الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْقَوْلُ؟ (فَأَجَابَ) إنَّ دَعْوَى الْمَرْأَةِ فِي الثِّيَابِ أَنَّ زَوْجَهَا سَاقَهَا لَهَا لَا تُسْمَعُ إلَّا إذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الثِّيَابَ بِأَعْيُنِهَا مِنْ جُمْلَةِ السِّيَاقَةِ وَأَنَّهُ وَهَبَهَا لَهَا عَلَى الْخُصُوصِ، فَإِنْ لَمْ تَقُمْ عَلَى ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ وَرَثَةِ الْمَيْتِ مَعَ أَيْمَانِهِمْ أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ تِلْكَ الثِّيَابَ مِنْ جُمْلَةِ مَالِ الْمَرْأَةِ وَلَا مَتَاعِهَا إلَى آخِرِ نَصِّ الْيَمِينِ.
لَا تَدْخُلُ هَذِهِ النَّازِلَةُ فِي مَسْأَلَةِ الِاخْتِلَافِ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ لَكِنْ يَبْقَى النَّظَرُ فِي لِبَاسِهَا تِلْكَ الثِّيَابَ وَامْتِهَانِهَا لَهَا هَلْ تَسْتَحِقُّهَا بِذَلِكَ أَمْ لَا، وَالصَّحِيحُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْتَجِعَ كُسْوَةَ الْمَرْأَةِ عِنْد فِرَاقِهَا إذَا كَانَتْ مُبْتَذَلَةً، فَإِنْ لَمْ تُبْتَذَلْ كَانَ لَهُ ارْتِجَاعُهَا، فَهَذِهِ الثِّيَابُ مِثْلُهَا إنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ قَدْ ابْتَذَلَتْهَا فَهِيَ لَهَا، وَإِلَّا صَارَتْ مِيرَاثًا اهـ مِنْ الشَّارِحِ وَإِنَّمَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ وَرَثَةِ الزَّوْجِ لِإِقْرَارِهَا أَنَّهَا لِلزَّوْجِ وَادَّعَتْ أَنَّهُ أَعْطَاهَا إيَّاهَا فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهَا وَلِذَلِكَ لَمْ تَدْخُلْ فِي الِاخْتِلَافِ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَصْلُحُ بِالْمَرْأَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يُعْلَمْ لِمَنْ هُوَ الشَّيْءُ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ وَهَذَا قَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لِلزَّوْجِ فَلَا يَخْرُجُ عَنْ مِلْكِهِ إلَّا بِبَيَانٍ.
[فَصْلٌ مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا ثُمَّ أَرَادَ الْعَوْدَ لِلزَّوْجِيَّةِ]
(فَصْلٌ) مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا ثُمَّ أَرَادَ الْعَوْدَ لِلزَّوْجِيَّةِ
وَمَنْ يُطَلِّقْ طَلْقَةً رَجْعِيَّهْ
…
ثُمَّ أَرَادَ الْعَوْدَ لِلزَّوْجِيَّةِ
فَالْقَوْلُ لِلزَّوْجَةِ وَالْيَمِينُ
…
عَلَى انْقِضَاءِ عِدَّةٍ تُبِينُ
ثُمَّ لَهُ ارْتِجَاعُهَا حَيْثُ الْكَذِبْ
…
مُسْتَوْضَحٌ مِنْ الزَّمَانِ الْمُقْتَرِبْ
وَمَا ادَّعَتْ مِنْ ذَلِكَ الْمُطَلَّقَهْ
…
بِالسُّقْطِ فَهِيَ أَبَدًا مُصَدَّقَهْ
يَعْنِي أَنَّ مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا ثُمَّ أَرَادَ رَجْعَتَهَا فَزَعَمَتْ أَنَّ عِدَّتَهَا انْقَضَتْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا إذَا كَانَ يُمْكِنُ ذَلِكَ، فَإِنْ قَرُبَ مَا بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ جِدًّا بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ انْقِضَاءُ عِدَّةِ الْأَقْرَاءِ فِيهِ وَتَبَيَّنَ كَذِبُهَا فَلَهُ مُرَاجَعَتُهَا، فَإِنْ ادَّعَتْ أَنَّ انْقِضَاءَهَا كَانَ بِسَبَبِ سَقْطٍ أَسْقَطَتْهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا وَلَوْ بِقُرْبٍ مِنْ الطَّلَاق، وَعَلَى تَصْدِيقِهَا وَلَوْ بِالْقُرْبِ. نَبَّهَ بِقَوْلِهِ " أَبَدًا " وَالْإِشَارَة بِذَلِكَ لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ.
