المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب النفقة وما يتعلق بها] - شرح ميارة = الإتقان والإحكام في شرح تحفة الحكام - جـ ١

[ميارة]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَةُ الْكِتَابِ]

- ‌[بَابُ الْقَضَاءِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَعْرِفَةِ أَرْكَانِ الْقَضَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي رَفْعِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَمَا يُلْحَقُ بِذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مِنْ الْقَضَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمَقَالِ وَالْجَوَابِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْآجَالِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِعْذَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خِطَابِ الْقُضَاةِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ]

- ‌[بَابُ الشُّهُودِ وَأَنْوَاعِ الشَّهَادَاتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ مَسَائِلُ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ مِمَّا يَتَكَرَّرُ وُقُوعُهُ غَالِبًا]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَنْوَاعِ الشَّهَادَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ الشَّهَادَةُ الَّتِي تُوجِبُ الْحَقَّ مَعَ الْيَمِينِ]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ أَقْسَامِ الشَّهَادَةِ وَهِيَ الَّتِي تُوجِبُ الْحَقَّ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَا يُوجِبُ الْيَمِينَ لَا عَلَى الطَّالِبِ بَلْ عَلَى الْمَطْلُوبِ]

- ‌[فَصْلٌ الشَّهَادَةُ الَّتِي لَا عَمَلَ لَهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مِنْ الشَّهَادَةِ]

- ‌[بَابُ الْيَمِينِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[بَابُ الرَّهْنِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَرَاهِنَيْنِ]

- ‌[بَابُ الضَّمَانِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[بَابُ الْوَكَالَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَدَاعِي الْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلِ]

- ‌[بَابُ الصُّلْحِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ وَلِلْأَبِ الصُّلْحُ عَلَى الْمَحْجُورِ]

- ‌[بَابُ النِّكَاحِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَوْلِيَاءِ وَمَا يَتَرَتَّبُ فِي الْوِلَايَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَنْ لَهُ الْإِجْبَارُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ فَاسِدِ النِّكَاحِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مِنْ النِّكَاحِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَدَاعِي الزَّوْجَيْنِ وَمَا يَلْحَقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْقَبْضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُهْدِيهِ الزَّوْجُ ثُمَّ يَقَعُ الطَّلَاقُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الشُّوَارِ الْمُورَدِ بَيْتَ الْبِنَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي إثْبَاتِ الضَّرَرِ وَالْقِيَامِ بِهِ وَبَعْثِ الْحَكَمَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الرَّضَاعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي عُيُوبِ الزَّوْجَيْنِ وَمَا يُرَدَّانِ بِهِ مِنْهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اللِّعَانِ]

- ‌[بَابُ الطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ الْخُلْع]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَيْمَانِ اللَّازِمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّدَاعِي فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا ثُمَّ أَرَادَ الْعَوْدَ لِلزَّوْجِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الرَّجْعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْفَسْخِ]

- ‌[بَابُ النَّفَقَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّدَاعِي فِي النَّفَقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَجِبُ لِلْمُطَلَّقَاتِ وَغَيْرِهِنَّ مِنْ النَّفَقَةِ وَمَا يُلْحَقُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الطَّلَاقِ بِالْإِعْسَارِ بِالنَّفَقَةِ وَمَا يُلْحَقُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْمَفْقُودِينَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَضَانَةِ]

- ‌[بَابٌ فِي الْبُيُوعِ وَمَا شَاكَلَهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْأُصُولِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْعُرُوضِ مِنْ الثِّيَابِ وَسَائِرِ السِّلَعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الطَّعَامِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ النَّقْدَيْنِ وَالْحُلِيِّ وَشِبْهِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الثِّمَارِ وَمَا يُلْحَقُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجَائِحَةِ فِي الثِّمَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الرَّقِيقِ وَسَائِرِ الْحَيَوَانِ]

- ‌[فَصْلٌ كِلَابَ الْمَاشِيَةِ يَجُوزُ بَيْعُهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الدَّيْنِ وَالْمُقَاصَّةِ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَوَالَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ وَالثُّنْيَا]

