المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب في البيوع وما شاكلها] - شرح ميارة = الإتقان والإحكام في شرح تحفة الحكام - جـ ١

[ميارة]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَةُ الْكِتَابِ]

- ‌[بَابُ الْقَضَاءِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَعْرِفَةِ أَرْكَانِ الْقَضَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي رَفْعِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَمَا يُلْحَقُ بِذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مِنْ الْقَضَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمَقَالِ وَالْجَوَابِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْآجَالِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِعْذَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خِطَابِ الْقُضَاةِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ]

- ‌[بَابُ الشُّهُودِ وَأَنْوَاعِ الشَّهَادَاتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ مَسَائِلُ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ مِمَّا يَتَكَرَّرُ وُقُوعُهُ غَالِبًا]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَنْوَاعِ الشَّهَادَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ الشَّهَادَةُ الَّتِي تُوجِبُ الْحَقَّ مَعَ الْيَمِينِ]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ أَقْسَامِ الشَّهَادَةِ وَهِيَ الَّتِي تُوجِبُ الْحَقَّ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَا يُوجِبُ الْيَمِينَ لَا عَلَى الطَّالِبِ بَلْ عَلَى الْمَطْلُوبِ]

- ‌[فَصْلٌ الشَّهَادَةُ الَّتِي لَا عَمَلَ لَهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مِنْ الشَّهَادَةِ]

- ‌[بَابُ الْيَمِينِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[بَابُ الرَّهْنِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَرَاهِنَيْنِ]

- ‌[بَابُ الضَّمَانِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[بَابُ الْوَكَالَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَدَاعِي الْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلِ]

- ‌[بَابُ الصُّلْحِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ وَلِلْأَبِ الصُّلْحُ عَلَى الْمَحْجُورِ]

- ‌[بَابُ النِّكَاحِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَوْلِيَاءِ وَمَا يَتَرَتَّبُ فِي الْوِلَايَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَنْ لَهُ الْإِجْبَارُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ فَاسِدِ النِّكَاحِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مِنْ النِّكَاحِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَدَاعِي الزَّوْجَيْنِ وَمَا يَلْحَقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْقَبْضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُهْدِيهِ الزَّوْجُ ثُمَّ يَقَعُ الطَّلَاقُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الشُّوَارِ الْمُورَدِ بَيْتَ الْبِنَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي إثْبَاتِ الضَّرَرِ وَالْقِيَامِ بِهِ وَبَعْثِ الْحَكَمَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الرَّضَاعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي عُيُوبِ الزَّوْجَيْنِ وَمَا يُرَدَّانِ بِهِ مِنْهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اللِّعَانِ]

- ‌[بَابُ الطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ الْخُلْع]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَيْمَانِ اللَّازِمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّدَاعِي فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا ثُمَّ أَرَادَ الْعَوْدَ لِلزَّوْجِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الرَّجْعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْفَسْخِ]

- ‌[بَابُ النَّفَقَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّدَاعِي فِي النَّفَقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَجِبُ لِلْمُطَلَّقَاتِ وَغَيْرِهِنَّ مِنْ النَّفَقَةِ وَمَا يُلْحَقُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الطَّلَاقِ بِالْإِعْسَارِ بِالنَّفَقَةِ وَمَا يُلْحَقُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْمَفْقُودِينَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَضَانَةِ]

- ‌[بَابٌ فِي الْبُيُوعِ وَمَا شَاكَلَهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْأُصُولِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْعُرُوضِ مِنْ الثِّيَابِ وَسَائِرِ السِّلَعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الطَّعَامِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ النَّقْدَيْنِ وَالْحُلِيِّ وَشِبْهِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الثِّمَارِ وَمَا يُلْحَقُ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجَائِحَةِ فِي الثِّمَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الرَّقِيقِ وَسَائِرِ الْحَيَوَانِ]

- ‌[فَصْلٌ كِلَابَ الْمَاشِيَةِ يَجُوزُ بَيْعُهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الدَّيْنِ وَالْمُقَاصَّةِ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَوَالَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ وَالثُّنْيَا]

الفصل: ‌[باب في البيوع وما شاكلها]

[بَابٌ فِي الْبُيُوعِ وَمَا شَاكَلَهَا]

ذَكَرَ فِي هَذَا الْبَابِ الْبُيُوعَ، وَمَا شَاكَلَهَا أَيْ، وَمَا شَابَهَهَا وَكَانَ مِثْلَهَا فِي كَوْنِهِ عَقْدَ مُعَاوَضَةٍ وَذَلِكَ كَبَيْعِ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ بِجِنْسِهِ، أَوْ بِنَقْدٍ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ الْأَخَصَّ هُوَ الَّذِي أَحَدُ عِوَضَيْهِ غَيْرُ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ، وَكَذَلِكَ الْمُقَاصَّةُ وَالْحَوَالَةُ وَالشُّفْعَةُ وَالْقِسْمَةُ وَالْإِقَالَةُ وَالتَّوْلِيَةُ وَالتَّصْيِيرِ وَالسَّلَمُ، وَنَحْوُهَا مِمَّا أَدْمَجَهُ النَّاظِمُ فِي هَذَا الْبَابِ، وَفَصَلَ بَيْنَ أَنْوَاعِهِ بِالْفُصُولِ دُونَ الْأَبْوَابِ.

وَأَمَّا مَا فَسَّرَ بِهِ شُرَّاحُ الرِّسَالَةِ قَوْلَهَا، وَمَا شَاكَلَ الْبُيُوعَ مِنْ الْكِرَاءِ وَالْإِجَارَةِ لِكَوْنِهِمَا شِرَاءَ مَنْفَعَةٍ وَالْبَيْعُ شِرَاءُ رَقَبَةٍ، فَلَا يَصِحُّ تَفْسِيرُ كَلَامِ النَّاظِمِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُمَا فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ، بَلْ عَقَدَ لَهُمَا بَابًا مُسْتَقِلًّا. وَبَابُ الْبُيُوعِ مِمَّا يُتَعَيَّنُ الِاهْتِمَامُ بِمَعْرِفَةِ أَحْكَامِهِ لِعُمُومِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، إذْ لَا يَخْلُو مُكَلَّفٌ غَالِبًا مِنْ بَيْعٍ، أَوْ شِرَاءٍ فَيَجِبُ أَنْ يَعْلَمَ حُكْمَ اللَّهِ فِي ذَلِكَ قَبْلَ التَّلَبُّسِ بِهِ.

(قَالَ الْقَبَّابُ) : لَا يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَجْلِسَ فِي السُّوقِ حَتَّى يَعْلَمَ أَحْكَامَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَإِنَّهُ يَكُونُ حِينَئِذٍ فَرْضًا وَاجِبًا عَلَيْهِ، كَذَلِكَ الَّذِي يَتَصَرَّفُ لِنَفْسِهِ، أَوْ غَيْرِهِ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَعْلَمَ حُكْمَ مَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ وَلَا يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَدْفَعَ قِرَاضًا لِمَنْ لَا يَعْلَمُ أَحْكَامَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُوَكِّلَ الذِّمِّيَّ عَلَى الشِّرَاءِ وَلَا غَيْرِهِ، وَلَا يَتَوَكَّلُ لَهُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُشَارِكَ الذِّمِّيَّ إلَّا إذَا لَمْ يَغِبْ الذِّمِّيُّ عَلَى بَيْعٍ وَلَا شِرَاءٍ اهـ.

