الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
، وَأَمَّا إنْ كَانَ الْعُدْوَانُ مِنْهَا فَإِنْ رَجَا الْحَاكِمُ إصْلَاحًا بِزَجْرِ الزَّوْجِ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِلَّا زَجَرَهَا هُوَ وَإِنْ كَانَ الْعُدْوَانُ مِنْهُمَا مَعًا فَإِنَّ الْإِمَام يَزْجُرُهُمَا (ابْنُ الْحَاجِبِ) فَإِنْ أَشْكَلَ وَلَا بَيِّنَةَ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْإِصْلَاحِ أَقَامَ الْحَاكِمُ أَوْ الزَّوْجَانِ، أَوْ مَنْ يَلِي عَلَيْهِمَا حَكَمَيْنِ ذَكَرَيْنِ حُرَّيْنِ عَدْلَيْنِ فَقِيهَيْنِ بِذَلِكَ حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ أَحَدُهُمَا، أَوْ كِلَاهُمَا فَمِنْ غَيْرِهِمَا وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَا جَارَيْنِ وَهُمَا حَكَمَانِ لَا وَكِيلَانِ عَلَى الْأَصَحِّ فَيَنْفُذُ طَلَاقُهُمَا مِنْ غَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ وَحُكْمِ الْحَاكِمِ وَعَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا فَإِنْ لَمْ يَقْدِرَا فَإِنْ كَانَ الْمُسِيءُ الزَّوْجَ فَرَّقَا بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَتْ الزَّوْجَةَ ائْتَمَنَاهُ عَلَيْهَا، أَوْ خَالَعَا لَهُ بِنَظَرِهِمَا وَإِنْ كَانَتْ مِنْهُمَا خَالَعَا لَهُ بِمَا يَخِفُّ فِي نَظَرِهِمَا اهـ فَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ فَإِنْ أَشْكَلَ وَلَا بَيِّنَةَ هِيَ مَسْأَلَةُ النَّاظِمِ (التَّوْضِيحُ) .
قَوْلُهُ وَلَا بَيِّنَةَ لِأَنَّهَا إنْ قَامَتْ لَهَا بَيِّنَةٌ أَنْ يَضْرِبَهَا كَانَ لَهَا أَنْ تُفَارِقَ فَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ إضْرَارَ صَاحِبِهِ زُجِرَا مَعًا فَإِنْ تَكَرَّرَ تَرْدَادُهُمَا أَمَرَهُ الْقَاضِي أَنْ يُسْكِنَهَا بَيْنَ قَوْمٍ صَالِحِينَ وَكَلَّفَهُمْ تَفَقُّدَ خَبَرِهِمَا اهـ.
يَعْنِي ثُمَّ يَنْظُرُ فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ الْإِسَاءَةُ مِنْهُ أَوْ مِنْهَا، أَوْ مِنْهُمَا أُجْرِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَقَوْلُ النَّاظِمِ يَمْضِي وَلَا
إعْذَارَ لِلزَّوْجَيْنِ فِيمَا فَعَلَا
قَالَ فِي (الْمُقَدِّمَاتِ) وَحُكْمُ الْحَاكِمِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ لَا إعْذَارَ فِيهِ لِأَحَدِهِمَا لِأَنَّهُمَا لَا يَحْكُمَانِ بِالشَّهَادَةِ الْقَاطِعَةِ وَإِنَّمَا يَحْكُمَانِ بِمَا خَلَصَ إلَيْهِمَا مَنْ عَلِمَ أَحْوَالَهُمَا بَعْدَ النَّظَرِ وَالْكَشْفِ اهـ.
