المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في بيع الرقيق وسائر الحيوان] - شرح ميارة = الإتقان والإحكام في شرح تحفة الحكام - جـ ١

[ميارة]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَةُ الْكِتَابِ]

- ‌[بَابُ الْقَضَاءِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَعْرِفَةِ أَرْكَانِ الْقَضَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي رَفْعِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَمَا يُلْحَقُ بِذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مِنْ الْقَضَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمَقَالِ وَالْجَوَابِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْآجَالِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِعْذَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خِطَابِ الْقُضَاةِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ]

- ‌[بَابُ الشُّهُودِ وَأَنْوَاعِ الشَّهَادَاتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ مَسَائِلُ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ مِمَّا يَتَكَرَّرُ وُقُوعُهُ غَالِبًا]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَنْوَاعِ الشَّهَادَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ الشَّهَادَةُ الَّتِي تُوجِبُ الْحَقَّ مَعَ الْيَمِينِ]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ أَقْسَامِ الشَّهَادَةِ وَهِيَ الَّتِي تُوجِبُ الْحَقَّ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَا يُوجِبُ الْيَمِينَ لَا عَلَى الطَّالِبِ بَلْ عَلَى الْمَطْلُوبِ]

- ‌[فَصْلٌ الشَّهَادَةُ الَّتِي لَا عَمَلَ لَهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مِنْ الشَّهَادَةِ]

- ‌[بَابُ الْيَمِينِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[بَابُ الرَّهْنِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَرَاهِنَيْنِ]

- ‌[بَابُ الضَّمَانِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[بَابُ الْوَكَالَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَدَاعِي الْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلِ]

- ‌[بَابُ الصُّلْحِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ وَلِلْأَبِ الصُّلْحُ عَلَى الْمَحْجُورِ]

- ‌[بَابُ النِّكَاحِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَوْلِيَاءِ وَمَا يَتَرَتَّبُ فِي الْوِلَايَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَنْ لَهُ الْإِجْبَارُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ فَاسِدِ النِّكَاحِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مِنْ النِّكَاحِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَدَاعِي الزَّوْجَيْنِ وَمَا يَلْحَقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْقَبْضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُهْدِيهِ الزَّوْجُ ثُمَّ يَقَعُ الطَّلَاقُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الشُّوَارِ الْمُورَدِ بَيْتَ الْبِنَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي إثْبَاتِ الضَّرَرِ وَالْقِيَامِ بِهِ وَبَعْثِ الْحَكَمَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الرَّضَاعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي عُيُوبِ الزَّوْجَيْنِ وَمَا يُرَدَّانِ بِهِ مِنْهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اللِّعَانِ]

- ‌[بَابُ الطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ الْخُلْع]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَيْمَانِ اللَّازِمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّدَاعِي فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا ثُمَّ أَرَادَ الْعَوْدَ لِلزَّوْجِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الرَّجْعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْفَسْخِ]

- ‌[بَابُ النَّفَقَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّدَاعِي فِي النَّفَقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَجِبُ لِلْمُطَلَّقَاتِ وَغَيْرِهِنَّ مِنْ النَّفَقَةِ وَمَا يُلْحَقُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الطَّلَاقِ بِالْإِعْسَارِ بِالنَّفَقَةِ وَمَا يُلْحَقُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْمَفْقُودِينَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَضَانَةِ]

- ‌[بَابٌ فِي الْبُيُوعِ وَمَا شَاكَلَهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْأُصُولِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْعُرُوضِ مِنْ الثِّيَابِ وَسَائِرِ السِّلَعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الطَّعَامِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ النَّقْدَيْنِ وَالْحُلِيِّ وَشِبْهِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الثِّمَارِ وَمَا يُلْحَقُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجَائِحَةِ فِي الثِّمَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الرَّقِيقِ وَسَائِرِ الْحَيَوَانِ]

- ‌[فَصْلٌ كِلَابَ الْمَاشِيَةِ يَجُوزُ بَيْعُهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الدَّيْنِ وَالْمُقَاصَّةِ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَوَالَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ وَالثُّنْيَا]

الفصل: ‌[فصل في بيع الرقيق وسائر الحيوان]

الثَّمَنِ، وَإِنْ نِصْفًا رَجَعَ بِنِصْفِ الثَّمَنِ، وَهَكَذَا. وَقِيلَ إنَّ الْجَائِحَةَ مُعْتَبَرَةٌ بِثُلُثِ الْقِيمَةِ فَإِنْ أُجِيحَ قِيمَةُ ثُلُثِ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ وُضِعَ عَنْ الْمُشْتَرِي نِسْبَةُ ذَلِكَ مِنْ الثَّمَنِ وَإِلَّا فَلَا. وَهَذَا قَوْلُ أَشْهَبَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا وَغَيْرِهَا وَإِلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ أَشَارَ الْإِمَامُ ابْنُ الْحَاجِبِ بِقَوْلِهِ، [وَيُعْتَبَرُ ثُلُثُ الْمَكِيلَةِ لَا ثُلُثُ الْقِيمَةِ مُطْلَقًا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَيُحَطُّ مِنْ الثَّمَنِ قَدْرُ قِيمَتِهِ مِنْ بَاقِيهِ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ أَكْثَرَ]

(وَقَالَ أَشْهَبُ) الْمُعْتَبَرُ ثُلُثُ الْقِيمَةِ، وَلَوْ كَانَ يُحْبَسُ أَوَّلُهُ عَلَى آخِرِهِ كَالْعِنَبِ، وَالرُّطَبِ، فَبِالْمَكِيلَةِ بِاتِّفَاقٍ. اهـ فَقَوْلُهُ مُطْلَقًا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَيْ: كَانَ مِمَّا يُطْعِمُ بَطْنًا أَوْ بُطُونًا كَالْمَقَاثِئِ، وَالْوَرْدِ، وَالْيَاسَمِينَ وَيُحْتَمَلُ: بَلَغَ ثُلُثَ الْقِيمَةِ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ (قَدْرَ قِيمَتِهِ) أَيْ: قِيمَةِ الْمُجَاحِ الَّذِي هُوَ الثُّلُثُ فَأَكْثَرُ مَنْسُوبًا مِنْ قِيمَةِ الْمَجْمُوعِ مَا أُجِيحَ وَمَا لَمْ يُجَحْ كَمَا تَقَدَّمَ فَبِتِلْكَ النِّسْبَةِ يُرْجَعُ مِنْ الثَّمَنِ. وَقَوْلُهُ بِاتِّفَاقٍ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ حَكَى جَمَاعَةٌ هَذَا الِاتِّفَاقَ كَالْمُؤَلِّفِ لَكِنَّهُ مُقَيَّدٌ بِأَنْ يَكُونَ صِنْفًا وَاحِدًا وَلَوْ كَانَ أَصْنَافًا كَالْبَرْنِيِّ وَالْجُعْرُورِيِّ وَالصَّيْحَانِيِّ لَجَرَى عَلَى الْخِلَافِ. اهـ. أَيْ: الْمُتَقَدِّمِ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ هَلْ الْمُعْتَبَرُ الْمَكِيلَةُ أَوْ الْقِيمَةُ؟

(الثَّانِي) إذَا بَقِيَ بَعْدَ الْجَائِحَةِ شَيْءٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْمُشْتَرِي بِمَا يَنْوِيهِ مِنْ الثَّمَنِ وَإِنْ قَلَّ وَلَيْسَ لَهُ رَدُّ ذَلِكَ عَلَى الْبَائِعِ وَأَخْذُ جَمِيعِ ثَمَنِهِ كَمَا إذَا اسْتَحَقَّ جُلَّ الْمَبِيعِ إذْ لَا سَبَبَ لِلْبَائِعِ فِي الْجَائِحَةِ فَفَارَقَ ذَلِكَ حُكْمَ الِاسْتِحْقَاقِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ. قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ الشَّيْخُ خَلِيلُ بِقَوْلِهِ (وَلَزِمَ الْمُشْتَرِي بَاقِيهَا وَإِنْ قَلَّ)

(الثَّالِثُ) غُلُوُّ السِّعْرِ غَيْرُ مُسْقِطٍ لِلرُّجُوعِ بِالْجَائِحَةِ قَالَ الْحَطَّابُ صَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ شَعْبَانَ فِي الزَّاهِي وَنَصُّهُ وَلَوْ أُجِيحَ وَغَلَا ثَمَنُ الثَّمَرَةِ حَتَّى زَادَ عَلَى الْمَعْلُومِ مِنْ الْأَثْمَانِ لَوْ لَمْ تَكُنْ جَائِحَةٌ مَا سَقَطَتْ. اهـ، وَمَنْ أَرَادَ تَتَبُّعَ مَسَائِلَ هَذَا الْفَصْلِ فَعَلَيْهِ بِتَأْلِيفِ الْإِمَامِ الْحَطَّابِ فِي مَسَائِلِ الْجَوَائِحِ الْمُسَمَّى بِالْقَوْلِ الْوَاضِحِ فِي مَسَائِلِ الْجَوَائِحِ.

