الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَنَّ الْإِنْفَاقَ قَدْ سَقَطَ عَنْهُ فَلَا يَعُودُ إلَّا بِيَقِينٍ اهـ. وَإِلَى حُكْمِ مَا إذَا عُلِمَ حَالُهُ يَوْمَ خُرُوجِهِ أَشَارَ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ:
وَقِيلَ بِاعْتِبَارِ وَقْتِ السَّفَرِ
الْبَيْتَ إلَّا أَنَّ حِكَايَةَ هَذَا الْقَوْلِ الَّذِي فِيمَنْ عُلِمَ حَالُهُ يَوْمَ خُرُوجِهِ أَثْنَاءَ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي فِيمَنْ جُهِلَ حَالُهُ يَوْمَ خُرُوجِهِ مِمَّا لَا يَحْسُنُ، لِأَنَّ إحْدَى الْحَالَتَيْنِ قَسِيمٌ لِلْأُخْرَى - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - وَقَدْ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الشَّارِحُ رحمه الله قَالَ: وَقَدْ كَانَ إصْلَاحُهُ سَهْلًا بِأَنْ يَنْقُلَ الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ مُتَوَالِيَةً يَعْنِي: يُقَدَّمُ قَوْلُهُ
وَقِيلَ بِالْحَمْلِ عَلَى الْيَسَارِ
عَلَى الْبَيْتِ قَبْلَهُ وَيَقُولُ: عِوَضَ قَوْلِهِ قَبْلَهُ
وَيْلَ بِاعْتِبَارِ وَقْتِ السَّفَرِ
مَا نَصُّهُ:
وَحَالُهُ إنْ عُلِمَتْ وَقْتَ السَّفَرْ
…
فَالْحُكْمُ بِاسْتِصْحَابِهَا دُونَ النَّظَرْ
قَالَ بَلْ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ ثُمَّ عَلَى مُقْتَضَى هَذَا الْبَيْتِ الْمُصْلَحِ لَكَانَ كَافِيًا اهـ.
[فَصْلٌ فِيمَا يَجِبُ لِلْمُطَلَّقَاتِ وَغَيْرِهِنَّ مِنْ النَّفَقَةِ وَمَا يُلْحَقُ بِهَا]
إسْكَانُ مَدْخُولٍ بِهَا إلَى انْقِضَا
…
عِدَّتِهَا مِنْ الطَّلَاقِ مُقْتَضَى
وَذَاتُ حَمْلٍ زِيدَتْ الْإِنْفَاقَا
…
لِوَضْعِهَا وَالْكِسْوَةَ اتِّفَاقَا
وَمَا لَهَا إنْ مَاتَ حَمْلُ مَنْ بَقَى
…
وَاسْتَثْنِ سُكْنَى إنْ يَمُتْ مَنْ طَلَّقَا
وَفِي الْوَفَاةِ تَجِبُ السُّكْنَى فَقَدْ
…
فِي دَارِهِ أَوْ مَا كِرَاءَهُ نَقَدْ
وَخَمْسَةُ الْأَعْوَامِ أَقْصَى الْحَمْلِ
…
وَسِتَّةُ الْأَشْهُرِ فِي الْأَقَلِّ
ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْأَبْيَاتِ مَا يَجِبُ لِلْمُطَلَّقَةِ مِنْ نَفَقَةٍ، وَكِسْوَةٍ وَلَهَا وَلِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا مِنْ السُّكْنَى وَمُدَّةِ الْحَمْلِ، يَعْنِي أَنَّ مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلَاقًا بَائِنًا فَإِنَّ لَهَا عَلَيْهِ الْإِسْكَانَ إلَى انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، فَتَبْقَى فِي مَسْكَنِهَا الَّذِي كَانَتْ تَسْكُنُ فِيهِ قَبْلَ طَلَاقِهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا، فَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا فَلَهَا مَعَ السُّكْنَى النَّفَقَةُ، وَالْكِسْوَةُ إلَى أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا.
فَإِنْ مَاتَ الْحَمْلُ، أَوْ وَضَعَتْهُ مَيِّتًا، أَوْ حَيًّا، ثَمَّ مَاتَ سَقَطَ جَمِيعُ ذَلِكَ فَتَسْقُطُ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ بِمَوْتِ الْحَمْلِ لِأَنَّهُمَا لَهُ فِي الْحَقِيقَةِ وَتَسْقُطُ السُّكْنَى لِخُرُوجِهَا مِنْ الْعِدَّةِ بِوَضْعِ حَمْلِهَا، وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ
إسْكَانُ مَدْخُولٍ بِهَا إلَى انْقِضَا
إلَى قَوْلِهِ
وَمَا لَهَا إنْ مَاتَ حَمْلُ مَنْ بَقَى
فَ " مَا " نَافِيَةٌ وَضَمِيرُ " لَهَا " لِلْمَذْكُورَاتِ مِنْ السُّكْنَى وَالنَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ.
قَوْلُهُ:
وَاسْتَثْنِ سُكْنَى إنْ يَمُتْ مَنْ طَلَّقَا
يَعْنِي: أَنَّ مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ وَأَسْكَنَهَا ثُمَّ مَاتَ فِي عِدَّتِهَا فَإِنَّ سُكْنَاهَا لَا تَسْقُطُ بِمَوْتِهِ بَلْ تَسْتَمِرُّ إلَى انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا مِنْ الطَّلَاقِ، وَلَا تَنْتَقِلُ لِعِدَّةِ الْوَفَاةِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الطَّلَاقَ بَائِنٌ. وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّ مَوْتَ الْحَمْلِ يُسْقِطُ السُّكْنَى أَمَرَ بِاسْتِثْنَاءِ، أَيْ بِإِخْرَاجِ السُّكْنَى إنْ مَاتَ الْمُطَلِّقُ وَأَنَّ مَوْتَهُ لَا يُسْقِطُهَا وَإِلَى هَذَا الْفَرْعِ أَشَارَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ: وَاسْتَمَرَّ إنْ مَاتَ عَلَى مَا قَرَّرَهُ عَلَيْهِ الشَّيْخُ ابْنُ غَازِيٍّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ وَاسْتَمَرَّ الْمَسْكَنُ لِلْمُطَلَّقَةِ إلَى انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا إنْ مَاتَ الْمُطَلِّقُ فِي الْعِدَّةِ (قَالَ فِي النَّوَادِرِ مِنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ) قَالَ مَالِكٌ: وَلِلْمَبْتُوتَةِ السُّكْنَى عَلَى زَوْجِهَا فِي الْعِدَّةِ وَيُحْبَسُ فِي ذَلِكَ وَيُبَاعُ عَلَيْهِ مَا لَهُ، أَوْ يُسْتَيْقَنُ أَنْ لَا شَيْءَ لَهُ؛ فَيَكُونُ ذَلِكَ عَلَيْهَا. وَلَا تَخْرُجُ
وَفِيهَا أَيْضًا مِنْ الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَبْتُوتَةِ: لَا نَفَقَةَ لَهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ حَامِلًا وَفِيهَا أَيْضًا قَالَ مُحَمَّدٌ وَإِنْ طَلَبَتْ الْكِسْوَةَ فَذَلِكَ لَهَا وَيُنْظَرُ إلَى قَدْرِ مَا بَقِيَ مِنْ مُدَّةِ الْحَمْلِ فَتُعْطَى بِقَدْرِ ذَلِكَ مِنْ الْكِسْوَةِ ثَمَنًا، قَالَهُ مَالِكٌ، وَقَالَ مَالِكٌ وَالْكِسْوَةُ، وَالدِّرْعُ، وَالْخِمَارُ، وَالْإِزَارُ وَلَيْسَ الْجُبَّةُ عِنْدَنَا مِنْ الْكِسْوَةِ (قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ) وَنَحْنُ نَقْضِي هَهُنَا بِالْجُبَّةِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ كُلُّهَا مِنْ الْعُتْبِيَّةِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَفِي النَّوَادِرِ وَإِذَا طَلَّقَ ثَلَاثًا فِي مَرَضِهِ وَهِيَ بَيِّنَةُ الْحَمْلِ فَالنَّفَقَةُ فِي رَأْسِ مَالِهِ وَكَذَلِكَ فِي الْخُلْعِ وَالْمُبَارَأَةِ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي صِحَّةٍ ثُمَّ مَرَضٍ فَإِذَا مَاتَ انْقَطَعَتْ النَّفَقَةُ عَنْهَا (قَالَ فَضْلُ بْنُ سَلَمَةَ) : هَذَا خِلَافُ مَا قَالَ فِي طَلَاقِ السُّنَّةِ أَنَّ السُّكْنَى قَدْ وَجَبَتْ عِنْدَ الطَّلَاقِ فَلَا يَقْطَعُ الْمَوْتُ مَا قَدْ وَجَبَ اهـ.