وَبَعْدَ الْعِلْمِ بِمَا ذُكِرَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَمَلُ بِمَا عَلِمَهُ وَيَجْتَهِدُ فِي ذَلِكَ وَيَتَوَلَّى بَيْعَهُ وَشِرَاءَهُ بِنَفْسِهِ إنْ قَدَرَ، وَإِلَّا فَغَيْرُهُ بِمُشَاوِرَتِهِ، وَلَا يَتَّكِلُ فِي ذَلِكَ عَلَى مَنْ لَا يَعْرِفُ الْأَحْكَامَ، أَوْ يَعْرِفُهَا وَيَتَسَاهَلُ فِي الْعَمَلِ بِمُقْتَضَاهَا لِغَلَبَةِ الْفَسَادِ وَعُمُومِهِ.

وَالْبَيْعُ مَصْدَرُ بَاعَ الشَّيْءَ، يَبِيعُهُ إذَا أَخْرَجَهُ عَنْ مِلْكِهِ بِعِوَضٍ، أَوْ أَدْخَلَهُ فِيهِ فَهُوَ مِنْ الْأَضْدَادِ، يُطْلَقُ عَلَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ. وَذَكَرَ الزَّنَاتِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ أَنَّ لُغَةَ قُرَيْشٍ اسْتِعْمَالُ بَاعَ إذَا أَخْرَجَ، وَاشْتَرَى إذَا أَدْخَلَ قَالَ: وَهِيَ أَفْصَحُ وَعَلَى هَذَا اصْطَلَحَ الْعُلَمَاءُ تَقْرِيبًا لِلْفَهْمِ، نَقَلَهُ الْحَطَّابُ، وَفِي شَرْحِ الْجُزُولِيِّ عَلَى الرِّسَالَةِ مَا حَاصِلُهُ إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَعَاوِضَيْنِ بَائِعٌ لِمَا خَرَجَ مِنْ يَدِ مُشْتَرٍ لِمَا أَخَذَهُ، وَاصْطَلَحَ الْفُقَهَاءُ أَنَّ آخِذَ الْعَرَضِ يُسَمَّى مُشْتَرِيًا، وَآخِذَ الْعَيْنِ بَائِعًا وَجَمَعَ النَّاظِمُ الْبَيْعَ، وَإِنْ كَانَ مَصْدَرًا، وَحَقُّهُ أَنْ لَا يُجْمَعَ لِصِدْقِهِ عَلَى الْقَلِيلِ، وَالْكَثِيرِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ، لَكِنَّهُ جَمَعَهُ بِاعْتِبَارِ أَنْوَاعِهِ، كَالْعُلُومِ وَالْمِيَاهِ؛ لِأَنَّ مِنْ الْبَيْعِ صَحِيحًا وَفَاسِدًا.

وَالْمَبِيعَاتُ: أُصُولٌ، وَعُرُوضٌ، وَغَيْرُهُمَا كَمَا يَأْتِي (قَالَ فِي التَّوْضِيحِ) فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ الْبُيُوعُ مَا نَصُّهُ أَتَى بِجَمْعِ الْكَثْرَةِ لِتَعَدُّدِ الْأَنْوَاعِ، وَحَدَّهُ الْمَازِرِيُّ بِأَنَّهُ: نَقْلُ الْمِلْكِ بِعِوَضٍ، وَهَذَا يَشْمَلُ الصَّحِيحَ وَالْفَاسِدَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفَاسِدَ يَنْقُلُ الْمِلْكَ، ثُمَّ قَالَ، وَإِنْ قُلْنَا لَا يَنْقُلُ لَمْ يَشْمَلْهُ لَكِنَّ الْعَرَبَ قَدْ تَكُونُ التَّسْمِيَةُ عِنْدَهُمْ صَحِيحَةً لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّ الْمِلْكَ قَدْ انْتَقَلَ عَلَى حُكْمِهِمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَنْتَقِلْ عَلَى حُكْمِ الْإِسْلَامِ خَلِيلٌ، وَإِنْ أَرَدْتَ إخْرَاجَهُ بِوَجْهٍ لَا شَكَّ فِيهِ فَزِدْ بِوَجْهٍ جَائِزٍ. اهـ.

وَحَدَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ " عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ عَلَى غَيْرِ مَنَافِعَ، وَلَا مُتْعَةِ لَذَّةٍ وَمُكَايَسَةٍ، أَحَدُ عِوَضَيْهِ غَيْرُ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ، مُعَيَّنٌ غَيْرُ الْعَيْنِ فِيهِ " فَقَوْلُهُ " عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ " يَشْمَلُ هِبَةَ الثَّوَابِ وَالصَّرْفَ وَالْمُرَاطَلَةَ وَالسَّلَمَ وَأَخْرَجَ بِهِ التَّبَرُّعَاتِ، كَالْهِبَةِ، وَالصَّدَقَةِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ " غَيْرِ مَنَافِعِ الْكِرَاءِ وَالْإِجَارَةِ " لِأَنَّ الْعَقْدَ فِيهِمَا عَلَى الْمَنَافِعِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ " وَلَا مُتْعَةِ لَذَّةٍ " النِّكَاحُ؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ عَلَى مُتْعَةِ التَّلَذُّذِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ " ذُو مُكَايَسَةٍ " هِبَةُ الثَّوَابِ؛ لِأَنَّهَا عَلَى الْمُكَارَمَةِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ " أَحَدُ عِوَضَيْهِ غَيْرُ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ " الصَّرْفُ، وَالْمُرَاطَلَة؛ لِأَنَّ الْعِوَضَيْنِ مَعًا ذَهَبٌ أَوْ فِضَّةٌ، أَوْ مُجْتَمِعٌ مِنْهُمَا، وَشَمِلَ قَوْلُهُ " أَحَدَ عِوَضَيْهِ. . . إلَخْ " مَا إذَا كَانَ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ ذَهَبًا، أَوْ فِضَّةً وَالْآخَرُ عَرْضًا، وَمَا إذَا كَانَا مَعًا عَرْضَيْنِ، وَيَأْتِي لِلنَّاظِمِ أَنَّ هَذَا

ص: 277

الْوَجْهَ يُسَمَّى الْمُعَاوَضَةَ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ " مُعَيَّنٌ غَيْرُ الْعَيْنِ فِيهِ " السَّلَمُ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْعَيْنِ فِيهِ وَهُوَ الْمُسْلَمُ فِيهِ فِي الذِّمَّةِ غَيْرُ مُعَيَّنٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

