الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأصل الأول: الإيمان بالله عز وجل
-:
الإيمانُ بالله تعالى: هو الاعتقاد الجازم الذي لا يتطرقُ إليه شك بأن الله عز وجل ربُّ كلِّ شيءٍ ومليكه، وأنه المستحق للعبادة وحده دون ما سواه وأن يُفردَ بالعبادة مع كمال المحبة والذُّلِّ والخضوع، وأنه المتّصف بصفات الكمال فله الأسماءُ الحسنى والصِّفاتُ العُلا، وهو سبحانه منزَّهٌ عن كل عيب ونقص.
فظهر من ذلك أن الإيمان بالله عز وجل يتضمنُ أربعة أمور (1):
الأول: الإيمان بوجود الله عز وجل
-، وقد دلّ على ذلك الفطرة، والعقل، والشرع، والحس.
1 -
أما دلالة الفطرة على وجوده، فإنَّ كلَّ مخلوقٍ قد فُطِر على الإيمان بخالقه من غير تفكير أو تعليم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:((ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهوِّدانه أو يُنَصِّرانه، أو يُمَجِّسانه)) (2).
2 -
أما دلالة العقل على وجود الله عز وجل؛ فلأن هذه المخلوقات سابقها ولاحقها لابد لها من خالق أوجدها على هذا النظام البديع؛ ولهذا ذكر الله هذا الدليل العقلي والبرهان القطعي فقال عز وجل: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ
(1) انظر: شرح العقيدة الواسطيّة لشيخ الإسلام ابن تيمية، شرحه العلامة محمد بن صالح العثيمين، 1/ 55 - 59، ويرى سماحة العلامة عبد العزيز بن عبد الله ابن باز رحمه الله: أن الإيمان بوجود الله عز وجل يدخل في الإيمان بالربوبية، ذكر ذلك في تعليقه على هذه المحاضرة.
(2)
أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب إذا أسلم الصبي فمات هل يُصلَّى عليه؟ وهل يُعرض على الصبي الإسلام؟ برقم 1358، ومسلم في كتاب القدر، باب معنى كل مولود يولد على الفطر، وحكم أطفال الكفار وأطفال المسلمين، برقم 2658.
شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بَل لا يُوقِنُونَ*أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ} (1)، ولما سمع جُبير بنُ مُطعِم رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآيات وكان مشركًا قال:((كاد قلبي أن يطير وذلك أولُ ما وقر الإيمان في قلبي)) (2).
3 -
أما دلالة الشرع على وجود الله عز وجل؛ فلأن الله أرسل الرسل وأنزل الكتب السماوية تنطق بذلك.
4 -
أما دلالة الحِسّ على وجود الله عز وجل فمن وجهين:
(أ) أننا نسمع ونشاهد من إجابة الداعين وغوث المكروبين ما يدل دلالة قاطعة على وجود الله عز وجل، قال سبحانه وتعالى:{وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِن قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ} (3)، وغير ذلك.
وفي صحيح البخاري عن أنس رضي الله عنه أن رجلاً أعرابيًّا دخل يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال: يا رسول الله هلك المال وجاع العيالُ فادعُ الله يغيثنا، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ثم قال:((اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا)) قال أنس رضي الله عنه: فوالذي نفسي بيده ما وضعها حتى ثار السحابُ أمثالَ الجبالِ، ثم لم ينزل من منبره حتى رأيتُ المطرَ يتحادرُ على لحيته، فمطرنا فوالله ما رأينا الشمس سبتًا، ثم دخل رجل من ذلك الباب في
(1) سورة الطور، الآيات: 35 - 37.
(2)
أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن، سورة الطور، بابٌ: حدثنا عبد الله بن يوسف، برقم 4854، ومسلم بنحوه في كتاب الصلاة، باب القراءة في الصبح، برقم 463.
(3)
سورة الأنبياء، الآية:76.