المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الأول: النور والظلمات في الكتاب الكريم - عقيدة المسلم في ضوء الكتاب والسنة - جـ ١

[سعيد بن وهف القحطاني]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌الرسالة الأولى: العروة الوثقى: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله

- ‌الفصل الأول: تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله

- ‌المبحث الأول: مكانة ومنزلة لا إله إلا الله

- ‌المبحث الثاني: معنى لا إله إلا الله

- ‌المبحث الثالث: أركان لا إله إلا الله

- ‌المبحث الرابع: فضل لا إله إلا الله

- ‌المبحث الخامس: لا إله إلا الله تتضمن جميع أنواع التوحيد

- ‌1 - التوحيد الخبري العلمي الاعتقادي:

- ‌2 - التوحيد الطلبي القصدي الإرادي:

- ‌ أنواع التوحيد على التفصيل

- ‌النوع الأول: توحيد الربوبية

- ‌النوع الثاني: توحيد الأسماء والصفات:

- ‌النوع الثالث: توحيد الإلهية

- ‌المبحث السادس: لا إله إلا الله دعوة الرسل عليهم السلام

- ‌المبحث السابع: شروط لا إله إلا الله

- ‌الشرط الأول: العلم بمعناها المنافي للجهل

- ‌الشرط الثاني: اليقين المنافي للشك

- ‌الشرط الثالث: القبول المنافي للرد

- ‌الشرط الرابع: الانقياد المنافي للترك

- ‌الشرط الخامس: الصدق المنافي للكذب

- ‌الشرط السادس: الإخلاص المنافي للشرك

- ‌الشرط السابع: المحبة المنافية للبغض

- ‌الشرط الثامن: الكفر بما يعبد من دون الله

- ‌الفصل الثاني: تحقيق شهادة أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الأول: معناها ومقتضاها

- ‌المبحث الثاني: وجوب معرفة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الثالث: الحُجَجُ والبراهين على صدقه صلى الله عليه وسلم

- ‌تمهيد:

- ‌المطلب الأول: معجزات القرآن العظيم:

- ‌الوجه الأول: الإعجاز البياني والبلاغي:

- ‌الوجه الثاني: الإخبار عن الغيوب:

- ‌والإخبار بالغيوب أنواع:

- ‌الوجه الثالث: الإعجاز التشريعي:

- ‌الوجه الرابع: الإعجاز العلمي الحديث:

- ‌المطلب الثاني: معجزات النبي صلى الله عليه وسلم الحسية:

- ‌النوع الأول: المعجزات العلوية:

- ‌النوع الثاني: آيات الجوّ:

- ‌النوع الثالث: تصرّفه في الإنس والجن والبهائم:

- ‌أ - تصرفه في الإنس:

- ‌ب - تصرفه في الجنّ والشياطين:

- ‌جـ - تصرّفه في البهائم:

- ‌النوع الرابع: تأثيره في الأشجار والثمار والخشب

- ‌أ - تأثيره في الأشجار:

- ‌ب - تأثيره في الثّمار:

- ‌جـ - تأثيره في الخشب:

- ‌النوع الخامس: تأثيره في الجبال والأحجار وتسخيرها له:

- ‌أ - تأثيره في الجبال:

- ‌ب - تأثيره في الحجارة:

- ‌جـ - تأثيره في تراب الأرض:

- ‌النوع السادس: تفجير الماء، وزيادة الطعام والشراب والثمار:

- ‌أ - نبع الماء وزيادة الشراب:

- ‌ب - زيادة الطعام وتكثيره لما جعل الله فيه صلى الله عليه وسلم من البركة:

- ‌جـ - زيادة الثمار والحبوب:

- ‌النوع السابع: تأييد الله له بالملائكة:

- ‌النوع الثامن: كفاية الله له أعداءه وعصمته من الناس:

- ‌النوع التاسع: إجابة دعواته صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الرابع: حقوقه على أمته صلى الله عليه وسلم