مَا يُسْتَجَازُ بَيْعُهُ أَقْسَامُ

أُصُولٌ أَوْ عُرُوضٌ أَوْ طَعَامُ

أَوْ ذَهَبٌ أَوْ فِضَّةٌ أَوْ ثَمَرُ

أَوْ حَيَوَانٌ وَالْجَمِيعُ يُذْكَرُ

أَخْبَرَ رحمه الله أَنَّ مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ يَنْقَسِمُ إلَى سِتَّةِ أَنْوَاعٍ: (الْأَوَّلُ) أُصُولٌ وَذَلِكَ، كَالدُّورِ، وَالْحَوَائِطِ وَالْفَنَادِقِ، وَالْحَوَانِيتَ، وَالْأَرَضِينَ، وَغَيْرِ ذَلِكَ. (وَالثَّانِي) عُرُوضٌ، كَالثِّيَابِ، وَالسِّلَاحِ، وَالْآلَاتِ، وَنَحْوِهَا. (الثَّالِثُ) طَعَامٌ كَالْحُبُوبِ مِنْ الْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ، وَالْقَطَانِيِّ، وَإِدَامٌ كَالسَّمْنِ وَالزَّيْتِ وَمُصْلِحَاتِهِ، كَالْمِلْحِ وَالْبَصَلِ، وَنَحْوِهِمَا. (الرَّابِعُ) ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ وَهُمَا النَّقْدَانِ اللَّذَانِ يَتَعَلَّقُ بِهِمَا الْأَغْرَاضُ مِنْ حَيْثُ التَّنْمِيَةُ الْمَنُوطَةُ بِهِمَا. (الْخَامِسُ) ثَمَرٌ وَذَلِكَ، كَالْفَوَاكِهِ، وَالْمَقَاثِئِ، وَالْخُضَرِ، وَأَفْرَدَهَا بِالذِّكْرِ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ جِنْسِ الطَّعَامِ لِمَا اخْتَصَّتْ بِهِ عَنْ الطَّعَامِ مِنْ اشْتِرَاطِ بُدُوِّ الصَّلَاحِ فِي جَوَازِ بَيْعِهَا، وَغَيْرِ ذَلِكَ. (السَّادِسُ) حَيَوَانٌ، كَالرَّقِيقِ، وَالدَّوَابِّ، وَالْأَنْعَامِ، وَالْوَحْشِ، وَالطَّيْرِ وَفَائِدَةُ تَقْسِيمِ هَذِهِ الْمَبِيعَاتِ لِمَا ذُكِرَ اخْتِصَاصُ كُلِّ نَوْعٍ مِنْهَا بِأَحْكَامٍ مُعْتَبَرَةٍ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ تُعْتَبَرْ فِي غَيْرِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، كَالْعُيُوبِ الْمُوجِبَةِ لِلْقِيمَةِ فِي الْأُصُولِ، أَوْ لِلرَّدِّ فِي الْحَيَوَانِ، وَالْعُرُوضِ وَرِبَا الْفَضْلِ وَالنَّسَاءِ فِي النَّقْدَيْنِ وَالطَّعَامَيْنِ، وَبُدُوِّ الصَّلَاحِ فِي الثِّمَارِ، وَالْعُهْدَتَيْنِ فِي الرَّقِيقِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.

وَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ فِي النُّطْقِ: الْجَوَازُ الْأَعَمُّ الشَّامِلُ لِلْوُجُوبِ وَغَيْرِهِ (قَالَ الْإِمَامُ الْحَطَّابُ) : وَالْإِجْمَاعُ عَلَى جَوَازِ الْبَيْعِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ وَقَدْ يَعْرِضُ لَهُ الْوُجُوبُ كَمَنْ اُضْطُرَّ لِشِرَاءِ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَالنَّدْبُ كَمَنْ أَقْسَمَ عَلَى إنْسَانٍ أَنْ يَبِيعَ لَهُ سِلْعَةً لَا ضَرُورَةَ عَلَيْهِ فِي بَيْعِهَا فَيُنْدَبُ إلَى إجَابَتِهِ لِأَنَّ إبْرَارَ الْمُقْسِمِ فِيمَا لَيْسَ فِيهِ ضَرَرٌ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ، وَالْكَرَاهَةُ كَبَيْعِ الْهِرِّ، وَالسِّبَاعِ لِأَخْذِ جُلُودِهَا، وَالتَّحْرِيمُ كَالْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَحِكْمَةُ مَشْرُوعِيَّتِهِ الرِّفْقُ بِالْعِبَادِ، وَالتَّعَاوُنُ عَلَى حُصُولِ الْمَعَاشِ، وَلِهَذَا يُمْنَعُ احْتِكَارُ مَا يَضُرُّ بِالنَّاسِ اهـ. وَلِلْبَيْعِ ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ: الْأَوَّلُ الصِّيغَةُ، الثَّانِي الْعَاقِدُ وَالْمُرَادُ بِهِ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي مَعًا، الثَّالِثُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ وَالْمُرَادُ بِهِ الثَّمَنُ وَالْمَثْمُونُ مَعًا فَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ خَمْسَةٌ، وَلَمَّا كَانَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي يَشْتَرِكَانِ فِي الشُّرُوطِ كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا عَبَّرُوا عَنْهُمَا بِالْعَاقِدِ، وَكَذَلِكَ الثَّمَنُ وَالْمَثْمُونُ يُشْتَرَطُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا يُشْتَرَطُ فِي الْآخَرِ فَلِذَلِكَ عَبَّرُوا عَنْهُمَا بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَالصِّيغَةُ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا مِنْ قَوْلٍ، كَبِعْت وَيَرْضَى الْمُشْتَرِي، أَوْ ابْتَعْتُ وَيَرْضَى الْبَائِعُ، أَوْ فِعْلٍ، كَالْمُعَاطَاةِ وَذَلِكَ فِيمَا كَانَتْ قِيمَتُهُ مَعْلُومَةً فَيَضَعُ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ وَيُعْطِي الْبَائِعُ الْمَثْمُونَ مِنْ غَيْرِ لَفْظٍ، وَأَمَّا الْعَاقِدُ فَيُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ انْعِقَادِ الْبَيْعِ أَنْ يَكُونَ عَاقِدُهُ مُمَيِّزًا فَبَيْعُ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ لِصِغَرٍ، أَوْ جُنُونٍ، أَوْ سُكْرٍ غَيْرُ مُنْعَقِدٍ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ لَازِمًا، وَيُشْتَرَطُ فِي لُزُومِهِ كَوْنُ عَاقِدِهِ رَشِيدًا طَائِعًا فَبَيْعُ الْمَحْجُورِ مُنْعَقِدٌ غَيْرُ لَازِمٍ يَتَوَقَّفُ لُزُومُهُ عَلَى إجَازَةِ حَاجِرِهِ.

وَقَدْ أَشَارَ النَّاظِمُ إلَى هَذِهِ الشُّرُوطِ بِقَوْلِهِ فِي بَيْعِ الْأُصُولِ

مِمَّنْ لَهُ تَصَرُّفٌ فِي الْمَالِ

وَكَذَا الْمُكْرَهُ بِفَتْحِ الرَّاءِ إذَا أُكْرِهْ عَلَى الْبَيْعِ بَيْعُهُ غَيْرُ لَازِمٍ أَيْضًا إلَّا إذَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ فِي حَقٍّ شَرْعِيِّ كَقَضَاءِ دَيْنٍ وَنَحْوِهِ فَلَا يُشْتَرَطُ رِضَاهُ، وَأَمَّا الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فَلَهُ سَبْعَةُ شُرُوطٍ: الْأَوَّلُ: الطَّهَارَةُ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ نَجِسِ الْعَيْنِ كَالزِّبْلِ، وَلَا الْمُتَنَجِّسِ الَّذِي لَا يَقْبَلُ التَّطْهِيرَ كَالزَّيْتِ عَلَى الْمَشْهُورِ فِيهَا، أَمَّا الْمُتَنَجِّسُ الَّذِي يَقْبَلُ الطَّهَارَةَ كَالثَّوْبِ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ إذَا بَيَّنَ

ص: 278

كَوْنَهُ نَجِسًا، وَيَتَأَكَّدُ الْبَيَانُ إذَا كَانَ جَدِيدًا، وَتَعَدُّدُهُ كَذَلِكَ. الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مُنْتَفَعًا بِهِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْحَيَوَانِ غَيْرِ الْمَأْكُولِ اللَّحْمِ إذَا أَشْرَفَ عَلَى الْمَوْتِ، وَكَذَا مَأْكُولُ اللَّحْمِ عَلَى مَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ لِلْغَرَرِ فِي حَيَاتِهِ وَحُصُولِ ذَكَاتِهِ لِاحْتِمَالِ عَدَمِ حَرَكَتِهِ بَعْدَ ذَبْحِهِ. الثَّالِثُ: عَدَمُ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِهِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْكِلَابِ لِوُرُودِ النَّهْيِ عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي جَوَازِ بَيْعِ مَا أُذِنَ فِي اتِّخَاذِهِ مِنْهَا وَسَيَأْتِي، وَكَذَا الْأُضْحِيَّةُ، وَأُمُّ الْوَلَدِ وَنَحْوُهَا.: الرَّابِعُ أَنْ يَكُونَ مَقْدُورًا عَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْآبِقِ إنْ لَمْ يُعْرَفْ مَحَلُّهُ، وَكَذَا إنْ عُرِفَ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَكَذَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْبَعِيرِ الشَّارِدِ، وَلَا الْإِبِلِ الْمُهْمَلَةِ، وَكَذَا الْمَغْصُوبِ إنْ كَانَ الْغَاصِبُ لَا تَنَالُهُ الْأَحْكَامُ إلَّا أَنْ يُبَاعَ لِغَاصِبِهِ وَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَرُدَّهُ لِرَبِّهِ مُدَّةً، وَحِينَئِذٍ يُبَاعُ لِغَاصِبِهِ، أَوْ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ؟ فِيهِ تَرَدُّدٌ.

