الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَادَ سَبَبُهُ وَمُوجِبُهُ وَهُوَ الزَّوْجِيَّةُ.
وَقَوْلُهُ: " لِأَنَّهُ " أَيْ الْإِمْتَاعُ " حَقٌّ لَهُ " أَيْ لِلزَّوْجِ.
" وَقَوْلُهُ " وَذَاكَ " أَيْ: مَا الْتَزَمَهُ الزَّوْجُ. ثُمَّ أَخْبَرَ النَّاظِمُ أَنَّ الْأَظْهَرَ عِنْدَهُ مِنْ الرَّأْيَيْنِ عَوْدُ الْإِمْتَاعِ بِالْمُرَاجَعَةِ كَمَا صَدَّرَ بِهِ أَوَّلًا، وَنَظَرُ ذَلِكَ بِالْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ قَرِيبًا وَهُوَ مَنْ الْتَزَمَ لِزَوْجَتِهِ نَفَقَةَ أَوْلَادِهَا أَوْ شُرُوطًا فَطَلُقَتْ دُونَ الثُّلَاثِ بِخُلْعٍ يَعْنِي أَوْ بِغَيْرِ خُلْعٍ ثُمَّ رَاجَعَهَا فَإِنَّ كُلَّ مَا الْتَزَمَ لَهَا أَوَّلًا مِمَّا ذَكَرَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ كَمَا كَانَ، وَلَمَّا كَانَ لَهَا عَلَى الزَّوْجِ شُرُوطٌ وَتَسْقُطُ عَنْهُ بِالطَّلَاقِ صَارَتْ كَأَنَّهَا أَعْطَتْهُ شَيْئًا لِيُطَلِّقَهَا فَسَمَّاهَا مُخْتَلِفَةً، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ اسْتَظْهَرَ اسْتِوَاءَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ الْفَرْقُ الْمُتَقَدِّمُ، وَعَلَى هَذَا نَبَّهَ بِقَوْلِهِ: " كَمَنْ تَخْتَلِع "
فَكُلُّ مَا تَتْرُكُهُ مُرْتَجَع
فَإِنْ كَانَ هَذَا مُرَادَهُ فَفِي قَوْلِهِ: " كَمَنْ تَخْتَلِعُ " إلَخْ تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ
كَذَا جَرَى الْعَمَلُ فِي التَّمْتِيعِ
الْبَيْتَ " وَتَتْرُكُهُ " بِمَعْنَى الْمَاضِي أَيْ تَرَكَتْهُ.
" وَمَا سَقَطَ مِنْ حَقِّهَا بِالطَّلَاقِ " أَيْ يَعُودُ بِالْمُرَاجَعَةِ.
وَلَا يَعْنِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ كُلَّ مَا تَتْرُكُهُ الْمُخْتَلِعَةُ لِلزَّوْجِ مِنْ الْمَالِ مِمَّا أَعْطَتْهُ لَهُ مِنْ يَدِهَا أَوْ سَلَّمَتْ لَهُ فِيهِ مِمَّا فِي ذِمَّتِهِ يَجِبُ رَدُّهُ إلَيْهَا إذَا رَاجَعَهَا، إذْ قَدْ يَتَرَاجَعَانِ عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ يَرُدُّ لَهَا بَعْضَهُ وَقَدْ لَا يَرُدُّ لَهَا شَيْئًا وَلَا يُعْطِيهَا إلَّا مَا يَحِلُّ بِهِ النِّكَاحُ فَانْظُرْ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَبِهَذَا حَمَلَ الشَّارِحُ قَوْلَهُ: " كَمَنْ تَخْتَلِعُ "، وَلَفْظَهُ: وَالْأَظْهَرُ عَوْدَةُ التَّمْتِيعِ كَالْمُخْتَلِعَةِ الَّتِي تَتْرُكُ مَا كَانَ لَهَا فِي مَهْرِهَا مِنْ كَالِئٍ وَسِوَاهُ فَإِذَا عَادَتْ الزَّوْجِيَّةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مُفَارِقِهَا عَادَ عَلَيْهِ كُلُّ مَا تَرَكَتْهُ. اهـ
وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِمَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ عَوْدَ مَا أَعْطَتْهُ إنَّمَا هُوَ اتِّفَاقِيٌّ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ لَا لَازِمٌ حَتَّى يُقَاسَ عَلَيْهِ.