(الرَّابِعُ) : إنَّمَا قَدَّمْنَا فِي هَذَا الْفَصْلِ بَعْضَ الْأَبْيَاتِ عَلَى بَعْضٍ لِمَا رَأَيْنَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْمُنَاسَبَةِ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الرَّقِيقِ وَسَائِرِ الْحَيَوَانِ]

ِ

بَيْعُ الرَّقِيقِ أَصْلُهُ السَّلَامَهْ

وَحَيْثُ لَمْ تُذْكَرْ فَلَا مَلَامَهْ

وَهُوَ مُبِيحٌ لِلْقِيَامِ عِنْدَمَا

يُوجِبُ عَيْبٌ بِالْمَبِيعِ قُدِّمَا

يَعْنِي أَنَّ: الْأَصْلَ فِي بَيْعِ الرَّقِيقِ السَّلَامَةُ مِنْ الْعَيْبِ فَإِنْ نُصَّ عَلَيْهَا فَلَا إشْكَالَ، وَإِنْ تَذَكَّرَ فَلَا مَلَامَةَ فِي عَدَمِ ذِكْرِهَا، وَالْبَيْعُ مَحْمُولٌ عَلَيْهَا، وَإِنْ سَكَتَ عَنْهَا اسْتِصْحَابًا لِلْأَصْلِ فَلِذَلِكَ كَانَ لِلْمُشْتَرِي الْقِيَامُ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ يَجِدُهُ بِالْمَبِيعِ لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مَا لَمْ يَنُصَّ عَلَى الْبَرَاءَةِ فَلَا قِيَامَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ حِينَئِذٍ بِعَيْبٍ إلَّا بِمَا ثَبَتَ تَدْلِيسُهُ بِهِ. وَإِلَى إبَاحَةِ قِيَامِ الْمُشْتَرِي بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ أَشَارَ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ (وَهُوَ مُبِيحٌ) الْبَيْتَ وَالضَّمِيرُ لِبَيْعِ الرَّقِيقِ الَّذِي أَصْلُهُ السَّلَامَةُ يَعْنِي مَا لَمْ يَدْخُلْ عَلَى الْبَرَاءَةِ فَلَا قِيَامَ لَهُ كَمَا ذَكَرَ.

(قَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ) : بَيْعُ الرَّقِيقِ عَلَى وَجْهَيْنِ عَلَى السَّلَامَةِ مِنْ الْعُيُوبِ وَعَلَى الْبَرَاءَةِ وَيُكْتَبُ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ اشْتَرَى فُلَانٌ مِنْ فُلَانٍ مَمْلُوكَةً رُومِيَّةً اسْمُهَا كَذَا، أَوْ مَمْلُوكَةً سَوْدَاءَ جَانِيَةً أَوْ بَزِيزِيَّةً اسْمُهَا كَذَا، أَوْ مَمْلُوكًا اسْمُهُ كَذَا وَنَعْتُهُ كَذَا، بِثَمَنٍ مَبْلَغُهُ كَذَا يَدْفَعُهُ لِأَجْلِ كَذَا وَقَبَضَ الْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَاهُ بَعْدَ النَّظَرِ، وَالتَّقْلِيبِ، وَالرِّضَا عَلَى الصِّحَّةِ مِنْ جَمِيعِ الْعُيُوبِ، أَوْ بَعْدَ الْعِلْمِ أَنَّ بِهَا مِنْ الْعُيُوبِ كَذَا وَكَذَا فَرَضِيَهَا، وَالْتَزَمَهَا، وَعَلَى السَّلَامَةِ مِمَّا عَدَا ذَلِكَ، وَشُهِدَ عَلَيْهِمَا بِذَلِكَ وَبِمَحْضَرِ الْمَمْلُوكَةِ، وَعَلَى عَيْنِهَا وَإِقْرَارِهَا بِالرِّقِّ لِبَائِعِهَا الْمَذْكُورِ إلَى أَنْ عُقِدَ عَلَيْهَا هَذَا الْبَيْعُ وَفِي تَارِيخِ كَذَا. (بَيَانٌ) فَائِدَةُ الِاعْتِرَافِ بِالرِّقِّ أَنَّهُ قَدْ يُثْبِتُ حُرِّيَّةً وَالْبَائِعُ عَدِيمٌ وَالْعَبْدُ أَوْ الْأَمَةُ ذُو مَالٍ فَيُرْجَعُ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ.

وَفِي كِتَابِ الِاسْتِغْنَاءِ أَنَّهُ لَا قِيَامَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْحُرِّيَّةِ إنْ ادَّعَاهَا وَقَوْلُنَا عَلَى الصِّحَّةِ

ص: 305

وَالسَّلَامَةِ بَيَانٌ حَسَنٌ وَإِنْ سَكَتَ عَنْهُ فَالْبَيْعُ مَحْمُولٌ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ حَتَّى يَنُصَّ فِيهِ أَنَّهُ عَلَى الْبَرَاءَةِ وَحُكْمُ هَذَا الْبَيْعِ أَنَّ مَا أَلْفَى فِي الْمَبِيعِ مِنْ عَيْبٍ أَقْدَمَ مِنْ أَمَدِ الْبَيْعِ رَجَعَ بِهِ. اهـ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى بَيْعِ الْبَرَاءَةِ حَيْثُ ذَكَرَهُ النَّاظِمُ. (فَرْعٌ) نَقَلَ الشَّارِحُ عَنْ الْمُقَرَّبِ مَا نَصُّهُ وَلِمَالِكٍ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ اشْتَرَى بِالْبَرَاءَةِ فَلَا يَبِيعُ بَيْعَ الْإِسْلَامِ وَعُهْدَتِهِ حَتَّى يُخْبَرَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِالْبَرَاءَةِ وَمَنْ اشْتَرَى بِبَيْعِ الْإِسْلَامِ وَعُهْدَتِهِ فَلَا يَبِيعُ بِالْبَرَاءَةِ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يَكُونُ فِي مِثْلِهِ التَّدْلِيسُ إلَّا رَجُلًا بَاعَ لِدَيْنٍ عَلَيْهِ، أَوْ فِي مِيرَاثٍ، أَوْ بَيْعِ السُّلْطَانِ فَإِنَّ لِهَؤُلَاءِ أَنْ يَبِيعُوا بَيْعَ الْبَرَاءَةِ وَإِنْ كَانُوا قَدْ ابْتَاعُوا بَيْعَ الْإِسْلَامِ وَعُهْدَةِ الْإِسْلَامِ. اهـ

وَالْعَيْبُ إمَّا ذُو تَعَلُّقٍ حَصَلْ

ثُبُوتُهُ فِيمَا يُبَاعُ كَالشَّلَلْ

أَوْ مَا لَهُ تَعَلُّقٌ لَكِنَّهْ

مُنْتَقِلٌ عَنْهُ كَمِثْلِ الْجَنَّهْ

أَوْ بَائِنٌ كَالزَّوْجِ وَالْإِبَاقِ

فَالرَّدُّ فِي الْجَمِيعِ بِالْإِطْلَاقِ

إلَّا بِأَوَّلٍ بِمَا مِنْهُ ظَهَرْ

لِمَنْ يَكُونُ بِالْعُيُوبِ ذَا بَصَرْ

وَالْخُلْفُ فِي الْخَفِيِّ مِنْهُ وَالْحَلِفْ

يَلْزَمُ إلَّا مَعَ تَدَيُّنٍ عُرِفْ

يَعْنِي أَنَّ: عُيُوبَ الرَّقِيقِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: - أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِهِ تَعَلُّقَ ثُبُوتٍ لَا يُنْتَقَلُ عَنْهُ كَالشَّلَلِ وَالْقَطْعِ وَالْكَيِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِهِ تَعَلُّقَ انْتِقَالٍ كَالْجُنُونِ، وَالْبَوْلِ فِي الْفِرَاشِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَالثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ بَائِنًا عَنْهُ كَالسَّرِقَةِ وَالْإِبَاقِ وَالزَّوْجِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَإِلَى هَذِهِ الْأَقْسَامِ أَشَارَ بِالْبَيْتَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَشَطْرِ الثَّالِث وَالشَّلَلُ يُبْسُ الْكَفِّ لِجُرْحٍ أَوْ غَيْرِهِ فَمَنْ اشْتَرَى رَقِيقًا فَوَجَدَ فِيهِ عَيْبًا قَدِيمًا مِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ فَلَهُ الرَّدُّ بِهِ كَانَ الْمُشْتَرِي عَارِفًا بِالْعُيُوبِ أَوْ غَيْرَ عَارِفٍ بِهَا، وَكَذَلِكَ لَهُ الرَّدُّ بِعُيُوبِ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ لِغَيْرِ الْعَارِفِ ظَاهِرًا كَانَ الْعَيْبُ أَوْ خَفِيًّا. وَأَمَّا الْعَارِفُ فَلَا رَدَّ لَهُ بِمَا كَانَ مِنْهُ ظَاهِرٌ، تَقْدِيمًا لِلْغَالِبِ الَّذِي هُوَ رُؤْيَتُهُ وَالْعِلْمُ بِهِ عَلَى الْأَصْلِ الَّذِي هُوَ الْجَهْلُ بِهِ وَأَمَّا الْخَفِيُّ فَفِي رُجُوعِ الْعَارِفِ بِهِ قَوْلَانِ: - أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَا رَدَّ لَهُ رَوَاهُ (ابْنُ حَبِيبٍ) وَغَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ.