[فَصْلٌ فِي الرَّضَاعِ]
ِ (ابْنُ عَرَفَةَ) الرَّضَاعُ عُرْفًا وُصُولُ لَبَنِ آدَمِيٍّ لِمَحِلٍّ مَظِنَّةَ غِذَاءٍ آخَرَ، ثُمَّ قَالَ لِتَحْرِيمِهِمْ بِالسُّعُوطِ وَالْحِقْنَةِ وَلَا دَلِيلَ إلَّا مُسَمَّى الرَّضَاعِ وَيُقَالُ الرَّضَاعُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا، وَكَذَا الرَّضَاعَةُ وَالرِّضَاعَةُ وَيُقَالُ رَضَعَ رَضْعًا وَهُوَ قِيَاسٌ وَيُقَالُ أَرْضَعْت إرْضَاعًا (الْجَوْهَرِيُّ) وَيُقَالُ رَضِعَ الصَّبِيُّ أُمّه يَرْضَعُهَا رَضَاعًا مِثْلُ سَمِعَ يَسْمَعُ سَمَاعًا وَأَهْلُ نَجْدٍ يَقُولُونَ رَضَعَ يَرْضِعُ رَضْعًا مِثْلُ ضَرَبَ يَضْرِبُ ضَرْبًا عِيَاضٌ وَأَرْضَعَتْهُ أُمُّهُ وَامْرَأَةٌ مُرْضِعٌ أَيْ لَهَا وَلَدٌ تَرْضِعُهُ فَإِنْ وَصَفْتهَا بِإِرْضَاعِ الْوَلَدِ قُلْت مُرْضِعَةً (قَالَ فِي الْكَافِيَةِ) :
وَمَا مِنْ الصِّفَاتِ بِالْأُنْثَى يَخُصْ
…
عَنْ تَاءٍ اسْتَغْنَى لِأَنَّ اللَّفْظَ نَصْ
وَحَيْثُ مَعْنَى الْفِعْلِ يَنْوِي التَّاء زِدْ
…
كَذِي غَدَتْ مُرْضِعَةً طِفْلًا وُلِدْ
وَحَاصِلُهُ إنَّهُ إذَا أُرِيدَ أَنَّهَا تُرْضِعُ بِالْقُوَّةِ فَيُجَرَّدُ مِنْ التَّاءِ وَإِنْ أُرِيدَ أَنَّهَا تُرْضِعُ بِالْفِعْلِ فَتَثْبُتُ التَّاءُ (التَّوْضِيحُ) .
وَذَكَرَ أَهْلُ اللُّغَةِ أَنَّهُ لَا يُقَالُ فِي لَبَنِ بَنَاتِ آدَمَ لَبَنٌ وَإِنَّمَا يُقَالُ فِيهِ لِبَانٌ وَاللَّبَنُ لِسَائِرِ الْحَيَوَانِ غَيْرِهِنَّ وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ كَثِيرًا خِلَافُ قَوْلِهِمْ اهـ.
وَكُلُّ مَنْ تَحْرُمُ شَرْعًا بِالنَّسَبْ
…
فَمِثْلُهَا مِنْ الرَّضَاعِ يُجْتَنَبْ
يَعْنِي أَنَّ كُلَّ امْرَأَةٍ حَرَّمَهَا الشَّرْعُ بِالنَّسَبِ كَالْأُمِّ وَالْبِنْتِ وَنَحْوِهِمَا فَإِنَّ مِثْلَهَا مِنْ الرَّضَاعِ حَرَامٌ أَيْضًا وَعَنْ حُرْمَتِهَا عَبَّرَ بِيَجْتَنِبُ لِأَنَّ الْحَرَامَ يَجِبُ اجْتِنَابُهُ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: 23] وَقَوْله صلى الله عليه وسلم «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهَا (قَالَ فِي التَّوْضِيحِ) وَالْمُحَرَّمَاتُ مِنْ النَّسَبِ سَبْعٌ الْأُمَّهَاتُ وَالْبَنَاتُ وَالْأَخَوَاتُ وَالْعَمَّاتُ وَالْخَالَاتُ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ فَإِنَّ الرَّضَاعِ كَالنَّسَبِ فَأُمُّك كُلُّ مَنْ أَرْضَعَتْك بِوَاسِطَةٍ، أَوْ بِغَيْرِهَا وَأُمَّهَاتُهَا وَبِنْتُك كُلُّ مَنْ أَرْضَعَتْهَا زَوْجَتُكَ بِلَبَنِك أَوْ أَرْضَعَتْهَا ابْنَتُك مِنْ نَسَبٍ، أَوْ رَضَاعٍ (قُلْت) ، وَكَذَا كُلُّ مَنْ أَرْضَعَتْهَا زَوْجَةُ ابْنِك مِنْ النَّسَبِ، أَوْ رَضَاعٍ (التَّوْضِيحُ) وَإِخْوَتُكَ كُلُّ مَنْ وَلَدَتْهُ مَنْ أَرْضَعَتْك، أَوْ وَلَدٌ لِفَحْلِهَا (قُلْت) ، وَكَذَا مَنْ أَرْضَعَهَا مَنْ أَرْضَعَتْك (التَّوْضِيحُ)
