المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في الحضانة] - شرح ميارة = الإتقان والإحكام في شرح تحفة الحكام - جـ ١

[ميارة]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَةُ الْكِتَابِ]

- ‌[بَابُ الْقَضَاءِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَعْرِفَةِ أَرْكَانِ الْقَضَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي رَفْعِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَمَا يُلْحَقُ بِذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مِنْ الْقَضَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمَقَالِ وَالْجَوَابِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْآجَالِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِعْذَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خِطَابِ الْقُضَاةِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ]

- ‌[بَابُ الشُّهُودِ وَأَنْوَاعِ الشَّهَادَاتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ مَسَائِلُ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ مِمَّا يَتَكَرَّرُ وُقُوعُهُ غَالِبًا]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَنْوَاعِ الشَّهَادَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ الشَّهَادَةُ الَّتِي تُوجِبُ الْحَقَّ مَعَ الْيَمِينِ]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ أَقْسَامِ الشَّهَادَةِ وَهِيَ الَّتِي تُوجِبُ الْحَقَّ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَا يُوجِبُ الْيَمِينَ لَا عَلَى الطَّالِبِ بَلْ عَلَى الْمَطْلُوبِ]

- ‌[فَصْلٌ الشَّهَادَةُ الَّتِي لَا عَمَلَ لَهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مِنْ الشَّهَادَةِ]

- ‌[بَابُ الْيَمِينِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[بَابُ الرَّهْنِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَرَاهِنَيْنِ]

- ‌[بَابُ الضَّمَانِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[بَابُ الْوَكَالَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَدَاعِي الْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلِ]

- ‌[بَابُ الصُّلْحِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ وَلِلْأَبِ الصُّلْحُ عَلَى الْمَحْجُورِ]

- ‌[بَابُ النِّكَاحِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَوْلِيَاءِ وَمَا يَتَرَتَّبُ فِي الْوِلَايَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَنْ لَهُ الْإِجْبَارُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ فَاسِدِ النِّكَاحِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مِنْ النِّكَاحِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَدَاعِي الزَّوْجَيْنِ وَمَا يَلْحَقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْقَبْضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُهْدِيهِ الزَّوْجُ ثُمَّ يَقَعُ الطَّلَاقُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الشُّوَارِ الْمُورَدِ بَيْتَ الْبِنَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي إثْبَاتِ الضَّرَرِ وَالْقِيَامِ بِهِ وَبَعْثِ الْحَكَمَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الرَّضَاعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي عُيُوبِ الزَّوْجَيْنِ وَمَا يُرَدَّانِ بِهِ مِنْهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اللِّعَانِ]

- ‌[بَابُ الطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ الْخُلْع]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَيْمَانِ اللَّازِمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّدَاعِي فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا ثُمَّ أَرَادَ الْعَوْدَ لِلزَّوْجِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الرَّجْعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْفَسْخِ]

- ‌[بَابُ النَّفَقَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّدَاعِي فِي النَّفَقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَجِبُ لِلْمُطَلَّقَاتِ وَغَيْرِهِنَّ مِنْ النَّفَقَةِ وَمَا يُلْحَقُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الطَّلَاقِ بِالْإِعْسَارِ بِالنَّفَقَةِ وَمَا يُلْحَقُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْمَفْقُودِينَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَضَانَةِ]

- ‌[بَابٌ فِي الْبُيُوعِ وَمَا شَاكَلَهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْأُصُولِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْعُرُوضِ مِنْ الثِّيَابِ وَسَائِرِ السِّلَعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الطَّعَامِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ النَّقْدَيْنِ وَالْحُلِيِّ وَشِبْهِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الثِّمَارِ وَمَا يُلْحَقُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجَائِحَةِ فِي الثِّمَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الرَّقِيقِ وَسَائِرِ الْحَيَوَانِ]

- ‌[فَصْلٌ كِلَابَ الْمَاشِيَةِ يَجُوزُ بَيْعُهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الدَّيْنِ وَالْمُقَاصَّةِ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَوَالَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ وَالثُّنْيَا]

الفصل: ‌[فصل في الحضانة]

وَأَمَدُ الْعِدَّةِ فِيهِ إنْ شُهِدْ

أَنْ قَدْ رَأَى الشُّهُودُ فِيهَا مَنْ فُقِدْ

هَذَا هُوَ الْقِسْمُ الرَّابِعُ مِنْ أَقْسَامِ الْمَفْقُودِ بِأَرْضِ الْمُسْلِمِينَ فِي وَقْتِ الْحَرْبِ بَيْنَهُمْ، وَهُوَ الْمَفْقُودُ فِي الْفِتَنِ الْوَاقِعَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَذَكَرَ النَّاظِمُ عَلَى ظَاهِرِ لَفْظِهِ أَنَّ فِيهِ قَوْلًا وَاحِدًا بِالتَّفْصِيلِ إنْ لَمْ تَبْعُدْ أَمَاكِنُ الْمَلْحَمَةِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ مَاتَ حَاضِرًا فِي الْمَالِ وَالزَّوْجَةِ فَيُوَرَّثُ مَالُهُ وَتَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ، وَلَا يُضْرَبُ لَهُ أَجَلٌ وَإِنَّمَا يَتَلَوَّمُ الْإِمَامُ لِزَوْجَتِهِ بِقَدْرِ انْصِرَافِ مَنْ انْصَرَفَ وَانْهِزَامِ مَنْ انْهَزَمَ، ثُمَّ تَعْتَدُّ وَتَتَزَوَّجُ، وَإِنْ بَعُدَتْ أَمَاكِنُ الْمَلْحَمَةِ الَّتِي فُقِدَ فِيهَا عَنْ بَلَدِهِ كَإِفْرِيقِيَّةَ، وَنَحْوِهَا انْتَظَرَتْ زَوْجَتُهُ سَنَةً وَالْعِدَّةُ دَاخِلَةٌ فِي السَّنَةِ، هَذَا إنْ رَأَى الْمَفْقُودَ فِي الْمَعْرَكَةِ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدُوا بِمَوْتِهِ هَذَا مَقْصُودُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ لَفْظِهِ أَنَّ الَّذِينَ رَأَوْهُ فِي الْمَلْحَمَةِ لَمْ يَشْهَدُوا وَإِنَّمَا نُقِلَتْ الشَّهَادَةُ عَنْهُمْ لِقَوْلِهِ " إنْ شُهِدَ " أَنْ قَدْ رَأَى الشُّهُودُ وَالْأَمْرُ قَرِيبٌ فَقَوْلُهُ " مَنْ فَنِيَ " أَيْ مَنْ مَاتَ فِي بَلَدِهِ " وَنَأَتْ " مَعْنَاهُ بَعُدَتْ " وَلَدَى " بِمَعْنَى عِنْدَ " وَأَمَدُ الْعِدَّةِ " فِيهِ، أَيْ دَاخِلٌ فِي الْعَامِ " وَشُهِدَ " بِالْبِنَاءِ لِلنَّائِبِ الَّذِي هُوَ " أَنْ قَدْ رَأَى "" وَالشُّهُودُ " فَاعِلُ رَأَى وَ " مَنْ فُقِدْ " مَفْعُولُهُ، وَضَمِيرُ فِيهَا لِلْمَلْحَمَةِ.

(قَالَ فِي التَّوْضِيحِ) فِي الْمَفْقُودِ فِي الْفِتَنِ الْوَاقِعَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ حَكَى فِيهِ أَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ الْأَوَّلُ لِمَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ زَوْجَتَهُ تَعْتَدُّ مِنْ يَوْمِ الْتِقَاءِ الصَّفَّيْنِ وَكَانَ أَشْبَاهُ ذَلِكَ فِيمَا مَضَى يَوْمَ صِفِّينَ وَالْحَرَّةِ. الثَّانِي لِأَصْبَغَ يُضْرَبُ لِامْرَأَتِهِ بِقَدْرِ مَا يُسْتَقْصَى أَمْرُهُ وَيَسْتَبِينُ خَبَرُهُ، وَلَيْسَ لِذَلِكَ حَدٌّ مَعْلُومٌ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَجَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ خِلَافًا لِلْأَوَّلِ.

وَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ تَفْسِيرًا لَهُ. الثَّالِثُ لِابْنِ الْقَاسِمِ تَتَرَبَّصُ زَوْجَتُهُ سَنَةً، ثُمَّ تَعْتَدُّ. الرَّابِعُ أَنَّ الْعِدَّةَ دَاخِلَةٌ فِي السَّنَةِ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَهُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَلَوَّمَ لَهُ مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ حَيًّا، فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ لَهُ خَبَرٌ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ قُتِلَ فِي الْمَعْرَكَةِ، وَفِي الْعُتْبِيَّةِ خَامِسٌ بِالْفَرْقِ بَيْنَ مَا قَرُبَ مِنْ الدِّيَارِ يَتَلَوَّمُ الْإِمَامُ لِزَوْجَتِهِ بِاجْتِهَادِهِ بِقَدْرِ انْصِرَافِ مَنْ انْصَرَفَ وَانْهِزَامِ مَنْ انْهَزَمَ، ثُمَّ تَعْتَدُّ وَتَتَزَوَّجُ وَبَيْنَ مَا بَعُدَ، مِثْلُ إفْرِيقِيَّةَ، وَنَحْوِهَا تَمْكُثُ زَوْجَتُهُ سَنَةً فَأَدْخَلَ نَظَرَ الْإِمَامِ فِي ذَلِكَ وَفَرَّقَ بَيْنَ الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ سَادِسٌ إنْ كَانَ بَعِيدًا فَحُكْمُهُ كَالْمَفْقُودِ تَتَرَبَّصُ أَرْبَعَةَ أَعْوَامٍ (اللَّخْمِيُّ) مَنْ قَالَ: إنَّ الْعِدَّةَ مِنْ يَوْمِ الْتِقَاءِ الصَّفَّيْنِ وَرَّثَ مَالُهُ حِينَئِذٍ.

