المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في رفع المدعى عليه وما يلحق بذلك] - شرح ميارة = الإتقان والإحكام في شرح تحفة الحكام - جـ ١

[ميارة]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَةُ الْكِتَابِ]

- ‌[بَابُ الْقَضَاءِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَعْرِفَةِ أَرْكَانِ الْقَضَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي رَفْعِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَمَا يُلْحَقُ بِذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مِنْ الْقَضَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمَقَالِ وَالْجَوَابِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْآجَالِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِعْذَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خِطَابِ الْقُضَاةِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ]

- ‌[بَابُ الشُّهُودِ وَأَنْوَاعِ الشَّهَادَاتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ مَسَائِلُ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ مِمَّا يَتَكَرَّرُ وُقُوعُهُ غَالِبًا]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَنْوَاعِ الشَّهَادَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ الشَّهَادَةُ الَّتِي تُوجِبُ الْحَقَّ مَعَ الْيَمِينِ]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ أَقْسَامِ الشَّهَادَةِ وَهِيَ الَّتِي تُوجِبُ الْحَقَّ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَا يُوجِبُ الْيَمِينَ لَا عَلَى الطَّالِبِ بَلْ عَلَى الْمَطْلُوبِ]

- ‌[فَصْلٌ الشَّهَادَةُ الَّتِي لَا عَمَلَ لَهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مِنْ الشَّهَادَةِ]

- ‌[بَابُ الْيَمِينِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[بَابُ الرَّهْنِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَرَاهِنَيْنِ]

- ‌[بَابُ الضَّمَانِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[بَابُ الْوَكَالَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَدَاعِي الْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلِ]

- ‌[بَابُ الصُّلْحِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ وَلِلْأَبِ الصُّلْحُ عَلَى الْمَحْجُورِ]

- ‌[بَابُ النِّكَاحِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَوْلِيَاءِ وَمَا يَتَرَتَّبُ فِي الْوِلَايَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَنْ لَهُ الْإِجْبَارُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ فَاسِدِ النِّكَاحِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مِنْ النِّكَاحِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَدَاعِي الزَّوْجَيْنِ وَمَا يَلْحَقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْقَبْضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُهْدِيهِ الزَّوْجُ ثُمَّ يَقَعُ الطَّلَاقُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الشُّوَارِ الْمُورَدِ بَيْتَ الْبِنَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي إثْبَاتِ الضَّرَرِ وَالْقِيَامِ بِهِ وَبَعْثِ الْحَكَمَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الرَّضَاعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي عُيُوبِ الزَّوْجَيْنِ وَمَا يُرَدَّانِ بِهِ مِنْهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اللِّعَانِ]

- ‌[بَابُ الطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ الْخُلْع]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَيْمَانِ اللَّازِمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّدَاعِي فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا ثُمَّ أَرَادَ الْعَوْدَ لِلزَّوْجِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الرَّجْعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْفَسْخِ]

- ‌[بَابُ النَّفَقَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّدَاعِي فِي النَّفَقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَجِبُ لِلْمُطَلَّقَاتِ وَغَيْرِهِنَّ مِنْ النَّفَقَةِ وَمَا يُلْحَقُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الطَّلَاقِ بِالْإِعْسَارِ بِالنَّفَقَةِ وَمَا يُلْحَقُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْمَفْقُودِينَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَضَانَةِ]

- ‌[بَابٌ فِي الْبُيُوعِ وَمَا شَاكَلَهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْأُصُولِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْعُرُوضِ مِنْ الثِّيَابِ وَسَائِرِ السِّلَعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الطَّعَامِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ النَّقْدَيْنِ وَالْحُلِيِّ وَشِبْهِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الثِّمَارِ وَمَا يُلْحَقُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجَائِحَةِ فِي الثِّمَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الرَّقِيقِ وَسَائِرِ الْحَيَوَانِ]

- ‌[فَصْلٌ كِلَابَ الْمَاشِيَةِ يَجُوزُ بَيْعُهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الدَّيْنِ وَالْمُقَاصَّةِ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَوَالَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ وَالثُّنْيَا]

الفصل: ‌[فصل في رفع المدعى عليه وما يلحق بذلك]

وَيَأْتِي بَعْدَ بَيْتٍ أَنَّهُ يُقْرِعُ بَيْنَهُمَا عِنْدَ جَهْلِ السَّابِقِ (الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) إذَا جَلَسَ الْخَصْمَانِ بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ يَبْدَأُ بِالْكَلَامِ حَتَّى يَفْرُغَ، وَحِينَئِذٍ يَتَكَلَّمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ.

(قَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ) مِنْ شَأْنِ حُكَّامِ الْعَدْلِ إذَا وَقَفَ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْهُمْ خَصْمَانِ أَنْ يَقُولَ لَهُمَا مَنْ الْمُدَّعِي مِنْكُمَا، فَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا: أَنَا الْمُدَّعِي، قَالَ لَهُ: تَكَلَّمْ وَأَمَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالسُّكُوتِ حَتَّى يَفْرُغَ الْمُدَّعِي مِنْ مَقَالِهِ، فَإِنْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ أَنَّهُ الْمُدَّعِي أَمَرَهُمَا بِالِارْتِفَاعِ عَنْهُ حَتَّى يَأْتِيَ أَحَدُهُمَا يَطْلُبُ الْخُصُومَةَ فَيَكُونُ هُوَ الْمُدَّعِي كَذَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ، وَرَوَاهُ عَنْ أَصْبَغَ وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي الْبَيْتِ بَعْدَ هَذَا.

وَحَيْثُ خَصْمٌ حَالَ خَصْمٍ يَدَّعِي

فَاصْرِفْ وَمَنْ يَسْبِقْ فَذَاكَ الْمُدَّعِي

وَعِنْدَ جَهْلِ سَابِقٍ أَوْ مُدَّعِي

مَنْ لَجَّ إذْ ذَاكَ لِقُرْعَةٍ دُعِي

لَمَّا قَدَّمَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ يَبْدَأُ بِالْكَلَامِ، وَذَلِكَ إذَا عُرِفَ وَأَنَّهُ إذَا تَعَدَّدَتْ الْخُصُومُ عِنْدَ الْقَاضِي يَبْدَأُ بِالْأَوَّلِ إذَا عُرِفَ أَيْضًا أَخْبَرَ هُنَا أَنَّهُ إذَا جَهِلَ الْمُدَّعِي بِحَيْثُ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ الْمُدَّعِي، أَوْ أَنَّهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَأْمُرُهُمَا بِالِانْصِرَافِ عَنْ مَجْلِسِهِ وَمَحَلِّ حُكْمِهِ، ثُمَّ مَنْ رَجَعَ بَعْدَ ذَلِكَ لِمَجْلِسِ الْقَاضِي فَهُوَ الْمُدَّعِي، وَعَلَى هَذَا نَبَّهَ بِالْبَيْتِ الْأَوَّلِ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ قَبْلَ هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ نَصُّ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ فَرَاجِعْهُ إنْ شِئْت ثُمَّ إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُدَّعِي بِمَا ذَكَرَهُ مِنْ صَرْفِهِمَا إمَّا لِتَجَاهُلِهِمَا أَوْ لِرُجُوعِهِمَا إلَيْهِ مَعًا بَعْدَ صَرْفِهِمَا عَنْهُ، فَمَنْ لَجَّ فِي ذَلِكَ أَوْ خَاصَمَ وَادَّعَى أَنَّهُ الْمُدَّعِي وَلَمْ يُوَافِقْهُ خَصْمُهُ، وَادَّعَى مَا ادَّعَاهُ خَصْمُهُ فَإِنَّهُ يُقْرِعُ بَيْنَهُمَا فَمَنْ خَرَجَ سَهْمُهُ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ بِالْكَلَامِ وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ:(أَوْ مُدَّعِي مَنْ لَجَّ إذْ ذَاكَ لِقُرْعَةٍ دُعِي) ؛ لِأَنَّهُ أَيْ قَوْلَهُ: (أَوْ مُدَّعِي) مَعْطُوفٌ عَلَى سَابِقٍ مَدْخُولِ.

