المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

(باب) في حاشية شيخنا ما نصه: قال ابن محمود شارح أبي - ضوء الشموع شرح المجموع - جـ ١

[محمد الأمير المالكي]

فهرس الكتاب

- ‌(باب الطهارة)

- ‌(وصل الطاهر والنجس) *

- ‌(وصل) *(الراجح كره التطلخ بالنجس)

- ‌(وصل هل إزالة النجاسة

- ‌(وصل فرائض الوضوء) *

- ‌(وصل قضاء الحاجة)

- ‌(وصل نواقض الوضوء)

- ‌(وصل واجبات الغسل)

- ‌وصل المسح على الخفين*

- ‌(وصل التيمم)

- ‌(وصل الجبيرة)

- ‌(وصل)(الحيض

- ‌{باب الصلاة}

- ‌(وصل الأذان)

- ‌(وصل الرعاف)

- ‌(وصل ستر العورة)

- ‌(وصل الاستقبال)

- ‌(وصل فرائض الصلاة)

- ‌(وصل)(وجب بفرض قيام

- ‌(وصل قضاء الفوائت)

- ‌(وصل سجود السهو)

- ‌(وصل سجود التلاوة)

- ‌(وصل النوافل)

- ‌(وصل * الجماعة

- ‌(وصل الاستخلاف)

- ‌(وصل صلاة السفر)

- ‌(وصل الجمعة)

- ‌(وصل صلاة الخوف)

- ‌(وصل العيدين)

- ‌(وصل الكسوف)

- ‌(وصل الاستسقاء)

- ‌(وصل الجنازة)

- ‌(باب الزكاة)

- ‌(وصل زكاة الحرث)

- ‌(وصل فى زكاة العين)

- ‌(وصل فى زكاة الدين)

- ‌(وصل فى زكاة الإدارة والاحتكار)

- ‌(وصل زكاة القراض)

- ‌(وصل فى إسقاط الدين الزكاة)

- ‌(وصل)زكيت عين وقفت للسلف)

- ‌(وصل فى زكاة المعدن ونحوه)

- ‌(وصل فى إخراج الذهب عن الورق، وعكسه)

- ‌(وصل فى مصرف الزكاة)

- ‌(وصل فى زكاة الفطر)

- ‌(باب أحكام الصيام) *

- ‌(وصل فى شروط الصيام)

- ‌(وصل وجوب القضاء)

- ‌(وصل)(وجب إمساك مفطر

- ‌(وصل الكفارة)

- ‌(وصل فيما لا قضاء فيه)

- ‌(وصل، جاز سواك

- ‌(باب الاعتكاف

الفصل: (باب) في حاشية شيخنا ما نصه: قال ابن محمود شارح أبي

(باب)

في حاشية شيخنا ما نصه: قال ابن محمود شارح أبي داود: قد استعملت هذه

ــ

نسبة لبني عدي من قرى الصعيد، ويقال له: المنسفيسي؛ لأن أصوله من منسفيس، بلدة من أعمال منية ابن خصيب، ولد -على ما أخبر به- عام اثني عشر ومائة وألف، أخذ عن عدة أشياخ منهم في أول الأمر: الشيخ عبد الوهاب الملوي، والشيخ جلبي البرلسي، والشيخ سالم النفراوي، والشيخ عبد الله المغربي، والسيد محمد السلموني، كلاهما من تلامذة الخرشي وأقرانه، والشيخ محمد الصغير والشيخ إبراهيم الفيومي، قال: وبشرني بالعلم حين قبلت يده وأنا صغير، وسيدي محمد ابن زكريا المغربي، وغيرهم من أرباب المذاهب، توفي رضي الله عنه في ليلة الأربعاء لإحدى عشرة خلت من شهر رجب سنة تسع وثمانين ومائة وألف.

(باب الطهارة)

جعل ربع كتابه الأول في العبادات؛ لأنها أركان الإسلام بعد الشهادتين، وابتدأ منها بما هو أعظمها وهو الصلاة؛ لأنها عمود الدين، وقدم عليها شروطها؛ لأن الشرط مقدم على المشروط، وقدم منها الطهارة؛ لأنها مفتاح الصلاة الذي تدخل به، وابتدأ بما تكون به وهو الماء غالبًا؛ لأنه كالآلة، واستدعى ذلك الكلام على الأعيان الطاهرة والأعيان النجسة، ليعلم ما ينجِّس الذي يكون به الطهارة، وما لا

ــ

ظنه. قلت: وتوفي -عليه سحائب الرحمة والرضوان- عام تسع وثمانين فكنا نقول: مدة حياته (عزٌّ) وفي قوله: (شمس بدور سماء العلوم) استعارة تمثيلية شبهت هيئة العلوم في فيضان أنوارها البهية من درجاتها ومراتبها العلية معنًى على وسائط تلامذته المستكملين في الاستعداد للتلقي من الشيخ أصل المعارف بهيئة أنور حسية تشرق في آفاق السماء من البدور تامة الأنوار في استفادتها من نور الشمس بتمام المقابلة. والإضافة للعلوم قرينة، وجمع البدور لتعدد البدر كل شهر، كما شبه التحقيق بإنسان له عين، واستعار إنسان العين الذي به نورها للشيخ ثم شبه المفهوم بجواهر أو نقود ينظر فيها إنسان. واستعار عينه التي يستعين بها على النظر للشيخ أيضًا.

ص: 47

اللفظة زمن التابعين. اهـ. وفي تقريره: وانظر لفظة كتاب قلت: وانظر لفظة فصل وسيدي محيي الدين في الفتوحات يقول: وصل بدر ترجمة فصل، وهو حسن لم أره لغيره، وظاهر أنه وإن فصل، متصل ولنبن كتابنا هذا -إنشاء الله تعالى- عليه تبركًا بالشيخ.

وإذاعة لملحظه ففي سنته أنه صلى الله عليه وسلم كان يغير ما لا يحب من الأسماء إلى ما يحب (الماء طهور) سمعت من شيخنا السيد البليدي: طهور فعول صيغة مبالغة فلذا

ــ

ينجسه، وما يمنع التلبس به من التقرب بالصلاة وما في حكمها، وما لا يمنع من ذلك (قوله: وانظر لفظة كتاب) الظاهر أنه زمن التابعين أيضًا، فإن أول تدوين الكتب كان زمنهم، وقالوا: الترجمة بكتاب شأن المتقدمين (قوله: وانظر لفظة فصل) استظهر أنه زمن التابعين أيضًا لما تقدم (قوله: ترجمة فصل) الإضافة بيانية (قوله: وهو حسن) لفظًا ومعنى (قوله: وإن فصل)؛ أي: بين ما قبله وبين ما بعده (قوله: متصل)؛ أي: وضعًا ومعنى فكل من العنوانين صحيح (قوله: ولنبن كتابنا إلخ) لام الأمر مستعملة مع مدخولها في الإخبار نحو: {ولنحمل خطاياكم} والتعبير بالمضارع إما لحكاية الحال الماضية استحضارًا للصورة الغريبة أو على حقيقته، فإن الترجمة بوصل لم تكن إلا عند وضع الشرح، لأنه إنما ترجم المتن إذ ذاك، ويؤيده الإتيان بالمشيئة (قوله: وإذاعة)؛ أي: إشاعة لملحظه وهو استحسان التعبير به عن لفظ فصل بين الناس (قوله: ففي سنته)؛ أي: طريقة محيي الدين، أي: فقد ورد في طريقته وهو تغيير غير الأحسن بالأحسن فإن في لفظه وصل منا لحسن لدلالته على الاتصال والقرب ما ليس في لفظة فصل الدال على الانفصال والبعد والانقطاع، فإن الفصل لغًة: القطع (قوله: كان يغير ما لا يحب إلخ) فإن شريعته مبنية على محاسن الأمور ولطائفها وكان ألطف الناس خَلْقًا وخُلُقًا (قوله:

ــ

(باب: الماء طهور)

(قوله: الفتوحات المكية) كتاب عظيم لابن عربي (قوله: وإن فصل)؛ أي: كان مبحثًا متميزًا متصلًا وضعًا ومناسبًة (قوله: ولنبن إلخ) وذلك أنا في تأليف المتن بيضنا للتراجم وما رسمت إلا مع الشرح (قوله: وإذاعة)؛ أي: إظهارًا لملحظه من التفاؤل بالوصول للمراد (قوله: سنته)؛ أي: طريقة الفعل المذكور من تغيير اللفظ

ص: 48

خص به ما كان طاهرًا في نفسه ومطهرًا لغيره ولم أحصر الطهور في الماء كيف والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "جعلت لي الأرض مسجدًا وتربتها طهورًا" وقول ابن العربي وغيره أن الطهورية من خواص الماء حصر إضافي كما في (شب) أي: لا تتعداه لبقية المائعات فلا يرد صعيد التميم قال تعالى بعده: {ولكن يريد ليطهركم} أي: به وكذلك أحجار الاستجمار ونحوها وما دلك به النعل بناء على أنه طهوره كما ورد وما مسح به الصقيل على القول بأن ذلك يطهره بل على المذهب أن النار مطهرة لها طهورية

ــ

الماء طهور)؛ أي: الأصل فيه ذلك، وأصل ماء موه، قلبت الواو ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها، والهاء همزة، وجمعه: مياه (قوله: خص به) الباء داخلة على المقصور أي: قصر هذا اللفظ على ما كان طاهرًا في نفسه ومطهرًا لغيره؛ لأن المبالغة كما تكون في الكم تكون في الكيف، ولذلك قالوا: الطهورية صفة توجب لموصوفها كونه طاهرًا في نفسه ومطهرًا لغيره (قوله: ولم أحصر الطهور في الماء)؛ أي: لم يأت بما يدل على حصر الطهورية فيه، وهو تعريف الجزءين؛ لأن الجملة المعرفة الطرفين تفيد الحصر، أو تقديم الخبر، أو الإتيان بضمير الفصل (قوله: كيف والنبي صلى الله عليه وسلم؛ أي: كيف يصح الحصر والنبي إلخ (قوله: وتربتها طهورًا)؛ أي: فأثبت الطهورية للتراب (قوله: فلا يرد) أي: على كلام ابن العربي (قوله: صعيد التيمم) فإنه طهور (قوله: قال تعالى بعده إلخ) وجه للإيراد المنفى فإنه قد أثبت له الطهورية (قوله: وكذلك أحجار الاستجمار)؛ أي: لا ترد على جعل ابن العربي الطهورية من خواص المياه فإنها طهور أيضًا (قوله: ونحوها): أي: من كل ما يجوز به الاستجمار (قوله: كما ورد) هو "إذا أصاب الأذى نعل أحدكم فليدلكه بالتراب؛ فإنه له طهور" فإن المتبادر أن المراد: الطهورية الشرعية لا اللغوية (قوله: لها طهورية)؛ أي: لها نوع من الطهورية، وفيه إشارة إلى أن طهورية النار خاصة،

ــ

بأحسن منه ورد ما ذكره (قوله: كيف)؛ أي: كيف يصح الحصر مع ورود الطهور شرعًا في غير الماء (قوله: ونحوها) مما يقوم مقام الحجر (قوله: كما ورد) هو "إذا أصاب الأذى نعل أحدكم فليدلكه بالتراب، فإنه له طهور".

ص: 49

إلا أن يقال: الحرق إحالة كتخليل الخمر وتحجيره؛ فتدبر. (تنبيهات) الأول قال: (ح): استعمال الطهارة في التنزه عن العيوب مجاز لغة، وفي (شب): مشتركة كما اختاره ابن راشد وتبعه على ذلك العلامة الرصاع والتتائي في شرح الجلاب، ويدل له قوله تعالى {ويطهركم تطهيرًا}. قلت: نص السنوسي في شرح كبراه وغيره عند قوله تعالى {وكلم الله موسى تكليمًا} على أن المجاز لا يؤكد. ومن الشاذ أو المبالغة

ــ

وكذا صعيد التيمم وما بعده، فإنها لبعض الأشياء، وليست العامة إلا للماء وحده (قوله إلا أن يقال: الحرق إحالة) ويقال: صعيد التيمم وما بعده من باب الترخيص والعفو لا الإزالة، فإنها للماء خاصة فيكون الحصر في كلام ابن العربي حقيقيًا (قوله: عن العيوب)؛ أي: المعنوية، وهو ما ينشأ عن المعاصي من الدناسة المعنوية (قوله: مجاز)؛ أي: مجاز استعارة بجامع الإزالة في كلٍّ، ويؤيده ترجيح المجاز على الاشتراك (قوله: مشتركة)؛ أي: بين التنزه عن لعيوب المعنوية والحسية (قوله: قلت نص إلخ)؛ أي: قلت في وجه الدلالة (قوله: على أن المجاز لا يؤكد) لأن التأكيد يرفع المجاز، وذكر ابن عقيل أنه لا يرفع ما كان نصًا في المجاز، لا يقال: هي مجاز على كل حال؛ لأنه من استعمال العام في الخاص لأنا نقول: الحق كما قال ابن الهمام والعضد، وقال القرافي: إنه مذهب مالك أن استعمال العام في الخاص حقيقة مطلقًا؛ أي: سواء كان من حيث خصوصه أو من حيث تحقق العام فيه. وهو مذهب المتقدمين الذين لا يعرفون خلافه (قوله: ومن الشاذ إلخ)؛ أي: فلا يرد نقضًا على قولنا: المجاز لا يؤكد (قوله: أو المبالغة)؛ أي: بإجراء المجاز مجرى الحقيقة، وقيل: إنه على حذف وإضمار، والتقدير: لو عقلت المطارف إلخ فيكون العج حقيقة أو المراد بالعج التشقق من لباس جذام، يقال: صاح الثوب إذا تشقق وإن كان من البلى لكن جعل من لبس جذام، فالمجاز في الإسناد لجذام وهو أبلغ من الذي قصدته فإن من شأو الحزين البكاء وشق الثياب أسفًا على ما نابه،

ــ

(قوله: فتدبر) يشير إلى إمكان أن طهورية الصعيد وما معه من باب التشبه والترخيص بدليل قوله للمتيمم: "صليت بالناس وأنت جنب" وظاهر: {ولا جنبًا إلى عابري سبيل} ؛ أي: فبالتيمم، وهذا له التفات إلى الخلاف في أن التيمم هل يرفع الحدث؟

ص: 50

في التشبيه قوله:

بكى الخز من روح وأنكره جلده

وعجت عجيجًا من جذام المطارف

(الثاني) عرف ابن عرفة الطهارة بقوله: صفة حكمية توجب لموصوفها جواز استباحة الصلاة به أو فيه أو له.