وَمَنْ جَعَلَ لِزَوْجَتِهِ التَّرَبُّصَ وَقَفَ مَالُهُ إلَى التَّعْمِيرِ، وَاخْتُلِفَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ زَوْجَتَهُ تَتَرَبَّصُ سَنَةً فَقِيلَ يُوَرَّثُ مَالُهُ ذَلِكَ الْوَقْتَ، وَقِيلَ يُوقَفُ مَالُهُ إلَى التَّعْمِيرِ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ، وَهَذَا الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ إذَا شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ الْعَادِلَةُ أَنَّهُ شَهِدَ الْمُعْتَرَكَ، وَأَمَّا إنْ كَانَ إنَّمَا رَأَوْهُ خَارِجًا مَعَ الْعَسْكَرِ وَلَمْ يَرَوْهُ فِي الْمُعْتَرَكِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمَفْقُودِ فِي زَوْجَتِهِ وَمَالِهِ بِاتِّفَاقٍ. اهـ. فَقَوْلُهُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمَفْقُودِ، أَيْ تُؤَجَّلُ زَوْجَتُهُ أَرْبَعَ سِنِينَ وَيَبْقَى مَالُهُ لِلتَّعْمِيرِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ فِي التَّوْضِيحِ مَعَ التَّرَدُّدِ فِي كَوْنِ الثَّانِي تَفْسِيرًا لَهُ، أَوْ خِلَافًا، ذَهَبَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ حَيْثُ قَالَ وَاعْتَدَّتْ فِي كَمَفْقُودِ الْمُعْتَرَكِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ انْفِصَالِ الصَّفَّيْنِ وَهَلْ يَتَلَوَّمُ وَيَجْتَهِدُ؟ تَفْسِيرَانِ وَوُرِّثَ مَالُهُ وَحِينَئِذٍ وَعَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالتَّوْضِيحِ عَنْ الْعُتْبِيَّةِ يَكُونُ قَوْلُهُ فِي النَّظْمِ،

فَإِنْ نَأَتْ أَمَاكِنُ الْمَلَاحِمِ

قَوْلًا ثَالِثًا مُسْتَقِلًّا، لَا مِنْ تَمَامِ الْأَوَّلِ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ النَّظْمِ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ إنْ شُهِدَ إلَخْ تَقْيِيدًا لِمَحَلِّ الْخِلَافِ كَمَا قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ لَا شَرْطًا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا بَعُدَتْ أَمَاكِنُ الْمَلَاحِمِ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ النَّظْمِ أَيْضًا، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ فِي الْحَضَانَةِ]

ِ (ابْنُ عَرَفَةَ) الْحَضَانَةُ هِيَ مَحْصُولُ قَوْلِ الْبَاجِيِّ حِفْظُ الْوَلَدِ فِي مَبِيتِهِ، وَمُؤْنَةُ طَعَامِهِ، وَمَلْبَسِهِ، وَمَضْجَعِهِ، وَتَنْظِيفُ جِسْمِهِ (الرَّصَّاعُ) الْمَصْدَرُ مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ وَأَصْلُ ذَلِكَ أَنْ يُحْفَظَ الْوَلَدُ وَبِنَاءُ الْمَصْدَرِ مِنْ الْمَفْعُولِ فِيهِ خِلَافٌ، وَقَصَرَ الْحِفْظَ لِلْحَاضِنِ عَلَى مَا ذَكَرَ فَلَا نَظَرَ لَهُ فِي غَيْرِ هَذَا، فَإِنْ كَانَ لِلْمَحْضُونِ

ص: 268

أَبٌ فَيَنْظُرُ لَهُ فِي غَيْرِ هَذَا مِنْ مَالِهِ، وَتَعْلِيمِهِ الصَّنْعَةَ، وَتَزْوِيجِهِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ حَتَّى إنَّ خِتَانَ الْمَحْضُونِ يَكُونُ عِنْدَ أَبِيهِ وَيُرَدُّ إلَى الْأُمِّ، وَالرُّقَاد اخْتَارَ بَعْضُ الشُّيُوخِ أَنَّهُ يَكُونُ عِنْدَ الْأُمِّ. وَأَمَّا زِفَافُ الْأُنْثَى لِدَارِ زَوْجِهَا فَمِنْ عِنْدِ أُمِّهَا قَالَهُ فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ النَّاظِمُ

الْحَقُّ لِلْحَاضِنِ فِي الْحَضَانَهْ

وَحَالُ هَذَا الْقَوْلِ مُسْتَبَانَهْ

لِكَوْنِهِ يُسْقِطُهَا فَتَسْقُطْ

وَقِيلَ بِالْعَكْسِ فَمَا إنْ تَسْقُطْ

يَعْنِي أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي الْحَضَانَةِ هَلْ هِيَ حَقٌّ لِلْحَاضِنِ؟ وَعَلَيْهِ إذَا أَسْقَطَهَا سَقَطَتْ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ لَهُ حَقٌّ إذَا أَسْقَطَهُ يَسْقُطُ قِيلَ إنَّهَا حَقٌّ لِلْمَحْضُونِ، وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْعَكْسِ وَعَلَيْهِ فَلَا تَسْقُطُ إنْ أَسْقَطَهَا.

وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي قَوْلِهِ " فَمَا إنْ تَسْقُطْ " إنْ زَائِدَةٌ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ آخَرَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهَا لَهُمَا مَعًا، وَالثَّانِي أَنَّهَا حَقُّ اللَّهِ سبحانه وتعالى وَعَلَيْهِ فَلَا تَسْقُطُ أَيْضًا إنْ أَسْقَطَهَا الْحَاضِنُ (التَّوْضِيحُ) عَنْ اللَّخْمِيِّ كُلُّ مَنْ ذَكَرَ أَنَّ لَهُ حَقًّا فِي الْحَضَانَةِ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِ، وَهُوَ بِالْخِيَارِ فِي ذَلِكَ مِنْ أَبٍ، أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ لِكُلٍّ حَنَانًا وَعَطْفًا مَا خَلَا الْأُمَّ فَاخْتُلِفَ هَلْ تُجْبَرُ أَمْ لَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ حَقٌّ لَهَا، أَوْ لَهُ؟ (ابْنُ مُحْرِزٍ) وَالصَّوَابُ عِنْدِي أَنَّهُ حَقٌّ سَوَاءٌ بَيْنَ الْحَاضِنَةِ وَالْمَحْضُونِ.

(قَالَ فِي الطُّرَرِ) عَنْ ابْنِ مُحْرِزٍ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الْحَضَانَةِ هَلْ هِيَ حَقٌّ لِلْأُمِّ، أَوْ لِلْوَلَدِ عَلَى الْأُمِّ؟ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ هُوَ أَنَّهُ إذَا كَانَ حَقًّا لَهَا جَازَ تَرْكُهَا لَهُ، وَانْتَقَلَ إلَى غَيْرِهَا وَإِذَا كَانَ حَقًّا لِلْوَلَدِ لَزِمَهَا وَلَمْ يَكُنْ لَهَا تَرْكُهُ إلَّا مِنْ عُذْرٍ قَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ: وَالصَّوَابُ مِنْ ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّهُ حَقٌّ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْحَاضِنِ وَالْمَحْضُونِ.