(لِجَهْلِ)(وَفِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ) وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ الْجَالِبَ بَدَأَ بِأَيِّهِمَا شَاءَ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا ضَعِيفًا فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَبْدَأَ بِهِ، وَإِنْ بَقِيَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُتَعَلِّقًا بِالْآخَرِ أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا اهـ. وَلَمْ أَقِفْ الْآنَ عَلَى الْقُرْعَةِ إذَا جَهِلَ الْمُدَّعِي، وَلَعَلَّ النَّاظِمَ قَاسَهُ عَلَى جَهْلِ السَّابِقِ فِي الْخُصُومِ وَكَذَلِكَ إذَا جَهِلَ الْأَوَّلَ مِنْ الْخُصُومِ، وَلَجَّ وَخَاصَمَ كُلُّ وَاحِدٍ مُدَّعِيًا أَنَّهُ الْأَوَّلُ فَإِنَّهُ يُقْرِعُ بَيْنَهُمَا أَيْضًا وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ:(وَعِنْدَ جَهْلِ سَابِقٍ) الْبَيْتَ.

(اللَّخْمِيُّ) إنْ تَعَذَّرَ مَعْرِفَةُ الْأَوَّلِ مِنْ الْخُصُومِ كُتِبَتْ أَسْمَاؤُهُمْ فِي بَطَائِقَ، وَخُلِطَتْ فَمَنْ خَرَجَ اسْمُهُ بُدِئَ بِهِ وَذَلِكَ كَالْقُرْعَةِ بَيْنَهُمْ اهـ. وَتَقَدَّمَ قَبْلَ الْبَيْتَيْنِ كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ

[فَصْلٌ فِي رَفْعِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَمَا يُلْحَقُ بِذَلِكَ]

َ دَخَلَ فِي قَوْلِهِ: وَمَا يُلْحَقُ بِذَلِكَ، أَيْ بِرَفْعِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حُكْمُ مَنْ عَصَى الْأَمْرَ وَلَمْ يَحْضُرْ، وَهُوَ الطَّبْعُ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ تَكُونُ أُجْرَةُ الْعَوْنِ.

وَمَعْ مَخِيلَةٍ بِصِدْقِ الطَّالِبِ

يُرْفَعُ بِالْإِرْسَالِ غَيْرُ الْغَائِبِ

وَمَنْ عَلَى يَسِيرِ الْأَمْيَالِ يَحُلْ

فَالْكَتْبُ كَافٍ فِيهِ مَعَ أَمْنِ السُّبُلْ

وَمَعْ بُعْدٍ أَوْ مَخَافَةٍ كُتِبَ

لِأَمْثَلِ الْقَوْمِ أَنْ افْعَلْ مَا يَجِبْ

إمَّا بِإِصْلَاحٍ أَوْ الْإِغْرَامِ

أَوْ أَزْعَجَ الْمَطْلُوبَ لِلْخِصَامِ

وَمَنْ عَصَى الْأَمْرَ وَلَمْ يَحْضُرْ طُبِعْ

عَلَيْهِ مَا يُهِمُّهُ كَيْ يَرْتَفِعَ

اعْلَمْ أَنَّ الْخَصْمَيْنِ لَا يَخْلُو حَالُهُمَا مِنْ إحْدَى حَالَتَيْنِ: إمَّا أَنْ يَحْضُرَا مَعًا عِنْدَ الْقَاضِي مُتَّفِقَيْنِ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْهُمَا أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ فِيهِمَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ، وَإِمَّا أَنْ يَحْضُرَ أَحَدُهُمَا - وَهُوَ الطَّالِبُ - وَلَا يَحْضُرُ الْمَطْلُوبُ.

ثُمَّ إنَّ هَذَا الْمَطْلُوبَ الَّذِي لَمْ يَحْضُرْ مَجْلِسَ الْقَاضِي لَا يَخْلُو حَالُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ يَكُونَ حَاضِرًا مَعَهُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي هُوَ فِيهِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ غَائِبًا عَنْهُ بِمَوْضِعٍ هُوَ تَحْتَ إيَالَةِ الْقَاضِي الْمُتَدَاعَى إلَيْهِ، وَعَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ تَكَلَّمَ النَّاظِمُ فِي هَذِهِ الْأَبْيَاتِ، فَأَخْبَرَ أَنَّهُ إنْ كَانَ

ص: 23

حَاضِرًا مَعَهُ فِي مِصْرِهِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُوَجِّهُ إلَيْهِ أَحَدَ خُدَّامِهِ يَرْفَعُهُ لِمَجْلِسِ الْحُكْمِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ فِي الْمِصْرِ، فَإِنْ كَانَ عَلَى يَسِيرِ الْأَمْيَالِ مَعَ أَمْنِ الطَّرِيقِ مِنْ مَوْضِعِهِ إلَى مَحَلِّ الْحُكْمِ مِنْ الْحَاضِرَةِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَكْتُبُ إلَيْهِ يَأْمُرُهُ بِالْحُضُورِ عِوَضًا مِنْ دَفْعِ الْخَاتَمِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ قَدِيمًا.

وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا إمَّا بُعْدًا حِسِّيًّا مِنْ جِهَةِ الْمَسَافَةِ، وَإِمَّا بُعْدًا مَعْنَوِيًّا مِنْ جِهَةِ الْخَوْفِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَكْتُبُ لِأَمْثَلِ مَنْ بِمَوْضِعِ حُلُولِ الْمَطْلُوبِ بِالْأَمْرِ بِفِعْلِ مَا يَجِبُ مِنْ النَّظَرِ الْمُؤَدِّي لِلتَّنَافِي بَيْنَهُمَا إمَّا بِالصُّلْحِ أَوْ بِالْغُرْمِ، أَوْ بِالْعَزْمِ عَلَى الْمَطْلُوبِ فِي الْوُصُولِ لِمَحَلِّ الْحُكْمِ. وَرَفْعُ الْمَطْلُوبِ مِنْ مَوْضِعِهِ لِمَجْلِسِ الْحُكْمِ فِي الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ مُقَيَّدٌ بِظُهُورِ مَخَايِلِ صِدْقِ الْمُدَّعِي فِي دَعْوَاهُ وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ:(وَمَعْ مَخِيلَةٍ بِصِدْقِ الطَّالِبِ) وَهُوَ جَارٍ عَلَى مَا قَالَ سَحْنُونٌ مِنْ أَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَدْفَعُ طَابِعَهُ وَلَا يَرْفَعُ الْمَطْلُوبَ حَتَّى يَأْتِيَهُ الطَّالِبُ بِشُبْهَةٍ؛ لِئَلَّا يَكُونَ مُدَّعِيًا بَاطِلًا يُرِيدُ تَعَنُّتَ الْمَطْلُوبِ. اهـ.

وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ أَبِي زَمَنِينَ أَنَّهُ يُرْفَعُ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ الطَّالِبُ بِشُبْهَةٍ وَبِهِ جَرَى الْعَمَلُ وَلَمْ يَعْتَمِدْهُ النَّاظِمُ، هَذَا حَاصِلُ الْأَبْيَاتِ مَا عَدَا الْأَخِيرَ مِنْهَا، وَالْمَخِيلَةُ دَلِيلُ الصِّدْقِ، وَمَخَايِلُ الصِّدْقِ دَلَائِلُهُ، وَغَيْرُ الْغَائِبِ هُوَ الْحَاضِرُ مَعَ الطَّالِبِ فِي بَلَدِهِ وَإِذَا كَانَ قَرِيبًا وَكَتَبَ إلَيْهِ لِيَحْضُرَ وَلَمْ يَحْضُرْ - وَالطَّرِيقُ مَأْمُونَةٌ - فَإِنَّهُ يَحْكُمُ عَلَيْهِ كَالْحَاضِرِ مَعَهُ فِي الْبَلَدِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمَطْلُوبُ فِي بَلَدٍ لَيْسَتْ تَحْتَ عِمَالَةِ الْقَاضِي الَّذِي حَضَرَ الطَّالِبُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَإِنْ كَانَ حُلُولُهُ بِهَا لِتِجَارَةٍ أَوْ زِيَارَةٍ أَوْ نَحْوِهَا، فَيَأْتِي حُكْمُهُ فِي فَصْلِ الْبَيْعِ عَلَى الْغَائِبِ مِنْ بَابِ الْبُيُوعِ إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَإِنْ كَانَ حُلُولُهُ بِهَا أَصَالَةً؛ لِكَوْنِهَا بَلَدَهُ وَمَوْضِعَ سُكْنَاهُ وَوَطَنًا لَهُ فَفِي مَوْضِعِ تَعْيِينِ الْحُكْمِ بَيْنَهُمَا تَفْصِيلٌ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ:(وَالْحُكْمُ فِي الْمَشْهُورِ) إلَى آخِرِ الْبَيْتَيْنِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ:(وَمَنْ عَصَى الْأَمْرَ) الْبَيْتَ فَمَعْنَاهُ أَنَّ مَنْ دَعَاهُ الْقَاضِي لِحُضُورِ مَجْلِسِ الْحُكْمِ مَعَ خَصْمِهِ فَتَغَيَّبَ، وَلَمْ يَأْتِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَطْبَعُ عَلَيْهِ مَا يُهِمُّهُ طَبْعُهُ مِمَّا لَا صَبْرَ لَهُ عَنْهُ كَدَارِهِ وَحَانُوتِهِ لِيَرْتَفِعَ أَحَبَّ أَمْ كَرِهَ، وَصِفَةُ الطَّبْعِ أَنْ يُلْصِقَ شَمْعًا أَوْ عَجِينًا بِالْبَابِ وَبِمَا يَلِيهَا وَيَتَّصِلُ بِهَا حَالَ سَدِّهَا، وَيَطْبَعُ عَلَيْهَا بِطَابَعٍ عَلَيْهِ نَقْشٌ أَوْ كِتَابَةٌ يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي ذَلِكَ الشَّمْعِ أَوْ الْعَجِينِ، فَإِذَا فَتَحَ الْبَابَ وَرَدَّ ذَلِكَ الشَّمْعَ أَوْ الْعَجِينَ لِمَحَلِّهِ أَوْ لَا تَغَيَّرَ نَقْشُهُ، وَعَلِمَ أَنَّ الْبَابَ قَدْ فُتِحَ فَيُعَاقِبُ مَنْ فَتَحَهُ أَشَدَّ الْعُقُوبَةِ، وَهَذَا الطَّبْعُ أَوْلَى مِنْ التَّسْمِيرِ؛ لِأَنَّهُ يَعِيبُ الْبَابَ أَوْ يُفْسِدُهُ.

