُرْتَهِنُ بِكَسْرِ الْهَاءِ آخِذُهُ، وَيُقَالُ لِلرَّهْنِ مُرْتَهَنٌ بِفَتْحِ الْهَاءِ، وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى آخِذِهِ؛ لِأَنَّهُ وُضِعَ عِنْدَهُ الرَّهْنُ، وَعَلَى الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّهُ يُسْأَلُ الرَّهْنَ.

(الْجَوْهَرِيُّ وَالنَّوَوِيُّ) يُقَالُ رَهَنْتُهُ الشَّيْءَ وَأَرْهَنْتُهُ وَجَمْعُ الرَّهْنِ رِهَانٌ وَرُهُونٌ وَرُهُنٌ (ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ) وَأَتَى بِلَفْظِ أَمْرٍ لِيَشْمَلَ الذَّوَاتَ وَالْمَنَافِعَ؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ رَهْنُهُمَا، وَنَبَّهَ بِقَوْلِهِ إعْطَاءُ الْإِقْبَاضِ، لِأَنَّ الرَّهْنَ لَا يَتِمُّ بِمُجَرَّدِ

ص: 106

الْقَبْضِ حَتَّى يَكُونَ الْمَالِكُ هُوَ الَّذِي أَقْبَضَهُ إيَّاهُ وَأَذِنَ لَهُ فِي قَبْضِهِ، فَلَوْ تَوَلَّى الْمُرْتَهِنُ قَبْضَهُ دُونَ إقْبَاضِ مَالِكِهِ وَإِذْنِهِ لِمَ يَكُنْ رَهْنًا بِخِلَافِ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى وَصَفَ الرِّهَانَ بِكَوْنِهَا مَقْبُوضَةٌ، وَلَفْظُ مَقْبُوضَةٍ يَقْتَضِي قَابِضًا وَمَقْبُوضًا فَلَا بُدَّ مِنْ الْمَقْبُوضِ مِنْهُ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ وَصْفُهُ بِكَوْنِهِ مَقْبُوضًا: وَلَمَّا لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ فِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ صَحَّ قَبْضُ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَالْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ دُونَ إقْبَاضٍ مِنْ الْوَاهِبِ وَالْمُتَصَدِّقِ اهـ (قَوْلُهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) يَعْنِي كَاشْتِرَاطِ حَوْزِهِ وَانْقِسَامِهِ إلَى مَا يُغَابُ عَلَيْهِ، وَمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ، وَمَا يُضْمَنُ، وَمَا لَا يُضْمَنُ، وَمَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ مَنْفَعَتِهِ، وَمَا لَا يَجُوزُ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ مِمَّا يَكْثُرُ فِيهِ التَّدَاعِي بَيْنَ الْمُتَرَاهِنَيْنِ.

الرَّهْنُ تَوْثِيقٌ بِحَقِّ الْمُرْتَهِنْ

وَإِنْ حَوَى قَابِلَ غَيْبَةٍ ضَمِنْ

مَا لَمْ تَقُمْ لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَهْ

لِمَا جَرَى فِي شَأْنِهِ مُعَيَّنَهْ

وَإِنْ يَكُنْ عِنْدَ أَمِينٍ وُقِفَا

فَلَا ضَمَانَ فِيهِ مَهْمَا تَلِفَا

اشْتَمَلَ الْبَيْتَانِ الْأَوَّلَانِ عَلَى مَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَى حَدُّ الرَّهْنِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ مَالٌ قُبِضَ تَوَثُّقًا بِهِ فِي دَيْنٍ، الثَّانِيَةُ أَنَّ الرَّهْنَ إذَا كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَكَانَ تَحْتَ يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَادَّعَى ضَيَاعَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ إلَّا إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى هَلَاكِهِ بِغَيْرِ سَبَبِهِ فَلَا يَضْمَنُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقِيلَ يَضْمَنُهُ وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي كَوْنِ الضَّمَانِ ضَمَانَ تُهْمَةٍ أَوْ ضَمَانَ أَصَالَةٍ.

(وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ: قَابِلَ غَيْبَةٍ: أَنَّهُ إنْ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ؛ فَلَا يَضْمَنُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ) . وَاشْتَمَلَ الْبَيْتُ الثَّالِثُ عَلَى مَسْأَلَةٍ وَهِيَ أَنَّ الرَّهْنَ إذَا كَانَ تَحْتَ يَدِ أَمِينٍ فَتَلِفَ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ أَيْضًا، وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ:

وَإِنْ يَكُنْ عِنْدَ أَمِينٍ وُقِفَا

الْبَيْتَ (ابْنُ يُونُسَ) قَالَ مَالِكٌ: وَمَا قَبَضَهُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ رَهْنٍ غَابَ عَلَيْهِ فَضَاعَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى

ص: 107

هَلَاكِهِ مِنْ غَيْرِ سَبَبِهِ.

(قَالَ الْمُتَيْطِيُّ) . هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ، وَبِهِ الْحُكْمُ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ اهـ فَقَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ سَبَبِهِ يُرِيدُ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ بِتَعَدِّي أَجْنَبِيٍّ فَذَلِكَ مِنْ الرَّاهِنِ، وَلَهُ طَلَبُ الْمُتَعَدِّي (ابْنُ الْحَاجِبِ.) وَإِنَّ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ كَالْحُلِيِّ وَالثِّيَابِ عِنْدَ مُؤْتَمَنٍ فَكَالْأَوَّلِ. (التَّوْضِيحُ) أَيْ فَالضَّمَانُ مِنْ الرَّاهِنِ اهـ وَفَاعِلُ حَوَى لِلْمُرْتَهِنِ وَمَعْنَى حَوَاهُ: ضَمَّهُ وَكَانَ تَحْتَ يَدِهِ. وَقَابِلَ: صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ: رَهْنًا قَابِلَ غَيْبَةٍ. وَفَاعِلُ ضَمِنَ لِلْمُرْتَهِنِ أَيْضًا، وَمَا ظَرْفِيَّةٌ مَصْدَرِيَّةٌ، وَضَمِيرُ (لَهُ) لِلْمُرْتَهِنِ أَيْضًا، وَضَمِيرُ عَلَيْهِ: لِلرَّهْنِ وَبَيِّنَةٌ فَاعِلُ تَقُمْ وَمُعَيَّنَةٌ: صِفَةٌ لِبَيِّنَةٍ وَلِمَا جَرَى مُتَعَلِّقٌ بِمُعَيَّنَةٍ، وَاسْمُ يَكُنْ: لِلرَّهْنِ، وَجُمْلَةُ وُقِفَا: خَبَرُ يَكُنْ، وَعِنْدَ: يَتَعَلَّقُ بِوَقَفَا.

(فَرْعٌ) قَالَ مَالِكٌ: وَإِذَا غَرِمَ الْمُتَعَدِّي الْقِيمَةَ فَأَحَبُّ مَا فِيهِ إنْ أَتَى الرَّاهِنُ بِرَهْنٍ ثِقَةٍ مَكَانَ ذَلِكَ الرَّهْنِ أَخَذَ الْقِيمَةَ وَإِلَّا جُعِلَتْ هَذِهِ الْقِيمَةُ رَهْنًا وَطُبِعَ عَلَيْهَا. قَالَ: وَمَا قَبَضَهُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ رَهْنٍ لَا يُغَابُ عَلَيْهِ مِنْ رَبْعٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ رَقِيقٍ فَالْمُرْتَهِنُ مُصَدَّقٌ فِيهِ، وَلَا يَضْمَنُ مَا زَعَمَ أَنَّهُ هَلَكَ أَوْ عَطِبَ أَوْ أَبَقَ أَوْ دَخَلَهُ عَيْبٌ، وَيَكُونُ ضَمَانُهُ مِنْ الرَّاهِنِ. (وَفِي الْمُقَرَّبِ) ": وَمَا كَانَ مِنْ الْعُرُوضِ كُلِّهَا الَّتِي يُغَابُ عَلَيْهَا إذَا جُعِلَتْ رَهْنًا عَلَى يَدِ مَنْ ارْتَضَيَاهُ فَهَلَكَ فَهُوَ مِنْ الرَّاهِنِ ".

