الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَفِي الْمُقَرِّبِ) قُلْت لَهُ أَرَأَيْت إنْ زَنَتْ الْبِكْرُ فَحُدَّتْ أَوْ لَمْ تُحَدَّ أَيَكُونُ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا بِغَيْرِ رِضَاهَا قَالَ نَعَمْ (وَفِيهِ أَيْضًا) قَالَ سَحْنُونٌ قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنْ زَوَّجَهَا تَزْوِيجًا حَرَامًا فَدَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا وَجَامَعَهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا وَلَمْ يَتَبَاعَدْ ذَلِكَ فَقَالَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا إلَّا بِرِضَاهَا لِأَنَّهُ نِكَاحٌ يُدْرَأُ بِهِ الْحَدُّ وَيَلْحَقُ فِيهِ الْوَلَدُ وَالْعِدَّةُ فِيهِ كَالْعِدَّةِ فِي النِّكَاحِ الْحَلَالِ اهـ
وَإِنْ يُرَشِّدْهَا الْوَصِيُّ مَا أَبِي
…
فِيهَا وِلَايَةَ النِّكَاحِ كَالْأَبِ
يَعْنِي أَنَّ الْوَصِيَّ إذَا رَشَّدَ مَحْجُورَتَهُ وَأَطْلَقَ يَدَهَا عَلَى التَّصَرُّفِ فِي مَالِهَا فَإِنَّ وِلَايَةَ نِكَاحِهَا لَا تَنْعَزِلُ عَنْهَا كَالْحُكْمِ فِي أَبِيهَا الَّذِي جَاءَ الْوَصِيُّ بِسَبَبِهِ فَكَمَا أَنَّ خُرُوجَهَا مِنْ حِجْرِ الْأَبِ لَا يَقْطَعُ نَظَرَهُ عَنْهَا فِي الْوِلَايَةِ فَكَذَلِكَ خُرُوجُهَا مِنْ حِجْرِ الْوَصِيِّ الَّذِي هُوَ بِسَبَبِهِ لَا يَقْطَعُ نَظَرَهُ عَنْهَا فِي الْوِلَايَةِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ مَنْ يَتَقَدَّمُ عَلَى الْأَبِ وَهُوَ الِابْنُ فَكَذَلِكَ يَتَقَدَّمُ عَلَى وَصِيِّهِ (قَالَ فِي طُرَرِ ابْنِ عَاتٍ) اُنْظُرْ إذَا رَشَّدَ الْوَلِيُّ مَحْجُورَتَهُ هَلْ تَسْقُطُ الْوِلَايَةُ عَنْهَا أَوْ لَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ رحمه الله لَا أَذْكُرُ فِي ذَلِكَ نَصَّ رِوَايَةٍ وَاَلَّذِي يُوجِبُهُ النَّظَرُ أَنَّ وِلَايَتَهُ بِهَا فِي النِّكَاحِ لَا تَسْقُطُ بِتَمْلِيكِهِ إيَّاهَا أَمْر نَفْسِهَا لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ وَلِيًّا مِنْ أَوْلِيَائِهَا بِإِقَامَةِ الْأَبِ إيَّاهُ لَهَا مَقَامَ نَفْسِهِ فَوَجَبَ أَنْ لَا تَسْقُطَ وِلَايَتُهُ عَنْهَا إلَّا بِمَا كَانَتْ تَسْقُطُ بِهِ وِلَايَةُ الْأَبِ عَنْهَا وَالْأَبُ لَوْ رَشَّدَهَا لَمْ تَسْقُطْ بِذَلِكَ وِلَايَتُهُ عَنْهَا فَكَذَلِكَ هُوَ فَتَدَبَّرْ ذَلِكَ اهـ.