ــ

وأكثر ما يفعل ذلك النساء، فأخبرت عن المطارف بمثل فعلهن (قوله: بكى)؛ أي: قول الشخص الشاعر وهي هند بنت المنذر في حق زوجها، على ما قاله الشهاب في شرح الشفا، وحواشي البيضاوي، ونسبه ابن هشام اللخمي في شرح أبيات سيبويه لحميدة بنت النعمان ابن بشير الأنصاري رضي الله عنه، كنيتها أم جعفر كان بعلها أولًا الحارث بن خالد المخزومي، وكان شيخًا، فكرهته، وقالت فيه:

فقدت الشيوخ وأشياعهم .... وذلك من بعض أقواليه

ترى زوجة الشيخ مهمومًة .... وتمسي لمضجعه قاليه

فطلقها، وتزوجها بعده روح بن زنباع، زوجها منه معاوية، فهجته؛ وبعد البيت

وقال القباء نحن كنان ثيابه

وأكسية مبسوطة وقطائف

فرد عليها بقوله:

وما نحن إلا قد عهدنا لباسنا

وكل فخار لي وأهلي ألين

وكان روح بن زنباع وزيرًا لعبد الملك بن مروان وهو الذي قرب الحجاج إليه، لأنه كان من غلمانه كما في (العقد الفريد) لابن عبد ربه (قوله: وعجت) أي: صاحت استعارة للنبو عن جيده (قوله: جذام) قبيلة روح، سميت باسم أبيها (قوله: المطارف) جمع مطرف، ثوب مربع من خز له علم (قوله: صفة) جنس يشمل جميع الصفات (وقوله: حكمية) فصل خرج به الصفة الوجودية حسية كانت أو معنوية وليست هذه الصفة كون الشيء تباح الصلاة بملابسته، خلافًا بـ (لح) (قوله: وفيه إلخ) دخلت أو التنويعية إما بناء على أن التعاريف الاصطلاحية

ــ

(قوله: بكى إلخ) ذكر الضمير باعتبار الشاعر، وهو: هند؛ تهجو زوجها روح بن زنباع وزير عبد الملك بن مروان، وجذام قبيلة، وأنشده البوسي على الكبرى: بكى الخز من

ص: 51

قوله: حكمية؛ أي: يحكم بها شرعًا عند وجود سببها وهو ما يقتضي طهارة الشيء أصالة كالحياة والجمادية أو التطهير المراد بالطهارة في قولهم: الطهارة واجبة وهل هو مجاز كما قال القرافي، وإن اشتهر أو حقيقة على ما استظهره؟ (ح) ميلًا لقول المازري وغيره الطهارة إزالة النجاسة أو رفع مانع الصلاة بالماء أو ما في معناه

ــ

رسوم، أو أن المعرف في المعنى حقائق متعددة لأنواع الطهارة، لقولهم: الذاتي لا يتعدد، ونقل الرصاع عن ابن عرفة: أن التنويع من متعلق الحد، لا من نفسه. وكأنه قال: توجب جواز استباحة الصلاة بالإطلاق، أما به إلخ. وبه يجاب -كما قال الرصاع- عن الاعتراض بأن جمع الحقائق المختلفة في تعريف واحد لا يصح (قوله: أي: يحكم بها شرعًا إلخ)؛ أي يحكم بها الشرع، ويقدر قيامها بمحالها، قيام الأوصاف الحسية بمحالها، وليست معنى وجوديًا كالعلم، ولا حسيًا كالسواد والبياض، بل من الأمور الاعتبارية كما يأتي، واعترض بأن الأمور الاعتبارية عدمية، وليست بصفات، فكيف يطلق عليها صفات؟ وجاب الرصاع بأن عدم إطلاق الصفات عليها اصطلاح أهل المعقول، واصطلاح الفقهاء أنها صفات، ولا مشاحة في الاصطلاح؛ فتأمل (قوله: عند وجود سببها)؛ أي: سبب تقديرها (قوله: وهو)؛ أي: سببها (قوله: أو التطهير) بالرفع عطف على ما يقتضي، إشارة للسبب الثاني من أسباب الطهارة (قوله: المراد صفة) للتطهير (قوله: في قولهم الطهارة إلخ) لأنه لا تكليف إلا بفعل، وهو التطهير (قوله: وهل هو)؛ أي: استعمال الطهارة في التطهير (قوله: مجاز)؛ أي: مرسل، من إطلاق المسبب على السبب، لأن الفعل سبب للصفة، ويرجحه أن المجاز مقدم على الاشتراك؛ لأن الأصل عدمه (قوله: وإن اشتهر) فهو مجاز مشهور (قوله: أو حقيقة) على أنه من باب المشترك، وأن اللفظ وضع لكل من التطهير والصفة (قوله: ميلًا لقول المازري إلخ)؛ لأن المقصود تعريف الطهارة الواجبة المكلف بها، والمكلف به هو إزالة النجاسة، ورفع مانع الصلاة، دون الصفة الحكمية، فإنه لا تكليف إلا بفعل، ويأتي جوابه (قوله: أو ما في معناه) كالصعيد، وأحجار الاستجمار.

ــ

عون، فلعله لقبه (يحكم بها)؛ أي: تقدر وتعتبر كما سيقول وإن لم يكن لها وجود (قوله: أو التطهير) بالرفع عطف على ما الواقعة خبرًا (قوله: أو ما في معناه)

ص: 52

وإن اعترضه ابن عرفة ثبوتها دونه فيما لم يتنجس وفي المطهر بعد الإزالة قال (شب): ولا يرد على الرسم أنه صادق على القراءة وستر العورة، ونحو ذلك؛ لأن هذه أفعال لا صفات؛ أي: لأن المراد بالصفة الحكمية الاعتبارية التي تقدر وليست وجودية وصح إناطة الحكم بها لضبط أسبابها الشرعية؛ فتأمل. قوله: توجب في الشيخ (عب) أورد الأبي في درس شيخه ابن عرفة أن الذي يوجب سبب، والطهارة

ــ

(قوله: وإن اعترضه ابن عرفة)؛ أي: فلا يمنع من ترجيحه، فإن الحق أنها تقال شرعًا على كلا الأمرين، فالأولى التعرض لبيانهما، وإذا اقتصر على أحدهما، فالأول على ما قاله المازري أولى لأنه الواجب على المكلف؛ تأمل (قوله: بثبوتها دونه إلخ)؛ أي: بوجود الطهارة بدون التطهير فيما لم يتنجس إلخ فالتعريف لا يتناول المعرف، وهو الطهارة؛ لأنها قدر زائد على التطهير (قوله: وفي المطهر بعد الإزالة) قال ابن مرزوق: الاعتراض بهذا إنما يتم على أن الدوام ليس كالابتداء (قوله: ولا يرد على الرسم)؛ أي: رسم ابن عرفة للطهارة (قوله: إنه صادق على القراءة إلخ)؛ لأنها يصدق عليها أنها توجب إباحة الصلاة لموصوفها (قوله: ونحو ذلك) كالاستقبال والاستحلال من الغصب (قوله: أي: لأن المراد إلخ) دفع لما يقال: الفعل صفة لفاعله، وحاصله: أن لمراد الصفة الاعتبارية، والفعل صفة وجودية (قوله: وصح إناطة الحكم إلخ) جواب عما يقال: إذا كانت الطهارة من الأمور الاعتبارية المقدرة، كيف تناط بها الأحكام مع أن الأحكام لا تناط إلا بالأفعال (قوله: لضبط أسبابها)؛ أي: الأسباب التي تقدر عند وجودها؛ وهي الأفعال المكلف بها المسماة طهارة أيضًا كما مر، وأما الطهارة التي سببها أصلي ذاتي كالحياة، والجمادية؛ فلا تكليف بها ألبتة إلا من حيث اختيار موصوفها للصلاة مثلًا (قوله: شرط)؛ أي: والشرط لا يوجب؛ لأنه يؤثر بطريق العدم، والذي يوجب إنما هو العلل (قوله:

ــ

مرور على ما قدمناه من أن الطهور لا يخص الماء. (قوله: بثبوتها دونه)؛ أي: ثبوت الطهارة بدون المعنى الذي ذكره المازري (قوله: بعد الإزالة) فإن الدوام ليس كالابتداء إنما الدائم أثر الإزالة -أعني الزوال- لا نفس الفعل (قوله: الرسم) يعني ما ذكره ابن عرفة بناء على أن التعاريف الاصطلاحية رسوم، بل حيث كانت اعتبارية فلا حقيقة لها حتى يكون لها ذاتيات، قصارى الأمر ماهيات لها خواص (قوله: الحكم)؛ أي:

ص: 53

شرط، وأجيب بأنها شرط للصلاة سبب في إباحتها شيخنا. الظاهر أن معنى السبب هنا ما له دخل في الجملة، وأن الطهارة ليست إلا شرطًا شرعًا. (قوله: جواز استباحة تكلف الجماعة) حمل السين والتاء على الطلب، ولا معنى لطلب الإباحة، إلا أن يراد ملابستها في الجملة، والتعرض لما تقتضيه، وأما قول شيخنا في الحاشية

ــ

بأنها شرط للصلاة)؛ أي: شرط لصحتها وإجزائها وقبولها إذ لا يلزم من وجودها وجود ذلك. (قوله: سبب في إباحتها)؛ أي: وهو الذي تكلم عليه في التعريف، فجهة الإيجاب غير جهة الشرطية، ولا يمتنع أن يكون الشرط سببًا فيما لم يكن فيه شرطًا وهو الإباحة هنا؛ لأنه يلزم من وجودها وجودها لذاتها وقد تتخلف لانتفاء شرط أو وجود مانع، ومن عدمها عدمها، وبهذا يندفع أيضًا ما أورد بأن الجواز كيف يكون موجبًا، وهل هذا إلا تناقض؟ ! .

(قوله: الظاهر أن معنى إلخ) بل الظاهر الأول وهو ما ذكره الرصاع (قوله: على الطلب) بمعنى أن المكلف قبل الطهارة كان ممنوعًا شرعًا من طلب إباحة الصلاة (قوله: تكلم الجماعة)؛ لدفع التكرار بين جواز واستباحة وإضافة الشيء إلى نفسه على أنهما زائدتان (قوله: ولا معنى لطلب الإباحة)؛ لأن الإباحة حكم من أحكام الله، إنما الطلب للدخول في الصلاة (قوله: إلا أن يريد ملابستها) بأن يراد بالطلب الأخذ في التحصيل. كما يقال: طلبت العلم وطلبت المعالي؛ أي: أن المحدث لا يجوز له شرعًا تحصيل إباحة الصلاة؛ أي: أنه ما دام باقيًا على حدثه ونوى الاستمرار عليه فلا يمكن شرعًا من تحصيل الإباحة. فإن نوى الطهارة فالعزم عليها بمنزلتها. فإذا تطهر تمكن حينئذٍ من التحصيل ببقية الشروط (قوله: في الجملة)؛ لأن الإباحة صفة له تعالى فلا تلابس الشخص إنما المُلابَس متعلقها (قوله: لما تقتضيه) من

ــ

الخطاب الشرعي لكن هو ظاهر في الطهارة العارضة بأنواع التطهير، وأما الطاهر أصالة فلا خطاب بطهارته ألبتة إلا من حيث اختياره لما يعتبر فيه الطهارة كما قلنا في الحاشية (قوله: وأن الطهارة ليستإلا شرطًا) يعني: لا يعهد في كلامهم إلا ذلك فلتأول له العبارة ولا يتكلف غيره، ومما يعين ما استظهره شيخنا أن الجواز يلزم منه الصحة لا العكس كما يأتي، وعصى وصحت، فلو كانت سببًا للجواز لكانت سببًا في الصحة مع أنها شرط فيها. (قوله: والتعرض لما تقتضيه) عطف تفسير على

ص: 54

جعلهما للطلب غير ظاهر لأنه يفيد أن كل موصوف بها كان ثوبًا أو مكانًا أو شخصًا يطلب من الله إباحة ذلك، وهذا غير واقع، ففيه أن معنى التعريف المكلف يستبيح بالثوب وفي المكان ولنفسه فلا يلزم من كون الاستباحة به أو فيه أن تكون واقعة منه كما هو ظاهر.

وهو هو الخرشي الذي حشاه أسند الطلب للمكلف آخر عبارته، ثم استظهر شيخنا ما حاصله زيادتهما والإضافة بيانية، وهو مع ركاكته من هذا الإمام في أمثال هذا المقام لا يظهر في قوله في تعريف النجاسة منع استباحة، فلعل الظاهر حمل الاستباحة هنا على الملابسة بالفعل من قولهم: فلان يستبيح الدماء، ويستبيحون أعراض الناس.

ــ

غسل الأعضاء، ونحوها، وهو بيان للإجمال (قوله: ففيه أن معنى إلخ)؛ لأنه قال به أو فيه أو له ثم قال: فالأوليان من خبث إلخ (قوله: أسند الطلب إلخ) فإنه قال، ومعناه أي: معنى طلب إباحة الصلاة أن طلب إباحة الصلاة شرعًا مع المانع كان ممنوعًا. فإن المكلف لا يجوز له شرعًا طلب إباحة الصلاة من غير مفتاحها وهو الطهارة (قوله: والإضافة بيانية)؛ لأن الجواز هو الإباحة (قوله: مع ركاكته)؛ لأنه لا معنى للجمع بينهما من غير نكتة (قوله: لا يظهر في قوله إلخ) لأن المنع غير

ــ

الملابسة الإجمالية، والمراد بالتعرض لما تقتضيه الإباحة الدخول في الفعل المباح، فرجع لما سيأتي لنا من حمل الإباحة على الفعل، وأما نفس الإباحة التي هي حكم الله تعالى فلا معنى لطلبها. (قوله: ركاكة)؛ لأنه جمع بين لفظين أحدهما كافٍ، وشأن ابن عرفة المبالغة في الاختصار، ومقام التعريف يراد للحفظ فيختصر فيه ويصان عن الفضول، والإضافة توهم المغايرة فإن الأصل أنت لا يضاف الشيء لنفسه فيعكر، وما كل تطويلٍ بذي إيضاح (قوله: لا يظهر في قوله في تعريف النجاسة)؛ أي: والأولى جرْي التعريفين على وتيرة واحدة فيما يقال، وهذا تبع للخرشي، وعبق على العزية من أن تعريف النجاسة صفة حكمية توجب لموصوفها منع الصلاة من غير لفظ استباحة، ونبه عليه (بن) في حاشيته. أقول: بيدي نسختان من حدود ابن عرفة لفظ كل منهما بعد تعريف الطهارة هكذا: والنجاسة صفة حكمية توجب لموصوفها منعها به، أو فيه فاحتمل رجوع الضمير للاستباحة التي أضيف لها الجواز في

ص: 55

واستباح حرمه؛ لأن الشأن لا يفعل إلا المباح، و (قوله: به) اعترض بأنه لا يشمل طهارة الماء المضاف وأجيب؛ بأن الباء للملابسة في حاشية شيخنا لا خصوصية للماء، ولا قيد كونه مضافًا؛ لأن البحث وارد بكل ما يحمله المصلي كان ماء، أو غيره كان الماء مضافًا، أو لا قلت: تقييد الماء بالمضاف في (ح) وغيره، وسره أن المعترض فهم أن الباء سببيه فلا يعترض بالمطلق؛ لأنه يباح بسبب التطهير به ثم المراد الملابسة الاتصالية بحيث ينتقل بانتقاله فدخل فيه ظاهر البدن من خبث ولا

ــ

الاستباحة والمناسب أن يكون الكلام في التعريفين على وتيرة واحدة، وقد علمت أن الطلب لا يصح إلا بتكلف. فإن قلت: نقول بالزيادة ولا نجعل الإضافة بيانية، قلنا: لا معنى لقولنا منع للإباحة، فإن المنع حكم، والإباحة حكم، والأحكام لا تعلق بها ببعضها إنما تتعلق بالأفعال الاختيارية. نعم الأمر ظاهر على أن المراد بالإباحة الفعل (قوله: لأن الشأن) لا يفعل إشارة إلى وجه التعبير بالاستباحة عن الفعل. (قوله: إن المعترض) هو الأبي في شرح مسلم على ما قاله الرصاع. (قوله: فلا يعترض إلخ)؛ أي: فلا بد من قيد المضاف (قوله: فدخل إلخ) تفريع على جعل الباء للملابسة، فإنه ملابس للشخص من ملابسة الجزء للكل فلا يعترض بعدم شموله لأنه قال: فالأوليان من خبث، والأخيرة من حدث وظاهر البدن ليس واحدًا منها (قوله: ولا يغني)؛ أي: ولا يرد الاعتراض بأن جعل الباء للملابسة يصير قوله فيه مستدركًا؛ لأن المكان يلابس الشخص؛ لأن ملابسة المكان انفصالية؛ لأنه لا ينتقل بانتقاله. (قوله: نعم لو أراد إلخ)؛ أي: نعم يغني لو أريد مطلق الملابسة كانت اتصالية أم لا. (قوله: فلهيكل الشخص)؛ أي: المركب من الروح والجسد