(قَالَ ابْنُ يُونُسَ) لِبَيَانِ بَرَاءَةِ الْمُرْتَهِنِ: وَلَمْ يَضْمَنْ الْأَمِيرُ؛ لِأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ، وَإِنَّمَا قَبَضَهُ لِمَنْفَعَةِ غَيْرِهِ كَالْمُودَعِ.

(فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ: إنْ اخْتَلَفَا فَدَعَا أَحَدُهُمَا إلَى كَوْنِهِ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ وَالْآخَرُ إلَى أَنْ يَكُونَ عَلَى يَدِ عَدْلٍ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ مَنْ دَعَا إلَى الْعَدْلِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الرَّهْنِ: التَّوَثُّقُ، وَهُوَ يَحْصُلُ بِكَوْنِهِ عَلَى يَدِ عَدْلٍ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْعَادَةُ تَسْلِيمَهُ إلَى يَدِ الْمُرْتَهِنِ، فَإِنْ لِمَ تَكُنْ عَادَةً كَانَ لِلرَّاهِنِ أَنْ لَا يُسَلِّمَهُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ: لَا آمَنُكَ عَلَيْهِ. وَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ لَا يَقْبِضَهُ لِأَنَّهُ يَقُولُ: عَلَيَّ فِي قَبْضِهِ مَضَرَّةٌ أَضْمَنُهُ إنْ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَأَتَكَلَّفُ حِفْظَهُ إنْ كَانَ حَيَوَانًا.

(قَالَ الشَّارِحُ) : " فَعَلَى هَذَا إنْ كَانَ الرَّهْنُ أَصْلًا مِمَّا لَا يُضْمَنُ وَلَا يُتَكَلَّفُ حِفْظُهُ يُلْزَمُ الْمُرْتَهِنَ قَبْضُهُ وَإِنْ لِمَ تَكُنْ هُنَاكَ عَادَةً " مَعَ أَنَّ فِي قَوْلِ اللَّخْمِيِّ: " إلَّا أَنْ تَكُونَ الْعَادَةُ تَسْلِيمَهُ لِلْمُرْتَهِنِ " بَحْثًا؛ لِأَنَّهُ مَا أَبْدَاهُ مِنْ حُجَّةِ الْمُرْتَهِنِ فِي عَدَمِ قَبْضِهِ وَاضِحَةٌ فَكَيْفَ تُرَدُّ عَلَيْهِ بِعَادَةِ غَيْرِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.

(وَالْجَوَابُ) - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ -: أَنَّهُ إنْ دَخَلَا عَلَى الْمُسَاكَتَةِ وَلَمْ يُبَيِّنَا عِنْدَ مَنْ يَكُونُ الرَّهْنُ فَيُرْجَعُ لِلْعَادَةِ؛ لِأَنَّهَا كَالشَّرْطِ وَإِنْ امْتَنَعَ ابْتِدَاءً، وَذَكَرَ عُذْرَهُ فِي عَدَمِ قَبْضِهِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قَبْضُهُ عِنْدَ أَمِينٍ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مَنْ دَعَا إلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ. .

وَالْحَوْزُ مِنْ تَمَامِهِ وَإِنْ حَصَلْ

وَلَوْ مُعَارًا عِنْدَ رَاهِنٍ بَطَلْ

يَعْنِي أَنَّ الْحَوْزَ مِنْ تَمَامِ الرَّهْنِ وَلَا يَصِحّ إلَّا بِهِ، فَكَذَلِكَ إذَا عَادَ لِيَدِ رَاهِنِهِ بِأَيِّ وَجْهِ فَرْضٍ بَطَلَ

ص: 108

ابْنُ يُونُسَ) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283] فَلَزِمَ بِهَذَا اسْتِدَامَةُ الْقَبْضِ وَهُوَ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهِ، فَمَتَى عَادَ إلَى الرَّاهِنِ بِوَجْهٍ مَا بَطَلَ كَالِابْتِدَاءِ، (قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ) : مَنْ ارْتَهَنَ رَهْنًا فَقَبَضَهُ ثُمَّ أَوْدَعَهُ عِنْدَ الرَّاهِنِ، أَوْ آجَرَهُ مِنْهُ، أَوْ أَعَارَهُ إيَّاهُ، أَوْ رَدَّهُ إلَيْهِ بِأَيِّ وَجْهٍ حَتَّى يَكُونَ الرَّاهِنُ هُوَ الْحَائِزُ لَهُ فَقَدْ خَرَجَ مِنْ الرَّهْنِ (قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ) ثُمَّ إنْ قَامَ الْمُرْتَهِنُ بِرَدِّهِ قُضِيَ لَهُمْ بِذَلِكَ مَا لَمْ يَدْخُلْهُ فَوْتٌ مِنْ تَحْبِيسٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ تَدْبِيرٍ أَوْ بَيْعٍ، أَوْ قَامَ غُرَمَاؤُهُ.

(وَفِي الْمُقَرَّبِ) : " وَإِنْ اسْتَعَارَهُ مِنْهُ الرَّاهِنُ ثُمَّ اسْتَحْدَثَ دَيْنًا أَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ الْمُرْتَهِنُ كَانَ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ " وَفِيهِ قَالَ (ابْنُ الْقَاسِمِ) وَمَنْ ارْتَهَنَ دَارًا ثُمَّ أَذِنَ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَسْكُنَهَا أَوْ يُكْرِيَهَا فَقَدْ خَرَجَتْ مِنْ الرَّهْنِ، وَإِنْ لِمَ يَسْكُنْ وَلَمْ يُكْرِ (ابْنُ حَارِثٍ) اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَتِمُّ إلَّا بِقَبْضِهِ، فَإِنْ تَرَاخَى بِقَبْضِهِ إلَى قِيَامِ الْغُرَمَاءِ بَطَلَ وَلَوْ كَانَ جَادًّا فِي طَلَبِهِ.

(فَرْعٌ) إذَا وُجِدَ الرَّهْنُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ مَوْتِ رَاهِنِهِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ: حُزْتُهُ فِي صِحَّتِهِ، وَكَذَلِكَ الْهِبَةُ.

(الْمَوَّاقُ) وَعَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ: " لَا يَنْفَعُ ذَلِكَ حَتَّى تُعْلَمَ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ حَازَهُ قَبْلَ الْمَوْتِ أَوْ الْفَلَسِ.

(قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ) : صَوَابُهُ لَا يَنْفَعُهُ إلَّا بِمُعَايَنَةِ الْحَوْزِ (ابْنُ رُشْدٍ) يَجْرِي هَذَا الْخِلَافُ فِي الصَّدَقَةِ تُوجَدُ بِيَدِ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُتَصَدِّقِ فَيَدَّعِي قَبْضَهَا فِي صِحَّتِهِ، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ دَلِيلُ الْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا (الْبَاجِيُّ) عِنْدِي لَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ وَجَدَهُ بِيَدِهِ قَبْلَ الْمَوْتِ أَوْ الْفَلَسِ كَانَ رَهْنًا وَإِنْ لِمَ يَحْضُرُوا الْحِيَازَةَ، لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ مَقْبُوضًا وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ بِالِاكْتِفَاءِ بِالْحَوْزِ (ابْنُ يُونُسَ) . قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: صَوَابُهُ لَا يَنْفَعُ إلَّا بِمُعَايَنَةِ الْبَيِّنَةِ الْحَوْزَ بَعْدَ الِارْتِهَانِ.

