المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب النكاح وما يتعلق به] - شرح ميارة = الإتقان والإحكام في شرح تحفة الحكام - جـ ١

[ميارة]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَةُ الْكِتَابِ]

- ‌[بَابُ الْقَضَاءِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَعْرِفَةِ أَرْكَانِ الْقَضَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي رَفْعِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَمَا يُلْحَقُ بِذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مِنْ الْقَضَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمَقَالِ وَالْجَوَابِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْآجَالِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِعْذَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خِطَابِ الْقُضَاةِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ]

- ‌[بَابُ الشُّهُودِ وَأَنْوَاعِ الشَّهَادَاتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ مَسَائِلُ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ مِمَّا يَتَكَرَّرُ وُقُوعُهُ غَالِبًا]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَنْوَاعِ الشَّهَادَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ الشَّهَادَةُ الَّتِي تُوجِبُ الْحَقَّ مَعَ الْيَمِينِ]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ أَقْسَامِ الشَّهَادَةِ وَهِيَ الَّتِي تُوجِبُ الْحَقَّ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَا يُوجِبُ الْيَمِينَ لَا عَلَى الطَّالِبِ بَلْ عَلَى الْمَطْلُوبِ]

- ‌[فَصْلٌ الشَّهَادَةُ الَّتِي لَا عَمَلَ لَهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مِنْ الشَّهَادَةِ]

- ‌[بَابُ الْيَمِينِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[بَابُ الرَّهْنِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَرَاهِنَيْنِ]

- ‌[بَابُ الضَّمَانِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[بَابُ الْوَكَالَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَدَاعِي الْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلِ]

- ‌[بَابُ الصُّلْحِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ وَلِلْأَبِ الصُّلْحُ عَلَى الْمَحْجُورِ]

- ‌[بَابُ النِّكَاحِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَوْلِيَاءِ وَمَا يَتَرَتَّبُ فِي الْوِلَايَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَنْ لَهُ الْإِجْبَارُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ فَاسِدِ النِّكَاحِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مِنْ النِّكَاحِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَدَاعِي الزَّوْجَيْنِ وَمَا يَلْحَقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْقَبْضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُهْدِيهِ الزَّوْجُ ثُمَّ يَقَعُ الطَّلَاقُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الشُّوَارِ الْمُورَدِ بَيْتَ الْبِنَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي إثْبَاتِ الضَّرَرِ وَالْقِيَامِ بِهِ وَبَعْثِ الْحَكَمَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الرَّضَاعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي عُيُوبِ الزَّوْجَيْنِ وَمَا يُرَدَّانِ بِهِ مِنْهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اللِّعَانِ]

- ‌[بَابُ الطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ الْخُلْع]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَيْمَانِ اللَّازِمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّدَاعِي فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا ثُمَّ أَرَادَ الْعَوْدَ لِلزَّوْجِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الرَّجْعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْفَسْخِ]

- ‌[بَابُ النَّفَقَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّدَاعِي فِي النَّفَقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَجِبُ لِلْمُطَلَّقَاتِ وَغَيْرِهِنَّ مِنْ النَّفَقَةِ وَمَا يُلْحَقُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الطَّلَاقِ بِالْإِعْسَارِ بِالنَّفَقَةِ وَمَا يُلْحَقُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْمَفْقُودِينَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَضَانَةِ]

- ‌[بَابٌ فِي الْبُيُوعِ وَمَا شَاكَلَهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْأُصُولِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْعُرُوضِ مِنْ الثِّيَابِ وَسَائِرِ السِّلَعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الطَّعَامِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ النَّقْدَيْنِ وَالْحُلِيِّ وَشِبْهِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الثِّمَارِ وَمَا يُلْحَقُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجَائِحَةِ فِي الثِّمَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الرَّقِيقِ وَسَائِرِ الْحَيَوَانِ]

- ‌[فَصْلٌ كِلَابَ الْمَاشِيَةِ يَجُوزُ بَيْعُهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الدَّيْنِ وَالْمُقَاصَّةِ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَوَالَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ وَالثُّنْيَا]

الفصل: ‌[باب النكاح وما يتعلق به]

يَجُوزُ التَّحْلِيلُ فِي الدَّعْوَى الْمَجْهُولَةِ عَلَى مَا نَصَّهُ أَهْلُ الْوَثَائِقِ اهـ قَالَ رحمه الله

وَالصُّلْحُ فِي الْكَالِئِ حَيْثُ حَلَّا

بِالصَّرْفِ فِي الْعَيْنِ لِزَوْجٍ حَلَّا

يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلزَّوْجِ أَنْ يُصَالِحَ عَنْ كَالِئِ الزَّوْجَةِ الَّذِي فِي ذِمَّتِهِ إذَا حَلَّ أَجَلُهُ، وَكَذَا إنْ حَلَّ بَعْضُهُ جَازَ الصُّلْحُ عَنْ ذَلِكَ الْبَعْضِ، فَيُصَالِحُ بِدَنَانِيرَ إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَرَاهِمُ أَوْ بِالدَّرَاهِمِ إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَنَانِيرُ. أَمَّا أَنْ يَحِلَّ أَجَلُهُ فَلَا يَجُوزُ الصُّلْحُ الْمَذْكُورُ.

(قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ) : وَصُلْحُ الرَّجُلِ زَوْجَتَهُ عَنْ كَالِئِهَا إذَا كَانَ دَنَانِيرَ بِدَرَاهِمَ أَوْ بِالْعَكْسِ جَائِزٌ إذَا كَانَ حَالًّا أَوْ كَانَ مُنْكِرًا لَهُ. فَإِنْ كَانَ مُؤَخَّرًا فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ هُوَ يَدَّعِي التَّأْخِيرَ وَالزَّوْجَةُ تَدَّعِي حُلُولَهُ لِأَنَّهُ صَرْفٌ مُسْتَأْخَرٌ فِي حَقِّ الزَّوْجِ وَيَجُوزُ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِ أَصْبَغَ اهـ.

[بَابُ النِّكَاحِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

ِ حَدَّدَهُ الْإِمَامُ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ النِّكَاحُ عَقْدٌ عَلَى مُجَرَّدِ مُتْعَةِ التَّلَذُّذِ بِآدَمِيَّةٍ غَيْرُ مُوجِبٍ قِيمَتَهَا بِبَيِّنَةِ قَبْلَهُ غَيْرُ عَالِمٍ عَاقِدُهَا حُرْمَتَهَا إنْ حَرَّمَهَا الْكِتَابُ عَلَى الْمَشْهُورِ أَوْ الْإِجْمَاعِ عَلَى الْآخِرِ قَالَ شَارِحُ الْحُدُودِ الْإِمَامُ الرَّصَّاعُ قَوْلُهُ عَقْدٍ عَبَّرَ بِالْعَقْدِ لِأَنَّ النِّكَاحَ فِيهِ إيجَابٌ وَقَبُولٌ مِنْ جَانِبَيْنِ وَالْعَقْدُ فِيهِ لُزُومُ الْعَاقِدِ عَلَى نَفْسِهِ أَمْرًا مِنْ الْأُمُورِ وَأَصْلِ الْعَقْدِ فِي اللُّغَةِ الرَّبْطِ وَمِنْهُ عَقَدَ إزَارَهُ وَقَدْ يُسْتَعَارُ لِلْمَعَانِي أَيْ كَهَذَا وَقَوْلُهُ عَلَى مُجَرَّدٍ هُوَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ وَهُوَ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ جَرَّدَ وَهُوَ صِفَةٌ قَبْلَ الْإِضَافَةِ لِلْمُتْعَةِ أَيْ الْمُتْعَةُ الْمُجَرَّدَةُ بِمَعْنَى أَنَّهَا الْمَقْصُودَةُ مِنْ غَيْرِ إضَافَةِ شَيْءٍ إلَيْهَا وَاحْتُرِزَ بِهِ مِنْ الْعَقْدِ عَلَى الْمَنَافِعِ

وَهُوَ الْإِجَارَةُ وَالْكِرَاءُ وَعَلَى الذَّوَات وَهُوَ الْبَيْعُ وَالْمُتْعَةُ مَعْلُومَةٌ مَشْهُورَةٌ فَلِذَلِكَ عُرِفَ بِهَا وَهِيَ التَّلَذُّذُ وَالتَّمَتُّعُ أَعَمُّ مِنْ التَّلَذُّذِ لِأَنَّ التَّمَتُّعَ يَكُونُ حِسِّيًّا وَمَعْنَوِيًّا كَتَمَتُّعِ الْجَاهِ وَالْوِلَايَةِ وَتَمَتُّعِ الرُّكُوبِ وَالْأَكْلِ وَالْمُقَدِّمَات وَالتَّلَذُّذُ يَكُونُ بِالْأُمُورِ الْحِسِّيَّةِ ثُمَّ أَخْرَجَ الْأُمُورَ الْمَعْنَوِيَّةَ بِقَوْلِهِ التَّلَذُّذُ ثُمَّ أَخْرَجَ مِنْ الْحِسِّيَّةِ التَّلَذُّذَ بِالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ بِقَوْلِهِ بِآدَمِيَّةٍ وَزَعَمَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ أَنَّهُ أَخْرَجَ بِهِ الْعَقْدَ عَلَى الْجِنِّيَّةِ وَفِيهِ عِنْدِي بَعْدَ قَوْلِهِ غَيْرِ مُوجِبٍ قِيمَتَهَا أَخْرَجَ بِهِ تَحْلِيلَ الْأَمَةِ إذَا وَقَعَ بِبَيِّنَةِ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ عَقَدَ عَلَى مُجَرَّدِ التَّلَذُّذِ بِآدَمِيَّةٍ بِبَيِّنَةٍ لَكِنَّهُ يُوجِبُ ذَلِكَ التَّلَذُّذُ قِيمَةَ الْآدَمِيَّةِ وَالْقِيمَةُ فِي الْمُحَلَّلَةِ تَجِبُ بِالتَّلَذُّذِ وَقِيلَ بِالْغَيْبَةِ عَلَى الْمُحَلَّلَةِ وَإِطْلَاقُ مُتْعَةِ التَّلَذُّذِ يُوجِبُ إدْخَالَ نِكَاحِ الْخَصِيّ وَالْمَجْبُوبِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَوْلُهُ بِبَيِّنَةٍ حَالٌ مِنْ التَّلَذُّذِ مَعْنَاهُ فِي حَالِ كَوْنِ التَّلَذُّذِ يَكُونُ بِبَيِّنَةٍ قَبْلَ وُجُودِهِ أَخْرَجَ بِهِ صُوَرَ الزِّنَا اهـ.

