الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لَّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (1).
فقد شمل هذا الامتنان جميع النعم: الظاهرة والباطنة، الحسيّة والمعنوية، فجميع ما في السموات والأرض قد سُخّر لهذا الإنسان، وهو شامل لأجرام السموات والأرض، وما أودع فيهما من: الشمس، والقمر، والكواكب، والثوابت والسيارات، والجبال، والبحار، والأنهار، وأنواع الحيوانات، وأصناف الأشجار والثمار، وأجناس المعادن، وغير ذلك مما هو من مصالح بني آدم، ومصالح ما هو من ضروراتهم: للانتفاع، والاستمتاع، والاعتبار.
وكل ذلك دالّ على أن الله وحده هو المعبود الذي لا تنبغي العبادة والذلّ والمحبة إلا له، وهذه أدلة عقلية لا تقبل ريباً ولا شكَّاً على أن الله هو الحق، وأن ما يُدعى من دونه هو الباطل (2):{ذَلِكَ بِأَنَّ الله هُوَ الحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ الله هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} (3).
ثانياً: على وجه التفصيل:
ومن ذلك قوله تعالى: {الله الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأَنْهَارَ * وَسَخَّر لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَآئِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ * وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ الله لَا
(1) سورة الجاثية، الآية:13.
(2)
انظر: تفسير البغوي، 1/ 59، 3/ 72، وابن كثير، 3/ 451، 4/ 149، والشوكاني، 1/ 60،
4/ 420، والسعدي، 1/ 69، 6/ 161، 7/ 21، وفي ظلال القرآن، 1/ 53، 5/ 2792، وأضواء البيان للشنقيطي، 3/ 225 - 253.
(3)
سورة الحج، الآية: 62، وانظر: سورة لقمان، الآية:30.
تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} (1).
أفمن يخلق هذه النعم وهذه المخلوقات العجيبة كمن لا يخلق شيئاً منها؟
ومن المعلوم قطعاً أنه لا يستطيع فرد من أفراد العباد أن يحصي ما أنعم الله به عليه في خلق عضو من أعضائه، أو حاسة من حواسه، فكيف بما عدا ذلك من النعم؟ في جميع ما خلقه في بدنه، وكيف بما عدا ذلك من النعم الواصلة إليه في كل وقت على تنوعها واختلاف أجناسها؟ (3). ولا يسع العاقل بعد ذلك إلا أن يعبد الله الذي أسدى لعباده هذه النعم، ولا يشرك به شيئاً؛ لأنه المستحق للعبادة وحده سبحانه.
قال الله تعالى: {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ* الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} (4).
والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد بن عبدالله وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
(1) سورة إبراهيم، الآيات: 32 - 34.
(2)
سورة النحل، الآيات: 14 - 18، وانظر: الآيات: 3 - 12 من السورة نفسها.
(3)
انظر: فتح القدير، 3/ 154، 3/ 110، وأضواء البيان، 3/ 253.
(4)
سورة قريش، الآيتان: 3 - 4.