(وَفِي التَّوْضِيحِ عَنْ اللَّخْمِيِّ) إذْ لَا بُدَّ مِنْ مُعَايَنَةِ الْبَيِّنَةِ لِقَبْضِ الْمُرْتَهَنِ وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا يَكْفِي إلَّا التَّحْوِيزُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْحَوْزَ رَفْعُ مُبَاشَرَةِ الرَّاهِنِ

ص: 109

التَّصَرُّفَ فِي الرَّهْنِ، وَالتَّحْوِيزُ هُوَ تَسْلِيمُ الْعَطِيَّةِ أَوْ الرَّهْنِ مِنْ الْمُعْطِي أَوْ الرَّاهِنِ لِمَنْ ثَبَتَ لَهُ ذَلِكَ. (الرَّصَّاعُ) . وَالصَّحِيحُ أَنَّ الرَّهْنَ يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّحْوِيزُ، وَلَا يَكْفِي الْحَوْزُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَلِذَلِكَ يُكْتَبُ فِي وَثِيقَةِ الرَّهْنِ " وَبَسَطَ يَدَهُ عَلَى حَوْزِ الرَّهْنِ فَحَازَهُ مُعَايَنَةً "، وَلَا يُحْتَاجُ ذَلِكَ فِي وَثِيقَةِ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ، وَكَتْبُهُ فِيهِمَا مِنْ جَهْلِ الْمُوَثِّقِ. وَإِلَى ذَلِكَ أَشَرْنَا بِقَوْلِنَا فِي تَكْمِيلِ الْمَنْهَجِ.

وَالْقَبْضُ فِي غَيْرِ الرِّهَانِ كَافِ

وَفِيهِ الْإِقْبَاضُ عَلَى خِلَافِ

لِذَاكَ قَالُوا فِي رُسُومِ الرَّهْنِ قَطُّ

يَدًا عَلَى الْحَوْزِ لِرَهْنٍ قَدْ بَسَطْ

وَكَتْبُهُ فِي غَيْرِهِ دَلَّ عَلَى

جَهْلِ الْمُوَثِّقِ كَذَاكَ نُقِلَا

(فَرْعٌ) إذَا كَانَ الرَّهْنُ بِيَدِ مَنْ هُوَ مِنْ الرَّاهِنِ بِسَبَبٍ كَمُدَبَّرِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ وَزَوْجَتِهِ وَعَبْدِهِ وَوَلَدِهِ

ص: 110

الصَّغِيرِ فَالِاتِّفَاقُ عَلَى لَغْوِ حَوْزِهِمْ، وَأَمَّا مِثْلُ وَلَدِهِ الْكَبِيرِ وَمُكَاتَبِهِ وَمَا أَشْبَهَهُمَا مِمَّا يُخْتَلَفُ فِيهِ حَسْبَمَا يَظْهَرُ مِنْ النُّقُولِ.

(قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ) : " وَلَمَّا كَانَ الْحَوْزُ رَفْعَ مُبَاشَرَةِ الرَّاهِنِ التَّصَرُّفَ فِي الرَّهْنِ صَحَّ بِيَدِ مَنْ لَا تَسَلُّطَ لِلرَّاهِنِ عَلَى مَا فِي يَدِهِ، وَبَطَلَ فِي غَيْرِهِ ".

(ابْنُ شَاسٍ) : " يَصِحُّ حَوْزُ مُكَاتَبِ الرَّاهِنِ رَهْنَهُ لِمُرْتَهِنِهِ ".

(فَرْعٌ) وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُ مَثَلِهَا الثَّالِثِ: إنْ كَانَ لَك عَلَى رَجُلٍ طَعَامُ سَلَمٍ حَلَّ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُوَكَّلَ عَلَى قَبْضِهِ مِنْهُ عَبْدُهُ وَمُدَبَّرُهُ وَأُمُّ وَلَدِهِ وَزَوْجَتُهُ أَوْ صِغَارُ بَنِيهِ. وَهُوَ كَتَوْكِيلِكَ إيَّاهُ فَلَا تَبِعْهُ بِذَلِكَ الْقَبْضِ، وَلَك أَنْ تَبِيعَهُ بِقَبْضِ الْكَبِيرِ مِنْ وَلَدِهِ الْبَائِنِ عَنْهُ اهـ مِنْ الشَّارِحِ.

(فَرْعٌ) قَالَ فِي الْبَابِ الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ تَبْصِرَةِ ابْنِ فَرْحُونٍ (مَسْأَلَةٌ فِي الطُّرَرِ) : " وَلَا يَجُوزُ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُكْرِيَ الرَّهْنَ مِنْ قَرِيبِ الرَّاهِنِ، وَلَا لِأَحَدٍ مِنْ سَبَبِهِ، وَلَا لِصَدِيقِهِ الْمُلَاطِفِ، وَلَا لِأَحَدٍ يُتَّهَمُ أَنْ يَكُونَ اكْتَرَى ذَلِكَ لِرَبِّ الدَّارِ، فَإِنْ أَكْرَاهُ لِأَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ ثُمَّ أَكْرَاهُ لِصَاحِبِ الدَّارِ خَرَجَ الرَّهْنُ عَنْ أَنْ يَكُونَ رَهْنًا لِلتُّهْمَةِ الدَّاخِلَةِ فِيهِ مِنْ إجَارَتِهِ مِمَّنْ يُتَّهَمُ عَلَيْهِ وَنَحْوُهُ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ مِنْ الْمُتَيْطِيَّةِ. اهـ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ أَكْرَاهُ مِنْ أَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ. إلَخْ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ إذَا أَكْرَاهُ لِأَجْنَبِيٍّ مِنْ الرَّاهِنِ ثُمَّ أَكْرَاهُ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ مِنْ الرَّاهِنِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَبْطُلُ، وَبِهَذَا رَأَيْنَا الْعَمَلَ. .

وَالْعَقْدُ فِيهِ بِمُسَاقَاةٍ وَمَا

أَشْبَهَهَا حَوْزٌ وَإِنْ تَقَدَّمَا

يَعْنِي أَنَّ عَقْدَ الْمُسَاقَاةِ وَمَا أَشْبَهَهَا مِنْ إجَارَةٍ أَوْ كِرَاءٍ لِلرَّهْنِ حَوْزٌ لِلْمُرْتَهِنِ، فَمَنْ ارْتَهَنَ شَيْئًا ثُمَّ عَقَدَ فِيهِ مَنْ رَاهَنَهُ مُسَاقَاةً أَوْ كِرَاءً وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ سَائِرِ الْعُقُودِ فَإِنَّ ذَلِكَ حَوْزٌ لَهُ سَوَاءٌ تَأَخَّرَ عَقْدُ الْمُسَاقَاةِ وَنَحْوِهَا عَنْ الرَّهْنِ - كَمَا ذُكِرَ - أَوْ تَقَدَّمَ عَقْدُ ذَلِكَ عَلَى الرَّهْنِ كَأَنْ يَكُونَ فِي يَدِهِ حَائِطُ مُسَاقَاةٍ، أَوْ دَارٌ مُكْتَرَاةٌ ثُمَّ يَرْتَهِنُ ذَلِكَ مِنْ رَبِّهِ فَإِنَّ ذَلِكَ حَوْزٌ لَهُ أَيْضًا. وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ:" وَإِنْ تَقَدَّمَا " أَيْ عَقْدُ الْمُسَاقَاةِ وَنَحْوِهَا عَلَى الرَّهْنِ. أَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ وَهِيَ تَقَدُّمُ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ وَنَحْوِهَا عَلَى الرَّهْنِ فَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَيَصِحُّ رَهْنُ الْمُسَاقَاةِ وَالْمُسْتَأْجِرِ لِلْمُسْتَأْجَرِ وَغَيْرِهِ.

(التَّوْضِيحُ) .