وَقَوْلُهُ " تُبِينُ " بِضَمِّ التَّاءِ مُضَارِعُ أَبَانَ، وَهُوَ خَبَرٌ عَنْ الْيَمِينِ، أَيْ أَنَّ يَمِينَهَا عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ تُبِينُ عِصْمَتَهَا وَتُخْرِجُهَا مِنْ الْعِدَّةِ، (قَالَ فِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ:) فَإِنْ أَرَادَ ارْتِجَاعَهَا وَقَالَتْ: " قَدْ انْقَضَتْ عِدَّتِي " كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا إذَا كَانَ قَدْ مَضَى مِنْ الْعِدَّةِ مَا يُشْبِهُ أَنْ تَحِيضَ فِيهِ ثَلَاثَ حِيَضٍ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ارْتِجَاعُهَا. (وَفِي طُرَرِ ابْنِ عَاتٍ) قَالَ ابْنُ الْهِنْدِيِّ وَفِي مَقَالَاتِ ابْنِ مُغِيثٍ مَعَ يَمِينِهَا. (وَفِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ أَيْضًا) وَإِنْ اسْتَبَانَ كَذِبُهَا لِقِصَرِ الْمُدَّةِ رَاجَعَهَا عَلَى مَا أَحَبَّتْ أَوْ كَرِهَتْ.
(وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ) : وَإِنْ قَالَتْ: " قَدْ انْقَضَتْ عِدَّتِي بِسُقُطٍ " قُبِلَ قَوْلُهَا وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الطَّلَاقِ بِيَوْمٍ، وَلَا يَمِينَ عَلَيْهَا، وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى تَكْذِيبِ الْجِيرَانِ لَهَا اهـ. وَمَا حَكَاهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ حَلِفِ الْمَرْأَةِ هُوَ الَّذِي حَكَاهُ ابْنُ مُغِيثٍ عَنْ ابْنِ الْهِنْدِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ، وَنَقَلَ الْمُتَيْطِيُّ أَنَّهَا تُصَدَّقُ بِلَا يَمِينٍ وَقَالَ: إنَّ الْعَمَلَ عَلَيْهِ.
وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ حَيْثُ قَالَ: وَصُدِّقَتْ فِي انْقِضَاءِ عِدَّةِ الْأَقْرَاءِ وَالْوَضْعِ بِلَا يَمِينٍ مَا أَمْكَن، وَلَعَلَّ الشَّيْخَ اعْتَمَدَ الْقَوْلَ بِيَمِينِهَا لِفَسَادِ الزَّمَانِ وَقِلَّةِ الْأَمَانِ.
وَلَا يُطَلِّقُ الْعَبِيدَ السَّيِّدُ
…
إلَّا الصَّغِيرَ مَعَ شَيْءٍ يُرْفَدُ
وَكَيْفَمَا شَاءَ الْكَبِيرُ طَلَّقَا
…
وَمُنْتَهَاهُ طَلْقَتَانِ مُطْلَقَا
لَكِنَّ فِي الرَّجْعِيِّ الْأَمْرَ بِيَدِهْ
…
دُونَ رِضَا وَلِيِّهَا وَسَيِّدِهْ
يَعْنِي أَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِ الْعَبْدِ لَا بِيَدِ سَيِّدِهِ، فَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُطَلِّقَ زَوْجَةَ عَبْدِهِ إلَّا إذَا كَانَ الْعَبْدُ صَغِيرًا عَقَدَ عَلَيْهِ سَيِّدُهُ فَلَهُ أَنْ يُطَلِّقَ عَلَيْهِ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَأْخُذَ لَهُ شَيْئًا يُرْفَدُ بِهِ أَيْ يُعَانُ بِهِ، وَعَلَى هَذَا نَبَّهَ بِالْبَيْتِ الْأَوَّلِ، فَقَوْلُهُ:" الْعَبِيدَ " مَنْصُوبٌ عَلَى إسْقَاطِ الْخَافِض أَيْ عَلَى الْعَبِيدِ ".