الْخَامِسُ: أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا لِبَائِعِهِ، أَوْ لِمَنْ نَابَ عَنْهُ بِوَكَالَةٍ، أَوْ إيصَاءٍ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا لَيْسَ لَك فَإِنْ وَقَعَ، تَوَقَّفَ ذَلِكَ عَلَى رِضَا مَالِكِهِ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِبَيْعِ الْفُضُولِيِّ وَيَأْتِي لِلنَّاظِمِ فِيهِ تَفْصِيلٌ. السَّادِسُ: أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَتَقَرَّرُ مَلِكُ مُبْتَاعِهِ عَلَيْهِ وَلَوْ وَجَبَ عِتْقُهُ إذْ بِهِ يَجِبُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ مُصْحَفٌ، أَوْ مُسْلِمٌ لِكَافِرٍ لِعَدَمِ تَقَرُّرِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ، فَإِنْ وَقَعَ فَلَا يُفْسَخُ، وَيُبَاعُ عَلَيْهِ وَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِمْ " مِمَّا يَتَقَرَّرُ مَلِكُ مُبْتَاعِهِ عَلَيْهِ " مَنْ اشْتَرَى مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ مِنْ أَقَارِبِهِ فَإِنَّهُ مِمَّا يَتَقَرَّرُ مِلْكُهُ عَلَيْهِ، وَلِذَلِكَ وَجَبَ عِتْقُهُ عَلَيْهِ وَكَانَ لَهُ وَلَاؤُهُ. السَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا، جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا، مَثْمُونًا كَانَ، أَوْ ثَمَنًا فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمَجْهُولِ جُمْلَةً، كَبَيْعِ الْحُوتِ فِي الْمَاءِ، وَلَا الْبَيْعُ بِزِنَةِ حَجَرٍ مَجْهُولِ الْقَدْرِ ذَهَبًا، أَوْ فِضَّةً وَلَا بَيْعُ مَعْلُومِ الْقَدْرِ جُمْلَةً مَجْهُولِ التَّفْصِيلِ، كَعَبْدَيْ رَجُلَيْنِ بِمِائَةٍ مَثَلًا وَهُوَ الَّذِي يُعَبِّرُونَ عَنْهُ بِجَمْعِ الرَّجُلَيْنِ سِلْعَتَهُمَا فِي الْبَيْعِ إذْ لَا يُدْرَى مَا يَنُوبُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَبْدَيْنِ مِنْ الْمِائَةِ (تَنْبِيهٌ) إذَا بِيعَ مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَمَا لَا يَجُوزُ كَثَوْبٍ وَخَمْرٍ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ فَنُقِلَ فِي إيضَاحِ الْمَسَالِكِ فِي ذَلِكَ تِسْعَةُ أَقْوَالٍ: فَسْخُ الْجَمِيعِ، فَسْخُ مَا قَابَلَ الْحَرَامَ وَصِحَّةُ مَا قَابَلَ الْحَلَالَ، وَثَالِثُهَا الْأَقَلُّ يَتْبَعُ الْأَكْثَرَ اُنْظُرْ بَقِيَّتَهَا فِي تَرْجَمَةِ الْعَقْدِ هَلْ يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟

قَالَ رحمه الله -

ص: 279

وَالْبَيْعُ وَالشَّرْطُ الْحَلَالُ إنْ وَقَعْ

مُؤَثِّرًا فِي ثَمَنٍ مِمَّا امْتَنَعْ

وَكُلُّ مَا لَيْسَ لَهُ تَأْثِيرُ

فِي ثَمَنٍ جَوَازُهُ مَأْثُورُ

وَالشَّرْطُ إنْ كَانَ حَرَامًا بَطَلَا

بِهِ الْمَبِيعُ مُطْلَقًا إنْ جُعِلَا

يَعْنِي أَنَّ الْبَيْعَ إذَا وَقَعَ مُصَاحِبًا الشَّرْطَ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الشَّرْطُ حَلَالًا، أَوْ حَرَامًا.

فَإِنْ كَانَ حَلَالًا فَفِيهِ تَفْصِيلٌ، إنْ وَقَعَ مُؤَثِّرًا فِي الثَّمَنِ جَهْلًا مَثَلًا فَهُوَ مَمْنُوعٌ، وَالْبَيْعُ فَاسِدٌ، وَإِنْ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي ذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ، وَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَالشَّرْطُ مَعْمُولٌ بِهِ وَإِلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ أَشَارَ بِالْبَيْتِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي، وَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ حَرَامًا بَطَلَ بِهِ الْبَيْعُ مُطْلَقًا، أَيْ أَثَّرَ جَهْلًا فِي الثَّمَنِ، أَوْ لَا، وَإِلَى هَذَا الْوَجْهِ أَشَارَ بِالْبَيْتِ الثَّالِثِ، فَمِثَالُ الشَّرْطِ الْحَلَالِ الْمُؤَثِّرِ فِي الثَّمَنِ جَهْلًا: أَنْ يَشْتَرِطَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ لَا يَبِيعَ مَا اشْتَرَى مِنْهُ، وَلَا يَهَبَهُ فَنَفْسُ الشَّرْطِ وَهُوَ كَوْنُ الْمُشْتَرِي يَتَمَسَّكُ بِمَا اشْتَرَى وَلَا يَبِيعُهُ وَلَا يَهَبُهُ حَلَالٌ جَائِزٌ.

وَاشْتِرَاطُهُ الدُّخُولَ عَلَيْهِ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ إنَّمَا يَكُونُ غَالِبًا بِرُخْصٍ وَنَقْصٍ عَنْ ثَمَنِ ذَلِكَ الْمَبِيعِ لَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ فِي بَيْعِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّحْجِيرِ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَمِقْدَارُ مَا اُنْتُقِصَ مِنْ الثَّمَنِ لِأَجْلِ ذَلِكَ الشَّرْطِ مَجْهُولٌ وَالْجَهْلُ فِي الثَّمَنِ لَا يَجُوزُ وَيَفْسُدُ بِهِ الْبَيْعُ، وَمِثَالُهُ أَيْضًا أَنْ يَشْتَرِطَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ عَلَى الْآخَرِ أَنْ يُسَلِّفَهُ دَرَاهِمَ طَعَامًا مَثَلًا فَنَفْسُ الْمَشْرُوطِ الَّذِي هُوَ السَّلَفُ جَائِزٌ، وَاشْتِرَاطُهُ وَانْعِقَادُ الْبَيْعِ عَلَيْهِ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ السَّلَفُ مِنْ الْبَائِعِ فَإِنَّمَا يَبِيعُ غَالِبًا بِأَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ لِأَجْلِ السَّلَفِ.