يَعْنِي إذَا دَفَعَ رَجُلٌ حَائِطَ مُسَاقَاةٍ لِرَجُلٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرْهَنَ ذَلِكَ الْحَائِطَ، وَكَذَا يَصِحُّ رَهْنُ الشَّيْءِ الْمُسْتَأْجَرِ لِمَنْ هُوَ فِي إجَارَتِهِ وَغَيْرِهِ. (وَفِي الْجَلَّابِ)" مَنْ آجَرَ دَارِهِ مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ رَهَنَهَا مِنْهُ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَوْ آجَرَهَا مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ رَهَنَهَا مِنْ غَيْرِهِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ مَنْ سَاقَى حَائِطَهُ مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ رَهَنَهُ مِنْهُ فَلَا بَأْسَ ". وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ يُونُسَ أَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَرْتَهِنَ مَا هُوَ بِيَدِهِ بِإِجَارَةٍ أَوْ مُسَاقَاةٍ وَيَكُونُ ذَلِكَ حَوْزًا لِلْمُرْتَهِنِ. وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى وَهِيَ تَقَدُّمُ الرَّهْنِ عَلَى الْمُسَاقَاةِ وَنَحْوِهَا فَلَمْ أَقِفْ الْآنَ فِيهِ عَلَى نَصٍّ صَرِيحٍ وَظَهَرَ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ أَحْرَى؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ عَقْدُ الْمُسَاقَاةِ

ص: 111

الْمُتَقَدِّمُ عَلَى الرَّهْنِ حَوْزًا لِلْمُرْتَهِنِ فَأَحْرَى عَقْدُ الْمُسَاقَاةِ الْمُتَأَخِّرِ عَنْ الرَّهْنِ أَنْ يَكُونَ حَوْزًا لِلْمُرْتَهَنِ، وَلِذَلِكَ عُنِيَ النَّاظِمُ بِتَقَدُّمِ الْمُسَاقَاةِ وَغَيْرِهَا عَلَى الرَّهْنِ لِأَنَّهُ مَحَلُّ خِلَافٍ. وَلَفْظُ الشَّارِحِ وَقَوْلُ الشَّيْخِ:" وَإِنْ تَقَدَّمَا " هُوَ فِي مَسَاقِ الْغَايَةِ لِلْخِلَافِ الَّذِي فِي كَوْنِ الْعَقْدِ سَابِقًا اهـ.

وَالشَّرْطُ أَنْ يَكُونَ مَا يُرْتَهَنُ

مِمَّا بِهِ اسْتِيفَاءُ حَقٍّ يُمْكِنُ

فَخَارِجٌ كَالْخَمْرِ بِاتِّفَاقِ

وَدَاخِلٌ كَالْعَبْدِ ذِي الْإِبَاقِ

يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الرَّهْنِ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يُسْتَوْفَى مِنْهُ الْحَقُّ الَّذِي رُهِنَ فِيهِ سَوَاءٌ أَمْكَنَ الِاسْتِيفَاءُ مِنْ عَيْنِهِ كَالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ وَكَالْمِثْلِيَّاتِ إذَا اُرْتُهِنَتْ فِي مِثْلِهَا وَطُبِعَ عَلَيْهَا، أَوْ مِنْ قِيمَتِهِ كَرَهْنِ ثَوْبٍ فِي دَرَاهِمَ، أَوْ ثَمَنِ مَنَافِعِهِ كَرَهْنِ حَائِطٍ فِي دَيْنٍ؛ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ الْحَقِّ مِنْ ثَمَنِ غَلَّتِهِ، وَأَمَّا مَا لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ الْحَقِّ مِنْهُ كَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ فَلَا يَصِحُّ رَهْنُهُ. وَتَعْبِيرُهُمْ بِالْإِمْكَانِ لِيَدْخُلَ رَهْنُ الْعَبْدِ الْآبِقِ وَالْبَعِيرِ الشَّارِدِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ الْحَقِّ مِنْهُ إذَا ظَفِرَ بِهِ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ مِنْهُ إنْ لَمْ يَظْفَرْ بِهِ؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ كُلَّ مَا يَجُوزُ بِغَيْرِ عِوَضٍ جَازَ فِيهِ الْغَرَرُ، وَذَلِكَ كَالطَّلَاقِ؛ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بِعِوَضٍ وَهُوَ الْخُلْعُ؛ وَيَجُوزُ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَيَجُوزُ أَنْ تُخَالِعَهُ بِعَبْدٍ آبِقٍ أَوْ بَعِيرٍ شَارِدٍ، وَكَذَلِكَ الدَّيْنُ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ سَلَفٍ يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ عَنْهُ وَثِيقَةَ رَهْنٍ، وَيَجُوزُ مِنْ غَيْرِ رَهْنٍ، فَيَجُوزُ فِي الرَّهْنِ الْغَرَرُ؛ لِأَنَّ غَايَةَ الْأَمْرِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَظْفَرْ بِذَلِكَ يَكُونُ بَاعَ أَوْ سَلَّفَ مِنْ غَيْرِ رَهْنٍ، وَذَلِكَ جَائِزٌ.

(قَالَ ابْنُ شَاسٍ) : وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يُسْتَوْفَى مِنْهُ، أَوْ مِنْ ثَمَنِهِ، أَوْ ثَمَنِ مَنَافِعِهِ الدَّيْنُ الَّذِي رُهِنَ بِهِ أَوْ بَعْضُهُ.

(وَفِي الْمُدَوَّنَةِ)" لَا يَجُوزُ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَرْتَهِنَ مِنْ ذِمِّيٍّ خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا ".

(قَالَ أَشْهَبُ) : فَإِنْ قَبَضَهُ ثُمَّ فُلِّسَ الذِّمِّيُّ هُوَ فِيهِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجُزْ فِي الْأَصْلِ.

(وَفِي ابْنِ يُونُسَ، وَابْنِ الْمَوَّازِ)" يَجُوزُ ارْتِهَانُ الْبَعِيرِ الشَّارِدِ وَالْعَبْدِ الْآبِقِ إنْ قَبَضَهُ قَبْلَ مَوْتِ صَاحِبِهِ أَوْ فَلَسِهِ "(قَالَ الشَّارِحُ) : وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الشَّيْخِ أَنَّ رَهْنَ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ لِلْغَرَرِ كَالْآبِقِ وَالشَّارِدِ، وَالتَّمْرِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ جَائِزٌ فِي الْقَرْضِ وَبَعْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ وَفِي عَقْدِ الْبَيْعِ، فَأَمَّا جَوَازُ ذَلِكَ فِي الْقَرْضِ وَبَعْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ فَقَدْ حَكَى ذَلِكَ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ، وَأَمَّا فِي عَقْدِ الْبَيْعِ فَفِيهِ خِلَافٌ.

حَكَى ابْنُ رُشْدٍ أَنَّ الْمَشْهُورَ جَوَازُهُ قَالَ: " وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقَاتِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ ".

(وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ) الْمَازِرِيُّ فِي رَهْنِ مَا فِيهِ غَرَرٌ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ قَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ لِلرَّهْنِ حَظًّا مِنْ الثَّمَنِ أَوَّلًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَتِمَّةٌ) وَكَمَا يُشْتَرَطُ فِي الرَّهْنِ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ الْحَقِّ مِنْهُ كَذَلِكَ يُشْتَرَطُ فِي الرَّاهِنِ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَصِحُّ مِنْهُ الْبَيْعُ (ابْنُ شَاسٍ)" يَصِحُّ الرَّهْنُ مِمَّنْ يَصِحُّ مِنْهُ الْبَيْعُ فَلَا يَرْهَنُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ وَلَا أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ ".