ــ

الطهارة أو للصلاة، لتقدم كل منهما، فكأن ما اشتهر جعل إضافة الجواز للاستباحة أولًا، قرينة إضافة المنع لها ثانيًا (قوله: حرمه) بفتحتين على الإفراد وبضمتين على الجمع (قوله: لأن الشأن) علة للتعبير عن الفعل بالاستباحة (قوله: بسبب التطهير به) الجار والمجرور نائب فاعل (يباح) فليس في (يباح) ضمير بل المعنى (يباح به) أي: بسببه أي: بسبب التطهير به فهو داخل على فهم المتعرض، ولا محالة في التعريف من حيث طهارته هبه محمولًا أو مطهرًا به نعم لو قال شيخنا في التعقب: لا خصوصية للماء

ص: 56

يغني عن قوله فيه نعم لو أراد مطلق ملابسة (وأما قوله له: فلهيكل) الشخص بتمامه من حدث كما قال، وأورد أنه لا يشمل طهارة غسل الميت فإنها تبيح الصلاة عليه والذمية من الحيض ليطأها زوجها. وأجيب؛ بأنها تبيح الصلاة له لولا المانع من الموت والكفر نظير غسل مس ذكره فيه كما في (شب)، وأما الطهارة المستحبة التي لا يصلي بها فأما أن التعريف للطهارة المعتد بها اعتناء كاملًا شرعًا، أو يجعل تخصيص زيارة الأولياء بنية الوضوء مانعًا فهي تبيح لولا المانع، وكذا التي يصلي بها

ــ

والمراد بالبدن ظاهر الجسد فملابسته من ملابسة الجزء للكل. (قوله: كما قال)؛ أي: في قوله: والأخيرة من حدث فلا يدخل فيه ظاهر البدن من خبث حتى يرد الاعتراض به في طهارة غسل الذمية من إضافة المسبب للسبب. لما مر أن الغسل بمعنى الفعل سبب في تقدير الصفة (قوله: من الحيض)؛ أي: والنفاس لا الجنابة ولا تجبر عليه؛ لأنها غير مانعة من الوطء كما يأتي. (قوله: من الموت والكفر) فإنهما مانعان من النية التي هي شرط الطهارة. (قوله: نظير غسل) فإنه مبيح لولا المس فلا يرد اعتراضًا وهذا لا يخرجها عن كونها طهارة. (قوله: التي لا يصلى بها) كالوضوء لزيارة الأولياء، أو دخول على سلطان، أو تلاوة في غير مصحف (قوله: فأما أن التعريف)؛ أي: فلا يرد الاعتراض بها. (قوله: المعتد بها) وهي المقابلة للنجاسة والحدث من باب الشيء إذا أطلق انصرف للفرد الأكمل منه، وهذه وإن كانت شرعية لأمر الشارع بها إلا أنه غير معتد بها اعتدادًا كاملًا؛ لأنها ليست للصلاة. (قوله: التي يصلى بها)؛ أي: معها لا بسببها، أو يراد السببية الكاملة. (قوله: وهو وجود مثله) فإنه مانع من إباحتها لأن المثلين لا يجتمعان عند أهل السنة للزوم تحصيل الحاصل، واجتماع مؤثرين على أثر واحد. (قوله: في اعتقاده)

ــ

المضاف بل كل محمول، ولم يلتفت للماء المطلق؛ ليتأمل. (قوله: فلهيكل الشخص) أي: المشتمل على جسم وروح، فإن أثر طهارة الحدث يسري للروح، ولذا ورد:"من نام على طهارة سجدت روحه تحت العرش"(قوله: من الحيض) والنفاس مثله حكمًا (قوله: زوجها) لم يقيد بالمسلم؛ لأن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة. (قوله: من الموت والكفر) كانا مانعين؛ لأنهما ينافيان النية (قوله: نظير غسل إلخ) فهو يبيح لولا المانع من الناقض. (قوله: اعتناء مفعول) مطلق للمعتد

ص: 57

كالمجدد يبيح لولا المانع، وهو وجود مثله في اعتقاده المؤثر في نيته ولو تبين عدمه، أو يراد على ما قال شيخنا بالإباحة ما يشمل رفع خلاف المندوب. وأما قولهم: إنها تبيح الصلاة وغيرها وجوابه؛ بأنه أولوي، واعتراض شيخنا بهجر دلالة الالتزام في التعريف فلا حاجة له من أصله؛ لأن مدار التعريف على خاصة مميزة، ولا يلزم استقراء جميع الخواص ولم يزد ابن عرفة في تعريف النجاسة لفظة، أو له: لأن المحدث لا يقال له نجس في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم أنكر على من لم يجبه حين دعاه وتعلل بأنه كان نجسًا أي جنبًا فقال له: "سبحان الله! ! إن المؤمن لا ينجس" وأورد أن تعريف النجاسة يشمل غصب الثوب والمكان وأجيب؛ بأنه

ــ

احتاج لذلك لقوله: ولو تبين عدمه. (قوله: ما يشمل رفع خلاف إلخ) قاصر على الوضوء المجدد لا غيره، لأنه لم يضف للصلاة (قوله: وأما قولهم) أي: في الاعتراض على التعريف بأنه قاصر (قوله: وغيرها) من مس مصحف، وطواف، وقراءة قرآن. (قوله: واعتراض شيخنا) أصله لـ (عج)(قوله: فلا حاجة له إلخ) جواب أما؛ أي: لا حاجة لما ذكر من الاعتراض وجوابه والاعتراض عليه. (قوله: لأن مدار التعريف إلخ)؛ أي: وإباحة الصلاة خاصة مميزة للطهارة عن غيرها. (قوله: لأن المحدث لا يقال إلخ) وبن عرفة قال في تعريف الطهارة: والأخيرة من حدث فلا يرد ما في الحاشية أنه وإن لم يقل: له نجس باعتبار الحديث يقال نجس باعتبار قيام النجاسة به وهو داخل في قوله: به لأن الباء للملابسة؛ تأمل. (قوله: لا ينجس) بضم الجيم، وفتحها قاله عياض في المشارق. (قوله: ليشمل غصب الثوب) فإنه صفة حكمية توجب لموصوفها منع استباحة الصلاة به أو فيه، وأورد أيضًا ماء أرض ثمود مع أنه ظاهر على المعتمد، وأجيب بأنه خاص بمعنى، فلا يرد النقض به لخروجه عن سنن

ــ

وهو مصدر معنوي كـ (جلست قعودًا) ليفيد أن الاعتداد والاعتناء واحد في المقام وهو الاعتبار الشرعي (قوله: أو يراد) راجع للثاني -أعين ما يصلي به- فإن لوحظ ما يأتي من أنها تبيح الصلاة وغيرها صح رجوعه لما قبله أيضًا. (قوله: تبيح الصلاة وغيرها)؛ أي: فلم اقتصر على الصلاة ولم يذكر غيرها؟ (قوله: فلا حاجة له من أصله) أي: لا حاجة لهذا الكلام من أصله إلى فرعه، وأصله السؤال وفرعه الجواب (قوله: من لم يجبه) هو أبو هريرة (قوله: سبحان الله) تعجب، والإنكار

ص: 58

ليس هناك صفة حكمية، والظاهر حمل المعنى على الوضعي؛ أي: عدم الصحة؛ ليشمل صلاة غير المكلف فلا يرد الغصب.

نقل (ح) عن الذخيرة أن إطلاق النجس على المعفو عنه مجاز شرعي تغليبًا لحكم جنسه عليه؛ إذا لا مانع فيه وهو ظاهر على تفسيره النجاسة بكونه ممنوعًا وهو غير الصفة الحكمية خلافًا لـ (لح) فهي متحققة وتمنع لولا العذر نظير الرخصة؛ فتدبر. الثالث: عدلت عما في الأصل تبركًا بالوارد وفرارًا من شغب الشراح الذي اخترنا

ــ

القياس كشهادة خزيمة، وهو بناء على أن الباء سببية، وقد علمت أنها للملابسة، وهو لا تبطل الصلاة بملابسته، وفساد التطهير به تعبدي كما يأتي. اهـ. مؤلف.

(قوله: ليس هناك صفة إلخ)؛ أي: بل نسبة أو فعل أو أن المراد الصفة الحكمية في اصطلاح الفقهاء، وهم لم يطلقوا عليه صفة حكمية وإن كان الغصب صفة في الواقع. (قوله: فلا يرد الغصب) لأنها تصح معه (قوله: والظاهره)؛ أي: في الجواب (قوله: يشمل صلاة إلخ) فلا يرد أن تعريف النجاسة لا يشمله؛ لأن غير المكلف لا يتعلق به المنع، وهذا وجه الظهور؛ تأمل (قولهـ: إن إطلاق النجس إلخ)؛ أي: فلا يرد عدم شمول التعريف له (قوله: وهو ظاهر)؛ أي: ما نقله (ح) جوابًا عن إيراد المعفو عنه (قوله: بكونه ممنوعًا)؛ أي: والمعفو عنه غير ممنوع. (قوله: وهو)؛ أي: الكون ممنوعًا غير الصفة، وتعريف ابن عرفه إنما هو لها فالجواب غير نافع؛ لأن الصفة موجودة (وقوله: وتمنع إلخ) إشارة للجواب؛ تأمل. (قوله: خلافًا لـ (لح)) أي: في قوله: إن الصفة الحكمية هي كونه ممنوعًا (قوله: بالوارد) فإن لفظ حديث

ــ

النفي بعده (قوله: ليس هناك صفة حكمية)؛ أي: لم يعهد اعتبارهم لذلك ولا عرف اصطلاحهم عليه. (قوله: والظاهر حمل المنع على الوضعي) ويلزم من عدم الصحة الحرمة على المكلف وقياسه حمل الجواز في تعريف الطهارة على الوضعي من الصحة. فإن الطاهر قد يكون مغصوبًا فلا جواز، وهذا كحملهم الفرض في نية الوضوء على ما تتوقف عليه صحة العبادة وهذا الكلام مما يقوي استظهار شيخنا السابق في الجواب عن بحث الأبي؛ فتدبر (قوله: بالوارد) فإن هذه الجملة -أعني قولنا: الماء طهور- صدر حديث شريف رواه الدارقطني- عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في الجامع الصغير. (قوله: شغب الشراح)؛ أي: اضطراب كلامهم في

ص: 59

زبدته في شرحه، مع أن المقصود إفادة مهم الفقه ويؤخذ مما يأتي (وإن ندى غيره الشجر) ولو في جميع أوصافه لأنه كالقرار كما في حاشية شيخنا.

ولا يخص بريح ولا بجمعه من فوقه خلافًا لما في (الخرشي) وغيره (أو ملحًا على ما انحط عليه كلام (ح) وغيره وأولى بردًا وثلجًا ونحوهما (ذوب)، وأولى ذاب بنفسه فإن وجد داخله شيء فعلى حكمه. (تنبيه) هنا مسائل في الأصل تؤخذ مما

ــ

رواه الدارقطني كما في الجامع (قوله: ندى) بالقصر في اللغة المطر والبلل، والمراد به هنا ما ينزل آخر الليل على الأشجار وسواء جمع في يد المستعمل، أو في إناء. (قوله: غيره الشجر) ولو كان التغير بينًا (قوله: ولا يخص)؛ أي: عدم الضرر فإنه خلاف ما تقتضيه العلة السابقة (قوله: أو ملحًا) عطف على ما في حيز المبالغة، وإنما بالغ عليه لانتفاء الطهورية حال جمهود فربما يتوهم عدم عودها إليه إذا ذوب (قوله: وأولى بردًا إلخ)؛ لأنهما أقرب للماء من الملح، والبرد -بفتحتين- شيء ينزل من السحاب شبه الحصى (وقوله: وثلجًا (ينزل من السماء ثم ينعقد على وجهه الأرض ثم يذوب (قوله: ذوب) ولو كان جموده بصنعة على المشهور، أو ذوب في غير موضعه على ما صدر بن ابن غلاب، وشهره بهرام في صغيره، وإن أوهم المواق خلافه. (قوله: فإن وجد داخله إلخ) قال: (نف): ويقاس على ذلك ما يوجد بحيضان الأخيلة من العذرة (قوله: فعلى حكمه) أي: فإن غير أحد أوصافه سلب الطهورية إن كان مفارقًا وحكمه كمغيره.

ــ

تفسير الحدث ومعنى رفعه وتعريف الماء المطلق. وهو الطهور الأخص من مطلق ماءٍ اصطلاحًا. (قوله: مهم الفقه) من أحكام المياه التي يتطهر بها والتي لا يتطهر بها. (قوله: الشجر) أراد به ما يشمل ما لا ساق له كما في حديث الموطأ وغيره (من أكل من هذه الشجرة فلا يقربن مسجدنا؛ يؤذينا بريح الثوم" بضم المثلثة (قوله: أو ملحًا) لم يستثن منه المصنوع من زرع لفهم ذلك بالأولى مما يأتي له من ضرر التغير به (قوله: مسائل) كقوله: أو كان سؤر بهيمة فإنه يأتي كراهة سؤرها إذا لم تتوق النجاسة، وكل من الكراهة التنزيهية، وعدمها يفيد الطهورية، وكقوله: أو حائض، أو جنب، أو طهارتهما يفيده ما يأتي في الماء المستعمل وكقوله: أو كثيرًا

ص: 60

يأتي في المكروهات صريحًا أو مفهومًا فلم أذكرها (أو شك في شرر مغيره) بأن لم يدر أمفارقٌ أو لا، أما لو علم أنه مفارق وشك أطاهر أم نجس فطاهر غير طهور (واعتبر الظن)، ولا فرق بين قليل الماء وكثيره على الصواب مما في (ح) و (عب) وغيرهما (أو تغير بمجاور) ولو فرض بقاء التغير في الماء المجاور على الصواب.