الفصل: ‌[باب النفقة وما يتعلق بها]

الزَّوْجِ أَوْ طَلَاقِهِ مَا نَصُّهُ (فَإِنْ قُلْت) أَطْلَقَ الشَّيْخُ فِي قَوْلِهِ لِفَسْخِهِ فَظَاهِرُهُ: أَنَّ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ إذَا فُسِخَ تَجِبُ فِيهِ الْعِدَّةُ، وَلَوْ كَانَ مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ (قُلْتُ) كَذَلِكَ وَقَعَ فِي إطْلَاقِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَقَالَ شَارِحُهُ: هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِيهَا: وَمَا فُسِخَ مِنْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ ذَاتِ مَحْرَمٍ فَالْعِدَّةُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ كَالْعِدَّةِ فِي الصَّحِيحِ. وَنَقَلَ الشَّيْخُ عَنْ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ إنْ كَانَ مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ فَثَلَاثُ حِيَضٍ. وَقِيلَ: حَيْضَةٌ، وَإِنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِيهِ فَثَلَاثٌ، وَعِنْدِي أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِنِكَاحٍ، وَالرَّسْمُ يَدُلُّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ فَفُسِخَ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - اهـ. كَلَامُ الرَّصَّاعِ.

[بَابُ النَّفَقَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

(ابْنُ عَرَفَةَ) النَّفَقَةُ مَا بِهِ قِوَامُ مُعْتَادِ حَالِ آدَمِيٍّ دُونَ سَرَفٍ (الرَّصَّاعُ) قَوْلُهُ: " مَا بِهِ قِوَامُ مُعْتَادِ حَالِ آدَمِيٍّ " أَخْرَجَ بِهِ مَا بِهِ قِوَامُ مُعْتَادِ غَيْرِ آدَمِيٍّ، وَمَا لَيْسَ مُعْتَادًا فِي حَالِ الْآدَمِيِّ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِنَفَقَةٍ شَرْعًا. وَأَخْرَجَ بِقَوْلِهِ:" دُونَ سَرَفٍ " السَّرَفَ، فَلَيْسَ بِنَفَقَةٍ شَرْعًا إلَخْ، وَلَا يَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِهِ، وَالْمُرَادُ هُنَا بِالنَّفَقَةِ: النَّفَقَةُ الَّتِي يُحْكَمُ بِهَا. وَفِي دُخُولِ الْكُسْوَةِ فِي النَّفَقَةِ خِلَافٌ مَشْهُورٌ، ذَكَرَهُ ابْنُ سَهْلٍ وَغَيْرُهُ، وَعَلَيْهِ مَنْ الْتَزَمَ نَفَقَةَ رَجُلٍ، هَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ كُسْوَتُهُ؟ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ زَرْبٍ أَوْ لَا تَجِبُ؟ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ سَهْلٍ وَابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِمْ (قَالَ ابْنُ رُشْدٍ) : لِأَنَّ النَّفَقَةَ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ أَلْفَاظِ الْعُمُومِ فَقَدْ تُعُرِّفَتْ عِنْدَ أَكْثَرِ النَّاسِ بِالطَّعَامِ دُونَ الْكُسْوَةِ. (قَالَ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَا حَاصِلُهُ) : إنَّ النَّفَقَةَ مَوْضُوعَةٌ لِلطَّعَامِ وَالْكُسْوَةِ، ثُمَّ تَخَصَّصَتْ عِنْدَنَا عُرْفًا بِالطَّعَامِ فَقَطْ اهـ. وَقَوْلُهُ:" وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا " الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِالنَّفَقَةِ مَا يَجِبُ مِنْهَا لِلْمُطَلَّقَاتِ، وَمَا يَلْحَقُ بِهَا مِنْ كُسْوَةٍ وَإِسْكَانٍ، وَحُكْمِ الْمُعْسِرِ بِهَا.