(قَالَ فِي الْمَقْصِدِ الْمَحْمُودِ) وَإِنْ أَعْمَرَتْ زَوْجَةٌ زَوْجَهَا فِي دَارِهَا أَوْ غَيْرِهَا مُدَّةَ الزَّوْجِيَّةِ فَطَلَّقَهَا الزَّوْجُ فَإِنْ رَاجَعَهَا بَقِيَتْ الْعُمْرَى مَا بَقِيَ مِنْ طَلَاقِ ذَلِكَ الْمِلْكِ شَيْءٌ، فَلَا يَنْقَطِعُ إلَّا بِالثَّلَاثِ إنْ رَاجَعَهَا بَعْدَ زَوْجٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ:" أَمَدَ الزَّوْجِيَّةِ " يَقْتَضِي أَمَدَ الْعِصْمَةِ وَقَدْ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ بْنُ رُشْدٍ فِيهِ: مَنْ تَطَوَّعَ لِزَوْجِهِ بِنَفَقَةِ ابْنِهَا مِنْ غَيْرِ أَمَدِ الزَّوْجِيَّةِ فَطَلَّقَهَا ثُمَّ رَاجَعَهَا وَأَبَى مِنْ الْإِنْفَاقِ فَإِنَّ الْإِنْفَاقَ لَازِمٌ لَهُ مَا بَقِيَ مِنْ طَلَاقِ ذَلِكَ الْمِلْكِ شَيْءٌ.
كَمَا قَالُوا فِي عَوْدَةِ الْيَمِينِ (قَالَ الشَّارِحُ رحمه الله) : وَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّيْخُ رحمه الله مِنْ تَفْرِيقِ الْأُسْتَاذِ أَبِي سَعِيدِ ابْنِ لُبٍّ رحمه الله بَيْنَهُمَا فَإِنَّهُ قَوْلُهُ:
وَرَجْعَةُ الزَّوْجِ تُفِيدُ كُلَّ مَا
…
قَدْ كَانَ فِي عِصْمَتِهِ مُلْتَزَمًا
مِنْ شَرْطٍ أَوْ نَفَقَةٍ لَا تَلْزَمُهْ
…
وَإِنْ يُمَتِّعْ فَالطَّلَاقُ يَهْدِمُهْ
لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُ قَدْ تَرَكَهْ
…
وَغَيْرُهُ مِنْ بَعْدِهِ قَدْ مَلَكَهْ
وَذَاكَ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَيْهِ
…
فَلَمْ يَكُنْ إسْقَاطُهُ إلَيْهِ
قَاسَ الْجَزِيرِيُّ قِيَاسًا فَاسِدًا
…
فَجَعَلَ الْبَابَيْنِ بَابًا وَاحِدًا.
[فَصْلٌ فِي التَّدَاعِي فِي الطَّلَاقِ]
ِ أَيْ فِي النِّزَاعِ عِنْدَ الطَّلَاقِ
وَالزَّوْجُ إنْ طَلَّقَ مِنْ بَعْدِ الْبِنَا
…
وَلِادِّعَاءِ الْوَطْءِ رَدَّ مُعْلِنَا
فَالْقَوْلُ قَوْلُ زَوْجَةٍ وَتَسْتَحِقّ
…
بَعْدَ الْيَمِينِ مَهْرَهَا الَّذِي يَحِقْ
وَإِنْ يَكُنْ مِنْهَا نُكُولٌ فَالْقَسَمْ
…
عَلَيْهِ وَالْوَاجِبُ نِصْفُ مَا الْتَزَمْ
وَيَغْرَمُ الْجَمِيعَ مَهْمَا نَكَلَا
…
وَإِنْ يَكُنْ لِلِابْتِنَاءِ قَدْ خَلَا
فَالْقَوْلُ قَوْلُ زَائِرٍ وَقِيلَ بَلْ
…
لِزَوْجَةٍ وَمَا عَلَيْهِ مِنْ عَمَلْ
يَعْنِي أَنَّ مَنْ تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ وَخَلَا بِهَا خَلْوَةَ اهْتِدَاءٍ أَيْ جِيءَ بِهَا إلَيْهِ وَمُكِّنَ مِنْهَا وَخُلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا (الْجَوْهَرِيُّ) هُدِيَتْ الْمَرْأَةُ إلَى زَوْجِهَا هِدَاءً وَهِيَ مَهْدِيَّةٌ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَقَالَ: لَمْ أَمَسَّهَا. وَقَالَتْ: بَلْ مَسَّنِي.
فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا، وَلَهَا الصَّدَاقُ كَامِلًا، وَعَلَى هَذَا نَبَّهَ بِقَوْلِهِ:" وَالزَّوْجُ إنْ طَلَّقَ " الْبَيْتَيْنِ وَذَلِكَ لِأَنَّ إرْخَاءَ السِّتْرِ شَاهِدٌ عُرْفِيٌّ فَتَحْلِفُ مَعَهُ وَتَسْتَحِقُّ، فَإِنْ نَكَلَتْ عَنْ الْيَمِينِ حَلَفَ الزَّوْجُ وَلَمْ يَكُنْ لَهَا إلَّا
نِصْفُ الصَّدَاقِ، وَعَلَى هَذَا نَبَّهَ بِقَوْلِهِ:
وَإِنْ يَكُنْ مِنْهَا نُكُولٌ فَالْقَسَمْ
الْبَيْتَ وَذَلِكَ لِأَنَّ نُكُولَهَا كَالشَّاهِدِ لِلزَّوْجِ فَيَحْلِفُ مَعَهُ وَيَسْقُطُ عَنْهُ نِصْفُ الصَّدَاقِ، فَإِذَا نَكَلَ هُوَ أَيْضًا بَعْدَ نُكُولِهَا فَيَجِبُ عَلَيْهِ الصَّدَاقُ كَامِلًا، وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ:
وَيَغْرَمُ الْجَمِيعُ مَهْمَا نَكَلَا
وَذَلِكَ لِقَوْلِهِمْ: النُّكُولُ بَعْدَ النُّكُولِ تَصْدِيقٌ لِلنَّاكِلِ الْأَوَّلِ وَهُوَ هُنَا الزَّوْجَةُ فَلَهَا جَمِيعُ الصَّدَاقِ وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْخَلْوَةُ خَلْوَةَ اهْتِدَاءٍ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ الْخَلْوَةُ خَلْوَةَ زِيَارَةٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّائِرِ مِنْهُمَا مَعَ يَمِينِهِ، فَإِنْ زَارَتْهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا أَنَّهُ مَسَّهَا وَلَهَا جَمِيعُ الصَّدَاقِ، وَإِنْ زَارَهَا هُوَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ إنَّهُ لَمْ يَمَسَّهَا وَعَلَيْهِ نِصْفُ الصَّدَاقِ، وَقِيلَ الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجَةِ سَوَاءٌ زَارَتْهُ أَوْ زَارَهَا، وَلَيْسَ الْعَمَلُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، فَقَوْلُهُ:
وَالزَّوْجُ إنْ طَلَّقَ مِنْ بَعْدِ الْبِنَا
أَيْ مِنْ بَعْدِ الْخَلْوَةِ بِهَا إنْ كَانَتْ خَلْوَةَ اهْتِدَاءٍ.