وَإِنْ كَانَ مِنْ الْمُشْتَرِي فَإِنَّمَا يَشْتَرِي غَالِبًا بِأَقَلَّ لِأَجْلِ السَّلَفِ أَيْضًا، وَمِقْدَارُ مَا ازْدَادَ فِي الثَّمَنِ، أَوْ اُنْتُقِصَ بِسَبَبِ الشَّرْطِ مَجْهُولٌ، وَالْمَجْهُولُ فِي الثَّمَنِ مَمْنُوعٌ يَفْسُدُ بِهِ الْبَيْعُ، وَلَوْ تَحَقَّقْنَا أَنْ لَا زِيَادَةَ فِي الثَّمَنِ وَلَا نَقْصَ؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الْحُكْمَ إذَا عُلِّلَ بِعِلَّةٍ غَالِبًا اُكْتُفِيَ بِغَلَبَتِهَا عَنْ تَتَبُّعِهَا فِي كُلِّ صُورَةٍ صُورَةٍ، إعْطَاءً لِلنَّادِرِ حُكْمَ الْغَالِبِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَعِبَارَةُ ابْنِ عَرَفَةَ فِي ذَلِكَ الْحُكْمُ الْمُعَلَّقُ بِالْمَظِنَّةِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَحَقُّقِ الْحِكْمَةِ اهـ.

وَعَلَّلَ بَعْضُهُمْ الْمَنْعَ فِي الْمِثَالِ الثَّانِي بِأَنَّ السَّلَفَ صَارَ بِسَبَبِ اشْتِرَاطِهِ مِنْ جُمْلَةِ الثَّمَنِ، وَالِانْتِفَاعُ بِهِ مَجْهُولٌ اهـ.

وَمَا عَلَّلْنَا بِهِ أَظْهَرُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَالْمَنْعُ فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ أَشَدُّ؛ لِأَنَّ فِيهِ زِيَادَةً عَلَى التَّأْثِيرِ فِي الثَّمَنِ عِلَّةً أُخْرَى لِلْمَنْعِ وَهِيَ كَوْنُ ذَلِكَ الْمُؤَثِّرِ مِنْ بَابِ اشْتِرَاطِ مَا يُوجِبُ الْحُكْمُ خِلَافَهُ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ يُوجِبُ جَوَازَ تَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي فِيمَا اشْتَرَاهُ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ شَاءَ، مِمَّا أَبَاحَهُ الشَّارِعُ مِنْ بَيْعٍ، أَوْ هِبَةٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَالتَّحْجِيرُ عَلَيْهِ بِأَنْ لَا يَبِيعَ وَلَا يَهَبَ شَرْطٌ مُنَاقِضٍ لِمُقْتَضَى عَقْدِ الْبَيْعِ، وَاشْتِرَاطُ مِثْلِهِ مَمْنُوعٌ وَيَفْسُدُ بِهِ الْبَيْعُ، وَمِثَالُ الشَّرْطِ الْحَلَالِ الَّذِي لَا يُؤَثِّرُ فِي الثَّمَنِ اشْتِرَاطُ الْمُشْتَرِي كَوْنَ الثَّمَنِ إلَى أَجَلٍ مُعَيَّنٍ غَيْرِ بَعِيدٍ جِدًّا.

وَاشْتِرَاطُ الْبَائِعِ فِي الثَّمَنِ الْمُؤَجَّلِ، أَوْ الْمُعَجَّلِ أَنْ يُعْطِيَهُ فِيهِ رَهْنًا، أَوْ حَمِيلًا فَإِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ جَائِزٌ بِنَصِّ الْكِتَابِ الْعَزِيزِ فَلَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ أَنَّهُ مِنْ الشَّرْطِ الْمُؤَثِّرِ فِي الثَّمَنِ، وَهَذَا شَرْطٌ صَحِيحٌ مَعْمُولٌ بِهِ وَهُوَ مِمَّا لَا يَقْتَضِيهِ عَقْدُ الْبَيْعِ، وَلَا يُنَافِيهِ وَفِيهِ مَصْلَحَةٌ لِلْبَائِعِ وَيَنْدَرِجُ فِي هَذَا الْقِسْمِ الشَّرْطُ الَّذِي يَقْتَضِيهِ عَقْدُ الْبَيْعِ كَالرُّجُوعِ بِدَرْكِ الْعَيْبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ، وَيُعْمَلُ بِهِ وَلَوْ لَمْ يُشْتَرَطْ، وَاشْتِرَاطُهُ تَأْكِيدٌ، وَمِثَالُ الشَّرْطِ الْحَرَامِ مَنْ بَاعَ أَمَةً رَفِيعَةً وَاشْتَرَطَ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَمْنَعَهَا الدُّخُولَ وَالْخُرُوجَ، أَوْ اشْتَرَطَ كَوْنَهَا مُغَنِّيَةً، أَوْ بَاعَ دَارًا وَاشْتَرَطَ اتِّخَاذَهَا مَجْمَعًا لِأَهْلِ الْفَسَادِ فَالشَّرْطُ حَرَامٌ.

وَالْبَيْعُ بِهِ فَاسِدٌ، وَإِذَا فَسَدَ الْبَيْعُ بِالشَّرْطِ الْحَلَالِ الْمُؤَثِّرِ فِي الثَّمَنِ فَأَحْرَى أَنْ يَفْسُدَ بِالْحَرَامِ الْمُؤَثِّرِ كَالْمِثَالِ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ، فَلَا فَرْقَ فِي الشَّرْطِ الْحَرَامِ بَيْنَ كَوْنِهِ مُؤَثِّرًا فِي الثَّمَنِ، أَوْ لَا، وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِالْإِطْلَاقِ، فَقَوْلُهُ " وَالْبَيْعُ " مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ " مِمَّا امْتَنَعَ " وَ " الشَّرْطُ عَطْفٌ عَلَى الْبَيْعِ، وَيَصِحُّ نَصْبُهُ عَلَى الْمَعِيَّةِ " وَالْحَلَالِ " نَعْتٌ لِلشَّرْطِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ وَ " مُؤَثِّرًا " حَالٌ مِنْ فَاعِل وَقَعَ الْعَائِدِ عَلَى الشَّرْطِ وَفِي " ثَمَنٍ " يَتَعَلَّقُ بِمُؤَثِّرٍ، وَجَوَابُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ لِدَلَالَةِ الْخَبَرِ عَلَيْهِ وَهُوَ " مِمَّا امْتَنَعَ " وَكُلُّ " مُبْتَدَأٌ مُضَافٌ إلَى " مَا " وَهِيَ نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ وَاقِعَةٌ عَلَى شَرْطٍ، أَيْ كُلُّ شَرْطٍ.

وَجُمْلَةُ " لَيْسَ لَهُ تَأْثِيرُ " صِفَةُ " مَا "، وَجُمْلَةُ " جَوَازُهُ مَأْثُورُ " مِنْ الْمُبْتَدَأ، وَالْخَبَرُ خَبَرُ " كُلُّ " وَمَأْثُورٌ، أَيْ مَرْوِيٌّ، وَ " الشَّرْطُ " مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ جُمْلَةُ الشَّرْطِ وَجَوَابُهَا، وَمَرَّ إنْ كَانَ حَرَامًا بَطَلَا بِهِ الْمَبِيعُ مُطْلَقًا، وَ " إنْ جُعِلَ " حَشْوٌ مُسْتَغْنًى عَنْهُ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ إنْ وَقَعَ وَذَلِكَ هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ، وَالْمَبِيعُ فَاعِلُ بَطَلَ

ص: 280

وَهُوَ بِمَعْنَى الْبَيْعِ أَوْ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، أَيْ بَطَلَ بَيْعُ الْمَبِيعِ (تَنْبِيهَاتٌ. الْأَوَّلُ) الْمَنْعُ فِي الشَّرْطِ الْحَلَالِ الْمُؤَثِّرِ فِي الثَّمَنِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا اسْتَمَرَّ الْمُتَبَايِعَانِ عَلَى شُرُوطِهِمَا، أَمَّا إنْ أَسْقَطَاهُ فَإِنَّ الْبَيْعَ يَصِحُّ، وَكَذَا يُقَيَّدُ الْمَنْعُ أَيْضًا فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ وَهُوَ أَنْ لَا يَبِيعَ بِمَا إذَا عَمَّمَ، أَوْ اسْتَثْنَى قَلِيلًا كَقَوْلِهِ لِلْمُشْتَرِي عَلَى أَنْ لَا يَبِيعَهُ جُمْلَةً، أَوْ لَا يَبِيعَهُ إلَّا مِنْ فُلَانٍ.