وَالثَّانِي أَنَّهُ يَرُدُّ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ مَا رَآهُ. قَوْلُهُ ابْنُ الْقَاسِمِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَ بَصَرِهِ غَيْرُ مُتَّهَمٍ لِتَدَيُّنِهِ فَلَهُ الرَّدُّ فِي الظَّاهِرِ وَالْخَفِيِّ دُونَ يَمِينٍ. وَإِلَى الرَّدِّ بِمَا ذُكِرَ إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ مِنْهُ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (فَالرَّدُّ فِي الْجَمِيعِ بِالْإِطْلَاقِ إلَّا بِأَوَّلٍ إلَى آخِرِ الْبَيْتَيْنِ) وَضَمِيرُ مِنْهُ فِي الْبَيْتِ الرَّابِعِ وَالْخَامِسِ لِلْقِسْمِ الْأَوَّلِ مِنْ الْعُيُوبِ.

(وَقَوْلُهُ فِي الْخَفِيِّ مِنْهُ إلَخْ) يَعْنِي وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا مِنْ كَوْنِ الْمُشْتَرِي ذَا بَصَرٍ بِالْعُيُوبِ وَحَلِفُهُ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ لَهُ الرَّدَّ كَمَا تَقَدَّمَ عَلَى أَنَّ تَقْسِيمَ الْمُشْتَرِي إلَى كَوْنِهِ عَارِفًا بِالْعُيُوبِ أَوْ لَا إنَّمَا يَظْهَرُ مَعْنَاهُ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ فَقَطْ بِمَا هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَبِيعِ إذْ هُوَ الَّذِي يَفْتَرِقُ فِيهِ الْعَارِفُ مِنْ غَيْرِهِ.

ص: 306

وَأَمَّا الْقِسْمَانِ الْأَخِيرَانِ فَالْعَارِفُ وَغَيْرُهُ فِيهِمَا سَوَاءٌ. وَإِنَّمَا يُذْكَرُ فِيهِمَا تَتْمِيمًا لِلتَّقْسِيمِ لَا غَيْرُ

(قَالَ الشَّارِحُ) وَأَمَّا مَا تَعَلَّقَ مِنْ الْعُيُوبِ بِالْأَبْدَانِ تَعَلُّقَ انْتِقَالٍ أَوْ كَانَ بَائِنًا عَنْهَا فَلِلْمَبِيعِ الرَّدُّ بِهِ نَخَّاسًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ.

(تَفْرِيعٌ) إنَّمَا يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ بِالْعَيْبِ إذَا ثَبَتَ الْعَيْبُ وَكَوْنُهُ قَدِيمًا أَيْ قَبْلَ الْبَيْعِ وَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي، وَلَا رَضِيَ بِهِ بَعْدَ الشِّرَاءِ فَإِذَا تَنَازَعَا فِي وُجُودِ الْعَيْبِ الْخَفِيِّ فَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ لَا يُقْبَلُ دَعْوَى الْمُبْتَاعِ إنْ بَاعَ لَهُ عَيْبًا دُونَ أَنْ يُبَيِّنَهُ بِالْمُشَاهَدَةِ إنْ كَانَ مُشَاهَدًا أَوْ بِالْبَيِّنَةِ إنْ كَانَ غَيْرَ مُشَاهَدٍ ابْنُ الْحَاجِبِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ عُدُولٌ قُبِلَ غَيْرُهُمْ لِلضَّرُورَةِ. قَالَ (الْبَاجِيُّ) وَلَوْ كَانُوا غَيْرَ مُسْلِمِينَ وَسَيَأْتِي هَذَا لِلنَّاظِمِ آخَرَ التَّرْجَمَةِ. وَإِذَا تَنَازَعَا فِي قِدَمِ الْعَيْبِ وَحُدُوثِهِ فَقَالَ (فِي التَّوْضِيحِ) لَا يَخْلُو الْعَيْبُ إمَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا لَا يَحْدُثُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَوْ مِمَّا أَنَّهُ لَا يَكُونُ عِنْدَ الْبَائِعِ فَالْقَوْلُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ قَوْلُ مَنْ قَوِيَ سَبَبُهُ مِنْهُمَا مَعَ يَمِينِهِ. أَوْ يَكُونُ مُحْتَمَلًا فَيُثْبِتُهُ الْمُبْتَاعُ بِالْبَيِّنَةِ فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ الْبَيِّنَةُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ إذْ الْأَصْلُ لُزُومُ الْعَقْدِ. اهـ

فَقَوْلُهُ مِمَّا لَا يَحْدُثُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَيْ لِظُهُورِ عَلَامَةِ قِدَمِهِ. وَقَوْلُهُ، أَوْ مِمَّا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ عِنْدَ الْبَائِعِ أَيْ لِظُهُورِ عَلَامَةِ حُدُوثِهِ وَقَوْلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ قَوِيَ سَبَبُهُ هُوَ الْمُشْتَرِي فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَالْبَائِعُ فِي الثَّانِيَةِ. وَإِذَا تَنَازَعَا فِي دُخُولِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْعَيْبِ فَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ بِالْعَيْبِ أَوْ أَرَاهُ إيَّاهُ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الْمُبْتَاعُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْمُبْتَاعَ الْيَمِينُ فَإِنْ حَلَفَ رُدَّ بِالْعَيْبِ وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْبَائِعُ وَبَرِئَ مِنْهُ. (قَالَهُ الْبَاجِيُّ) نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ.

وَإِذَا تَنَازَعَا فَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ عَلِمَ بِالْعَيْبِ وَرَضِيَهُ (فَفِي الْمُدَوَّنَةِ) لَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ الْمُبْتَاعُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ عَلِمَ رِضَاهُ بِمُخْبِرٍ أَخْبَرَهُ. أَوْ يَقُولُ قَدْ بَيَّنْتُهُ لَهُ فَرَضِيَهُ. قَالَ فِيهَا وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ لَهُ احْلِفْ أَنَّك لَمْ تَرَ الْعَيْبَ عِنْدَ الشِّرَاءِ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ حَتَّى يَدَّعِيَ أَنَّهُ أَرَاهُ إيَّاهُ فَيَحْلِفُ. قَالَهُ فِي (التَّوْضِيحِ) وَكَيْفِيَّةُ دُخُولِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْعَيْبِ أَنَّ الْعَيْبَ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَتَفَاوَتَ فِي نَفْسِهِ بِالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ أَوْ لَا، فَالثَّانِي يَبْرَأُ بِتَسْمِيَتِهِ كَقَطْعِ الْيَدِ وَالْعَوَرِ مَثَلًا وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَلَا تَنْقَطِعُ حُجَّةُ الْمُشْتَرِي فِيهِ إلَّا بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ: - الْأَوَّلُ أَنْ يَقُولَ هُوَ بِهِ ابْنُ الْمَوَّازِ وَلَا يَنْفَعُهُ لَوْ أَفْرَدَهُ فَقَالَ أَبِيعُكَ بِالْبَرَاءَةِ مِنْ كَذَا حَتَّى يَقُولَ: إنَّ ذَلِكَ بِهِ. ثَانِيهَا: أَنْ يُطْلِعَهُ عَلَى مَا يَعْلَمُ مِنْ حَالِهِ بِمُشَاهَدَةٍ، أَوْ خَبَرٍ يَقُومُ مَقَامَهَا. ثَالِثُهَا: أَنْ لَا يُجْمِلَهُ مِنْ غَيْرِهِ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ لِأَنَّهُ إذَا ذَكَرَ لَهُ مَا لَيْسَ فِيهِ اعْتَقَدَ الْمُبْتَاعُ أَنَّ جَمِيعَ مَا ذَكَرَ كَذَلِكَ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَمْ يَتَبَرَّأْ مِنْ عَيْبٍ (قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ) وَلَّى هَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ أَشَارَ فِي مُخْتَصَرِهِ بِقَوْلِهِ وَإِذَا عَلِمَهُ بَيَّنَ أَنَّهُ بِهِ وَوَصَفَهُ أَوْ أَرَاهُ لَهُ وَلَمْ يُجْمِلْهُ.