(قَالَ الشَّارِحُ رحمه الله) وَالْقَوْلُ الَّذِي اخْتَارَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ هُوَ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ تَطَّرِدُ فِيهِ الْفُرُوعُ الْوَارِدَةُ فِي هَذَا الْبَابِ قَالَ فَمَا يُؤَيِّدُ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ كَوْنُ الْحَاضِنِ لَا تَجِبُ لَهُ أُجْرَةٌ عَلَى مُجَرَّدِ الْحَضَانَةِ فِي الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ فَلَوْ لَمْ تَكُنْ حَقًّا لَهُ لَفُرِضَتْ عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ فَتَأَمَّلْهُ. اهـ

(تَنْبِيهٌ) قَوْلُهُمْ لَا أُجْرَةَ لِلْحَضَّانَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ مَعْنَاهُ: لَا أُجْرَةَ لَهَا عَلَى مُجَرَّدِ الْحَضَانَةِ، وَأَمَّا خِدْمَتُهَا لِلْمَحْضُونِ كَطَبْخِ طَعَامِهِ، وَطَحْنِ دَقِيقِهِ، وَغَسْلِ ثِيَابِهِ فَإِنَّ لَهَا الْأُجْرَةَ عَلَى ذَلِكَ، وَلِهَذَا زَادَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ قَوْلَهُ " لِأَجْلِهَا " بَعْدَ قَوْلِهِ وَلَا شَيْءَ لِلْحَاضِنِ فَنَبَّهَ بِهِ عَلَى أَنَّ عَدَمَ اسْتِحْقَاقِهَا لِلْأُجْرَةِ إنَّمَا هُوَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا عَمَلٌ سِوَى الْحَضَانَةِ وَحْدَهَا وَهِيَ النَّظَرُ فِي مَصَالِحِ ذَاتِ الْمَحْضُونِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِّ الْحَضَانَةِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ تَخْدِمُ الْمَحْضُونَ فَلَهَا عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ وَهُوَ كَذَلِكَ وَقِيلَ لَهَا النَّفَقَةُ، وَإِنْ زَادَتْ عَلَى الْأُجْرَةِ ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ لِلْأُمِّ الْحَاضِنَةِ الْفَقِيرَةِ النَّفَقَةُ عَلَى وَلَدِهَا الْيَتِيمِ.

فَإِنْ كَانَتْ مُوسِرَةً فَقَالَ مَالِكٌ: لَا نَفَقَةَ لَهَا، وَقَالَ مَرَّةً: لَهَا إنْ قَامَتْ عَلَيْهِمْ، وَقَالَ أَيْضًا تُنْفِقُ بِقَدْرِ حَضَانَتِهَا إنْ كَانَ لَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ حَاضِنٍ جَعَلَ لَهَا فِي هَذَا الْقَوْلِ الْأُجْرَةَ دُونَ النَّفَقَةِ وَأَرَى إنْ تَأَيَّمَتْ لَأَجْلِهِمْ وَهِيَ الْقَائِمَةُ بِأَمْرِهِمْ كَانَ لَهَا النَّفَقَةُ، وَإِنْ زَادَتْ عَلَى الْأُجْرَةِ، لِأَنَّهَا لَوْ تَزَوَّجَتْ أَتَى مَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ تَتَأَيَّمْ لِأَجْلِهِمْ، أَوْ كَانَتْ فِي سِنِّ مَنْ لَا يَتَزَوَّجُ، فَلَهَا الْأُجْرَةُ، وَإِنْ كَانَتْ دُونَ نَفَقَتِهَا، وَإِنْ كَانَ لَهُمْ مَنْ يَخْدُمُهُمْ، أَوْ اسْتَأْجَرَتْ لَهُمْ مَنْ يَخْدُمُهُمْ، وَإِنَّمَا هِيَ نَاظِرَةٌ لَهُمْ فَلَا شَيْءَ لَهَا. اهـ. وَمِمَّا يَنْبَنِي عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي فِي مَحْضُونٍ لَيْسَ لَهُ إلَّا دَارٌ أَرَادَتْ جَدَّتُهُ لِأُمِّهِ حَضَانَتَهُ وَبَيْعَهَا وَالْإِنْفَاقَ عَلَيْهِ مِنْ قِيمَتِهَا، وَأَرَادَتْ جَدَّتُهُ لِأَبِيهِ حَضَانَتَهُ عَلَى أَنْ تُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهَا وَتُبْقِيَ لَهُ دَارِهِ فَقِيلَ: جَدَّةُ الْأُمِّ، أَوْلَى وَقِيلَ جَدَّةُ الْأَبِ، وَهُمَا عَلَى أَنَّ الْحَقَّ لِلْحَاضِنَةِ أَوْ لِلْمَحْضُونِ، وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى مَا سُئِلَ عَنْهُ أَبُو سَعِيدٍ بْنُ لُبٍّ فِي بِنْتَيْنِ كَانَتَا فِي حَضَانَةِ جَدَّتِهِمَا لِلْأُمِّ فَمَاتَ أَبُوهُمَا وَأَوْصَى بِهِمَا إلَى شَقِيقَتِهِ وَتَحْتَ إشْرَافِ زَوْجِهَا فَالْتَزَمَتْ الْعَمَّةُ نَفَقَتَهُمَا وَكِسْوَتَهُمَا مِنْ مَالِ نَفَسِهَا مِنْ غَيْرِ رُجُوعٍ عَلَيْهِمَا عَلَى أَنْ تَكُونَ لَهَا الْحَضَانَةُ وَامْتَنَعَتْ الْجَدَّةُ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ بَقِيَتَا عِنْدَ الْجَدَّةِ ذَهَبَ مَالُهُمَا (فَأَجَابَ) بِأَنَّ الصَّوَابَ نَقْلُ الْحَضَانَةِ إلَى الْعَمَّةِ إنْ لَمْ يُعْلَمْ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَى الْبِنْتَيْنِ، وَلَا نَقْصٌ مُرْفَقٌ فِي الْكَفَالَةِ وَالْقِيَامِ بِالْمُؤْنَةِ وَالْخِدْمَةِ لِظُهُورِ الْمَصْلَحَةِ الْعُظْمَى لِلْبِنْتَيْنِ بِصَوْنِ مَالِهِمَا، ثُمَّ رَجَّحَ ذَلِكَ بِوُجُوهٍ نَقَلَهَا الشَّارِحُ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ

وَهِيَ إلَى الِاثِّغَارِ فِي الدُّخُولِ

ثُمَّ قَالَ

ص: 269

وَصَرْفُهَا إلَى النِّسَاءِ أَلْيَقُ

لِأَنَّهُنَّ فِي الْأُمُورِ أَشْفَقُ

وَكَوْنُهُنَّ مِنْ ذَوَاتِ الرَّحِمِ

شَرْطٌ لَهُنَّ وَذَوَاتُ مَحْرَمِ

يَعْنِي أَنَّ صَرْفَ 8 الْحَضَانَةِ وَجَعْلَهَا لِلنِّسَاءِ أَلْيَقُ مِنْ جَعْلِهَا لِلرِّجَالِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا الْقِيَامُ بِمُؤْنَةِ الصَّبِيِّ؛ لِأَنَّهُ خَلْقٌ ضَعِيفٌ لَا يَقُومُ بِنَفْسِهِ فَقَدَّمَ الشَّارِعُ لِحَضَانَتِهِ مَنْ هُوَ فِي طَبْعِهِ أَشْفَقُ عَلَى الْمَحْضُونِ وَأَرْفَقُ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ وَعَلَى هَذَا نَبَّهَ بِالْبَيْتِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ ذَكَرَ فِي الثَّانِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْحَاضِنَةِ شَرْطَانِ: أَحَدُهُمَا أَنْ تَكُونَ مِنْ ذَوَاتِ رَحِمِ الْمَحْضُونِ، الثَّانِي أَنْ تَكُونَ مِنْ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ.

(قَالَ الْقَرَافِيُّ فِي ذَخِيرَتِهِ) قَاعِدَةً يُقَدِّمُ الشَّرْعُ فِي كُلِّ وِلَايَةٍ مَنْ هُوَ أَقْوَمُ بِمَصَالِحِ تِلْكَ الْوِلَايَةِ فَفِي الْحَرْبِ مَنْ هُوَ شُجَاعٌ مُجَرَّبٌ لِيَسُوسَ الْجُيُوشَ، وَفِي الْقَضَاءِ مَنْ هُوَ فَقِيهٌ مُتَوَفِّرُ الدِّينِ وَالْعَزْمِ وَالْفِرَاسَةِ، وَفِي وِلَايَةِ الْأَيْتَامِ مَنْ هُوَ عَارِفٌ بِتَنْمِيَةِ الْمَالِ وَمَصَارِفِهِ، وَقَدْ يَكُونُ الْمُقَدَّمُ فِي بَابٍ مُؤَخَّرًا فِي آخَرَ فَالْمَرْأَةُ مُؤَخَّرَةٌ فِي الْإِمَامَةِ مُقَدَّمَةٌ فِي الْحَضَانَةِ لِمَزِيدِ شَفَقَتِهَا وَصَبْرِهَا فَهِيَ أَقْوَمُ بِمَصَالِحِ الْحَضَانَةِ مِنْ الرِّجَالِ

(قَالَ ابْنُ رُشْدٍ) : وَيَسْتَحِقُّ النِّسَاءُ الْحَضَانَةَ بِوَصْفَيْنِ: أَحَدِهِمَا أَنْ يَكُنَّ ذَوَاتِ رَحِمٍ مِنْ الْمَحْضُونِ، وَالثَّانِي أَنْ يَكُنَّ مُحَرَّمَاتٍ عَلَيْهِ فَإِنْ كُنَّ ذَوَاتِ رَحِمٍ مِنْهُ وَلَمْ يَكُنَّ مُحَرَّمَاتٍ عَلَيْهِ كَبِنْتِ الْخَالَةِ وَبِنْتِ الْعَمَّةِ لَمْ تَكُنْ لَهُنَّ حَضَانَةٌ، وَإِنْ كُنَّ مُحَرَّمَاتٍ عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنَّ ذَوَاتِ رَحِمٍ مِنْهُ كَالْأُمِّ مِنْ الرَّضَاعَةِ، وَالْمُحَرَّمَاتِ بِالصِّهْرِ لَمْ تَكُنْ لَهُنَّ حَضَانَةٌ أَيْضًا. اهـ.

وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ أَيْضًا، وَأَمَّا الرِّجَالُ فَإِنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَ الْحَضَانَةَ بِمُجَرَّدِ الْوِلَايَةِ كَانُوا مِنْ ذَوِي رَحِمِ الْمَحْرَمِ كَالْجَدِّ وَالْأَخِ وَابْنِ الْأَخِ، أَوْ مِنْ ذَوِي رَحِمِهِ الَّذِي لَيْسَ بِمَحْرَمٍ كَابْنِ الْعَمِّ، أَوْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ ذَوِي رَحِمِهِ كَالْمَوْلَى الْمُعْتَقِ وَالْوَصِيِّ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ، وَمِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ. اهـ.

وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْبَيْتِ الثَّانِي بَعْضَ شُرُوطِ الْحَاضِنِ إنْ كَانَ امْرَأَةً، وَيَأْتِي بَعْضُ شُرُوطِهِ إنْ كَانَ رَجُلًا، أَوْ امْرَأَةً فِي قَوْلِهِ

وَشَرْطُهَا الصِّحَّةُ وَالصِّيَانَةُ

الْبَيْتَيْنِ وَلَمْ يَظْهَرْ.

وَجْهُ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ هَذِهِ الشُّرُوطِ، وَالْأَنْسَبُ جَمْعُهَا فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ.

قَالَ رحمه الله

وَهِيَ إلَى الِاثِّغَارِ فِي الذُّكُورِ

وَالِاحْتِلَامُ الْحَدُّ فِي الْمَشْهُورِ

وَفِي الْإِنَاثِ لِلدُّخُولِ الْمُنْتَهَى

وَالْأُمُّ أَوْلَى ثُمَّ أُمَّهَاتُهَا

فَأُمُّهَا فَخَالَةٌ فَأُمُّ الْأَبْ

ثُمَّ أَبٌ فَأُمُّ مَنْ لَهُ انْتَسَبْ

فَالْأُخْتُ فَالْعَمَّةُ فَابْنَةُ الَأَخْ

فَابْنَةُ أُخْتٍ فَأَخٌ بَعْدُ رَسَخْ

وَالْعَصَبَاتُ بَعْدُ وَالْوَصِيُّ

أَحَقُّ وَالسِّنُّ بِهَا مَرْعِيُّ

يَعْنِي أَنَّ حَدَّ الْحَضَانَةِ فِي الذَّكَرِ إلَى الِاحْتِلَامِ، أَيْ الْبُلُوغِ عَلَى الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ، وَقِيلَ إلَى الِاثِّغَارِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي مُصْعَبٍ وَغَيْرِهِ وَأَمَّا الْأُنْثَى فَتَنْتَهِي إلَى دُخُولِ زَوْجِهَا بِهَا، ثُمَّ ذَكَرَ تَرْتِيبَ الْحَاضِنَاتِ إذَا تَعَدَّدْنَ فَذَكَرَ أَنَّ الْأُمَّ أَوْلَى، ثُمَّ أُمُّهَا وَهِيَ جَدَّةُ الْمَحْضُونِ، ثُمَّ أُمُّ أُمِّ الْأُمِّ وَهِيَ جَدَّةُ أُمِّهِ، ثُمَّ الْخَالَةُ، ثُمَّ أُمُّ الْأَبِ، ثُمَّ الْأَبُ، ثُمَّ أُمُّ الْجَدِّ وَهِيَ الْمُرَادُ بِمَنْ لَهُ انْتَسَبَ، أَيْ مَنْ انْتَسَبَ الْأَبُ لَهُ وَهُوَ الْجَدُّ، ثُمَّ الْأُخْتُ، ثُمَّ الْعَمَّةُ، ثُمَّ بِنْتُ الْأَخِ، ثُمَّ بِنْتُ الْأُخْتِ، ثُمَّ الْأَخُ، ثُمَّ الْوَصِيُّ، ثُمَّ الْعَصَبَةُ وَلِهَذَا قَالَ وَالْوَصِيُّ أَحَقُّ، أَيْ مِنْ الْعَصَبَةِ وَإِذَا تَعَدَّدَ مَنْ هُوَ فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ فَالْأَكْبَرُ سِنًّا مُقَدَّمٌ عَلَى مَنْ هُوَ أَصْغَرُ مِنْهُ فَلِذَلِكَ قَالَ وَالسِّنُّ بِهَا مَرْعِيٌّ، وَكَذَلِكَ إذَا تَعَدَّدْنَ بِوُجُودِ الشَّقِيقِ وَاَلَّذِي لِلْأُمِّ وَاَلَّذِي لِلْأَبِ قُدِّمَ الشَّقِيقُ، ثُمَّ الَّذِي لِلْأُمِّ؛ لِأَنَّ الْحَنَانَ وَالشَّفَقَةَ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ أَكْثَرُ مِنْ الَّذِي لِلْأَبِ وَيُقَدَّمُ عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بِزِيَادَةِ الصِّيَانَةِ وَالشَّفَقَةِ.

(قَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ) وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي أَمَدِ حَضَانَةِ الذُّكْرَانِ مِنْ الْبَنِينَ فَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِلِاحْتِلَامِ قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ يَحْتَلِمُ الْغُلَامُ صَحِيحُ الْعَقْلِ وَالْبَدَنِ وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَبِي مُصْعَبٍ الِاثِّغَارُ فِي رِوَايَةِ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ مَالِكٍ وَفِي رِوَايَةٍ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ وَحَضَانَةُ الْغِلْمَانِ حَتَّى يَحْتَلِمُوا، وَحَضَانَةُ النِّسَاءِ حَتَّى يُنْكَحْنَ وَيَدْخُلَ بِهِنَّ أَزْوَاجُهُنَّ.

(وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْجَدَّةُ لِلْأُمِّ أَحَقُّ وَإِنْ بَعُدَتْ بَعْدَ الْأُمِّ، ثُمَّ الْخَالَةُ، ثُمَّ الْجَدَّةُ لِلْأَبِ، وَقَسَّمَ ابْنُ الْحَاجِبِ مَنْ لَهُ الْحَضَانَةُ إلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، تَارَةً يَنْفَرِدُ النِّسَاءُ، وَتَارَةً يَنْفَرِدُ الرِّجَالُ، وَتَارَةً يَجْتَمِعُ النِّسَاءُ وَالرِّجَالُ

ص: 270

مَعًا فَأَشَارَ إلَى انْفِرَادِ النِّسَاءِ بِقَوْلِهِ الْحَضَانَةُ فِي النِّسَاءِ لِلْأُمِّ، ثُمَّ جَدَّةِ الْأُمِّ لِأُمِّهَا، ثُمَّ الْخَالَةِ، ثُمَّ الْجَدَّةِ لِلْأَبِ، ثُمَّ جَدَّةِ الْأَبِ لِأَبِيهِ، ثُمَّ الْأُخْتِ، ثُمَّ الْعَمَّةِ، ثُمَّ بِنْتِ الْأَخِ، وَفِي إلْحَاقِ خَالَةِ الْخَالَةِ بِالْخَالَةِ قَوْلَانِ وَأَشَارَ إلَى انْفِرَادِ الرِّجَالِ بِقَوْلِهِ وَفِي الذُّكُورِ لِلْأَبِ، ثُمَّ الْأَخِ، ثُمَّ الْجَدِّ، ثُمَّ أَبِي الْجَدِّ، ثُمَّ ابْنِ الْأَخِ، ثُمَّ الْعَمِّ، ثُمَّ ابْنِ الْعَمِّ، ثُمَّ الْمَوْلَى الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلِ عَلَى الْمَشْهُورِ فِيهِمَا (التَّوْضِيحُ) قَوْلُهُ ثُمَّ الْمَوْلَى، أَيْ بَعْدَ الْعَصَبَةِ وَهُوَ الْمُعْتِقُ وَالْأَسْفَلُ يُرِيدُ بَعْدَ الْأَعْلَى نَصَّ عَلَى ذَلِكَ اللَّخْمِيُّ وَقَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ فِيهِمَا، أَيْ فِي الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلِ وَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ إثْبَاتُ الْحَضَانَةِ لَهُمَا، أَيْ وَمُقَابِلُهُ لَا حَقَّ لَهُمَا فِي الْحَضَانَةِ، ثُمَّ أَشَارَ إلَى الْوَجْهِ الثَّالِثِ وَهُوَ إذَا اجْتَمَعَ مِمَّنْ لَهُ الْحَضَانَةُ النِّسَاءُ وَالرِّجَالُ فَقَالَ وَالْأُمُّ، ثُمَّ أُمُّهَا أَوْلَى مِنْ الْجَمِيعِ، وَفِي الْأَبِ مَعَ بَقِيَّتِهِنَّ، ثَالِثُهَا الْمَشْهُورُ وَيُقَدَّمُ عَلَى مَنْ بَعْدَ الْجَدَّةِ لِلْأَبِ، وَقِيلَ الْأَبُ أَوْلَى مِنْ الْأُمِّ عِنْدَ اثِّغَارِ الذُّكُورِ، وَبَقِيَّةُ النِّسَاءِ أَوْلَى مِنْ بَقِيَّةِ الذُّكُورِ (التَّوْضِيحُ) قَوْلُهُ أَوْلَى مِنْ الْجَمِيعِ، أَيْ مِنْ جَمِيعِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَقَوْلُهُ: وَقِيلَ الْأَبُ أَوْلَى يَعْنِي فَأَحْرَى أَنْ يَكُونَ مُقَدَّمًا عَلَى غَيْرِهَا، وَهَذَا الْقَوْلُ رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ وَوَجْهُهُ أَنَّ احْتِيَاجَ الْوَلَدِ إلَى أَبِيهِ بَعْدَ سِنِّ الِاثِّغَارِ أَكْثَرُ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ حِينَئِذٍ إلَى التَّرْبِيَةِ وَالتَّعْلِيمِ. اهـ. وَنَقَلَ الشَّارِحُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ الْخِلَافَ فِي بِنْتِ الْأُخْتِ هَلْ لَهَا حَضَانَةٌ، أَوْ لَا؟ قَالَ: وَالصَّوَابُ أَنَّ لَهَا الْحَضَانَةَ، فَإِنْ اجْتَمَعَتْ مَعَ بِنْتِ الْأَخِ فَقِيلَ بِنْتُ الْأَخِ مُقَدَّمَةٌ، وَقِيلَ بِنْتُ الْأُخْتِ مُقَدَّمَةٌ وَقِيلَ هُمَا سَوَاءٌ، يَنْظُرُ السُّلْطَانُ فِي أَكْفَئِهِمَا وَأَحْرَزِهِمَا، وَقَوْلُهُ، ثُمَّ أُمُّهَا بِهَا، أَيْ أُمُّ الْأُمِّ أَوْلَى بِهَا، أَيْ بِالْحَضَانَةِ وَقَوْلُهُ فَأُمُّهَا، أَيْ أُمُّ الْمُحَدَّثِ عَنْهَا الَّتِي هِيَ أُمُّ الْأُمِّ وَأُمُّهَا هِيَ جَدَّةُ أُمِّ الْمَحْضُونِ لِأُمِّهَا