وَعَلَى عَدِمَ انْقِطَاعِ السُّكْنَى بِمَوْتِ الْمُطَلِّقِ اعْتَمَدَ النَّاظِمُ فِي قَوْلِهِ:
وَاسْتَثْنِ سُكْنَى إنْ يَمُتْ مَنْ طَلَّقَا
وَقَوْلُهُ:
وَفِي الْوَفَاةِ تَجِبُ السُّكْنَى فَقَدْ
الْبَيْتُ يَعْنِي: أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا مَاتَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَلَمْ تَكُنْ حَامِلًا فَإِنَّهَا تَجِبُ لَهَا السُّكْنَى إنْ كَانَتْ الدَّارُ مَمْلُوكَةً لِلْمَيِّتِ، أَوْ قَدْ نَقَدَ كِرَاءَهَا، وَلَا تَجِبُ لَهَا نَفَقَةٌ وَلَا كِسْوَةٌ وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ " فَقَدْ " أَيْ فَحَسْبُ.
(قَالَ فِي النَّوَادِر مِنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ) قَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ مَاتَ وَلَهُ زَوْجَةٌ وَهُوَ فِي دَارٍ هِيَ لَهُ، أَوْ نَقَدَ كِرَاءَهَا فَلَهَا السُّكْنَى، وَإِنْ أَحَاطَ بِهِ الدَّيْنُ (وَفِي ابْنِ الْحَاجِبِ) وَإِنْ كَانَ مُكْتَرًى غَيْرَ مَنْقُودٍ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ لَمْ تَكُنْ أَحَقَّ، فَتَخْرُجُ إلَّا أَنْ يُكْرِيَهَا الْوَرَثَةُ كِرَاءَ مِثْلِهَا. (التَّوْضِيحُ) ظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَمْ يَنْقُدْ الزَّوْجُ الْكِرَاءَ لَا سُكْنَى لَهَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْكِرَاءُ مُشَاهَرَةً، أَوْ وَجِيبَةً، أَيْ فِي مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ. وَعَلَى هَذَا الظَّاهِرِ حَمَلَهُ الْبَاجِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَفِي النُّكَتِ عَنْ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ أَنَّهُ حَمَلَ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى الْمُشَاهَرَةِ، وَأَمَّا الْوَجِيبَةُ فَإِنَّهَا أَحَقُّ بِالسُّكْنَى، سَوَاءٌ نَقَدَ أَوْ لَا اهـ. وَقَوْلُهُ:
وَخَمْسَةُ الْأَعْوَامِ أَقْصَى الْحَمْلِ
…
وَسِتَّةُ الْأَشْهُرِ فِي الْأَقَلِّ
لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ إذَا كَانَتْ حَامِلًا تَجِبُ لَهَا النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ وَالسُّكْنَى، تَشَوَّفَتْ النَّفْسُ وَاحْتَاجَتْ إلَى مَعْرِفَةِ مُدَّةِ الْحَمْلِ، وَلَمَّا كَانَتْ تَخْتَلِفُ بِالطُّولِ وَالْقِصَرِ اُحْتِيجَ إلَى مَعْرِفَةِ أَقَلِّهَا وَأَكْثَرِهَا، فَأَخْبَرَ أَنَّ أَقَلَّهَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَأَكْثَرَهَا خَمْسَةُ أَعْوَامٍ، أَمَّا كَوْنُ أَقَلِّهَا سِتَّةَ أَشْهُرٍ فَقَوْلُهُ تَعَالَى
{وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: 15] وَقَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} [البقرة: 233] .
وَقَالَ أَيْضًا {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} [لقمان: 14] فَالْآيَةُ الْأُولَى أَعْلَمَتْ أَنَّ مُدَّةَ الْحَمْلِ وَالرَّضَاعِ مَعًا ثَلَاثُونَ شَهْرًا فَإِذَا انْقَضَتْ الثَّلَاثُونَ كَمَلَ الْحَمْلُ، وَحَصَلَ الْفِصَالُ وَهُوَ الْفِطَامُ، وَالثَّانِيَةُ، وَالثَّالِثَةُ أَعْلَمَتَا أَنَّ مُدَّةَ الرَّضَاعِ وَحْدَهُ حَوْلَانِ كَامِلَانِ، وَإِذَا كَانَتْ مُدَّةُ الرَّضَاعِ وَحْدَهُ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ، فَمُدَّةُ الْحَمْلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ إذْ هِيَ الْبَاقِيَةُ بَعْدَ حَطِّ زَمَنِ الرَّضَاعِ مِنْ الثَّلَاثِينَ شَهْرًا الْمُقَدَّرَةِ لِمَجْمُوعِهِمَا (قَالَ فِي الْمَقْصِدِ الْمَحْمُودِ) : وَأَقَلُّ مُدَّةِ الْحَمْلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: 15] وَقَالَ {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} [لقمان: 14] فَتَبْقَى مُدَّةُ الْحَمْلِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ اهـ.، وَأَمَّا كَوْنُ أَكْثَرِ الْحَمْلِ خَمْسَةَ أَعْوَامٍ فَاعْلَمْ أَنَّ الْمُعْتَدَّةَ مِنْ وَفَاةٍ، أَوْ طَلَاقٍ إذَا حَصَلَتْ لَهَا رِيبَةٌ وَشَكٌّ فِي كَوْنِهَا حَامِلًا أَوْ لَا فَإِنْ كَانَ سَبَبُ الرِّيبَةِ تَأَخُّرَ الْحَيْضِ عَنْ وَقْتِهِ تَرَبَّصَتْ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ اسْتِبْرَاءً، ثُمَّ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ عِدَّةً هَذَا إنْ تَأَخَّرَ لِغَيْرِ سَبَبٍ.
