الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والابتهاج بمحبته (1).
قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: ((لا أحد أصبر على أذىً سمعه من الله، يجعلون له الولد وهو يعافيهم ويرزقهم)) (2)، وقال أيضاً في الصحيح: قال الله تعالى: ((كذَّبني ابن آدم، ولم يكُن له ذلك. وشتمني ابن آدم، ولم يكُن له ذلك. فأما تكذيبه إيَّاي فقوله: لن يعيدني كما بدأني. وليس أول الخلق بأهون عليَّ من إعادته، وأما شتمه إياي فقوله: إنَّ لي ولداً، وأنا الأحد الصَّمد الذي لم يلد ولم يولدْ، ولم يكُن له كفواً أحد)) (3)، فالله تعالى يدرّ على عباده الأرزاق المطيع منهم والعاصي، والعصاة لا يزالون في محاربته وتكذيبه وتكذيب رسله والسعي في إطفاء دينه، والله تعالى حليم على ما يقولون وما يفعلون، يتتابعون في الشرور، وهو يتابع عليهم النعم، وصبره أكمل صبر لأنّه عن كمال قدرة، وكمال غنىً عن الخلق، وكمال رحمة وإحسان، فتبارك الربُّ الرحيم الذي ليس كمثله شيء، الذي يحب الصابرين ويعينهم في كل أمرهم (4).
85 - الرَّفيقُ
مأخوذ من قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: ((إن الله رفيق يحب
(1) توضيح الحق المبين في شرح توحيد الأنبياء والمرسلين من الكافية الشافية، للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي، ص29 - 32، بتصرف يسير.
(2)
أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى:{إِنَّ الله هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} ، برقم 7378، ومسلم في كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، باب لا أحد أصبر على أذى من الله عز وجل، برقم 2804.
(3)
أخرجه البخاري في كتاب التفسير، باب سورة الإخلاص، برقم 4974.
(4)
الحق الواضح المبين، ص57 - 58، بتصرف يسير.
الرفق، ويُعطي على الرفق ما لا يُعطي على العنف، وما لا يُعطي على ما سواه)) (1)، فالله تعالى رفيق في أفعاله، خلق المخلوقات كلها بالتدريج شيئاً فشيئاً بحسب حكمته ورفقه، مع أنه قادر على خلقها دفعة واحدة وفي لحظة واحدة.
ومن تدبّر المخلوقات، وتدبّر الشرائع كيف يأتي بها شيئاً بعد شيء شاهد من ذلك العجب العجيب، فالمتأني الذي يأتي الأمور برفق وسكينة ووقار، اتباعاً لسنن الله في الكون، واتّباعاً لنبيه صلى الله عليه وسلم؛ فإنّ هذا هديه وطريقه تتيسر له الأمور، وبالأخصّ الذي يحتاج إلى أمر الناس ونهيهم وإرشادهم، فإنه مضطر إلى الرفق واللين، وكذلك من آذاه الخلق بالأقوال البشعة وصان لسانه عن مشاتمتهم، ودافع عن نفسه برفق ولين، اندفع عنه من أذاهم ما لا يندفع بمقابلتهم بمثل مقالهم وفعالهم، ومع ذلك فقد كسب الراحة والطمأنينة والرزانة والحلم (2).
والله عز وجل يغيث عباده إذا استغاثوا به سبحانه، فعن أنس بن مالك أن رجلاً دخل المسجد يوم الجمعة
…
ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب
…
ثم قال: يا رسول الله! هلكت الأموال وانقطعت السبل فادعُ الله يغيثنا، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ثم قال:((اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا)) (3).
(1) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب فضل الرفق، برقم 2593، وأخرج البخاري الجزء الأول منه في كتاب استتابة المرتدين، باب إذا عرَّض الذمي وغيره بسب النبي صلى الله عليه وسلم، برقم 6927.
(2)
الحق الواضح المبين، ص63.
(3)
أخرجه البخاري في كتاب الاستسقاء، باب الاستسقاء في خطبة الجمعة غير مستقبل القبلة، برقم 1014، ومسلم في كتاب صلاة الاستسقاء، باب الدعاء في الاستسقاء، برقم 897.