وَجَازَ فِي الرَّهْنِ اشْتِرَاطُ الْمَنْفَعَهْ

إلَّا فِي الْأَشْجَار فَكُلٌّ مَنَعَهْ

إلَّا إذَا النَّفْعُ لِعَامٍ عُيِّنَا

وَالْبَدْءُ لِلصَّلَاحِ قَدْ تَبَيَّنَا

وَفِي الَّذِي الدَّيْنُ بِهِ مِنْ سَلَفِ

وَفِي الَّتِي وَقْتُ اقْتِضَائِهَا خَفِيَ

ص: 112

يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَشْتَرِطَ الِانْتِفَاعَ بِالرَّهْنِ إنْ كَانَ مِمَّا يَجُوزُ شَرْعًا مِثْلُ سُكْنَى الدَّارِ وَاعْتِمَارِ الْأَرْضِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ إلَّا فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: مَنْفَعَةِ الْأَشْجَارِ عَلَى تَفْصِيلٍ فِيهَا وَإِلَّا إذَا كَانَ الدَّيْنُ مِنْ سَلَفٍ وَإِلَّا مَا يَخْتَلِفُ الِانْتِفَاعُ بِهِ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ.

(فَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى) وَهِيَ مَنْ ارْتَهَنَ أَشْجَارًا فَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ مَنْفَعَتِهَا وَهِيَ ثِمَارُهَا لِكَوْنِ ذَلِكَ مِنْ بَيْعِ مَا لَمْ يُخْلَقْ، وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يُخْلَقْ إلَّا أَنْ يَكُونَ النَّفْعُ لِعَامٍ عُيِّنَ. وَقَدْ بَدَا صَلَاحُ الثَّمَرَةِ الْمُنْتَفَعِ بِهَا فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لِخُرُوجِهِ عَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يُخْلَقْ وَعَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا.

(الْمُتَيْطِيُّ) مَنْ ارْتَهَنَ أَشْجَارًا وَاشْتَرَطَ ثِمَارَهَا فِي ذَلِكَ الْعَامِ فَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ فِي سَلَفٍ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ كَانَ عَنْ بَيْعٍ وَالثَّمَرَةُ قَدْ طَابَتْ فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَلَوْ كَانَتْ سَنَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ لَمْ يَجُزْ. (وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) وَهِيَ إذَا كَانَ الدَّيْنُ الْمُرْتَهَنُ فِيهِ مِنْ سَلَفٍ فَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ الْمَنْفَعَةِ أَيْضًا لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا.

(قَالَ الْمُتَيْطِيُّ) : " وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ الْمَنْفَعَةِ بِالرَّهْنِ فِي السَّلَفِ كَانَ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ وَهُوَ فِي الْعَقْدِ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ وَبَعْدَ الْعَقْدِ هَدِيَّةُ مِدْيَانٍ وَكَذَلِكَ بَعْدَ الْعَقْدِ فِي الْبَيْعِ أَيْضًا.

(وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ) وَهِيَ إذَا كَانَ الرَّهْنُ ثِيَابًا أَوْ حَيَوَانًا وَنَحْوَهُمَا مِمَّا يَخْتَلِفُ الِانْتِفَاعُ بِهِ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ فَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ مَنْفَعَتِهِ، فَرُبَّ مُرْتَهِنٍ ثَوْبًا يُسَخِّرُهُ ضِعْفَيْ مُرْتَهِنٍ آخَرَ وَمُسْتَعْمَلِ دَابَّةٍ كَذَلِكَ، وَرُبَّ لَابِسِ ثَوْبٍ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً يَنْقُصُ مِنْهُ مَا لَا يَنْقُصُ لَوْ لَبِسَهُ غَيْرُهُ عَشْرَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَكْثَرَ، وَعَنْ هَذَا الْمَعْنَى عَبَّرَ بِقَوْلِهِ:

وَفِي الَّتِي وَقْتُ اقْتِضَائِهَا خَفِيَ

أَيْ وَإِلَّا الْمَنْفَعَةُ الَّتِي وَقْتُ اقْتِضَائِهَا يَخْتَلِفُ.

وَخَرَجَ بِذَلِكَ الدُّورُ وَالْأَرْضُونَ وَنَحْوُهَا؛ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهَا لَا تَخْتَلِفُ؛ لِأَنَّ فِي الدُّورِ السُّكْنَى، وَفِي الْأَرْضِ الِاعْتِمَارُ فَلَا يُنْقِصُ اسْتِعْمَالُهَا مِنْهَا، وَلَا كَذَلِكَ الثِّيَابُ وَالْحَيَوَانُ.

(قَالَ فِي الْمُقَرَّبِ) : قُلْت: فَهَلْ يَجُوزُ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَشْتَرِطَ شَيْئًا مِنْ مَنْفَعَةِ الرَّهْنِ؟ فَقَالَ: إنْ كَانَ مِنْ بَيْعٍ فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَ مِنْ قَرْضٍ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً. إلَّا أَنَّ مَالِكًا قَالَ لِي: إذَا بَاعَهُ بَيْعًا، وَارْتَهَنَ رَهْنًا، وَاشْتَرَطَ مَنْفَعَةَ الرَّهْنِ إلَى أَجَلٍ فَلَا أَرَى بِهِ بَأْسًا فِي الدُّورِ وَالْأَرْضِينَ، وَأَكْرَهُ ذَلِكَ فِي الثِّيَابِ وَالْحَيَوَانِ وَقَوْلُهُ " وَفِي الَّذِي " عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ " إلَّا فِي الْأَشْجَارِ فَاَلَّذِي: صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ وَإِلَّا الرَّهْنُ الَّذِي لِلدَّيْنِ، وَضَمِيرُ بِهِ: لِلرَّهْنِ الْمَوْصُوفِ بِاَلَّذِي، وَبَاؤُهُ ظَرْفِيَّةٌ وَكَأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْقَلْبِ أَيْ إلَّا الدَّيْنَ الَّذِي فِيهِ الرَّهْنُ مِنْ سَلَفٍ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ: إلَّا الْعَقْدَ الَّذِي الرَّهْنُ فِيهِ مِنْ سَلَفٍ فَلَا يَجُوزُ فِيهِ اشْتِرَاطُ الْمَنْفَعَةِ. .

وَبِجَوَازِ بَيْعِ مَحْدُودِ الْأَجَلْ

مِنْ غَيْرِ إذْنِ رَاهِنٍ جَرَى الْعَمَلْ

مَعَ جَعْلِهِ ذَاكَ لَهُ وَلَمْ يَحِنْ

دَيْنٌ وَلَا بِعُقْدَةِ الْأَصْلِ قُرِنْ

ص: 113

يَعْنِي أَنَّ مَنْ رَهَنَ رَهْنًا فِي حَقٍّ إلَى أَجَلٍ مَحْدُودٍ وَجَعَلَ لِلْمُرْتَهِنِ بَيْعَ ذَلِكَ الرَّهْنِ بِمَعْنَى أَنَّهُ وَكَّلَهُ عَلَى بَيْعِهِ إنْ حَلَّ الْأَجَلُ وَلَمْ يَقْضِهِ حَقَّهُ، وَكَانَ جَعْلُهُ لَهُ ذَلِكَ بَعْدَ عَقْدِ الْمُعَامَلَةِ، وَقَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ الْمَضْرُوبِ أَيْ فِيمَا بَيْنَهُمَا فَإِنَّهُ جَرَى الْعَمَلُ بِجَوَازِ بَيْعِ الْمُرْتَهِنِ لِلرَّهْنِ الْمَذْكُورِ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ وَلَمْ يَقْضِهِ حَقَّهُ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ إذْنًا ثَانِيًا. وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ جَعَلَ لَهُ بَيْعَهُ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ، أَوْ بَعْدَ حُلُولِ الدَّيْنِ فَإِنَّ ذَلِكَ كَالْعَدَمِ؛ لِأَنَّهَا وَكَالَةُ اضْطِرَارٍ، وَعَلَى اعْتِبَارِ الْإِذْنِ الْحَاصِلِ فِي نَفْسِ الْعَقْدِ. لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَمِينِ ذَهَبَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ حَيْثُ قَالَ:" وَلِلْأَمِينِ بَيْعُهُ بِإِذْنٍ فِي عَقْدِهِ ".