وَأَمَّا إذَا خَصَّ نَاسًا قَلِيلِينَ كَقَوْلِهِ بِعْهُ لِمَنْ شِئْتَ إلَّا لِفُلَانٍ، أَوْ لِبَنِي فُلَانٍ، وَهُمْ قَلِيلُونَ جِدًّا بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِهِمْ فَلَا يَمْتَنِعُ هَذَا الشَّرْطُ، إذْ لَا تَحْجِيرَ فِيهِ وَلَا بَدَّ وَلَا تَأْثِيرَ فِي الثَّمَنِ. (الثَّانِي) اعْلَمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي اشْتِرَاطِ السَّلَفِ بَيْنَ كَوْنِهِ بِدَلَالَةِ الْمُطَابَقَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، أَوْ بِدَلَالَةِ الِالْتِزَامِ وَذَلِكَ كَمَنْ بَاعَ شَيْئًا لِمَنْ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ حَالٌّ، وَاشْتَرَطَ هَذَا الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي عَدَمَ الْمُقَاصَّةِ، بَلْ يَقْتَضِيهِ ثَمَنُ هَذَا الْمَبِيعِ.

وَيَبْقَى الدَّيْنُ عَلَى حُلُولِهِ فَهَذَا بَيْعٌ وَاشْتِرَاطُ سَلَفٍ؛ لِأَنَّ مَنْ أَخَّرَ مَا أَوْجَبَ لَهُ عُدَّ مُسَلِّفًا، وَالْمُسَلَّفُ هُنَا الْمُشْتَرِي مِنْ هَذَا الْمَدِينِ. اُنْظُرْ الْحَطَّابَ، أَوْ فَصْلَ الْمُقَاصَّةِ. (الثَّالِثُ) اعْلَمْ أَنَّ النَّاظِمَ قَسَّمَ الشَّرْطَ الْمُصَاحِبَ لِعَقْدِ الْبَيْعِ إلَى حَلَالٍ وَحَرَامٍ، وَقَسَّمَ الْحَلَالَ إلَى مُؤَثِّرٍ فِي الثَّمَنِ وَغَيْرِ مُؤَثِّرٍ، وَتَلَخَّصَ مِنْ حُكْمِهِمَا أَنَّ الشَّرْطَ الْحَرَامَ وَالْحَلَالَ الْمُؤَثِّرَ فِي الثَّمَنِ، الْبَيْعُ مَعَهُمَا فَاسِدٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَأَنَّ الشَّرْطَ الْحَلَالَ الَّذِي يُؤَثِّرُ فِي الثَّمَنِ، الْبَيْعُ فِيهِ صَحِيحٌ وَالشَّرْطُ مَعْمُولٌ بِهِ.

وَبَقِيَ عَلَيْهِ قِسْمٌ ثَالِثٌ تَوَسَّطَ بَيْنَهُمَا، الْبَيْعُ فِيهِ صَحِيحٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ، وَذَلِكَ كَمَنْ اشْتَرَطَ فِي بَيْعِ الْجَارِيَةِ، أَوْ الْعَبْدِ كَوْنَهُمَا عُرْيَانَيْنِ مِنْ غَيْرِ ثَوْبٍ أَصْلًا، وَكَمَنِ اشْتَرَطَ ثِمَارًا، أَوْ حَبًّا مَعَ أَرْضِهِ قَبْلَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ وَاشْتَرَطَ الزَّكَاةَ عَلَى الْبَائِعِ، وَكَاشْتِرَاطِ الْبَائِعِ أَنْ لَا عُهْدَةَ عَلَيْهِ فِي عَيْبٍ، أَوْ اسْتِحْقَاقٍ، أَوْ لَا جَائِحَةَ عَلَيْهِ فِي ثِمَارٍ وَنَحْوِهَا، أَوْ لَا مُوَاضَعَةَ فِي الْجَارِيَةِ الَّتِي فِيهَا الْمُوَاضَعَةُ، أَوْ اشْتَرَطَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَأْتِ الْمُشْتَرِطُ بِالثَّمَنِ إلَى أَجَلِ كَذَا، فَلَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا فَالْبَيْعُ فِي هَذِهِ الْفُرُوعِ صَحِيحٌ، وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ إلَّا إذَا اشْتَرَطَ الْبَائِعُ فِي آخِرِهَا أَنَّ عَقْدَ الْبَيْعِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى دَفْعِ الثَّمَنِ فَإِنَّ الْبَيْعَ لَا يَنْعَقِدُ إلَّا بِدَفْعِهِ.

وَكَذَا الْبَيْعُ عَلَى شَرْطِ عَدَمِ الْمُقَاصَّةِ، وَكَذَا اشْتِرَاطُ مَنْ اشْتَرَى بِدَيْنٍ أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَحِلُّ بِمَوْتِهِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَقَدْ أَشَارَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ لِلْوَجْهِ الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ فِي " تَعْدَادِ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ، وَكَبَيْعٍ وَشَرْطٍ يُنَاقِضُ الْمَقْصُودَ كَأَنْ لَا يَبِيعَ " ثُمَّ قَالَ " أَوْ يُخِلَّ كَبَيْعٍ وَسَلَفٍ " ثُمَّ أَشَارَ إلَى الْوَجْهِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ " مُشْبِهًا فِي الصِّحَّةِ كَشَرْطِ رَهْنٍ وَحَمِيلٍ " وَأَشَارَ إلَى الثَّالِثِ بِقَوْلِهِ فِي فَصْلِ مَا يَتَنَاوَلُهُ الْبَيْعُ " وَالْعَبْدِ ثِيَابَ مِهْنَتِهِ، وَهَلْ يُوفِي بِشَرْطِ عَدَمِهَا وَهُوَ الْأَظْهَرُ، أَوْ لَا؟ كَمُشْتَرِطِ زَكَاةِ مَا لَمْ يَطِبْ، وَأَنْ لَا عُهْدَةَ، أَوْ لَا مُوَاضَعَةَ، أَوْ لَا جَائِحَةَ أَوْ إنْ لَمْ يَأْتِ بِالثَّمَنِ لِكَذَا فَلَا بَيْعَ.

(التَّنْبِيهُ الرَّابِعُ) اعْلَمْ

ص: 281

أَنَّ الْإِمَامَ مَالِكًا رضي الله عنه نَزَّلَ الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي الْبَيْعِ وَالشَّرْطِ عَلَى الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ، فَنَزَّلَ مَا وَرَدَ مِنْ فَسَادِ الْبَيْعِ وَالشَّرْطِ مَعًا عَلَى الشَّرْطِ الْحَرَامِ وَالْحَلَالِ الْمُؤَثِّرِ فِي الثَّمَنِ، وَنَزَّلَ مَا وَرَدَ مِنْ جَوَازِهِمَا عَلَى الشَّرْطِ الْحَلَالِ الَّذِي لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي الثَّمَنِ.