فَإِنْ أَتَى مِنْ أُمِّك وَفَحْلِهَا وَلَدٌ فَهُوَ أَخٌ شَقِيقٌ مِنْ الرَّضَاعِ وَإِنْ وُلِدَ لِأُمِّك مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ الْفَحْلِ فَهُوَ أَخٌ لِأُمِّك وَإِنْ وُلِدَ لِأَبِيك مِنْ غَيْرِ أُمِّك إمَّا مِنْ
زَوْجَةٍ أُخْرَى، أَوْ سُرِّيَّةٍ فَهُوَ أَخُوك لِأَبِيكِ وَأَخَوَاتُ الْفَحْلِ عَمَّاتٌ لِلرَّضَاعِ أَخَوَاتُ أُمِّ الرَّضِيعِ خَالَاتٌ لَهُ وَلَا يَخْفَى عَلَيْك بَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ اهـ.، وَكَذَا يَحْرُمُ بِالرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ بِالصَّهَرِ كَزَوْجَةِ الْأَبِ مِنْ الرَّضَاعِ وَزَوْجَةِ الِابْنِ مِنْ الرَّضَاعِ، وَكَذَا أُمِّ الزَّوْجَةِ مِنْ الرَّضَاعِ أَيْ مَنْ أَرْضَعَتْ زَوْجَتَك رَاجِعْ تَفْسِيرَ ابْنِ جُزَيٍّ وَالْكَوَاشِيُّ، وَكَذَا يُحَرَّمُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ مِنْ الرَّضَاعِ (ابْنُ سَلْمُونٍ) .
وَالرَّضَاعُ كَالنَّسَبِ فَيَحْرُمُ مِنْهُ مَا يَحْرُمُ مِنْ الْوِلَادَةِ إذَا أَرْضَعَتْ امْرَأَةٌ صَبِيًّا حُرِّمَتْ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا أُمُّهُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ جَمِيعُ بَنَاتِهَا الَّتِي أَرْضَعَتْهُنَّ قَبْلَهُ، أَوْ مَعَهُ، أَوْ بَعْدَهُ لِأَنَّهُنَّ أَخَوَاتُهُ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ قَرَابَتِهَا هُمْ مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ قَرَابَةِ أُمِّهِ مِنْ النَّسَبِ وَصَاحِبُ اللَّبَنِ بِمَنْزِلَةِ أَبِيهِ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَخَوَاتُهُ لِأَنَّهُنَّ عَمَّاتُهُ وَأُمُّهُ لِأَنَّهَا جَدَّتُهُ وَبَنَاتُهُ وَإِنْ كُنَّ مِنْ غَيْرِ تِلْكَ الْمَرْأَةِ الْمُرْضِعَةِ لِأَنَّهُنَّ أَخَوَاتٌ لِأَبِيهِ، وَكَذَا سَائِرُ قَرَابَتِهِ هُمْ بِمَنْزِلَةِ قَرَابَةِ أَبِيهِ مِنْ النَّسَبِ وَقِسْ عَلَى ذَلِكَ وَجَوَّزَ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَخُو الطِّفْلِ الْمُرْضَعِ مِنْ النَّسَبِ أُخْتَهُ وَأُمَّهُ مِنْ الرَّضَاعِ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ وَإِنَّمَا يُقَدَّرُ الطِّفْلُ الْمُرْضَعُ خَاصَّةَ وَلَدًا لِصَاحِبَةِ اللَّبَنِ وَلِصَاحِبِهِ.
