الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلَّا كَوْنُ الزَّوْجِ عَاقِلًا، بَالِغًا، وَيَرْتَجِعُ وَلَوْ كَانَ مُحْرِمًا، أَوْ عَبْدًا، بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ، لِأَنَّ الزَّوْجَةَ مَا زَالَتْ فِي عِصْمَتِهِ.
(ابْنُ الْحَاجِبِ) وَشَرْطُ الْمُرْتَجِعِ أَيْ: مِنْ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ أَهْلِيَّةُ النِّكَاحِ، وَلَا يَمْنَعُ مَرَضٌ، وَلَا إحْرَامٌ، وَيَرْتَجِعُ الْعَبْدُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ. (التَّوْضِيحَ) يَعْنِي أَنَّ الْمُرْتَجِعَ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ أَهْلًا لِلنِّكَاحِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا، بَالِغًا.
وَقَوْلُهُ وَلَا يَمْنَعُ مَرَضٌ أَيْ: لَا يَمْنَعُ مِنْ الرَّجْعَةِ مَا يَمْنَعُ مِنْ ابْتِدَاءِ النِّكَاحِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُتَزَوِّجَ وَالْمُرْتَجِعَ يَسْتَوِيَانِ فِي الشُّرُوطِ دُونَ انْتِفَاءِ الْمَوَانِعِ، وَلَمْ يَمْنَعْ الْمَرَضُ؛ لِأَنَّ الْمُطَلَّقَةَ طَلَاقًا رَجْعِيًّا تَرِثُ، فَلَمْ يَكُنْ فِي ارْتِجَاعِهَا إدْخَالُ وَارِثٍ، بِخِلَافِ ابْتِدَاءِ النِّكَاحِ. وَقَوْلُهُ: وَلَا إحْرَامَ، يُرِيدُ سَوَاءً كَانَتْ هِيَ مُحْرِمَةً أَوْ هُوَ اهـ. وَقَوْلُهُ وَيَرْتَجِعُ الْعَبْدُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَذِنَ لَهُ فِي النِّكَاحِ فَقَدْ أَذِنَ لَهُ فِي تَوَابِعِهِ وَلِأَنَّ الرَّجِيعَةَ زَوْجَتُهُ اهـ.
وَزَوْجَةُ الْعَبْدِ إذَا مَا عَتَقَتْ
…
وَاخْتَارَتْ الْفِرَاقَ مِنْهُ طَلُقَتْ
بِمَا تَشَاؤُهُ وَمَهْمَا عَتَقَا
…
فَمَا لَهُ مِنْ ارْتِجَاعٍ مُطْلَقَا
يَعْنِي: إذَا كَانَ الْعَبْدُ مُتَزَوِّجًا بِأَمَةٍ ثُمَّ أَعْتَقَ الْأَمَةَ سَيِّدُهَا عِتْقًا نَاجِزًا؛ فَإِنَّ لَهَا الْخِيَارَ فِي الْإِقَامَةِ مَعَ زَوْجِهَا أَوْ مُفَارَقَتِهِ.
وَيُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا حَتَّى تَخْتَارَ، فَإِنْ اخْتَارَتْ الْبَقَاءَ فَلَا إشْكَالَ، وَإِنْ اخْتَارَتْ الطَّلَاقَ وَقَالَتْ: اخْتَرْتُ نَفْسِي فَهِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ، إلَّا أَنْ تَنْوِيَ أَكْثَرَ، فَيَلْزَمُ مَا نَوَتْ، وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ " مِمَّا تَشَاؤُهُ " فَإِنْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا وَطَلُقَتْ ثُمَّ عَتَقَ الْعَبْدُ فَلَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا، سَوَاءً عَتَقَ فِي الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا، وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ " مُطْلَقَا "(قَالَ فِي التَّهْذِيبِ) وَإِذَا عَتَقَتْ الْأَمَةُ تَحْتَ عَبْدٍ؛ حِيلَ بَيْنَهُمَا حَتَّى تَخْتَارَ، وَلَهَا الْخِيَارُ بِطَلْقَةٍ، وَتَكُونُ بَائِنَةً، وَلَا رَجْعَةَ لَهُ إنْ عَتَقَ فِي الْعِدَّةِ، إنْ قَالَتْ حِينَ عَتَقَتْ: اخْتَرْتُ نَفْسِي. وَلَا نِيَّةَ لَهَا فَهِيَ طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ، إلَّا أَنْ تَنْوِيَ أَكْثَرَ فَيَلْزَمُ مَا نَوَتْ، وَلَوْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ أَوْ أَلْبَتَّةَ بَعْدَ الْبِنَاءِ لَزِمَ، وَلَا تَحِلُّ لَهُ إنْ طَلُقَتْ اثْنَتَيْنِ فَأَكْثَرَ، إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ، لِأَنَّهُ جَمِيعُ طَلَاقِ الْعَبْدِ. وَكَذَلِكَ إنْ بَانَتْ بِوَاحِدَةٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ لَهُ فِيهَا طَلْقَةٌ، وَأَوَّلُ قَوْلِ مَالِكٍ: أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَخْتَارَ بِنَفْسِهَا بِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ. ثُمَّ رَجَعَ إلَى أَنَّ ذَلِكَ لَهَا عَلَى حَدِيثِ بَرِيرَةَ، وَلَهَا الْخِيَارُ عِنْدَ غَيْرِ السُّلْطَانِ اهـ
(فَرْعٌ) فَلَوْ عَتَقَ زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ تَخْتَارَ؛ سَقَطَ خِيَارُهَا. وَكَذَلِكَ إنْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا قَبْلَ أَنْ تَخْتَارَ سَقَطَ خِيَارُهَا لِاسْتِحَالَةِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ مِنْهَا وَهِيَ بَائِنَةٌ بِخِلَافِ الرَّجْعِيَّةِ، فَإِنَّهَا زَوْجَةٌ.
وَفِي الْمَسْأَلَةِ فُرُوعٌ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ قَالَ رحمه الله.
[فَصْلٌ فِي الْفَسْخِ]
ِ
وَفَسْخُ فَاسِدٍ بِلَا وِفَاقِ
…
بِطَلْقَةٍ تُعَدُّ فِي الطَّلَاقِ
وَمَنْ يَمُتْ قَبْلَ وُقُوعِ الْفَسْخِ
…
فِي ذَا فَمَا لِإِرْثِهِ مِنْ نَسْخِ
وَفَسْخُ مَا الْفَاسِدُ فِيهِ مُجْمَعُ
…
عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ طَلَاقٍ يَقَعُ
وَتَلْزَمُ الْعِدَّةُ بِاتِّفَاقِ
…
لِمُبْتَنًى بِهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ
اشْتَمَلَتْ الْأَبْيَاتُ الْأَرْبَعَةُ عَلَى أَرْبَعِ مَسَائِلَ.
(الْأُولَى) أَنَّ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي صِحَّتِهِ وَفَسَادِهِ إذَا أُرِيدَ فَسْخُهُ فَإِنَّمَا يُفْسَخُ بِطَلَاقٍ، مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ بِصِحَّتِهِ، وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِالْبَيْتِ الْأَوَّلِ.
(الثَّانِيَةُ) إذَا مَاتَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ فِي هَذَا النِّكَاحِ الْمُخْتَلَفِ فِي صِحَّتِهِ وَفَسَادِهِ قَبْلَ وُقُوعِ الْفَسْخِ؛ فَإِنَّهُمَا يَتَوَارَثَانِ كَالصَّحِيحِ، مَا لَمْ يَكُنْ الْفَسْخُ لِحَقِّ الْوَرَثَةِ فِي الْإِرْثِ؛ فَلَا إرْثَ كَنِكَاحِ الْمَرِيضِ. وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِالْبَيْتِ الثَّانِي.