(وَكَتَبَ) عَلَيْهِ شَيْخُنَا سَيِّدِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْوَاحِدِ ابْنُ عَاشِرٍ رحمه الله أَعْنِي عَلَى قَوْلِ الرَّصَّاعِ بِبَيِّنَةٍ حَالٌ مِنْ التَّلَذُّذِ مَا نَصُّهُ هَذَا كَلَامٌ غَيْرُ وَاضِحٍ فَإِنَّ الْمُفْتَقِرَ لِلْبَيِّنَةِ هُوَ الْعَقْدُ لَا التَّلَذُّذُ اهـ.

(ثُمَّ قَالَ الرَّصَّاعُ) قَوْلُهُ غَيْرُ عَالِمٍ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونُ حَالًا مِنْ الْمُتْعَةِ وَهُوَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ عَقْدٌ عَلَى الْمُتْعَةِ بِآدَمِيَّةٍ فِي حَالِ كَوْنِ الْمُتْعَةِ غَيْرَ عَالِمٍ عَاقِدُهَا حُرْمَتَهَا فَهِيَ حَالٌ جَرَتْ عَلَى غَيْرِ مَنْ هِيَ لَهُ وَيُحْتَمَلُ غَيْرُ بِالرَّفْعِ عَلَى الصِّفَةِ وَهُوَ الَّذِي يَنْطِقُ بِهِ كَثِيرٌ مِنْ الشُّيُوخِ وَأَخْرَجَ بِهِ صُورَةَ الْعَقْدِ عَلَى آدَمِيَّةٍ بِالْقُيُودِ الْمَذْكُورَةِ وَالْعَاقِدُ عَالِمٌ بِتَحْرِيمِ الْمُتْعَةِ بِتِلْكَ الْآدَمِيَّةِ كَالْعَقْدِ عَلَى الْأُخْتِ وَالْعَمَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمُحَرَّمَات فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِنِكَاحٍ بَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ الزِّنَا وَالسِّفَاحِ فَلَا يُلْحَقُ فِيهِ وَلَدٌ وَلَا يُدْرَأُ فِيهِ الْحَدُّ لِقُوَّةِ الدَّلِيلِ عَلَى التَّحْرِيمِ هَذَا عَلَى الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ فِي أَنَّ ذَلِكَ مَقْصُورٌ عَلَى مَا حُرِّمَتْ الْمُتْعَةُ فِيهِ بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَلِذَلِكَ قَالَ إنْ حَرَّمَهَا الْكِتَابُ عَلَى الْمَشْهُورِ.

ثُمَّ أَشَارَ إلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُقْتَصَرُ فِيهِ عَلَى تَحْرِيمِ الْكِتَابِ بَلْ ذَلِكَ عَامٌّ فِيمَا وَقَعَ تَحْرِيمُهُ بِالْكِتَابِ أَوْ بِغَيْرِهِ وَهُوَ أَعَمَّ وَأَشْمَلُ مِمَّا حَرَّمَهُ الْكِتَابُ وَحْدَهُ مِمَّا عُدِّدَ فِي كِتَابِ

ص: 152

اللَّهِ تَعَالَى وَلِذَلِكَ قَالَ الْإِجْمَاعُ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْكِتَابِ أَيْ أَوْ مَا حَرَّمَهُ الْإِجْمَاعُ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ وَهُمَا طَرِيقَانِ مَشْهُورَانِ فِي الْمَذْهَبِ بَنَوْا عَلَيْهِمْ مَسَائِل فِي النِّكَاحِ وَالزِّنَا كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي مَحِلِّهِ وَلِنَذْكُر مَا تَمَسُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ فِي فَهْمِ رَسْمِهِ مِثَالُ ذَلِكَ إذَا جَمَعَ بَيْن الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا أَوْ نَكَحَ نِكَاحَ مُتْعَةٍ عَالِمًا بِتَحْرِيمِ ذَلِكَ فَهَلْ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ نِكَاحٌ يَثْبُتُ فِيهِ لَوَازِمُ النِّكَاحِ أَوْ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمُ الزِّنَا قَوْلَانِ الْمَشْهُورُ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ النِّكَاحِ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الزِّنَا فَالْأَوَّلُ يَقُولُ بِعَدَمِ حَدِّهِ وَبِإِلْحَاقِ الْوَلَدِ بِهِ وَالثَّانِي عَكْسُهُ فَالْأَوَّلُ يُرَاعِي الْمُحَرَّمَاتِ بِالْكِتَابِ فَقَطْ وَمَا حُرِّمَ بِالسُّنَّةِ لَا يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ ذَلِكَ الثَّانِي يُرَاعِي مَا يَعُمُّ ذَلِكَ فَإِذَا صَحَّ وَجَبَ أَنْ يَقُولَ الشَّيْخُ أَوْ الْإِجْمَاعُ كَمَا تَقَدَّمَ وَقِيلَ إنَّمَا صَوَابُهُ بِالْوَاوِ وَقِيلَ أَصْلُهُ أَوْ وَالْإِجْمَاعُ بِزِيَادَةِ وَاوٍ بَعْدَ أَوْ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَا يَقُولُ بِالثَّانِي وَالثَّانِي يَقُولُ بِالْأَوَّلِ وَيَزِيدُ عَلَيْهِ وَذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ مَعَ الْوَاوِ

وَبِاعْتِبَارِ النَّاكِحِ النِّكَاحُ

وَاجِبٌ أَوْ مَنْدُوبٌ أَوْ مُبَاحُ

يَعْنِي أَنَّ حُكْمَ النِّكَاحِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النَّاكِحِ فَتَعْرِضُ لَهُ أَحْكَامُ الشَّرِيعَةِ الْخَمْسَةِ إلَّا أَنَّ النَّاظِمَ لَمْ يَذْكُرْ الْمَكْرُوهَ وَالْحَرَامَ (قَالَ فِي التَّوْضِيحِ) وَحُكْمُ النِّكَاحِ النَّدْبُ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ وَقَدْ يَجِبُ عَلَى مَنْ لَا يَنْفَكُّ عَنْ الزِّنَا إلَّا بِهِ وَيُكْرَهُ فِي حَقِّ مَنْ لَا يَشْتَهِيهِ وَيَنْقَطِعُ بِهِ عَنْ عِبَادَتِهِ (وَفِي الْمُقْنِعِ لِابْنِ بَطَّالٍ) يُكْرَهُ لِمَنْ لَا يَجِدُ الطُّولَ وَلَا حِرْفَةَ لَهُ وَلَا صِنَاعَةَ (ابْنِ بَشِيرٍ) وَيَحْرُمُ عَلَى مَنْ لَا يَخَافُ الْعَنَتَ وَكَانَ يَضُرُّ بِالْمَرْأَةِ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى الْوَطْءِ أَوْ عَلَى النَّفَقَةِ أَوْ يَكْتَسِبُ مِنْ مَوْضِعٍ لَا يَحِلُّ (اللَّخْمِيُّ) وَيُبَاحُ لِمَنْ لَا نَسْلَ لَهُ وَلَا أَرَبَ لَهُ فِي النِّسَاءِ وَأَشَارَ إلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ مُسَاوِيَةٌ لِلرَّجُلِ فِي هَذِهِ الْأَقْسَامِ وَالنِّكَاحُ فِي اللُّغَةِ التَّدَاخُلُ يُقَالُ تَنَاكَحَتْ الْأَشْجَارُ إذَا دَخَلَ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ وَنَكَحَ الْبَذْرُ الْأَرْضَ وَيُطْلَقُ فِي الشَّرْعِ عَلَى الْعَقْدِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 22] وَعَلَى الْوَطْءِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] وَكَثُرَ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْعَقْدِ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْوَطْءِ

وَاخْتُلِفَ فِي إطْلَاقِهِ عَلَى الْعَقْدِ فَقِيلَ بِطَرِيقِ الْحَقِيقَةِ وَقِيلَ بِطَرِيقِ الْمَجَازِ وَهُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّ الْمَجَازَ خَيْرٌ مِنْ الِاشْتِرَاكِ ثُمَّ قَالَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ لُغَةً فِي الْوَطْءِ مَجَازٌ فِي الْعَقْدِ وَفِي الشَّرْعِ عَلَى الْعَكْسِ صَحَّ مِنْ التَّوْضِيحِ بِاخْتِصَارٍ وَتَقْدِيمٍ وَتَأْخِيرٍ حَسْبَمَا اقْتَضَاهُ الْمَقَامُ (ابْنُ سَلْمُونٍ) وَتُسْتَحَبُّ الْخِطْبَةُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَيُسْتَحَبُّ الْعَقْدُ فِي شَوَّالٍ وَالْبِنَاءُ فِيهِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «تَزَوَّجَ عَائِشَةَ فِي شَوَّالٍ وَبَنَى بِهَا فِي شَوَّالٍ» اهـ.