وَنَزَّلَ مَا وَرَدَ مِنْ جَوَازِ الْبَيْعِ وَبُطْلَانِ الشَّرْطِ عَلَى الْوَجْهِ الثَّالِثِ. (ابْنُ رُشْدٍ) رُوِيَ أَنَّ عَبْدَ الْوَارِثِ بْنَ سَعِيدٍ قَالَ قَدِمْتُ مَكَّةَ فَوَجَدْت فِيهَا أَبَا حَنِيفَةَ وَابْنَ أَبِي لَيْلَى وَابْنَ شُبْرُمَةَ فَقُلْتُ لِأَبِي حَنِيفَةَ مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ بَاعَ بَيْعًا وَاشْتَرَطَ شَيْئًا فَقَالَ: الْبَيْعُ بَاطِلٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ، ثُمَّ أَتَيْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: الْبَيْعُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ، ثُمَّ أَتَيْتُ ابْنَ شُبْرُمَةَ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: الْبَيْعُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ جَائِزٌ فَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ ثَلَاثَةٌ مِنْ فُقَهَاءِ الْعِرَاقِ اخْتَلَفُوا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ فَأَتَيْتُ أَبَا حَنِيفَةَ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: مَا أَدْرِي مَا قَالَا «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ» ثُمَّ أَتَيْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: لَا أَدْرِي مَا قَالَا: قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها «أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَشْتَرِيَ بَرِيرَةَ وَأُعْتِقَهَا، وَإِنْ اشْتَرَطَ أَهْلُهَا الْوَلَاءَ فَإِنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ» : الْبَيْعُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ.

ثُمَّ أَتَيْتُ ابْنَ شُبْرُمَةَ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: لَا أَدْرِي مَا قَالَا قَالَ «جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بِعْتُ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَاقَةً وَشَرَطَ لِي حِلَابَهَا وَظَهْرَهَا إلَى الْمَدِينَةِ» : الْبَيْعُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ جَائِزٌ. فَعَرَفَ مَالِكٌ رحمه الله الْأَحَادِيثَ كُلَّهَا فَاسْتَعْمَلَهَا فِي مَوَاضِعِهَا وَتَأَوَّلَهَا عَلَى وُجُوهِهَا، وَلَمْ يُمْعِنْ غَيْرُهُ النَّظَرَ، وَلَا أَحْسَنَ تَأْوِيلَ الْأَثَرِ اهـ.

وَإِلَى هَذِهِ الْقَضِيَّةِ أَشَارَ الشَّيْخُ ابْنُ غَازِيٍّ رحمه الله بِقَوْلِهِ

بَيْعُ الشُّرُوطِ الْحَنَفِيُّ حَرَّمَهْ

وَجَابِرٌ سَوَّغَ لِابْنِ شبرمة

وَفُصِّلَتْ لِابْنِ أَبِي لَيْلَى الْأَمَهْ

وَمَالِكٌ إلَى الثَّلَاثِ قَسَّمَهْ

وَمُرَادُهُ بِالتَّفْصِيلِ: جَوَازُ الْبَيْعِ.

وَبُطْلَانُ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَيْنِ الْآخَرَيْنِ جَوَازُهُمَا، أَوْ بُطْلَانُهُمَا، وَالْمُرَادُ بِالْأَمَةِ: بَرِيرَةُ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ وَمَالِكٌ إلَى الثَّلَاثِ قَسَّمَهْ " أَنَّ مَالِكًا قَسَّمَ الشَّرْطَ فِي الْبَيْعِ إلَى الثَّلَاثَةِ الْأَقْسَامِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَالْأَلِفُ وَاللَّامُ فِي قَوْلِ الشَّيْخِ ابْنِ غَازِيٍّ " إلَى الثَّلَاثِ " لِلْعَهْدِ وَالْمَعْهُودُ، الْأَقْسَامُ الثَّلَاثَةُ الْمَذْكُورَةُ: قِسْمٌ يَصِحُّ فِيهِ الْبَيْعُ وَالشَّرْطُ مَعًا وَذَلِكَ إذَا كَانَ الشَّرْطُ حَلَالًا وَلَمْ يُؤَثِّرْ فِي الثَّمَنِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقِسْمٌ يَبْطُلَانِ مَعًا وَذَلِكَ إذَا كَانَ الشَّرْطُ حَرَامًا، أَوْ حَلَالًا وَأَثَّرَ فِي الثَّمَنِ.

وَقِسْمٌ يَصِحُّ فِيهِ الْبَيْعُ وَالشَّرْطُ وَذَلِكَ فِي الْوَجْهِ الثَّالِثِ، فَلَيْسَ مَوْضُوعُ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ عِنْدَ مَالِكٍ وَاحِدًا حَتَّى يَكُونَ خِلَافًا حَقِيقَةً، بَلْ مَوْضُوعُ كُلِّ قَوْلٍ خِلَافُ مَوْضُوعِ الْقَوْلِ الْآخَرِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَتَقَدَّمَ بَيَانُ مَوْضُوعِ كُلِّ قَوْلٍ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ قَبْلَ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ هَذَا (فَرْعٌ) إذَا اشْتَرَطَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ لَا يَبِيعَ وَلَا يَهَبَ وَلَا يُعْتِقَ حَتَّى يُعْطِيَ الثَّمَنَ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الرَّهْنِ إذَا كَانَ إعْطَاؤُهُ الثَّمَنَ لِأَجَلٍ مَعْلُومٍ نَقَلَهُ الْحَطَّابُ عَنْ ابْنِ أَبِي زَمَنِينَ (قُلْت) : وَلَعَلَّ هَذِهِ فِي الْأُصُولِ فَقَطْ، أَوْ فِيهَا وَفِي غَيْرِهَا إذَا وَضَعَ الْمَبِيعَ عِنْدَ أَمِينٍ عَلَى الْقَوْلَيْنِ الْآتِيَيْنِ فِي قَوْلِ النَّاظِمِ

وَشَرْطُ إبْقَاءِ الْمَبِيعِ فِي الثَّمَنْ

رَهْنًا الْبَيْتَيْنِ لِأَنَّ قَوْلَهُمْ هُنَا إنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الرَّهْنِ يَقْتَضِي أَنَّهُ تَحْتَ يَدِ الْبَائِعِ، وَإِلَّا فَلَا مَعْنَى لِكَوْنِهِ كَالرَّهْنِ.

وَهُوَ تَحْتَ يَدِ الْمُشْتَرِي، وَإِذَا كَانَ تَحْتَ يَدِ الْبَائِعِ فَهِيَ الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ لِلنَّاظِمِ (فَرْعٌ) قَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي مَسَائِلِ الضَّرَرِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ فِيمَنْ لَهُ دَارَانِ بَاعَ إحْدَاهُمَا، وَاشْتَرَطَ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ لَا يَرْفَعَ عَلَى الْحَائِطِ الْفَاصِلِ بَيْنَ الدَّارَيْنِ شَيْئًا مَخَافَةَ أَنْ يُظْلِمَ عَلَيْهِ دَارِهِ وَيَمْنَعَ مِنْ دُخُولِ الشَّمْسِ فِيهَا فَالْتَزَمَهُ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَيْعَ جَائِزٌ وَالشَّرْطَ لَازِمٌ. اهـ.

وَجَمْعُ بَيْعٍ مَعَ شِرْكَةٍ وَمَعْ

صَرْفٍ وَجُعْلٍ وَنِكَاحٍ امْتَنَعْ

وَمَعْ مُسَاقَاةٍ وَمَعْ قِرَاضِ

وَأَشْهَبُ الْجَوَازُ عَنْهُ مَاضِ

يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَى الْمَشْهُورِ.