- ‌1 - الإيمان الصادق به صلى الله عليه وسلم

- ‌2 - وجوب طاعته صلى الله عليه وسلم والحذر من معصيته

- ‌3 - اتباعه صلى الله عليه وسلم واتخاذه قدوة

- ‌4 - محبته صلى الله عليه وسلم أكثر من الأهل والولد والوالد والناس أجمعين

- ‌5 - احترامه وتوقيره ونصرته

- ‌6 - الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم

- ‌7 - وجوب التحاكم إليه والرضى بحكمه صلى الله عليه وسلم

- ‌8 - إنزاله مكانته صلى الله عليه وسلم بلا غلو ولا تقصير

- ‌المبحث الخامس: عموم رسالته صلى الله عليه وسلم وختمها لجميع النبوات

- ‌المبحث السادس: تحريم الغلو فيه صلى الله عليه وسلم

- ‌1 - الغلو في الصالحين هو سبب الشرك بالله تعالى

- ‌2 - وحذَّر صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ المساجد على القبور

- ‌3 - وحذّر صلى الله عليه وسلم أمته عن اتخاذ قبره وثناً يُعبد من دون الله

- ‌4 - وكما سد صلى الله عليه وسلم كل باب يوصّل إلى الشرك فقد حمى التوحيد عما يقرب منه ويخالطه من الشرك وأسبابه

- ‌5 - أنواع زيارة القبور:

- ‌النوع الأول: زيارة شرعية

- ‌النوع الثاني: زيارة شركية وبدعية

- ‌الفصل الثالث: نواقض ونواقص الشهادتين

- ‌المبحث الأول: أقسام المخالفات

- ‌القسم الأول: يوجب الردة، ويبطل الإسلام

- ‌القسم الثاني: لا يبطل الإسلام ولكن ينقصه

- ‌المبحث الثاني: أخطر النواقض وأكثرها وقوعاً

- ‌الأول: الشرك في عبادة الله تعالى

- ‌الثاني: من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم

- ‌الثالث: من لم يكفِّر المشركين، أو شك في كفرهم

- ‌الرابع: من اعتقد أن هدي غير النبي صلى الله عليه وسلم أكمل من هديه

- ‌الخامس: من أبغض شيئاً مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌السادس: من استهزأ بشيء من دين الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌السابع: السحر

- ‌التاسع: من اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌العاشر: الإعراض عن دين الله لا يتعلمه ولا يعمل به

- ‌المبحث الثالث: تفصيل الناقض الأول والرابع وأنواع النفاق والبدع

- ‌1 - تفصيل الناقض الأول من هذه النواقض: ((الشرك)):

- ‌النوع الأول: شرك أكبر يخرج من الملة [

- ‌1 - شرك الدعوة:

- ‌2 - شرك النية

- ‌3 - شرك الطاعة:

- ‌4 - شرك المحبة:

- ‌النوع الثاني من أنواع الشرك: شرك أصغر لا يخرج من الملة [

- ‌النوع الثالث من أنواع الشرك: شرك خفي:

- ‌2 - تفصيل الناقض الرابع:

- ‌3 - أنواع النفاق:

- ‌(أ) نفاق اعتقادي يُخرج من الملَّة، وهو ستة أنواع:

- ‌(ب) النوع الثاني النفاق العملي لا يخرج من الملَّة، وهو خمسة أنواع:

- ‌4 - الأمور المبتدعة عند القبور أنواع:

- ‌النوع الأول:

- ‌النوع الثاني:

- ‌النوع الثالث:

- ‌المبحث الرابع: أصول نواقض الشهادتين

- ‌القسم الأول:

- ‌1 - الردة القولية:

- ‌2 - الردة الفعلية:

- ‌3 - الردة العقدية:

- ‌4 - الردة بالشك:

- ‌القسم الثاني

- ‌الفصل الرابع: دعوة المشركين والوثنيين إلى كلمة التوحيد

- ‌تمهيد:

- ‌المبحث الأول: الحجج العقلية القطعية على إثبات ألوهية الله تعالى

- ‌ يستحيل وجود مرادهما معاً

- ‌إذا لم يحصل مراد واحد منهما لزم عجز كل منهما

- ‌ النافذ مراده هو الإله القادر والآخر عاجز

- ‌ واتفاقهما على مراد واحد في جميع الأمور غير ممكن

- ‌المبحث الثاني: ضعف جميع المعبودات من دون الله من كل الوجوه

- ‌المبحث الثالث: ضرب الأمثال

- ‌1 - قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ

- ‌2 - ومن أحسن الأمثال وأدلّها على بطلان الشرك

- ‌المبحث الرابع: الكمال المطلق للإله الحق المستحق للعبادة وحده

- ‌1 - المتفرد بالألوهية:

- ‌5 - إحاطة علمه بكل شيء

- ‌المبحث الخامس: بيان الشفاعة المثبتة والمنفيّة

- ‌الشفاعة لغة:

- ‌واصطلاحاً:

- ‌أولاً: ليس المخلوق كالخالق

- ‌ثانياً: الشفاعة شفاعتان: مثبتة ومنفية:

- ‌1 - الشفاعة المثبتة: وهي التي تُطلب من الله، ولها شرطان:

- ‌الشرط الأول:

- ‌الشرط الثاني:

- ‌2 - الشفاعة المنفية:

- ‌ثالثاً: الاحتجاج على من طلب الشفاعة

- ‌المبحث السادس: الإله الحق سخر جميع ما في الكون لعباده

- ‌أولاً: على وجه الإجمال:

- ‌ثانياً: على وجه التفصيل:

- ‌الرسالة الثانية: بيان عقيدة أهل السنة والجماعة ولزوم اتباعها

- ‌المبحث الأول: مفهومُ عقيدة أهلِ السنةِ والجماعة

- ‌أولاً: مفهوم العقيدة لغةً:

- ‌ثانياً: مفهوم العقيدة اصطلاحًا:

- ‌ثالثاً: مفهوم أهل السُّنَّة:

- ‌رابعاً: مفهوم الجماعة:

- ‌خامساً: أسماءُ أهلِ السُّنَّة وصِفَاتُهُم:

- ‌1 - أهل السنة والجماعة:

- ‌2 - الفرقة الناجية:

- ‌3 - الطائفة المنصورة:

- ‌4 - المعتصمون المتمسكون بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم

- ‌5 - القدوة الصالحة

- ‌المبحث الثاني: أصولُ أهلِ السُّنّةِ والجماعة

- ‌الأصل الأول: الإيمان بالله عز وجل

- ‌الأول: الإيمان بوجود الله عز وجل

- ‌الثاني: الإيمان بالربوبية

- ‌الثالث: الإيمان بالألوهية

- ‌الرابع: الإيمان بأسماء الله الحسنى وصفاته العلا:

- ‌الأصل الثاني: الإيمان بالملائكة:

- ‌1 - الإيمان بوجودهم

- ‌2 - الإيمان بمن علمنا اسمه منهم باسمه

- ‌3 - الإيمان بما علمنا به من صفاتهم

- ‌4 - الإيمان بما علمنا من أعمالهم التي يقومون بها بأمر الله عز وجل

- ‌الأصل الثالث: الإيمان بالكتب:

- ‌الأصل الرابع: الإيمان بالرسل:

- ‌الأصل الخامس: الإيمان باليوم الآخر:

- ‌2 - الإيمان بفتنة القبر

- ‌3 - الإيمان بنعيم القبر وعذابه:

- ‌4 - القيامة الكبرى:

- ‌5 - الميزان الذي توزن به الأعمال

- ‌6 - الدَّواوين وتطاير الصُّحف

- ‌7 - الحساب

- ‌8 - الحوض

- ‌9 - الصِّراط

- ‌10 - الشفاعة وهي سؤال الخير للغير

- ‌11 - الجنة والنار

- ‌الأصل السادس: الإيمان بالقدر خيره وشره:

- ‌1 - الإيمان بأنَّ الله تعالى علم أحوالَ عباده

- ‌2 - كتابتهُ عز وجل لكل المقادير

- ‌3 - الإيمان بمشيئة الله النافذة

- ‌1 - التقدير الشامل

- ‌2 - كتابة الميثاق

- ‌3 - التقدير العُمُري:

- ‌4 - التقدير السنوي

- ‌5 - التقدير اليومي

- ‌4 - الإيمان بأن الله هو الخالق لكل شيء وما سواه مخلوق له

- ‌أمور تدخل في الإيمان

- ‌1 - يدخل في الإيمان بالله الإيمان الصادق بجميع ما أوجبه الله على عباده وفرضه عليهم

- ‌المبحث الثالث: وسطيّةُ أهلِ السُّنَّةِ والجماعة

- ‌أولاً: أهل السنة وسط في باب صفات الله عز وجل بين أهل التعطيل وأهل التمثيل:

- ‌ثانياً: أهل السنة وسط في باب أفعال العباد بين الجبرية والقدرية:

- ‌ثالثاً: أهل السنة وسط في باب وعيد الله بين الوعيدية والمرجئة:

- ‌رابعاً: أهل السنة وسط في باب أسماء الدين والإيمان والأحكام بين الخوارج والمعتزلة، وبين المرجئة والجهمية:

- ‌خامساً: أهل السُّنّة وسط في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الروافض والخوارج:

- ‌سادساً: أهل السنة وسط في التعامل مع العلماء:

- ‌سابعاً: أهل السنة وسط في التعامُلِ مع ولاة الأمور:

- ‌المبحث الرابع: أخلاق أهل السنة والجماعة

- ‌أولاً: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌ثانياً: النَّصيحة:

- ‌ثالثاً: يرحمون إخوانهم المسلمين ويحثُّون على مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال

- ‌الرسالة الثالثة: اعتقاد الفرقة الناجية في الإيمان، وأسماء الله وصفاته

- ‌المبحث الأول: تعريف الفرقة الناجية: ((أهل السنة والجماعة))

- ‌المبحث الثاني: أركان الإيمان عند الفرقة الناجية

- ‌أولاً: الإيمان بالله تعالى:

- ‌ثانياً: الإيمان بالملائكة:

- ‌ثالثاً: الإيمان بالكتب:

- ‌رابعاً: الإيمان بالرسل:

- ‌خامساً: الإيمان بالبعث بعد الموت:

- ‌سادساً: الإيمان بالقدر خيره وشره من الله تعالى:

- ‌المبحث الثالث: مذهب أهل السنة والجماعة في صفات الله تعالى إجمالاً

- ‌أولاً: التحريف:

- ‌ثانياً: التعطيل:

- ‌أنواع التعطيل

- ‌ثالثاً: التكييف:

- ‌رابعاً: التمثيل:

- ‌المبحث الرابع: الإلحاد في أسماء الله وصفاته:

- ‌المبحث الخامس: طريقة أهل السنة والجماعة في النفي والإثبات

- ‌المبحث السادس: مذهب أهل السنة والجماعة في أسماء الله وصفاته تفصيلاً

- ‌المبحث السابع: آيات الصفات وأحاديثها

- ‌1 - صفة العزة:

- ‌2 - صفة الإحاطة:

- ‌3 - صفة العلم

- ‌ 4 - صفة الحكمة

- ‌ 5 - صفة الخبرة:

- ‌6 - صفة الرزق

- ‌ 7 - والقوة

- ‌ 8 - والمتانة:

- ‌9 - صفة السمع

- ‌ 10 - صفة البصر:

- ‌11 - صفة الإرادة

- ‌ 12 - والمشيئة:

- ‌والإرادة نوعان:

- ‌1 - إرادة كونية

- ‌2 - إرادة شرعية

- ‌الفرق بين الإرادتين:

- ‌13 - صفة المحبة

- ‌ 14 - والمودة:

- ‌15 - صفة الرحمة

- ‌ 16 - والمغفرة:

- ‌17 - صفة الرضى

- ‌ 18 - والغضب

- ‌ 19 - والسخط

- ‌ 20 - واللعن

- ‌ 21 - والكراهية

- ‌ 22 - والأسف

- ‌ 23 - والمقت:

- ‌24 - مجيء الله

- ‌ 25 - وإتيانه:

- ‌26 - صفة الوجه

- ‌ 27 - واليدين

- ‌ 28 - والعينين:

- ‌29 - صفة المكر

- ‌ 30 - والكيد:

- ‌31 - صفة العفو

- ‌ 32 - والمغفرة

- ‌ 33 - والعزة

- ‌ 34 - والقدرة:

- ‌35 - صفة الاستواء

- ‌ 36 - والعلو:

- ‌37 - صفة المعيّة

- ‌ المعيّة معيّتان:

- ‌1 - معيّة الله لجميع المخلوقات

- ‌2 - معيّة خاصة لأهل الإيمان

- ‌38 - صفة الكلام

- ‌39 - رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة:

- ‌40 - نزول الله إلى السماء الدنيا كل ليلة:

- ‌42 - صفة الضحك

- ‌43 - صفة العجب:

- ‌44 - صفة قَدَم الرحمن:

- ‌الصفات تنقسم إلى فعلية وذاتية

- ‌القسم الأول:

- ‌القسم الثاني:

- ‌قد تكون الصفات ذاتية فعلية باعتبارين

- ‌المبحث الثامن: وسطية أهل السنة والجماعة

- ‌أولاً: توسط أهل السنة بين فرق الضلال في باب صفات الله تعالى

- ‌ثانياً: توسّط أهل السنة في باب أفعال العباد بين الجبرية والقدرية

- ‌ثالثاً: أهل السنة وسط في باب وعيد الله بين المرجئة والوعيدية من القدرية

- ‌رابعاً: أهل السُّنَّة وسط في باب أسماء الإيمان والدِّين بين الحرورية، والمعتزلة، وبين المرجئة، والجهمية

- ‌1 - الحرورية

- ‌2 - المعتزلة

- ‌خامساً: أهل السنة وسط في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الرافضة والخوارج والنواصب

- ‌المبحث التاسع: اليوم الآخر

- ‌أولاً: الإيمان بفتنة القبر

- ‌ثانياً: نعيم القبر وعذابه:

- ‌ثالثاً: القيامة الكبرى:

- ‌رابعاً: الميزان:

- ‌خامساً: الدواوين وتطاير الصحف:

- ‌سادساً: الحساب:

- ‌سابعاً: الحوض المورود:

- ‌ثامناً: الصِّراط وبعده القنطرة بين الجنة والنار:

- ‌تاسعاً: الشفاعة

- ‌1 - الشَّفاعة العظمى

- ‌2 - شفاعته صلى الله عليه وسلم في أهل الجنة أن يدخلوها

- ‌3 - شفاعته صلى الله عليه وسلم

- ‌عاشراً: الجنة والنار

- ‌المبحث العاشر: القدر ومراتبه

- ‌المرتبة الأولى: الإيمان بأنّ الله تعالى علم بما الخلق عاملون به بعلمه الأزلي الأبد

- ‌المرتبة الثانية: كتابة الله لجميع الأشياء في اللَّوح المحفوظ:

- ‌المرتبة الثالثة: المشيئة النافذة التي لا يردها شيء

- ‌المرتبة الرابعة: الخلق كُلُّهُ لله تعالى

- ‌الإيمان بكتابة المقادير يدخل فيه خمسة تقادير:

- ‌أقلام المقادير التي دلت عليها السنة

- ‌المبحث الحادي عشر: مذهب أهل السنة في الإيمان والدين

- ‌الظَّالم لنفسه

- ‌المقتصد

- ‌السَّابق بالخيرات

- ‌المبحث الثاني عشر: مذهب أهل السُّنَّة في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواجه وأهل بيته

- ‌المبحث الثالث عشر: مذهب أهل السنة والجماعة في كرامات الأولياءوأهل السنة يؤمنون بكرامات الأولياء

- ‌المبحث الرابع عشر: طريقة أهل السنة الاتّباع

- ‌المبحث الخامس عشر: أصول أهل السنة

- ‌1 - كتاب الله عز وجل الذي هو خير الكلام

- ‌2 - سنة الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث السادس عشر: من أخلاق أهل السنة والجماعة

- ‌ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌ الإدانة بالنصيحة

- ‌ المؤمن للمؤمن كالبنيان

- ‌الرسالة الرابعة: شرح أسماء الله الحسنى

- ‌تمهيد:

- ‌المبحث الأول: أسماء الله تعالى توقيفية

- ‌المبحث الثاني: أركان الإيمان بالأسماء الحُسنى

- ‌المبحث الثالث: أقسام ما يوصف به الله تعالى

- ‌المبحث الرابع: دلالة الأسماء الحُسنى ثلاثة أنواع:

- ‌المبحث الخامس: حقيقة الإلحاد في أسماء الله تعالى

- ‌المبحث السادس: إحصاء الأسماء الحُسنى أصلٌ للعلم

- ‌المبحث السابع: أسماء الله كلها حُسنى

- ‌المبحث الثامن: أسماء الله تعالى منها ما يطلق عليه مفرداً ومقترناً بغيره ومنها ما لا يطلق عليه بمفرده بل مقروناً بمقابله

- ‌المبحث التاسع: من أسماء الله الحُسنى ما يكون دالاً على عدة صفات

- ‌المبحث العاشر: الأسماء الحُسنى التي ترجع إليها جميع الأسماء والصفات

- ‌المبحث الحادي عشر: أسماء الله وصفاته مختصة به، واتفاق الأسماء لا يوجب تماثل المسميات