(قَالَ الشَّارِحُ) أَقُولُ الْعَجَبُ مِنْ ابْنِ رُشْدٍ كَيْفَ قَالَ لَا أَذْكُرُ نَصَّ رِوَايَةٍ مَعَ مَا ذَكَرَهُ الْمُتَيْطِيّ مِنْ الْخِلَافِ عَنْ الْعُتَيْبَة وَاعْتَمَدَ الشَّيْخُ مَا نَقَلَهُ الْمُتَيْطِيّ عَنْ أَصْبَغَ وَأَشْهَبَ وَذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ أَيْ مِنْ كَوْنِ الْوَصِيِّ أَوْلَى مِنْ الْوَلِيِّ فِي الثَّيِّبِ إنْ خَرَجَتْ مِنْ الْوِلَايَةِ دُون قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَسَحْنُونٍ وَدُون مَا رَجَّحَهُ اللَّخْمِيُّ مِنْ كَوْنِ الْوَلِيِّ أَحَقَّ مِنْ الْوَصِيِّ اهـ أَيْ وَإِذَا كَانَ الْخِلَافُ فِي أَيِّهِمَا أَوْلَى فَإِنَّ ذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ بَقَاءَ وِلَايَةِ الْوَصِيِّ بَعْدَ تَرْشِيدِهَا وَأَنَّ وِلَايَتَهُ لَمْ تَسْقُطْ إذْ الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِيمَا وَرَاءَ ذَلِكَ وَهُوَ أَيُّهُمَا أَوْلَى وَمُطْلَقُ بَقَاءِ وِلَايَتِهِ هُوَ الَّذِي فِي الْبَيْتِ وَسَيُعِيدُ النَّاظِمُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي بَابِ الْحَجْرِ حَيْثُ قَالَ:
وَحَيْثُ رَشَدَ الْوَصِيُّ مَنْ حَجْرِ
…
وِلَايَةِ النِّكَاحِ تَبْقَى بِالنَّظَرِ
[فَصْلٌ فِي حُكْمِ فَاسِدِ النِّكَاحِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]
(فَصْلٌ فِي حُكْمِ فَاسِدِ النِّكَاحِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ)
وَفَاسِدُ النِّكَاحِ مَهْمَا وَقَعَا
…
فَالْفَسْخُ فِيهِ أَوْ تَلَافٍ شُرِعَا
فَمَا فَسَادُهُ يَخُصُّ عَقْدَهُ
…
فَفَسْخُهُ قَبْلَ الْبِنَا وَبَعْدَهُ
وَمَا فَسَادُهُ مِنْ الصَّدَاقِ
…
فَهْوَ بِمَهْرِ الْمِثْل بَعْدُ بَاقِ
يَعْنِي: أَنَّ النِّكَاحَ إذَا وَقَعَ فَاسِدًا فَإِنَّهُ يُرْجَعُ فِيهِ إلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ إمَّا الْفَسْخُ وَإِمَّا التَّلَافِي وَالتَّدَارُكُ فَمَا كَانَ فَسَادُهُ لِفَسَادِ عَقْدِهِ فَالْحُكْمُ فِيهِ الْفَسْخُ سَوَاءٌ عُثِرَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعُدَهُ وَمَا فَسَدَ لِصَدَاقِهِ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَنَحْوُهُ فِي الرِّسَالَةِ وَغَيْرِهَا
(قَالَ الشَّارِحُ) وَالظَّاهِرُ مِنْ الشَّارِعِ فِي عُقُودِ هَذِهِ الْمُعَامَلَاتِ أَنَّهَا مَهْمَا وَقَعَتْ مُخَالِفَةً لِمَا اسْتَقَرَّ مِنْهَا شَرْعًا وَكَانَتْ الْمُخَالَفَةُ فِيهَا مِمَّا يُمْكِنُ تَلَافِيهَا وَيَتَأَتَّى اسْتِدْرَاكُ الْأَمْرِ فِيهَا فَإِنَّ الْمَشْرُوعَ فِيهَا الْإِصْلَاحُ وَالِاسْتِدْرَاكُ وَالتَّلَافِي لِمَا فُرِضَ اخْتِلَالُهُ مِنْ الْأَرْكَانِ وَالتَّحْصِيلِ لِمَا وَقَعَ إهْمَاله مِنْ الشُّرُوطِ وَمَهْمَا كَانَتْ الْمُخَالَفَةُ فِيهَا مِمَّا لَا يُمْكِنُ تَلَافِيهَا وَلَا يَتَأَتَّى اسْتِدْرَاكُ الْأَمْرِ فِيهَا لِخُرُوجِ الْمَاهِيَّةِ عَمَّا قَصَدَ بِهَا شَرْعًا أَوْ مُنَافَاتُهَا لِمَا اسْتَقَرَّتْ عَلَيْهَا وَضْعًا فَإِنَّ الْمَشْرُوعَ فِيهَا الْفَسْخُ وَالْإِبْطَالُ (قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ) وَالْعَقْدُ الْمَلْزُومُ لِلتَّلَاقِي فَاسِدٌ مُطْلَقًا لِعَدَمِ قَبُولِهِ التَّصْحِيحَ كَنَقْلِ ابْنِ شَاسٍ تَزْوِيجَ عَبْدِهِ بِجَعْلِهِ مَهْرَهُ فَاسِدًا لِأَدَاءِ ثُبُوتِهِ لِنَفْيِهِ وَلِمُنَافَاةِ الْمِلْكِ لِلنِّكَاحِ لَوْ ثَبَتَ بِخِلَافِ كَوْنِ الْمَهْرِ خَمْرًا.
(وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْجَزِيرِيُّ) وَالْفَسَادُ عَلَى وَجْهَيْنِ فَسَادٌ فِي الْعَقْدِ وَفَسَادٌ فِي الصَّدَاقِ فَالْفَسَادُ لِعَقْدِهِ عَلَى ضَرْبَيْنِ وَجْهٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ وَوَجْهٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَالْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ كَذَوَاتِ الْمَحَارِمِ فَيُفْسَخُ أَبَدًا
بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَلَا مُوَارَثَةَ فِيهِ وَلَا خُلْعٍ وَفِيهِ الْمُسَمَّى بَعْدَ الْبِنَاءِ وَيَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ وَيُحَدُّ إنْ كَانَ عَالِمًا وَهَذِهِ إحْدَى الْمَسَائِلِ الَّتِي يَلْحَقُ فِيهَا الْوَلَدُ مَعَ وُجُوبِ الْحَدِّ وَهِيَ قَلِيلَةٌ وَالْمُخْتَلَفُ فِيهِ كَنِكَاحِ الشِّغَارِ وَالْمُحَرَّمِ وَشِبْهِ ذَلِكَ فَالْفَسْخُ فِيهِ بِطَلَاقٍ وَيَمْضِي فِيهِ الْخُلْعُ وَهُوَ آخِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِرِوَايَةٍ بَلَغَتْهُ عَنْ مَالِكٍ وَقَدْ كَانَ يَقُولُ كُلُّ نِكَاحٍ يَكُونَانِ مَغْلُوبَيْنِ عَلَى فَسْخِهِ يُفْسَخُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ كَنِكَاحِ الْمَحْرَمِ وَشَبَهِهِ وَالْفَاسِدِ لِصَدَاقِهِ كَالنِّكَاحِ بِغَرَرٍ أَوْ حَرَامٍ أَوْ بِمَجْهُولٍ فِي صَدَاقٍ أَوْ أَجَلٍ فَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَلَا صَدَاقَ فِيهِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ وَيَجِبُ صَدَاقُ الْمِثْلِ اهـ.
(وَفِي مُخْتَصَرِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ) وَهُوَ طَلَاقٌ إنْ اخْتَلَفَ فِيهِ كَمُحَرَّمٍ وَشِغَارٍ وَالتَّحْرِيمُ بِعَقْدِهِ وَوَطْئِهِ وَفِيهِ الْإِرْثُ كَإِنْكَاحِ الْمَرِيضِ وَإِنْكَاحِ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ لَا إنْ اُتُّفِقَ عَلَى فَسَادِهِ، فَلَا طَلَاقَ وَلَا إرْثَ كَخَامِسَةٍ وَحُرِّمَ وَطْؤُهُ فَقَطْ وَمَا فُسِخَ بَعْدَهُ فَالْمُسَمَّى وَإِلَّا فَصَدَاقُ الْمِثْلِ وَسَقَطَ بِالْفَسْخِ قَبْلَهُ وَيَأْتِي لِلنَّاظِمِ قَبْلَ بَابِ النَّفَقَةِ
وَفَسْخٌ فَاسِدٍ بِلَا وِفَاقِ
…
بِطَلْقَةٍ تُعَدُّ فِي الطَّلَاقِ
وَمَنْ يَمُتْ قَبْلَ وُقُوعِ الْفَسْخِ
…
فِي ذَا فَمَا لِإِرْثِهِ مِنْ نَسْخِ
وَفَسْخُ مَا الْفَسَادُ فِيهِ مُجْمَعٌ
…
عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ طَلَاقٍ يَقَعُ
اهـ. (وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْجَزِيرِيُّ) وَهَذِهِ إحْدَى الْمَسَائِلِ الَّتِي يَلْحَقُ فِيهَا الْوَلَدُ إلَى آخِرِ هَذِهِ النَّظَائِرِ أَشَارَ لَهَا سَيِّدِي عَلِيٌّ الزَّقَّاقُ بِقَوْلِهِ آخِرَ الْمَنْهَجِ الْمُنْتَخَبِ
وَنَسَبٌ وَالْحَدُّ لَنْ يَجْتَمِعَا
الْأَبْيَاتُ الثَّلَاثَةُ اُنْظُرْهَا فِي شَرْحِهِ وَانْظُرْهَا آخِرَ بَابِ الِاسْتِلْحَاقِ مِنْ التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَيُحَدُّ الْوَاطِئُ الْعَالِمُ إلَخْ وَيَأْتِي ذِكْرُهَا قَرِيبًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَحَيْثُ دَرْءُ الْحَدِّ يَلْحَقُ الْوَلَدْ
…
فِي كُلِّ مَا مِنْ النِّكَاحِ قَدْ فَسَدَ
وَلِلَّتِي كَانَ بِهَا اسْتِمْتَاعُ
…
صَدَاقُهَا لَيْسَ لَهُ امْتِنَاعُ