أَمَّا إنْ تَأَخَّرَ لِسَبَبٍ كَالرَّضَاعِ وَالْمَرَضِ فَإِنَّهَا تَنْتَظِرُ الْأَقْرَاءَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ تَحِلُّ بِمُضِيِّ السَّنَةِ، وَإِنْ كَانَ سَبَبُ الرِّيبَةِ حِسَّ الْبَطْنِ فَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَالْمُرْتَابَةُ بِحِسِّ الْبَطْنِ لَا تُنْكَحُ إلَّا بَعْدَ أَقْصَى أَمَدِ الْوَضْعِ وَهُوَ خَمْسَةُ أَعْوَامٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَرُوِيَ أَرْبَعَةٌ وَرُوِيَ سَبْعَةٌ (وَقَالَ أَشْهَبُ) : لَا تَحِلُّ أَبَدًا حَتَّى يُتَبَيَّنَ أَيْ بَرَاءَتُهَا مِنْ الْحَمْلِ. قَالَ الْحَطَّابُ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَتَرَبَّصَتْ أَيْ إنْ ارْتَابَتْ بِهِ وَهَلْ خَمْسًا أَوْ أَرْبَعًا خِلَافٌ، يَعْنِي فَإِذَا مَضَتْ الْخَمْسَةُ أَوْ الْأَرْبَعَةُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ حَلَّتْ وَلَوْ بَقِيَتْ الرِّيبَةُ (قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ) : وَلَا تُنْكَحُ مُسْتَرَابَةُ الْبَطْنِ إلَّا بَعْدَ زَوَالِ الرِّيبَةِ، أَوْ بَعْدَ خَمْسِ سِنِينَ اهـ. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَإِنْ قَالَتْ أَنَا بَاقِيَةٌ عَلَى رِيبَتِي؛ لِأَنَّ الْخَمْسَ سِنِينَ أَمَدُ مَا يَنْتَهِي إلَيْهِ الْحَمْلُ اهـ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ أَوْ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ اهـ. وَهَذَا إذَا كَانَتْ الرِّيبَةُ هَلْ حَرَكَةُ مَا فِي بَطْنِهَا حَرَكَةُ وَلَدٍ أَوْ حَرَكَةُ رِيحٍ وَأَمَّا إنْ تَحَقَّقَ وُجُودُ وَلَدٍ فَلَا تَحِلُّ أَبَدًا، قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَلَفْظُهُ الْخَامِسَةُ يَعْنِي مِنْ الْمُعْتَدَّاتِ: الْمُرْتَابَةُ فِي الْحَمْلِ بِحِسِّ بَطْنٍ عِدَّتُهَا بِوَضْعِهِ، أَوْ مُضِيِّ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ مَعَ عَدِمَ تَحَقُّقِهِ، ثُمَّ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إنْ تَحَقَّقَ حَمْلُهَا وَالشَّكُّ لِطُولِ الْمُدَّةِ لَمْ تَحِلَّ أَبَدًا اهـ.
فَمَفْهُومُ قَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ مَعَ عَدِمَ تَحَقُّقِهِ إلَخْ مَعَ مَا نَقَلَهُ عَنْ اللَّخْمِيِّ يَدُلُّ عَلَى مَا قَيَّدَ بِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (فَرْعٌ) فَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ فِي بَطْنِهَا فَلَا تَحِلُّ إلَّا بِخُرُوجِهِ. اهـ. كَلَامُ الْحَطَّابِ
وَحَالُ ذَاتِ طَلْقَةٍ رَجْعِيَّةِ
…
فِي عِدَّةٍ كَحَالَةِ الزَّوْجِيَّةِ
مِنْ وَاجِبٍ عَلَيْهِ كَالْإِنْفَاقِ
…
إلَّا فِي الِاسْتِمْتَاعِ بِالْإِطْلَاقِ
يَعْنِي: أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ طَلَاقًا رَجْعِيًّا حَالُهَا مَعَ زَوْجِهَا فِي زَمَنِ الْعِدَّةِ كَحَالِ الزَّوْجَةِ غَيْرِ الْمُطَلَّقَةِ مِنْ وُجُوبِ النَّفَقَةِ لَهَا وَثُبُوتِ الْمِيرَاثِ بَيْنَهُمَا وَارْتِدَافِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا وَانْعِقَادِ الظِّهَارِ وَلُزُومِ الْإِيلَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَحْكَامِ الزَّوْجِيَّةِ مَا عَدَا الِاسْتِمْتَاعَ فَلَا يَجُوزُ لَهُ بِوَطْءٍ وَلَا مُقَدِّمَاتِهِ، بَلْ حَتَّى بِالنَّظَرِ عَلَى وَجْهِ التَّلَذُّذِ، وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِالْإِطْلَاقِ (قَالَ الْمُتَيْطِيُّ) : تَجِبُ النَّفَقَةُ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مَدْخُولٍ بِهَا أَيَّامَ عِدَّتِهَا إذَا لَمْ يَكُنْ طَلَاقُهَا بَائِنًا وَكَانَ الزَّوْجُ يَمْلِكُ ارْتِجَاعَهَا فِيهِ سَوَاءٌ أَوْقَعَهُ الزَّوْجُ أَوْ الزَّوْجَةُ أَوْ أَوْقَعَهُ السُّلْطَانُ بِالْإِيلَاءِ أَوْ عَدَمِ النَّفَقَةِ إذَا أَيْسَرَ فِي الْعِدَّةِ (وَفِي الْجَوَاهِرِ) هِيَ مُحَرَّمَةُ الْوَطْءِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: مُبَاحَةُ الْوَطْءِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} [البقرة: 228] وَالْبَعْلُ مَنْ لَهُ الْوَطْءُ؛ وَلِأَنَّهُ مِنْ أَحْكَامِ الْعَقْدِ؛ فَيَثْبُتُ قِيَاسًا عَلَى النَّفَقَةِ وَالْمِيرَاثِ وَجَوَابُهُ أَنَّ لَفْظَ الرَّدِّ يَقْتَضِي الْخُرُوجَ عَنْ الزَّوْجِيَّةِ. اهـ
وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ فِي عِدَّةٍ أَنَّهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لَيْسَتْ كَالزَّوْجَةِ لِأَنَّهَا بَانَتْ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَحَيْثُ لَا عِدَّةَ لِلْمُطَلَّقَهْ
…
فَلَيْسَ مِنْ سُكْنَى وَلَا مِنْ نَفَقَهْ
وَلَيْسَ لِلرَّضِيعِ سُكْنَى بِالْقَضَا
…