- ‌المبحث الثاني عشر: أمور ينبغي أن تُعْلَم

- ‌المبحث الثالث عشر: مراتب إحصاء أسماء الله الحُسنى التي من أحصاها دخل الجنة

- ‌المبحث الرابع عشر: الأسماء الحسنى لا تُحدُّ بعدد

- ‌المبحث الخامس عشر: شرح أسماء الله الحُسنى

- ‌1 - الأوَّلُ

- ‌ 2 - الآخِرُ

- ‌ 3 - الظاهِرُ

- ‌ 4 - الباطِنُ

- ‌5 - العَليُّ

- ‌ 6 - الأعلى

- ‌ 7 - المتعالِ

- ‌8 - العظيمُ

- ‌9 - المجيدُ

- ‌10 - الكبيرُ

- ‌11 - السَّميعُ

- ‌12 - البصيرُ

- ‌13 - العَليمُ

- ‌ 14 - الخبيرُ

- ‌15 - الحميدُ

- ‌16 - العزيزُ

- ‌17 - القديرُ

- ‌18 - القادرُ

- ‌19 - المُقتدرُ

- ‌20 - القويُّ

- ‌21 - المتينُ

- ‌22 - الغَنِيُّ

- ‌23 - الحكيمُ

- ‌24 - الحَليمُ

- ‌25 - العفوُّ

- ‌ 26 - الغفورُ

- ‌ 27 - الغفَّارُ

- ‌28 - التَّوَّابُ

- ‌29 - الرَّقيبُ

- ‌30 - الشَّهيدُ

- ‌31 - الحفيظ

- ‌32 - اللَّطيفُ

- ‌33 - القريبُ

- ‌34 - المُجيبُ

- ‌35 - الوَدودُ

- ‌36 - الشَّاكرُ

- ‌ 37 - الشَّكورُ

- ‌38 - السَّيِّدُ

- ‌ 39 - الصَّمدُ

- ‌40 - القاهِرُ

- ‌ 41 - القهَّارُ

- ‌43 - الحَسيبُ

- ‌44 - الهادي

- ‌45 - الحَكمُ

- ‌46 - القُدُّوسُ

- ‌ 47 - السَّلامُ

- ‌48 - البَرُّ

- ‌ 49 - الوَهَّابُ

- ‌50 - الرَّحمنُ

- ‌ 51 - الرَّحيمُ

- ‌ 52 - الكريمُ

- ‌ 53 - الأكرمُ

- ‌ 54 - الرَّءوفُ

- ‌55 - الفتَّاحُ

- ‌56 - الرَّزاقُ

- ‌ 57 - الرَّازقُ

- ‌58 - الحيُّ

- ‌ 59 - القيُّومُ

- ‌60 - نورُ السمواتِ والأرض

- ‌61 - الرَّبُّ

- ‌62 - الله

- ‌63 - الملِكُ

- ‌ 64 - المليكُ

- ‌ 65 - مالكُ الملكِ

- ‌66 - الواحِدُ

- ‌ 67 - الأحدُ

- ‌68 - المُتَكَبِّرُ

- ‌69 - الخالقُ

- ‌ 70 - البارئُ

- ‌ 71 - المُصوِّرُ

- ‌ 72 - الخلَاّقُ

- ‌74 - المُهيمِنُ

- ‌75 - المُحيطُ

- ‌76 - المُقيتُ

- ‌77 - الوَكيلُ

- ‌78 - ذو الجلالِ والإكرامِ

- ‌79 - جامعُ الناسِ ليومٍ لا ريبَ فيه

- ‌80 - بديعُ السموات والأرض

- ‌81 - الكافي

- ‌82 - الواسِعُ

- ‌83 - الحقُّ

- ‌84 - الجَميلُ

- ‌85 - الرَّفيقُ

- ‌86 - الحَييُّ

- ‌ 87 - السِّتِّيرُ

- ‌88 - الإلهُ

- ‌89 - القابضُ

- ‌ 90 - الباسِطُ

- ‌ 91 - المُعطي

- ‌92 - المُقَدِّمُ

- ‌ 93 - المُؤَخِّرُ

- ‌95 - المنَّانُ

- ‌96 - الوليُّ

- ‌99 - الشَّافِي

- ‌النوع الأول: شفاء القلوب والأرواح

- ‌النوع الثاني شفاء الله للأجساد والأبدان:

- ‌المبحث السادس عشر: من فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد في الأسماء الحسنى