يَعْنِي أَنَّ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ الْمُتَّفَقَ عَلَى فَسَادِهِ إنْ دُرِئَ فِيهِ الْحَدُّ عَنْ الْوَاطِئِ كَنِكَاحِ الْمُعْتَدَّةِ أَوْ ذَاتِ مَحْرَمٍ أَوْ رَضَاعٍ غَيْرِ عَالِمٍ بِهَا فَإِنَّ الْوَلَدَ يَلْحَقُ بِهِ وَمَفْهُومُهُ إنْ لَمْ يُدْرَأْ فِيهِ الْحَدُّ فَإِنَّ الْوَلَدَ لَا يَلْحَقُ بِهِ لِأَنَّهُ زِنَا يُرِيدُ إلَّا فِي الْمَسَائِل الَّتِي يُحَدُّ فِيهَا الْوَاطِئُ وَيُلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ فَيَجْتَمِعُ فِيهَا الْحَدُّ وَالنَّسَبُ فَهَذَا الْقَيْدُ فِي الْمَفْهُومِ وَذَلِكَ مَنْ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ وَيُقِرُّ أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَعَلِمَ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ وَوَطِئَهَا وَأَوْلَدَهَا فَيُحَدُّ وَيُلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ أَوْ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ، ثُمَّ يُقِرُّ أَنَّهَا خَامِسَةٌ وَيَطَؤُهَا وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ لَهُ
أَوْ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ وَيَطَؤُهَا وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ لَهُ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ مَعَ عِلْمِهِ بِعَدَمِ حِلِّيَّةِ ذَلِكَ فَيُحَدّ وَيَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ وَإِلَيْهَا أَشَارَ سَيِّدِي عَلِيٌّ الزَّقَّاقُ بِقَوْلِهِ
وَنَسَبٌ وَالْحَدُّ لَنْ يَجْتَمِعَا
…
إلَّا بِزَوْجَاتٍ ثَلَاثٍ فَاسْمَعَا
مَبْتُوتَةٍ خَامِسَةٍ وَمَحْرَمِ
…
وَأَمَتَيْنِ حُرَّتَيْنِ فَاعْلَمْ
فَالزَّوْجَاتُ الثَّلَاثُ مِنْ هَذِهِ وَالْأَمَتَانِ الْحُرَّتَانِ هُمَا مَنْ يَشْتَرِي أَمَةً مِمَّنْ تُعْتَقُ عَلَيْهِ وَيُوَلِّدُهَا، ثُمَّ يُقِرُّ أَنَّهُ وَطِئَهَا عَالِمًا بِذَلِكَ أَوْ مَنْ يَشْتَرِي الْأَمَةَ فَيُوَلِّدُهَا، ثُمَّ يُقِرُّ بِحُرِّيَّتِهَا وَشِرَائِهَا مَعَ عِلْمِهِ بِحُرِّيَّتِهَا وَأَمَّا قَوْلُهُ
وَلِلَّتِي كَانَ بِهَا اسْتِمْتَاعُ
الْبَيْتُ فَيَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا دَخَلَ بِالْمَرْأَةِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ الَّذِي
يُفْسَخُ وَلَوْ دَخَلَ فَإِنَّ لَهَا صَدَاقَهَا كَامِلًا إنْ كَانَ نِكَاحَ تَسْمِيَةٍ وَإِنْ كَانَ تَفْوِيضًا فَصَدَاقُ الْمِثْلِ وَتَقَدَّمَ قَوْلُهُ فِي الْمُخْتَصَرِ وَمَا فُسِخَ بَعْدَهُ فَالْمُسَمَّى وَإِلَّا فَصَدَاقُ الْمِثْلِ وَالْمُرَادُ بِالِاسْتِمْتَاعِ فِي الْبَيْتِ الْوَطْءُ بِدَلِيلِ وُجُوبِ الصَّدَاقِ كَامِلًا، وَأَمَّا مُقَدِّمَاتُهُ، فَلَا يَجِبُ بِهَا كُلُّ الصَّدَاقِ
وَالْعَقْدَ لِلنِّكَاحِ فِي السِّرِّ اجْتَنِبْ
…
وَلَوْ بِالِاسْتِكْتَامِ وَالْفَسْخُ يَجِبْ
يَعْنِي أَنَّ نِكَاحَ السِّرِّ مَمْنُوعٌ يَجِبُ اجْتِنَابُهُ وَيُفْسَخُ إنْ وَقَعَ وَإِنْ كَانَ السِّرُّ فِيهِ بِاسْتِكْتَامِ الشُّهُودِ (قَالَ فِي الْمُقَرِّبِ) قُلْت وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا نَكَحَ بِبَيِّنَةٍ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَكْتُمُوا ذَلِكَ أَيَجُوزُ هَذَا النِّكَاحُ قَالَ لَا وَإِنْ كَثُرَتْ الْبَيِّنَةُ وَالنِّكَاحُ بِذَلِكَ مَفْسُوخٌ إذَا كَانَ أَصْلُهُ عَلَى الِاسْتِسْرَارِ، وَأَمْرِ الشُّهُودِ بِكِتْمَانِهِ (ابْنُ الْحَاجِبِ) وَنِكَاحُ السِّرِّ بَاطِلٌ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ الْمُتَوَاصَى بِكَتْمِهِ وَإِنْ أَشْهَدَا فِيهِ وَيُفْسَخُ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَإِنْ طَالَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ هُوَ الَّذِي دَخَلَ وَلَمْ يُشْهِدْ فِيهِ (التَّوْضِيحُ)
الْمَشْهُورُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ نِكَاحَ السِّرِّ هُوَ الْمُتَوَاصَى بِكَتْمِهِ وَلَوْ كَانُوا مِائَةَ شَاهِدٍ، ثُمَّ قَالَ وَإِنَّمَا يَفْسُدُ عَلَى الْمَشْهُورِ إذَا أَوْصَى بِالْكِتْمَانِ قَبْلَ الْعَقْدِ، وَأَمَّا لَوْ أَوْصَى الشُّهُودَ بِالْكِتْمَانِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ وَيُؤْمَرُونَ بِإِشْهَارِهِ أَشْهَبُ، وَهَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ وَإِنْ نَكَحَ عَلَى نِيَّةِ الِاسْتِكْتَامِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَلْيُفَارِقْ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا أَرَى أَنْ يَفْسَخَ إذَا لَمْ يَكُنْ إلَّا ضَمِيرٌ فِي نَفْسِهِ لِأَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يَتَزَوَّجَ وَنِيَّتُهُ أَنْ يُفَارِقَ
وَالْبُضْعُ بِالْبُضْعِ هُوَ الشِّغَارُ
…
وَعَقْدُهُ لَيْسَ لَهُ قَرَارُ
(قَالَ فِي التَّوْضِيحِ) أَصْلُ الشِّغَارِ فِي اللُّغَةِ الرَّفْعُ مِنْ قَوْلِهِمْ شَغَرَ الْكَلْبُ رِجْلَهُ إذَا رَفَعَهَا لِيَبُولَ، ثُمَّ اسْتَعْمَلُوهُ فِيمَا يُشْبِهُهُ فَقَالُوا شَغَرَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ إذَا فَعَلَ بِهَا ذَلِكَ لِلْجِمَاعِ، ثُمَّ اسْتَعْمَلُوهُ فِي النِّكَاحِ بِغَيْرِ مَهْرٍ إذَا كَانَ وَطْئًا بِوَطْءٍ وَفِعْلًا بِفِعْلٍ فَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَقُولُ لِلْآخَرِ شَاغِرْنِي أَيْ أَنْكِحْنِي وَلِيَّتَك وَأُنْكِحُك وَلِيَّتِي بِغَيْرِ صَدَاقٍ (قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ) قِيلَ وَإِنَّمَا سُمِّيَ نِكَاحَ الشِّغَارِ لِخُلُوِّهِ عَنْ الصَّدَاقِ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ بَلْدَة شَاغِرَةٌ أَيْ خَالِيَةٌ مِنْ أَهْلِهَا وَنِكَاحُ الشِّغَارِ عَلَى وَجْهَيْنِ صَرِيحُ الشَّغْرِ وَوَجْهُ الشِّغَارِ فَصَرِيحُ الشِّغَارِ هُوَ أَنْ لَا يُذْكَرَ فِيهِ صَدَاقٌ كَزَوِّجْنِي ابْنَتَك عَلَى أَنْ أُزَوِّجَك ابْنَتِي فَيَكُونُ صَدَاقُ كُلِّ وَاحِدَةٍ بِضْعَ الْأُخْرَى وَيُفْسَخُ أَبَدًا وَإِنْ دَخَلَ وَطَالَ وَوَلَدَتْ الْأَوْلَادَ.
وَوَجْهُ الشِّغَارِ أَنْ يَذْكُرَ فِيهِ صَدَاقَ كُلِّ وَاحِدَةٍ سَوَاءٌ كَانَ مُمَاثِلًا لِصَدَاقِ الْأُخْرَى أَوْ مُخَالِفًا كَزَوِّجْنِي أُخْتَك بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ أُزَوِّجُك أُخْتِي بِمِائَةٍ أَوْ بِخَمْسِينَ وَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ إلَّا أَنْ يَكُونَ صَدَاقُ مِثْلِهَا مِمَّا سُمِّيَ، فَلَا تَنْقُصُ عَنْ الْمُسَمَّى فَإِنْ سَمَّوْا لِوَاحِدَةٍ دُونَ أُخْرَى كَزَوِّجْنِي أُخْتَك بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ أُزَوِّجَك أُخْتِي فَهُوَ مُرَكَّبٌ مِنْ الْوَجْهَيْنِ وَكُلُّ وَاحِدَةٍ عَلَى حُكْمِهَا فَاَلَّتِي سُمِّيَ لَهَا يُفْسَخُ نِكَاحُهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ وَاَلَّتِي لَمْ يُسَمِّ لَهَا يُفْسَخُ أَبَدًا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ وَنَقَلَ الشَّارِحُ هَذَا الْفِقْهَ عَنْ الْمُقَرِّبِ وَفِيهِ قُلْت فَلَوْ قَالَ زَوِّجْنِي أَمَتَك بِلَا مَهْرٍ وَأُزَوِّجُك أَمَتِي بِلَا مَهْرٍ فَقَالَ مَالِكٌ الشِّغَارُ بَيْنَ الْعَبِيدِ كَالشِّغَارِ بَيْنَ الْأَحْرَارِ يُفْسَخُ وَإِنْ دَخَلَ بِهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ زَوِّجْ عَبْدِي أَمَتَك بِلَا مَهْرٍ عَلَى أَنْ أُزَوِّجَ عَبْدَك أَمَتِي بِلَا مَهْرٍ فَهَذَا كُلُّهُ شِغَارٌ لَا يَجُوزُ وَإِنْ رَضِيَ النِّسَاءُ بِهِ اهـ.
