الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويقولون: هلاّ وُضِعت هذه اللبنة))؟ قال: ((فأنا اللّبِنةُ، وأنا خاتم النبيين)) (1).
وعموم رسالته صلى الله عليه وسلم لجميع الإنس والجنّ في كل زمان ومكان من بعثته إلى يوم القيامة، وكونها خاتمة الرسالات، يقضي ويدلّ دلالة قاطعة على أن النبوة قد انقطعت بانقطاع الوحي بعده، وأنه لا مصدر للتشريع والتعبد إلا كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم،وهذا يقتضي وجوب الإيمان بعموم رسالته، واتباع ما جاء به، فقد قال صلى الله عليه وسلم:((والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أُرسلت به إلا كان من أصحاب النار)) (2).وبهذا تقوم الحجة وتثبت رسالة النبي صلى الله عليه وسلم وعمومها وشمولها لجميع الثقلين: الإنس والجنّ، في كل زمان ومكان إلى قيام الساعة:{قَدْ جَاءَكُم بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ} (3)، {وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ
…
} (4).
المبحث السادس: تحريم الغلو فيه صلى الله عليه وسلم
-
1 - الغلو في الصالحين هو سبب الشرك بالله تعالى
، فقد كان الناس منذ أُهبِطَ آدم صلى الله عليه وسلم إلى الأرض على الإسلام، قال ابن عباس رضي الله عنهما:
(1) أخرجه البخاري في كتاب المناقب، باب خاتم النبيين، برقم 3535، ومسلم، كتاب الفضائل، باب ذكر كونه صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، برقم 2286.
(2)
أخرجه مسلم، كتاب الإيمان، باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إلى جميع الناس، ونسخ الملل بملته، برقم 153.
(3)
سورة الأنعام، الآية:104.
(4)
سورة الكهف، الآية:29.
((كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على الإسلام)) (1).
وبعد ذلك تعلَّق الناس بالصالحين، ودبَّ الشرك في الأرض، فبعث الله نوحاً صلى الله عليه وسلم يدعو إلى عبادة الله وحده، وينهى عن عبادة ما سواه (2)، وردّ عليه قومه:{وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} (3).
وهذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصاباً، وسموها بأسمائهم، ففعلوا، ولم تُعبد حتى إذا هلك أولئك ونُسِيَ العلم عُبِدت)) (4).
وهذا سببه الغلو في الصالحين؛ فإن الشيطان يدعو إلى الغلو في الصالحين وإلى عبادة القبور، ويُلقي في قلوب الناس أن البناء والعكوف عليها من محبة أهلها من الأنبياء والصالحين، وأن الدعاء عندها مستجاب، ثم ينقلهم من هذه المرتبة إلى الدعاء بها والإقسام على الله بها، وشأن الله أعظم من أن يُسأل بأحد من خلقه، فإذا تقرر ذلك عندهم نقلهم إلى دعاء صاحب القبر وعبادته وسؤاله الشفاعة من دون الله، واتخاذ قبره وثناً تُعلّق عليه الستور، ويطاف به، ويستلم ويقبل، ويذبح
(1) أخرجه الحاكم في المستدرك، كتاب التاريخ، 2/ 546، وقال:((هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه))، ووافقه الذهبي، وذكره ابن كثير في البداية والنهاية، 1/ 101، وعزاه إلى البخاري، وانظر: فتح الباري، 6/ 372.
(2)
انظر: البداية والنهاية لابن كثير، 1/ 106.
(3)
سورة نوح، الآية:23.
(4)
أخرجه البخاري في كتاب التفسير، سورة نوح، برقم 4920.