عَلَى أَبِيهِ وَالرَّضَاعُ مَا انْقَضَى
أَفَادَ بِالْبَيْتِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ الَّتِي لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَهِيَ الَّتِي طَلُقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ لَا تَجِبُ لَهَا سُكْنَى وَلَا نَفَقَةٌ؛؛ لِأَنَّهُمَا إنَّمَا يَجِبَانِ لِلْمُطَلَّقَةِ فِي زَمَنِ الْعِدَّةِ. وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ وَجَازَ لَهَا أَنْ
تَتَزَوَّجَ غَيْرَهُ فِي الْحِينِ فَلَا مَعْنَى لِوُجُوبِ شَيْءٍ لَهَا مِنْ تَوَابِعِ النِّكَاحِ عَلَى الزَّوْجِ وَقَدْ انْفَصَلَتْ الْعِصْمَةُ بَيْنَهُمَا وَأَفَادَ بِالْبَيْتِ الثَّانِي أَنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَلَهُ مَعَهَا وَلَدٌ رَضِيعٌ فَإِنَّمَا لَهَا عَلَى الزَّوْجِ نَفَقَةُ وَلَدِهِ لَا كِرَاءُ مَسْكَنِهِ مَا دَامَ فِي زَمَنِ الرَّضَاعِ (قَالَ فِي السِّرِّ الْمَصُونِ) : إذَا لَزِمَتْ الْجَارِيَةَ الْعِدَّةُ لِمَكَانِ الْخَلْوَةِ بِهَا لَزِمَ الزَّوْجَ السُّكْنَى وَلَوْ خَلَا بِهَا فِي بَيْتِ أَهْلِهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا وَاتَّفَقَا عَلَى عَدَمِ الْمَسِيسِ، فَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَلَا سُكْنَى لَهَا وَلَوْ قَالَتْ جَامَعَنِي وَهُوَ يُنْكِرُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَا سُكْنَى عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَا يُجَامَعُ مِثْلُهَا وَدَخَلَ بِهَا وَطَلَّقَهَا أَلْبَتَّةَ فَلَا سُكْنَى لَهَا؛ لِأَنَّهَا لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا بِاخْتِصَارٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ كُلَّمَا انْتَفَتْ الْعِدَّةُ انْتَفَى لَازِمُهَا مِنْ السُّكْنَى وَالنَّفَقَةِ، وَإِذَا وَجَبَتْ الْعِدَّةُ فَقَدْ ثَبَتَتْ النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى كَمَا إذَا كَانَتْ الْمُطَلَّقَةُ حَامِلًا وَقَدْ يَنْتَفِيَانِ كَمَا إذَا خَلَا بِهَا فِي بَيْتِ أَهْلِهَا وَادَّعَتْ الْمَسِيسَ وَأَنْكَرَهُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ لِمَكَانِ الْخَلْوَةِ، وَلَا نَفَقَةَ لَهَا؛ لِأَنَّهَا بَائِنٌ غَيْرُ حَامِلٍ وَلَا سُكْنَى عَلَى الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهَا عَلَى زَعْمِهِ مُطَلَّقَةٌ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَفِي طُرَرِ ابْنِ عَاتٍ) وَلَا سُكْنَى لِلرَّضِيعِ عَلَى أَبِيهِ مُدَّةَ الرَّضَاعِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ الرَّضَاعِ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ عَلَيْهِ السُّكْنَى، كَذَلِكَ رَأَيْتُ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ يُرِيدُ أَنَّ مَسْكَنَ الرَّضِيعِ مُدَّةَ الرَّضَاعِ إنَّمَا هُوَ فِي حِجْرِ الْأُمِّ فِي الْغَالِبِ. اهـ. وَجُمْلَةُ " وَالرَّضَاعُ مَا انْقَضَى " حَالِيَّةٌ، وَ " مَا " نَافِيَةٌ.
وَمُرْضَعٌ لَيْسَ بِذِي مَالٍ عَلَى
…
وَالِدِهِ مَا يَسْتَحِقُّ جُعِلَا
وَمَعْ طَلَاقٍ أُجْرَةُ الْإِرْضَاعِ
…
إلَى تَمَامِ مُدَّةِ الرَّضَاعِ
وَبَعْدَهَا يَبْقَى الَّذِي يَخْتَصُّ بِهْ
…
حَتَّى يُرَى سُقُوطُهُ بِمُوجَبِهْ
وَإِنْ تَكُنْ مَعَ ذَاكَ ذَاتَ حَمْلِ
…
زِيدَتْ لَهَا نَفَقَةٌ بِالْعَدْلِ
بَعْدَ ثُبُوتِهِ وَحَيْثُ بِالْقَضَا
…
تُؤْخَذُ وَانْفَشَّ فَمِنْهَا تُقْتَضَى
وَإِنْ يَكُنْ دَفْعٌ بِلَا سُلْطَانِ
…
فَفِي رُجُوعِهِ بِهِ قَوْلَانِ
وَمَنْ لَهُ مَالٌ فَفِيهِ الْفَرْضُ حَقْ
…
وَعَنْ أَبٍ يَسْقُطُ كُلُّ مَا اسْتَحَقَّ
تَكَلَّمَ فِي الْأَبْيَاتِ عَلَى بَعْضِ مَسَائِلِ الْإِرْضَاعِ وَلَمْ يُتْقِنْهَا وَلَا اسْتَوْفَى الْأَكِيدَ مِنْهَا فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ جُمْلَةٍ صَالِحَةٍ مِنْ ذَلِكَ، وَأَحْسَنُ مَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ الْآنَ بِتَقْرِيبٍ قَوْلُ ابْنِ سَلْمُونٍ وَيَلْزَمُ الْأُمَّ رَضَاعُ ابْنِهَا
إلَّا أَنْ تَكُونَ مَرِيضَةً، أَوْ غَيْرَ ذَاتِ لَبَنٍ، أَوْ شَرِيفَةَ الْقَدْرِ مِثْلُهَا لَا يُرْضِعُ فَيَكُونُ عَلَى الْأَبِ أَنْ يَأْتِيَ لَهُ بِمَنْ يُرْضِعُهُ، فَإِنْ طَلَّقَهَا الْأَبُ، فَإِنَّهُ يُؤَدِّي إلَيْهَا أُجْرَةَ الْإِرْضَاعِ عَلَى قَدْرِ حَالِهِ فِي الْيُسْرِ وَالْعُسْرِ، فَإِنْ لَمْ تَرْضَ بِمَا فُرِضَ لَهَا كَانَ لِلْأَبِ أَخْذُهُ وَيَدْفَعُهُ لِمَنْ يُرْضِعُهُ، فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ غَيْرَهَا أَوْ كَانَ الْأَبُ مُعْسِرًا لَا يَقْدِرُ عَلَى أُجْرَةٍ كَانَ عَلَيْهَا إرْضَاعُهُ بَاطِلًا أَوْ بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ.
وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا أَوْ وَجَدَ مَنْ يُرْضِعُهُ بِأَقَلَّ مِنْ الْأُجْرَةِ الْمَفْرُوضَةِ عَلَيْهِ، فَهَلْ لَهُ أَخْذُهُ أَمْ لَا؟ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ: وَإِنْ مَاتَ الْأَبُ، فَإِنَّهَا تُرْضِعُهُ بِأُجْرَةٍ تَأْخُذُهَا مِنْ مَالِ الطِّفْلِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ لَزِمَهَا إرْضَاعُهُ بَاطِلًا، وَإِنْ أَبَتْ الْأُمُّ إرْضَاعَهُ، فَأَرَادَتْ دَفْعَهُ إلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يُؤْمَرُ بِأَخْذِهِ حَتَّى يَجِدَ مَنْ يُرْضِعُهُ. اهـ. قَوْلُهُ وَمُرْضِعٌ لَيْسَ الْبَيْتُ مُرْضَعٌ بِفَتْحِ الضَّادِ اسْمَ مَفْعُولٍ، يَعْنِي أَنَّ الْوَلَدَ الْمُرْضَعَ الَّذِي لَا مَالَ لَهُ، فَإِنَّ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ أُجْرَةِ الرَّضَاعِ وَغَيْرِهَا عَلَى أَبِيهِ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ أُمُّهُ مَرِيضَةً، أَوْ لَا لَبَنَ لَهَا أَوْ عَالِيَةَ الْقَدْرِ مِثْلُهَا لَا يُرْضِعُ، وَأَمَّا إنْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ، فَإِنَّ الْإِرْضَاعَ يَجِبُ عَلَيْهَا كَمَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ كَلَامِ ابْنِ سَلْمُونٍ.
وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ لَيْسَ بِذِي مَالٍ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِلْوَلَدِ مَالٌ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي قَوْلِهِ
وَمَنْ لَهُ مَالٌ فَفِيهِ الْفَرْضُ حَقْ
هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ فِي عِصْمَةِ أَبِي الصَّبِيِّ وَأَمَّا إنْ طَلَّقَهَا، فَإِنَّ لَهَا أُجْرَةَ الرَّضَاعِ مِنْ مَالِ الْوَلَدِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ أَوْ مِنْ مَالِ أَبِيهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَى تَمَامِ الْحَوْلَيْنِ مُدَّةَ الرَّضَاعِ، فَإِنْ انْقَضَتْ مُدَّةُ الرَّضَاعِ فَيَبْقَى مَا يَجِبُ لِلْوَلَدِ نَفْسِهِ مِنْ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ حَتَّى يَسْقُطَ ذَلِكَ عَنْ أَبِيهِ إنْ كَانَ هُوَ الدَّافِعَ لِذَلِكَ لِكَوْنِ الْوَلَدِ لَا مَالَ لَهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا فِي قَوْلِ ابْنِ سَلْمُونٍ فَإِنْ طَلَّقَهَا الْأَبُ، فَإِنَّهُ يُؤَدِّي لَهَا أُجْرَةَ الْإِرْضَاعِ عَلَى قَدْرِ حَالِهِ فِي الْيُسْرِ وَالْعُسْرِ. اهـ.
وَبِالضَّرُورَةِ أَنَّهُ إذَا انْقَضَى زَمَنُ الْإِرْضَاعِ وَالْوَلَدُ عِنْدَ أُمِّهِ، فَإِنَّ الْأَبَ يُطَالَبُ بِنَفَقَتِهِ إلَى سُقُوطِهَا وَهُوَ مُرَادُهُ بِمَا يَخْتَصُّ بِهِ أَيْ دُونَ الْأُمِّ وَعَلَى هَذَا نَبَّهَ بِقَوْلِهِ
وَمَعْ طَلَاقٍ أُجْرَةُ الْإِرْضَاعِ
الْبَيْتَيْنِ وَضَمِيرُ " بَعْدَهَا " لِمُدَّةِ الرَّضَاعِ قَوْلُهُ:
وَإِنْ تَكُنْ مَعَ ذَاكَ ذَاتَ حَمْلِ
…
زِيدَتْ لَهُ نَفَقَةٌ بِالْعَدْلِ
بَعْدَ ثُبُوتِهِ، يَعْنِي وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ ذَاتَ حَمْلٍ مَعَ ذَلِكَ، وَهُوَ كَوْنُهَا مُرْضِعًا فَكَانَتْ تُرْضِعُ وَلَدًا وَبِبَطْنِهَا وَلَدٌ آخَرُ، فَإِنَّهَا تَسْتَحِقُّ شَيْئَيْنِ: أُجْرَةَ الْإِرْضَاعِ؛ لِأَنَّهَا بَائِنٌ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْإِرْضَاعُ، وَالثَّانِي نَفَقَةُ الْحَمْلِ الَّذِي فِي بَطْنِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 6] .
وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ
وَإِنْ تَكُنْ مَعَ ذَاكَ ذَاتَ حَمْلِ
زِيدَتْ لَهَا نَفَقَةٌ أَيْ نَفَقَةُ الْحَمْلِ عَلَى أُجْرَةِ الرَّضَاعِ بَعْدَ ثُبُوتِ الْحَمْلِ. قَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ وَابْنِ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ، وَسُئِلَ عَمَّنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ حَامِلًا وَهِيَ تُرْضِعُ: أَتَرَى عَلَيْهِ النَّفَقَتَيْنِ جَمِيعًا كِلْتَيْهِمَا نَفَقَةَ الْحَمْلِ وَنَفَقَةَ الرَّضَاعِ؟ قَالَ: أَرَى ذَلِكَ عَلَيْهِ جَمِيعًا. اهـ.
وَدَلِيلُ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 6] وَقَالَ تَعَالَى {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: 6] وَلَيْسَ وُجُوبُ نَفَقَةِ الْحَمْلِ بِاَلَّذِي يُسْقِطُ مَا أَوْجَبَ اللَّهُ لَهَا مِنْ أُجْرَةِ الرَّضَاعِ. (وَفِي النَّوَادِرِ مِنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ)" وَإِذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَامِلٌ مُرْضِعٌ فَعَلَيْهِ نَفَقَةُ الْحَمْلِ وَنَفَقَةُ الرَّضَاعِ جَمِيعًا " اهـ.