فَقَوْلُهُ
وَعَقْدُهُ لَيْسَ لَهُ قَرَارٌ
فِيهِ إجْمَالٌ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ صَرِيحًا، فَلَا يُقَرُّ مُطْلَقًا دَخَلَ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَإِنْ كَانَ وَجْهًا، فَلَا قَرَارَ لَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَأَمَّا بَعْدَهُ فَإِنَّهُ يُقَرُّ
وَأَجَلُ الْكَالِئِ مَهْمَا أُغْفِلَا
…
قَبْلَ الْبِنَاءِ الْفَسْخُ فِيهِ أُعْمِلَا
إذَا كَانَ بَعْضُ الصَّدَاقِ مُؤَخَّرًا وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى بِالْكَالِئِ، فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ قَدْرِ تَأْخِيرِهِ فَإِذَا لَمْ يُعَيَّنْ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِنِسْيَانٍ أَوْ غَفْلَةٍ فَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ وَيُضْرَبُ لَهُ مِنْ الْأَجَلِ بِحَسَبِ عُرْفِ الْبَلَدِ فِي
الْكَالِئِ قِيَاسًا عَلَى بَيْعِ الْخِيَارِ إذَا لَمْ يُضْرَبْ لِلْخِيَارِ أَجَلٌ فَإِنَّهُ يُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْخِيَارِ فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ الْمَبِيعَةِ عَلَى الْخِيَارِ وَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَإِنْ تَرَكَ تَعْيِينَ قَدْرِ تَأْخِيرِهِ قَصْدًا فَهَذَا هُوَ الَّذِي يُفْسَخُ فِيهِ النِّكَاحُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُهُ فِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ وَهُوَ دَلِيلُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ وَبِهِ الْحُكْمُ اهـ
فَفِي تَعْبِيرِ النَّاظِمِ بِالْإِغْفَالِ مُسَامَحَةٌ لِأَنَّ الْغَفْلَةَ وَالذُّهُولَ لَا يَنْبَنِي عَلَيْهِمَا حُكْمٌ حَتَّى يَنْفَسِخَ النِّكَاحُ مِنْ أَجْلِهَا لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم وَرُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ، ثُمَّ ذَكَر الشَّارِحُ إذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجُ وَالْوَلِيُّ فِي أَجَلِ الْكَالِئِ وَقَالَ الشُّهُودُ نَسِينَاهُ اُنْظُرْهُ فِيهِ
وَمَا يُنَافِي الْعَقْدَ لَيْسَ يُجْعَلُ
…
شَرْطًا وَغَيْرُهُ بِطَوْعٍ يُقْبَلُ
مُرَادُهُ بِالْبَيْتِ الْكَلَامُ عَلَى شُرُوطِ النِّكَاحِ وَقَسَّمَهَا إلَى مَا يُنَافِي الْعَقْد، فَلَا يَجُوزُ جَعْلُهُ شَرْطًا فِي عَقْدِ النِّكَاحِ إلَى مَا لَا يُنَافِيه فَيَجُوزُ جَعْلُهُ طَوْعًا بَعْدَ الْعَقْدِ وَيُكْرَهُ اشْتِرَاطُهُ فِي الْعَقْدِ (قَالَ فِي التَّوْضِيحِ) حَاصِلُهُ أَنَّ الشَّرْطَ فِي النِّكَاحِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ مَا يُنَاقِضُ مُقْتَضَاهُ مِثْلُ أَنْ لَا يَقْسِمُ لَهَا أَوْ يُؤْثِرُ عَلَيْهَا أَوْ لَا نَفَقَةَ لَهَا أَوْ لَا مِيرَاثَ لَهَا فَكَالصَّدَاقِ الْفَاسِدِ أَنْ يُفْسَخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ هَكَذَا قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَنَقَلَ بَعْضُهُمْ الِاتِّفَاقَ عَلَى ذَلِكَ وَأَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ تَزَوَّجَ عَلَى أَنْ لَا نَفَقَةَ وَلَا مِيرَاثَ أَنَّهُ يُفْسَخُ بَعْدَ الْبِنَاءِ اهـ