ــ

(قوله: أو شك في ضرر مغيره) وأولى إذا شك معه في أصل التغير (قوله: بأن لم يدر) لأن الأصل بقاؤه على الطهورية، قال ابن مرزوق: والأولى تركه (قوله: أمفارق) فإن شك مع ذلك هل هو طاهر أو نجس؟ فإنه يحمل على أنه طاهر (قوله: واعتبر الظن)؛ أي: ظن المستعمل إلا أن يعارضه ظن أهل المعرفة من الضرر، وعدمه. مالك: إذا جهل سبب نتن البئر في الدور ترك، قيل: لما يغلب على الظن أن ذلك من المراحيض المجاورة لها فيترك ما لم توقن السلامة (قوله: ولا فرق بين قليل الماء وكثيره) ومن ذلك خليج الإسكندرية والحاكم وبركة الفيل والناصرية، فإن الغالب على الظن أن تغيرها من المراحيض (قوله: على الصواب) وهو ما لابن رشد خلافًا لمقتضى كلام الباجي أنه لا يعتبر الظن مع الكثرة (قوله: أو تغير)؛ أي: في جميع الأوصاف لا ريحه فقط واقتصار اللخمي عليه؛ لأنه الغالب والحق أن العرض ينتقل بانتقال أمثاله كما أنه يبقى زمانين كما للقاني والأجهوري، والبدر عن الناصر (قوله: بمجاور) كميتة قريبة منه، أو ورد وضع على شباك قلة مثلًا من غير أن يكون في الماء وإلا فمن الملاصق. (قوله: ولو فرض بقاء التغير) خلافًا لما توهمه (تت) وغيره من أنه ليس حقيقة التغير بل حصل اشتباه، وأن الذي يشم مثلًا إنما

ــ

خلط بنجس لم يغير، يؤخذ مما يأتي في كراهة قليل حلته نجاسة لم تغيره، ونبهت على ذلك هنا ليقيس المتأمل عليه غير في اختصارنا (قوله: في ضرر مغيره) وأولى إن شك في أصل التغير ولو كان على فرضه مضرًا؛ لأن الشك لا ينفي أصل الطهورية (قوله: الظن) ولو لم يقو فإن الظن في ذاته قوة ورجحان وهو أصل الأحكام الفقهية (قوله: وكثيره) كبركة الفيل بمصر، والخليج لا يدرى هل تغيرها آخر النيل بطول المكث وضعف الجري، أو بما تسلط عليه من المراحيض اختلفت فيها فتاوى أهل مصر قديمًا فتجري على إلغاء الشك واعتبار الظن (قوله: بقاء التغير)؛ أي: في

ص: 61

(وضر الممازج وفي الملاصق خلاف) فابن الحاجب والمصنف وجماعة على عدم الضرر وارتضاه (ح) وابن عرفة وآخرون على الضرر وارتضاه ابن مرزوق (أو بمكث أو بمتولد كطحلب لم يطبخ) وإلا ضر كما قال الطرطوشي؛ لأنه كالطعام حينئذ (أو سمك حي) والميت مفارق غالبًا فيضر (وإن تناسل) ظاهره ولو رمى قصدًا بمحل محصور (وفي روثه نظر) فقد اضطرب فيه (عج) كما في حاشية شيخنا هل يضر لندرته أو لعسر التحرز منه (أو قرار) أقام عليه

ــ

هو رائحة المجاور، بناه على أن العرض لا ينتقل (قوله: وضرًا لممازج)؛ أي: ضرًا لتغير به خلافًا لقول (شب) يضرُّ ولو لم يغير (قوله: وفي الملاصق) كالتغير بالدهن كان الماء قليلًا أو كثيرًا خلافًا لتقييد أبي عمران بالقليل كما في المعيار، ومحل الخلاف في الريح وإلا ضر اتفاقًا كما في (عب)؛ لأن الشأن إن تغير اللون أو الطعم إنما يكون بالممازجة. (قوله: على الضرر) لأن التغير إنما يحصل بانحلال بعض أجزاء الدهن وفيه نظر، ألا ترى التغير بالمجاور؟ (قوله: على عدم الضرر) ابن قداح ولا يستعمل حتى يلتقط الدهن من على وجه الماء ابن فرحون إلا أن يكون قليلًا كنقطة (قوله: أو بمكث) مثلث الميم طول الإقامة بأن يغلظ أو تحصل فيه صفرة. (قوله: كطحلب) مثلث اللام، لكن الكسر مع كسر أوله كما في (القاموس) خضرة الماء، ولو فصل منه أو من ماء آخر ثم ألقي فيه؛ لأنه مما لا ينفك الماء عن جنسه ودخل بالكاف الخز بالخاء المعجمة والزاي ما ينبت جوانب الجدران الملاصقة للماء لعسر الاحتراز (قوله: لأنه كالطعام) ويمكن الاحتراز عنه (قوله: مفارق إلخ) لأن الغالب أن السمك لا يموت بالماء (قوله: وإن تناسل كما لـ (لح)) وخلافًا لما قاله البساطي في المغني (قوله: هل يضر) واستظهره في حاشية الخرشي (قوله: لندرته)؛ أي: فهو كالعدم (قوله: أو لا) وهو ما استظهره البناني والنفراوي

ــ

الريح بسبب مرور الرياح وتكيفها، وأما تغير اللون والطعم فدليل الممازجة (قوله: عدم الضرر) يعني في الريح كما عرفت (قوله: لم يطبخ) وأما طبخ الكبريت ونحوه فجعله (عب) كطبخ الملح لا يضر وفيه نظر فإن الملح يصير مًاء، فالواجب النظر في نحو الكبريت فإن كان الطبخ يحدث له حالةً أخرى ضر. كطبخ الطحلب (قوله: والميت مفارق غالبًا) يعني: أن الغالب ألا يموت السمك في الماء وعلى فرض

ص: 62

أو مر به (أو مطروح ولو قصدًا من أجزاء الأرض) ولو أحرقت كالجير أو صارت عقاقير كما في (ح) وغيره، وإن لم يتجز التيمم عليها؛ لأنه طهارة ضعيفة (كملح صنع) على الراجح مما في الأصل) من غير زرع) وإلا ضر (وطبخ) وليس كالطحلب؛ لأن طبخ الملح لا يحيله خلافًا لـ (لح)، (أو إناء) من الأرض ويأتي غيره وإن حديدًا أو رائحة قطران وإن جرمًا ألقي بحضر ولا مفهوم لوعاء المسافر في الأصل (وضر اللون والطعم وإن بسفر) كما حرره (ح) وغيره (إلا الدباغ مطلقًا) فلا يضر ولو بينا كما في (عب)(وشب) وحاشية شيخنا.

ــ

والبدر قال: لأنه إما متولد منه، أو مما لا ينفك عنه غالبًا (قوله: أو مر به) ومنه ماء المطر المتغير من الأسطحة بغير نجس كما لا يضر التغير ببناء البئر ولو حدثت فيه صعرة أو ثخن (قوله: ولو أحرقت) خلافًا لابن راشد وابن فرحون ووفاقًا لـ (لح) والبرزلي بدليل ما يأتي في الإناء (قوله: أو صارت عقاقير) كالكبريت والطفل (قوله: صنع) والمعدني ملح السباخ وهو ما يخرج عليه البحر فيجمد أولى وخالف ابن يونس والقابسي في الملح مطلقًا؛ لأنه يشبه المطعومات وغيره في المصنوع مطلقًا؛ لأن الصنعة أخرجته عن أنواع الأرض (قوله: وطبخ) عطف على صنع (قوله: لا يحيله) بل حاله بعد الطبخ كحاله قبله قاله (عج)، وهذا بخلاف طبخ الكبريت فإنه يحدث له حالة أخرى (قوله: وإن حديدًا) بالغ عليه لسرعة تغيره (قوله: أو رائحة) عطف على مجاور، وأراد آثاره الباقية، وإلا فالرائحة لا تغير اللون والطعم (قوله: قطران) بفتح القاف وكسرهما وكسر القاف مع سكون الطاء (قوله: وإن جرمًا)؛ أي: هذا إذا كان القطران لا جرم له يخالط الماء بل وإن كان جرمًا إلخ وفاق ما في التوضيح عن (سند)؛ لأنه من التغير بالمجاور (قوله: ألقى) نعت لقطران (قوله: وإن بسفر) خلافًا لما نقله ابن رشد عن بعضهم من عدم الضرر (قوله: إلا الدباغ إلخ) ولو من غير القطران كما في (حش) لعموم الحاجة إليه حضرًا أو سفرًا محله إن لم يزد عن المعتاد وإلا ضر، فإن شك في كونه دباغًا

ــ

موته يأكله سمك آخر وعلى فرض بقائه يكون الماء كثيرًا، فالتغير بالميت غير غالب حتى يغتفر (قوله: وإن جرمًا) ما قبل المبالغة ما إذا كان بقايا في إناء، أو يد فأتى عليه الماء، ومسائل القطران اثنتا عشرة؛ لأنه إما أن يغير الريح أو اللون أو الطعم.

ص: 63

خلافًا لبحث (ح) أنه حبل السائبة (لا متغيرًا) عطف على ندى (ولو ريحه) خلافًا لابن الماجشون قال ابن كمال باشا من الحنفية: لا بد من التجوز في قولهم تغير ريح الماء؛ إذ الماء لا ريح له أصالة أي: فالمراد طرو ريح عليه قلت: وأثبتوا للماء هنا لونًا وهو الحق لا قولهم: لا لون له يتلون بلون إنائه، فإن ذلك في المرآى لشفافيته ولونه من البياض بالمشاهدة، وقول السيدة عائشة:"ما هو إلا الأسودان الماء والتمر" تغليبًا لتمر أو للون إنائهم (الخفي) خلافًا لسحنون ويكفي ظن التغير كما في

ــ

جرى على قوله: أو شك في ضرر مغيره كما لـ (عب)، ومن الدباغ أواني أهل البادية التي يغلب عليها الدهان وأواني الزرابية (قوله: خلافًا لبحث الحطاب)؛ لأن الدباغ محيط بجميع الماء ملازم له بخلاف حبل السائبة فإنه غير ملازم، وإنما يماس جزءًا واحدًا والتغير البين معه قليل تأمَّل؛ (قوله: خلافًا لابن الماجشون) في إلغائه التغير بالريح مطلقًا (قوله: ذلك)؛ أي: تلونه بلون إنائه (قوله: ولونه من البياض بالمشاهدة) فلا يقال: يمكن أن قولهم: تغير لونه تجوز كالريح (قوله: تغليب) فلا يرد قولنا: إن لونه البياض (قوله: لتمر)؛ أي: لنوع منه وإنما غلب؛ لأن المطعوم أشرف (قوله: خلافًا لسحنون إلخ) الذي في ابن ناجي على الرسالة أنه أخذه ابن رشد من قول سحنون: من توضأ بماء تغير شديدًا أعاد أبدًا. فإن هذا جاء في غير الريح إذ

ــ

وفي كلٍ بحضر أو سفر وفي كل دباغًا أو لا، تؤخذ كلها من المتن فإن زاد الدبغ على الحاجة ألحق غيره، وألحقوا بالدباغ الدهانات التي في أواني أهل البادية التي يغلب عليها ذلك، وأصل الاغتفار المشقة وعسر الاحتراز (قوله: ولو ريحه) ما قبل المبالغة تغير اللون والطعم لا أثر لتغير رقته بثخن ولا سيلانه بلزوجة، حيث لم تتغير الأوصاف التي عول عليها الشارع في قوله:"خلق الله الماء طهورًا لا ينجسه إلا ما غير لونه، أو طعمه، أو ريحه". نعم إن غلب غير الماء حتى أخرجه عن المائية عرفًا ضر ولو من أجزاء الأرض كالتراب؛ لأنه يصير من قبيل الخضخاض، ويؤخذ ذلك مما يأتي في مسألة الريق في ماء الفم (قوله: التجوز) استعارة بجامع طرو ريح، أو مرسل في جزء معناه إذ حقيقة التغير ذهاب ريح، وحدوث ريح فأريد الثاني فقط (قوله: لتمر) بالتنكير؛ لأنه ليس كل تمر أسود، وغلبته لشرف المأكول على المشروب (قوله: ما في

ص: 64

الحاشية، ولا يعول على مـ في (عب)(مفارق غالبًا ولو روث ماشية بغدير) ولا يشترط كونه بينًا على المعروف خلافًا لما يوهمه الأصل (أو دخانًا) ولو لكبريت ونحوه من أجزاء الأرض فيضر كما قاله (عب) آخرًا، واعتمده شيخنا من التنظير وقالا: إن تغير الماء من إناء مبخرة بعد ذهاب الدخان منه من المجاور تبعًا لـ (عج) وقد يقال: الإناء اكتسب الريح وهو ملاصق (وحكمه) في الطهارة وعدمها (كمغيره)، (وينجس غير الطهور بنجس قل) قال (ح) في التنبيه الخامس بعد قوله:

ــ

ليس في كلامه ما يدل على خصوصية الريح (قوله: مفارق غالبًا) بأن لا يكون من مقره ولا من ممره، ومنه التغير بنشارة الأرز والكتان كما لابن رشد خلافًا لمن قال: إن نشارة الأرز كحبل الاستقاء (قوله: ولو روث إلخ) أي: ولو كان المفارق روث إلخ وأولى بول (قوله: بغدير) واحد الغدران والغدر كصرد قطع الماء يغادرها السيل؛ أي: تركها؛ لأنها تغدر بأهلها عند الحاجة (قوله: على المعروف) كما في (ح)(قوله: أو دخانًا) ولو لم يكن التغير بينًا خلافًا للبساطي في المغني؛ لأنه من التغير بالمخالط وقوله: ولو بكبريت ما قبل المبالغ ما إذا كان الدخان لما ليس من أجزاء الأرض كالمصطلكى، والعود (قوله: فيضر) لأن الدخان ليس من أجزاء الأرض وهو من باب المخالط (قوله: إن تغير الماء) أي: ريحه وإلا ضر قطعًا (قوله: وهو ملاصق) فيجري فيه الخلاف السابق (قوله: في الطهارة) إن كان المغير طاهرًا أو مشكوكًا في طهارته كما لـ (لح) استظهارًا لما يأتي أنه إذا شك في نجاسة المصيب لا يجب غسل ولا نضح، ونظر فيه في التوضيح فأراد بالطهارة الصفة الحكمية، وقوله: وعدمها، أي: عدم الصفة المذكورة، وبهذا يندفع ما يقال: إن المتغير بالنجاسة بالفتح وهو عين النجاسة نجس بالكسر بمعنى متنجس لا عين النجاسة، أو المراد حكمه كمغيره من حيث مطلق الطهارة والنجاسة؛ تأمل (قوله: نجس قل) إذا كان يتحلل منه شيء لا كالعاج، ولذلك حكم بطهارة زيت وجدت فيه فأرة يابسة؛ لأن يبسها دليل أنها لم تمت فيه فلا يكفي مجرد الملاقاة قاله في النوادر عن سحنون، والمذهب خلافه

ــ

(عب)) من اشتراط قوة الظن وقد سبق ذلك (قوله: أو دخانًا) مازج الماء كأن صب في الإناء ودخان البخور فيه، وأما دخان يأتي على سطح الماء فمن الملاصق.

ص: 65

وحكمه كمغيره إذا حلت النجاسة في الماء ولم تغيره ثم إضافة نحو لبن: فطاهر وإن تقدمت الإضافة فنجس. نقله عن اللخمي وغيره وقلت في ذلك:

قل للفقيه إمام العصر قد مزجت

ثلاثةٌ بإناء واحد نسبوا

لها الطهارة حيث البعض قدم أو

إن قدم البعض فالتنجيس ما السبب؟

وشمل قولي: بنجس قل دون الدرهم من دم فالمعول عليه قصر العفو على الصلاة كما في (ح) عند قوله: وينجس كثير طعام إلخ، وظاهر أن الجامد بحسبه وهل القملة تنجس العجين الكثير؟ وهو الأقوى حيث لم تحصر في محل أو يقاس على محرم جهل عينها ببادية فلا يحرم نساء تلك البادية كما في (ح) نقل الأصل عن شيخه لو قيل بالعفو عما يعسر لحسن كما أفتى به ابن عرفة في روث فأرة البرزلي للضرورة، أو للخلاف في طهارته وفي السؤال وهي كثيرة، وروثها غالب فطبخ طعام فوجد فيه. ابن القاسم: من فرغ عشر قلال سمن في زقاق ثم وجد في قلة فأرة ميتة لا يدرى في أي الرقاق فرغها تنجس الجميع، وليس من باب الطعام لا يطرح بالشك؛ لأن

ــ

كما في الطراز، وعدم ترطيبها لأن الزيت يدبغ به (قوله: وإن تقدمت الإضافة فنجس)؛ لأنه ليس له قوة الدفع عن نفسه (قوله: قصر العفو)؛ أي: فيما دون الدرهم (قوله: وظاهر أن الجامد بحسبه)؛ أي: فلذلك لم يذكره (قوله: وهو الأقوى) تقديمًا للحظر على الإباحة (قوله: حيث لم تحصر في محل) وإلا تنجس ما حصرت فيه فقط (قوله: أو يقاس إلخ)؛ أي: فلا ينجس العجين (قوله: الأصل إلخ) مقابل لما أفاده عموم الكلام السابق من التنجيس ولو لم يمكن الاحتراز (قوله: كما أفتى إلخ) تقوية لما قاله الأصل، وفتوى ابن عرفة ضعيفة كما في الحاشية عند قوله: وينجس كثير طعام إلخ، قال البليدي: ونظيره ترخيص سحنون في رجيع الدواب في الزرع ولو محرمة (قوله: للضرورة إلخ) الأولى الاقتصار على قوله للضرورة؛ لأن الفأر الذي لا يصل للنجاسة المذهب إباحته فلا معنى لذكر الضرورة

ــ

فإن كان بغطاءٍ محكم فمجاور. (قوله: أو للخلاف) اعترضه شيخنا بأن الفأر إذا لم يصل للنجاسة مباح الأكل روثه طاهر على المذهب. وإن وصل نجسٌ كالجلالة

ص: 66

ذاك في طرو النجاسة وهي هنا محققة ولما لم تتعين تعلق حكمها بالكل وهو المشهور، ولو أدخل يده في أواني زيت ثم وجد في الأولى فأرة فالثلاثة الأول نجسة ابن عبد الحكم. وكذا الباقي ولو مائة وهو وجيه، وقال أصبغ: ما بعد الثلاثة طاهر.