فَقَوْلُهُ " وَبِجَوَازِ ": يَتَعَلَّقُ بِجَرَى، " وَمَحْدُودِ ": صِفَةٌ فِي اللَّفْظِ الْمَحْذُوفِ أَيْ رَهْنٍ مَحْدُودٍ أَجَلُهُ، " وَمِنْ غَيْرِهِ ": يَتَعَلَّقُ بِبَيْعٍ أَيْضًا، " وَجَعْلُ ": مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ أَيْ مَعَ جَعْلِ الرَّاهِنِ ذَلِكَ الْبَيْعَ لَهُ أَيْ لِلْمُرْتَهِنِ، وَالْحَالَةُ أَنَّهُ لَمْ يَحِنْ أَيْ لَمْ يَحِلَّ أَجَلُ ذَلِكَ الدَّيْنِ وَلَا قُرِنَ أَيْ الْجُعْلُ الَّذِي هُوَ التَّوْكِيلُ عَلَى الْبَيْعِ بِعُقْدَةِ الْأَصْلِ الَّذِي هُوَ الْبَيْعُ أَوْ الْقَرْضُ، بَلْ بَعْدَهُ، وَقَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ " فَقُرِنْ ": عُطِفَ عَلَى يَحِنْ، " وَبِعُقْدَةِ ": يَتَعَلَّقُ بِقُرِنَ، وَنَائِبُ قُرِنَ يَعُودُ عَلَى الْجُعْلِ هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ النَّاظِمِ، وَهُوَ الَّذِي فِي ابْنِ سَلْمُونٍ وَلَفْظُهُ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَإِنَّمَا لَا يُغْنِي التَّقْدِيمُ فِي الْبَيْعِ - وَإِنْ جُعِلَ لَهُ ذَلِكَ - دُونَ مَشُورَتِهِ، وَلَا سُلْطَانَ إذَا كَانَ التَّقْدِيمُ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ، أَوْ عِنْدَ حُلُولِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهَا وَكَالَةُ اضْطِرَارٍ. .

(وَقَالَ إسْمَاعِيلُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ) : ذَلِكَ جَائِزٌ نَافِذٌ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ وَقَبْلَ حُلُولِ أَجَلِ الدَّيْنِ لَجَازَ الشَّرْطُ وَعَمِلَتْ الْوَكَالَةُ بِاتِّفَاقٍ؛ لِأَنَّهَا عَلَى طَوَاعِيَةٍ.

(قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ) : " وَإِذَا كَانَ هَذَا التَّقَدُّمُ وَالرَّهْنُ فِي قَرْضٍ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةٍ إذْ قَدْ رَفَعَ عَنْ نَفْسِهِ الْمُؤْنَةَ فِي بَيْعِهِ وَمَشُورَةِ الْقَاضِي ". (وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ) : " ذَلِكَ جَائِزٌ ". فَقَوْلُهُ " وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ " إلَى قَوْلِهِ " عَلَى طَوَاعِيَةٍ ". هُوَ مَنْطُوقُ قَوْلِ النَّاظِمِ

مَعَ جَعْلِهِ ذَاكَ لَهُ

الْبَيْتَ. وَقَوْلُهُ: " وَإِنَّمَا لَا يُغْنِي التَّقْدِيمُ فِي الْبَيْعِ " إلَى قَوْلِهِ: " لِأَنَّهَا وَكَالَةُ اضْطِرَارٍ " هُوَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ:

مَعَ جَعْلِهِ ذَاكَ لَهُ

الْبَيْتَ. وَقَوْلُهُ " وَقَالَ إسْمَاعِيلُ الْقَاضِي " هُوَ مُقَابِلُ قَوْلِهِ " وَإِنَّمَا لَا يُغْنِي التَّقْدِيمُ " وَقَالَ إسْمَاعِيلُ الْقَاضِي: يُغْنِي أَيْ يَكْفِي. وَقَوْلُهُ " قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. إلَخْ " لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ التَّقْدِيمَ عَلَى الْبَيْعِ إذَا كَانَ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَقَبْلَ حُلُولِ

ص: 114

أَجَلِ الدَّيْنِ فَهُوَ جَائِزٌ، وَكَانَ ظَاهِرُهُ الْعُمُومُ كَانَ الدَّيْنُ مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ اسْتَدْرَكَ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ، وَأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عُمَرَ قَيَّدَ جَوَازَ ذَلِكَ بِالْبَيْعِ دُونَ الْقَرْضِ، وَأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ أَجَازَ ذَلِكَ فِي الْقَرْضِ وَالْبَيْعِ مَعًا، وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ النَّظْمِ.

وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ " وَلَا بِعُقْدَةِ الْأَصْلِ قُرِنَ " أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُرْتَهِنِ بَيْعُ الرَّهْنِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ إذَا لَمْ يَكُنِ الرَّهْنُ مَقْرُونًا بِعُقْدَةِ الْبَيْعِ أَوْ الْقَرْضِ؛ بِأَنْ كَانَ مُتَطَوِّعًا بِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ، أَمَّا إنْ كَانَ مُشْتَرَطًا فِي أَصْلِ الْمُعَامَلَةِ فَلَا يَجُوزُ لِلْمُرْتَهِنِ بَيْعُهُ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ فَنَائِبُ قُرِنَ عَلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ ضَمِيرُ الرَّهْنِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِنَقْلِ الشَّارِحِ عَنْ الْمُتَيْطِيِّ أَنَّهُ إنْ اشْتَرَطَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّاهِنِ أَنَّ لَهُ بَيْعَ الرَّهْنِ عِنْدَ الْأَجَلِ مِنْ غَيْرِ مُؤَامَرَةِ صَاحِبِهِ، أَوْ الْعَدْلِ إنْ كَانَ عَلَى يَدِ عَدْلٍ جَازَ إنْ كَانَ الرَّهْنُ بَعْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ مَعْرُوفٌ مِنْ الرَّاهِنِ وَالْإِذْنِ فِي بَيْعِهِ.

(قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ) : وَذَلِكَ جَائِزٌ بِاتِّفَاقٍ. وَاخْتُلِفَ إذَا كَانَ ذَلِكَ شَرْطًا فِي أَصْلِ الْعَقْدِ فَقَالَ مَالِكٌ: لَا يُبَاعُ إلَّا بِأَمْرِ السُّلْطَانِ إنْ كَانَ الرَّهْنُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ، أَوْ بِيَدِ عَدْلٍ فَإِنْ بِيعَ نَفَذَ الْبَيْعُ وَلَمْ يُرَدَّ.