وَيَجِبُ الْإِنْفَاقُ لِلزَّوْجَاتِ

فِي كُلِّ حَالَةٍ مِنْ الْحَالَاتِ

وَالْفَقْرُ شَرْطُ الْأَبَوَيْنِ وَالْوَلَدْ

عَدَمُ مَالٍ وَاتِّصَالٌ لِلْأَمَدْ

فَفِي الذُّكُورِ لِلْبُلُوغِ يَتَّصِلْ

وَفِي الْإِنَاثِ بِالدُّخُولِ يَنْفَصِلْ

وَالْحُكْمُ فِي الْكُسْوَةِ حُكْمُ النَّفَقَهْ

وَمُؤَنُ الْعَبْدِ تَكُونُ مُطْلَقَهْ

ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْأَبْيَاتِ أَسْبَابَ وُجُوبِ النَّفَقَةِ وَشُرُوطَهَا، وَأَسْبَابُهَا - كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ ثَلَاثَةٌ: النِّكَاحُ، وَالْقَرَابَةُ، وَالْمِلْكُ، فَتَجِبُ فِي النِّكَاحِ بِالدُّخُولِ، أَوْ بِالدُّعَاءِ إلَى الدُّخُولِ، وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا مَرِيضًا مَرَضَ السِّيَاقِ وَالزَّوْجُ بَالِغٌ وَالزَّوْجَةُ مُطِيقَةٌ لِلْوَطْءِ. كَذَا فِي ابْنِ الْحَاجِبِ وَجَعَلَ فِي التَّوْضِيحِ السَّلَامَةَ مِنْ الْمَرَضِ، وَالْبُلُوغَ فِي الزَّوْجِ، وَإِطَاقَةَ الْوَطْءِ فِي الزَّوْجَةِ، شُرُوطًا فِي الدُّعَاءِ لِلدُّخُولِ، فَإِذَا دُعِيَ إلَيْهِ وَقَدْ اخْتَلَّ أَحَدُ هَذِهِ الشُّرُوطِ فَلَا تَجِبُ، أَمَّا إنْ دَخَلَ فَتَجِبُ النَّفَقَةُ بِغَيْرِ شَرْطٍ.

وَجَعَلَهَا اللَّقَانِيِّ شَرْطًا فِي الدُّخُولِ وَفِي الدُّعَاءِ إلَيْهِ، فَلَا تَجِبُ نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ وَلَوْ دَخَلَ بِهَا إلَّا إذَا بَلَغَ الزَّوْجُ، وَأَطَاقَتْ الزَّوْجَةُ الْوَطْءَ، وَلَمْ يُعَضِّدْهُ بِنَقْلٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ شَرْطٌ فِي الدُّعَاءِ فَقَطْ، كَمَا فِي التَّوْضِيحِ (ابْنُ الْحَاجِبِ) وَتُعْتَبَرُ بِحَالِ الزَّوْجِ، وَالزَّوْجَةِ، وَالْبَلَدِ، وَالسِّعْرِ، وَتَجِبُ نَفَقَتُهَا كَانَتْ غَنِيَّةً أَوْ فَقِيرَةً حُرَّةً أَوْ أَمَةً، كَانَ الزَّوْجُ حُرًّا أَوْ عَبْدًا، وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ:

فِي كُلِّ حَالَةٍ مِنْ الْحَالَاتِ

(ابْنُ سَلْمُونٍ) وَعَلَى الْعَبْدِ نَفَقَةُ زَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ، وَكِسْوَتُهَا طُولَ بَقَائِهَا فِي عِصْمَتِهِ مِنْ كَسْبِهِ، وَلَا يَمْنَعُهُ سَيِّدُهُ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ أَمَةً فَنَفَقَتُهَا كَذَلِكَ عَلَى زَوْجِهَا، حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا، بَوَّأَهَا مَعَهُ السَّيِّدُ بَيْتًا أَمْ لَا.

وَقَالَ أَشْهَبُ لَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَى الزَّوْجِ بِحَالٍ وَهِيَ عَلَى السَّيِّدِ، وَقِيلَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ أَنْ يُبَوِّئَهَا سَيِّدُهَا مَعَ زَوْجِهَا بَيْتًا فَتَلْزَمُ الزَّوْجَ أَوْ لَا يُبَوِّئُهَا فَتَسْقُطُ عَنْ الزَّوْجِ، اُنْظُرْ تَمَامَ كَلَامِهِ.