(وَنَقَلَ الشَّارِحُ) عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ مَا نَصَّهُ وَشَرْطُ مَا يُنَاقِضُهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ كَشَرْطِ أَنْ لَا يَأْتِيَهَا لَيْلًا أَوْ الْأَثَرَةُ عَلَيْهَا أَوْ لَا يُعْطِيهَا الْوَلَدَ أَوْ لَا نَفَقَةَ لَهَا أَوْ لَا إرْثَ بَيْنَهُمَا فِي فَسْخِهِ مُطْلَقًا أَوْ قَبْلَ الْبِنَاءِ ثَالِثُهَا تُخَيِّرُ الْمَرْأَةُ وَلَوْ بَنَى بِهَا فِي إسْقَاطٍ فَيَمْضِي وَالتَّمَسُّكُ بِهِ فَيُفْسَخُ لِنَقْلِ اللَّخْمِيِّ وَنَقْلِهِ عَنْ ابْنِ زِيَادٍ اهـ (، ثُمَّ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ) الْقِسْمُ الثَّانِي مَا لَا يُنَاقِضُهُ بَلْ يَكُونُ الْعَقْدُ يَقْتَضِيه وَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ كَشَرْطِهِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا أَوْ يَبِيتَ عِنْدَهَا أَوْ لَا يُؤْثِرَ عَلَيْهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ وَوُجُودُ هَذَا وَعَدَمُهُ سَوَاءٌ وَلَا يُوقِعُ فِي الْعَقْد خَلَلًا وَيُحْكَمُ بِهِ إنْ تُرِكَ أَوْ ذُكِرَ إلَّا إنَّهُ إنْ شَرَطَ أَنْ لَا يَضْرِبَهَا مَثَلًا، ثُمَّ أَثْبَتَتْ الضَّرَرَ فَلَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا مِنْ غَيْرِ رَفْعٍ لِحَاكِمٍ وَإِنْ لَمْ تَشْتَرِطْ فَفِي اشْتِرَاطِ الرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ وَعَدَمِ اشْتِرَاطِهِ قَوْلَانِ كَمَا يَقُولهُ النَّاظِمُ فِي فَصْلِ الضَّرَرِ وَبَعْثِ الْحَكَمَيْنِ وَحَيْثُمَا الزَّوْجَةُ تُثْبِتُ الضَّرَرْ.
(الْقَسَمُ الثَّالِثُ) مَا لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْعَقْدِ، فَلَا يَقْتَضِيه وَلَا يُنَافِيه وَلِلْمَرْأَةِ فِيهِ غَرَضٌ كَشَرْطِ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَذَكَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَيُلْغَى اهـ وَإِلَى هَذِهِ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ أَشَارَ ابْنُ الْحَاجِبِ بِقَوْلِهِ وَإِذَا شَرَطَ مَا يُنَاقِضُ مُقْتَضَى
الْعَقْدِ مِثْلَ أَنْ لَا يَقْسِمَ لَهَا أَوْ يُؤْثِرَ عَلَيْهَا فَكَالصَّدَاقِ الْفَاسِدِ وَمَا لَا يُنَاقِضُهُ يُلْغَى فَإِنْ كَانَ لَهَا فِيهِ غَرَضٌ مِثْلُ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَوْ لَا يَتَسَرَّى أَوْ لَا يُخْرِجُهَا مِنْ بَلَدِ أَبِيهَا أَوْ بَيْتِ عَمِّهَا (وَقَالَ مَالِكٌ) لَقَدْ أَشَرْت عَلَى الْقَاضِي أَنْ يَنْهَى النَّاسَ عَنْ ذَلِكَ وَلَيْسَ بِلَازِمٍ اهـ.
(قَوْلُهُ أَنْ يَنْهَى النَّاسَ عَنْ ذَلِكَ) أَيْ عَنْ التَّزْوِيجِ عَلَى الشَّرْطِ وَلَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ بَلْ يُسْتَحَبُّ (، ثُمَّ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ) وَقَوْلُ الْمُصَنِّف فِي الْقِسْمِ الثَّالِثِ مَكْرُوهٌ سَبَبُ الْكَرَاهَةِ فِيهِ وَاضِحٌ لِأَنَّ فِيهِ تَفْوِيتَ غَرَضِ الْمَرْأَةِ وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَغَيْرُهُ بِلُزُومِ الشُّرُوطِ هُنَا اهـ فَقَوْلُهُ
وَمَا يُنَافِي الْعَقْدَ لَيْسَ يُجْعَلُ
شَرْطًا يَعْنِي وَلَا طَوْعًا، وَهَذَا هُوَ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ وَقَوْلُهُ وَغَيْرُهُ بِطَوْعٍ يُقْبَلُ يَشْمَلُ الْقِسْمَ الثَّانِي وَالثَّالِثَ إلَّا أَنَّ الثَّانِيَ يَجُوزُ جَعْلُهُ شَرْطًا فِي الْعَقْدِ وَطَوْعًا بَعْدُ، وَأَمَّا الثَّالِثُ فَيَجُوزُ طَوْعًا بَعْدَهُ الْعَقْدُ وَيُكْرَهُ اشْتِرَاطُهُ كَمَا تَقَدَّمَ (قَالَ الشَّارِحُ) وَكُلُّ مَا لَا يُنَافِيه اسْتَخَفَّ الْمُوَثِّقُونَ كَتْبَهُ عَلَى الطَّوْعِ اهـ.