وَحَيْثُ لَا يَثْبُتُ فِي الْعَيْبِ الْقِدَمْ

كَانَ عَلَى الْبَائِعِ فِي ذَاكَ الْقَسَمْ

وَهُوَ عَلَى الْعِلْمِ بِمَا يَخْفَى وَفِي

غَيْرِ الْخَفِيِّ الْحَلْفُ بِالْبَتِّ اُقْتُفِيَ

وَفِي نُكُولِ بَائِعٍ مَنْ اشْتَرَى

يَحْلِفُ وَالْحَلِفُ عَلَى مَا قَرَّرَا

تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ النِّزَاعُ فِي قِدَمِ الْعَيْبِ وَحُدُوثِهِ، وَلَمْ يَثْبُتْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ. وَإِذَا قُلْنَا بِحَلِفِهِ فَهَلْ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتّ، أَوْ عَلَى الْعِلْمِ فِيهِ تَفْصِيلٌ: - فَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ مِمَّا يَخْفَى حَلَفَ عَلَى

ص: 307

الْعِلْمِ. وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا لَا يَخْفَى حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ. فَإِنْ نَكَلَ الْبَائِعُ حَلَفَ الْمُشْتَرِي وَرُدَّ. وَحَلِفُهُ كَمَا ذَكَرَ فِي الْبَائِعِ عَلَى الْعِلْمِ فِي الْخَفِيِّ وَعَلَى الْبَتِّ فِي الظَّاهِرِ.

(قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ) قَالَ مَالِكٌ إنْ كَانَ الْعَيْبُ مِمَّا يُمْكِنُ حُدُوثُهُ عِنْدَ أَحَدِهِمَا فَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا لَا يَخْفَى مِثْلُهُ حَلَفَ الْبَائِعُ عَلَى الْبَتِّ أَنَّهُ مَا بَاعَهُ وَهُوَ بِهِ إنْ كَانَ مِمَّا يَخْفَى مِثْلُهُ وَيَرَى أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْهُ حَلَفَ الْبَائِعُ عَلَى الْعِلْمِ أَنَّهُ مَا بَاعَهُ وَهُوَ بِهِ وَعَلَى الْمُبْتَاعِ الْبَيِّنَةُ أَنَّ الْعَيْبَ كَانَ قَدِيمًا عِنْدَ الْبَائِعِ. وَفِي النَّوَادِرِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِذَا كَانَ عَيْبٌ يَحْدُثُ مِثْلُهُ وَيَقْدُمُ حَلَفَ الْبَائِعُ عَلَى الْعِلْمِ فِيمَا يَخْفَى وَعَلَى الْبَتِّ فِيمَا لَا يَخْفَى فَإِنْ نَكَلَ فِي الْوَجْهَيْنِ حَلَفَ الْمُبْتَاعُ عَلَى الْعِلْمِ. قَالَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ يَحْلِفُ الْبَائِعُ فِي الْبَتِّ وَالْعِلْمِ

(قَالَ الشَّارِحُ) اعْتَمَدَ الشَّيْخُ مَا فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ مِنْ كَوْنِ حَلِفِ الْمُبْتَاعِ كَحَلِفِ الْبَائِعِ فِي الْعُلُوِّ وَالْبَتِّ دُونَ رِوَايَةِ عِيسَى لِأَنَّهُ الَّذِي جَرَتْ بِهِ الْأَحْكَامُ.

(وَفِي الْمُخْتَصَرِ) وَيَمِينُهُ بِعْتُهُ وَفِي ذِي التَّوْفِيَةِ، وَأَقْبَضْتُهُ، وَمَا هُوَ بِهِ بَتًّا فِي الظَّاهِرِ، وَعَلَى الْعِلْمِ فِي الْخَفِيِّ

وَلَيْسَ فِي صَغِيرَةٍ مُوَاضَعَهْ

وَلَا لِوَخَشٍ حَيْثُ لَا مُجَامَعَهْ

وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ تَعْجِيلِ الثَّمَنْ

وَإِنْ يَكُنْ ذَاكَ بِطَوْعٍ فَحَسَنْ

ص: 308

الْمُوَاضَعَةُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: هِيَ جَعْلُ الْأَمَةِ مُدَّةَ اسْتِبْرَائِهَا فِي حَوْزٍ مَقْبُولٍ خَبَرُهُ عَنْ حَيْضَتِهَا. اهـ

(قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ) الشَّأْنُ كَوْنُهَا عَلَى يَدِ امْرَأَةٍ فَإِنْ وُضِعَتْ بِيَدِ رَجُلٍ لَهُ أَهْلٌ يَنْظُرُونَهَا أَجْزَأَ. (ابْنُ رُشْدٍ) الِاسْتِبْرَاءُ وَاجِبٌ لِحِفْظِ النَّسَبِ كَوُجُوبِ الْعِدَّةِ. وَأَمَّا الْمُوَاضَعَةُ فَهِيَ أَيْضًا وَاجِبَةٌ لِدَفْعِ الْغَرَرِ وَالْخَطَرِ وَذَلِكَ فِي الْأَمَةِ الَّتِي يُنْقِصُ الْحَمْلُ مِنْ ثَمَنِهَا كَثِيرًا، أَوْ الَّتِي وَطِئَهَا الْبَائِعُ. اهـ قَدْ اشْتَمَلَ الْبَيْتَانِ عَلَى مَسْأَلَتَيْنِ: - الْأَوَّلُ: مَنْ اشْتَرَى أَمَةً صَغِيرَةً لَا تُطِيقُ الْوَطْءَ، أَوْ كَبِيرَةً، وَخْشًا وَهِيَ الَّتِي لَا تُرَادُ لِلْوَطْءِ فَلَا مُوَاضَعَةَ فِيهِمَا. إنَّمَا الْمُوَاضَعَةُ فِي الَّتِي تُطِيقُ مَنْ الرَّقِيقِ أَوْ وَخْشَةٍ إذَا أَقَرَّ الْبَائِعُ بِوَطْئِهَا. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّ الْأَمَةَ الْمُوَاضَعَةَ لَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ النَّقْدِ فِيهَا لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا إنْ لَمْ يَظْهَرْ حَمْلٌ أَوْ سَلَفًا إنْ ظَهَرَ. فَإِنْ شُرِطَ النَّقْدُ فَسَدَ الْبَيْعُ. فَإِنْ وَقَعَ النَّقْدُ تَطَوُّعًا بَعْدَ الْعَقْدِ جَازَ ذَلِكَ.

(تَنْبِيهٌ) لِكُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ نَظَائِرُ أَمَّا الْأُولَى: - فَنَظَائِرُهَا فِي عَدَمِ الْمُوَاضَعَةِ سِتٌّ (قَالَ اللَّخْمِيُّ) لَا مُوَاضَعَةَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ فِي سِتٍّ: ذَاتِ الزَّوْجِ، وَالْحَامِلِ، وَالْمُعْتَدَّةِ مِنْ طَلَاقٍ، أَوْ وَفَاةٍ، وَالْمُسْتَبْرَأَةِ مِنْ غَصْبٍ، أَوْ زِنًا. اهـ، وَكَذَا الْمَرْدُودَةِ بِعَيْبٍ، أَوْ فَسَادٍ، أَوْ إقَالَةٍ، وَنَظِيرُ الثَّانِيَةِ فِي مَنْعِ اشْتِرَاطِ النَّقْدِ، وَجَوَازِهِ تَطَوُّعًا بَعْدَ الْعَقْدِ: الْمَبِيعُ بِخِيَارٍ، وَبَيْعُ الْغَائِبِ، وَالرَّقِيقُ الْمَبِيعُ بِعُهْدَةِ الثَّلَاثِ، وَالْأَرْضُ غَيْرُ الْمَأْمُونَةِ، وَالْجَعْلِ، وَالْإِجَارَةِ لِحِرْزِ الزَّرْعِ. وَالْأَجِيرُ يَتَأَخَّرُ عَمَلُهُ شَهْرًا.

(وَفِي الْمُخْتَصَرِ) وَلَا مُوَاضَعَةَ فِي مُتَزَوِّجَةٍ، وَحَامِلٍ، وَمُعْتَدَّةٍ، وَزَانِيَةٍ كَالْمَرْدُودَةِ بِعَيْبٍ، أَوْ فَسَادٍ، أَوْ إقَالَةٍ إنْ لَمْ يَغِبْ الْمُشْتَرِي وَفَسَدَ. إنْ نُقِدَ بِشَرْطٍ لَا تَطَوُّعًا. وَقَالَ فِيمَا يُمْتَنَعُ فِيهِ اشْتِرَاطُ النَّقْدِ وَبِشَرْطِ نَقْدٍ أَيْ فِي الْمَبِيعِ بِخِيَارٍ كَغَائِبٍ، وَعُهْدَةِ ثَلَاثٍ، وَمُوَاضَعَةٍ، وَأَرْضٍ لَمْ يُؤْمَنْ رَيُّهَا، وَجُعْلٍ، وَإِجَارَةٍ لِحِرْزِ زَرْعٍ، وَأَجِيرٍ تَأَخَّرَ شَهْرًا.