وَأَمَّا نَفَقَةُ الْقَرَابَةِ: فَعَلَى الْأَوْلَادِ الصِّغَارِ الَّذِينَ لَا مَالَ لَهُمْ عَلَى الذُّكُورِ حَتَّى يَحْتَلِمُوا، وَلَا زَمَانَةَ بِهِمْ، وَعَلَى الْإِنَاثِ حَتَّى يُنْكَحْنَ وَيَدْخُلَ بِهِنَّ أَزْوَاجُهُنَّ وَعَلَى الْأَبَوَيْنِ الْفَقِيرَيْنِ بِشَرْطِ الْحُرِّيَّةِ فِي الْمُنْفِقِ وَالْمُنْفَقِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الْمَمْلُوكُ: فَنَفَقَتُهُ عَلَى مَالِكِهِ، وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَةُ أَوْلَادِهِ وَلَا نَفَقَةُ أَبَوَيْهِ، إذْ لَيْسَ لَهُ إتْلَافُ مَالِ سَيِّدِهِ وَلَا يَطْلُبُهُ

ص: 249

أَبُوهُ أَوْ ابْنُهُ بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عَلَى سَيِّدِهِ.

وَعَلَى اسْتِمْرَارِ نَفَقَةِ الْأَوْلَادِ إلَى الْأَمَدِ الْمَذْكُورِ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ: " وَاتِّصَالٌ لِلْأَمَدِ " ثُمَّ فَسَّرَ ذَلِكَ الْأَمَدَ بِقَوْلِهِ:

فَفِي الذُّكُورِ لِلْبُلُوغِ يَتَّصِلْ

وَفِي الْإِنَاثِ بِالدُّخُولِ يَنْفَصِلْ

(ابْنُ الْحَاجِبِ) . وَتَجِبُ عَلَى الْأَبِ الْحَرِّ نَفَقَةُ وَلَدِهِ الْفَقِيرِ عَلَى قَدْرِ حَالِهِ لَهُ، وَنَفَقَةُ الذَّكَرِ حَتَّى يَحْتَلِمَ، عَاقِلًا غَيْرَ زَمِنٍ بِمَا يَمْنَعُ التَّكَسُّبَ، وَقِيلَ: حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَالْبِنْتُ حَتَّى يَدْخُلَ بِهَا الزَّوْجُ، وَلَوْ أَسْلَمَ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَبَقِيَتْ كَافِرَةً، وَلَوْ عَادَتْ بَالِغَةً أَوْ عَادَتْ الزَّمَانَةُ لِلذَّكَرِ لَمْ تَعُدْ، ثُمَّ لَهُمَا أَنْ يَذْهَبَا حَيْثُ شَاءَا إلَّا أَنْ يُخَافَ سَفَهٌ؛ فَيَمْنَعَهُمَا الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ. (التَّوْضِيحُ) وَاحْتُرِزَ بِوَصْفِ الْأَبِ بِالْحُرِّيَّةِ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْأَبُ عَبْدًا أَوْ فِيهِ شَائِبَةٌ مِنْ شَوَائِبِ الْحُرِّيَّةِ، فَلَا نَفَقَةَ لِوَالِدِهِ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ لَا نَفَقَةَ لِلْوَلَدِ الرَّقِيقِ عَلَى أَبِيهِ، وَشَرَطَ فِي نَفَقَةِ الْوَلَدِ أَنْ يَكُونَ فَقِيرًا، وَأَمَّا إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: أَوْ يَكُونُ اكْتَسَبَ مَا يَسْتَغْنِي بِهِ فَلَا تَجِبُ نَفَقَتُهُ. وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ لِلْبِنْتِ مَا تَسْتَغْنِي بِهِ فَلَا تَجِبُ نَفَقَتُهَا، فَإِنْ كَانَتْ الصَّنْعَةُ لَا تَكْفِي أُعْطِيت تَمَامَ الْكِفَايَةِ (اللَّخْمِيُّ) وَإِذَا كَسَدَتْ الصَّنْعَةُ عَادَتْ النَّفَقَةُ عَلَى الْأَبِ، وَاشْتَرَطَ هُنَا الْفَقْرَ وَلَمْ يَشْتَرِطْهُ فِي الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّ نَفَقَةَ الْوَلَدِ مُوَاسَاةٌ بِخِلَافِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ فَإِنَّهَا مُعَاوَضَةٌ. وَقَوْلُهُ:" وَلَوْ أَسْلَمَ بَعْدَ الْبُلُوغِ " أَيْ: وَلَوْ أَسْلَمَ الْأَبُ بَعْدَ بُلُوغِ ابْنَتِهِ الْبِكْرِ وَبَقِيَتْ هِيَ كَافِرَةً فَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا، وَذَكَرَهَا لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ خُرُوجُهَا لِاخْتِلَافِ الدِّينَيْنِ، وَكَذَلِكَ نَصَّ اللَّخْمِيُّ عَلَى الْوُجُوبِ فِي عَكْسِ هَذِهِ الصُّورَةِ، أَعْنِي: إذَا أَسْلَمَتْ بَعْدَ بُلُوغِهَا وَبَقِيَ هُوَ كَافِرًا، لَمْ تَسْقُطْ نَفَقَتُهَا عَنْهُ لِأَنَّهُ حُكْمٌ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ.