وَقَدْ أَشَارَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ لِلْقِسْمِ الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ وَمَا فَسَدَ لِصَدَاقِهِ أَوْ عَلَى شَرْطٍ يُنَاقِضُ الْعَقْدَ كَأَنْ لَا يَقْسِمُ لَهَا أَوْ يُؤْثِرُ عَلَيْهَا وَإِلَى الثَّانِي بِقَوْلِهِ وَجَازَ شَرْطُ أَنْ لَا يُضِرَّ بِهَا فِي عِشْرَةٍ وَكِسْوَةٍ وَنَحْوِهِمَا وَإِلَى الثَّالِثِ بِقَوْلِهِ بِخِلَافِ أَلْفٍ وَإِنْ أَخْرَجَهَا مِنْ بَلَدِهَا أَوْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَأَلْفَانِ وَلَا يَلْزَمُ الشَّرْطُ وَكُرِهَ وَلَهَا الْأَلْفُ الثَّانِيَةُ إنْ خَالَفَ (وَفِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ) وَكَرِهَ مَالِكٌ الشُّرُوطَ وَقَالَ لَا أَرَى لِأَحَدٍ أَنْ يَكْتُبَ شَهَادَتَهُ فِي كِتَابٍ فِيهِ الشُّرُوطُ وَيَلْزَمُ النِّكَاحُ وَإِنْ كَانَتْ بِعَقْدِ يَمِينٍ كَقَوْلِهِ الدَّاخِلَةُ طَالِقٌ أَوْ أَمْرُهَا بِيَدِهَا وَالطَّوْعُ فِيهَا أَحْسَنُ مِنْ أَنْ يَعْقِدَ بِشَرْطٍ وَهِيَ مَحْمُولَةٌ عَلَى الطَّوْعِ حَتَّى يَثْبُتَ أَنَّهَا كَانَتْ مُشْتَرِطَةً فِي عَقْدِ النِّكَاحِ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي النِّكَاحِ بِالشُّرُوطِ فَرَأَى قَوْمٌ فَسْخَهُ وَرَأَى مَالِكٌ وَمَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَهُ أَنَّ النِّكَاحَ بِهَا مَكْرُوهٌ فَإِنْ نَزَلَ بِهَا لَزِمَتْ وَجَازَ النِّكَاحُ وَلِهَذَا الِاخْتِلَافِ يَكْتُبُ قَوْمٌ مِنْ الْمُوَثَّقِينَ شَرَطَ فُلَانٌ لِزَوْجَتِهِ فُلَانَةَ شُرُوطًا طَاعَ بِهَا بَعْدَ أَنْ مَلَكَ عِصْمَةَ نِكَاحِهَا
وَيَفْسُدُ النِّكَاحُ بِالْإِمْتَاعِ فِي
…
عُقْدَتِهِ وَهُوَ عَلَى الطَّوْعِ اُقْتُفِيَ
الْإِمْتَاعُ إعْطَاءُ الزَّوْجَةِ أَوْ أَبِيهَا شَيْئًا لِلزَّوْجِ إمَّا فِي عَقْدِ النِّكَاحِ أَوْ بَعْدَهُ كَإِمْتَاعِهِ بِسُكْنَى دَارِهَا أَوْ اسْتِغْلَالِ أَرْضِهَا فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ فَسَدَ النِّكَاحُ وَإِنْ كَانَ طَوْعًا بَعْدَ الْعَقْدِ جَازَ (قَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَازِرِيُّ) فِي تَوْجِيهِ الْمَنْعِ وَفَسَادِ النِّكَاحِ
لِأَنَّ بَقَاءَ أَمَدِ الزَّوْجِيَّةِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ مَجْهُولٌ إذْ لَا يَدْرِي مَتَى يَقَعُ الطَّلَاقُ أَوْ الْمَوْتُ فَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا وَقَارَنَ الْعَقْدَ فَالصَّدَاقُ الْمَبْذُولُ مِنْ الزَّوْجِ بَعْضُهُ عِوَضٌ عَنْ هَذَا الْإِسْكَانِ الْمَجْهُولِ، لِأَنَّ السُّكْنَى مِنْ الْأَعْوَاضِ الْمَالِيَّةِ وَهِيَ أَظْهَرُ فِي كَوْنِهَا عِوَضًا مَالِيًّا مِنْ الْفَرْجِ وَمُحَالٌ أَنْ لَا يَجْعَلَ لَهَا حِصَّةً مِنْ الصَّدَاقِ. فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُعَاوِضُ عَلَيْهِ الزَّوْجُ وَهُوَ مَجْهُولٌ فَسَدَ الْعَقْدُ فِيهِ وَوَجَبَ فَسْخُ النِّكَاحِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ قَبْلَ الدُّخُولِ