وَنَسَبَهُ الشَّارِحُ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَنْ يَجْتَمِعَ الْبَيْعُ مَعَ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْعُقُودِ السِّتِّ الَّتِي أَوَّلُهَا الشَّرِكَةُ وَآخِرُهَا الْقِرَاضُ خِلَافًا لِأَشْهَبَ فَإِنَّهُ يَقُولُ بِجَوَازِ ذَلِكَ وَنَقَلَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْقَرَافِيِّ مَنْعَ اجْتِمَاعِ الْبَيْعِ مَعَ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ السِّتِّ، وَبَقِيَ عَلَى النَّاظِمِ الْقَرْضُ، أَيْ السَّلَفُ فَلَا يَجْتَمِعُ مَعَ الْبَيْعِ وَكَمَا لَا يَجْتَمِعُ الْبَيْعُ مَعَ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ السَّبْعَةِ بِزِيَادَةِ الْقَرْضِ فَكَذَلِكَ

ص: 282

لَا يَجْتَمِعُ اثْنَانِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ لِافْتِرَاقِ أَحْكَامِهَا هَكَذَا عِبَارَتُهُمْ، وَأَخْصَرُ مِنْ هَذَا أَنْ يُقَالَ ثَمَانِيَةُ عُقُودٍ لَا يَجْتَمِعُ اثْنَانِ مِنْهَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ.

وَقَدْ قُلْت فِي ذَلِكَ تَبَعًا لِغَيْرِي فِي جُلِّ التَّعْبِيرِ مَا نَصُّهُ

عُقُودٌ مَنَعْنَا اثْنَيْنِ مِنْهَا بِعُقْدَةٍ

لِكَوْنِ مَعَانِيهَا مَعًا تَتَفَرَّقُ

فَجُعْلٌ وَصَرْفٌ وَالْمُسَاقَاةُ شِرْكَةٌ

نِكَاحٌ قِرَاضٌ قَرْضُ بَيْعٌ مُحَقَّقُ

وَبَاءُ " بِعُقْدَةِ " ظَرْفِيَّةٌ وَ " قَرْضُ " بِغَيْرِ تَنْوِينٍ وَحُذِفَ الْعَاطِفُ لِلْوَزْنِ " وَمَعًا " بِمَعْنَى جَمِيعًا وَظَاهِرُ قَوْلِهِ

وَأَشْهَبُ الْجَوَازُ عَنْهُ مَاضِ

أَنَّ أَشْهَبَ يَقُولُ بِجَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْبَيْعِ وَكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْعُقُودِ السِّتِّ، وَاَلَّذِي فِي ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّهُ يَقُولَ بِجَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ وَلَفْظُهُ.

وَالصَّرْفُ وَالْبَيْعُ مُمْتَنِعٌ خِلَافًا لِأَشْهَبَ، وَالتَّصْرِيحُ بِمَنْعِ جَمْعِ الْبَيْعِ مَعَ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْعُقُودِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ هُوَ مِنْ زِيَادَةِ هَذَا النَّاظِمِ عَلَى مُخْتَصَرِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ إلَّا مَنْعَ اجْتِمَاعِ الْإِجَارَةِ وَالْجُعْلِ، فَقَدْ صَرَّحَ بِهِ حَيْثُ قَالَ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ كَمَعَ جُعْلٍ لَا بَيْعٍ، وَيَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ الْمَذْكُورِ هُنَا الْإِجَارَةُ وَالْكِرَاءُ؛ لِأَنَّهُمَا بَيْعُ مَنَافِعَ، فَكَمَا يَمْتَنِعُ اجْتِمَاعُ الْبَيْعِ مَعَ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْعُقُودِ السِّتِّ، كَذَلِكَ يَمْتَنِعُ اجْتِمَاعُ الْإِجَارَةِ وَالْكِرَاءِ مَعَ وَاحِدٍ مِنْهَا.

وَيَجُوزُ الْبَيْعُ مَعَ الْإِجَارَةِ، أَوْ الْكِرَاءِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ، وَيَمْتَنِعُ اجْتِمَاعُ الْكِرَاءِ، أَوْ الْبَيْعِ مَعَ الْجُعْلِ مَثَلًا، أَمَّا مَنْعُ اجْتِمَاعِ الْإِجَارَةِ مَعَ الْجُعْلِ فَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا فِي نَصِّ الشَّيْخِ خَلِيلٍ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

وَنَجَسٌ صَفْقَتُهُ مَحْظُورَهْ

وَرَخَّصُوا فِي الزِّبْلِ لِلضَّرُورَةِ

تَقَدَّمَ أَنَّ مِنْ شَرْطِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ طَاهِرًا فَلِذَلِكَ امْتَنَعَ بَيْعُ مَا هُوَ نَجَسٌ، كَالزِّبْلِ لَكِنَّهُمْ رَخَّصُوا فِي بَيْعِهِ لِلْحَاجَةِ إلَى الِانْتِفَاعِ بِهِ، نَقَلَ الشَّارِحُ رحمه الله عَنْ الْمُقَرِّبِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَكْرَهُ بَيْعَ رَجِيعِ بَنِي آدَمَ وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ فِي الزِّبْلِ شَيْئًا وَلَا أَرَى بِهِ بَأْسًا. اهـ.

(وَفِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ) وَلَا بَأْسَ بِأَكْلِ مَا زُبِلَ بِهِ، أَيْ بِرَجِيعِ بَنِي آدَمَ، وَبَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَرِهَهُ وَلَا أَرَى بِهِ بَأْسًا، قَالَ أَشْهَبُ: أَكْرَهُ بَيْعَ رَجِيعِ بَنِي آدَمَ إلَّا مَنْ اُضْطُرَّ إلَيْهِ، وَالْمُبْتَاعُ أَعْذَرُ فِي شِرَائِهِ مِنْ بَائِعِهِ (قَالَ الشَّارِحُ) أَقُولُ: مَسَاقُ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ يَقْتَضِي كَرَاهَتَهَا فَلِذَلِكَ عَبَّرَ الْمُتَأَخِّرُونَ عَنْهُمْ بِأَنَّهُمْ رَخَّصُوا فِي بَيْعِ الزِّبْلِ، وَتَبِعَهُمْ الشَّيْخُ اهـ.

(قُلْت) وَمِمَّا تَدْعُو الضَّرُورَةُ إلَيْهِ مَعَ الِاتِّفَاقِ عَلَى نَجَاسَتِهِ الْمَاءُ الْمُتَغَيِّرُ بِالنَّجَاسَةِ كَالْمُجْتَمِعِ مِنْ الْمَرَاحِيضِ، وَقِيَاسُهُ عَلَى الزِّبْلِ فِي التَّرَخُّصِ فِي جَوَازِ بَيْعِهِ أَحْرَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (فَرْعٌ) فِي بَيْعِ مَا ظَهَرَ مِنْ فَضَلَاتِ الْبَهَائِمِ، قَالَ فِي الْمُقَرِّبِ " قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ بَعْرِ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ وَأَخْثَاءِ الْبَقَرِ " وَعَلَى هَذَا يَجُوزُ بَيْعُ خُرْءِ الْحَمَامِ وَالدَّجَاجِ غَيْرِ الْمُخَلَّاةِ، وَفِي الْمُخَلَّاةِ نَظَرٌ، صَحَّ مِنْ الشَّارِحِ. وَ " الْمَحْظُورُ " بِالظَّاءِ الْمُشَالَةِ: الْمَمْنُوعُ، وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْخِيصِ فِي بَيْعِ الزِّبْلِ مِنْ زِيَادَةِ هَذَا النَّاظِمِ عَلَى الْمُخْتَصَرِ.

ص: 283