(قَالَ فِي التَّوْضِيحِ:) أَيْ خُلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ. وَهُوَ مُرَادُ عُلَمَائِنَا بِإِرْخَاءِ الْمَسْتُورِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ إرْخَاءَ سِتْرٍ وَلَا إغْلَاقَ بَابٍ. قَالَهُ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ. اهـ
مَفْهُومُ قَوْلِهِ: " مِنْ بَعْدِ الْبِنَا " أَنَّهُمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي الْمَسِيسِ بَعْدَ الْعَقْدِ عَلَيْهَا وَلَمْ تَثْبُتْ خَلْوَةٌ بَيْنَهُمَا فَإِنَّ الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ قَوْلُ الزَّوْجِ. نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ ابْنِ الْحَارِثِ " وَلِادِّعَاءِ " يَتَعَلَّقُ بِرَدٍّ وَلَامُهُ زَائِدَةٌ، وَمُعْلِنًا حَالٌ مِنْ فَاعِلِ رَدَّ الْعَائِدِ عَلَى الزَّوْجِ، وَكَانَ فِي قَوْلِهِ:" وَإِنْ يَكُنْ مِنْهَا نُكُولٌ " تَامَّةٌ وَأَلِفُ " نَكَلَا لِلتَّثْنِيَةِ، أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا، وَقَدْ خَلَا خَبَرُ كَانَ مِنْ قَوْلِهِ: " وَإِنْ يَكُنْ لِلِابْتِنَاءِ "، وَقَوْلُهُ: " فَالْقَوْلُ قَوْلُ زَائِرٍ " هُوَ جَوَابُ قَوْلِهِ: " وَإِنْ يَكُنْ " (قَالَ فِي الْمُقَرِّبِ:) قَالَ سَحْنُونٌ: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ: قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَخَلَا بِهَا وَأَرْخَى السِّتْرَ عَلَيْهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا وَقَالَ: " لَمْ أَمَسَّهَا "، وَقَالَتْ: " قَدْ مَسَّنِي " فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَلَهَا الصَّدَاقُ كَامِلًا إذَا كَانَ الدُّخُولُ عَلَيْهَا دُخُولَ بِنَاءٍ وَسَوَاءٌ فِي هَذَا دَخَلَ عَلَيْهَا فِي بَيْتِهِ أَوْ بَيْتِهَا، (قُلْت) : فَإِنْ كَانَ بَنَى بِهَا وَدَخَلَ عَلَيْهَا نَهَارًا فِي رَمَضَانَ أَوْ وَهِيَ صَائِمَةٌ صِيَامَ نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ أَوْ تَطَوُّعٍ ثُمَّ طَلَّقَهَا مِنْ يَوْمِهِ أَوْ كَانَتْ مُحْرِمَةً أَوْ حَائِضًا فَطَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ تَحِلَّ إحْرَامَهَا أَوْ تَغْتَسِلَ مِنْ حَيْضَتِهَا وَأَنْكَرَ الْمَسِيسَ؟ .
فَقَالَ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ وَهِيَ حَائِضٌ ثُمَّ اخْتَلَفَا، فَقَالَ الزَّوْجُ:" لَمْ أَمَسَّهَا "، وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ:" بَلْ قَدْ مَسَّنِي " فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجَةِ إذَا أُرْخِيَتْ عَلَيْهِمَا السُّتُورُ فَأَنَا أَرَى كُلَّ مَنْ خَلَا بِامْرَأَتِهِ وَادَّعَتْ أَنَّهُ قَدْ مَسَّهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا إذَا كَانَتْ خَلْوَةَ بِنَاءٍ، وَإِنْ كَانَتْ حِينَ خَلَا بِهَا فِي حَالَةٍ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُجَامِعَهَا فِيهَا. اهـ
وَقَدْ اخْتَصَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِأَوْجَزِ عِبَارَةٍ وَأَلْطَفِ إشَارَةٍ فَقَالَ: وَالْمَذْهَبُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا فِي الْوَطْءِ إذَا خَلَا بِهَا خَلْوَةَ اهْتِدَاءٍ وَإِنْ كَانَتْ مُحْرِمَةً، أَوْ حَائِضًا، أَوْ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ. ثُمَّ قَالَ: وَفِي خَلْوَةِ الزِّيَارَةِ مَشْهُورُهَا قَوْلُ الزَّائِرِ مِنْهُمَا لِلْعُرْفِ بِخِلَافِ خَلْوَةِ الِاهْتِدَاءِ. (التَّوْضِيحَ) الْمَشْهُورُ إنْ زَارَتْهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا لِأَنَّ الْعُرْفَ أَنَّ الرَّجُلَ يَنْشَطُ فِي بَيْتِهِ، وَإِنْ زَارَهَا هُوَ فِي بَيْتِهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ لِأَنَّ الْعُرْفَ أَنَّ الرَّجُلَ لَا يَنْشَطُ إلَيْهَا، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ " لِلْعُرْفِ " اهـ (وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ) الْقَوْلُ قَوْلُهَا رَشِيدَةً كَانَتْ أَوْ سَفِيهَةً، كَانَ الْبِنَاءُ فِي دَارِهِ أَوْ فِي دَارِهَا، وَقَعَ الطَّلَاقُ عَنْ قُرْبٍ مِنْ الْبِنَاءِ أَوْ بُعْدٍ، وَلَهَا الْمَهْرُ كُلُّهُ وَلَا رَجْعَةَ لَهُ لِإِنْكَارِهِ الْوَطْءَ، وَاخْتُلِفَ فِي يَمِينِهَا، وَسَكَتَ عَنْ الْيَمِينِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَقَالَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَكِتَابِ ابْنِ الْجَهْمِ عَلَيْهَا الْيَمِينُ. اهـ.