قال (ح): والظاهر الطهارة إن ظن زوال النجاسة لقول المصنف: وإن زال عين النجاسة بغير المطلق لم يتنجس ملاقي محلها قلت: هذا مبني على عدم النجاسة بمجرد الملاقاة؛ فتدبر. (وضر حبل الاستقاء وإناء غير أرضى) كالجلد والخشب (إن تفاحش) عرفًا والذي من أجزاء الأرض لا يضر مطلقًا وقد سبق (لا ورق شجر أو تبن بغدر أو بئر يعسر حجبها) ولا خصوصية لبئر البادية في الأصل، ومن باب أولى لا يضر شجرة

ــ

فيه، والذي يصل كالجلالة بلا خلاف؛ تأمل (قوله: لأن ذاك) أي: عدم طرح الطعام بالشك (قوله: في طرو النجاسة) يعني إذا كان الشك في طرو النجاسة (قوله: تعلق حكمها) لأن تعلقها بالبعض ترجيح بلا مرجح (قوله: وهو وجيه) لأن غير الطهور ينجس بمجرد الملاقاة (قوله: على عدم النجاسة بمجرد الملاقاة) وهو خلاف المذهب (قوله: حبل الاستقاء) ولا مفهوم للسائبة في الأصل على ما أفاده (ح) وغيره، وإن قال ابن فرحون عن بعضهم: إن حبل غير السائبة يمكن الاحتراز منه بربط حبل قديم في الدلو بقدر ما يلاقي الماء (قوله: إن تفاحش) شرط في الأمرين قبله (قوله: عرفًا) بأن يعرفه الخاص والعام (قوله: أو بئر)؛ أي: ماء بئر (قوله: يعسر حجبها) بأن كثر السقوط أو ساوى عدمه (قوله: ولا خصوصية إلخ) بل المدار على عسر الاحتراز كما لـ (ح)(قوله: لا يضر شجرة إلخ) وكذلك ما طويت به من خشب أو حشيش،

ــ

فأين الخلاف؟ قال: فالصواب الاقتصار على الضرورة. أقول: يجاب بحمله على صورة الشك في وصوله لنجاسة على أصل اختلاف العلماء عند تعارض الأصل. والغالب فإن الأصل الطهارة لإباحة الفأر لكن يغلب عليه النجاسات وإن كان المذهب الثاني، راعينا الخلاف للمشقة. وكثير من العلماء يقدم الأصل وهو لم يقيد الخلاف بالمذهب. (قوله: غدر) كصرد كما في (القاموس) جمع غدير ويجمع أيضًا على غدران كما في (القاموس) أيضًا و (المصباح) وذكروا في كتب

ص: 67

في أصل الماء تغير بعروقها كما في (ح) مثمرة أو لا (وماء الفم ينظر فيه لممازجة الريق) فإن حصلت ضر ليسارة الماء جدًا وعليه يحمل كلام أشهب وإلا فلا، وعليه يحمل كلام ابن القاسم، فالحق أن الخلاف لفظي كما في (ح) و (ر) فليست هذه من مسألة الموافق؛ لأن تلك جزم فيها بالمخالطة، وهذا أولى ما يقال.

(تنبيه): في (شب) هنا تشديد زائد في قلب الورق بالريق حتى نقل عن ابن العربي يخشى منه الكفر، ولا يبلغ هذا الحد فقد اغتفر الشافعية مثل ذلك (والوجه تقدير الموافق) للماء (مخالفًا) واعتراض (ابن عرفة) على (ابن الحاجب) بأن هذا التقدير قلب للحقائق، كالمتحرك ساكنًا مردود بأن المستحيل القلب بالفعل لا

ــ

ووقع في السؤال تقييده بأنه لا يوجد غيره قال شيخنا: وينبغي اغتفاره بعد الوقوع مطلقًا (قوله: مثمرة أولًا) خلافًا لمن قال: تقطع مطلقًا ولمن قال: تقطع غير المثمرة (قوله: وماء الفهم)؛ أي: الذي جعل في الفم، وأما إذا وقع منه البصاق فلا بأس به كما في التهذيب إلا أن يكون كثيرًا بغير الماء كما لابن يونس (قوله: ينظر فيه للممازجة) أي: دون التغير (قوله: ليسارة الماء)؛ أي: فربما كان المخالط أكثر فلم ينظر للتغير ونظر لمجرد الممازجة (قوله: وإلا فلا)؛ أي: وإلا تحصل الممازجة فلا تضر (قوله: كلام ابن القاسم)؛ أي: بأنه يتطهر به (قوله: كما في (ح) إلخ) ومثله في القلشاني على الرسالة عن ابن رشد (قوله: فليست هذه إلخ) تفريع على جعل الخلاف لفظيًا في حال (قوله: من مسألة الموافق) حتى يرد أنه لا وجه للتردد مع وجود النص (قوله: جزم فيها بالمخالطة)؛ أي وهذه لم يجزم فيها بالمخالطة (قوله: أولى ما يقال) في الجواب (قوله: في قلب الورق)؛ لأنه مستقذر (قوله: تقدير الموافق إلخ)؛ أي: إذا خالط الماء شيء موافق له، ولم يغيره لموافقته له ولو قدر مخالفًا لغيره فالوجه تقديره مخالفًا وله حكمه (قوله: القلب)؛ أي: الانقلاب.

ــ

النحو شذوذ فعل بضمتين في فعيل وصفًا كـ (نذير ونذر)، وإنما هو مقيس في الأسماء كما قال في الخلاصة وفعل لاسم رباعي بمد، وغدير وصف بمعنى فاعل قالوا: يغدر بأهله عند الحاجة له، أو بمعنى مفعول غادره؛ أي: تركه السيل ونحوه (قوله: مثمرة أولًا) خلافًا لمن قال: غير المثمرة تقطع فإن بقيت ضرت (قوله: ليسارة الماء جدًا)؛ أي: لكونه في الفم وكثرة مادة الريق. فإذا تسلط عليه، ومازجه غلبت الريقية على المائية فلا

ص: 68

التقدير الحكمي بأن يحكم له بحكمه، وهذا خير مما أطال به (عب) وما جعلناه الوجه تبعنا فيه ما ارتضاه شيخنا في قراءة (عب) وهو الذي طرح به الأصل وطوى مقابله وإن اعتمد في الحاشية (وشب) خلافه تبعًا لابن عبد السلام قائلًا: المخالف لا يضبط والشريعة السمحاء تقتضي طرح ذلك كما في (ح) قال: وأجاب في توضيحه بحمله على الوسط ومن فروع المسألة أن يتغير بما لا يضر، ثم يطرأ مفارق موافق له فيقدر عدم الأول، نعم في (حش) عن ابن مرزوق كغيره أن التقدير فيما جنسه مخالف، أما الموافق أصالة فبأي شيء يلحق كماء الزرجون: -بفتح الزاي- حطب

ــ

(قوله: وإن اعتمد)؛ أي: المعتمد ويوزع (قوله: لا يضبط) ففي الإلحاق بأمر دون آخر تحكم. (قوله: على الوسط)؛ أي: وهو أمر مرجح فلا تحكم (قوله: بما لا يضر) كالمغرة. (قوله: موافق له)؛ أي: لما لا يضر (قوله: فيقدر عدم الأول) وذلك؛ لأن الدم مخالف فلا معنى لتقديره مخالفًا (قوله: نعم في الحاشية) استدراك على جواب التوضيح (قوله: فيما جنسه مخالف)؛ أي: والموافقة طارئة عليه، ومن ذلك بول نزل بصفته فيقدر ببول معتدل المزاج كما لابن مرزوق؛ لأن البول من حيث هو ذو صفة مخالفة. (قوله: فبأي شيء يلحق) إذ الوسط غير معلوم والإحاطة بجميع الأجناس متعذرة، فالظاهر كما لابن مرزوق أن يقال في هذا بما قاله ابن عبد السلام

ــ

يغسل به لمعة مثلًا، فالمراد بالممازجة: الامتزاج الكثير الغالب كما تفيده صيغة (المفاعلة). (قوله: أطال به (عب))؛ حيث سلم استحالة التقدير في الذوات، قال: وهذا في الأحكام ثم قدر مثل مضافًا محذوفًا على أنه مفعول ثانٍ في الحقيقة لتقدير وصعَّب العبارة. (قوله: على الوسط) يقال مقتضى ما سبق من إلغاء الشك الاقتصار على الأدنى المحقق فإنه لو بقيت فيه رائحة الأدنى لم يلحق بما فوقه فيتأمل. (قوله: جنسه مخالف) دخل فيه بول نزل بصفته من ضعيف المزاج فيلحق بجنس البول خلافًا لما في (عب)(قوله: فبأي شيء يلحق) قيل: فيرجع فيه لقول ابن عبد السلام كما في (كبير الخرشي) وظاهره ولو كثر الزرجون على المطلق جدًا مع أن الحكم للغالب فيلزم التطهير بالزرجون، فالظاهر اعتبار الغلبية تخريجًا من فرع ممازجة المائية الريق للماء السابق، ويبقى النظر عند التساوي، ومقتضى

ص: 69

العنب قال:

أما بيوت النحل بين شفافهم

منضودةٌ أو حانة الزرجون

وظاهر أن الشك في التغير لا يضر في نفس المخالف فضلًا عما نحن فيه، فالنظر عند ظن التغير أو علمه لو خالف ولا يهولن تشتيتهم هنا، وأصل المسألة توقف لابن عطاء الله، وإياه تبع ابن الحاجب وجعل (عب) وغيره موضوعه قدر آنية الطهارة

ــ

كما في كبير الخرشي. (قوله: بفتح الزاي)؛ أي: والراء كما في كتب اللغة وفي الشبرخيتي بسكون الثاني (قوله: قال: أما بيوت) البيت لابن سنا الملك مؤلف ونسبه الشهاب الخفاجي في الريحانة لصرد من قصيدة:

أكذا يجازى ود كل قرين

أم هذه شيم الطباء العين؟

قصّوا عليَّ حديث من قتل الهوى

إن التأسي روح كلِّ حزين

إلى أن قال:

ووراء ذيَّاك المصلى موردٌ

حصباؤه من لؤلؤ مكنون

أما بيوت النحل إلخ وبعده:

ترمي بعينيك الفجاج مقلِّبًا

ذات الشمال بها وذات يمين

لو كنت زرقاء اليمامة ما رأت من بارقٍ حيًّا على جيرون

(قوله: إن الشك في التغير)؛ أي: على تقديره مخالفًا. (قوله: ولا يضر إلخ) خلافًا لجعل (ح) له من محل النظر (قوله: عند ظن التغير) وأما إن نعلم عدم التغير أو ظن أوشك فطهور (قوله: آنية الطهارة)؛ أي: الكبرى وللمتوضئ. (قوله: ورده (شب)) بأنه فرض مثال فإنه إذا كان الموضوع ظن التغير، أو علمه فلا فرق بين قليلٍ وكثير كان المخالط أقل، أو أكثر، أو مساويًا، وسيأتي أن ما دون آنية الوضوء إذا حلته نجاسة ولم تغيره طهور. (قوله: وكره إلخ) أي: تنزيهًا خلافًا لابن رشد ولا إعادة

ــ

الفاء الشك السابق أن لا يضرّ؛ فتدبر. (قوله: تشتيتهم) كقول (عب): الصور

ص: 70

قال: والأزيد طهور قطعًا والأقل مضاف قطعًا، وتبع ظاهر فرع (سند) ورده (شب) فمن ثم قال شيخنا في قراءته: الوجه أن النظر عام كما فرضه بعضهم (وكره مع وجود الغير) وإلا وجب استعماله ولا يجتمع وجوب وكراهة، قالوا: يجمع ماء عضو لآخر عند العدم وهل يخلط الماء بغيره مما لا يغير ليكفيه؟ الأظهر لا يجب عليه ذلك ابتداء خصوصًا في النجس وبعد الوقوع يستعمله (قليل كإناء غسل) ولو بالنسبة

ــ

أصلًا على مستعمله كما لـ (ح) استظهارًا، وقال الشافعي وأبو حنيفة بالحرمة لنا قوله تعالى:{فإن لم تجدوا ماء} الآية وهذا واجد له، وقوله:{وأنزلنا من السماء مًاء طهورًا) وهو ما كان طاهرًا في نفسه ومطهرًا لغيره؛ لأن طهور من صيغ المبالغة كسيف قطوع، ورجل ضروب؛ وقوله: {وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به} فأطلق الوصف له بذلك، ولم يقيد بحال دون حال؛ فثبت له الطهورية أبدًا ما لم يمنع من ذلك دليل، وقد وافق المخالف على أن الاستعمال في غير الحدث لا يسلب الطهورية، فكذلك معها؛ لأنها لم تؤثر فيه، مثلًا ألا ترى النجاسة؛ تأمل. (قوله: ولا يجتمع إلخ) لاتحاد الجهة فلا يرد الصلاة في المكان المغصوب، ولو عبر بالطلب لشمل غير الواجب، وكأنه أراد الوجوب الوضعي. (قوله: قالوا) قاله أبو محمد وغيره، وإنما نسبه لمخالفة ابن يونس؛ لأنه معارض لما يأتي من أنه لا يمسح رأسه ببلل لحيته كما لمالك في المدونة، وأجيب بأن المنع لقلته لا لكونه مستعملًا لكن في (ح) الأكثر على حمله على الكراهة عند وجود الغير، وحينئذ فهو مؤيد لما قبله من الوجوب (قوله: الأظهر إلخ)؛ لأن الأحكام إنما علقت بالمطلق فقط. (قوله: وبعد الوقوع إلخ)(ح) عند قوله: وفي جعل المخالط إلخ تردد سند فيمن وجد من الماء دون كفايته فخلطه بماء زرجون أو غيره مما لا يتغير به هل

ــ

تسع؛ لأنا لماء إما قدر آنية الوضوء أو أقل أو أكثر، وقول بعضهم في كل من التسع إما أن يجزم بالتغير على تقدير المخالفة أو يظن أو يجزم بعدمه أو بظن أو يشك فينتهي لخمس وأربعين فلا حاجة لهذا التطويل لظهور ما قال وسيقول لا فرق بين قلة الماء وكثرته (قوله: ولا يجتمع) مع اتحاد الجهة؛ لأن الوجوب يقتضي مدح الفعل وذم الترك والمكروه بالعكس؛ لهما على طرفي نقيض (قوله: خصوصًا في النجس) لمنع الانتفاع به.