(ثُمَّ قَالَ) : وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: " وَلَوْ طَاعَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ بَعْدَ الْبَيْعِ، وَقَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ بِأَنْ رَهَنَهُ رَهْنًا، وَوَكَّلَهُ عَلَى بَيْعِهِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ دُونَ مُؤَامَرَةِ سُلْطَانٍ جَازَ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ شَرْطُ تَوْكِيلِ غَيْرِهِمَا، وَهُوَ الْوَاقِعُ فِي عَصْرِنَا اهـ (وَحَاصِلُهُ) أَنَّ الرَّهْنَ إذَا كَانَ مُتَطَوَّعًا بِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَلِلْمُرْتَهِنِ بَيْعُهُ اتِّفَاقًا. وَإِلَيْهِ أَشَارَ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ: " وَلَا بِعُقْدَةِ الْأَصْلِ قُرِنَ ". وَمَفْهُومُهُ إنْ كَانَ مَشْرُوطًا مَدْخُولًا عَلَيْهِ فَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ بَيْعُهُ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ كَمَا تَقَدَّمَ. وَالِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ الْمُؤَيَّدُ بِكَلَامِ ابْنِ سَلْمُونٍ هُوَ أَقْرَبُ لِعِبَارَةِ النَّاظِمِ حَيْثُ عَيَّنَ وَقْتَ الْجُعْلِ بِقَوْلِهِ

مَعَ جَعْلِهِ ذَاكَ لَهُ وَلَمْ يَحِنْ

إلَخْ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي عِبَارَةِ الْمُتَيْطِيِّ عَلَى نَقْلِ الشَّارِحِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهَاتٌ) : (الْأَوَّلُ) مَا ذَكَرَهُ النَّاظِمُ مِنْ أَنَّهُ إذَا أَذِنَ بَعْدَ عَقْدِ الرَّهْنِ وَقَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ جَازَ لِلْمُرْتَهِنِ الْبَيْعُ بِذَلِكَ. (قَالَ فِي التَّوْضِيحِ) : قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَابْنُ مَرْزُوقٍ: لَكِنْ نَقَلَ الْمُتَيْطِيُّ عَنْ بَعْضِ الْمُوَثَّقِينَ مَنْعَهُ؛ لِأَنَّهُ هَدِيَّةُ مِدْيَانٍ.

(وَالثَّانِي) مَا فُهِمَ مِنْ كَلَامِ النَّاظِمِ مِنْ أَنَّ الْإِذْنَ إذَا كَانَ بَعْدَ الْأَجَلِ لَا عِبْرَةَ بِهِ هُوَ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ " وَلَا يَسْتَقِلُّ الْمُرْتَهِنُ بِالْبَيْعِ إلَّا بِإِذْنٍ بَعْدَ الْأَجَلِ "(التَّوْضِيحُ) قَوْلُهُ " وَلَا يَسْتَقِلُّ بَلْ يُرْفَعُ إلَى الْحَاكِمِ لِيُطَالِبَ الرَّاهِنَ أَوْ يُكَلِّفَهُ الْبَيْعَ فَإِنْ امْتَنَعَ بَاعَ عَلَيْهِ اهـ.

الثَّالِثُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْجَوَاهِرِ: فَلَوْ قَالَ الرَّاهِنُ، لِمَنْ عَلَى يَدَيْهِ الرَّهْنُ مِنْ مُرْتَهِنٍ أَوْ عَدْلٍ: إنْ لَمْ آتِ إلَى أَجَلِ كَذَا فَأَنْتَ مُسَلَّطٌ عَلَى بَيْعِ الرَّهْنِ فَلَا يَبِيعُهُ إلَّا بِأَمْرِ السُّلْطَانِ، فَإِنْ بَاعَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ نَفَذَ اهـ وَنَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ. ثُمَّ قَالَ: وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ هُنَا لِلْأَمِينِ إلَّا بِأَمْرِ السُّلْطَانِ؛ لِأَنَّهُ قَيَّدَ الْبَيْعَ بِأَنْ لَمْ يَأْتِ، وَمِنْ الْجَائِزِ أَنْ يَكُونَ أَتَى أَوْ حَاضِرًا مَعَهُ فِي الْبَلَدِ، فَلِذَلِكَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ نَظَرِ السُّلْطَانِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ قَدْ أَذِنَ إذْنًا مُطْلَقًا. وَعَلَى مَا فِي الْجَوَاهِرِ وَالْمُدَوَّنَةِ مِنْ التَّقْيِيدِ بِقَوْلِهِ إنْ لَمْ آتِ عَوَّلَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ مَعَ اعْتِبَارِ الْإِذْنِ الْحَاصِلِ فِي نَفْسِ الْعَقْدِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَمِينِ وَالْحَاصِلِ بَعْدَ الْعَقْدِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُرْتَهِنِ حَيْثُ قَالَ: وَلِلْأَمِينِ بَيْعُهُ بِإِذْنٍ فِي عَقْدِهِ إنْ لِمَ يَقُلْ إنْ لَمْ آتِ كَالْمُرْتَهِنِ بَعْدَهُ وَإِلَّا مَضَى فِيهِمَا.

(فَرْعٌ) إذْنُ الرَّاهِنِ فِي بَيْعِ الرَّهْنِ هُوَ تَوْكِيلٌ مِنْهُ عَلَى ذَلِكَ، وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ لِلْمُوَكِّلِ عَزْلَ وَكِيلِهِ إلَّا إذَا تَعَلَّقَ بِالْوَكَالَةِ حَقُّ الْغَيْرِ كَمَسْأَلَتِنَا هَذِهِ، فَلَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ عَزْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ تَعَلَّقَ لَهُ حَقٌّ بِالْوَكَالَةِ.

(قَالَ اللَّخْمِيُّ) : لِأَنَّ فِي ذَلِكَ حَقًّا لِلطَّالِبِ إنْ كَانَ حَاضِرًا فَلَهُ أَنْ لَا يَتَكَلَّفَ مُطَالَعَةَ سُلْطَانٍ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا أَنْ لَا يَتَكَلَّفَ إثْبَاتَهَا اهـ.

وَجَازَ رَهْنُ الْعَيْنِ حَيْثُ يُطْبَعُ

عَلَيْهِ أَوْ عِنْدَ أَمِينٍ يُوضَعُ

يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ رَهْنُ الْعَيْنِ ذَهَبًا كَانَ أَوْ فِضَّةً إذَا طُبِعَ عَلَيْهِ أَوْ جُعِلَ بِيَدِ أَمِينٍ لِأَنَّهُ حَيْثُ لِمَ يُطْبَعْ

ص: 115

عَلَيْهِ وَلَا جُعِلَ تَحْتَ يَدِ أَمِينٍ يُتَّهَمُ الْمُرْتَهِنُ بِسَلَفِهِ وَرَدِّ مِثْلِهِ (ابْنُ الْحَاجِبِ) وَمَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ إنْ لَمْ يُطْبَعْ عَلَيْهِ أَوْ يَكُنْ عِنْدَ أَمِينٍ امْتَنَعَ مُطْلَقًا.

(وَقَالَ أَشْهَبُ) : إنْ كَانَ نَقْدًا لِقُوَّةِ التُّهْمَةِ.

(التَّوْضِيحُ) : يَعْنِي أَنَّ الرَّهْنَ إذَا كَانَ مِمَّا يُعْرَفُ كَالْحَيَوَانِ وَالْكِتَابِ.

(قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ) : وَالْحُلِيِّ جَازَ أَنْ يُوضَعَ تَحْتَ يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ، فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ مُمْتَنِعٌ إلَّا أَنْ يُطْبَعَ عَلَيْهِ أَوْ يُوضَعَ تَحْتَ يَدِ أَمِينٍ (الْمَازِرِيُّ) وَإِنَّمَا امْتَنَعَ إذَا لَمْ يُطْبَعْ عَلَيْهِ أَنْ يُوضَعَ تَحْتَ يَدِ أَمِينٍ حِمَايَةً لِلذَّرِيعَةِ أَنْ يَكُونَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ قَصَدَا أَنْ يُقْبَضَ عَلَى جِهَةِ السَّلَفِ، وَيُسَمِّيَا ذَلِكَ الْقَبْضَ رَهْنًا. وَاشْتِرَاطُ السَّلَفِ فِي الْمُدَايَنَةِ وَالْمُبَايَعَةِ مَمْنُوعٌ، وَالتَّطَوُّعُ بِهِ كَهِبَةِ مِدْيَانٍ وَقَوْلُهُ " مُطْلَقًا " أَيْ كَانَ نَقْدًا أَوْ طَعَامًا مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا.

