الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والآخر: أنه -مع وهمه- قد خالف يحيى بن سعيد -الجبل ثقة وحفظًا- في إسناده كما ترى؛ فمثله لا تطمئن النفس للاستشهاد بما خالف فيه! فتأمل.
وقد خالف مالكًا: ابنُ أبي الزناد، فرواه عن ابن حرملة عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة
…
مرفوعًا نحوه.
وابن أبي الزناد فيه ضعف؛ لا سيما عند المخالفة، لكن الراوي عنه فيه جهالة، ولذلك خرجته في "الضعيفة"(3767).
87 - باب في القوم يسافرون؛ يؤمِّرون أحدهم
2347 -
عن أبي سعيد الخُدْري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"إذا خرج ثلاثة في سَفَرٍ؛ فليؤمِّروا أحدهم".
(قلت: إسناده حسن صحيح. وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه"، والضياء المقدسي في "المختارة").
إسناده: حدثنا علي بن بحر بن بَرِّيٍّ: ثنا حاتم بن إسماعيل: ثنا محمد بن عجلان عن نافع عن أبي سلمة عن أبي سعيد الخدري.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ على ضعف يسير في ابن عجلان.
ومن طريقه: أخرجه أبو عوانة وأبو يعلى، كما كنت خرجته في "الصحيحة" (1322). وأزيد هنا فأقول:
ورواه البيهقي (5/ 257) من طريق المصنف.
وقد وجدت له شاهدًا من مرسل أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إذا خرج ثلاثة مسلمين في سفر؛ فليؤمَّهم أقْرَؤهم لكتاب الله؛ وإن كان أصغرهم، فإذا أمَّهم؛ فهو أميرهم".
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 344 - هند): حدثنا وكيع عن ثور الشامي عن مهاجِر بن حبيب عنه.
وهذا سند مرسل صحيح.
وقد خالفه محمد بن الزبرِقان: ثنا ثور بن يزيد عن مهاصر عن أبي سلمة عن أبي هريرة
…
مرفوعًا به؛ دون لفظ: "ثلاثة مسلمين".
أخرجه البزار (1671) من طريق عبد الله بن رُشَيْدٍ عن ابن الزبرقان.
وهذا ثقة.
لكن ابن رشيد لم أعرفه.
ومهاصر ثقة عند ابن حبان، وقال أبو حاتم:
"لا بأس به".
وتابعه نافع في الرواية الآتية.
2348 -
وفي رواية: عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"إذا كان ثلاثة في سفر؛ فليؤمِّروا أحدهم".
قال نافع: فقلنا لأبي سلمة: فأنت أميرنا.
(قلت: إسناده حسن صحيح).
إسناده: حدثنا علي بن بَحْرٍ: ثنا حاتم بن إسماعيل: ثنا محمد بن عجلان عن نافع عن أبي سلمة عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد حسن، وهو عين إسناد الرواية الأولى؛ إلا أنه فيها جعله من (مسند أبي سعيد)، وفي هذه جعله من (مسند أبي هريرة)، ومدارهما على ابن عجلان، وقد عرفت ما فيه من الضعف اليسير، والظاهر أن هذا الاختلاف منه، فقد تكلموا في روايته عن سعيد المقبري وعن نافع، وهذه عن نافع كما ترى.
وقد كنت نقلت في "الإرواء"(8/ 106) عن يحيى أنه وصفه بأنه مضطرب الحديث عن نافع.
ومما يؤكد ذلك: أنني رأيته قد رواه على وجه ثالث، فقال البزار (1673): حدثنا إبراهيم بن المستمر: ثنا عُبَيْسُ بن مرحوم: ثنا حاتم بن إسماعيل
…
به إلا أنه جعله من (مسند ابن عمر)!
وقد كنت جعلته هناك شاهدًا لحديث الباب؛ اغترارًا بقول الهيثمي:
"ورجاله رجال "الصحيح"؛ خلا عُبَيْسِ بن مرحوم، وهو ثقة"!
والآن تبين لي أنه لا يصلح شاهدًا؛ لأن مداره على ابن عجلان! وهذا من فوائد الرجوع إلى الأصول، فبها تتجلى الحقائق لكل ذي بصيرة في هذا العلم الشريف، ولكني أقول كما قلت هناك: أن هذا الاضطراب لا يؤثر في صحة الحديث؛ لأنه تردد بين صحابي وآخر، وكلهم عدول؛ والله أعلم.
ولا سيما وله شاهد من حديث عمر، وسنده صحيح. وبالله التوفيق.