ص: 71

للمتوضئ لأن الغرض بيان قلة الماء في ذاته كما قال (ر) وغيره وعدلت عن قوله آنية لاعتراضه بأنه جمع (مستعمل متوقف على طهور) ولو غسل ذمية من الحيض ليطأها زوجها فإنه رفع حدث في الجملة أو غسلة ثانية أو ثالثة لأنهما من توابع رفع الحدث حتى قال القرافي: ينوي أن الفرض ما أسبغ من الجميع والفضيلة الزائد ففي الجملة الكل طهارة واحدة والخبث كالحدث لا نحو رابعة وغسل ثوب طاهر مما لا يتوقف على طهور (في مثله) متعلق بكره؛ أي: مثله في التوقف على طهور (إلا وضوء غير واجب) فلا يكره المستعمل فيه على الأظهر من التردد في الأصل (وفي الغسل تردد) ولم نرجح عدم كراهة مائه كالوضوء لعموم أعضائه فالمراد الغسل الغير الواجب بقرينة ما قبله *تنبيهات* الأول عللت الكراهة بأنه أديت به عبادة فأورد عدم كراهة تراب التيمم وأجيب بأن علوق الماء أشد ومن تأمل علم أن صعيد

ــ

يتطهر به؛ لأنه ماء لم يتغير أو لا يتطهر به؛ لأنه تطهر بغير الماء جزمًا به قال: والظاهر أنه لا يتطهر به. اهـ. (قوله: في ذاته)؛ أي: لا بالنسبة للمستعمل (قوله: متوقف)؛ أي: في متوقف (قوله: ولو غسل ذمية) كما لـ (الحطاب) خلافًا لجعل أحمد له من محل التردد (قوله: في الجملة)؛ أي: بالنسبة لبعض الأحكام وهو الوطء. (قوله: لأنهما من توابع إلخ) فالجمع له حكم الطهارة الواحدة (قوله: حتى قال) غاية لرفعهما الحدث (قول: ينوي أن الفرض) لئلا يترك من الأولى شيئًا فيلزم غسله بنية الفضل، ومثل هذا العبد الحق في نكته عن بعض شيوخه. (قوله: لا نحو رابعة)؛ أي: فلا يكره ما استعمل فيه كما يفيده سند والقرافي. وهذا محترز متوقف على طهور وهذا ما لـ (ح) وكبير الخرشي وارتضاه المحشي (قوله: في التوقف على طهور) وإن لم يصل به كالأوضئة المستحبة، وإزالة النجاسة كما لـ (ح) خلافًا للشيخ أحمد الزرقاني، وزرُّوق؛ تبعًا لابن راشد. بناه على أنها تزال بكل قلاع. (قوله: فأورد إلخ) وأورد أيضًا الوضوء المجدد، وأن من أعتق نصرانيـ ولحق بدار الحرب ثم أسره فأسلم فإنه يجوز له أن يعتقه عن عبادة أخرى (قوله: بأن علوق الماء إلخ)؛ أي: فاجتمع فيه تأدية العبادة، والعلوق فأشبه المضاف، ولا تخلوا الأعضاء عن أوساخ

ــ

(قوله: لأن الغرض) أي: في تحديد القلة بآنية الغسل فلا تقيد العبارة بالمغتسل حتى تكون كثيرة بالنسبة للمتوضئ (قوله: فإنه رفع حدث في الجملة) يعني:

ص: 72

التيمم كالماء المغترف منه لمسح الرأس لا المستعمل وبأنه رفع به مانع والفرق بينهما ما أفاده (ح) في التردد أن هذا يشمل غسل الذمية من الحيض؛ لأنها لم تؤد عبادة وبأنه ماء ذنوب ورد بأنها أمور معنوية قلنا: لكن لها ارتباط بالماء الذي لابسها وكفرها شرعًا حتى كثرت حكاية أهل الكشف عن ذلك، وقد نهوا عن آبار ثمود، ونحوها؛ لأنها مياه عصاة وقيل: للخلاف في طهوريته، أو لعدم أمن الأوساخ، أو لعدم عمل السلف. * الثاني* لو جمعت مياه قليلة مستعملة فكثرت هل تستمر الكراهة؟ ؛ لأن ما ثبت للأجزاء ثبت للكل وهو ما لـ (لح)، وابن الإمام التلمساني، واستظهر ابن

ــ

(قوله: لـ (لح) كالماء المغترف إلخ) وهو لم تؤد به عبادة وإنما خص مسح الرأس ليكون كلٌّ من المقيس والمقيس عليه من واد واحد في اشتراط النقل. (قوله: رفع به مانع) وهو الحديث. (قوله: إن هذا يشمل)؛ أي: دون ذلك، وأيضًا هذا لا يشمل الوضوء لزيارة الأولياء (قوله: أمور معنوية)؛ أي: لا أجسام تحل في الماء. (قوله: وكفرها) عطف تفسير. (قوله: شرعًا) تمييز لقوله ارتباط (قوله: مياه عصاة)؛ أي: والمعاصي لم تكن بالماء. (قوله: وقيل للخلاف) وإنما لم يكره كل ما لم يبلغ القلتين مع أن خلاف (الشافعي) فيه، كأنه لأن الخلاف فيما دونهما أقوى؛ لأنه داخل المذهب. فإن قلت: المجتهد لا يقلد غيره فالجواب: أن معنى مراعاة الخلاف مراعاة ما قوي دليله، ففي الحقيقة عن عمل بمقتضى الدليلين فتأمل (قوله: مستعملة)؛ أي: في حدث، أو بعضها في حدث وبعضها في خبث. (قوله: لأن ما ثبت إلخ) فيه أن علة

ــ

بالنسبة للوطء وهذا تعليل لإدراجة هنا وعدم استثنائه مع ما استثنى بعد (قوله: أديت به عبادة) أي: فضعفت طهوريته (قوله: إن هذا يشمل) لم يتعرض للفرق بعدم شمول هذه الأوضية الندوبة بخلاف الأول كأنه لما سبق عن شيخه في تعريف الطهارة من إدراج رفع خلاف الأولى في الإباحة وهي رفع المنع؛ فليتأمل (قوله: وكفرها) عطف تفسير على لابسها، فقد تخرج الذنوب مع قطرات الماء (قوله: أهل الكشف) كالشعراني عن شيخه الخواص، قيل: وإنما اختلفت الروايات عن أبي حنيفة في الماء المستعمل هل متنجس أو مضاف؟ لاختلاف الذنوب فكبائر الفواحش تنجس. وفيه أن الأحكام الشرعية إنما تبنى على الأدلة الفقهية، وقضايا الكشف واقعة عين لا تبنى عليها أحكام كلية، فتدبر (قوله: للخلاف في

ص: 73

عبد السلام نفيها قيل: وعليه فالظاهر لا تعود إن فرق؛ لأنهها زالت ولا موجب لعودها، وقد يقال: له موجب وهو القلة، والحكم دائر مع العلة ويجزم به إذا كانت الكثرة بغير مستعمل ويقال: نظير هذا في قليل بنجس لم يغير.

* الثالث* الاستعمال عند أصحابنا بالدلك لا بمجرد إدخال العضو والظاهر الكراهة وإن لم يتم الوضوء؛ لأنه استعمله في حدث عند الاستعمال، واستعمال العضو الثاني لا يؤثر فيما قبله تأثيرًا معقولًا، وتخريجهم على رفع الحدث عن كل

ــ

الثبوت للأجزاء القلة وقد زالت. (قوله: وعليه فالظاهر) بل هو لابن عبد السلام كما في (ح). (قوله: ويجزم به)؛ أي: بانتفاء الكراهة (قوله: نظير هذا)؛ أي: الكلام في المستعمل إذا جمع إلخ (قوله: بالدلك)؛ أي: وبعد انفصاله عن العضو أو قبله وبعد تمام الغسل، وأما قبل ذلك فطهور يجوز أن يستعمل في بقية العضو كما في الفروق، والذخيرة (قوله: لا بمجرد إدخال العضو) خلافًا للشافعية ولو دلكه خارجه ويحتمل أن يقال بالكراهة مراعاة لخلاف الشافعي، وللقول بأن الدلك لإيصال الماء للبشرة، على أن مقتضى مراعاة خلاف الشافعي الكراهة بمجرد الإدخال والأول استظهره (عج)، والمحشى. (قوله: والظاهر الكراهة)؛ أي: خلافًا لـ (عب). (قوله: لأنه استعمله إلخ) فإنه نوى به رفع الحدث. (قوله: واستعمال العضو إلخ) قد يقال إذا لم تتم ظهر أنه لم يرتفع به حدث، والأظهر أنه افترع (قوله: وتخريجهم إلخ)؛

ــ

طهوريته) خلاف الشافعية فيما دون القلتين كأنهم رأوا الخلاف في القليل أقوى (قوله: ابن الإمام التلمساني) من شراح ابن الحاجب (قوله: قيل وعليه) بناه لما لم يسم فاعله فيصدق بكون القائل غير ابن عبد السلام على ما هو ظاهر (عب) أو نفس ابن عبد السلام على ما قال شيخنا (قوله: عند أصحابنا) يشير إلى خلاف الشافعية، فلذا احتاجوا إلى نية الاغتراف عند أول وضع في الغسل، وعند غسل اليدين الفرض بعد غسل الوجه لوجوب الترتيب عندهم، وأما جسد الجنب فكعضو واحد فإن لم ينو عند غسل الوجه طهارة الوضوء من حيث هي بل خص كل عضو بنية عند غسله لم يحتج لنية اغتراف عندهم (قوله: بالدلك) يعني داخل الماء لا بعد إخراج العضو منه فيما يظهر، وإن كفى في فرضية الدلك فإنما هو بمنزلته مع الماء في الأجزاء فقط خلافًا لـ (عب) (قوله: تأثيرًا معقولًا) يشير إلى

ص: 74

عضو بانفراده أولًا غير ظاهر فإنا إذا قلنا: لا يرتفع إلا بالأخير لا يكره ماء غيره ولو جمع هو خلاف ما في (عب) وغيره على أن هذا الخلاف لا تصح حقيقته، إذ القائل بالرفع عن كل عضو بانفراده يقول إنما تتم الطهارة بالجميع وهو الذي يعنيه الثاني (أو مخلوط) عطف

ــ

أي: تخريجهم الكراهة على هذا الخلاف، وأننا إن قلنا: يطهر كل عضو بانفراده يكره وإن لم تتم، وإن قلنا: لا يطهر إلا بالأخير لم يكره غير الأخير حتى تتم. (قوله: لا يكره ماء غيره)؛ لأنه لم يرتفع به حدث. (قوله: وهو خلاف ما في (عب)) فإنه صراح بكراهة ماء غير الأخير إذا استعمله بعد تمام الطهارة، وهي تفرقة لا وجه لها فإنه على كل حال لم يرتفع به حدث. (قوله: يقول إنما تتم إلخ)؛ أي: فبعد التمام كشف الغيب أن الحدث قد ارتفع عن كل عضو بغسله، ولو كان المراد حقيقته ما صح القول بفورية الوضوء ولجاز له مس المصحف قبل كمال طهارته بالعضو الذي غسله؛ لأنه قد ارتفع عنه الوصف. قال ابن العربي: وقد أجمعت الأمة على منع من غسل وجهه ويديه من مس المصحف قبل تمام وضوئه، فقد بطل هذا اللازم فبطل ملزومه (قوله: وهو الذي يعنيه الثاني)؛ أي: أن القول بأنه لا يرتفع عن كل عضو بانفراده معناه أنه يتوقف على تمام الجميع لا أنه لا يرتفع إلا بالأخير وإلا لزم أن من بال بعد أن غسل رجله اليمنى وقبل غسل اليسرى أنه يغسل اليسرى فقط ولا يعيد الوضوء من أوله وذلك أنه لم تحصل الطهارة. (ح) فلا معنى لنقضها، وهذا شيء لا يقال به ولا بد من إعادة الوضوء من أوله، وأيضًا لو قطعت رجلاه بعد مسح رأسه مثلًا كان وضوءه تامًا وكان الماء مستعملًا، وكذا إذا عدم الماء؛ تأمل. (قوله: أو مخلوط إلخ) هذا رواية المدنيين عن مالك، وهي المذهب، وذهب إلى هذا القاسم بن محمد، وسالم، وسعيد بن المسيب، وخلق كثير من التابعين، وقال الشافعي بنجاسة كل ما لم يبلغ القلتين لنا قوله تعالى:{وأنزلنا من السماء ماء طهورًا} وقوله: {وينزل من

ــ

بعد تكلف التأثير بأنه بالتمام يتبين أنه قد استعمل في حدث وبعدمه عدمه (قوله: وهو الذي يعنيه الثاني) أي: القائل لا يرتفع إلا بالأخير أي: لا يتم ولم يرد نفي أصل الرفع بالمرة، كيف وإن حصل ناقض يقال: بطل ما فعل فيقتضي أصل الصحة، وإن

ص: 75

على مستعمل فالقلة ووجود الغير مسلَّطان عليه (بنجس قطرة فأعلى لإناء وضوء وفوقها لإناء غسل) ولا تضر القطرة كما حققه (ر)(لم يغير).

ــ

السماء ماء ليطهركم به} ولم يقيد ذلك بحال دون حال فوجب ثبوت الحكم له ما لم يمنع منه دليل وقوله عليه السلام: "الماء طهور لا ينجسه شيء" وقوله: "خلق الله الماء طهورًا لا ينجسه إلا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه" وغير ذلك. إن قلت: فائدة الوصف بأنه طهور أنه لا ينقلب عين نجاسة فلا ينافي منع الاستعمال قلنا: هذا لا يجهله أحد، فإن مجاورة الجسم لغيره لا تقلب عينه عن جنسها فلا فائدة في الإعلام بها، على أنه إذا لم يثبت له هذا مع التغير فأولى مع عدمه، وأما أنه لا ينافي منع الاستعمال ففيه أنه إن كان طهورًا فلا وجه للمنع، وإلا فالخبر يبطله فإنه جعله طهورًا، وأما حديث القلتين فضعيف من طريق النقل؛ لأن من رواته ابن إسحاق وقد تكلم فيه مالك ويحيى بن سعيد القطان وغيرهما؛ وقد قال الإمام أحمد: لا يؤخذ مما رواه إلا في المغازي، ورواه الوليد بن كثير وهو كثير الخطأ، وأيضًا فهو مضطرب المتن، لأن في بعض طرقه "قلتين" وفي بعضها "أربعين" وفي بعضها "قلة"، وهو مانع من التعلق به؛ تأمل (قوله: فالقلة إلخ) وأما الكثير فلا يكره ومثله الجاري فإن انقطعت جريته اعتبر من محل السقوط إلى منتهى الجرية، فإن كان قليلًا كره وإلا فلا، وأما ما قبله فلا كراهة فيه إذ لم تمازجه نجاسة، إلا أن تميل الريح النجاسة فيعتبر غاية الإمالة هذا ما في شروح ابن الحاجب، ووقع لـ (عب) تحريف في النقل (قوله: ووجود الغير) وإلا فلا كراهة على المشهور ولو فرق بعد ذلك حتى صار قليلًا كما لابن فرحون: (قوله: قطرة) قال (عب) و (ك): الظاهر لرجوع فيها لأهل المعرفة

ــ

أمكن جواب (بن) فيما يأتي بأن عدم المنافي شرط صحة في الوضوء. قلنا: بالرفع عن كل عضو بانفراده أولًا لكن ما قلناه أظهر فيرجع الخلاف لفظيًا، وهو في المعنى اتفاق لا يترتب عليه اختلاف حكم، وأما من خرج عليه الخلاف في تخصيص كل عضو بنية فينبغي تأويل كلامه على أن الصحة منظور فيها لاعتبار المبدأ عند كل فعل، وعدمها منظور فيه لتوقف التمام على الجميع مع ثبوت الحالين في نفسهما، ويشير لذلك حديث الموطأ وغيره من خروج خطايا

ص: 76

وعمم في الـ (حش) كراهة هذا في العبادات، والعادات وهو مقتضى مراعاة الخلاف في نجاسته، لكن خصه (عب) بما توقف على طهور، وحمل ابن رشد قول ابن القاسم بنجاسته على الاحتياط لا أنها نجاسة حقيقية وبنى عليه أنه يعيد عنده في الوقت فقط وعلى المشهور لا إعادة، وما خولط بطاهر لم يغير لا كراهة فيه خلافًا لتخريج القابسي، وما دون الوضوء لا ينجس أيضًا إذا لم يتغير وفاقًا لـ (لح) وابن فجلة وخلافًا لـ (تت) و (ر) ناقلًا عن أبي الفضل راشد، لكن أبو الفضل كلامه تخريجٌ من فهمه لا نص صريح فانظره. (أو ولغ فيه كلب وإن علمت طهارة فيه) كما في (ح) عند قوله: وندب غسل إناء ماء إلخ.