وَالْبَيْعُ مَعَ بَرَاءَةٍ إنْ نُصَّتْ

عَلَى الْأَصَحِّ بِالرَّقِيقِ اُخْتُصَّتْ

وَالْفَسْخُ إنْ عَيْبٌ بَدَا مِنْ حُكْمِهِ

مَعَ اعْتِرَافٍ أَوْ ثُبُوتِ عِلْمِهِ

وَيَحْلِفُ الْبَائِعُ مَعَ جَهْلِ الْخَفِي

بِالْعِلْمِ وَالظَّاهِرُ بِالْبَتِّ حَفِيّ

وَحَيْثُمَا نُكُولُهُ تَبَدَّا

بِهِ الْمَبِيعُ لَا الْيَمِينُ رُدَّا

وَبَعْضُهُمْ فِيهَا الْجَوَازَ أَطْلَقَا

وَشَرْطُهَا مُكْثٌ بِمِلْكٍ مُطْلَقَا

بَيْعُ الْبَرَاءَةِ هُوَ أَنْ يَشْتَرِطَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي الْبَرَاءَةَ مِنْ الْعُيُوبِ الَّتِي لَا عِلْمَ لَهُ بِهَا فَلَا يَرْجِعُ لَهُ الْبَائِعُ إلَّا بِمَا عَلِمَ بِهِ. وَكَتَمَهُ (ابْنُ عَرَفَةَ) . الْبَرَاءَةُ تَرْكُ الْقِيَامِ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ. اهـ وَفِيهَا أَقْوَالٌ أَحَدُهَا أَنَّ الْبَرَاءَةَ جَائِزَةٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ. وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ وَرِوَايَةُ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ الَّذِي حَكَى النَّاظِمُ هُنَا حَيْثُ قَالَ: " وَبَعْضُهُمْ فِيهَا الْجَوَازُ أَطْلَقَا ". الثَّانِي أَنَّهَا لَا تَجُوزُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّالِثُ أَنَّهَا جَائِزَةٌ فِي الْحَيَوَانِ مُطْلَقًا. وَهُوَ فِي (الْمُوَطَّأِ) الرَّابِعُ: أَنَّهَا تَجُوزُ فِي الرَّقِيقِ خَاصَّةً. وَهُوَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِلَيْهِ رَجَعَ مَالِكٌ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ أَصْحَابِهِ. نَقَلَهُ ابْنُ سَلْمُونٍ وَهُوَ الَّذِي اعْتَمَدَ النَّاظِمُ وَعَبَّرَ عَنْهُ بِالْأَصَحِّ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ هُوَ قَوْلُهُ " وَبَعْضُهُمْ فِيهَا الْجَوَازَ أَطْلَقَا " وَأَنَّهَا لَا تَخْتَصُّ بِالرَّقِيقِ.

(قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ) قَالَ مَالِكٌ لَا تَنْفَعُ الْبَرَاءَةُ مِمَّا يَعْلَمُ الْبَائِعُ فِي مِيرَاثٍ أَوْ غَيْرِهِ فِي شَيْءٍ مِنْ السِّلَعِ، وَالْحَيَوَانِ إلَّا فِي الرَّقِيقِ وَحْدَهُ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ الَّذِي آخُذُ بِهِ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ. اهـ وَهَذَا فِي بَيْعِ الْإِنْسَانِ رَقِيقَهُ. وَأَمَّا بَيْعُ الْقَاضِي وَالْوَصِيِّ، وَالْوَارِثِ بِالْبَرَاءَةِ فَيَأْتِي لِلنَّاظِمِ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي فَصْلِ مَسَائِلَ مِنْ أَحْكَامِ الْبَيْعِ وَأَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِالرَّقِيقِ حَيْثُ قَالَ " وَكُلُّ مَا الْقَاضِي يَبِيعُ مُطْلَقًا إلَخْ "

(قَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ) وَحُكْمُ بَيْعِ الْبَرَاءَةِ أَنَّهُ إذَا اطَّلَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبٍ فِي الْمَبِيعِ فَإِنْ أَقَرَّ الْبَائِعُ أَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ عَلِمَ بِهِ قَبْلَ

ص: 309

الْبَيْعِ رَجَعَ بِهِ وَانْفَسَخَ الْبَيْعُ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلِمَ بِهِ حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ وَلَزِمَ الْمُشْتَرِي.

(قَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ)[يَحْلِفُ فِي الْعَيْبِ الْخَفِيِّ عَلَى الْعِلْمِ وَفِي الظَّاهِرِ عَلَى الْبَتِّ] اهـ وَإِلَى كَلَامِ ابْنِ سَلْمُونٍ هَذَا أَشَارَ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ " وَالْفَسْخُ إنْ عَيْبٌ " بَدَا مِنْ حُكْمِهِ الْبَيْتَيْنِ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِ النَّاظِمِ " وَالْفَسْخُ إنْ عَيْبٌ " بَدَا إلَخْ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَعْتَرِفْ الْبَائِعُ بِالْعَيْبِ وَلَا ثَبَتَ عِلْمُهُ بِهِ أَنَّ الْبَيْعَ لَا يُفْسَخُ. وَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِي وَهُوَ قَوْلُ ابْنُ سَلْمُونٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلِمَ بِهِ حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ وَلَزِمَ الْمُشْتَرِي، وَحَلِفُهُ إمَّا عَلَى الْعِلْمِ فِي الْعَيْبِ الْخَفِيِّ، أَوْ عَلَى الْبَتِّ فِي الظَّاهِرِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَأَشَارَ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ " وَحَيْثُمَا نُكُولُهُ تَبَدَّا " الْبَيْتَ إلَى قَوْلِ الْمُتَيْطِيِّ عَلَى نَقْلِ الشَّارِحِ وَنَحْوِهِ فِي ابْنِ سَلْمُونٍ أَيْضًا. وَإِنْ نَكَلَ الْبَائِعُ عَنْ الْيَمِينِ فِي بَيْعِ الْبَرَاءَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ الرَّدُّ وَلَا تُنْقَلُ الْيَمِينُ فِي الْمُبْتَاعِ عَنْ الْيَمِينِ رُدَّ عَلَيْهِ الْبَيْعُ. وَلَا تُرَدُّ عَلَيْهِ الْيَمِينُ لِأَنَّهَا لِلتُّهْمَةِ فَلَا تَنْقَلِبُ، وَقَوْلُهُ " وَبَعْضُهُمْ فِيهَا الْجَوَازَ أَطْلَقَا " الضَّمِيرُ لِلْبَرَاءَةِ

وَمَعْنَى (الْإِطْلَاقِ) أَنَّهَا تَصِحُّ فِي كُلِّ مَبِيعٍ لَا تَخْتَصُّ بِالرَّقِيقِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا مُقَابِلُ الْأَصَحِّ. فِي الْبَيْتِ الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ " وَشَرْطُهَا مُكْثُهُ بِمِلْكٍ مُطْلَقًا " أَشَارَ بِهِ لِقَوْلِ ابْنِ سَلْمُونٍ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْبَرَاءَةِ إلَّا فِيمَا طَالَ مُكْثُهُ عِنْدَ الْبَائِعِ وَاخْتَبَرَهُ. وَأَمَّا مَا لَمْ يَطُلْ مُكْثٌ فَإِنَّ مَالِكًا وَأَصْحَابَهُ يَكْرَهُونَ بَيْعَهُ عَلَى الْبَرَاءَةِ، فَمَرَّةً قَالَ إذَا وَقَعَ مَضَى وَمَرَّةً أَبْطَلَ الْبَرَاءَةَ فِيهِ. اهـ

(وَبَاءَ بِالْعِلْمِ) لِلِاسْتِعْلَاءِ عَلَى حَدِّ {مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ} [آل عمران: 75] أَيْ عَلَى قِنْطَارٍ وَالظَّاهِرُ مُبْتَدَأٌ، وَحَفِيٌّ خَبَرُهُ وَبِهِ يَتَعَلَّقُ بِالْبَتِّ وَمَعْنَى حَفِيٌّ مُعْتَبَرٌ وَالْخَفِيُّ وَالظَّاهِرُ وَصْفَانِ لِمَحْذُوفٍ أَيْ " الْعَيْبُ الْخَفِيُّ " وَالظَّاهِرُ، وَمَعْنَى مُطْلَقًا آخِرَ الْبَيْتِ الْأَخِيرِ سَوَاءٌ قُلْنَا تَخْتَصُّ بِالرَّقِيقِ أَوْ لَا فَلَا بُدَّ مِنْ طُولِ الْمُكْثِ عِنْدَ الْبَائِعِ إذْ هُوَ مَظِنَّةُ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعُيُوبِ.

وَالْيَوْمُ وَالْيَوْمَانِ فِي الْمَرْكُوبِ

وَشِبْهِهِ اُسْتُثْنِيَ لِلرُّكُوبِ

يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ بَاعَ دَابَّةً أَنْ يَسْتَثْنِيَ رُكُوبَهَا الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ مَنْ بَاعَ دَابَّةً وَاسْتَثْنَى رُكُوبَهَا يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ، أَوْ سَافَرَ عَلَيْهَا الْيَوْمَ أَوْ إلَى الْمَكَانِ الْقَرِيبِ جَازَ ذَلِكَ.