وَالسَّيِّدُ " فَاعِلُ " يُطَلِّقُ " " وَالصَّغِيرَ نَعْتٌ لِمَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: " الْعَبِيدَ " أَيْ إلَّا الْعَبْدَ الصَّغِيرَ فَلِسَيِّدِهِ أَنْ يُطَلِّقَ عَلَيْهِ بِالْخُلْعِ. وَقَوْلُهُ
وَكَيْفَمَا شَاءَ الْكَبِيرُ طَلَّقَا
الْبَيْتَ يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ الْكَبِيرَ يُطَلِّقُ كَيْفَمَا شَاءَ بِخُلْعٍ أَوْ بِغَيْرِهِ، وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ، إلَّا أَنَّ مُنْتَهَى طَلَاقِهِ طَلْقَتَانِ سَوَاءٌ أَوْقَعَهُمَا مَعًا فِي حَالَةِ رِقِّهِ أَوْ طَلَّقَ وَاحِدَةً فِي رِقِّهِ ثُمَّ عَتَقَ فَلَا تَبْقَى لَهُ إلَّا وَاحِدَةٌ.
وَأَمَّا إنْ لَمْ يُطَلِّقْ حَتَّى عَتَقَ فَهُوَ كَالْحُرِّ بِالْأَصَالَةِ يُطَلِّقُ ثَلَاثًا سَوَاءٌ كَانَتْ زَوْجَتُهُ حُرَّةً أَوْ أَمَةً لَيْسَ لَهُ إلَّا طَلْقَتَانِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مُعْتَبَرٌ بِالرِّجَالِ وَالْعِدَّةَ مُعْتَبَرَةٌ بِالنِّسَاءِ، وَسَوَاءٌ كَانَ رَقِيقًا كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ، وَعَلَى هَذِهِ الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ نَبَّهَ بِالْإِطْلَاقِ. وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ:" لَكِنَّ فِي الرَّجْعِيِّ " الْبَيْت إلَى أَنَّ الْعَبْدَ إذَا طَلَّقَ طَلَاقًا رَجْعِيًّا فَإِنَّ أَمْرَ الرَّجْعَةِ بِيَدِهِ إنْ شَاءَ رَاجَعَ أَوْ تَرَكَ، فَإِنْ رَاجَعَ فَلَا يَحْتَاجُ لِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَلَا لِإِذْنِ وَلِيِّهَا لِأَنَّ الْعِصْمَةَ الَّتِي أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِيهَا مَا زَالَتْ بِيَدِهِ وَلَيْسَتْ رَجْعَتُهَا ابْتِدَاءَ نِكَاحٍ حَتَّى يَحْتَاجَ إلَى إذْنِ سَيِّدِهِ وَوَلِيِّهَا. (قَالَ فِي الْمُنْتَخَبِ) : وَظَاهِرُهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ قُلْت لَهُ: أَيَجُوزُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُطَلِّقَ عَلَى عَبْدٍ امْرَأَتَهُ؟ قَالَ لَا؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِ الْعَبْدِ. قُلْت: فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ صَغِيرًا لَمْ يَبْلُغْ فَزَوَّجَهُ سَيِّدُهُ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَ عَلَيْهِ فَقَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ إلَّا بِشَيْءٍ يَأْخُذُهُ لَهُ فَيَكُونُ خُلْعًا.
(وَفِي النَّوَادِرِ) وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُبَارِئَ عَنْ عَبْدِهِ وَقَدْ نَكَحَ بِإِذْنِهِ حَتَّى يَرْضَى الْعَبْدُ. قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَيُزَوِّجُ عَبْدَهُ الصَّغِيرَ وَلَا يُطَلِّقُ عَلَيْهِ إلَّا بِشَيْءٍ يَأْخُذُهُ لَهُ كَالْيَتِيمِ الصَّغِيرِ.
(قَالَ ابْنُ الْحَارِثِ) : وَاتَّفَقُوا فِي الْعَبْدِ أَنَّ طَلَاقَهُ طَلْقَتَانِ. وَقَالَ فِي الْكَافِي: وَطَلَاقُ الْعَبْدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ طَلَاقِ الْحُرِّ
وَذَلِكَ طَلْقَتَانِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَتَبَعَّضُ فَإِذَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلْقَةً فِي حِينِ رِقِّهِ ثُمَّ عَتَقَ بَقِيَتْ لَهُ فِيهَا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ.
(وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي مُخْتَصَرِهِ) : وَجَمِيعُ طَلَاقِ الْعَبْدِ طَلْقَتَانِ لِأَنَّ اللَّهَ عز وجل قَدْ جَعَلَ حَدَّ الْأَرِقَّاءِ نِصْفَ حَدِّ الْأَحْرَارِ، وَالطَّلَاقُ وَالْعِدَّةُ مِنْ مَعَانِي الْحُدُودِ. (وَفِي النَّوَادِرِ مِنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ) وَكَذَلِكَ يَرْتَجِعُ الْعَبْدُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَلَا إذْنِ سَيِّدِ زَوْجَتِهِ اهـ
وَالْحُكْمُ فِي الْعَبِيدِ كَالْأَحْرَارِ
…
فِي غَايَةِ الزَّوْجَاتِ فِي الْمُخْتَارِ
يَعْنِي أَنَّ الْعَبِيدَ كَالْأَحْرَارِ فِي غَايَةِ الزَّوْجَاتِ، كَمَا أَنَّ غَايَتَهَا لِلْحُرِّ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ، وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. فِيهِ كَذَلِكَ غَايَتُهَا لِلْعَبْدِ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ أَيْضًا عَلَى الْمَشْهُورِ الْمُخْتَارِ، وَمُقَابِلُهُ لَا يَتَزَوَّجُ الْعَبْدُ إلَّا اثْنَتَيْنِ.
(قَالَ فِي الْمُقَرِّبِ) قُلْت لَهُ الْعَبْدُ كَمْ يَتَزَوَّجُ؟ فَقَالَ مَالِكٌ أَحْسَنُ مَا سَمِعْت فِيهِ أَنَّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَرْبَعًا. قُلْت لَهُ: إنْ شَاءَ إمَاءً وَإِنْ شَاءَ حَرَائِرَ؟ قَالَ نَعَمْ ذَلِكَ لَهُ. (وَفِي النَّوَادِرِ مِنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ) قَالَ مَالِكٌ وَلِلْعَبْدِ أَنْ يَنْكِحَ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ. وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْت، وَقَالَ رَبِيعَةُ قَالَهُ عَنْهُ أَشْهَبُ وَإِنْ كَانَ لَهُ حُرَّتَانِ وَمَمْلُوكَتَانِ فَذَلِكَ جَائِزٌ إنْ أَذِنَ لَهُ أَهْلُهُ. وَرَوَى عَنْهُ أَشْهَبُ فِي نِكَاحِ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ: إنَّا لَنَقُولُ ذَلِكَ وَمَا نَدْرِي مَا هُوَ. ثُمَّ قَالَ الشَّارِحُ: وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ اقْتِصَارَهُ عَلَى اثْنَيْنِ. وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالزَّائِدُ عَلَى أَرْبَعٍ مُمْتَنِعٌ لِلْحُرِّ وَالْعَبْدِ.
وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: الثَّالِثَةُ لِلْعَبْدِ كَالْخَامِسَةِ لِلْحُرِّ. (التَّوْضِيحَ) لَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي تَحْرِيمِ مَا زَادَ عَلَى أَرْبَعٍ لِحَدِيثِ غَيْلَانَ الثَّقَفِيِّ وَنَحْوِهِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُبْتَدِعَةِ، وَوَجْهُ الْمَشْهُورِ فِي إبَاحَةِ الْأَرْبَعِ لِلْعَبْدِ عُمُومُ قَوْله تَعَالَى {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: 3] وَقَاسَ ابْنُ وَهْبٍ ذَلِكَ عَلَى طَلَاقِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَنْشَأُ الْخِلَافِ اخْتِلَافَ الْأُصُولِيِّينَ فِي دُخُولِ الْعَبِيدِ تَحْتَ الْخِطَابِ وَعَدَمِ دُخُولِهِمْ اهـ.
وَمِنْ الذَّخِيرَةِ (تَمْهِيدٌ) لِلْعَبْدِ مَعَ الْحُرِّ أَرْبَعُ حَالَاتٍ التَّشْطِيرُ كَالْحُدُودِ، وَالْمُسَاوَاةُ كَالْعِبَادَاتِ، وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ كَعَدَدِ الزَّوْجَاتِ، وَأَجَلِ الْإِيلَاءِ، وَالْعُنَّةِ، وَالْمَفْقُودِ، وَحَدِّ الْقَذْفِ، فَعَلَى النِّصْفِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ وَقِيلَ بِالْمُسَاوَاةِ، وَسَقَطَ عَنْهُ وَاجِبٌ عَلَى الْحُرِّ كَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ اهـ
وَلَعَلَّهُ يَعْنِي بِالْعُنَّةِ الِاعْتِرَاضَ.