(قَالَ فِي الْمَقْصِدِ الْمَحْمُودِ) وَإِنْ تَغَيَّبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ طَبَعَ الْقَاضِي عَلَى دَارِهِ، وَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ التَّسْمِيرِ؛ لِأَنَّهُ يُفْسِدُ الْبَابَ فَإِنْ لَمْ يُفْسِدْهُ سَمَّرَهُ عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ يُخْرِجَ مِنْهَا مَا فِيهَا مِنْ الْحَيَوَانِ وَبَنِي آدَمَ اهـ.

وَعَبَّرَ بَعْضُهُمْ عَنْ هَذَا الطَّبْعِ بِالْخَتْمِ (قَالَ فِي الطُّرَرِ) عَنْ الشَّعْبَانِيِّ مَنْ ادَّعَى عَلَى غَيْرِهِ دَعْوًى، وَدَعَاهُ لِلْقَاضِي فَإِنْ امْتَنَعَ خَتَمَ لَهُ خَاتَمًا مِنْ طِينٍ اهـ.

وَفِي عُرْفِنَا الْيَوْمَ الطَّبْعُ وَالْخَتْمُ هُوَ التَّسْمِيرُ، وَهُوَ أَنْ يُسَمِّرَ طَرَفَ جِلْدٍ بِالْبَابِ وَطَرَفَهُ الْآخَرَ بِمَا يَلِيهَا، فَإِذَا فَتَحَ الْبَابَ ظَهَرَ ذَلِكَ غَالِبًا فَعُوقِبَ

ص: 24

فَاعِلُهُ.

وَأَمَّا كَوْنُهُ يَعِيبُ الْبَابَ أَوْ يُفْسِدُهُ فَلَا يَلْتَفِتُ إلَيْهِ الْآمِرُ فَضْلًا عَنْ الْمَأْمُورِ تَهَاوُنًا وَاسْتِخْفَافًا

وَأُجْرَةُ الْعَوْنِ عَلَى طَالِبِ حَقٍّ

وَمَنْ سِوَاهُ إنْ أَلَدَّ تُسْتَحَقُّ

الْعَوْنُ وَاحِدُ الْأَعْوَانِ وَهُمْ وَزَعَةُ الْقَاضِي، أَيْ خُدَّامُهُ الَّذِينَ يُنَفِّذُونَ أَحْكَامَهُ وَيَدْفَعُونَ الْخُصُومَ عَنْهُ وَيَرْفَعُونَهُمْ إلَيْهِ (قَالَ الشَّارِحُ) وَلَوْ أَمْكَنَهُ إنْفَاذُ الْأَحْكَامِ دُونَهُمْ لَكَانَ أَوْلَى، وَلَكِنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْهُمْ، وَالْأَصْلُ فِي مِثْلِ أَرْزَاقِ هَؤُلَاءِ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ كَالْوَاجِبِ فِي

ص: 25