(وَقَالَ أَشْهَبُ) : إنَّمَا يَمْتَنِعُ فِي النَّقْدِ. وَهَكَذَا نَقَلَ (الْمَازِرِيُّ) وَلَفْظُهُ: " وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَلَيْسَ مِنْ الْأَثْمَانِ الَّتِي هِيَ الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ وَالْفُلُوسُ كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ فَإِنَّ فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ: الْمَشْهُورُ مِنْهُمَا إلْحَاقُ ذَلِكَ بِالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ. " وَقَدْ أَجَازَ أَشْهَبُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ فِي الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ مِمَّنْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا مُسْتَخَفٌّ، وَيَبْعُدُ اسْتِخْفَافُ ذَلِكَ فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ اهـ.

(قَالَ الشَّارِحُ) ظَاهِرُ اقْتِصَارِ الشَّيْخِ عَلَى ذِكْرِ الْعَيْنِ دُونَ الطَّعَامِ وَمَا أَشْبَهَهُ أَنَّهُ مُوَافِقٌ لِمَا نُقِلَ عَنْ (أَشْهَبَ) فِي الْمَجْمُوعَةِ دُونَ مَا تَقَدَّمَ (لِابْنِ الْقَاسِمِ) فِي إلْحَاقِهِ مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ بِالْعَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. .

وَالرَّهْنُ لِلْمُشَاعِ مَعَ مَنْ رَهَنَا

قَبْضُ جَمِيعِهِ لَهُ تَعَيَّنَا

وَمَعَ غَيْرِ رَاهِنٍ يَكْفِيهِ أَنْ

يَحُلَّ فِيهِ كَحُلُولِ مَنْ رَهَنْ

تَكَلَّمَ فِي الْبَيْتَيْنِ عَلَى كَيْفِيَّةِ قَبْضِ الرَّهْنِ إذَا كَانَ جُزْءًا مُشَاعًا أَيْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ بَلْ هُوَ عَامٌّ شَائِعٌ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ الشَّيْءِ الْمُرْتَهَنِ بَعْضِهِ كَنِصْفِ دَارٍ أَوْ رُبْعِهَا أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَجْزَاءِ، فَإِنَّ النِّصْفَ مَثَلًا لَا يَخْتَصُّ بِمَوْضِعٍ مِنْهَا دُونَ آخَرَ بَلْ هُوَ عَامٌّ فِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْهَا هَكَذَا الرُّبْعُ وَالثُّمُنُ، وَسَائِرُ الْأَجْزَاءِ الْمُشَاعَةِ لَا تَخْتَصُّ بِمَحَلٍّ دُونَ آخَرَ.

فَمَنْ رَهَنَ جُزْءًا كَرُبْعٍ مَثَلًا فَإِنَّ مَا عَدَا ذَلِكَ الْجُزْءِ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ لِلرَّاهِنِ أَيْضًا كَمَالِكِ دَارٍ رَهَنَ نِصْفَهَا مَثَلًا، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لِغَيْرِ الرَّاهِنِ كَمَنْ يَمْلِكُ نِصْفَ دَارٍ فَرَهَنَهُ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لِلرَّاهِنِ وَلِغَيْرِهِ مَعًا كَمَنْ يَمْلِكُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ دَارٍ فَرَهَنَ نِصْفَهَا فَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ لَا يَتِمُّ الرَّهْنُ فِيهِ إلَّا بِحَوْزِ جَمِيعِ الدَّارِ مَثَلًا، وَإِلَى هَذَا الْوَجْهِ أَشَارَ بِالْبَيْتِ الْأَوَّلِ. وَأَمَّا الْوَجْهُ الثَّانِي فَيَكْفِي فِي حَوْزِهِ حَوْزُ النِّصْفِ الَّذِي يَمْلِكُهُ الرَّاهِنُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ " وَمَعَ غَيْرِ رَاهِنٍ " الْبَيْتَ. وَأَمَّا الْوَجْهُ الثَّالِثُ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ حَوْزِ الثَّلَاثَةِ الْأَرْبَاعِ إذْ بِحَوْزِهَا يَحِلُّ مَحَلَّ الرَّاهِنِ، وَيَصْدُقُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ أَيْضًا قَوْلُهُ " وَمَعَ غَيْرِ رَاهِنٍ. " إلَخْ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ بِغَيْرِ الرَّاهِنِ وَحْدَهُ كَمَا فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَبِغَيْرِ الرَّاهِنِ وَلِغَيْرِ الرَّاهِنِ مَعًا كَمَا فِي الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ.

وَالْمَقْصُودُ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا رَفْعُ يَدِ الرَّاهِنِ وَعَدَمُ جَوَلَانِهَا فِي الرَّهْنِ (قَالَ ابْنُ يُونُسَ) : قَالَ (مَالِكٌ) : وَلَا بَأْسَ بِرَهْنِ جُزْءٍ مُشَاعٍ غَيْرِ مَقْسُومٍ مِنْ رَبْعٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ عَرَضٍ وَقَبْضِهِ - إنْ كَانَ بَيْنَ الرَّاهِنِ وَغَيْرِهِ - أَنْ يَحُوزَ الْمُرْتَهِنُ حِصَّةَ الرَّاهِنِ وَيُكْرِيهِ وَيُوَلِّيهِ مَعَ مَنْ لَهُ فِيهِ شِرْكٌ كَرَبِّهِ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يَضَعَاهُ عَلَى يَدِ الشَّرِيكِ، وَالْحَوْزُ فِي ارْتِهَانِ مَا يَمْلِكُ الرَّاهِنُ جَمِيعَهُ مِنْ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ أَوْ دَابَّةٍ أَوْ ثَوْبٍ قَبْضُ جَمِيعِهِ.

(قَالَ ابْنُ يُونُسَ) : وَاخْتُلِفَ فِي الدَّارِ فَقِيلَ: لَا يَجُوزُ حَتَّى يَقْبِضَ الْمُرْتَهِنُ جَمِيعَهَا أَوْ تَكُونَ عَلَى يَدِ عَدْلٍ، وَقِيلَ: تَكُونُ بِيَدِ الرَّاهِنِ مَعَ يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَيُكْرِيَانِ جَمِيعًا، وَيَصِحُّ الْحَوْزُ أَوْ يَضَعَانِهَا جَمِيعًا عَلَى غَيْرِهِمَا مَا لَمْ يَكُنِ الْمَوْضُوعُ عَلَى يَدِهِ هُوَ الْقَيِّمُ بِهِ مِثْلُ عَبْدِهِ أَوْ أَجِيرِهِ. (قَالَ الشَّارِحُ) إطْلَاقُ الشَّيْخِ رحمه الله فِي جَوَازِ رَهْنِ الْمُشَاعِ مَعَ غَيْرِ الرَّاهِنِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ لَهُ بِإِذْنِ الشَّرِيكِ إنْ كَانَ غَيْرَ رَبْعٍ وَلَا يَنْقَسِمُ يَقْتَضِي أَنَّهُ اعْتَمَدَ قَوْلَ (ابْنِ الْقَاسِمِ) فِي ذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ إذْنُ الشَّرِيكِ (ابْنُ عَرَفَةَ) فِي الْكَلَامِ عَلَى رَهْنِ الْمُشَاعِ وَهُوَ فِيمَا بَاقِيهِ لِغَيْرِ الرَّاهِنِ رَبْعًا أَوْ مُنْقَسِمًا لَا يَفْتَقِرُ لِإِذْنِ شَرِيكِهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ فَفِي كَوْنِهِ كَذَلِكَ. وَوَقْفِهِ عَلَيْهِ قَوْلَانِ (لِابْنِ الْقَاسِمِ)(وَأَشْهَبَ) قَائِلًا لِأَنَّ رَهْنَهُ يَمْنَعُهُ مِنْ بَيْعِهِ نَاجِزًا اهـ وَكَذَلِكَ إطْلَاقُهُ فِي حَوْزِ الْمُشَاعِ بِحُلُولِ الْمُرْتَهِنِ

ص: 116