وَعَلَى وُجُوبِ الْيَمِينِ اعْتَمَدَ النَّاظِمُ لِأَنَّ إرْخَاءَ السُّتُورِ شَاهِدٌ عُرْفِيٌّ كَمَعْرِفَةِ الْعِفَاصِ وَالْوِكَاءِ فِي اللُّقَطَةِ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْعَادَةَ وَالْعُرْفَ كَشَاهِدٍ وَاحِدٍ فَلَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ مَعَهُ، وَقِيلَ: كَالشَّاهِدِينَ فَلَا يَمِينَ. (وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ أَيْضًا) وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ قَاعِدَةٌ: كُلُّ مَنْ حُكِمَ بِقَوْلِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهِ. اهـ
(وَقَالَ ابْنُ الْحَارِثِ) : رُوِيَ عَنْ ابْن وَهْبٍ أَنَّهُ قَالَ: رَجَعَ مَالِكٌ عَنْ كَوْنِ الْقَوْلِ قَوْلَ الزَّائِرِ إلَى أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَرْأَةِ حَيْثُمَا أَخَذَهُمْ السِّتْرُ وَكَانَتْ الْخَلْوَةُ. اهـ وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ نَبَّهَ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ: وَقِيلَ بَلْ
لِزَوْجَةٍ وَمَا عَلَيْهِ مِنْ عَمَلْ
وَلَمْ يَنْقُلْ الشَّارِحُ فِقْهًا يُوَافِقُ قَوْلَ النَّاظِمِ
وَإِنْ يَكُنْ مِنْهَا نُكُولٌ فَالْقَسَمْ
…
عَلَيْهِ وَالْوَاجِبُ نِصْفُ مَا الْتَزَمْ
وَيَغْرَمُ الْجَمِيعَ مَهْمَا نَكَلَا
…
وَلَكِنَّهُ جَارٍ عَلَى الْفِقْهِ ظَاهِرُ الْوَجْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَمَنْ كَسَا الزَّوْجَةَ ثُمَّ طَلَّقَا
…
يَأْخُذُهَا مَعَ قُرْبِ عَهْدٍ مُطْلَقًا
وَالْأَخْذُ إنْ مَرَّتْ لَهَا شُهُورُ
…
ثَلَاثَةٌ فَصَاعِدًا مَحْظُورُ
وَإِنْ يَكُونَا اخْتَلَفَا فِي الْمَلْبَسِ
…
فَالْقَوْلُ قَوْلُ زَوْجَةٍ فِي الْأَنْفَسِ
وَالْقَوْلُ لِلزَّوْجِ بِثَوْبٍ مُمْتَهَنْ
…
وَلُبْسُ ذَاتِ الْحَمْلِ بِالْحَمْلِ اقْتَرَنْ
وَحَيْثُمَا خُلْفُهُمَا فِي الزَّمَنِ
…
يُقَالُ لِلزَّوْجَةِ فِيهِ بَيِّنِي
وَعَجْزُهَا يَمِينَ زَوْجٍ يُوجِبُ
…
وَإِنْ أَرَادَ قَلْبَهَا فَتُقْلَبُ
اشْتَمَلَتْ الْأَبْيَاتُ عَلَى مَسَائِلَ:
(الْأُولَى) : مَنْ كَسَا زَوْجَتَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا وَلَا حَمْلَ بِهَا بِحَيْثُ لَا يَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ كُسْوَةٌ، وَأَرَادَ الزَّوْجُ أَخْذَ كُسْوَتِهِ، فَإِنْ كَانَتْ كُسْوَتُهُ لَهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فَلَهُ أَخْذُ كُسْوَتِهِ كَيْفَمَا وَجَدَهَا، وَإِنْ كَانَتْ قَبْلَ الطَّلَاقِ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا فَلَا يَأْخُذُهَا، وَإِلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَة أَشَارَ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ:
وَمَنْ كَسَا الزَّوْجَةَ ثُمَّ طَلَّقَا
الْبَيْتَيْنِ وَمَعْنَى الْإِطْلَاقِ فِي الْبَيْتِ الْأَوَّلِ كَيْفَمَا وَجَدَهَا خَلِقَةً أَمْ لَا.
(الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) إذَا كَسَاهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا وَادَّعَى أَنَّهَا الْكُسْوَةُ الْوَاجِبَةُ عَلَيْهِ لِيَسْتَرِدَّهَا إنْ كَانَ الطَّلَاقُ بِالْقُرْبِ كَمَا ذَكَرَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَادَّعَتْ هِيَ أَنَّهُ أَهْدَاهَا لَهَا فَهِيَ هِبَةٌ قَدْ حِيزَتْ، فَالْقَوْلُ لِلزَّوْجَةِ فِي الثَّوْبِ الرَّفِيعِ الْمُنَاسِبِ لِدَعْوَاهَا، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ فِي ثَوْبِ الْمِهْنَةِ الْمُنَاسِبِ لِمَا يُفْرَضُ عَلَيْهِ وَيُلْزَمُ بِهِ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ:
وَإِنْ يَكُونَا اخْتَلَفَا فِي الْمَلْبَسِ
…
فَالْقَوْلُ قَوْلُ زَوْجَةٍ فِي الْأَنْفَسِ
وَالْقَوْلُ لِلزَّوْجِ بِثَوْبٍ مُمْتَهَنْ
…
(الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ) مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ حَامِلًا فَإِنَّ لَهَا عَلَيْهِ الْكُسْوَةَ مَا دَامَتْ حَامِلًا، وَإِلَيْهَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ:
وَلُبْسُ ذَاتِ الْحَمْلِ بِالْحَمْلِ اقْتَرَنْ
(الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ) إذَا كَسَاهَا وَطَلَّقَهَا وَاتَّفَقَا عَلَى أَنَّهَا الْكُسْوَةُ الْوَاجِبَةُ عَلَيْهِ وَلَكِنْ اخْتَلَفَا فِي قُرْبِ الزَّمَانِ وَبُعْدِهِ، فَادَّعَى الزَّوْجُ قُرْبَ زَمَانِ كُسْوَتِهِ لَهَا لِيَسْتَرِدَّهَا مِنْهَا، وَادَّعَتْ هِيَ طُولَ زَمَنِ ذَلِكَ لِتَبْقَى لَهَا، حَسْبَمَا تَقَدَّمَ فَعَلَى الزَّوْجَة الْبَيِّنَةُ بِطُولِ الزَّمَنِ لِأَنَّهَا مُدَّعِيَةٌ، فَإِنْ عَجَزَتْ عَنْهَا حَلَفَ الزَّوْجُ لِأَنَّهُ مُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِنْ أَرَادَ قَلْبَ الْيَمِينِ عَلَى الزَّوْجَةِ فَلَهُ ذَلِكَ، وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ:
وَحَيْثُمَا خُلْفُهُمَا فِي الزَّمَنِ
الْبَيْتَيْنِ قَالَ فِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ: وَإِنْ كَسَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ كُسْوَةً ثُمَّ طَلَّقَهَا لَا تَجِبُ لَهَا بِهِ نَفَقَةٌ وَلَا كُسْوَةٌ، فَإِنْ أَرَادَ أَخْذَ كُسْوَتِهِ مِنْهَا فَإِنْ كَانَ مَضَى لِابْتِيَاعِهِ لَهَا أَشْهُرٌ وَكَانَ ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ فَمَا فَوْقَهَا إلَى الْعَشَرَةِ فَهِيَ لِلْمَرْأَةِ وَلَا شَيْءَ فِيهَا لِلرَّجُلِ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَهِيَ لِلرَّجُلِ، فَإِنْ اخْتَلَفَا وَادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهُ ابْتَاعَهَا مُنْذُ شَهْرَيْنِ، وَادَّعَتْ الْمَرْأَةُ مُنْذُ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَزِيَادَةٍ، فَعَلَى الْمَرْأَةِ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى مُدَّةِ الِابْتِيَاعِ لِأَنَّهَا تُرِيدُ اسْتِحْقَاقَ الْكُسْوَةِ، فَإِنْ عَجَزَتْ عَنْ إثْبَاتِ ذَلِكَ كَانَ لَهَا الْيَمِينُ عَلَى الزَّوْجِ. (قَالَ ابْنُ فَتْحُونٍ) بَعْدَ نَقْلِهِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ اسْتِحْبَابَ مَالِكٍ إذَا مَاتَ الزَّوْجُ أَوْ الْمَرْأَةُ بَعْدَ الْأَشْهُرِ أَنْ لَا يَتْبَعَ الْمَرْأَةَ بِشَيْءٍ مِنْ الْكُسْوَةِ مَا نَصُّهُ: وَاَلَّذِي وَقَعَ فِي الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ إنَّمَا هُوَ فِي الْكُسْوَةِ الَّتِي يَفْرِضُهَا الْقَاضِي.