(وَفِي) أَوَاخِرِ السِّفْرِ الْأَوَّلِ مِنْ الْمِعْيَارِ فِي الْفَصْلِ الَّذِي عَقَدَهُ لِتَعْدَادِ الْبِدَعِ الْمُسْتَحَبَّةِ وَغَيْرِهَا مَا نَصَّهُ وَمِنْهَا كَرَاهَةُ الْجُهَّالِ وَمَنْ لَا يُعْبَأُ بِهِ عِنْدنَا الْيَوْمَ عَقْدُ النِّكَاحِ فِي شَهْرِ الْمُحَرَّمِ وَالدُّخُولُ فِيهِ (قَالَ صَاحِبُ الْمُفْهِمِ) بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَتَمَيَّزَ بِالْعَقْدِ وَالدُّخُولِ فِيهِ تَمَسُّكًا بِمَا عَظَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَرَسُولُهُ مِنْ حُرْمَتِهِ وَرَدْعًا لِلْجُهَّالِ عَنْ جَهَالَتِهِمْ

وَالْمَهْرُ وَالصِّيغَةُ وَالزَّوْجَانِ

ثُمَّ الْوَلِيُّ جُمْلَةُ الْأَرْكَانِ

يَعْنِي أَنَّ أَرْكَانَ النِّكَاحِ خَمْسَةٌ الْمَهْرُ وَالصَّدَاقُ وَالصِّيغَةُ الدَّالَّةُ عَلَى الْمَاهِيَّةِ وَالزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ وَالْوَلِيُّ وَنَحْوُهُ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ أَرْكَانُهُ الصِّيغَةُ وَالْوَلِيّ وَالزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ وَالصَّدَاقُ وَالتَّحْقِيقُ

ص: 153

مَا قَالَهُ الْإِمَامُ الْحَطَّابُ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الزَّوْجَ وَالزَّوْجَةَ رُكْنَانِ وَالْوَلِيَّ وَالصِّيغَةَ شَرْطَانِ وَأَمَّا الشُّهُودُ وَالصَّدَاقُ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَدَّا فِي الْأَرْكَانِ وَلَا فِي الشُّرُوطِ لِوُجُودِ النِّكَاحِ الشَّرْعِيِّ بِدُونِهِمَا غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ أَنْ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ سُقُوطُ الصَّدَاقِ وَيُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ الدُّخُولِ الْإِشْهَادُ فَتَأَمَّلْهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْإِشْهَادَ فِي الْعَقْدِ مُسْتَحَبٌّ وَأَمَّا الصَّدَاقُ فَقَالَ الشَّيْخُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ فِي قَوْلِ الرِّسَالَةِ وَصَدَاقُ هَذَا شَرْطُ كَمَالٍ فِي الْعَقْدِ لِأَنَّهُ لَوْ سَكَتَ عَنْهُ لَمْ يَضُرّ كَمَا فِي التَّفْوِيضِ نَعَمْ لَوْ تَعَرَّضُوا لِإِسْقَاطِهِ فَسَدَ النِّكَاحُ وَفُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ اهـ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ ذِكْرَ الصَّدَاقِ أَوْلَى مِنْ نِكَاحِ التَّفْوِيضِ اهـ.

وَفِي الدُّخُولِ الْحَتْمُ لِلْإِشْهَادِ

وَهُوَ مُكَمِّلٌ فِي الِانْعِقَادِ

يَعْنِي أَنَّ الْإِشْهَادَ بِالنِّكَاحِ شَرْطُ صِحَّةٍ فِي الدُّخُولِ وَشَرْطُ كَمَالٍ فِي الِانْعِقَادِ فَيَصِحُّ النِّكَاحُ وَيَنْعَقِدُ

ص: 154

بِدُونِ إشْهَادٍ بَلْ بِحُصُولِ الْإِيجَابِ مِنْ الْوَلِيِّ وَالْقَبُولِ مِنْ الزَّوْجِ بَعْدَ كَوْنِهِ صَحِيحًا مُنْعَقِدًا فَيُسْتَحَبُّ الْإِشْهَادُ عِنْدَ الْعَقْدِ خَوْفَ مَوْتٍ أَوْ نَدَمٍ فَإِنْ لَمْ يُشْهِدَا عِنْدَ الْعَقْدِ فَلَا بَأْسَ وَلَكِنْ لَا يَدْخُلُ إلَّا بَعْدَ الْإِشْهَادِ فَإِنْ دَخَلَ بِغَيْرِ إشْهَادٍ فُسِخَ النِّكَاحُ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ وَلَا حَدَّ عَلَى الزَّوْجَيْنِ إنْ كَانَ النِّكَاحُ فَاشِيًّا وَلَوْ عَلِمَا بِوُجُوبِ الْإِشْهَادِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَاشِيًّا حُدَّا وَلَوْ جَهِلَا وُجُوبَ الْإِشْهَادِ وَإِذَا فُسِخَ لِدُخُولِهِ قَبْلَ الْإِشْهَادِ فَتُسْتَبْرَأ بِثَلَاثِ حِيَضٍ وَلَهُمَا الْمُرَاجَعَةُ إنْ شَاءَا (قَالَ فِي الْمُقَرِّبِ) قَالَ سَحْنُونٌ قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ أَرَأَيْت الرَّجُلَ يَعْقِدُ نِكَاحَ ابْنَتِهِ الْبِكْرِ وَلَا يُحْضِرُ شُهُودًا أَتَكُونُ هَذِهِ الْعُقْدَةُ صَحِيحَةٌ قَالَ نَعَمْ وَيُشْهِدَانِ فِيمَا يَسْتَقْبِلَانِ وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا وَمِنْ الْوَاضِحَةِ قَالَ مَالِكٌ وَمِنْ نَكَحَ وَلَمْ يُشْهِدْ لَمْ يَضُرّهُ وَلَكِنَّهُ لَا يَبْنِي حَتَّى يُشْهِدَ

(قَالَ الشَّارِحُ) إنَّ الْمُتَأَخِّرِينَ قَرَّرُوا حُكْمَ الْإِشْهَادِ أَنَّهُ شَرْطٌ فِي الدُّخُولِ وَلَا يَعْتَبِرُونَ الشُّهْرَةَ الَّتِي هِيَ خَاصِّيَّةُ النِّكَاحِ فِي نَظَرِ الْأَقْدَمِينَ وَشَدَّدَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي تَحْصِيلِ هَذَا الشَّرْطِ حَتَّى كَانَ عِنْدَهُمْ رُكْنٌ مِنْ الْمَاهِيَّةِ وَخُلُوُّ بَعْضِ الْأَنْكِحَةِ عَنْهُ مَعَ وُجُودِ الشُّهْرَةِ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى فَتَحْدُثُ مِنْ ذَلِكَ نَوَازِلُ كَثِيرَةٌ وَفِي كَلَامِ الْمُتَقَدِّمِينَ مَا يُشْعِرُ بِأَنَّ انْصِرَافَ مُعْظَمِ الْقَصْدِ فِي النِّكَاحِ إنَّمَا هُوَ الشُّهْرَةُ وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ شَاسٍ فِي جَوَاهِرِهِ وَلَمْ تَكُنْ أَنْكِحَةُ السَّلَفِ بِإِشْهَادٍ وَفِي جَوَابِ الْأُسْتَاذِ أَبُو سَعِيدِ بْنِ لُبٍّ عَنْ مَسَائِلَ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى أَعْنِي الْإِشْهَادَ فِي النِّكَاحِ أَوْ فِي الْمُرَاجَعَةِ مِنْ الطَّلَاقِ مَا نَصُّهُ قَدْ ذَكَرَ أَهْلُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْإِعْلَانَ بِالنِّكَاحِ وَشُهْرَتِهِ مَعَ عِلْمِ الزَّوْجِ وَالْوَلِيِّ بِذَلِكَ يَكْفِي وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ إشْهَادٌ وَهَكَذَا كَانَتْ أَنْكِحَةُ كَثِيرٍ مِنْ السَّلَفِ وَهَذَا الْمَعْنَى قَدْ حُكِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ اهـ بِاخْتِصَارٍ.