قَالَ النَّاظِمُ رحمه الله

وَشَرْطُهَا الصِّحَّةُ وَالصِّيَانَهْ

وَالْحِرْزُ وَالتَّكْلِيفُ وَالدِّيَانَهْ

وَفِي الْإِنَاثِ عَدَمُ الزَّوْجِ عَدَا

جَدًّا لِمَحْضُونٍ لَهَا زَوْجًا غَدَا

تَعَرَّضَ فِي الْبَيْتَيْنِ لِشُرُوطِ الْحَاضِنِ فَأَخْبَرَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ صِحَّةُ الْجِسْمِ لِيَتَحَرَّزَ بِذَلِكَ مِنْ الْمَرِيضِ الضَّعِيفِ الْقُوَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقُومُ بِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ فَأَحْرَى أَنْ لَا يَقُومَ بِمَصْلَحَةِ غَيْرِهِ، وَكَذَا مَنْ يُخَافُ مِنْ مَرَضِهِ ضَرُورَةُ الْعَدْوَى عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ مِنْ كَوْنِهِ عِنْدَهُ لَا بِهِ كَالْجُذَامِ وَالْبَرَصِ، وَيُشْتَرَطُ فِيهِ أَيْضًا الصِّيَانَةُ لِيَتَحَرَّزَ بِذَلِكَ مِنْ لُحُوقِ الْمَعَرَّةِ بِسَبَبِ عَدَمِ الصَّوْنِ، وَأَنْ يَكُونَ فِي حِرْزٍ لِئَلَّا يَلْحَقَهُ الضَّيَاعُ كَأَنْ يَكُونَ بِطَرَفِ الْعِمَارَةِ بِحَيْثُ يُخَافُ عَلَيْهِ مِنْ السِّبَاعِ وَنَحْوِهَا، أَوْ تُصِيبُهُ الْمُتَوَقَّعَاتُ الْمَحْظُورَةُ، كَالْخَوْفِ عَلَيْهِ مِنْ سَارِقٍ يَسْرِقُهُ، أَوْ سَالِبٍ يَسْلُبُهُ ثِيَابَهُ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يُصِيبُهُ مِنْ قِلَّةِ الصَّوْنِ وَالْحِفْظِ وَأَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا، أَيْ عَاقِلًا بَالِغًا.

لِأَنَّ غَيْرَ الْبَالِغِ، أَوْ الْمَجْنُونَ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ الْمَحْضُونُ مَعَهُ فِي أَمْنٍ، وَلَا حِرْزٍ فَهُوَ فِي نَفْسِهِ مُفْتَقِرٌ لِمَنْ يَكْفُلُهُ، فَكَيْفَ يَكْفُلُ غَيْرَهُ، وَأَنْ يَكُونَ دَيِّنًا؛ لِأَنَّ الْفَاسِقَ وَأَحْرَى الْكَافِرُ لَا يُؤْمَنُ عَلَى الْمَحْضُونِ مِنْ وُجُوهٍ.

وَهَذِهِ الشُّرُوطُ عَامَّةٌ، سَوَاءٌ كَانَ

ص: 271

الْحَاضِنُ رَجُلًا، أَوْ امْرَأَةً وَيُزَادُ فِي شُرُوطِ الْحَاضِنَةِ الْخُلُوُّ عَنْ زَوْجٍ قَدْ دَخَلَ بِهَا إلَّا إنْ كَانَ هَذَا الزَّوْجُ جَدًّا لِلْمَحْضُونِ كَالْجَدَّةِ لِلْأُمِّ الْمُتَزَوِّجَةِ بِوَالِدِ الْأُمِّ فَلَا تَسْقُطُ حَضَانَتُهَا؛ لِأَنَّ لَهُ حَنَانًا وَشَفَقَةً حَتَّى قِيلَ إنَّ لَهُ الْحَضَانَةَ (قَالَ فِي النَّوَادِرِ) مِنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ وَمَنْ لَمْ تَكُنْ فِي حِرْزٍ، أَوْ كَانَتْ غَيْرَ مَأْمُونَةٍ أَوْ تَضْعُفُ عَنْهُمْ، أَوْ كَانَتْ سَفِيهَةً، أَوْ سَقِيمَةً، أَوْ ضَعِيفَةً، أَوْ مُسِنَّةً فَلَا حَضَانَةَ لَهَا كَانَتْ جَدَّةً، أَوْ غَيْرَهَا (قَالَ الشَّارِحُ) مَا عَدَّهُ الشَّيْخُ مِنْ الشُّرُوطِ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ فِي النَّوَادِرِ الْمُتَقَدِّمِ، ثُمَّ بَيَّنَهُ بِمَا هُوَ ظَاهِرٌ.

(وَفِي الْمُقَرِّبِ) إذَا كَانَتْ الْأُمُّ لَيْسَتْ بِمَرْضِيَّةٍ فِي حَالِهَا فَيَكُونُ أَبُو الْجَارِيَةِ أَوْ، أَوْلِيَاؤُهَا أَحَقَّ بِهَا إذَا ضُمَّتْ إلَى كَفَالَةٍ وَحِرْزٍ.

(قَالَ الشَّارِحُ) وَمِنْ قَوْلِ الْمُقَرِّبِ وَمِثْلِهِ

ص: 272

أَخَذَ الْمُتَأَخِّرُونَ شَرْطَ الدِّيَانَةِ فِي الْحَاضِنَةِ إذَا كَانَتْ مُسْلِمَةً، فَإِنَّ الْكِتَابِيَّةَ تَحْضُنُ مَا لَمْ يُخَفْ أَنْ تَسْقِيَهُمْ الْخَمْرَ، أَوْ تُغَذِّيَهُمْ بِالْخِنْزِيرِ (وَفِي النَّوَادِرِ مِنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ) وَلَا حَقَّ لِمَنْ تَكُونُ مُتَزَوِّجَةً مِنْهُمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ زَوْجُ الْجَدَّةِ جَدَّ الصَّبِيِّ فَلَا يَضُرُّهَا ذَلِكَ. اهـ.