وَأَمَّا مَا كَسَاهَا الزَّوْجُ عَلَى وَجْهِ الْهَدِيَّةِ فَلَا شَيْءَ لَهُ فِيهَا خَلَقَتْ أَوْ لَمْ تَخْلُقْ، قَرُبَ عَهْدُهَا أَوْ بَعُدَ، وَهِيَ مُوَرَّثَةٌ عَنْهَا، فَإِنْ اخْتَلَفَا فَقَالَ: الزَّوْجُ هَذِهِ الْكُسْوَةُ مِمَّا فُرِضَ عَلَيَّ. وَقَالَتْ الزَّوْجَةُ: بَلْ هِيَ مِمَّا أَهْدَيْتَهُ إلَيَّ. كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الزَّوْجِ بِيَمِينِهِ، إلَّا أَنْ تَكُونَ الْكُسْوَةُ مِمَّا لَا يَفْرِضُ مِثْلَهَا الْقَاضِي فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهَا أَوْ قَوْلَ وَرَثَتِهَا. (وَفِي الْمُقَرِّبِ) قُلْت: فَإِنْ دَفَعَ الزَّوْجُ لَهَا ثَوْبًا فَقَالَتْ: أَهْدَيْتَهُ إلَيَّ. وَقَالَ. بَلْ هُوَ مِمَّا فَرَضَ الْقَاضِي عَلَيَّ. فَقَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الثَّوْبُ مِنْ الثِّيَابِ الَّتِي لَا يَفْرِضُهَا الْقَاضِي لِمِثْلِهَا فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهَا
اهـ. فَقَوْلُهُ فِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ: " وَإِنْ كَسَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ " إلَخْ هِيَ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى فِي النَّظْمِ، وَقَوْلُهُ:" فَإِنْ اخْتَلَفَا وَادَّعَى الزَّوْجُ " وَمَا بَعْدَهُ هِيَ الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ فِي النَّظْمِ. وَقَوْلُهُ: " فَإِنْ اخْتَلَفَا فَقَالَ الزَّوْجُ " وَمَا بَعْدَهُ عَنْ الْمُقَرِّبِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فِي النَّظْمِ. (وَسُئِلَ) الْإِمَامُ أَبُو إِسْحَاقَ الشَّاطِبِيُّ رحمه الله عَنْ تَاجِرٍ فِي الثِّيَابِ وَغَيْرِهَا تُوُفِّيَ فَادَّعَى وَرَثَتُهُ فِي بَعْضِ الثِّيَابِ الَّتِي هِيَ مِنْ شَاكِلَةِ الْمَرْأَةِ وَاحْتَوَى عَلَيْهَا مَنْزِلُهَا أَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ مُتَخَلَّفِهِ، وَادَّعَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّ الزَّوْجَ سَاقَهَا لَهَا وَأَنَّهَا مَتَاعُهَا لَا مِنْ الْمُتَخَلَّفِ، فَقَوْلَ مَنْ يَكُونُ