(وَمِمَّا يُنَاسِبُ) هَذَا الْمَحِلِّ الْمَسْأَلَةُ الْكَثِيرَةُ الْوُقُوعِ فِي كُلِّ بَلَدٍ وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ وَقَدْ سُئِلَ عَنْهَا جَمَاعَةٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَأَجَابُوا عَنْهَا بِأَجْوِبَةٍ مُخْتَلِفَةٍ وَمِنْ جُمْلَتِهِمْ آخِرِ الْفُقَهَاءِ وَقُضَاةِ الْعَدْلِ الْفَقِيهُ النَّوَازِلِيُّ أَبُو سَالِمٍ سَيِّدِي إبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجَلَالِيُّ فَاعْتَنَى بِالْمَسْأَلَةِ وَجَمَعَ مَا اسْتَحْضَرَ فِيهَا وَأَلَّفَ فِي ذَلِكَ تَأْلِيفًا سَمَّاهُ بِالْمَسْأَلَةِ الْأَمْلِيسِيَّةِ فِي الْأَنْكِحَةِ الْإِغْرِيسِيَّةِ لِأَنَّ السُّؤَالَ وَرَدَ مِنْ بَلَدِ غَرِيس وَالْأَمْلِيسُ التَّمْرُ الَّذِي لَا عَجْمَ لَهُ (وَلَفْظُ السُّؤَالِ) سُئِلْتُ عَنْ عَوَائِدَ جَرَتْ بِبَلَدِ غَرِيسَ وَنَوَاحِيهَا وَهِيَ أَنْ يُوَجِّهَ الرَّجُلُ أَوْ الْمَرْأَةُ مَنْ يَخْطُبُ لَهُ امْرَأَةً لِنَفْسِهِ أَوْ لِوَلَدِهِ مِنْ الْمَرْأَةِ أَوْ وَلِيِّهَا خَاطِبًا رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً فَيُجَابُ بِالْقَبُولِ وَيَتَوَاعَدُونَ لِلْعَقْدِ الشَّرْعِيِّ فِي لَيْلَةِ الْبِنَاءِ ثُمَّ يَبْعَثُ لِلْمَرْأَةِ وَوَلِيِّهَا حِنَّاءً وَحَوَائِجَ تَتَزَيَّنُ بِهَا وَهَدَايَا فِي الْمَوَاسِمِ وَيُوَلْوِلُ النِّسَاءُ عِنْد الْخِطْبَةِ وَيُسْمِعُونَ الْجِيرَانَ أَنَّ فُلَانًا تَزَوَّجَ فُلَانَةَ وَيَشْتَهِرُ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ ثُمَّ يَطْرَأُ عِنْدَ الْبِنَاءِ وَالْعَقْد تَنَازُعٌ وَتَنَافُرٌ بَيْنَهُمْ أَوْ مَوْتُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ فَهَلْ تَثْبُتُ الزَّوْجِيَّةُ بِتِلْكَ الْعَادَةِ وَيُحْكَمُ بِصِحَّتِهَا عَلَى الْمُنْكِرِ وَتُبْنَى عَلَيْهِ أَحْكَامُهَا مِنْ الْإِرْثِ وَتَحْرِيمِ مَنْكُوحَاتِ الْآبَاءِ وَحَلَائِلِ الْأَبْنَاءِ وَيَتَنَزَّل ذَلِكَ كُلُّهُ مَنْزِلَةَ نِكَاحِ التَّفْوِيضِ أَوْ لَا بَيِّنُوا لَنَا ذَلِكَ بَيَانًا شَافِيًا وَلَكُمْ الْأَجْرُ وَالسَّلَامُ اهـ.

(وَفِي) عَادَةِ أَهْلِ فَارِسَ زِيَادَةٌ عَلَى مَا ذُكِرَ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ الْإِيجَابُ مِنْ وَلِيِّ الزَّوْجَةِ يَتَوَاعَدُ أَهْلُ الزَّوْجَةِ وَالزَّوْجِ لِيَوْمٍ وَوَقْتٍ يَجْتَمِعُونَ فِيهِ يُسَمُّونَهُ كَمَالُ الْعَطِيَّةِ وَيَأْتِي أَهْلُ الزَّوْجِ مَعَهُمْ بِمَنْ لَهُ وَجَاهَةٌ مِنْ الشُّرَفَاءِ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ لَهُ الْوَجَاهَةُ وَيَجْتَمِعُونَ فِي الْمَسْجِدِ فَيَسْمَعُ الْحَاضِرُونَ مِنْ وَلِيِّ الزَّوْجَةِ إنْكَاحَ وَلِيَّتِهِ لِفُلَانٍ وَيَسْمَعُونَ مِنْ وَلِيّ الزَّوْجِ أَوْ مِمَّنْ نَابَ عَنْهُ الْقَبُولَ وَيُعَيَّنُونَ الصَّدَاقَ إمَّا جِهَارًا أَوْ بَيْنَ أَوْلِيَاءِ الزَّوْجَيْنِ وَيَقْرَءُونَ الْفَاتِحَةَ وَيَنْصَرِفُونَ وَلَا يَحْضُرُ الزَّوْجُ حَيَاءً وَلَا يُشْهِدُ عَلَيْهِ ثُمَّ يَقَعُ مَوْتٌ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ أَوْ نَدَمٌ فَيَحْتَجُّ الزَّوْجُ أَوْ وَرَثَتُهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَحْضُرْ وَيَدَّعِي أَنَّهُ لَمْ يُوَافِقْ.

(فَأَجَابَ) سَيِّدِي إبْرَاهِيمُ الْمَذْكُورُ بِمَا نَصُّهُ مَعَ اخْتِصَارِ مَا أَمْكَنَ اخْتِصَارُهُ وَذَلِكَ أَنَّ الْعَادَةَ الْمَذْكُورَةَ إنْ كَانَتْ جَارِيَةً عِنْدَهُمْ مَجْرَى الْعَقْدِ الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ التَّوْثِيقِ بِحَيْثُ يُرَتِّبُونَ عَلَى تِلْكَ الْأُمُورِ مِنْ إرْسَالِ الْحِنَّاءِ وَغَيْرِهَا آثَارَ النِّكَاحِ وَجَرَتْ الْأَحْكَامُ عِنْدَهُمْ بِذَلِكَ وَتَقَرَّرَتْ أَنَّ الْإِشْهَادَ الْوَاقِعَ مِنْهُمْ لَيْلَةَ الدُّخُولِ لَيْسَ هُوَ إلَّا لِلتَّحْصِينِ مِنْ النِّزَاعِ فِي قَدْرِ الْمَهْرِ أَوْ أَجَلِهِ وَحُلُولِهِ وَلِبَيَانِ مَا قُبِضَ مِنْ الْمَهْرِ وَمَا لَمْ يُقْبَضْ وَإِنَّ قَوْلَ السَّائِلِ وَيَتَوَاعَدُونَ لِلْعَقْدِ الشَّرْعِيِّ فِي لَيْلَةِ الْبِنَاءِ أَنَّ ذَلِكَ الْوَعْدَ إنَّمَا هُوَ لِلتَّحْصِينِ الْمَذْكُورِ فَهَذَا لَا إشْكَالَ فِيهِ عِنْد الْقَائِلِ بِهِ أَنَّ تِلْكَ الْعَادَةَ يُحْكَمُ بِهَا

ص: 155

وَيُلْزَمُ الْمُتَعَاقِدَانِ بِهَا وَأَمَّا إنْ كَانَتْ الْعَادَةُ الْمَذْكُورَةُ إنَّمَا هِيَ عِنْدَهُمْ تَوْطِئَةً لِلْعُقْدَةِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي يَتَوَاعَدُونَ إلَيْهَا لَيْلَةَ الْبِنَاءِ وَأَنَّهُمْ لَا إلْزَامَ بَيْنَهُمْ بِمَا يَقَعُ مِنْ الْأَحْوَالِ الْمَذْكُورَةِ وَأَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ أَمَارَاتٌ عَلَى مَيْلِ كُلٍّ مِنْ الْجِهَتَيْنِ إلَى الْأُخْرَى وَأَنَّ تَنْجِيزَ ذَلِكَ لَا يَقَعُ بَيْنَهُمْ إلَّا عِنْدَ الْإِشْهَادِ الَّذِي يَقَعُ لَيْلَةَ الدُّخُولِ وَعَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ تَقَرَّرَتْ عَادَتُهُمْ يَعْرِفُهَا الْخَاصُّ وَالْعَامُّ فَهَذَا أَيْضًا لَا إشْكَالَ فِي عَدَمِ اللُّزُومِ بِذَلِكَ وَأَنَّ تِلْكَ الْقَرَائِنَ وَالْأَوْصَافَ إنَّمَا هِيَ أَمَارَاتٌ عَلَى الْعَقْدِ الْمُنْبَرِمِ.

وَالْأَمَارَاتُ عَلَى الشَّيْءِ هِيَ غَيْرُ ذَلِكَ الشَّيْءِ قَطْعًا وَإِذَا كَانَتْ الْعَادَةُ هَكَذَا فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُخْتَلَفَ فِي عَدَمِ اللُّزُومِ بِتِلْكَ الْعَوَائِدِ وَعَدَمِ تَرَتُّبِ الْآثَارِ عَلَيْهَا وَأَمَّا إنْ جُهِلَتْ عَادَةُ الْبَلَدِ بِحَيْثُ إنَّ تِلْكَ الْأُمُورَ تَقَعُ بَيْنهمْ كَمَا وُصِفَ فَإِنْ سُئِلُوا عَنْ عَادَتِهِمْ هَلْ مُرَادُهُمْ الْعَقْدُ الْمُبْرَمُ اللَّازِمِ أَوْ الْوَعْدُ وَالْأَمَارَةُ وَأَمَّا الِانْبِرَامُ فَإِنَّمَا يَقَعُ لَيْلَةَ الْبِنَاءِ فَلَمْ يُحَرِّرُوا شَيْئًا مِنْ عَادَتِهِمْ فَهَذَا هُوَ مَحِلُّ الْإِشْكَالِ عَلَى مَاذَا يُحْمَلُ هَلْ عَلَى الِانْبِرَامِ أَوْ الْحِلِّ وَلَعَلَّ هَذَا الْقِسْمَ هُوَ مَحِلُّ الْخِلَافِ كَمَا يَأْتِي فَمَنْ قَالَ إنَّهَا تَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْعَقْدِ الْمُبْرَمِ يَقُولُ إنَّ الْأَرْكَانَ الْمَذْكُورَةَ فِي النِّكَاحِ كُلُّهَا حَاصِلَةٌ فِي الْوَاقِعِ بَيْنَهُمْ بِالْمَعْنَى وَأَنَّ ذَلِكَ أَقْوَى فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ لِأَنَّ الدَّلَالَةَ الْفِعْلِيَّةَ أَقْوَى مِنْ الدَّلَالَةِ الْقَوْلِيَّةِ وَمَنْ قَالَ إنَّ الْإِشْهَادَ عَلَى الصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ مُتَعَبَّدٌ بِهِ لَا يَقُومُ غَيْرُهُ مِمَّا يَقَعُ وَيَدُلُّ عَلَى مَعْنَاهُ دَلَالَةً وَاضِحَةً مَقَامَهُ وَلَا بُدَّ مِنْ الصِّفَةِ الْمَعْهُودَةِ عَلَيْهِ يَقُولُ الْأَوْصَافُ الْمَذْكُورَةُ غَيْرُ الْعَقْدِ فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا حُكْمٌ وَعَلَى هَذَا يُتَنَزَّلُ اخْتِلَافُ فَتَاوَى الشُّيُوخِ.