وَقَوْلُهُ: " وَلَوْ عَادَتْ بَالِغَةً " إلَخْ يَعْنِي فَلَوْ زَوَّجَ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ ثُمَّ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا وَعَادَتْ إلَى أَبِيهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ بَالِغَةً لَمْ تَعُدْ نَفَقَتُهَا عَلَى الْأَبِ. (مَالِك) فَإِنْ طَلُقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَهِيَ عَلَى نَفَقَتِهَا، وَمَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهَا لَوْ عَادَتْ غَيْرَ بَالِغَةٍ لَوَجَبَ عَلَى الْأَبِ الْإِنْفَاقُ، وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ قَالَ: تَعُودُ نَفَقَتُهَا وَلَا يُسْقِطُهَا بُلُوغُهَا بَلْ حَتَّى تَتَزَوَّجَ زَوْجًا آخَرَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: لَا تَعُودُ أَصْلًا. وَقِيلَ: تَعُودُ إلَى أَنْ تَبْلُغَ فَتَسْقُطَ.

قَالَ: وَلَا تَسْقُطُ النَّفَقَةُ لِتَرْشِيدِهِ لِاِبْنَتِهِ. وَقَوْلُهُ: " أَوْ عَادَتْ الزَّمَانَةُ لِلذَّكَرِ " يَعْنِي إنْ بَلَغَ الِابْنُ زَمِنًا وَقُلْنَا بِاسْتِمْرَارِ نَفَقَتِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ ثُمَّ صَحَّ وَحَكَمْنَا بِسُقُوطِ نَفَقَتِهِ ثُمَّ زَمِنَ فَإِنَّ النَّفَقَةَ لَا تَعُودُ إلَى الْأَبِ اهـ.

(وَفِي الْمُقَرِّبِ) قُلْت لَهُ: أَرَأَيْت الصَّبِيَّ الصَّغِيرَ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَأَبَوَاهُ مُعْسِرَانِ أَيُنْفَقُ عَلَيْهِمَا مِنْ مَالِ هَذَا الِابْنِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ يُنْفَقُ عَلَيْهِمَا مِنْ مَالِ الْوَلَدِ، صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا، ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، مُتَزَوِّجَةً كَانَتْ الْأُمُّ أَوْ غَيْرَ مُتَزَوِّجَةٍ اهـ. وَقَوْلُهُ:

وَالْحُكْمُ فِي الْكُسْوَةِ حُكْمُ النَّفَقَةِ

يَعْنِي أَنَّ حُكْمَ الْكُسْوَةِ حُكْمُ النَّفَقَةِ فَحَيْثُ تَجِبُ النَّفَقَةُ تَجِبُ الْكُسْوَةُ وَحَيْثُ لَا فَلَا

ص: 250

أُجْرَةَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.