وَالرَّضَاعُ الَّذِي يُحَرِّمُ هُوَ مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ وَمَا قَارَبَهُمَا كَالشَّهْرِ وَالشَّهْرَيْنِ فَإِنْ فُطِمَ فِي نَفْسِ الْحَوْلَيْنِ أَوْ بَعْدَهُمَا وَاسْتَغْنَى بِالطَّعَامِ، ثُمَّ وَقَعَ الرَّضَاعُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَلَا يَحْرُمُ اهـ (ابْنُ الْحَاجِبِ) يَحْرُمُ بِالرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ بِالنَّسَبِ فَيُقَدَّرُ الطِّفْلُ خَاصَّةً وَلَدًا لِصَاحِبِهِ اللَّبَنِ وَلِصَاحِبِهِ إنْ كَانَ فَلِذَلِكَ جَازَ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَخُوهُ نَسَبًا أُخْتَهُ وَأُمَّهُ مِنْ الرَّضَاعِ (ابْنُ الْعَطَّارِ) وَتَفْسِيرُ مَا يَحْرُمُ وَيَحِلُّ مِنْ ذَلِكَ أَنْ تَنْظُرَ فَإِنْ كَانَ الْخَاطِبُ لَمْ يَرْضَعْ أُمَّ الْمَخْطُوبَةِ وَلَا رَضَعَتْ الْمَخْطُوبَةُ أُمَّهُ وَلَا أَرْضَعَتْهُمَا امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أُمًّا لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَا أُرْضِعَا لَبَنَ فَحْلٍ وَاحِدٍ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْمَرَاضِعُ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ لِرَجُلٍ امْرَأَتَانِ فَتُرْضِعُ وَاحِدَةٌ صَبِيًّا وَالْأُخْرَى صَبِيَّةً، فَلَا يَتَنَاكَحَانِ وَمَا عَدَا ذَلِكَ، فَلَا بَأْسَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ اهـ مِنْ الْمَوَّاقِ (قُلْت) ، وَهَذَا الضَّابِطُ إنَّمَا يَشْمَلُ الْأُخْتَ مِنْ الرَّضَاعِ خَاصَّةً دُونَ مَنْ عَدَاهَا مِمَّنْ يُحَرِّمُ الرَّضَاعُ بِتَحْرِيمِ نَظِيرِهِ مِنْ النَّسَبِ تَنْبِيهٌ ابْنُ عَرَفَةَ قَالَ تَقِيُّ الدِّينِ يُسْتَثْنَى مِنْ عُمُومِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» جُمْلَةُ نِسْوَةٍ وَيَحْرُمْنَ مِنْ النَّسَبِ وَقَدْ لَا يَحْرُمْنَ مِنْ الرَّضَاعِ (الْأُولَى) أُمُّ أَخِيك وَأُخْتِك مِنْ النَّسَبِ هِيَ أُمُّك، أَوْ زَوْجَةُ أَبِيك كِلْتَاهُمَا حَرَامٌ عَلَيْك بِخِلَافِ مُرْضِعَةِ أَخِيك، أَوْ أُخْتِك.