مِنْ الشَّارِحِ وَهَلْ يُشْتَرَطُ فِي الْحَاضِنِ الرُّشْدُ أَمْ لَا؟ قَالَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ فِي شُرُوطِ الْحَاضِنِ " وَرُشْدٌ " وَخَرَجَ بِهِ السَّفِيهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ، وَهَذَا إذَا كَانَ سَفِيهًا فِي عَقْلِهِ ذَا طَيْشٍ وَقِلَّةِ ضَبْطٍ لَا يُحْسِنُ الْقِيَامَ بِالْمَحْضُونِ وَلَا أَدَبَهُ، أَوْ كَانَ سَفِيهًا فِي الْمَالِ يُبَذِّرُ مَا يَقْبِضُهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْأَمَدِ قَالَ، وَأَمَّا إنْ كَانَ سَفِيهًا مُوَلًّى عَلَيْهِ ذَا صِيَانَةٍ وَقِيَامٍ بِالْمَحْضُونِ فَلَا

ص: 273

يَسْقُطُ حَقُّهُ مِنْ الْحَضَانَةِ اهـ. نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ بَهْرَامَ (ابْنُ غَازِيٍّ) قَوْلُهُ " وَرُشْدٌ " قَدْ عَلِمْتَ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ فِيهِ (وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ) اُخْتُلِفَ فِي السَّفِيهَةِ، قِيلَ لَهَا الْحَضَانَةُ وَقِيلَ لَا حَضَانَةَ لَهَا (ابْنُ عَرَفَةَ) نَزَلْتُ بِبَلَدِ بَاجَةَ فَكَتَبَ قَاضِيهَا لِقَاضِي الْجَمَاعَةِ يَوْمَئِذٍ بِتُونُسَ وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَكَتَبَ إلَيْهِ بِأَنْ لَا حَضَانَةَ لَهَا فَرَفَعَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ أَمْرَهُ إلَى سُلْطَانِهَا الْأَمِيرِ أَبِي يَحْيَى بْنِ الْأَمِيرِ أَبِي زَكَرِيَّا فَأَمَرَ بِاجْتِمَاعِ فُقَهَاءِ الْوَقْتِ مَعَ الْقَاضِي الْمَذْكُورِ لِيَنْظُرُوا فِي ذَلِكَ فَاجْتَمَعُوا بِالْقَصَبَةِ.

وَكَانَ مِنْ جُمْلَتِهِمْ ابْنُ هَارُونَ وَالْأَجَمِيُّ قَاضِي الْأَنْكِحَةِ حِينَئِذٍ بِتُونُسَ فَأَفْتَى الْقَاضِيَانِ وَبَعْضُ أَهْلِ الْمَجْلِسِ بِأَنْ لَا حَضَانَةَ لَهَا وَأَفْتَى ابْنُ هَارُونَ وَبَعْضُ أَهْلِ الْمَجْلِسِ بِأَنَّ لَهَا الْحَضَانَةَ، وَرُفِعَ ذَلِكَ إلَى السُّلْطَانِ الْمَذْكُورِ فَخَرَجَ الْأَمْرُ بِالْعَمَلِ بِفَتْوَى ابْنِ هَارُونَ وَأَمَرَ قَاضِي الْجَمَاعَةِ بِأَنْ يَكْتُبَ بِذَلِكَ إلَى قَاضِي بَاجَةَ فَفَعَلَ وَهُوَ الصَّوَابُ، وَهُوَ ظَاهِرُ عُمُومِ الرِّوَايَاتِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا (تَكْمِيلٌ) قَالَ ابْنُ عَاتٍ قَالَ الْمُشَاوِرُ وَحَضَانَةُ أَوْلَادِ السُّؤَالِ وَالْفُقَرَاءِ وَمَنْ لَا قَرَابَةَ لَهُمْ يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ السُّلْطَانُ لِلْأَصَاغِرِ بِالْأَحْوَطِ لَهُمْ وَمَا يَرَاهُ صَلَاحًا لَهُمْ مِنْ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ اهـ.

وَالْمُشَاوِرُ هُوَ ابْنُ الْفَخَارِ اهـ. كَلَامُ ابْنِ غَازِيٍّ، وَكَذَا مِنْ شَرْطِ مَنْ لَهُ الْحَضَانَةُ مِنْ الرِّجَالِ وُجُودُ الْأَهْلِ مِنْ زَوْجَةٍ، أَوْ سُرِّيَّةٍ، نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ اللَّخْمِيِّ، ثُمَّ قَالَ وَإِذَا كَانَتْ الْحَضَانَةُ لِرَجُلٍ رُوعِيَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ فِيمَنْ يَتَوَلَّى الْحَضَانَةَ مِنْ نِسَائِهِ فِي الْقِيَامِ بِالْمَحْضُونِ وَدَفْعِ الْمَضَرَّةِ عَنْهُ. اهـ.

هَذَا إذَا كَانَ الْحَاضِنُ وَالْمَحْضُونُ مَعًا ذَكَرَيْنِ، فَيُشْتَرَطُ فِي الْحَاضِنِ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَنْ يَحْضُنُ، فَإِنْ كَانَ الْحَاضِنُ ذَكَرًا وَالْمَحْضُونُ أُنْثَى فَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ اللَّخْمِيِّ، وَأَمَّا فِي الْأُنْثَى فَحَقُّ الْأَوْلِيَاءِ فِي حَضَانَتِهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: ثَابِتٍ، وَسَاقِطٍ، وَمُخْتَلَفٍ فِيهِ، فَيَثْبُتُ فِيمَنْ بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَهُ مَحْرَمٌ، كَالْأَخِ وَابْنِهِ وَالْجَدِّ وَيَسْقُطُ فِي كُلِّ مَنْ لَيْسَ بِمَحْرَمٍ إذَا كَانَ غَيْرَ مَأْمُونٍ أَوْ مَأْمُونًا وَلَا أَهْلَ لَهُ وَاخْتُلِفَ إذَا كَانَ مَأْمُونًا وَلَهُ أَهْلٌ. اهـ. بِاخْتِصَارٍ

، ثُمَّ قَالَ النَّاظِمُ رحمه الله

وَمَا سُقُوطُهَا لِعُذْرٍ قَدْ بَدَا

وَارْتَفَعَ الْعُذْرُ تَعُودُ أَبَدَا

وَهِيَ عَلَى الْمَشْهُورِ لَا تَعُودُ إنْ

كَانَ سُقُوطُهَا بِتَزْوِيجٍ قُرِنْ

لَفْظَةُ " مَا " مَوْصُولَةٌ وَاقِعَةٌ عَلَى الْحَضَانَةِ، يَعْنِي أَنَّ الْحَضَانَةَ إذَا سَقَطَتْ لِعُذْرٍ، ثُمَّ زَالَ الْعُذْرُ فَإِنَّهَا تَعُودُ وَذَلِكَ كَالْمَرَضِ، وَالسَّفَرِ، وَانْقِطَاعِ اللَّبَنِ فَإِنَّ الْحَضَانَةَ تَعُودُ بَعْدَ الصِّحَّةِ وَالْحُضُورِ وَجَرْيِ اللَّبَنِ.

وَكَذَا إذَا وَجَبَتْ لَهَا الْحَضَانَةُ وَهِيَ إذْ ذَاكَ مُتَزَوِّجَةٌ ثُمَّ طَلَّقَ الزَّوْجُ، أَوْ مَاتَ، فَإِنَّ الْحَضَانَةَ تَعُودُ لَهَا؛ لِأَنَّهَا مَعْذُورَةٌ بِالْمَنْعِ مِنْ الْحَضَانَةِ بِسَبَبِ كَوْنِهَا مُتَزَوِّجَةً فَإِنْ وَجَبَتْ لَهَا وَهِيَ غَيْرُ مُتَزَوِّجَةٍ فَتَزَوَّجَتْ، ثُمَّ تَأَيَّمَتْ فَلَا تَعُودُ لَهَا لِإِدْخَالِهَا عَلَى نَفْسِهَا مَا يُسْقِطُ حَضَانَتَهَا، وَعَلَى عَدَمِ عَوْدِهَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ:

وَهِيَ عَلَى الْمَشْهُورِ لَا تَعُودُ إنْ

كَانَ سُقُوطُهَا بِتَزْوِيجٍ قُرِنْ

أَيْ بِإِحْدَاثِ التَّزْوِيجِ وَاسْتِئْنَافِهِ بَعْدَ أَنْ لَمْ تَكُنْ وَقْتَ وُجُوبِ الْحَضَانَةِ مُتَزَوِّجَةً.

(قَالَ اللَّخْمِيُّ) كُلُّ امْرَأَةٍ سَقَطَ حَقُّهَا بِسَبَبٍ ثَمَّ زَالَ السَّبَبُ فَهِيَ عَلَى حَقِّهَا إذَا كَانَ سُقُوطُهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهَا، مِثْلُ أَنْ تَكُونَ مَرِيضَةً فَبَرِئَتْ، أَوْ ذَاتَ زَوْجٍ فِي حِينِ وُجُوبٍ ثُمَّ طَلَّقَ، أَوْ مَاتَ، أَوْ سَافَرَ لِحَجَّةِ الْفَرِيضَةِ، أَوْ سَافَرَ بِهَا زَوْجُهَا وَهُوَ جَدُّ الصِّبْيَانِ، أَوْ غَيْرُهُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ غَيْرَ طَائِعَةٍ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا تَبَيَّنَ بِهِ عُذْرُهَا.

(قَالَ مَالِكٌ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ) وَإِذَا تَرَكَتْ وَلَدَهَا مِنْ عُذْرٍ بِأَنْ مَرِضَتْ، أَوْ انْقَطَعَ لَبَنُهَا، أَوْ جَهِلَتْ أَنَّ ذَلِكَ لَهَا، فَلَهَا انْتِزَاعُهُ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ فِي الَّذِي يَنْتَقِلُ إلَى بَلَدٍ مِنْ الْبُلْدَانِ فَيَأْخُذُ وَلَدَهُ مِنْ أُمِّهِ، ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى الْبَلَدِ هَلْ يَرُدُّ إلَيْهَا الْوَلَدَ؟ فَقَالَ نَعَمْ يَرْجِعُ إلَى حَضَانَةِ الْأُمِّ فَقِيلَ لَهُ فَلَوْ خَرَجَتْ إلَى مِيرَاثٍ لَهَا فِي بَلَدٍ تَطْلُبُهُ، ثُمَّ رَجَعَتْ فَقَالَ تَرْجِعُ إلَيْهَا الْحَضَانَةُ. اهـ.

وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ حَقَّ الْحَضَانَةِ يَسْقُطُ حَالَ حُصُولِ الْعُذْرِ اهـ. مِنْ حَاشِيَةِ اللَّقَانِيِّ عَلَى التَّوْضِيحِ

(وَفِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ) ، فَإِنْ أَسْلَمَتْ الْمَرْأَةُ ابْنَهَا الْمُرْضَعَ إلَى أَبِيهِ فَلَمَّا فُطِمَ أَرَادَتْ أَخْذَهُ، فَإِنْ كَانَ إسْلَامُهَا لَهُ عُذْرٌ مِثْلُ أَنْ تَكُونَ لَا لَبَنَ لَهَا قُبِلَ عُذْرُهَا وَاسْتَرَدَّتْ ابْنَهَا بَعْدَ فِطَامِهِ إلَى حَضَانَتِهَا.

(وَفِي طُرَرِ ابْنِ عَاتٍ) ، وَكَذَلِكَ إذَا مَرِضَتْ، أَوْ سَافَرَتْ سَفَرًا لَا يَكُونُ لَهَا حَمْلُ الْمَحْضُونِ إلَيْهِ فَلَهَا أَنْ تَأْخُذَهُ إذَا رَجَعَتْ، أَوْ صَحَّتْ، ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَفِي

ص: 274

الْمُقَرِّبِ قُلْت، فَإِنْ تَزَوَّجَتْ وَهُوَ صَغِيرٌ فَأَخَذَهُ أَبُوهُ، أَوْ أَوْلِيَاؤُهُ، ثُمَّ مَاتَ عَنْهَا زَوْجُهَا، أَوْ طَلَّقَهَا أَيُرَدُّ إلَى أُمِّهِ قَالَ لَا إذَا أَسْلَمَتْهُ مَرَّةً فَلَا حَقَّ لَهَا فِيهِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ اهـ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا كَانَ مِنْ الْأَعْذَارِ اخْتِيَارِيًّا أَدْخَلَتْهُ الْحَاضِنَةُ عَلَى نَفْسِهَا كَالتَّزْوِيجِ فَإِنَّهَا لَا تَعُودُ بَعْدَ ذَهَابِهِ وَمَا دَخَلَ عَلَيْهَا مِنْ الْأَعْذَارِ اضْطِرَارًا، أَحَبَّتْ أَمْ كَرِهَتْ مِثْلُ انْقِطَاعِ اللَّبَنِ وَالْمَرَضِ، فَإِنَّهَا تَعُودُ بَعْدَ زَوَالِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. .

وَحَيْثُ بِالْمَحْضُونِ سَافَرَ الْوَلِيّ

بِقَصْدِ الِاسْتِيطَانِ وَالتَّنَقُّلِ

فَذَاكَ مُسْقِطٌ لِحَقِّ الْحَاضِنَهْ

إلَّا إذَا صَارَتْ هُنَاكَ سَاكِنَهْ

يَعْنِي أَنَّ الصَّبِيَّ إذَا كَانَ عِنْدَ حَاضِنَتِهِ، ثُمَّ أَرَادَ وَلِيُّهُ أَبًا، أَوْ أَخًا، أَوْ غَيْرَهُمَا أَنْ يُسَافِرَ بِقَصْدِ الِاسْتِيطَانِ وَالْإِقَامَةِ عَلَى التَّأْبِيدِ، وَأَرَادَ أَنْ يَذْهَبَ بِالصَّبِيِّ مَعَهُ فَلَهُ ذَلِكَ وَيُقَالُ لِلْحَاضِنَةِ؛ إمَّا أَنْ تَنْتَقِلِي لِلْبَلَدِ الَّذِي انْتَقَلَ إلَيْهِ الْوَلِيُّ وَالْمَحْضُونُ، وَإِلَّا سَقَطَتْ حَضَانَتُكِ (ابْنُ الْحَاجِبِ) وَيَسْقُطُ حَقُّ الْأُمِّ وَغَيْرِهَا مِنْ الْحَضَانَةِ إذَا سَافَرَ وَلِيُّ الطِّفْلِ الْحُرِّ أَبًا، أَوْ غَيْرَهُ سَفَرَ نُقْلَةٍ سِتَّةَ بُرُدٍ وَلَوْ كَانَ رَضِيعًا، لَا سَفَرَ تَنَزُّهٍ، أَوْ تِجَارَةٍ إلَّا أَنْ تُسَافِرَ وَهِيَ مَعَهُ (التَّوْضِيحُ) دَخَلَ فِي قَوْلِهِ أَبًا، أَوْ غَيْرَهُ الْوَصِيُّ وَغَيْرُهُ.

وَقَوْلُهُ " الْحُرِّ " يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِلْوَلِيِّ، أَوْ الطِّفْلِ وَقَوْلُهُ " سِتَّةَ بُرُدٍ " هُوَ بَيَانٌ لِلسَّفَرِ الْمُسْقِطِ، يَعْنِي وَأَمَّا لَوْ سَافَرَ سَفَرًا قَرِيبًا فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُسْقِطُ حَضَانَتَهَا لِإِمْكَانِ نَظَرِ الْوَلِيِّ، وَهَذَا التَّحْدِيدُ لِمَالِكٍ فِي الْمَوَّازِيَّةِ، وَقَوْلُهُ " وَلَوْ كَانَ رَضِيعًا " مُبَالَغَةٌ وَهُوَ الْمَشْهُورُ بِشَرْطِ أَنْ يَقْبَلَ غَيْرَ أُمِّهِ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ " لَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فَطِيمًا قَدْ اسْتَغْنَى عَنْ أُمِّهِ " وَلِمَالِكٍ فِي الْمَوَّازِيَّةِ " لَا يَخْرُجُ بِهِمْ حَتَّى يُثْغِرُوا " وَقَوْلُهُ " إلَّا أَنْ تُسَافِرَ هِيَ مَعَهُ " أَيْ إلَّا أَنْ تَتْبَعَهُ فَهِيَ عَلَى حَضَانَتِهَا، وَلَا كَلَامَ لِلْوَلِيِّ. بَعْضُ شُيُوخِنَا.

وَإِنْ كَانَ لِلْوَلَدِ وَلِيَّانِ وَهُمَا فِي الْعَقْدِ سَوَاءٌ فَسَافَرَ أَحَدُهُمَا فَلَيْسَ لَهُ الرِّحْلَةُ بِالْوَلَدِ، وَالْمُقِيمُ أَوْلَى لِبَقَاءِ الْوَلَدِ مَعَ أُمِّهِ، وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أُمٌّ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُقَدَّمُ فِي إنْكَاحِهَا إنْ كَانَتْ أُنْثَى (فَرْعَانِ: الْأَوَّلُ) قَالَ جَمَاعَةٌ يُشْتَرَطُ فِي إسْقَاطِ الْحَضَانَةِ بِالسَّفَرِ أَنْ تَكُونَ الطَّرِيقُ مَأْمُونَةً يُسْلَكُ فِيهَا بِالْمَالِ وَالْحَرِيمِ، وَكَذَلِكَ الْبَلَدُ الَّذِي يَنْتَقِلُ إلَيْهِ وَلَا يُشْتَرَطُ عَدَمُ رُكُوبِهِ بِهِ الْبَحْرُ، قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} [يونس: 22] (وَالثَّانِي) إذَا قُلْنَا لِلْوَلِيِّ الِانْتِقَالُ بِالْوَلَدِ فَلَا يَكُونُ الْوَالِي أَحَقَّ حَتَّى يُثْبِتَ عِنْدَ حَاكِمِ الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الْحَاضِنَةُ أَنَّهُ قَدْ اسْتَوْطَنَ الْمَوْضِعَ الَّذِي رَحَلَ إلَيْهِ. اهـ.

بِبَعْضِ اخْتِصَارٍ

قَالَ النَّاظِمُ:

وَيُمْنَعُ الزَّوْجَانِ مِنْ إخْرَاجِ مَنْ

مِنْ حِينِ الِابْتِنَاءِ مَعَهُمَا سَكَنْ

مِنْ وَلَدٍ لِوَاحِدٍ أَوْ أُمِّ

وَفِي سِوَاهُمْ عَكْسُ هَذَا الْحُكْمِ

يَعْنِي إذَا بَنَى الزَّوْجُ بِزَوْجَتِهِ فَأَتَتْ مَعَهَا بِوَلَدِهَا الصَّغِيرِ، أَوْ وَجَدَتْ عِنْدَهُ وَلَدًا لَهُ صَغِيرًا وَسَكَنَ ذَلِكَ الْوَلَدُ مَعَهُمَا ثُمَّ أَرَادَ إخْرَاجَ وَلَدِهَا، أَوْ أَرَادَتْ إخْرَاجَ وَلَدِهِ عَنْهَا فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ، وَلَا لَهَا وَيُجْبَرُ الْمُمْتَنِعِ مِنْهُمَا عَلَى السُّكْنَى مَعَ ذَلِكَ الْوَلَدِ، وَكَذَلِكَ إذَا وُجِدَتْ عِنْدَ الزَّوْجِ أُمُّهُ وَسَكَتَتْ ثُمَّ امْتَنَعَتْ مِنْ

ص: 275

السُّكْنَى مَعَهَا فَلَيْسَ لَهَا ذَلِكَ.