وَقَوْلُهُ:

وَمُؤَنُ الْعَبْدِ تَكُونُ مُطْلَقَا

أَيْ: عَلَى سَيِّدِهِ، وَمُؤْنَتُهُ: نَفَقَتُهُ وَكُسْوَتُهُ. وَهَذِهِ إشَارَةٌ إلَى السَّبَبِ الثَّالِثِ مِنْ أَسْبَابِ النَّفَقَةِ وَهُوَ الْمَلِكُ. (ابْنُ الْحَاجِبِ) وَتَجِبُ نَفَقَةُ مِلْكِ الْيَمِينِ وَإِلَّا بِيعَ عَلَيْهِ (التَّوْضِيحُ) تَصَوُّرُهُ ظَاهِرٌ (فَرْعٌ) إذَا تَبَيَّنَ ضَرَرُهُ بِعَبْدِهِ فِي تَجْوِيعِهِ وَتَكْلِيفِهِ مِنْ الْعَمَلِ مَا لَا يُطِيقُ وَتَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ بِيعَ عَلَيْهِ اهـ.

(وَفِي الرِّسَالَةِ) وَعَلَيْهِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى عَبِيدِهِ وَيُكَفِّنَهُمْ إنْ مَاتُوا.

وَمُنْفِقٌ عَلَى صَغِيرٍ مُطْلَقَا

لَهُ الرُّجُوعُ بِاَلَّذِي قَدْ أَنْفَقَا

عَلَى أَبٍ أَوْ مَالِ الِابْنِ وَأُبِيَا

إلَّا بِعِلْمِ الْمَالِ أَوْ يُسْرِ الْأَبِ

وَيَرْجِعُ الْوَصِيُّ مُطْلَقًا بِمَا

يُنْفِقُهُ وَمَا الْيَمِينَ أُلْزِمَا

وَغَيْرُ مُوصٍ يُثْبِتُ الْكَفَالَهْ

وَمَعْ يَمِينٍ يَسْتَحِقُّ مَالَهْ

ص: 251

يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَنْفَقَ عَلَى صَغِيرٍ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ أَبٌ أَوْ يَتِيمًا، وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْإِطْلَاقِ، فَإِنَّ لَهُ الرُّجُوعَ مِمَّا أَنْفَقَ، وَيَكُونُ رُجُوعُهُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَعَلِمَ بِهِ الْمُنْفِقُ، أَوْ فِي مَالِ الْأَبِ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَعَلِمَ الْمُنْفِقُ بِيُسْرِهِ. وَهَذَا مَعْنَى الْبَيْتَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ، فَإِنْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مَالٌ رَجَعَ فِي مَالِ الصَّبِيِّ.

(قَالَ ابْنُ رُشْدٍ) : إنْ كَانَ لِلصَّبِيِّ ذِي الْأَبِ أَوْ لِلْيَتِيمِ مَالٌ فَلِلْمُنْفِقِ عَلَيْهِمَا الرُّجُوعُ عَلَيْهِمَا فِي أَمْوَالِهِمَا، إنْ كَانَتْ لَهُ بِالنَّفَقَةِ بَيِّنَةٌ، وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ أَنَّهُ إنَّمَا يُنْفِقُ لِيَرْجِعَ بِهِ بَعْدَ يَمِينِهِ أَنَّهُ إنَّمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِمَا لِيَرْجِعَ فِي أَمْوَالِهِمَا لَا عَلَى وَجْهِ الْحِسْبَةِ، وَيُسْرُ أَبِي الْوَلَدِ كَمَالِهِ، وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى السَّبَائِيُّ أَنْ لَا رُجُوعَ فِي أَمْوَالِهِمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ أَشْهَدَ أَنَّهُ إنَّمَا أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ بِذَلِكَ، وَهَذَا إذَا أَنْفَقَ وَهُوَ يَعْلَمُ مَالَ الْيَتِيمِ، أَوْ يُسْرَ الْأَبِ، وَلَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهِمَا ظَانًّا أَنَّهُ لَا مَالَ لِلْيَتِيمِ، وَلَا لِلِابْنِ، وَلَا لِأَبِيهِ، ثُمَّ عَلِمَ ذَلِكَ فَلَا رُجُوعَ. وَقِيلَ: لَهُ الرُّجُوعُ.