وَلَا يَنْبَغِي فِيمَا بَعْدُ. وَضَمَانُهَا مِنْ الْمُبْتَاعِ فِيمَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ وَمِنْ الْبَائِعِ فِيمَا لَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ (اللَّخْمِيُّ) مَنْ بَاعَ رَاحِلَةً وَاسْتَثْنَى رُكُوبَهَا يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ وَهِيَ فِي الْحَضَرِ أَوْ فِي السَّفَرِ جَازَ وَيُكْرَهُ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ. وَيُمْنَعُ مَا كَثُرَ كَالْجُمُعَةِ مِنْ الْمَوَّاقِ عَلَى قَوْلِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ وَبَيْعُهَا وَاسْتِثْنَاءُ رُكُوبِهَا الثَّلَاثَ لَا جُمُعَةَ وَكُرِهَ الْمُتَوَسِّطُ.

وَلَمْ يَجُزْ فِي الْحَيَوَانِ كُلِّهِ

شِرَاؤُهُ عَلَى اشْتِرَاطِ حَمْلِهِ

ص: 310

يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ شِرَاءُ الْحَيَوَانِ كُلِّهِ عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِ وَمِنْ الْأَنْعَامِ، وَغَيْرِهَا عَلَى شَرْطِ كَوْنِهِ حَامِلًا.

(قَالَ الشَّارِحُ) : فَفِي الْمُقَرَّبِ قَالَ مَالِكٌ وَمَنْ اشْتَرَى شَاةً عَلَى أَنَّهَا حَامِلٌ فَلَا خَيْرَ فِي هَذَا الْبَيْعِ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ أَخَذَ لِجَنِينِهَا ثَمَنًا حِينَ بَاعَهَا بِشَرْطِ أَنَّهَا حَامِلٌ. قَالَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ شَاةٍ وَغَيْرِهَا مِنْ الْحَيَوَانِ فِي هَذَا الْمَعْنَى إلَّا فِي الْجَارِيَةِ الرَّائِعَةِ الَّتِي يَكُونُ الْحَمْلُ فِيهَا عَيْبًا يَتَبَرَّأُ الْبَائِعُ مِنْهُ، وَلِذَلِكَ أَتَى الشَّيْخُ بِلَفْظِ الْحَيَوَانِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْعُمُومِ وَسَاقَ الشَّاةَ فِي الْكِتَابِ عَلَى سَبِيلِ التَّمْثِيلِ وَلَمْ يَحْتَجْ النَّاظِمُ إلَى اسْتِثْنَاءِ

ص: 311

جَوَازِ اشْتِرَاطِ الْحَمْلِ فِي الرَّائِعَةِ لِأَنَّ كَلَامَ النَّاظِمِ فِي اشْتِرَاطِ الْمُشْتَرِي مَا يَصْلُحُ بِهِ، وَيَرْغَبُ فِيهِ، وَيَزِيدُ فِي الثَّمَنِ مِنْ أَجَلِهِ فَيُمْنَعُ لِأَجْلِ الْغَرَرِ، وَاشْتِرَاطُ الْحَمْلِ فِي الرَّائِعَةِ إنَّمَا الْمَقْصُودُ مِنْهُ التَّبَرِّي مِنْ الْعَيْبِ لَا الزِّيَادَةُ فِي الثَّمَنِ.

(قَالَ ابْنُ رُشْدٍ) : لَمْ يَجُزْ بَيْعُ الْحَامِلِ بِشَرْطِ الْحَمْلِ وَإِنْ كَانَ حَمْلًا ظَاهِرًا لِأَنَّهُ غَرَرٌ إذْ قَدْ يَنْفَشُّ الْحَمْلُ بَعْدَ ظُهُورِهِ فَيَكُونُ بِالشَّرْطِ قَدْ أَخَذَ لِلْجَنِينِ ثَمَنًا ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْحَيَوَانِ الَّذِي يَزِيدُهُ الْحَمْلُ، وَأَمَّا فِي الْجَوَارِي الْمُرْتَفِعَاتِ الَّتِي يُنْقِصُهُنَّ الْحَمْلُ فَيَجُوزُ أَنْ يَبِيعَهَا عَلَى أَنَّهَا حَامِلٌ إذَا كَانَتْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ لِأَنَّ ذَلِكَ تَبَرٍّ مِنْ عَيْبِ حَمْلِهَا كَالتَّبَرِّي مِنْ سَائِرِ عُيُوبِهَا.

وَذَاتُ حَمْلٍ قَدْ تَدَانَى وَضْعُهَا

لَمْ يَمْتَنِعْ عَلَى الْأَصَحِّ بَيْعُهَا

كَذَا الْمَرِيضُ فِي سِوَى السِّيَاقِ

يَصِحُّ بَيْعُهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ

وَالْعَبْدُ فِي الْإِبَاقِ مَعَ عِلْمِ مَحَلْ

قَرَارِهِ مِمَّا ابْتِيَاعٌ فِيهِ حَلْ

وَالْبَائِعُ الضَّامِنُ حَتَّى يَقْبِضَا

وَإِنْ تَقَعْ إقَالَةٌ لَا تُرْتَضَى

لَمَّا تَضَمَّنَ الْبَيْتُ قَبْلَ هَذَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا فِيهِ غَرَرٌ كَالْحَمْلِ، وَكَانَ بَعْضُ الْمَبِيعَاتِ يُتَوَهَّمُ فِيهَا الْغَرَرُ رُفِعَ ذَلِكَ الْوَهْمُ بِالتَّنْصِيصِ عَلَى جَوَازِ بَيْعِهَا. وَذَلِكَ الْحَامِلُ الَّتِي قَرُبَ وَضْعُهَا، وَالْمَرِيضُ مَرَضًا مَخُوفًا إنْ لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ السِّيَاقِ، وَالْعَبْدُ الْآبِقُ إذَا عُلِمَ مَحَلُّهُ فَأَخْبَرَ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تُبَاعَ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ، وَإِنْ كَانَ فِي بَيْعِهَا غَرَرٌ لِاحْتِمَالِ الْمَوْتِ مِنْ النِّفَاسِ، وَالْمَرَضِ، وَعَدَمِ وُجُودِ الْآبِقِ، أَوْ وُجُودُهُ قَدْ تَغَيَّرَ عَنْ حَالِهِ أَمَّا جَوَازُ بَيْعِ الْمَرِيضِ فِي غَيْرِ السِّيَاقِ، وَالْحَامِلِ الْمُقْرِبِ فَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَلَا يُبَاعُ مَنْ فِي السِّيَاقِ وَيَجُوزُ بَيْعُ الْمَرِيضِ الْمَخُوفِ عَلَيْهِ وَالْحَامِلِ الْمُقْرِبِ عَلَى الْأَصَحِّ.

(قَالَ فِي التَّوْضِيحِ) فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَلَا يُبَاعُ مَنْ فِي السِّيَاقِ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ خَاصٌّ بِالرَّقِيقِ، وَمَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ لِأَنَّهُ مِنْ أَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ. وَأَمَّا مَأْكُولُ اللَّحْمِ فَيُبَاعُ لِيُذَكَّى فَيَجُوزُ بَيْعُهُ لِحُصُولِ الْمَنْفَعَةِ بِهِ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ (ابْنُ عَرَفَةَ) : ظَاهِرُ إطْلَاقَاتِهِمْ وَنَصُّ ابْنِ مُحْرِزٍ مَنْعُ بَيْعِ مَنْ فِي السِّيَاقِ وَلَوْ كَانَ مَأْكُولَ اللَّحْمِ لِلْغَرَرِ فِي حُصُولِ الْغَرَضِ مِنْ حَيَاتِهِ أَوْ صَيْرُورَتِهِ لَحْمًا وَفِي حُصُولِ ذَكَاتِهِ لِاحْتِمَالِ عَدَمِ حَرَكَتِهِ بَعْدَ ذَبْحِهِ اهـ.

وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ " وَيَجُوزُ بَيْعُ الْمَرِيضِ وَالْحَامِلِ " الْمَصْدَرُ مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ أَيْ يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ الْمَرِيضُ، وَأَنْ تُبَاعَ الْحَامِلُ، فَالْمَرِيضُ، وَالْحَامِلُ مَبِيعًا لَا بَائِعًا لِأَنَّ وُقُوعَ الْبَيْعِ، وَنَحْوَهُ مِنْهُمَا جَائِزٌ مَاضٍ. وَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهِمَا إلَّا فِي التَّبَرُّعَاتِ كَالْهِبَةِ، وَالصَّدَقَةِ وَمَعْنَى الْإِطْلَاقِ فِي الْبَيْتِ الثَّانِي أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ الْمَرِيضِ فِي غَيْرِ السِّيَاقِ كَانَ مَأْكُولَ اللَّحْمِ كَالْأَنْعَامِ، أَوْ غَيْرَ مَأْكُولِهِ كَالْبِغَالِ، وَالْحَمِيرِ. وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ بَلَغَ حَدَّ السِّيَاقِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ كَانَ مَأْكُولَ اللَّحْمِ أَوْ لَا. وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ،

وَعَلَيْهِ فَإِطْلَاقُ النَّاظِمِ مَنْعَ بَيْعِ مَنْ فِي السِّيَاقِ صَحِيحٌ. وَأَمَّا جَوَازُ بَيْعِ الْآبِقِ إذَا عُلِمَ مَحَلُّهُ فَقَالَ الْمُتَيْطِيِّ وَيَجُوزُ بَيْعُ الْعَبْدِ الْآبِقِ إذَا عَلِمَ الْمُبْتَاعُ مَوْضِعَهُ وَصِفَتَهُ، فَإِنْ وُجِدَ هَذَا الْآبِقُ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي عَلَيْهَا قَبَضَهُ وَصَحَّ الْبَيْعُ فِيهِ وَإِنْ وَجَدَهُ قَدْ تَغَيَّرَ أَوْ تَلِفَ كَانَ مِنْ الْبَائِعِ، وَيَسْتَرْجِعُ الْمُبْتَاعُ الثَّمَنَ. وَقَالَ سَحْنُونٌ إنَّمَا يَجُوزُ ابْتِيَاعُ الْآبِقِ إذَا كَانَ فِي وَثَاقٍ. وَقَوْلُهُ:

وَالْبَائِعُ الضَّامِنُ حَتَّى يُقْبِضَا

مِنْ تَمَامِ مَسْأَلَةِ بَيْعِ الْآبِقِ وَتَقَدَّمَ قَوْلُ الْمُتَيْطِيِّ، وَإِنْ وَجَدَهُ قَدْ تَغَيَّرَ أَوْ تَلِفَ كَانَ أَيْ ضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ.

(وَفِي الْمُدَوَّنَةِ) بَيْعُ الْآبِقِ وَلَوْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ مَمْنُوعٌ. وَكَذَا الشَّارِدُ وَمَا نَدَّ أَوْ ضَلَّ. اهـ وَظَاهِرُهَا مَنْعُ بَيْعِ الْآبِقِ مُطْلَقًا. وَقَوْلُهُ

وَإِنْ تَقَع إقَالَةٌ لَا تُرْتَضَى

هُوَ مِنْ تَمَامِ مَسْأَلَةِ بَيْعِ الْآبِقِ يَعْنِي إذَا فَرَّعْنَا عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الْآبِقِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَقَايَلَ فِيهِ

ص: 312

الْمُتَبَايِعَانِ. وَالْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ فِي بَيْعِ الْغَائِبِ آبِقًا كَانَ أَوْ غَيْرَ آبِقٍ.

(قَالَ فِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ) قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ وَلَا ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ الْإِقَالَةَ فِي بَيْعِ الْغَائِبِ غَيْرُ جَائِزَةٍ لِأَنَّهُ مِنْ وَجْهِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ. اهـ

(وَفِي ابْنِ سَلْمُونٍ) فِي الْكَلَامِ عَلَى بَيْعِ الْغَائِبِ وَلَا تَجُوزُ الْإِقَالَةُ فِيهِ عِنْدَ مَالِكٍ لِأَنَّ الثَّمَنَ قَدْ ثَبَتَ عَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَصِيرَ فِيهِ شَيْئًا غَائِبًا لَا يَتَنَجَّزُ قَبْضُهُ وَيَدْخُلُهُ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ وَيَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْ غَيْرِهِ إذَا لَمْ يُنْتَقَدْ.

وَامْتَنَعَ التَّفْرِيقُ لِلصِّغَارِ

مِنْ أُمِّهِمْ إلَّا مَعَ الْإِثْغَارِ

ثُمَّ بِالْإِجْبَارِ عَلَى الْجَمْعِ الْقَضَا

وَالْخُلْفُ إنْ يَكُنْ مِنْ الْأُمِّ رِضَا

يَعْنِي أَنَّ مَنْ مَلَكَ أَمَةً وَوَلَدَهَا لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا بِالْبَيْعِ بِأَنْ يَبِيعَ أَحَدَهُمَا، وَيَحْبِسَ الْآخَرَ أَوْ يَبِيعَ الْأَمَةَ لِرَجُلٍ وَالْوَلَدَ لِرَجُلٍ آخَرَ مَادَامَ الْوَلَدُ صَغِيرًا لَمْ يُثْغِرْ، فَإِنْ أَثْغَرَ جَازَتْ التَّفْرِقَةُ

(وَالْإِثْغَارُ) نَبَاتُ رَوَاضِعِ الصَّبِيِّ بَعْدَ سُقُوطِهَا. وَهَذِهِ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَبِهَا الْقَضَاءُ، وَقِيلَ الْحَدُّ فِي ذَلِكَ الْبُلُوغُ فِي الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى. (قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ) : لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ بَلَغَ. وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِالْبَيْتِ الْأَوَّلِ وَأَشَارَ بِالْبَيْتِ الثَّانِي أَنَّهُ إذَا وَقَعَ وَنَزَلَ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فِي مِلْكِ شَخْصٍ وَاحِدٍ وَيُقْضَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فُسِخَ الْبَيْعُ وَأَنَّهُ إنْ رَضِيَتْ الْأُمُّ بِالتَّفْرِقَةِ فَقَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَقَّ لَهَا وَلِلَّهِ تَعَالَى وَيَنْبَنِي عَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ أَيْضًا أَنَّا إذَا قُلْنَا الْحَقُّ لِلْآدَمِيِّ إذَا فُرِّقَا يُجْبَرَانِ عَلَى الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا. وَإِنْ قُلْنَا الْحَقُّ لِلَّهِ فَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِ الْبَيْعِ لِأَنَّ الْعَقْدَ عَلَى أَحَدِهِمَا فَاسِدٌ كَالْخَمْرِ. هَذَا خَاصٌّ بِالْآدَمِيِّ دُونَ سَائِرِ الْحَيَوَانِ.

(ابْنُ نَاجِي) وَالتَّفْرِقَةُ جَائِزَةٌ بَيْنَ الْحَيَوَانِ الْبَهِيمِيِّ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَرَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهَا لَا تَجُوزُ وَأَنَّ حَدَّ عَدَمِ التَّفْرِقَةِ أَنْ يَسْتَغْنِيَ عَنْ آبَائِهِ بِالرَّعْيِ نَقَلَهُ التَّادَلِيُّ. اهـ وَالْأَصْلُ فِيمَا ذَكَرَهُ مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْوَالِدَةِ وَوَلَدِهَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» فِي الْإِشْرَافِ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى الْقَوْلِ بِهَذَا الْخَبَرِ إذَا كَانَ الْوَلَدُ طِفْلًا لَمْ يَبْلُغْ سَبْعَ سِنِينَ. (ابْنُ يُونُسَ) وَالْأَصْوَبُ أَنَّهُ حَقٌّ لِلْوَلَدِ لَوْ رَضِيَتْ الْأُمُّ بِالتَّفْرِقَةِ لَمْ تَجُزْ. وَقَالَهُ مَالِكٌ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْأُمُّ مُسْلِمَةً أَوْ كَافِرَةً

(قَالَ مَالِكٌ) وَحَدُّ ذَلِكَ الْإِثْغَارِ مَا لَمْ يُعَجَّلْ بِهِ جِوَارِي كُنَّ أَوْ غِلْمَانًا (قَالَ مَالِكٌ) وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْوَلَدِ وَالصَّغِيرِ، وَبَيْنَ أَبِيهِ وَجَدِّهِ وَجَدَّتِهِ لِأُمِّهِ، وَلِأَبِيهِ وَفِي الْبَيْعِ مَتَى شَاءَ سَيِّدُهُ، وَإِنَّمَا لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا فِي الْأُمِّ خَاصَّةً. اهـ مِنْ الْمَوَّاقِ وَنَقَلَ الْحَطَّابُ قَالَ: قَالَ: اللَّخْمِيُّ وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ عَنْ بَعْضِ الْمَدَنِيِّينَ مَنْعَ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْأَبِ وَوَلَدِهِ وَهُوَ أَحْسَنُ قِيَاسًا عَلَى الْأُمِّ وَإِنْ كَانَتْ الْأُمُّ أَعْظَمَ مَوْجِدَةً. اهـ