(فَأَفْتَى) جَمَاعَةٌ بِلُزُومِ النِّكَاحِ مِنْهُمْ السَّيِّدُ الشَّرِيفُ الْمَزْدَغِيُّ (قَالَ فِي الْمِعْيَارِ) وَسَأَلَ عَنْ يَتِيمَةٍ عَقَدَ عَلَيْهَا أَخُوهَا النِّكَاحَ بِغَيْرِ وَكَالَةٍ مِنْهَا لَهُ غَيْرَ أَنَّ النَّاسَ حَضَرُوا وَطَلَبُوهُ وَأَعْطَاهُمْ وَأَكَلُوا طَعَامًا فِي الْوَقْتِ وَقَامَتْ الْوَلَاوِلُ وَذَلِكَ مُنْذُ عَامَيْنِ وَلَمْ يَسْمَعُوا مِنْ الْبِنْتِ الْمَذْكُورَةِ إنْكَارًا وَلَا قَبُولًا إلَى الْآنَ وَقَبْلَهُ بِمُدَّةٍ أَنْكَرَتْ ذَلِكَ وَقَالَتْ لَمْ أُوَافِقْ فَقَالَ لَهَا زَوْجُهَا الَّذِي أَرَادَ تَزْوِيجَهَا أَرْسَلْت إلَيْك الْحِنَّاءَ وَالصَّابُونَ وَالْفَاكِهَةَ فِي الْحَاجُوزِ وَالْأَعْيَادِ عَلَى عَادَةِ النَّاسِ حِينَ يَتَزَوَّجُونَ وَيَكُونُ ذَلِكَ فِي الْإِمْلَاكِ وَهَلْ إذَا ثَبَتَ هَذَا وَشَهِدَ عَلَيْهَا أَنَّهَا كَانَتْ تَعْلَمُ أَنَّ الْحِنَّاءَ مِنْ عِنْدِهِ وَكَذَا الْفَاكِهَةَ يَكُونُ سُكُوتُهَا رِضًا مِنْهَا بِالزَّوَاجِ أَمْ لَا حَتَّى يَسْمَعَ مِنْهَا الْإِشْهَادَ بِالْوَكَالَةِ وَالرِّضَا بِالْمَهْرِ وَنَقْدِهِ وَكَالَتَهُ فَبَيِّنُوا لَنَا ذَلِكَ كُلَّهُ بَيَانًا شَافِيًا مَشْكُورِينَ مَأْجُورِينَ.

(فَأَجَابَ) الْجَوَابُ وَاَللَّهُ يَهْدِي إلَى الْحَقِّ وَالْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ عَمَّا ذُكِرَ أَعْلَاهُ أَنَّ الْبِنْتَ الْمَذْكُورَةَ إنْ أَكَلَتْ مِنْ تِلْكَ الْفَاكِهَةِ وَغَسَلَتْ بِذَلِكَ الصَّابُونِ أَوْ صَبَغَتْ بِتِلْكَ الْحِنَّاءِ وَصَدَقَتْ طُولَ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ فَذَلِكَ كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى قَبُولِهَا النِّكَاحَ مَعَ أَنَّ تَهْنِئَةَ النَّاسِ لَهَا مَعَ سُكُوتِهَا وَتَسْمِيَتِهَا بِامْرَأَةِ فُلَانٍ وَلَمْ تُنْكِرْ يَكْفِي فِي ذَلِكَ كُلِّهِ فَهِيَ بِمَا ذُكِرَ زَوْجَتُهُ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ وَكَتَبَ مُحِبُّكُمْ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْحَسَنِي لَطَفَ اللَّهُ بِهِ اهـ (وَأَفْتَى) جَمَاعَةٌ بِعَدَمِ اللُّزُومِ مِنْهُمْ الْإِمَامُ أَبُو الْعَبَّاسِ الْبَقِّيُّ (قَالَ فِي الْمِعْيَارِ) وَسُئِلَ أَبُو الْعَبَّاسِ سَيِّدِي أَحْمَدُ الْبَقِّيُّ رحمه الله عَنْ رَجُلٍ خَطَبَ بِنْتًا يَتِيمَةً مِنْ أَخِيهَا وَاتَّفَقُوا عَلَى التَّزْوِيجِ بِعَدَدٍ مَعْلُومٍ وَحَوَائِجَ مُعْتَبَرَةٍ وَحَضَرُوا بِمَجْلِسٍ وَاحِدٍ وَعُمِلَ لَهَا طَعَامٌ وَأَكَلُوا دُونَ أَنْ تَقَعَ بَيْنَهُمْ شَهَادَةٌ وَأَعْطَاهَا أَيْضًا الْعَصْفَةَ وَأَلْقَتْهَا فِي رَأْسِهَا وَعُمِلَ لَهَا طَعَامٌ أَيْضًا وَمَشَى الرَّجُلُ مَعَ الْفُرْسَانِ فِي حِينِ السَّفَرِ لِلْغَزْوِ فِي الْأَيَّامِ الْمَاضِيَةِ وَمَضَى كَيْفَ قُضِيَ عَلَيْهِ وَقِيلَ إنَّهُ أُسِرَ وَقَامَ الْآنَ أَهْلُ الْبِنْتِ يُرِيدُونَ تَزْوِيجَهَا لِغَيْرِهِ فَمَا الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ بِوَاجِبِ الشَّرْعِ فَهَلْ يَحِلُّ الْعَقْدُ عَلَيْهَا لِغَيْرِهِ أَمْ لَا.

(فَأَجَابَ) بَعْدَ الصَّدْرِ تَأَمَّلْت مَكْتُوبَكُمْ وَاَلَّذِي يَكُونُ عَلَيْهِ عَمَلُكُمْ فِي الْمَسْأَلَةِ أَنْ لَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا وَبِذَلِكَ جَرَتْ عَادَةُ الْمُفْتِينَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَأَنَّهُ إذَا لَمْ يَقَعْ إشْهَادٌ فَلَا نِكَاحَ بِوَجْهٍ وَلَا تَوَارُثَ وَلَا عِدَّةَ وَذَلِكَ كُلُّهُ إنَّمَا هُوَ مَنُوطٌ بِالْإِشْهَادِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ إشْهَادٌ فَلَا نِكَاحَ وَقَدْ كَانَ شَيْخُنَا سَيِّدِي إبْرَاهِيمُ بْنُ فَتُّوحٍ يَسْتَشْكِلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَلَا سِيَّمَا إذَا عَظُمَ التَّرَاكُنُ فِيهَا مِثْل هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَهَذَا مَا عِنْدِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتِهِ مِنْ كَاتِبِهِ أَحْمَدَ الْبَقِّيِّ وَفَّقَهُ اللَّهُ اهـ بِلَفْظِهِ فَقَوْلُهُ رحمه الله وَبِهَذَا جَرَتْ عَادَةُ الْمُفْتِينَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُوَ كَذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ سِرَاجٍ وَالسَّرَقُسْطِيِّ وَأَمَّا قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَقَعْ إشْهَادٌ فَلَا نِكَاحَ فَلْيَنْظُرْ مَعَ قَوْلِهِمْ إنَّ الْإِشْهَادَ مُسْتَحَبٌّ عِنْد

ص: 156

الْعَقْدِ شَرْطٌ فِي الدُّخُولِ فَقَطْ وَالْمُفْتُونَ بِمَا ذُكِرَ لَمْ يُعَلِّلُوا ذَلِكَ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ وَإِنَّمَا عَلَّلُوهُ بِفَقْدِ الصِّيغَةِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ اهـ.

وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْبَيْتِ بَعْدَ هَذَا وَهَذَا مَا أَمْكَنَ جَلْبُهُ فِي هَذَا الْمَحِلِّ وَمَنْ أَرَادَ تَتَبُّعَ الْمَسْأَلَةِ وَأَجْوِبَتِهَا وَمَا قِيلَ فِيهَا فَلْيُرَاجَعْ التَّأْلِيفَ الْمَذْكُورَ الْمُسَمَّى بِالْمَسْأَلَةِ الْأَمْلِيسِيَّةِ فِي الْأَنْكِحَةِ الْمُنْعَقِدَةِ عَلَى عَادَةِ الْبَلَدِ الْإِغْرِيسِيَّةِ لِسَيِّدِي إبْرَاهِيمَ الْجَلَالِيِّ رحمه الله وَنَفَعَ بِهِ وَهُوَ تَأْلِيفٌ عَجِيبٌ فِي نَحْوِ خَمْسَ عَشْرَةَ وَرِقَّةً فِي الْقَالِبِ الْكَبِيرِ.