وَيَتْبَعُ الْأَوْلَادُ فِي اسْتِرْقَاقِ
…
لِلْأُمِّ لَا لِلْأَبِ فِي الْإِطْلَاقِ
وَكُسْوَةٌ لِحُرَّةٍ وَالنَّفَقَهْ
…
عَلَيْهِ وَالْخُلْفُ بِغَيْرِ الْمُعْتَقَهْ
وَلَيْسَ لَازِمًا لَهُ أَنْ يُنْفِقَا
…
عَلَى بَنِيهِ أَعْبُدًا أَوْ عَتَقَا
يَعْنِي أَنَّ الْأَوْلَادَ يَتْبَعُونَ أُمَّهُمْ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ، فَإِذَا كَانَتْ أُمُّهُمْ حُرَّةً فَهُمْ أَحْرَارٌ، وَإِنْ كَانَتْ أُمُّهُمْ مَمْلُوكَةً فَهُمْ أَرِقَّاءٌ سَوَاءٌ كَانُوا مِنْ نِكَاحٍ أَوْ مِنْ مِلْكِ الْيَمِينِ إذَا كَانَ أَبُوهُمْ قِنًّا، وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِالْإِطْلَاقِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
هَذَا إنْ كَانَ الْإِطْلَاقُ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ: " لِلْأُمِّ " وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ أَقْرَبُ أَنْ يَرْجِعَ لِقَوْلِهِ: " لَا لِلْأَبِ " أَيْ لَا يَتْبَعُونَ أَبَاهُمْ حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا، وَعَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْإِطْلَاقُ إذَا كَانُوا مِنْ مِلْكِ الْيَمِينِ وَأَبُوهُمْ حُرٌّ فَهُمْ أَحْرَارٌ وَلَا يَتْبَعُونَ أُمَّهُمْ فِي الرِّقِّ فَهِيَ وَإِنْ دَاخَلَتْهَا شَائِبَةُ الْحُرِّيَّةِ بِالْحَمْلِ مَنْ سَيِّدِهَا الْحَرِّ لَكِنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ كُلَّ مَنْ فِيهِ شَائِبَةُ رِقٍّ فَلَهُ حُكْمُ الرَّقِيقِ الْخَالِصِ.
فَإِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ امْرَأَةً فَأَوْلَادُهُ مَعَهَا تَابِعُونَ لَهَا فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ سَوَاءٌ كَانَ هُوَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا، وَإِنْ كَانُوا مِنْ مِلْكِ الْيَمِينِ وَأَبُوهُمْ عَبْدٌ فَهْم أَرِقَّاءٌ، كَمَا إذَا اشْتَرَى أَمَةً وَأَوْلَادَهَا فَأَوْلَادُهَا أَرِقَّاءٌ لِسَيِّدِهِ، وَإِنْ اشْتَرَى الْحُرُّ أَمَةً وَأَوْلَادُهَا مَعَهَا أَحْرَارٌ غَيْرُ تَابِعِينَ لِأُمِّهِمْ. فَتَلَخَّصَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْأَوْلَادَ إنْ كَانَتْ أُمُّهُمْ مَمْلُوكَةً لِأَبِيهِمْ فَهُمْ تَابِعُونَ لِأَبِيهِمْ.
وَإِنْ كَانَتْ أُمُّهُمْ زَوْجَةً لِأَبِيهِمْ فَهُمْ تَابِعُونَ لِأُمِّهِمْ، وَعَلَى هَذَا الطَّرَفِ الْأَخِيرِ تَكَلَّمَ النَّاظِمُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَالَ ابْن حَارِثٍ فِي أُصُولِ الْفُتْيَا) : قَالَ مُحَمَّدٌ أَصْلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ فِي الصَّبِيِّ أَنَّ حُكْمَهُ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ حُكْمُ أَبِيهِ إنْ كَانَ الْفِرَاشُ فِرَاشَ مِلْكِ الْيَمِينِ، وَإِنْ كَانَ فِرَاشَ نِكَاحٍ فَحُكْمُهُ حُكْمُ أُمِّهِ فِي رِقِّهَا وَحُرِّيَّتِهَا.
وَقَوْلُهُ: " وَكُسْوَةُ الْحُرَّةِ " الْبَيْتَ يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ إذَا تَزَوَّجَ حُرَّةً فَإِنَّ عَلَيْهِ نَفَقَتَهَا وَكُسْوَتَهَا كَالْحُرِّ، وَاخْتُلِفَ إنْ تَزَوَّجَ الْعَبْدُ أَمَةً فَقِيلَ ذَلِكَ