(وَالثَّالِثَةُ) إذَا كَانَ فَسَادُ النِّكَاحِ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ، وَهُوَ مَفْهُومُ الْأُولَى، وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِالْبَيْتِ الثَّالِثِ.
(الرَّابِعَةُ) إذَا فُسِخَ النِّكَاحُ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَتَجِبُ فِيهِ الْعِدَّةُ بِاتِّفَاقٍ فِي الْمُتَّفَقِ عَلَى فَسَادِهِ وَالْمُخْتَلَفِ فِيهِ لِقَوْلِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، أَمَّا الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ وَهُمَا فَسْخُ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ بِطَلَاقٍ وَثُبُوتِ الْإِرْثِ فِيهِ فَقَالَ ابْنُ الْحَارِثِ فِي أُصُولِ الْفُتْيَا: كُلُّ نِكَاحٍ كَانَ فِيهِ
اخْتِلَافٌ وَدَخَلَتْ فِي تَحْرِيمِهِ الشُّبْهَةُ فَالْوَلَدُ فِيهِ يَلْحَقُ وَفَسْخُهُ بِطَلَاقٍ، وَمَنْ مَاتَ مِنْ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ الْفَسْخِ وَرِثَهُ الْبَاقِي اهـ.
وَحَكَى ابْنُ الْحَاجِبِ فِي تَمْيِيزِ مَا يُفْسَخُ بِطَلَاقٍ مِمَّا يُفْسَخُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا: قَالَ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ: إنَّ كُلَّ نِكَاحٍ كَانَ لِلزَّوْجِ أَوْ لِلزَّوْجَةِ أَوْ لِلْوَلِيِّ إمْضَاؤُهُ وَفَسْخُهُ فَفَسْخُهُ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ. وَمَا كَانُوا مَغْلُوبِينَ عَلَى فَسْخِهِ فَفَسْخُهُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ. فَالْأَوَّلُ كَنِكَاحِ الْأَجْنَبِيِّ يَرُدُّهُ الْوَلِيُّ، فَالْخِيَارُ فِيهِ لِلْوَلِيِّ وَإِذَا كَانَ بِالزَّوْجَةِ عَيْبٌ فَالْخِيَارُ لِلزَّوْجِ، أَوْ بِهِ عَيْبٌ فَالْخِيَارُ لِلزَّوْجَةِ، ثُمَّ مَثَّلَ لِلثَّانِي وَهُوَ مَا كَانُوا مَغْلُوبِينَ عَلَى فَسْخِهِ بِوَلَايَةِ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ وَنِكَاحِ الشِّغَارِ وَالْمَرِيضِ وَالْمُحْرِمِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، وَكَالصَّدَاقِ الْفَاسِدِ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَكَالْمُجْمَعِ عَلَى فَسْخِهِ. الْقَوْلُ الثَّانِي قَالَ: رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ وَرَجَعَ إلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ مَا اُخْتُلِفَ فِي إجَازَتِهِ وَفَسْخِهِ فَفَسْخُهُ بِطَلَاقٍ كَوَلَايَةِ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ وَنِكَاحِ الشِّغَارِ وَنِكَاحِ الْمَرِيضِ وَالْمُحْرِمِ وَكَالصَّدَاقِ الْفَاسِدِ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَمَا اُتُّفِقَ عَلَى فَسْخِهِ فَفَسْخُهُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ كَالْخَامِسَةِ وَأُخْتِ الْمَرْأَةِ أَوْ عَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا. قَالَ: وَمَا فُسِخَ بِطَلَاقٍ يَقَعُ بِهِ التَّحْرِيمُ أَيْ: تَحْرِيمُ الْمُصَاهَرَةِ مِنْ كَوْنِهَا تُحَرَّمُ عَلَى آبَائِهِ، وَأَبْنَائِهِ، وَتُحَرَّمُ عَلَيْهِ أُمَّهَاتُهَا وَبَنَاتُهَا، وَيَقَعُ فِيهِ الطَّلَاقُ إذَا أَوْقَعَهُ الزَّوْجُ قَبْلَ الْفِرَاقِ، وَتَقَعُ بِهِ الْمُوَارَثَةُ إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْفَسْخِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْفَسْخُ لِحَقِّ الْوَرَثَةِ، كَنِكَاحِ الْمَرِيضِ، فَلَا إرْثَ فِيهِ لِأَنَّا لِأَجْلِ الْإِرْثِ فَسَخْنَاهُ. وَأَمَّا مَا يُفْسَخُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ فَلَا يَقَعُ فِيهِ طَلَاقٌ إذَا أَوْقَعَهُ الزَّوْجُ قَبْلَ الْفِرَاقِ، وَلَا تَقَعُ فِيهِ مُوَارَثَةٌ. اهـ
بِالْمَعْنَى، وَزِيَادَةُ بَعْضِ الْكَلِمَاتِ لِلْبَيَانِ، وَقَدْ اشْتَمَلَ كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ هَذَا عَلَى الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ فَالْأُولَى: هِيَ قَوْلُهُ فِي الْقَوْلِ الثَّانِي: إنَّ مَا اُخْتُلِفَ فِي إجَازَةِ فَسْخِهِ فَفَسْخُهُ بِطَلَاقٍ، وَالثَّانِيَةُ هِيَ قَوْلُهُ فِيهِ أَيْضًا: مَا فُسِخَ بِطَلَاقٍ تَقَعُ بِهِ الْمُوَارَثَةُ، وَالثَّالِثَةُ هِيَ قَوْلُهُ فِيهِ أَيْضًا: وَمَا لَمْ يُخْتَلَفْ فِي فَسْخِهِ فَفَسْخُهُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ. وَهُوَ تَصْرِيحٌ بِمَفْهُومِ الْأَوْلَى، وَإِنَّمَا جَلَبْنَا كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ بِجُمْلَتِهِ لِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنْ الْفَوَائِدِ وَالْمُثُلِ. (قَالَ فِي التَّوْضِيحِ) مَا حَاصِلُهُ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَك مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ كُلَّ مَا يُفْسَخُ بِطَلَاقٍ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَهُوَ مَا لِأَحَدِ الثَّلَاثَةِ فَسْخُهُ وَإِجَازَتُهُ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ بِذَلِكَ. أَيْ: بِطَلَاقٍ، وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي إنَّ مَا اُخْتُلِفَ فِيهِ يُفْسَخُ بِطَلَاقٍ؛ لِأَنَّ مَا لِأَحَدِ الثَّلَاثَةِ فَسْخُهُ مِنْ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ، وَلَيْسَ كُلُّ مَا يُفْسَخُ بِطَلَاقٍ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي وَهُوَ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ يُفْسَخُ بِهِ عَلَى الْأَوَّلِ، فَيَكُونُ لِأَحَدِ الثَّلَاثَةِ فَسْخُهُ، فَإِنَّ نِكَاحَ الشِّغَارِ وَنِكَاحَ الْمُحْرِمِ مَثَلًا يُفْسَخُ بِطَلَاقٍ، لِكَوْنِهِ مُخْتَلَفًا فِيهِ، وَلَيْسَ لِلثَّلَاثَةِ فِيهِ خِيَارٌ، فَكُلُّ مَا لِأَحَدِ الثَّلَاثَةِ فَسْخُهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَلَيْسَ كُلُّ مُخْتَلَفٍ فِيهِ لِأَحَدِ الثَّلَاثَةِ فَسْخُهُ، - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ -.
(وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ) وَهِيَ النِّكَاحُ الْفَاسِدُ إذَا فُسِخَ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَقَالَ: تَجِبُ فِيهِ الْعِدَّةُ لَا الِاسْتِبْرَاءُ مُتَّفَقًا عَلَى فَسَادِهِ، أَوْ مُخْتَلَفًا فِيهِ. وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ
وَتَلْزَمُ الْعِدَّةُ بِاتِّفَاقٍ
…
لِمُبْتَنًى بِهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ
(قَالَ فِي الْمُقَرِّبِ) قُلْت لَهُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ النِّكَاحُ فَاسِدًا وَدَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا، ثُمَّ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَتَصَادَقَا عَلَى تَرْكِ الْمَسِيسِ، أَعْلَيْهَا عِدَّةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، كَالْعِدَّةِ مِنْ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ، وَلَا تُصْدَقُ عَلَى الْعِدَّةِ، أَلَّا تَرَى أَنَّهَا لَوْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لَثَبَتَ نَسَبُهُ، إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ بِلِعَانٍ، وَلَا صَدَاقَ لَهَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَدَّعِهِ انْتَهَى. فَقَوْلُهُ لَا تُصْدَقُ عَلَى الْعِدَّةِ أَيْ: لَا تُصْدَقُ فِي عَدَمِ الْمَسِيسِ فَتَسْقُطُ عَنْهَا الْعِدَّةُ، بَلْ الْعِدَّةُ لَازِمَةٌ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ تَعَالَى، وَإِنَّمَا تُؤَاخَذُ بِهِ فِي أَنَّهَا لَا صَدَاقَ لَهَا لِإِقْرَارِهَا أَنَّهَا لَمْ تُمَسَّ، فَلَا تَسْتَحِقُّ صَدَاقًا، وَإِطْلَاقُ الشَّيْخِ رحمه الله الْقَوْلَ بِلُزُومِ الْعِدَّةِ لِلْمُبْتَنَى بِهَا يُظْهِرُ أَنَّهُ مُوَافِقٌ فِي ذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمُقَرِّبِ، وَيَظْهَرُ مِنْ قَوْلِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ أَنَّهُ سَوَاءٌ كَانَ النِّكَاحُ فَاسِدًا أَوْ مُخْتَلَفًا فِيهِ أَوْ مُجْمَعًا عَلَيْهِ. فَأَمَّا الْمُخْتَلَفُ فِيهِ فَلَا إشْكَالَ فِي ذَلِكَ، وَنَصُّ الْمُقَرِّبِ الْمُتَقَدِّمِ يَشْهَدُ لَهُ.
وَأَمَّا الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ فَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ عَدَمُ لُزُومِ الْعِدَّةِ فِيهِ، وَإِنَّمَا يَجِبُ فِيهِ الِاسْتِبْرَاءُ، وَيَظْهَرُ مِنْ الْمُقَرِّبِ أَنَّهُ تَجِبُ فِيهِ الْعِدَّةُ، لِقَوْلِهِ: وَإِنْ عُلِمَ بِذَلِكَ أَيْ: بِفَسَادِ النِّكَاحِ كَأُخْتِهِ مِنْ الرَّضَاعِ، قَبْلَ مَوْتِ زَوْجِهَا وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا؛ فَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ، وَسَبِيلُهَا فِيهَا سَبِيلُ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ فِي السُّكْنَى، وَالنَّفَقَةِ. وَجَمِيعُ ذَلِكَ قَوْلُ مَالِكٍ اهـ. فَصَحَّ إطْلَاقُ النَّاظِمِ وُجُوبَ الْعِدَّةِ فِي الْفَاسِدِ بِقِسْمَيْهِ، وَعَلَى مَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ يَكُونُ إطْلَاقُ الْعِدَّةِ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ الْمُتَّفَقِ عَلَى فَسَادِهِ مَجَازًا، يُرَادُ بِهِ الِاسْتِبْرَاءُ، وَفِي الرَّصَّاعِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ: الْعِدَّةُ مُدَّةُ مَنْعِ النِّكَاحِ لِفَسْخِهِ، أَوْ مَوْتِ