(أو شرب منه شريب) فلا بد من الكثرة والنبيذ كالخمر.

ــ

(قوله: وعمم في الحاشية) نحوه لكبير الخرشي عن ابن مرزوق. (قوله: وحمل ابن رشد) ومثله للقاضي عبد الوهاب في شرح الرسالة (قوله: على الاحتياط)؛ أي: التحرز من المتشابه بدليل أنه لم يأمر من توضأ به بإعادة الصلاة. (قوله: لتخريج القابسي)؛ أي: تخريجه لكراهة على القليل الذي حلته نجاسة، ولم تغيره بجامع أن كلًا خولط بما يسلب الطهورية فإنه قياس مع الفارق؛ لأن الطاهر أخف من النجس إذ لا يسلب وصف الطاهرية. (قوله: أو ولغ)؛ أي: أو قليل وجد غيره ولغ إلخ؛ أي: حرك لسانه فيه للخلاف، ولا إعادة على فاعله أصلًا على المشهور والأمر بغسل الإناء للتعبد، وأما ما أدخل لسانه فيه من غير تحريك أو سقط فيه لعابه فلا كراهة. (قوله: كلب) أي: ولو مأذونًا فيه، والمراد بالكلب الحيوان المخصوص لا ما يشمل السبع (قوله: أو شرب منه شريب) ولو مسلمًا كما للخمي؛ أي: وإن لم يكن حاله الشرب كما للناصر خلافًا لبهرام، والكراهة مع وجود الغير؛ لأنه كماء قليل حلته نجاسة، وفي نقل المشذالي عن ابن رشد وغيره الإعادة في الوقت إن توضأ به، هو أحد أقوال ثلاثة كما في (ح) الثاني: يعيد الوضوء لما يستقبل؛ انظره. (قوله: فلا بد من الكثرة)؛ أي: كثرة الشرب كما لابن الإمام، وفي (عج) المراد بالكثرة

ــ

العضو مع ماء غسله (قوله: مراعاة الخلاف) يعني في المذهب، وإلا فخلاف الشافعية فيما دون القلتين، والحنفية في دون العشر في العشر (قوله: يرجع لقوله أو شرب) يعني ليس خاصًا بما قبله بلصقه فقد فهو كالحصر الإضافي فلا ينافى

ص: 77

ولهذين عدلت عن قوله: وشارب خمر (أو أدخل عضوه فيه) ولا مفهوم لليد في الأصل في حاشية شيخنا ويعاد الوضوء لما يستقبل (إلا أن تعلم الطهارة) والعلم عن الفقهاء يشمل الظن (وسؤر ما لا يتوقى نجسًا من ماء) يرجع لقوله: أو شرب منه شريب وما بعده (إلا أن يعسر الاحتراز أو تعلم الطهارة) فلا كراهة (كالطعام مطلقًا) ولو لم يعسر ولا علمت لشرفه فيحرم طرحه في قذر وامتهانه الشديد ويكره غيره كغسل يد لا دواء قدم كحرق تميمة بخورًا خصوصًا إن تعين قرر شيخنا

ــ

ما زاد على المرة كما يفيده ابن الإمام؛ وإلا فلا كراهة خلافًا لما يوهمه الأصل، إلا أن يشرب منه بقرب شربه أو يشك في طهارة فيه فيكره على الظاهر، ومثل الشارب بائعه وكل من يتعاطى النجاسات (قوله: ولهذين)؛ أي: لكونه لا بد من الكثرة وأن النبيذ كالخمر (قوله: عدلت عن قوله شارب إلخ)؛ لأنه لا يفيد الكثرة، ولا أن النبيذ كالخمر (قوله: في حاشية شيخنا) أقول: مثله في أبي الحسن الصغير في سؤر النصراني عن البيان، وقد يقال: لم يأمروه بذلك في القليل الذي حلته نجاسة (قوله: إلا أن تعلم الطهارة)؛ أي: طهارة اليد، أو الفم (قوله: وسؤر ما لا يتوقى إلخ) دخل فيه الأطفال الذين لا يتوقون النجاسة كما في (التلمساني) على (الجلاب)(قوله: من ماء) إنما ذكره مع أنه الموضوع لأجل المفهوم، والتفصيل (قوله: إلا أن يعسر) راجع لخصوص مسئلة السؤر. (قوله: كالطعام مطلقًا) وكذا إذا ولغ فيه كلب. (قوله: وامتهانه) من ذلك لصق النعال به وفي (ميارة) إذا وقع الطعام في قذر وصار لا منفعة فيه فلا حرمة له ذكره عن ابن مرزوق قال المؤلف: والظاهر حمله على ما استحال في القذر وإلا أخرج ودفع لنحو حيوان. (قوله: ويكره غيره) وقال الحنفية: الترمس ما دام مرًا لا يعطى حكم الطعام، وفي البدر عن شرح الشيخ خليل على المدونة كراهة الغسل بالنخالة عن محمد في الرسالة: سحنون: وعن ابن نافع لا بأس به، وسمع أشهب: لا يعجبني غسل الرأس بالبيض. (قوله: لا دواء قدم) كالخميرة التي

ــ

رجوعه لقوله: أو ولغ فيه كلب أو أنه اكتفى بما يأتي فيه آخر إزالة النجاسة من تخصيصه بالماء، وكأنه: صرح بقوله من ماء مع أنه الموضوع ليذكر محترزه الطعام، فرجع قوله:"من ماء" للجميع ليكون محترزه في الجميع، ولو حذف قوله:"من ماء" لتوهم متوهم أن قوله: "كالطعام" تشبيه في الكراهة عسر الاحتراز أولًا (قوله:

ص: 78

مثل الطعام غير المطلق كماء الورد، وقد يقال: لا شرف له والمطلق أقوى إلا أن يراعى شدة إتلاف المال.

(وإن علمت النجاسة فحكمها) أوضح، وأخصر، وأجمع من قوله: وإن ريئت إلخ وقد صوب (ح) ريئت بتيقنت كما نقل الخرشي (واغتسال براكد) أوضح من قوله: وراكد يغتسل فيه فإن ظاهر كراهة الاستعمال الطارئ على الغسل فيه وحملوه على

ــ

توضع على الجرح (قوله: مثل الطعام)؛ أي: في الكراهة (قوله: وإن علمت النجاسة)؛ أي: من الشريب وما لا يتوقى النجس ولو مما عسر الاحتراز منه. (قوله: فحكمها)؛ أي: فإن تغير ما شرب منه أو أدخل فيه عضوه اجتنب، ولا يفرق بين قليل الماء وكثيره وجامد الطعام وغيره (قوله: اغتسال براكد)؛ أي: لخصوص الجنب، قال في التهذيب: ولا يغتسل الجنب في الماء الدائم خلافًا لـ (عب)، وأما الوضوء منه والتناول خارجه فلا كراهة (قوله: الطارئ)؛ أي: دون الأول مع أنه مكروه على أنه حينئذ يكون معلومًا من قوله: وكره ماء مستعمل في حدث إلخ.

ــ

كغسل يد) أخبرني بعض علماء الحنفية أن الترمس ما دام مرًا لا يعطى حكم الطعام عندهم وهو فسحة (قوله: شدة إتلاف المال) لكن كثرة القيمة لا تطرد في كل مضاف (قوله: وقد صوب) أراد بالتصويب ما يشمل الاستحسان وأجيب بأن الرؤية علمية كما شرحناه به لا بصرية (قوله: واغتسال براكد) خرج الجاري فلا كراهة فيه لكن الجرية المعتبرة في نفي الكراهة الدائمة فإن انقطعت الجرية فكراكد، وذكر هذا القيد (عب) في قليل حلته نجاسة من غير تقييد الجرية بالدائمة ثم قال: ويعتبر من محل السقوط إلى منتهى الجرية لا قبلها إلا أن تميل الريح جرى النجاسة لما قبله فيعتبر من غاية ما انتهى غليه إمالة الريح قاله ابن عبد السلام، واستظهره (ح) خلافًا لبحث الآبي معه هذا كلام (عب)، وبحي الآبي هو أنه لا يشترط سريان النجاسة في جميع أجزاء الماء ألا ترى أنها لا تعم الإناء مثلًا، وحاصل أنه فرق بين الجاري الذي يدفع عن أوله والراكد، لكن الدفع ظاهر عند دوام الجزية وإلا فيكفي اتصال أجزاء الماء كما بحث الآبي فأورد على (عب) لما حذف قيد دوام الجرية أن الاعتبار الذي ذكره لا فائدة فيه إذ الحكم بعدم الكراهة على كل حال وتكلف شيخنا تبعًا

ص: 79

أن قوله: يغتسل؛ بيان للمنهي عنه وألحق (ح) بما هنا المياضي التي تتوارد عليها الأعضاء (غير مستبحر ولا ذي مادة كثرت) وإلا جاز والكراهة (وإن لم يكن به أوساخ عند الإمام تعبدًا، وحرم عند ابن القاسم إن كان يسيرًا، وبالجسد أوساخ وإلا جاز بلا

ــ

(قوله: التي يتوارد عليها الأعضاء) والغالب فيها النجاسات فإن تغيرت لم يجز استعمالها وإلا كره، وهذا فيما يطول إقامة الماء فيه لا فيما يفرغ بسرعة، ويجدد له ماء آخر فإنه في حكم الجاري (قوله: ولا ذي مادة) بأن يكون لا مادة له أصلًا أو له مادة قليلة. (قوله) لقوله عليه الصلاة والسلام: (لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب". (قوله: وحرم عند ابن القاسم) لأن العلة عنده انجاس الماء، فإن مذهبه أن قليل الماء ينجسه قليل النجاسة (قوله: وإلا جاز إلخ)؛ أي: وإلا يكن يسيرًا وبالجسد أوساخ بأن كان كثيرًا أو كان يسيرًا ولكن الجسد لا أوساخ به فليس عند

ــ

لـ (عج) فائدة الاعتبار بأن ما بعد السقوط حلته نجاسة، ولكن انتفت الكراهية للجري، لأنه قليل، ولو اعتبر المجموع كان عدم الكراهة للكثرة، ولا يخفى أن هذا لا يختلف به أصل الحكم وأما مع القيد ورجوع هذا الاعتبار لمفهومه فالكلام ظاهر، لكن يقال: دوام الجرية يخرج الماء عن القلة في الفرع السابق ويكون هنا بمنزلة المادة الكثيرة والاستبحار فلذا أعرضت عن هذا القيد هناك، وذكرت الراكد تبركًا بمعنى الوارد في حديث مسلم، والنسائي، وابن ماجه عن أبي هريرة قال صلى الله عليه وسلم:"لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب" قالوا: كيف نفعل يا أبا هريرة؟ قال: يتناوله تناولًا. وهل قيد الجنب خرج مخرج الغالب فمثله غسل جمعة وعيد وهو ما لـ (عب)، أو يقتصر على النص نظير ما سبق من عدم كراهة ما استعمل في الأوضية المستحبة يجري التردد السابق في مستعمل الغسل غير الواجب هنا (قوله: وألحق (ح)) أي: في كراهة الوضوء يعني إذا لم تحدد لها مياه وإلا كانت كذي مادة الآتي (قوله: المياضي) جمع ميضأة والوضوء واوى قلبت في المفرد لسكونها بعد كسرة والتكسير يرد الأشياء إلى أصولها، لكن كأنهم فرقوا بينه وبين مواضي صفة السيوف كما جمع عيد على أعياد لئلا يلتبس بأعواد الخشب (قوله: مستبحر) الظاهر أن الاستبحار بالعرف وقال الإمام محمد المستبحر: كمسجدي هذا فمسحوه

ص: 80

كراهة) عنده (فإن ظن التغير) وأولى علم (منع عندهما) وأخل الأصل في هذا الفرع وشتت شراحه (وساخن بشمس) ولو بدون فعل بخلاف قوله: مشمس فيكره على الأقوى كما في (عب) و (الحش)(في نحاس) قيل: خصوص الأصفر (وبلاد حارة)؛ لأنه يورث البرص فكراهته في البدن ولو بغير طهارة قيل: وتزول العلة إذا برد وبغير شمس لا بأس وأفضلية المشقة حيث تعينت على أظهر ما قالوا (وإن مات

ــ

ابن القاسم حالة كراهة (قوله: منع عندهما) ولو كان ملكه؛ لأن فيه إضاعة المال من غير ثمرة خلافًا لـ (عب). اهـ. مؤلف. (قوله: أخل الأصل في هذا الفرع) وقد حرره في التوضيح وابن مرزوق (قوله: بخلاف قوله مشمس)؛ فإنه يوهم أنه لا يكره إلا ما كان بفعل فاعل (قوله: فيكره على الأقوى)، خلافًا لابن شعبان وابن عبد الحكم وابن الحاجب انظر (ح) (قوله: في نحاس)؛ أي: لا غيره وكذلك مشمس البرك والأنهار ولأنه لا تؤثر فيه الشمس (قوله: قيل خصوص الأصفر) قائلة ابن العربي على ما نقله ابن الإمام؛ لأنه يخرج منه زهومة أكثر، ومقتضى كلام القرافي أنه لا خصوصية له بل مطلق النحاس (قوله: لأنه يورث البرص) لما ينفصل منه من الزهومة فإن جزم به حرم لوجوب حفظ الأجسام. (قوله: فكراهته إلخ) فهي طبية كما لابن فرحون، والحق أن في تركه الثواب لنهي الشارع عما يضر خلافًا له كما لـ (ح) والكراهة ولو لميت؛ لأن فيه إهانة له باستعمال المنهي عنه وأما في الثوب فلا كراهة. (قوله: قيل وتزول إلخ) قاله في شرح المنهج: والحق عدم الزوال لبقاء الزهومة وكذلك لا تزول إذا تسخن بنار) قوله: لا بأس به) إلا أن يكون شديد السخونة وكذلك لا تزول إذا تسخن بنار (قوله: لا بأس به) إلا أن يكون شديد السخونة أو يسخن بنجاسة فيكره. نقله (ح) عن ابن الكدوف، وكذا يكره شديد البرودة لمنافاته الخشوع والإسباغ. (قوله: وأفضلية المشقة)؛ أي: الواردة في "إسباغ الوضوء على المكاره"(قوله: حيث تعينت)؛ أي: فلا دليل فيه على أفضلية الماء البارد على

ــ

عشرًا في عشر (قوله: على الأقوى) وإن احتمل الأصل التشبيه في عدم الكراهة؛ لأنه أتى به بعد الإخراج منها فرجعوه لأول الكلام ولذا عدلت للعطف على المكروهات (قوله: قيل) مرضه؛ لأن كثيرًا عمم (قوله: حارة) كالحجاز ومصر معتدلة إن شاء الله تعالى (قوله: يورث البرص) فالكراهة طبية ويوفق الشرع عليها لحفظ الأجسام (قوله قيل وتزول) مرضه لمخالفة بعضهم فيه والأصوب حيث كانت الكراهة لمعنى صبي الرجوع للطب في ذلك (قوله: تعينت) وإلا فدين الله

ص: 81

آدمي أو نجس الميتة) وهو معنى قوله: بري ذو نفس سائلة وإن هنا أنسب من قوله: إذا (براكد ولم يغير ندب النزح) ولو قبل إخراجه كما في (ح)(حتى تطيب النفس) عرفًا وهو معنى قول الأصل: بقدرهما وفهم منه أنه إذا لم يمت فيه بأن وقع ميتًا أو أخرج حيًا لا نزاح وجسد غالب النجاسة عليها ولو في الطعام خلافًا لـ (لح)؛ لأن هذا ظن لا شكل على أن نحو دبر الفأر نجس قطعًا (وإلا) ينزح.

