الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والوعيدية: هم الذين قالوا: إن الله يجب عليه عقلاً أن يُعذَّب العاصي كما يجب عليه أن يُثيب الطائع فمن مات على كبيرة ولم يتب منها فهو خالد مخلد في النار، وهذا أصل من أصول المعتزلة، وبه تقول الخوارج.
أما أهل السنة فقالوا: مرتكب الكبيرة إذا لم يستحلها، مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته، أو مؤمن ناقص الإيمان، وإن ماتَ ولم يتب فهو تحت مشيئة الله، إن شاء عفا عنه برحمته، وإن شاء عذبه بعدله بقدر ذنوبه ثم يخرجه، قال الله سبحانه (1):{إِنَّ الله لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} (2).
رابعاً: أهل السنة وسط في باب أسماء الدين والإيمان والأحكام بين الخوارج والمعتزلة، وبين المرجئة والجهمية:
المراد بأسماء الدين هنا: مثل مؤمن، مسلم، كافر، فاسق، والمراد بالأحكام: أحكام أصحابها في الدنيا والآخرة:
1 -
الخوارج عندهم أنه لا يُسمَّى مؤمنًا إلا من أدَّى جميع الواجبات واجتنب الكبائر ويقولون: إن الدين والإيمان: قول، وعمل، واعتقاد، ولكنه لا يزيد ولا ينقص فمن أتى كبيرة كفر في الدنيا، وهو في الآخرة خالد مخلد في النار إن لم يتب قبل الموت.
2 -
المعتزلة قالوا بقول الخوارج، إلا أنه وقع الاتفاق بينهم في موضعين:
(1) انظر: شرح العقيدة الواسطية، لشيخ الإسلام ابن تيمية، بقلم الكاتب، ص51.
(2)
سورة النساء، الآية:48.
* نفي الإيمان عن مرتكب الكبيرة، وخلوده في النار مع الكافرين.
ووقع الخلاف بينهم في موضعين:
* الخوارج سموه في الدنيا كافرًا، والمعتزلة قالوا في منزلة بين المنزلتين: فهو خرج من الإيمان ولم يدخل في الكفر.
والخوارج استحلوا دمه وماله والمعتزلة لم يستحلوا ذلك.
3 -
المرجئة قالوا: لا يضر مع الإيمان ذنب كما لا ينفع مع الكفر طاعة، فهم يقولون: إن الإيمان مُجَرَّد التَّصديق بالقلب فمرتكب الكبيرة عندهم كامل الإيمان ولا يستحق دخول النار، وهذا يُبيّن أن إيمان أفسق الناس عندهم كإيمان أكمل الناس.
4 -
الجهمية وافقوا المرجئة في ذلك تمامًا، فالجهم قد ابتدع التعطيل، والجبر، والإرجاء كما قال ابن القيم رحمه الله.
5 -
أما أهل السنة فوفقهم الله للوسطية بين هذين المذهبين الباطلين فقالوا: الإيمان قول وعمل: قول القلب واللِّسان، وعمل القلب واللسان والجوارح، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، فقول القلب تصديقه وإيقانه، وقول اللسان النطق بالشهادتين والإقرار بلوزامها، وعمل القلب: النِّيّة، والإخلاص، والمحبة، والانقياد، والإقبال على الله عز وجل، والتوكل عليه، ولوازم ذلك وتوابعه، وكل ما هو من أعمال القلوب، وعمل اللسان، ما لا يُؤدَّى إلا به: كتلاوة القرآن، وسائر الأذكار، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الله عز وجل، وغير ذلك، وعمل الجوارح: القيام بالمأمورات، واجتناب المنهيات، ومن ذلك