فَإِنْ ادَّعَتْ الْبَائِنُ الْحَمْلَ فَلَا يُقْضَى لَهَا بِالنَّفَقَةِ حَتَّى يَثْبُتَ الْحَمْلُ فَإِذَا ثَبَتَ وَدَفَعَ نَفَقَتَهُ ثُمَّ انْفَشَّ الْحَمْلُ وَكَشَفَ الْغَيْبُ أَنْ لَا حَمْلَ فَفِي رُجُوعِهِ بِنَفَقَتِهِ تَفْصِيلٌ، وَهُوَ إنْ دَفَعَهَا بِحُكْمِ
حَاكِمٍ رَجَعَ بِهَا عَلَى الزَّوْجَةِ وَإِنْ دَفَعَهَا بِاخْتِيَارِهِ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ فَفِي رُجُوعِهِ وَعَدَمِ رُجُوعِهِ قَوْلَانِ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: وَحَيْثُ بِالْقَضَا
تُؤْخَذُ وَانْفَشَّ فَمِنْهَا تُقْتَضَى
…
وَإِنْ يَكُنْ دَفْعٌ بِلَا سُلْطَانِ
فَفِي رُجُوعِهِ بِهِ قَوْلَانِ
…
ابْنُ الْحَاجِبِ وَتَجِبُ النَّفَقَةُ بِثُبُوتِ الْحَمْلِ بِالنِّسَاءِ (التَّوْضِيحُ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَلِمَالِكٍ فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّهَا لَا تُدْفَعُ لَهَا النَّفَقَةُ إلَّا بَعْدَ الْوَضْعِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَنْفَشَّ مِنْ غَيْرِ حَمْلٍ (ابْنُ الْحَاجِبِ) وَفِي رُجُوعِهِ ثَالِثُهَا إنْ كَانَ بِحُكْمٍ رَجَعَ، وَرَابِعُهَا بِعَكْسِهِ (التَّوْضِيحُ) وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَأَنْفَقَ بِظُهُورِ الْحَمْلِ، ثَمَّ تَبَيَّنَ أَنْ لَا حَمْلَ فَهَلْ يَرْجِعُ بِالنَّفَقَةِ أَمْ لَا؟ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ الرُّجُوعُ مُطْلَقًا، وَعَدَمُ الرُّجُوعِ مُطْلَقًا، وَالثَّالِثُ إنْ دَفَعَ لَهَا بِحُكْمٍ رَجَعَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَبَانَ أَنَّ الْأَمْرَ عَلَى خِلَافِ مَا ثَبَتَ وَإِنْ دَفَعَ بِغَيْرِ حُكْمٍ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ مُتَطَوِّعٌ وَالرَّابِعُ عَكْسُهُ اهـ.
بِاخْتِصَارٍ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ قَاعِدَةِ الْحُكْمِ بِمَا ظَاهِرُهُ صَوَابٌ وَبَاطِنُهُ خَطَأٌ وَبَاطِلٌ هَلْ يُغَلَّبُ حُكْمُ الظَّاهِرِ فَتَنْفُذُ الْأَحْكَامُ أَوْ الْبَاطِنُ فَتُرَدُّ وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ فُرُوعٌ وَمِنْ جُمْلَتِهَا هَذِهِ مَنْ دَفَعَ نَفَقَةَ الْحَمْلِ، ثُمَّ انْفَشَّ هَلْ يَرْجِعُ أَمْ لَا؟ قَوْلُهُ:
وَمَنْ لَهُ مَالٌ فَفِيهِ الْفَرْضُ حَقُّ
الْبَيْتُ يَعْنِي أَنَّ الْأَوْلَادَ إنَّمَا تَجِبُ نَفَقَتُهُمْ وَكِسْوَتُهُمْ وَأُجْرَةُ رَضَاعِهِمْ وَغَيْرُ ذَلِكَ عَلَى أَبِيهِمْ إنْ كَانُوا فُقَرَاءَ وَلَا مَالَ لَهُمْ، وَأَمَّا إنْ كَانَ لَهُمْ مَالٌ، فَإِنَّ جَمِيعَ مُؤْنَتِهِمْ مِنْ مَالِ أَنْفُسِهِمْ وَلَيْسَ عَلَى الْأَبِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ (قَالَ فِي الْمُفِيدِ) وَلَا يَلْزَمُ الْأَبَ نَفَقَةُ بَنِيهِ إنْ كَانَ لَهُمْ مَالٌ (وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ) : وَمَنْ كَانَ مِنْ صِغَارِ بَنِيهِ وَأَبْكَارِ بَنَاتِهِ لَهُ مَالٌ فَلَا يَلْزَمُ الْأَبَ نَفَقَتُهُ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ الْأَبُ مِنْهُ عَيْنًا كَانَ أَوْ عُرُوضًا، وَقَدْ سُئِلَ الْأُسْتَاذُ أَبُو سَعِيدِ بْنُ لُبٍّ رحمه الله عَنْ رَجُلٍ أَنْفَقَ نَفَقَةً كَبِيرَةً فِي عُرْسِ ابْنِهِ، ثُمَّ طَلَبَهُ بِهَا (فَأَجَابَ) : لَا طَلَبَ لِلْأَبِ عَلَى ابْنِهِ بِمَا كَثُرَ مِنْ النَّفَقَةِ فِي عُرْسِهِ وَدَخَلَ فِي بَابِ السَّرَفِ، وَإِنَّمَا يَطْلُبُهُ بِالْقَدْرِ الْمُعْتَادِ فِي ذَلِكَ مِمَّا هُوَ دَاخِلٌ فِي بَابِ الِاقْتِصَادِ عَلَى مُقْتَضَى الْعَادَةِ الْجَارِيَةِ لِمِثْلِ الزَّوْجِ مَعَ تِلْكَ الزَّوْجَةِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ يَمِينًا بِاَللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ إنَّمَا أَنْفَقَ تِلْكَ النَّفَقَةَ مِنْ مَالِهِ لِيَرْجِعَ بِهَا عَلَى ابْنِهِ وَهَذَا إنْ كَانَ لِلِابْنِ مَالٌ وَقْتَ الْإِنْفَاقِ، وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِشَيْءٍ. اهـ.
وَمَا أَفْتَى بِهِ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ الِابْنُ صَغِيرًا وَانْظُرْ مَا الْحُكْمُ إنْ كَانَ كَبِيرًا هَلْ هُوَ كَالصَّغِيرِ أَوْ يُرْجَعُ عَلَيْهِ كَانَ لَهُ مَالٌ وَقْتَ الْإِنْفَاقِ أَوْ لَا؟ وَهُوَ ظَاهِرُ اشْتِرَاطِهِمْ فِي الصَّغِيرِ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ دُونَ الْكَبِيرِ فَيُرْجَعُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ثَمَّ قَالَ
وَكُلُّ مَا يَرْجِعُ لِافْتِرَاضِ
…
مُوَكَّلٌ إلَى اجْتِهَادِ الْقَاضِي
بِحَسَبِ الْأَقْوَاتِ وَالْأَعْيَانِ
…
وَالسِّعْرِ وَالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ
يَعْنِي: أَنَّ كُلَّ مَا يَرْجِعُ لِلْفَرْضِ وَالتَّقْدِيرِ مِنْ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ وَإِسْكَانٍ وَمَا يَلْتَحِقُ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ مَوْكُولٌ إلَى اجْتِهَادِ الْقَاضِي فَيَجْتَهِدُ فِيهِ بِحَسَبِ جِنْسِ الْقُوتِ وَقَدْرِهِ وَبِحَسَبِ عَيْنِ مَا فُرِضَ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ وَبِاعْتِبَارِ السِّعْرِ مِنْ رَخَاءٍ وَغَلَاءٍ وَبِاعْتِبَارِ الزَّمَانِ مِنْ شِتَاءٍ وَصَيْفٍ وَبِاعْتِبَارِ الْمَكَانِ فِي عَادَةِ أَهْلِهِ، وَكَذَلِكَ الْكِسْوَةُ يُلَاحَظُ فِيهَا هَذِهِ الِاعْتِبَارَاتُ وَالْمَسْكَنُ كَذَلِكَ فَفِي مُخْتَصَرِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ أَنَّهُ يَجِبُ لِلزَّوْجَةِ قُوتٌ وَإِدَامٌ وَكِسْوَةٌ وَمَسْكَنٌ بِالْعَادَةِ بِقَدْرِ وُسْعِهِ وَحَالِهَا وَالْبَلَدِ وَالسِّعْرِ وَإِنْ أَكُولَةً وَتُزَادُ الْمُرْضِعُ مَا تَقْوَى بِهِ، إلَّا الْمَرِيضَةَ وَقَلِيلَةَ الْأَكْلِ فَلَا يَلْزَمُ إلَّا مَا تَأْكُلُ عَلَى الْأَصْوَبِ.