(قَالَ مُقَيِّدُ هَذَا الشَّرْحِ سَمَحَ اللَّهُ لَهُ) وَقَدْ سُئِلَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ الْعَالِمُ الْحَافِظُ أَبُو الْعَبَّاسِ سَيِّدِي أَحْمَدُ الْمُقْرِي التِّلْمِسَانِيُّ ثُمَّ الْفَاسِيُّ عَنْ هَذِهِ النَّازِلَةِ وَمِمَّا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ أَنَّ الزَّوْجَ فَعَلَ عَادَةَ أَهْلِهِ مِنْ تَحْنِئَةِ يَدَيْهِ وَجَاءَ الْعِيدُ فَبَعَثَ لِلزَّوْجَةِ كَبْشًا وَكَانَ عَازِمًا عَلَى الْبِنَاءِ وَالْعُرْسِ فَاخْتَرَمَتْهُ الْمَنِيَّةُ (فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ) أَنَّ هَذِهِ النَّازِلَةَ اخْتَلَفَتْ فِيهَا آرَاءُ الْأَئِمَّةِ وَفَتَاوِيهِمْ فَاَلَّذِي أَفْتَى بِهِ الشَّرِيفُ الْمَزْدَغِيُّ أَنَّ مِثْلَ هَذَا النِّكَاحُ صَحِيحٌ فِي أَحْكَامِهِ ثَابِتَةٌ وَاَلَّذِي أَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ الْبَقِّيُّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْإِشْهَادِ وَلَا تَكْفِي عَنْهُ الْهَدِيَّةُ وَالتَّهْنِئَةُ وَالْحِنَّاءُ وَنَحْوُهَا قَائِلًا إنَّهُ الَّذِي أَفْتَى بِهِ الْأَشْيَاخُ وَإِنْ اسْتَشْكَلَهُ الْإِمَامُ ابْنُ فَتُّوحٍ قَائِلًا إنَّ مِثْلَ ذَلِكَ يَكْفِي فِي انْعِقَادِ النِّكَاحِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَكَتَبَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِي. اهـ وَالظَّاهِرُ مَا أَفْتَى بِهِ الشَّرِيفُ مِنْ لُزُومِ النِّكَاحِ وَتَرْتِيبِ أَحْكَامِهِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِهِمْ مَنْ زَوَّجَ ابْنَهُ الْبَالِغَ أَوْ أَجْنَبِيًّا فَقَدْ نَقَلَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ صَاحِبِ النُّكَتِ وَاللَّخْمِيِّ أَنَّهُ إنْ طَالَ سُكُوتُهُ بَعْد عَقْدِ النِّكَاحِ زَادَ اللَّخْمِيُّ وَقَبْلَ التَّهْنِئَةِ عَلَى جَرْيِ الْعَادَةِ لَزِمَهُ النِّكَاحُ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَيَغْرَمُ نِصْفَ الصَّدَاقِ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْهَا لِإِقْرَارِهِ أَنَّهَا غَيْرُ زَوْجَتِهِ (قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ) وَعَرَضْته عَلَى بَعْضِ شُيُوخِنَا فَصَوَّبَهُ. اهـ وَإِلَى اللُّزُومِ فِي هَذِهِ النَّازِلَةِ وَمَا أَشْبَهَهَا أَشَارَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ وَإِنْ طَالَ كَثِيرًا لَزِمَ

فَالصِّيغَةُ النُّطْقُ بِمَا كَأَنْكَحَا

مِنْ مُقْتَضٍ تَأَبُّدًا مُسْتَوْضَحَا

لَمَّا عَدَّ الْأَرْكَانَ جُمْلَةً وَأَلْحَقَ بِهَا مَا هُوَ شَرْطٌ فِي الدُّخُولِ لَا فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ رَجَعَ إلَى الْكَلَامِ عَلَى تِلْكَ الْأَرْكَانِ تَفْصِيلًا فَأَخْبَرَ أَنَّ الصِّيغَةَ الَّتِي هِيَ أَحَدُ الْأَرْكَانِ الْخَمْسَةِ هِيَ التَّلَفُّظِ بِ أَنْكَحْتُ وَزَوَّجْت وَنَحْوِهَا مِمَّا يَقْتَضِي تَمْلِيكُ عِصْمَةَ وَلِيَّتِهِ عَلَى التَّأْبِيدِ لِنَاكِحِهَا وَأَدْخَلَ الْكَافَ عَلَى أُنْكِحَكَ إشَارَةٌ إلَى عَدَمِ قَصْرِهَا عَلَى صِيغَةٍ مَخْصُوصَةٍ (قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ) يَنْعَقِدُ بِكُلِّ لَفْظٍ دَالٍ عَلَى التَّمْلِيكِ أَبَدًا كَالْبَيْعِ وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ الصِّيغَةُ مِنْ الْوَلِيِّ لَفْظٌ يَدُلُّ عَلَى التَّأْبِيدِ مُدَّةَ الْحَيَاةِ كَأَنْكَحْتُ وَزَوَّجْت وَمَلَّكْت وَبِعْت وَكَذَلِكَ وَهَبْت بِتَسْمِيَةِ الصَّدَاقِ وَمِنْ الزَّوْجِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْقَبُولِ

(وَقَالَ الْمُقْرِي فِي كُلِّيَّاتِهِ الْفِقْهِيَّةِ) كُلُّ عَقْدٍ فَالْمُعْتَبَرُ فِي انْعِقَادِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى مَعْنَاهُ لَا صِيغَةٍ مَخْصُوصَةٍ وَيَخْتَلِفُ فِي الْمُحْتَمَلِ حَيْثُ يَقَعُ النُّكُولُ (قَالَ الشَّارِحُ) لَمْ تَزَلْ الْفُتْيَا صَادِرَةً عَنْ شَيْخِنَا أَبِي الْقَاسِمِ ابْنِ سِرَاجٍ أَبْقَى اللَّهُ بَرَكَتَهُ بِعَدَمِ التَّوَارُثِ مَهْمَا مَاتَ الزَّوْجَيْنِ فِي الْأَنْكِحَةِ الْمُنْعَقِدَةِ فِي الْجِهَةِ الشَّرْقِيَّةِ الَّتِي يَتَأَخَّرُ فِيهَا الْكَتْبُ وَالْإِشْهَادُ لِلدُّخُولِ وَيُقَدِّمُونَ فِيهَا دِينَارًا وَاحِدًا مِنْ الصَّدَاقِ وَيُسَمُّونَهُ الْمَوْزُونَ وَيَعْتَلُّ لِقَوْلِهِ بِعَدَمِ الْمِيرَاثِ فِيهِ بِأَنَّهُ فَاتَ فِيهِ الصِّيغَةُ وَمَا زَالَ الْأَصْحَابُ يُرَاجِعُونَهُ فِي ذَلِكَ بِالْبَحْثِ وَهُوَ عَلَى أَوَّلِهِ فِي فُتْيَاهُ بِذَلِكَ وَإِذَا رُوجِعَ قَوْلُ الْمُقْرِي الْمَنْقُولُ آخِرًا وَقَوْلُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْمَنْقُولِ أَوَّلًا يَظْهَرُ أَنَّ تِلْكَ الْأَنْكِحَةَ غَيْرُ خَالِيَةٍ مِنْ الصِّيغَةِ بِوَجْهٍ اهـ

وَرُبْعُ دِينَارٍ أَقَلُّ الْمُصْدَقِ

وَلَيْسَ لِلْأَكْثَرِ حَدٌّ مَا ارْتَقَى

أَوْ مَا بِهِ قُوِّمَ أَوْ دَرَاهِمُ

ثَلَاثَةٌ فَهِيَ لَهُ تُقَاوِمُ

وَقَدْرُهَا بِالدِّرْهَمِ السَّبْعِينِيَّ

نَحْوٌ مِنْ الْعِشْرِينَ فِي التَّبْيِينِ

وَيَنْبَغِي فِي ذَاكَ الِاحْتِيَاطُ

بِخَمْسَةٍ بِقَدْرِهَا تُنَاطُ

تَكَلَّمَ فِي هَذِهِ الْأَبْيَاتِ عَلَى بَعْضِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالصَّدَاقِ أَحَدِ الْأَرْكَانِ الْمَذْكُورَةِ وَقَدْ اشْتَمَلَتْ عَلَى مَسْأَلَتَيْنِ (الْأُولَى) بَيَانُ قَدْرِ الصَّدَاقِ كَمْ هُوَ بِاعْتِبَارِ أَقَلِّهِ وَأَكْثَرِهِ مِنْ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ وَالْعَرُوضِ فَأَخْبَرَ أَنَّ أَقَلَّهُ رُبْعُ دِينَارٍ شَرْعِيٌّ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ أَيْضًا شَرْعِيَّةٌ مِنْ الْفِضَّةِ أَوْ مَا يُسَاوِي

ص: 157

رُبْعَ دِينَارٍ يَعْنِي أَوْ مَا يُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ أَيْضًا مِنْ الْعَرُوضِ وَأَمَّا أَكْثَرُهُ فَلَا حَدَّ لَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} [النساء: 20] وَعَلَى هَذَا نَبَّهَ بِالْبَيْتَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ

(الثَّانِيَةُ) بَيَانُ كَمْ فِي ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ شَرْعِيَّةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ الْجَارِيَةِ إذْ ذَاكَ فِي الْبِلَادِ الْأَنْدَلُسِيَّةِ فَأَخْبَرَ أَنَّ الْعِشْرِينَ مِنْهَا أَوْ نَحْوِهَا هُوَ قَدْرُ الثَّلَاثَةِ الدَّرَاهِمِ الشَّرْعِيَّةِ وَمَعَ ذَلِكَ فَيَنْبَغِي الِاحْتِيَاطُ بِزِيَادَةِ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ عَلَى الْعِشْرِينَ لِيُتَحَقَّقَ وَيُتَيَقَّنَ قَدْرُ الثَّلَاثَةِ دَرَاهِمَ خَوْفَ أَنْ يَكُونَ فِي الْعِشْرِينَ نَقْصٌ أَوْ غِشٌّ فَيَنْقُصُ الصَّدَاقُ عَنْ أَقَلِّهِ شَرْعِيًّا فَيَزُولُ ذَلِكَ الْخَوْفُ بِتِلْكَ الزِّيَادَةِ فَقَوْلُهُ أَوْ مَا بِهِ قُوِّمَ أَيْ بِرُبْعِ دِينَارٍ وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى رُبْعٍ وَقَوْلُهُ أَوْ دَرَاهِمُ عَطْفٌ عَلَى مَا وَثَلَاثَةٌ نَعْتٌ لِدَرَاهِمَ وَضَمِيرُ فَهِيَ لِلثَّلَاثَةِ وَضَمِيرُ لَهُ لِرُبْعِ دِينَارٍ وَمَعْنَى تُقَاوِمُهُ أَيْ تُعَادِلُهُ وَتُسَاوِيه فِي كَوْنِهَا أَقَلَّ الصَّدَاقِ وَضَمِيرُ قَدْرِهَا لِلثَّلَاثَةِ دَرَاهِمَ وَهُوَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ نَحْوُ الْإِشَارَةِ بِذَلِكَ لِلصَّدَاقِ الَّذِي بِتِلْكَ الدَّرَاهِمِ دَلَّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ وَبِخَمْسَةٍ يَتَعَلَّقُ بِالِاحْتِيَاطِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ بِزِيَادَةِ خَمْسَةٍ عَلَى الْعِشْرِينَ وَبِقَدْرِهَا يَتَعَلَّقُ بِتُنَاطُ وَالضَّمِيرُ فِي بِقَدْرِهَا لِلثَّلَاثَةِ دَرَاهِمَ وَنَائِبُ تُنَاط لِلْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ.

(قَالَ فِي النَّوَادِرِ) وَمِنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَأَقَلُّ الصَّدَاقِ مِنْ الذَّهَبِ رُبْعُ دِينَارٍ وَمِنْ الْوَرِقِ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَمِنْ الْعَرُوضِ مَا قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ (وَمِنْ الْمُقَرِّبِ) قُلْت لَهُ أَرَأَيْت مَنْ تَزَوَّجَ بِعَرْضٍ قِيمَتُهُ أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ أَوْ تَزَوَّجَ مِنْ دِرْهَمَيْنِ فَقَالَ لَا أَرَى لِأَحَدٍ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأَقَلَّ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ فَإِنْ فَعَلَ كَانَ النِّكَاحُ جَائِزًا وَيُقَالُ لِلزَّوْجِ أَكْمِلْ لَهَا رُبْعُ دِينَارٍ فَإِنْ رَضِيَ وَإِلَّا فُسِخَ النِّكَاحُ إنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا فَإِنْ دَخَلَ بِهَا أَكْمَلَ لَهَا رُبْعَ دِينَارِ. اهـ وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ تَقْدِيرُ الصَّدَاقِ بِمَا ذُكِرَ هُوَ مَقِيسٌ عَلَى أَقَلِّ مَا تُقْطَعُ فِيهِ الْيَدُ فِي السَّرِقَةِ عِنْدَ مَالِك (ابْنُ عَرَفَةَ) وَأَقَلُّهُ الْمَشْهُورُ رُبْعُ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ أَوْ مَا قِيمَتُهُ أَحَدُهُمَا وَقِيلَ أَوْ مَا قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ فَقَطْ.

(قَالَ الشَّارِحُ) فَتَخْصِيصُ الشَّيْخِ تَقْوِيمَ الْعَرْضِ بِرُبْعِ دِينَارٍ يَدُلُّ عَلَى اعْتِمَادِهِ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ إذَا لَا قَائِلَ بِالِاقْتِصَارِ عَلَى تَقْوِيمِ الْعَرْضِ بِرُبْعِ دِينَارٍ وَإِنَّمَا هُمَا قَوْلَانِ تَعْمِيمُ التَّقْوِيمِ بِرُبْعِ دِينَارٍ وَبِالثَّلَاثَةِ دَرَاهِمَ وَتَخْصِيصُ التَّقْوِيمِ بِالدَّرَاهِمِ (قَالَ الشَّارِحُ مَا مَعْنَاهُ) إنَّ بَعْضَهُمْ سَأَلَ عَنْ تَحْقِيقِ نِصَابِ الزَّكَاةِ بِتَحْقِيقِ دِرْهَمِنَا السَّبْعِينِيِّ مِنْ الدِّرْهَمِ الشَّرْعِيِّ (فَأَجَابَ) وَقَالَ يَتَحَصَّلُ مِنْهُ أَنَّ الدِّرْهَمَ الشَّرْعِيَّ فِيهِ مِنْ دَرَاهِمِنَا سِتَّةُ دَرَاهِمَ وَثَلَاثَةُ أَعْشَارِ الدِّرْهَمِ. اهـ

وَلَا شَكَّ أَنَّك ضَرَبْت سِتَّةً وَثَلَاثَةَ أَعْشَارٍ فِي ثَلَاثَةٍ كَانَ الْخَارِجُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَتِسْعَةَ أَعْشَارٍ فَلِذَلِكَ قَالَ النَّاظِمُ إنَّ قَدْرَ ذَلِكَ بِتِلْكَ الدَّرَاهِمِ عِشْرُونَ دِرْهَمًا بِتَقْرِيبٍ

وَمِنْهُ مَا سُمِّيَ أَوْ مَا فُوِّضَا

فِيهِ وَحَتْمًا لِلدُّخُولِ فُرِضَا

يَعْنِي أَنَّ النِّكَاحَ يَكُونُ عَلَى وَجْهَيْنِ نِكَاحُ تَسْمِيَةٍ وَهُوَ أَنْ يُسَمِّيَ الصَّدَاقَ فِي الْعَقْدِ كَمَا يُسَمِّيَ الثَّمَنَ فِي الْبَيْعِ إلَّا أَنَّهُ يَجُوزُ فِيهِ مِنْ الْمُكَارَمَةِ وَعَدَمِ الِاسْتِقْصَاءِ مَا لَا يَجُوزُ فِي الثَّمَنِ

الْوَجْهُ الثَّانِي نِكَاحُ التَّفْوِيضِ وَهُوَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ مَا عُقِدَ دُونَ تَسْمِيَةِ مَهْرٍ وَلَا إسْقَاطِهِ وَلَا صَرْفِهِ لِحُكْمِ أَحَدٍ وَأَخْرَجَ بِالْقَيْدِ الْأَخِيرِ نِكَاحَ التَّحْكِيمِ (قَالَ الرَّصَّاعُ) يَرِدُ عَلَيْهِ مَا إذَا جَرَتْ عَادَةٌ بِمَهْرٍ فِي عُرْفٍ وَوَقَعَ الْعَقْدُ

ص: 158

وَلَمْ تَقَعْ تَسْمِيَةٌ فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ التَّفْوِيضِ وَنُقِلَ ذَلِكَ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَنَقَلَ الْمَازِرِيُّ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ التَّسْمِيَةِ اهـ وَفِي الرِّسَالَةِ وَنِكَاحُ التَّفْوِيضِ جَائِزٌ أَنْ يَعْقِدَاهُ وَلَا يَذْكُرَانِ صَدَاقًا وَيَتَحَتَّمُ فَرْضُ الصَّدَاقِ بِالدُّخُولِ فَلَا يَدْخُلُ إلَّا بَعْدَ فَرْضِهِ وَتَقْدِيرِهِ عَلَى هَذَا نَبَّهَ بِقَوْلِهِ وَحَتْمًا لِلدُّخُولِ فُرِضَا وَفِي الرِّسَالَةِ إثْرَ مَا تَقَدَّمَ ثُمَّ لَا يَدْخُلُ بِهَا حَتَّى يَفْرِضَ لَهَا.