وَالْقَوْلَانِ قَائِمَانِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ. وَسَمِعَ سَحْنُونٌ مِنْ ابْنِ الْقَاسِمِ: مَنْ غَابَ أَوْ فُقِدَ فَأَنْفَقَ رَجُلٌ عَلَى وَلَدِهِ فَقَدِمَ أَوْ مَاتَ فِي غَيْبَتِهِ وَعَلِمَ أَنَّهُ كَانَ عَدِيمًا؛ لَمْ يَتْبَعْهُ بِمَا أَنْفَقَ.

(قَالَ ابْنُ رُشْدٍ) : لِأَنَّ الْوَلَدَ إذَا لَمْ يَكُنْ لِأَبِيهِ وَلَا لَهُ مَالٌ فَهُوَ كَالْيَتِيمِ، النَّفَقَةُ عَلَيْهِ احْتِسَابًا.

(قَالَ الْمُتَيْطِيُّ) : يَرْجِعُ بِسِتَّةِ شُرُوطٍ: أَنْ يَكُونَ لِلصَّبِيِّ مَالٌ حِينَ الْإِنْفَاقِ، وَأَنْ يَكُونَ قَدْ عَلِمَ بِهِ الْمُنْفِقُ، وَأَنْ يَكُونَ مَالُهُ غَيْرَ عَيْنٍ، وَأَنْ يَنْوِيَ الْمُنْفِقُ الرُّجُوعَ بِنَفَقَتِهِ، وَأَنْ يَحْلِفَ عَلَى ذَلِكَ، وَأَنْ تَكُونَ النَّفَقَةُ غَيْرَ سَرَفٍ اهـ.

مِنْ شَرْحِ الرِّسَالَةِ لِلْقَلَشَانِيِّ بِتَقْدِيمٍ وَتَأْخِيرٍ وَبَعْضِ اخْتِصَارٍ. (وَفِي الْمُقَرِّبِ) قُلْت: فَمَنْ كَفَلَ يَتِيمًا لَهُ مَالٌ فَأَنْفَقَ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: إنَّمَا أَنْفَقْتُ عَلَيْهِ لِأَرْجِعَ بِهِ فِي مَالِهِ. فَإِنَّ ذَلِكَ لَهُ، وَسَوَاءٌ أَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ أَوْ لَمْ يُشْهِدْ.

وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ. (قُلْت) فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا غَابَ عَنْ أَوْلَادٍ لَهُ صِغَارٍ فَأَنْفَقَ عَلَيْهِمْ رَجُلٌ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْمُرَهُ وَالِدُهُمْ بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهِمْ ثُمَّ قَدِمَ وَالِدُهُمْ أَيَكُونُ لِهَذَا الرَّجُلِ أَنْ يَتْبَعَهُ بِمَا أَنْفَقَ؟ قَالَ: نَعَمْ، إذَا كَانَ الْأَبُ مُوسِرًا يَوْمَ أَنْفَقَ عَلَيْهِمْ إذَا قَالَ: أَنْفَقْتُ عَلَيْهِمْ عَلَى وَجْهِ السَّلَفِ، وَحَلَفَ عَلَى ذَلِكَ، وَكَانَتْ لَهُ أَيْضًا بَيِّنَةٌ بِالْإِنْفَاقِ. (وَفِي النَّوَادِرِ) وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَمَنْ أَنْفَقَ عَلَى صَبِيٍّ عَلَى الْحِسْبَةِ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ لَهُ أَبًا مُوسِرًا لَمْ يَتْبَعْهُ بِشَيْءٍ، إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْأَبَ تَعَمَّدَ ذَلِكَ بِهِمْ. (فَرْعٌ) مَنْ أَنْفَقَ عَلَى يَتِيمٍ وَوَجَبَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ هَلْ يُكَلَّفُ بِيَمِينِ الْقَضَاءِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ إنْفَاقَهُ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ وَلَا أَسْقَطَهُ لِإِمْكَانِ أَنْ يَصِلَ إلَيْهِ ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْهُ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْيَتِيمِ كَالْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ؟ وَانْظُرْ فِي مَسَائِلِ الْمَحْجُورِ مِنْ كِتَابِ ابْنِ سَهْلٍ هَذَا فِي غَيْرِ الْوَصِيِّ.