وَعَلَى هَذَا نَبَّهَ بِالْبَيْتِ الْأَوَّلِ وَبِشَطْرِ الثَّانِي وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ

وَفِي سِوَاهُمْ عَكْسُ هَذَا الْحُكْم

إلَى أَنَّهُ إذَا بَنَى بِزَوْجَتِهِ وَلَمْ تَأْتِ مَعَهَا بِوَلَدٍ، أَوْ لَمْ تَجِدْ عِنْدَهُ وَلَدًا، ثُمَّ أَرَادَتْ أَنْ تَأْتِيَ بِوَلَدِهَا، أَوْ أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ بِوَلَدٍ لَهُ، وَامْتَنَعَ الْآخَرُ فَإِنَّ لَهُ ذَلِكَ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَى السُّكْنَى مَعَهُ وَإِنَّمَا يُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ مِنْ السُّكْنَى مَعَهُ إذَا لَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِ مِنْ أَوَّلِ وَهْلَةٍ، إذَا كَانَ لِلْوَلَدِ وَلِيُّ حَاضِنٌ يُمْكِنُ دَفْعُهُ إلَيْهِ، وَإِلَّا أُجْبِرَ الْمُمْتَنِعُ عَلَى السُّكْنَى مَعَهُ.

وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً فَفِي سَمَاعِ أَشْهَبَ وَابْنِ نَافِعٍ مِنْ كِتَابِ الطَّلَاقِ مِنْ الْعُتْبِيَّةِ، وَسُئِلَ عَنْ امْرَأَةٍ خَطَبَهَا رَجُلٌ، لَهَا بِنْتٌ صَغِيرَةٌ لَمْ تَلِ نَفْسَهَا فَتَزَوَّجَهَا وَهُوَ يَعْلَمُ بِذَلِكَ، ثُمَّ بَنَى بِهَا، وَابْنَتُهَا مَعَهَا، ثُمَّ قَالَ لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ أَخْرِجِي ابْنَتَكِ عَنِّي، أَتَرَى ذَلِكَ لَهُ؟ فَقَالَ لَهُ: مَا أَرَى ذَلِكَ لَهُ. (قَالَ ابْنُ رُشْدٍ) ظَاهِرُ قَوْلِهِ أَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَهَا وَهُوَ يَعْلَمُ بِابْنَتِهَا، ثُمَّ بَنَى بِهَا وَهِيَ مَعَهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخْرِجَهَا عَنْهَا وَفِي طُرَرِ ابْنِ عَاتٍ مِمَّا سُئِلَ عَنْهُ ابْنُ زَرْبٍ وَإِنْ بَنَى بِهَا وَالصَّبِيُّ مَعَهُ، ثُمَّ أَرَادَتْ بَعْدَ ذَلِكَ إخْرَاجَهُ عَنْ نَفْسِهَا لَمْ يَكُنْ لَهَا ذَلِكَ لِدُخُولِهَا عَلَيْهِ (وَفِي سَمَاعِ سَحْنُونٍ) عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ طَلَاقِ السُّنَّةِ مِنْ الْعُتْبِيَّةِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلرَّجُلِ أَنَّهُ يُسْكِنُ أَوْلَادَهُ مِنْ امْرَأَتِهِ مَعَ امْرَأَةٍ لَهُ أُخْرَى فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ وَمَسْكَنٍ وَاحِدٍ يَجْمَعُهُمْ إلَّا أَنْ تَرْضَى بِذَلِكَ، وَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ مِنْ الْعُتْبِيَّةِ وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ امْرَأَةٍ تَزَوَّجَهَا رَجُلٌ فَأَسْكَنَهَا مَعَ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَشَكَتْ الضَّرَرَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ مَالِكٌ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُسْكِنَهَا مَعَهُمَا فَقِيلَ لَهُ إنَّهُ يَقُولُ: إنَّ أَبِي أَعْمَى وَأُغْلِقُ دُونِي وَدُونَهُ بَابًا قَالَ يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ رُئِيَ ضَرَرٌ كَأَنَّهُ يَقُولُ إنْ رُئِيَ ضَرَرٌ يُحَوِّلُهَا عَنْ حَالِهَا. اهـ.

(وَفِي طُرَرِ ابْنِ عَاتٍ) سُئِلَ ابْنُ زَرْبٍ رحمه الله إذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ امْرَأَةً وَلَهُ وَلَدٌ صَغِيرٌ مِنْ غَيْرِهَا فَأَرَادَ إسْكَانَهُ مَعَهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ، وَأَبَتْ هِيَ ذَلِكَ إنْ كَانَ لَهُ مَنْ يَدْفَعُهُ إلَيْهِ مِنْ أَهْلِهِ لِيَحْضُنَهُ لَهُ وَيَكْفُلَهُ أُجْبِرَ عَلَى إخْرَاجِهِ عَنْهَا، وَإِنْ كَانَ لَا أَهْلَ لَهُ لَمْ يُكَلَّفْ إخْرَاجَهُ، وَأُجْبِرَتْ هِيَ عَلَى الْبَقَاءِ مَعَهُ، ثُمَّ قَالَ وَكَذَلِكَ الزَّوْجَةُ إذَا كَانَ لَهَا وَلَدٌ صَغِيرٌ مَعَ الزَّوْجِ هَذَا حَرْفًا بِحَرْفٍ. اهـ.

(تَنْبِيهٌ) ظَاهِرُ قَوْلِهِ " أَوْ أُمِّ " أَنَّ الْأُمَّ تَجْرِي عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ الَّذِي فِي الْوَلَدِ وَأَنَّهَا إنْ كَانَتْ مَعَ ابْنِهَا يَوْمَ الْبِنَاءِ أُلْزِمَتْ الزَّوْجَةُ بِالسُّكْنَى مَعَهَا، وَإِلَّا فَلَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ لَا تُجْبَرُ الزَّوْجَةُ عَلَى السُّكْنَى مَعَ أُمِّهِ، أَوْ أَبِيهِ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ كَانَا مَعَهُ حِينَ الْبِنَاءِ، أَوْ لَا وَلَكِنْ هَذَا فِي ذَوَاتِ الْقَدْرِ، وَأَمَّا الْوَضِيعَةُ فَلَا (التَّوْضِيحُ) قَالَ مَالِكٌ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُسْكِنَ مَعَهَا أَبَوَيْهِ إلَّا بِرِضَاهَا قَالَ فِي الْبَيَانِ لِمَا عَلَيْهَا مِنْ الضَّرَرِ بِاطِّلَاعِهِمْ عَلَى أَمْرِهَا وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكْتُمَهُ عَنْهُمْ مِنْ أَمْرِهَا.

(قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ) فِي الْمَرْأَةِ تَكُونُ هِيَ وَأَهْلُ زَوْجِهَا فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ فَتَقُولُ: إنَّ أَهْلَكَ يُؤْذُونَنِي فَأَخْرِجْهُمْ عَنِّي، أَوْ أَخْرِجْنِي عَنْهُمْ، رُبَّ امْرَأَةٍ لَا يَكُونُ لَهَا ذَلِكَ لِكَوْنِ صَدَاقِهَا قَلِيلًا وَتَكُونُ وَضِيعَةَ الْقَدْرِ، وَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ عَلَى ذَلِكَ تَزَوَّجَهَا، وَفِي الْمَنْزِلِ سَعَةٌ، فَأَمَّا ذَاتُ الْقَدْرِ فَلَا بُدَّ لَهُ أَنْ يَعْزِلَهَا، وَإِنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَعْزِلَهَا حُمِلَ عَلَى الْحَقِّ أَبَرَّهُ ذَلِكَ، أَوْ أَحْنَثَهُ.

(قَالَ فِي الْبَيَانِ) وَلَيْسَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ عِنْدِي خِلَافًا لِقَوْلِ مَالِكٍ اهـ.

وَقَدْ تَلَخَّصَ مِنْ هَذَا أَنَّ فِي الْأَوْلَادِ تَفْصِيلًا غَيْرَ الَّذِي فِي الزَّوْجَةِ فَفِي الْأَوْلَادِ يُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ يَسْكُنُوا مِنْ أَوَّلِ وَهْلَةٍ، أَوْ لَا وَفِي الزَّوْجَةِ يُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ ذَاتَ قَدْرٍ، أَوْ وَضِيعَةً، وَهَذَا ظَاهِرٌ مِنْ قَوْلِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ وَلَهَا الِامْتِنَاعُ مِنْ أَنْ تَسْكُنَ مَعَ أَقَارِبِهِ إلَّا الْوَضِيعَةَ كَوَلَدٍ صَغِيرٍ لِأَحَدِهِمَا إنْ كَانَ لَهُ حَاضِنٌ إلَّا أَنْ يَبْنِيَ وَهُوَ مَعَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 276