(وَفِي الْمُقَرِّبِ) فَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى عَشَرَةٍ مِنْ الْإِبِلِ أَوْ مِنْ الْبَقَرِ أَوْ مِنْ الْغَنَمِ كَانَ لَهَا وَسَطٌ مِنْ الْأَسْنَانِ وَكَذَلِكَ إنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى عَبْدٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَلَمْ يَصِفْهُ وَلَمْ يَضْرِبْ لَهُ أَجَلًا فَعَلَيْهِ عَبْدٌ وَسَطٌ حَالًّا وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فَإِنْ سَمَّوْا فِي السِّرِّ مَهْرًا وَفِي الْعَلَانِيَةِ مَهْرًا قَالَ ذَلِكَ جَائِزٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَيُؤْخَذُ بِمَهْرِ السِّرِّ إنْ كَانُوا أَشْهَدُوا عَلَيْهِ عُدُولًا (وَفِي الْمُقَرِّبِ أَيْضًا) قُلْت فَمَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا صَدَاقًا أَيَجُوزُ ذَلِكَ قَالَ نَعَمْ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَيَفْرِضُ لَهَا صَدَاقَ مِثْلِهَا إنْ دَخَلَ بِهَا قَبْلَ أَنْ يَفْرِضَ لَهَا وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى صَدَاقٍ فَلَا صَدَاقَ لَهَا وَلَهَا الْمُتْعَةُ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَتَرَاضَيَا فَلَا مُتْعَةَ لَهَا وَلَا صَدَاقَ وَلَهَا الْمِيرَاثُ.

(وَفِيهِ) قُلْت وَأَيُّ شَيْءٍ التَّفْوِيضُ عِنْد مَالِكٍ قَالَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ أَنْكَحْنَاك وَلَمْ يُسَمُّوا الصَّدَاقَ (قُلْت لَهُ) فَإِنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا وَقَالَ لَا أَفْرِضُ إلَّا بَعْدَ الْبِنَاءِ فَقَالَ قَالَ مَالِكٌ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبْنِي بِهَا حَتَّى يَفْرِضَ لَهَا صَدَاقَ مِثْلِهَا إلَّا أَنْ تَرْضَى لَهُ بِدُونِ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ تَرْضَ إلَّا بِصَدَاقِ مِثْلِهَا لَزِمَهُ ذَلِكَ إنْ أَرَادَ إمْسَاكَهَا. اهـ

(وَفِي الرِّسَالَةِ) إنْ دَخَلَ بِهَا لَزِمَهُ صَدَاقُ الْمِثْلِ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَفَرَضَ لَهَا صَدَاقَ مِثْلِهَا لَزِمَهَا وَإِنْ فَرَضَ لَهَا أَقَلَّ فَهِيَ مُخَيَّرَةٌ (وَفِي مُخْتَصَرِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ) وَمَهْرُ الْمِثْلِ مَا يَرْغَبُ بِهِ مِثْلِهِ فِيهَا بِاعْتِبَارِ دِينٍ وَجَمَالٍ وَحَسَبٍ وَمَالٍ وَبَلَدٍ وَأُخْتٍ شَقِيقَةٍ أَوْ لِأَبٍ وَعَمَّة لَا أُمَّ (ابْنُ الْحَاجِبِ) وَفِيهَا وَيَنْظُرُ الرَّجُلُ فَقَدْ يُزَوَّجُ فَقِيرٌ لِقَرَابَتِهِ وَأَجْنَبِيٌّ لِمَالِهِ فَلَيْسَ مَهْرُهُمَا سَوَاءً

وَكُلُّ مَا يَصِحُّ مِلْكًا يُمْهَرُ

إلَّا إذَا مَا كَانَ فِيهِ غَرَرُ

يَعْنِي أَنَّ كُلَّ مَا يَصِحُّ مِلْكُهُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَهْرًا إلَّا إذَا كَانَ فِيهِ غَرَرٌ كَالْعَبْدِ الْآبِقِ وَالْبَعِيرِ الشَّارِدِ وَالثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ فَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ كَوْنُهُ صَدَاقًا وَقَدْ يُفْهَمُ مِنْ اسْتِثْنَائِهِ مَا فِيهِ غَرَرٌ أَنَّ مَا شَارَكَهُ فِي كَوْنِهِ لَا يُبَاعُ لَا يَجُوزُ كَوْنُهُ صَدَاقًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ غَرَرٌ كَالضَّحِيَّةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَالزَّيْتِ النَّجَسِ وَجِلْدِ الْمَيْتَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ (قَالَ ابْنُ زَرْقُونٍ فِي الْمَنْهَجِ السَّالِكِ) وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صَدَاقًا إلَّا مَا يَجُوزُ مِلْكُهُ وَبَيْعُهُ (وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ) وَشَرْطُهُ كَوْنه مُنْتَفَعًا بِهِ لِلزَّوْجَةِ مُتَمَوَّلًا اهـ وَيُفْهَمُ كَوْنُهُ مُنْتَفَعًا بِهِ مُتَمَوَّلًا مِنْ تَحْدِيدِ أَقَلِّ الصَّدَاقِ كَمَا تَقَدَّمَ فَإِنَّهُ مُنْتَفَعٌ بِهِ مُتَمَوَّلٌ وَلَا

ص: 159

يُؤْخَذُ كَوْنُهُ مُتَمَوَّلًا مِنْ قَوْلِهِ وَكُلُّ مَا يَصِحُّ مِلْكًا لِأَنَّ الْمِلْكَ أَعَمُّ فَقَدْ يَكُونُ مَالًا وَغَيْرَ مَالٍ كَعِصْمَةِ الزَّوْجَةِ فَإِنَّهَا مِلْكٌ لِلزَّوْجِ وَلَيْسَتْ بِمَالٍ

وَالْمَهْرُ وَالصَّدَاقُ مَا قَدْ أَصْدَقَا

وَفِي الْكِتَابِ بِالْمَجَازِ أُطْلِقَا

يَعْنِي أَنَّ الْعِوَضَ الَّذِي يُعْطِيه الزَّوْجُ لِلزَّوْجَةِ وَيُصْدِقُهَا إيَّاهُ يُسَمَّى فِي الْعُرْفِ مَهْرًا وَيُسَمَّى صَدَاقًا وَأَمَّا إطْلَاقُ الصَّدَاقِ عَلَى الْكِتَابِ أَيْ الْمَكْتُوبِ الَّذِي فِيهِ الشَّهَادَةُ عَلَى النِّكَاحِ فَإِنَّمَا هُوَ بِطَرِيقِ الْمَجَازِ لَا الْحَقِيقَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: 4](قَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ) وَالصَّدَاقُ مَا يَبْذُلُهُ الزَّوْجُ لِلزَّوْجَةِ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ وَهُوَ الْمَهْرُ أَيْضًا وَقَدْ يُسَمَّى بَعْضُ الْكِتَابِ الْمَكْتُوبِ الَّتِي تَقَعُ فِيهِ الشَّهَادَةُ بِالنِّكَاحِ صَدَاقًا وَذَلِكَ تَجَوُّزٌ وَإِنَّمَا يُسَمَّى ذَلِكَ كِتَابُ الصَّدَاقِ أَوْ كِتَابُ النِّكَاحِ وَالصَّدَاقُ هُوَ الْمَبْذُولُ اهـ (تَنْبِيهٌ) الْمُتَبَادَرُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِنْ اللُّغَةِ لَا مِنْ الْأَحْكَامِ الَّتِي قُصِدَتْ فِي النَّظْمِ إنَّمَا ذَكَرهَا لِتَأَكُّدِ مَعْرِفَتِهَا لِأَهْلِ التَّوْثِيقِ

وَيُكْرَهُ النِّكَاحُ بِالْمُؤَجَّلِ

إلَّا إذَا مَا كَانَ مَعَ مُعَجَّلِ

يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يُعْقَدَ النِّكَاحُ ابْتِدَاءً عَلَى صَدَاقٍ مُؤَجَّلِ أَيْ كُلُّهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ إلَّا إذَا مَا كَانَ مَعَ مُعَجَّلٍ أَيْ إلَّا إذَا كَانَ الْمُؤَجَّلُ مَعَ مُعَجَّلٍ فَإِنْ دَخَلَا عَلَى أَنَّ بَعْضَهُ مُعَجَّلٍ وَبَعْضَهُ مُؤَجَّلٍ فَلَا كَرَاهَةَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ مَالِكٌ بِكَرَاهَتِهِ (ابْنُ الْحَاجِبِ) وَكَرِهَ مَالِكٌ الْمُؤَجَّلَ وَقَالَ إنَّمَا الصَّدَاقُ فِيمَا مَضَى نَاجِزٌ كُلُّهُ فَإِنْ وَقَعَ شَيْءٌ مِنْهُ مُؤَخَّرًا فَلَا أُحِبُّ طُولَهُ. اهـ

(وَفِي الْمُقَرِّبِ) قَالَ سَحْنُونٌ قُلْت لَهُ فَمَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِدَنَانِيرَ مُسَمَّاةٍ نَقْدًا وَبِدَنَانِيرَ إلَى سَنَةٍ فَقَالَ قَالَ مَالِكٌ لَا يُعْجِبُنِي هَذَا النِّكَاحُ وَلَيْسَ هُوَ نِكَاحَ مَنْ أَدْرَكْنَا (قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ) فَإِنْ وَقَعَ النِّكَاح هَكَذَا أَجْزَتْهُ وَكَانَ لِلزَّوْجِ إذَا أَتَى بِالْمُعَجَّلِ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا وَيَكُونُ الْمُؤَجَّلُ إلَى أَجَلِهِ

وَأَمَدُ الْكَوَالِئِ الْمُعَيَّنَهْ

سِتَّةُ أَشْهُرٍ لِعِشْرِينَ سَنَهْ

بِحَسَبِ الْمُهُورِ فِي الْمِقْدَارِ

وَنِسْبَةِ الْأَزْوَاجِ وَالْأَقْدَارِ

يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ فِي أَجَلِ الْكَالِئ أَيْ الْمُؤَخَّرِ مِنْ الصَّدَاقِ أَنْ يَكُونَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ إلَى

ص: 160