وَأَمَّا الْوَصِيُّ فَقَدْ لَا يَكُونُ عَلَيْهِ يَمِينُ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى الْيَتِيمِ لِيَرْجِعَ بِهِ فِي مَالِهِ، وَسَوَاءً أَنْفَقَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ أَوْ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ هُوَ قَائِمٌ بِمَا أَنْفَقَ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ الطُّرَرِ. (فَرْعٌ) وَفِي طُرَرِ ابْنِ عَاتٍ قَالَ بَعْضُ الْمُفْتِينَ فِي الْمَرْأَةِ تَتَزَوَّجُ وَيَتَطَوَّعُ زَوْجُهَا بِنَفَقَةِ ابْنِهَا، ثُمَّ تُرِيدُ الرُّجُوعَ بِهَا عَلَى ابْنِهَا، فِي حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدَ وَفَاتِهِ، وَكَانَ لَهُ مَالٌ وَقْتَ الْإِنْفَاقِ، فَإِنَّهَا لَا رُجُوعَ لَهَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ مِنْ الزَّوْجِ وَصْلَةٌ لِلرَّبِيبِ، وَالْأُمُّ لَمْ تَتْرُكْ عَلَى ذَلِكَ مِنْ حَقِّهَا شَيْئًا اهـ. (قَالَ مُقَيِّدُهُ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ) وَقَدْ قُلْت فِي ذَلِكَ بَيْتًا وَهُوَ:

وَمَنْ بِإِنْفَاقِ الرَّبِيبِ طَاعَ لَا

رُجُوعَ لِلْأُمِّ عَلَى ابْنٍ فَاقْبَلَا

(تَنْبِيهٌ) تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُنْفِقَ عَلَى الصَّغِيرِ إذَا لَمْ يُشْهِدْ أَنَّهُ إنَّمَا أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ، وَيَرْجِعُ، وَكَذَلِكَ يَرْجِعُ إذَا أَنْفَقَ وَلَمْ يَنْوِ رُجُوعًا وَلَا عَدَمَهُ، فَإِنَّهُ يَحْلِفُ أَنَّهُ لَمْ يَنْوِ رُجُوعًا وَلَا عَدَمَ الرُّجُوعِ، وَيَرْجِعُ. نَقَلَهُ صَاحِبُ الْمِعْيَارِ فِي أَثْنَاءِ جَوَابِ الْعَبْدُوسِيِّ بَعْدَ كَرَاسِينَ مِنْ نَوَازِلِ الْأَحْبَاسِ، قَوْلُهُ:

وَيَرْجِعُ الْوَصِيُّ مُطْلَقًا بِمَا

يُنْفِقُهُ وَمَا الْيَمِينَ أُلْزِمَا

وَغَيْرُ مُوصٍ يُثْبِتُ الْكَفَالَهْ

وَمَعْ يَمِينٍ يَسْتَحِقُّ مَالَهْ

يَعْنِي أَنَّ الْوَصِيَّ إذَا أَنْفَقَ عَلَى مَحْجُورِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقَ. سَوَاءً أَشْهَدَ أَنَّهُ أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ أَوْ لَا، كَانُوا فِي حَضَانَتِهِ أَوْ لَا، وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْإِطْلَاقِ، فَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ، فَيُصَدَّقُ فِي قَصْدِ الرُّجُوعِ، وَعَلَى سُقُوطِ الْيَمِينِ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ:" وَمَا الْيَمِينَ أُلْزِمَا " فَمَا نَافِيَةٌ، أَيْ: لَمْ يُلْزِمْهُ الشَّرْعُ يَمِينًا عَلَى ذَلِكَ، قَوْلُهُ: " وَغَيْرُ مُوصٍ الْبَيْتَ، هُوَ تَفْصِيلٌ لِمَا أَجْمَلَ فِي قَوْلِهِ صَدْرَ الْمَسْأَلَةِ:

وَمُنْفِقٌ عَلَى صَغِيرٍ مُطْلَقَا

وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُنْفِقَ عَلَى الصَّغِيرِ إنْ كَانَ وَصِيًّا عَلَيْهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ

ص: 252