وَلَا يَلْزَمُ الْحَرِيرُ وَحُمِلَ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَعَلَى الْمُتَدَيِّنَةِ لِقَنَاعَتِهَا فَيُفْرَضُ الْمَاءُ وَالزَّيْتُ وَالْحَطَبُ وَالْمِلْحُ وَاللَّحْمُ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ، وَحَصِيرٌ وَسَرِيرٌ اُحْتِيجَ إلَيْهِ وَأُجْرَةُ قَابِلَةٍ، وَزِينَةٌ تُسْتَضَرُّ بِتَرْكِهَا كَكُحْلٍ وَدُهْنٍ مُعْتَادَيْنِ وَحِنَّاءٍ وَمُشْطٍ وَإِخْدَامُ أَهْلِهِ وَإِنْ بِكِرَاءٍ وَلَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ وَقَضَى لَهَا بِخَادِمِهَا إنْ أَحَبَّتْ إلَّا لِرِيبَةٍ وَإِلَّا فَعَلَيْهَا الْخِدْمَةُ الْبَاطِنَةُ مِنْ عَجْنٍ وَكَنْسٍ وَفَرْشٍ بِخِلَافِ النَّسْجِ وَالْغَسْلِ، وَفِي ابْنِ الْحَاجِبِ نَحْوُهُ قَالَ وَقَدَّرَ مَالِكٌ الْمُدَّ فِي الْيَوْمِ وَقَدَّرَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَيْبَتَيْنِ وَنِصْفًا فِي الشَّهْرِ إلَى ثَلَاثَةٍ؛ لِأَنَّ مَالِكًا بِالْمَدِينَةِ وَابْنَ الْقَاسِمِ بِمِصْرَ قَالَ وَإِنْ أَكَلَ الشَّعِيرَ أَكَلَتْهُ (التَّوْضِيحُ) وَالْمُرَادُ بِالْمُدِّ هُنَا الْمُدُّ الْهَاشِمِيُّ وَهُوَ مَنْسُوبٌ إلَى هِشَامِ بْنِ إسْمَاعِيلَ الْمَخْزُومِيِّ وَكَانَ أَمِيرًا بِالْمَدِينَةِ فِي خِلَافَةِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ (ابْنُ حَبِيبٍ وَغَيْرُهُ) وَفِي الْوَيْبَةِ اثْنَتَانِ وَعِشْرُونَ مُدًّا بِمُدِّ النَّبِيِّ. صلى الله عليه وسلم اهـ.
وَفِي الْمُدِّ الْهِشَامِيِّ
مُدٌّ وَثُلُثَانِ بِمَدِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَأَمْرُ الْإِدَامِ كَذَلِكَ وَلَا يُفْرَضُ مِثْلُ الْعَسَلِ وَالسَّمْنِ وَالْحَالُومِ وَالْفَاكِهَةِ وَيُفْرَضُ الْخَلُّ. اهـ. وَعَدَمُ فَرْضِ السَّمْنِ مُقَيَّدٌ بِبَلَدٍ لَيْسَ أَكْلُهُ عُرْفًا عِنْدَهُمْ ثُمَّ قَالَ وَأَمْرُ الْكِسْوَةِ كَذَلِكَ (التَّوْضِيحُ) أَيْ فَيُعْتَبَرُ فِي جِنْسِهَا وَقَدْرِ حَالِهَا كَمَا فِي النَّفَقَةِ وَيُعْتَبَرُ أَيْضًا الزَّمَانُ وَالْمَكَانُ مِمَّا يَصْلُحُ لِلشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ مِنْ قَمِيصٍ وَجُبَّةٍ وَخِمَارٍ وَمِقْنَعَةٍ وَإِزَارٍ وَشِبْهِهِ مِمَّا لَا غَنَاءَ عَنْهُ، وَمِنْ غِطَاءٍ وَوِطَاءٍ وَوِسَادَةٍ وَسَرِيرٍ اُحْتِيجَ إلَيْهِ لِعَقَارِبَ أَوْ بَرَاغِيثَ أَوْ فِيرَانٍ. اهـ.
(الْجَوْهَرِيُّ) الْمِقْنَعَةُ بِالْكَسْرِ مَا تُقَنِّعُ بِهِ الْمَرْأَةُ رَأْسَهَا وَالْقِنَاعُ أَوْسَعُ مِنْ الْمِقْنَعَةِ اهـ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَالْأَصْلُ أَنَّ مَا هُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ يُفْرَضُ، وَمَا هُوَ زِيَادَةٌ فِي مَعْنَى السَّرَفِ لَا يُفْرَضُ وَمَا هُوَ مِنْ التَّوَسُّعِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا وَلَكِنَّهُ عَادَتُهَا قَوْلَانِ. اهـ.
وَقَوْلُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا، أَيْ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهَا فَمُتَأَكَّدٌ وَمَعَ ذَلِكَ هُوَ عَادَتُهَا هَذَا مَحِلُّ الْقَوْلَيْنِ ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَلَا يَلْزَمُهُ مَا هُوَ مِنْ شَوْرَتِهَا الَّتِي هِيَ مِنْ صَدَاقِهَا مِنْ مَلْبَسٍ وَغِطَاءٍ وَوِطَاءٍ وَلَهُ عَلَيْهَا الِاسْتِمْتَاعُ مَعَهَا بِهِ. اهـ. (قَالَ مُقَيِّدُهُ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ) : قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ هَذَا هُوَ الْأَصْلُ فِيمَا بِهِ الْحُكْمُ عِنْدَنَا أَنَّ الزَّوْجَ لَا يُفْرَضُ عَلَيْهِ لِلزَّوْجَةِ عِنْدَ الْمُشَاحَّةِ اللِّبَاسُ وَالْفِرَاشُ إذَا كَانَ الصَّدَاقُ مُعْتَبَرًا حَتَّى تَطُولَ الْمُدَّةُ وَيَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ تَلَاشِي شَوْرَتِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الصَّدَاقُ قَلِيلًا جِدًّا فَيُفْرَضُ ذَلِكَ عَلَيْهِ مِنْ حِينِهِ أَوْ قَلِيلًا لَا جِدًّا فَبَعْدَ السَّنَةِ وَنَحْوِهَا (وَفِي ابْنِ عَرَفَةَ) وَوَاجِبُهَا مَا يَضُرُّ بِهَا فَقْدُهُ وَلَا يَضُرُّهُ وَفِيمَا فَوْقَهُ مُعْتَادًا لِمِثْلِهَا غَيْرَ سَرَفٍ لَا يَضُرُّهُ خِلَافٌ، وَفِي تَعْيِينِهِ بِمُقْتَضَى مَحَلِّ قَابِلِهِ وَعَادَاتِهِ مَقَالَاتٌ، فَنِصْفُ مَأْكُولِهَا جُلُّ قُوتِ مِثْلِهِمَا بِبَلَدِهِمَا، يَفْرِضُ لَهَا مِنْ الطَّعَامِ مَا يَرَى أَنَّهُ الشِّبَعُ مِمَّا يَقْتَاتُ أَهْلُ بَلَدِهِمَا مِنْ الْبِلَادِ مَا لَا يُنْفِقُ أَهْلُهُ شَعِيرًا بِحَالِ غَنِيِّهِمْ وَلَا فَقِيرِهِمْ وَمِنْهَا مِنْ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ يُسْتَخَفُّ وَيُسْتَجَازُ، اُنْظُرْ كَلَامَهُ إنْ شِئْتَ فَقَدْ أَطَالَ فِي ذَلِكَ عَلَى عَادَتِهِ رحمه الله وَنَفَعَ بِهِ.