ــ

السحن، وذلك؛ لأن الله تعالى لم يطلب من عباده المشاق إذ لا قربة فيها لذاتها، وإنما طلب المصالح، وعدم المشقة أقرب للشكر (قوله: أو نجلس الميتة) وأما طاهرها فلا يندب فإن تغير نزح بقدره. (قوله: براكد) لا مادة له كالصهريج كما في التهذيب خلافًا لما نقله ابن مرزوق من الترك، وهو قول ابن وهب، أول مادة كالبئر إلا أن يكبر جدًا ولم يتغير فإن تغير فنجس. (قوله: لم يغير) فإن تغير فنجس قال ابن رشد: وتطهير بئر بنزع ما يذهب تغيرها، وقال أبو مصعب: بكل مائها ومن توضأ به أعاد أبدًا وروى ابن شعبان يعيد في الوقت. انظر: القلشاني، وأفتى ابن عرفة: بأنه إذا امتنع أحد الشريكين من دفع الأجرة فللآخر منعه حتى يدفعها. (قوله: حتى تطيب)؛ أي: يظن زوال الرطوبات بلا حد، وكلما كثر النزح كان أحب إليهم، وينبغي ألا يملأ الدلو مثلًا لئلا تنزل الدهنية من الدلو؛ فتزول فائدة النوح. (قوله: بأن وقع ميتًا) لعدم خروج الرطوبات حينئذٍ، خلافًا لما قاله ابن مرزوق من أنه كما إذا مات به، نعم الطعام كذلك كما للقاضي. (قوله: لا نزح) إن لم يتغير أو يكون بحسده نجاسة والماء قليل، فيكون مًاء يسيرًا حلته نجاسة. (قوله: وجسد غالب إلخ)؛ أي: محمول على النجاسة فيفرق بين قليل الماء وكثيره والتغير وعدمه (قوله: خلاف لـ (لح)) في حمله على الطهارة في الطعام تبعًا لابن رشد. (قوله: لأن هذا ظن إلخ) فإن الغلبة تفيد الظن فليس من باب طرح الطعام بالشك. (قوله: محل دبر الفأر): أي: الذي

ــ

يسر، نعم يكره شديد السخونة لإذهابه الخشوع وتبغيضه العبادة كشديد البرودة مع إمكان غيره، والحمد لله على الحنيفية السمحاء أماتنا الله عليها من فضله ورحمته (قوله: تطيب النفس) والمعتبر النفوس المتوسطة في الأنفة (قوله: وقع ميتًا) هذا أظهر من مقابله لتعليلهم بخروج رطوبات إذا فتح فاه عند الموت طلبًا للنجاة ولذا قالوا: لا يملأ الإناء؛ لأنها على وجه الماء (قوله: دبر الفأر)؛ أي: غالب

ص: 82

(كره وندبت الإعادة ولا تسقط) الإعادة (بصلاة من ظن عدمها)؛ لأنه لم ينو بها الجبر وهذه قاعدة (وإن زال تغير النجس) بلا صب مطلق عليه (فنجس) على حاله على المعتمد مما في الأصل إلا أن لا يجد غيره فيستعمل بلا كراهة كما في 0 الخرشي) وغيره، وقرر، شيخنا ولا غرابة فيه فإنَّ النجاسة ليست ذاتية بل حكمية يصح إثباتها في حالة دون أخرى هذا غاية توجيهه (وبمطلق ولو قل) وتعبير الأصل بكثرة موهم حتى اعترضه البساطي (طهور). تنبيهات* الأول: لو كان التغير بطاهر فالأقوى كما في (ح) الجزم بالطهورية إن زال بنفسه وإن كان فيه خلاف* الثاني: لو زال تغير نفس النجاسة كالبول فنجس جزمًا؛ لأن نجاسته لبوليته لا لتغيره

ــ

يصل للنجاسة (قوله: كره) ولو في العادات كما رواه البناني، وقال ابن القاسم: يحرم كالميتة؛ فإن أصاب ثوبًا ونحوه فقيل: يغسل، وقيل: إن كان رفيعًا لا يغسل وغسل ما عداه. قلشانى على الرسالة، وذكر (سند) وغيره أنَّ الكراهة مع وجود الغير (قوله: وندبت الإعادة)؛ أي: مراعاة لقول الحنفية، وابن القاسم، وسحنون: بوجوب النزح وأنه نجس، على أن ما يخرج من الحيوان باق على وجه الماء فالمستعمل له ملابس له، فلا يقال: هذا ليس أقبح حالًا من الماء القليل الذي حلته نجاسة، ولم يأمروه بالإعادة في الوقت على أنه فد تقدم أنَّ ابن رشد قال: إن ابن القاسم لم يرد حقيقا التنجيس؛ تأمل، وتندب الإعادة أيضًا إذا توضأ بالمنزوح نفسه. (قوله: على المعتمد) وهو قول ابن القاسم عند ابن رشد (قوله: فيستعمل) مراعاة لمن يقول بالطهورية (قول: بل حكمية)؛ أي: أمر اعتباري (قوله: إثباتها في حالة) وهي حالة وجود الغير (وقوله دون أخرى) وهي حالة عدم وجود غيره مراعاة للخلاف. (قوله: موهم) أنه إذا زال بمطلق قليل فيه خلاف مع أنه طهور

ــ

النجاسة كما هو الموضوع فهو جلالة (قوله: قاعدة)؛ أي: في كل من طلب بالإعادة فنسى وهي في المندوبة كما يفيده الجبر لا الواجبة فتكفى؛ لأن ظنه مطابق للواقع كما يأتي في فرع سحنون فيمن نسى مسح رأسه وصلى الخمس إلخ عند قوله: ومن ترك فرضًا أتى به وبالصلاة (قوله: هذا غاية توجيهه) يشير إلى أنَّ المنفى الغرابة الخالية عن الوجه فلا ينافي ثبوت أصل الاستغراب، حيث انفرد هذا بهذا الحكم من بين المياه المتنجسة وكأنَّه للخلاف فيه (قوله: حتى اعترضه) غاية للإيهام

ص: 83

ولا وجه لما حكى عن ابن دقيق العيد من الخلاف فيه كما في (شب) *الثالث: حاصل ما أفاد (عج) وتلامذته والزرقاني، وابن الإمام التلمساني إذا زال تغير النجس بنحو تراب فإن ظن زوال أوصاف النجاسة طهر وإن احتمل بقاؤها غاية الأمر أنها خفيت بالمخالط فنجس وبعد القياس في غير صب المطلق تخريج الفرع من أصله على ما سبق في المخالط الموافق، وقد سبق أن الأظهر فيه الضرر فلذا اعتمدنا هنا بقاء النجاسة تبعًا لـ (عج) و (عب) و (شب) و (الحض) وإن اعتمد (بن) الطهورية ومن بديع الاتفاق أنه عول على ما في (ح) وأن (بمج) أيضًا استند لكلام (ح) والحق أن كلام (ح) فيه تقوية كل من القولين فإنه ذكر أثناء كلامه عن ابن الفاكهاني في شرح الرسالة تشهير عدم الطهورية، وذكر أن ابن عرفة أنكر القول بالطهورية كما يفهم من كلام ابن ناجي في شرح المدونة وكفاك بهذا مستندًا لـ (عج) ومن تبعه ثم عول بعد على ما صدر به عن ابن رشد وغيره من الطهورية وله استند (بن) لكن أصله في السماع في ماء كثير في جب لم تغير الميتة منه إلا ما كان قريبًا منها فلما أخرجت وحرك الماء أو نزح منه المتغير أو ترك الصهريج حتى غلب الماء بنفسه طاب فقد يقال: إن هذا في المعنى من كثرة المطلق؛ لأن غير القريب من الميتة لم يتغير بعد فيضعف تمسك (بن) فلذ لم نعول عليه ليتأمل (ووجب قبول خبر عدل) رواية والمراد الجنس وقول الأصل: الواحد، لا مفهوم له وافق مذهبًا في حكم النجاسة وإن لم يكن مالكيًا (أو يبن) وجه ما أخبر به من

ــ

قطعًا، وأجيب بأن الكثرة صفة للمخالط بالفتح لا المخالط بالكسر؛ تأمل. (قوله: كما في شب). ومثله في (ح)(قوله: إذا زال تغير إلخ) أي: بحسب الرائي. (وقوله: فإن ظن زوال إلخ)؛ أي: في الواقع (قوله: خفيت بالمخالط) لبقاء أوصافه. (قوله: فنجس) عملًا بالاستصحاب. (قوله: في غير صب المطلق)؛ أي: بأن زال بنفسه أو بطاهر. (قوله: اعتمدنا هنا)؛ أي: في المتن (قوله: عدل) عالم بما يضر

ــ

باعتبار قوته، وإنه أجيب بأنه كثرة باعتبار ما طرأ عليه وإن قل في ذاته (قوله: إذا زال تغير النجس) أراد الزوال في ظاهر المرأى فشمل الانتفاء والخفاء المذكورين بعد (قوله: والحق إلخ) أي: خلافًا لما يوهمه كل من الفريقين أنه يشهد له فقط (قوله: رواية) هو مسلم عاقل بالغ سالم من الفسق ولو رقيقًا، أو أنثى (قوله: لا مفهوم له) أي: أن شرط وافق إلخ في الأكثر أيضًا (قوله: وإن لم يكن مالكيًا) لكن ضبط المواقف من غير المالكي يعسر،

ص: 84

نجاسة أو عدمها فيما يحمل عليها وإلا فهو الأصل (وإلا فللمازري ندب ترك ما أخبر بنجاسته وورود النجاسة على الماء كعكسه) في أن العبرة بالتغير وعند الشافعية أن صب الماء على النجاسة أزالها وإن وضع الثوب بالنجاسة في الماء نجسه إن كان دون القلتين وهما أربعمائة رطل بالمصري وتزيد عند النووي ستة وأربعين رطلًا وثلاثة أسباع رطل وعند الرافعي أحدًا وخمسين رطلًا وثلثي أوقية *تنبيه* شبهت المختلف فيه بالمتقرر اتفاقًا وعكس الأصل مبالغة أو قصد مجرد التسوية، وأما قولهم: الكاف عند الفقهاء تدخل على المشبه فذاك بعد تمام الحكم؛ فليتأمل (وماء ثمود مطلق) وليس نجسًا؛ لأنه ليس في الحديث غسل الأوعية منه

ــ

وغيره. (قوله: لا مفهوم له) وإنما اقتصر على أقل ما يتحقق فيه الإخبار. (قوله: فيما يحمل عليها) قيد في قوله: أو عدمها، أي: يحمل على النجاسة كالساقط من بيوت الكفار (قوله: وإلا فهو الأصل) أي: وإلا يتبين عدمها فيما يحمل على النجاسة بل فيما يحمل على الطهارة كالساقط من بيت مسلم فهو الأصل بصدق من غير تفصيل بل ولو من كافر. (قوله: المختلف فيه) وهو ورود النجاسة على الماء. (قوله: مبالغة)؛ أي: مبالغة في التشبيه حتى كأنه الأصل ردًا على المخالف. (قوله: فذاك بعد تمام الحكم) والحكم هنا لا ينم إلا بالتشبيه فلا يصح أن يكون جوابًا. (قوله: مطلق)؛ أي: لا طهور؛ أي: لا يتطهر به فالمطلق أعم، وأما ماء المطر الذي نزل بأرضها فطهور؛ لأنه لم يلابس العصاة إلا أن يختلط به شيء من أجزاء الأرض ما دام متغيرًا فلا يتطهر به وحرر. مؤلف. (قوله: وليس نجسًا) خلافًا للقرطبي في شرح مسلم، وفاقًا لابن فرحون، وابن العربي وزروق، واستظهره. (ح). (قوله: غسل الأوعية) وإنما أمرهم بالطرح؛ لأنه ماء سخط، وغضب، قال (ح): على أنه لو أمرهم بالغسل ما دل على النجاسة لإمكان أن يكون مبالغة في الاجتناب (قوله: ومنع الانتفاع به)؛ لأنه- صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين أمر الصحابة- رضي الله عنهم حين مروا بها أن لا يشربوا إلا من البئر التي كانت تردها الناقة، وأمرهم أن يطرحوا ما عجنوه من تلك الآبار

ــ

والفقهاء يفرضون المحالات (قوله: ليس في الحديث غسل الأوعية) قيل: بل ولو ورد احتمل المبالغة في التجنب، وأما المطر النازل بأرضهم فالظاهر لا بأس به إذا لم

ص: 85

(ومنع الانتفاع به) والصلاة به باطلة كما في (شب) عن الرصاع في شرح حدود ابن عرفة واستظهر (عج) الصحة ويؤيده أنه قيل: بكراهته (وبأرضها) فلا يؤخذ منها إناء ولا بناء والتيمم ممنوع أيضًا على الأقوى خلافًا لـ (تت) في التيمم كأنه رأى ضعف علوق التراب (ككل محل عذاب) كبئر ذروان- بفتح المعجمة فسكون المهملة- التي رمى بها السحر بالمدينة (وينزه ماء زمزم على الأقذار) وبالغ ابن عبد السلام في الفتوى بعدم تكفين بثوب بل منه وألحق تغسيل الميت النظيف بناء على المذهب من طهارته قيل: والاستنجاء به يورث الباسور انظر (ح)(وهو طهور) لا كالطعام وإن قام مقامه بالنية.

ــ

ويهرقوا الماء (قوله: فلا يؤخذ منها إلخ) وأما الصلاة عليها فلا بأس به إلا أنه ينبغي فرش حائل طاهر، ومثل أرض ثمود مسجد الضرار بالمدينة. مؤلف. (قوله: والتيمم ممنوع) الظاهر أن حريم بئر الناقة يجوز التيمم عليه. مؤلف (قوله: كبئر ذروان) وآبار ديار لوط وآبار بابل في الحديث: "إنها أرض ملعونة" وبثر برهوت- بفتح الموحدة والراء وبضم الموحدة وسكون الراء- بئر باليمن، لحديث ابن حبان:"شر بئر في الأرض برهوت"(قوله: وهو طهور) يجوز الوضوء منه والغسيل بل هو مندوب لطاهر الأعضاء كما في (ح)(قوله: لا كالطعام)؛ أي: خلافًا لما نقله زروق عن ابن شعبان لكن قال (ح): ليس ذلك في كلام ابن شعبان، وإنما الذي فيه أنه لا يستعمل في النجاسات ولم يمنع التطهير به لطاهر الأعضاء، واختلف في فهم كلامه ففهمه ابن أبي زيد على المنع وغيره على الكراهة ويكون وفاقًا، وقد أطال (ح) الكلام عند قوله: يرفع الحدث وحكم الخبث بالمطلق.

ــ

يختلط بترابهم إذ لم يلابس المعصية ولا العذاب (قوله: وبأرضها) والظاهر لا بأس بالصلاة على فراش فيها بخلاف مسجد الضرار في قباء لقوله تعالى: {لا تقم فيه أبدًا} (قوله: كبئر ذوران) محل عذاب حكمًا لفعل ما أزجبه فيها (قوله: وهو طهور) يشير لرد ما نقله زروق عن ابن شعبان من إلحاقه بالطعام لكن حمله الحطاب على تنزيهه عن الأقذار فلا يكون خلافًا.

ص: 86