(الثَّالِثَةُ) أُمُّ وَلَدِ وَلَدِك هِيَ مِنْ النَّسَبِ حَلِيلَةُ وَلَدِك بِخِلَافِ مُرْضِعَةِ وَلَدِ وَلَدِك، وَكَذَلِكَ جَدَّةُ وَلَدِك هِيَ مِنْ النَّسَبِ أُمُّك، أَوْ أُمُّ زَوْجَتِك كِلْتَاهُمَا حَرَامٌ عَلَيْك بِخِلَافِ مُرْضِعَةِ وَلَدِك، وَكَذَلِكَ أُخْتُ وَلَدِك هِيَ مِنْ النَّسَبِ بِنْتُك، أَوْ رَبِيبَتُك كِلْتَاهُمَا حَرَامٌ عَلَيْك بِخِلَافِ أُخْتِ وَلَدِك مِنْ الرَّضَاعِ، وَكَذَلِكَ أُمُّ خَالِك وَخَالَتِك وَأُمُّ عَمِّك وَعَمَّتِك هِيَ مِنْ النَّسَبِ جَدَّتُك لِلْأُمِّ، أَوْ حَلِيلَةُ وَالِدِ أُمِّك كِلْتَاهُمَا حَرَامٌ عَلَيْك بِخِلَافِهِمَا مِنْ الرَّضَاعِ (قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ) هَذَا مِنْ تَقِيِّ الدِّينِ مَعَ جَلَالَةِ قَدْرِهِ وَحُلُولِهِ بِالْمَنْزِلَةِ الرَّفِيعَةِ فِي الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ غَلَطٌ وَاضِحٌ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْعَامِّ بِغَيْرِ أَدَاتِهِ وَهُوَ التَّخْصِيصُ إنَّمَا هُوَ فِيمَا انْدَرَجَ تَحْتَ الْعَامِّ فِيمَا لَمْ يَنْدَرِجْ تَحْتَهُ وَالْعَامُّ فِي مَسْأَلَتِنَا هُوَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ وَالنِّسْوَةُ الْمَذْكُورَات الْمُدَّعَى تَخْصِيصُ الْعَامِّ الْمَذْكُورِ بِهِنَّ لَا شَيْءَ مِنْهُنَّ مُنْدَرِجٌ تَحْتَ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ بِحَالٍ وَلَا أَعْلَمُ مَنْ ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسَائِلَ عَلَى أَنَّهَا مُخَصِّصَةٌ لِلْحَدِيثِ كَمَا زَعَمَ وَإِنَّمَا أَشَارَ ابْنُ رُشْدٍ إلَى بَيَانِ اخْتِلَافِ حُكْمِ مُسَمَّى اللَّفْظِ الْإِضَافِيِّ اُنْظُرْ الْمُقَدِّمَاتِ.
فَإِنْ أَقَرَّ الزَّوْجُ بِالرَّضَاعِ
…
فَهُوَ إلَى فَسْخِ النِّكَاح دَاعِ
وَيَلْزَمُ الصَّدَاقُ بِالْبِنَاءِ
…
وَنِصْفُهُ مِنْ قَبْلِ الِابْتِنَاءِ
كَذَاك بِالْإِقْرَارِ مِنْهُمَا مَعَا
…
لَا بِاعْتِرَافِ زَوْجَةٍ إنْ وَقَعَا
يَعْنِي أَنَّ مَنْ كَانَ مُتَزَوِّجًا لِامْرَأَةٍ، ثُمَّ ثَبَتَ أَنَّهَا أُخْتُهُ، أَوْ بِنْتُ أَخُوهُ مَثَلًا مِنْ الرَّضَاعِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الثُّبُوتُ بِبَيِّنَةٍ فَالْحُكْمُ ظَاهِرٌ وَهُوَ أَنَّ النِّكَاحَ يُفْسَخُ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ إنْ كَانَ الْفَسْخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ، فَلَا شَيْءَ فِيهِ عَلَى الزَّوْجِ وَإِنْ كَانَ بَعْدُ فَعَلَيْهِ الصَّدَاقُ كَامِلًا بِالْمَسِيسِ عَلَى قَاعِدَةِ الْأَنْكِحَةُ الْفَاسِدَةُ تُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ، أَوْ بَعْدَهُ، وَهَذَا أَعْنِي ثُبُوتَ الرَّضَاعِ بِالْبَيِّنَةِ هُوَ الْآتِي فِي الْبَيْتِ بَعْدَ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ فِي قَوْلِهِ
وَيُفْسَخُ النِّكَاحُ بِالْعَدْلَيْنِ
…
بِصِحَّةِ الْإِرْضَاعِ شَاهِدَيْنِ
وَإِنَّمَا قَدَّمْتُهُ تَوْطِئَةً لِمَسْأَلَةِ النَّاظِمِ هُنَا وَهِيَ ثُبُوتُ الرَّضَاعِ بِالْإِقْرَارِ، ثُمَّ الْمُقِرُّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الزَّوْجَيْنِ مَعًا، أَوْ الزَّوْجَ فَقَطْ أَوْ الزَّوْجَةَ فَقَطْ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ وَإِلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ
كَذَاك بِالْإِقْرَارِ مِنْهُمَا مَعَا
فَالتَّشْبِيهُ رَاجِعٌ لِلْحُكْمِ السَّابِقِ وَهُوَ فَسْخُ النِّكَاحِ فَقَطْ لَا إلَى مَا وَرَاءَ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْإِقْرَارُ مِنْهُمَا مَعًا، فَلَا شَيْءَ فِيهِ لِلزَّوْجَةِ إنْ فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَفِيهِ الْمُسَمَّى إنْ فُسِخَ بَعْدَهُ بِخِلَافِ إقْرَارِ الزَّوْجِ الْمَذْكُورِ قَبْلَهُ فَإِنَّهُ كَالطَّلَاقِ وَإِلَى هَذَا الْوَجْهِ أَشَارَ ابْنُ الْحَاجِبِ بِقَوْلِهِ وَإِذَا اتَّفَقَ الزَّوْجَانِ عَلَى الرَّضَاعِ فُسِخَ وَلَا صَدَاقَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَهَا الْمُسَمَّى بَعْدَهُ (التَّوْضِيحُ) وَحَمَلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلَهَا الْمُسَمَّى بَعْدَهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَكُنْ عَالِمَةً قَالَ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ عَالِمَةً حِينَ الْعَقْدِ فَيَسْقُطُ جَمِيعُ الْمُسَمَّى إلَّا رُبْعَ دِينَارٍ إنْ لَمْ يَكُنِ الزَّوْجُ حِينَ الْعَقْدِ وَالدُّخُولِ عَالِمًا وَكَانَتْ كَالْغَارَّةِ قَالُوا وَلَهَا رُبْعُ دِينَارٍ اهـ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ لَهَا الْمُسَمَّى عَلَى حَمْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إذَا لَمْ تَكُنِ الزَّوْجَةُ عَالِمَةً بِالرَّضَاعِ حِينَ الْعَقْدِ أَمَّا إنْ عَلِمَتْ فَلَيْسَ لَهَا إلَّا رُبْعُ دِينَارٍ إذَا كَانَ الزَّوْجُ غَيْرَ عَالِمٍ، ثُمَّ أَشَارَ النَّاظِمُ إلَى الْوَجْهِ الثَّانِي وَهُوَ مَا إذَا أَقَرَّ الزَّوْجُ فَقَطْ بِقَوْلِهِ
فَإِنْ أَقَرَّ الزَّوْجُ بِالرَّضَاعِ
الْبَيْتَيْنِ وَذَكَرَ أَنَّ الْحُكْمَ فِيهِ فَسْخُ النِّكَاحِ فَإِنْ فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَفِيهِ نِصْفُ الصَّدَاقِ لِتُهْمَةِ أَنْ يَكُونَ إقْرَارُهُ لِيَسْقُطَ عَنْهُ نِصْفُ الصَّدَاقِ وَإِنْ فُسِخَ بَعْدَهُ فَفِيهِ الْمُسَمَّى كَامِلًا وَإِلَى هَذَا الْوَجْهِ أَشَارَ ابْنُ الْحَاجِبِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ ادَّعَاهُ فَأَنْكَرَتْ أُخِذَ بِإِقْرَارِهِ وَلَهَا نِصْفُهُ (التَّوْضِيحُ) أُخِذَ بِإِقْرَارِهِ أَيْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا لِإِقْرَارِهِ بِذَلِكَ كَالطَّلَاقِ فَلِذَلِكَ كَانَ لَهَا نِصْفُهُ إنْ كَانَ إقْرَارُهُ بِذَلِكَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَجَمِيعُهُ إنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَهُ اهـ، ثُمَّ أَشَارَ إلَى الْوَجْهِ الثَّالِثِ وَهُوَ مَا إذَا أَقَرَّتْ الزَّوْجَةُ فَقَطْ بِقَوْلِهِ
لَا بِاعْتِرَافِ زَوْجَةٍ إنْ وَقَعَا
أَيْ لَا يُفْسَخُ النِّكَاحُ بِإِقْرَارِهَا وَحْدَهَا وَإِلَى هَذَا الْوَجْهِ أَشَارَ ابْنُ الْحَاجِبِ بِقَوْلِهِ فَإِنْ ادَّعَتْهُ فَأَنْكَرَهُ لَمْ يَنْدَفِعْ وَلَا تَقْدِرُ عَلَى طَلَبِ الْمَهْرِ قَبْلَ الدُّخُولِ (التَّوْضِيحُ) .