(وَفِي طُرُرِ ابْنِ عَاتٍ) عَنْ أَحْمَدَ بْنِ نَصْرٍ وَإِذَا فَرَضَ الْقَاضِي لِلْمَرْأَةِ نَفَقَتَهَا زَادَ فِي الرَّخَاءِ عَلَى رُبُعَيْنِ وَيُنْقِصُ فِي الْغَلَاءِ الْمُفْرِطِ عَنْ رُبُعَيْنِ وَفِي (مُفِيدِ ابْنِ هِشَامٍ) وَالنَّفَقَةُ فِي الْجَوْدَةِ وَالدَّنَاءَةِ وَالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ عَلَى قَدْرِ شَأْنِ الزَّوْجَيْنِ وَيَسَارِهِمَا، وَفِي الْمُدَّةِ هَلْ تَكُونُ شَهْرًا أَوْ سَنَةً عَلَى قَدْرِ يُسْرِ الزَّوْجِ خَاصَّةً وَأَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنْ يُفْرَضَ لِسَنَةٍ، وَقَالَ سَحْنُونٌ: لَا يُفْرَضُ لِسَنَةٍ؛ لِأَنَّ الْأَسْوَاقَ تَحُولُ وَأَرَى أَنْ يُوَسَّعَ فِي الْمُدَّةِ إذَا كَانَ الزَّوْجُ مُوسِرًا وَلَمْ يُؤَدِّ إلَى ضَرَرٍ فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ مُوسِرًا فَالْأَشْهُرُ الثَّلَاثَةُ وَالْأَرْبَعَةُ وَإِنْ كَانَ مُتَوَسِّطًا فَالشَّهْرُ وَالشَّهْرَانِ وَإِنْ كَانَ ذَا صِنَاعَةٍ فَالشَّهْرُ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَعَلَى مَا يَرَى أَنَّهُ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَغْرَمَهُ. اهـ. وَفِي مُخْتَصَرِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ وَقُدِّرَتْ بِحَالِهِ مِنْ يَوْمٍ أَوْ جُمُعَةٍ أَوْ شَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ، وَفِيهِ أَيْضًا وَيَجُوزُ إعْطَاءُ الثَّمَنِ عَمَّا لَزِمَهُ (وَفِي ابْنِ سَلْمُونٍ) الْحَاكِمُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُؤَاخَذَ الزَّوْجُ بِمَا يُفْرَضُ عَلَيْهِ بِعَيْنِهِ أَوْ بِثَمَنِهِ (وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ) : لَهُ أَنْ يُعْطِيَهَا عَنْ جَمِيعِ لَوَازِمِهَا ثَمَنًا إلَّا الطَّعَامَ فَفِيهِ قَوْلَانِ، وَالْقَادِرُ بِالْكَسْبِ كَالْقَادِرِ بِالْمَالِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْعَمَلِ. اهـ.
(قَالَ مُقَيِّدُ هَذَا الشَّرْحِ سَمَحَ اللَّهُ لَهُ بِفَضْلِهِ) : وَقَدْ وَجَدْتُ بِخَطِّ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ الَّذِي فَرَضَ بِفَاسَ فِي وَقْتِهِ الطَّبِيبُ أَبَا الْفَضْلِ قَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ شُهِّرَ بِالْوَزِيرِ وَقَدْ أَدْرَكْتُهُ مَاتَ فِي سَنَةِ تِسْعَ عَشْرَةَ وَأَلْفٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مِقْدَارِ النَّفَقَةِ فِي كُلِّ شَهْرٍ عَلَى الْمُتَعَارَفِ فِي ذَلِكَ (فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ) : اعْلَمْ حَفِظَكَ اللَّهُ أَنَّ فَرْضَ الْمَرْءِ الْبَالِغِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى رُبُعَانِ مِنْ الدَّقِيقِ وَرُبُعٌ وَنِصْفٌ مِنْ الْفَحْمِ وَرِطْلٌ وَنِصْفٌ مِنْ السَّمْنِ وَمِثْلُهُ مِنْ الْخَيْلَعِ وَالزَّبِيبِ وَالصَّابُونِ، فِي الضَّرُورِيَّاتِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْأُوقِيَّةِ هَذَا فِي كُلِّ شَهْرٍ لِمَنْ يَكُونُ مُقِلًّا بِحَسَبِ ثَمَنِ جَمِيعِ مَا ذُكِرَ وَيُزَادُ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْأُوقِيَّةِ وَيُعْطَى الْمُجْتَمِعُ فِي كُلِّ شَهْرٍ وَالْعَدِيمُ يَتَسَاوَى مَعَ الْمُقِلِّ فِي الدَّقِيقِ وَيُخَالِفُهُ فِيمَا عَدَاهُ يُنْقَصُ لَهُ مِنْ الْفَحْمِ نِصْفُ رُبُعٍ وَمِنْ السَّمْنِ نِصْفُ رِطْلٍ وَكَذَلِكَ فِيمَا بَعْدَهُ، وَالضَّرُورِيَّاتِ نِصْفُ أُوقِيَّةٍ بِحَسَبِ ذَلِكَ مَعَ مَا هُوَ مُعَيَّنٌ فِي الضَّرُورِيَّاتِ وَيُعْطَى فِي كُلِّ شَهْرٍ وَأَمَّا أَهْلُ الْبَادِيَةِ فَيُنْقَصُ لَهُمْ الْوُقُودُ وَالصَّابُونُ وَالزَّيْتُ، وَمَا عَدَاهُ يَلْزَمُهُمْ وَنَفَقَةُ الْأَوْلَادِ إذَا كَانَ الْوَلَدُ مِنْ سَبْعَةِ أَعْوَامٍ يُعْطَى لَهُ نِصْفُ نَفَقَةِ أُمِّهِ، وَإِذَا كَانَ مِنْ خَمْسَةٍ إلَى سِتَّةٍ الثُّلُثُ، وَإِذَا كَانَ مِنْ عَشْرَةٍ إلَى اثْنَيْ عَشَرَ الثُّلُثَانِ