وَالْحَمْلُ عَيْبٌ قِيلَ بِالْإِطْلَاقْ

وَقِيلَ فِي عِلْيَةِ ذِي اسْتِرْقَاقْ

وَالِافْتِضَاضُ فِي سِوَى الْوَخْشِ الدَّنِيّ

عَيْبٌ لَهَا مُؤَثِّرٌ فِي الثَّمَنِ

وَالْحَمْلُ لَا يَثْبُتُ فِي أَقَلَّ مِنْ

ثَلَاثَةٍ مِنْ الشُّهُورِ فَاسْتَبِنْ

وَلَا تَحَرُّكَ لَهُ يَثْبُتُ فِي

مَا دُونَ عِدَّةِ الْوَفَاةِ فَاعْرَفْ

يَعْنِي أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ عُيُوبِ الرَّقِيقِ الْحَمْلَ فَقِيلَ إنَّهُ عَيْبٌ فِيهِ مُطْلَقًا وَخْشًا كَانَتْ أَوْ عِلْيَةً وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَقِيلَ: إنَّمَا هُوَ. عَيْبٌ فِي الْعِلْيَةِ دُونَ الْوَخْشِ وَقَوْلُ ابْنِ كِنَانَةَ، وَالْعِلْيَةُ بِكَسْرِ الْعَيْن

ص: 313

وَسُكُونِ اللَّامِ وَفَتْحِ الْيَاءِ الْجَارِيَةُ الْحَسَنَةُ الَّتِي تُرَادُ لِلْفِرَاشِ غَالِبًا وَالْوَخْشُ الْقَبِيحَةُ الَّتِي تُرَادُ لِلْخِدْمَةِ وَمِنْ جُمْلَةِ عُيُوبِ الرَّقِيقِ أَيْضًا الِافْتِضَاضُ لَكِنْ فِي الْعِلْيَةِ فَهُوَ فِيهَا عَيْبٌ مُؤَثِّرٌ فِي نَقْصِ ثَمَنِهَا دُونَ الْوَخْشِ، فَلَيْسَ هُوَ عَيْبًا فِيهَا. أَمَّا كَوْنُ الْحَمْلِ عَيْبًا فِي الرَّقِيقِ فَقَالَ فِي الْمُقَرَّبِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ الْحَمْلُ فِي الرَّقِيقِ عَيْبٌ فِي وَخْشِ وَغَيْرِهِ. وَقَدْ خَالَفَ ابْنُ كِنَانَةَ فِي وَخْشٍ الرَّقِيقِ فَقَالَ: إنَّ الْحَمْلَ لَيْسَ عَيْبًا فِيهِنَّ. فَسَأَلْنَا مَالِكًا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: هُوَ عَيْبٌ.

وَأَمَّا كَوْنُ الِافْتِضَاضِ عَيْبًا فِي الْعِلْيَةِ دُونَ الْوَخْشِ فَفِي الْمُقَرَّبِ أَيْضًا. وَسُئِلَ سَحْنُونٌ عَمَّنْ اشْتَرَى صَبِيَّةً مِثْلُهَا لَا يُوطَأُ فَوَجَدَهَا مُفْتَضَّةً فَقَالَ: إنْ كَانَتْ مِنْ وَخْشِ الرَّقِيقِ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِعَيْبٍ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ عِلْيَةِ الرَّقِيقِ فَذَلِكَ عَيْبٌ يَرُدُّهَا بِهِ. اهـ وَفِي أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ مَا ظَاهِرُهُ أَنَّ الِافْتِضَاضَ فِي الْعِلْيَةِ عَيْبٌ كَانَتْ مِمَّنْ يُوطَأُ مِثْلُهَا، أَوْ لَا وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ النَّاظِمِ هَذَا الْحَاصِلُ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الْبَيْتَانِ الْأَوَّلَانِ، ثُمَّ ذَكَرَ فِي الْبَيْتَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْحَمْلَ لَا يَثْبُتُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَلَا يَتَحَرَّكُ فِي أَقَلَّ مِنْ مِقْدَارِ عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرَةُ أَيَّامٍ، وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ رَدُّهَا بِعَيْبِ الْحَمْلِ إذَا تَنَازَعَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي كَوْنِهِ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَوْ كَانَ بِهَا قَبْلَ الْبَيْعِ.

(قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ) : لَا شَكَّ أَنَّ الْحَمْلَ عَيْبٌ وَيُثْبَتُ بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ وَلَا يَتَبَيَّنُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، وَلَا يَتَحَرَّكُ تَحَرُّكًا بَيِّنًا يَصِحُّ الْقَطْعُ عَلَى تَحْرِيكِهِ فِي أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ. فَإِذَا شَهِدَتْ امْرَأَتَانِ أَنَّ بِهَا حَمْلًا بَيِّنًا لَا تَشُكَّانِ فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيكٍ رُدَّتْ الْأَمَةُ فِيمَا دُونَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَلَا تُرَدُّ فِيمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ حَادِثًا عِنْدَ الْمُشْتَرِي. وَإِذَا شَهِدْنَ أَنَّ بِهَا حَمْلًا يَتَحَرَّكُ رُدَّتْ فِيمَا دُونَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ وَلَمْ تُرَدَّ فِيمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ حَادِثًا، فَإِنْ رُدَّتْ ثُمَّ وُجِدَ ذَلِكَ الْحَمْلُ بَاطِلًا لَمْ تُرَدَّ إلَى الْمُشْتَرِي إذْ لَعَلَّهَا أَسْقَطَتْهُ. اهـ

(مِنْ الْحَطَّابِ) عِنْدَ قَوْلِهِ فِي الْعُيُوبِ وَرَفْعِ حَيْضَةِ اسْتِبْرَاءٍ. وَنَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ (قُلْتُ) : فَلَوْ زَادَ النَّاظِمُ هُنَا فَقَالَ مَثَلًا:

فَإِنْ يَبِنْ حَمْلٌ قُبَيْلَ أَشْهُرِ

ثَلَاثَةٍ مِنْ دُونِ تَحْرِيكٍ حَرِيّ

رُدَّتْ بِهِ كَذَا إذَا تَحَرَّكَا

مِنْ قَبْلِ أَرْبَعٍ وَعَشْرٍ فَاسْلُكَا

فَإِنْ بِهِ رُدَّتْ وَبَعْدُ يَنْتَفِي

لَا رَدَّ لِاحْتِمَالِ سَقْطٍ قَدْ خَفِيَ

لَكَانَ قَدْ صَرَّحَ بِنَتِيجَةِ مَعْرِفَةِ زَمَنٍ يُثْبَتُ فِيهِ الْحَمْلُ، أَوْ يَتَحَرَّكُ اللَّذَيْنِ فِي كَلَامِ النَّاظِمِ

(فَائِدَةٌ) . قَالَ: الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمُقْرِي فِي آخِرِ النِّكَاحِ مِنْ قَوَاعِدِهِ الْوَلَدُ يَتَحَرَّكُ لِمِثْلِ مَا يَتَخَلَّقُ لَهُ وَيُوضَعُ لِمِثْلِ مَا يَتَحَرَّكُ فِيهِ وَهُوَ يَتَخَلَّقُ فِي الْعَادَةِ تَارَةً لِشَهْرٍ فَيَتَحَرَّكُ لِشَهْرَيْنِ، وَيُوضَعُ لِسِتَّةٍ وَتَارَةً لِشَهْرٍ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ فَيَتَحَرَّكُ لِشَهْرَيْنِ وَثُلُثٍ، وَيُوضَعُ لِسَبْعَةٍ وَتَارَةً لِشَهْرٍ، وَنِصْفٍ فَيَتَحَرَّكُ لِثَلَاثَةٍ، وَيُوضَعُ لِتِسْعَةٍ فَلِذَلِكَ لَا يَعِيشُ ابْنُ ثَمَانِيَةٍ وَلَا يَنْقُصُ الْحَمْلُ عَنْ سِتَّةٍ اهـ وَهَذَا الْأَخِيرُ هُوَ الْغَالِبُ وَمَعَ ذَلِكَ فَالْأَحْكَامُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَقَلِّ الْحَمْلِ وَهُوَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَهُوَ مِمَّا قُدِّمَ فِيهِ النَّادِرُ عَلَى الْغَالِبِ وَلَهُ نَظَائِرُ.

وَيُثْبِتُ الْعُيُوبَ أَهْلُ الْمَعْرِفَهْ

بِهَا وَلَا يُنْظَرُ فِيهِمْ لِصِفَهْ

يَعْنِي أَنَّ الْعُيُوبَ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا وَمَا يَنْبَنِي عَلَيْهَا إنَّمَا تَثْبُتُ بِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِهَا، وَالْبَصَرِ بِحَقَائِقِهَا فَإِذَا كَانُوا عَارِفِينَ بِهَا فَلَا يُنْظَرُ فِيهِمْ لِصِفَةٍ غَيْرِ الْمَعْرِفَةِ فَإِنَّهَا فِيهِمْ شَرْطُ وُجُوبٍ، وَأَمَّا الْعَدَالَةُ وَغَيْرُهَا فَإِنَّهَا فِيهِمْ شَرْطُ كَمَالٍ إنْ، وُجِدَتْ فَبِهَا وَنِعْمَتُ وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ حَتَّى الْإِسْلَامُ.

(قَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ) وَيَشْهَدُ بِالْعُيُوبِ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِهَا عُدُولًا كَانُوا أَوْ غَيْرَهُمْ، وَيُقْبَلُ فِي ذَلِكَ أَهْلُ الْكِتَابِ

ص: 314