يَعْنِي إذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهُمَا أَخَوَانِ مِنْ الرَّضَاعِ وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ ذَلِكَ لَمْ يُسْمَعْ مِنْهَا ذَلِكَ لِأَنَّهَا تُتَّهَمُ عَلَى فَسْخِ النِّكَاحِ، فَلَا يُفْسَخُ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ لَمْ يَنْدَفِعْ وَلَا تَقْدِرُ عَلَى طَلَبِ الْمَهْرِ وَلَا شَيْءَ مِنْهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ لِإِقْرَارِهَا بِفَسَادِ الْعُقْدَةِ اهـ يَعْنِي بَعْدَ كَوْنِ النِّكَاحِ لَا يُفْسَخُ فَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْهَا، فَلَا إشْكَالَ وَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ فَلَهَا صَدَاقُهَا وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ، فَلَا شَيْءَ لَهَا لِإِقْرَارِهَا بِفَسَادِ الْعُقْدَةِ فَيَكُونُ كَالْفَسْخِ قَبْلَ الْبِنَاءِ.
(فَرْعٌ) فَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى إقْرَارِ أَحَدِهِمَا قَبْلَ الْعَقْدِ فُسِخَ النِّكَاحُ قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَفِي الشَّارِحِ فِي سِيَاقِ كَلَامِ الْمُتَيْطِيُّ وَلَوْ ثَبَتَ إقْرَارُهُمَا، أَوْ أَحَدُهُمَا بِذَلِكَ قَبْلَ النِّكَاحِ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ مِنْ الْمَهْرِ شَيْءٌ وَيَسْقُطُ عَنْهُ نِصْفُ الصَّدَاقِ إنْ وَقَعَ الْفَسْخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُقِرَّ دُونَهَا لِأَنَّهُ لَا تُهْمَةَ فِي ذَلِكَ اهـ.
وَيُفْسَخُ النِّكَاحُ بِالْعَدْلَيْنِ
…
بِصِحَّةِ الْإِرْضَاعِ شَاهِدَيْنِ
وَبِاثْنَتَيْنِ إنْ يَكُنْ قَوْلُهُمَا
…
مِنْ قَبْلِ عَقْدٍ قَدْ فَشَا وَعُلِمَا
وَرَجُلٌ وَامْرَأَةٌ كَذَا وَفِي
…
وَاحِدَةٍ خُلْفٌ وَفِي الْأُولَى اُقْتُفِيَ
يَعْنِي أَنَّ النِّكَاحَ يُفْسَخُ إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَدْلَانِ بِصِحَّةِ الرَّضَاعِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَأَنَّهَا مِمَّنْ لَا تَحِلُّ لَهُ، وَكَذَلِكَ يُفْسَخُ بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ بِذَلِكَ لَكِنْ إنْ فَشَا ذَلِكَ وَعُلِمَ وَشَاعَ مِنْ قَوْلِهِمَا قَبْلَ عَقْدِ النِّكَاحِ وَعَلَى هَذَا نَبَّهَ بِالْبَيْتَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ:
وَقَوْلُهُ وَرَجُلٌ وَامْرَأَةٌ كَذَا هُوَ مَرْفُوعٌ بِالِابْتِدَاءِ عَلَى حَذْفِ