- ‌فتوى رقم 3862 وتاريخ 12/ 8/1401ه

- ‌الرسالة الخامسة: الفوز العظيم والخسران المبين

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: مفهوم الفوز العظيم والخسران المبين

- ‌أولاً: مفهوم الفوز العظيم:

- ‌ثانياً: الخسران المبين:

- ‌المبحث الثاني: التبشير بالجنة والإنذار من النار

- ‌أولاً: الترغيب في الجنة:

- ‌ثانياً: الإنذار من النار:

- ‌المبحث الثالث: أسماء الجنة وأسماء النار

- ‌أولاً: أسماء الجنة:

- ‌ثانياً: أسماء النار:

- ‌المبحث الرابع: مكان الجنة ومكان النار

- ‌أولاً: مكان الجنة:

- ‌ثانياً: مكان النار:

- ‌المبحث الخامس: وجود الجنة والنار الآن

- ‌المبحث السادس: السَّوْقُ إلى الجنة وإلى النار

- ‌أولاً: سَوْقُ المؤمنين إلى الجنة:

- ‌ثانياً: سَوْقُ الكافرين إلى النار:

- ‌المبحث السابع: أبواب الجنة وأبواب النار

- ‌أولاً: أبواب الجنة ثمانية:

- ‌ثانياً: أبواب النار:

- ‌المبحث الثامن: حجاب الجنة وحجاب النار

- ‌المبحث التاسع: أول من يدخل الجنة وأول من يدخل النار

- ‌أولاً: أول داخل إلى الجنة:

- ‌1 - أول من يدخل الجنة: محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌2 - أمة محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌3 - الفقراء:

- ‌ثانياً: أول من يُقضى عليه يوم القيامة

- ‌المبحث العاشر: تحية أهل الجنة وتحية أهل النار

- ‌أولاً: تحية أهل الجنة:

- ‌ثانياً: تحية أهل النار:

- ‌المبحث الحادي عشر: أكثر أهل الجنة وأكثر أهل النار

- ‌أولاً: أكثر أهل الجنة:

- ‌1 ـ أمة محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌2 ـ الفقراء:

- ‌3 ـ النساء:

- ‌ثانياً: أكثر أهل النار:

- ‌1 ـ يأجوج ومأجوج:

- ‌2 ـ النساء:

- ‌المبحث الثاني عشر: درجات الجنة ودركات النار

- ‌أولاً: درجات الجنة:

- ‌ثانياً: دركات النار وعمقها:

- ‌المبحث الثالث عشر: أدنى أهل الجنة منزلةً، وأهون أهل النار عذاباً

- ‌أولاً: أدنى أهل الجنة منزلة:

- ‌ثانياً: أهون أهل النار عذاباً وشدة حرارتها، وتفاوتهم فيها:

- ‌المبحث الرابع عشر: لباس أهل الجنة ولباس أهل النار

- ‌أولاً: لباس أهل الجنة:

- ‌ثانياً: لباس أهل النار:

- ‌المبحث الخامس عشر: فُرُشُ أهل الجنة وَفُرُشُ أهل النار

- ‌أولاً: فرش أهل الجنة جعلنا الله من أهلها:

- ‌ثانياً: فرش أهل النار ولحفهم:

- ‌المبحث السادس عشر: طعام أهل الجنة وطعام أهل النار

- ‌أولاً: طعام أهل الجنة:

- ‌ثانياً: طعام أهل النار:

- ‌المبحث السابع عشر: شراب أهل الجنة وأنهارها وشراب أهل النار

- ‌أولاً: شراب أهل الجنة وأنهارها:

- ‌1 - شراب أهل الجنة:

- ‌2 - أنهار الجنة:

- ‌ثانياً: شراب أهل النار أعاذنا الله منها:

- ‌المبحث الثامن عشر: قصور أهل الجنة ومساكن أهل النار

- ‌أولاً: قصور أهل الجنة وخيامهم وغرفهم:

- ‌ثانياً: مساكن أهل النار وسلاسلهم وأنكالهم ومقامعهم:

- ‌المبحث التاسع عشر: عِظم أجسام أهل الجنة، وعِظم أجسام أهل النار

- ‌أولاً: عظم أجسام أهل الجنة، وأعمارهم، وقُوَّتهم:

- ‌ثانياً: عظم أجسام أهل النار وأضراسهم وغلظ جلودهم:

- ‌المبحث العشرون: أشجار الجنة وظلّها، وأشجار النار وظلها

- ‌أولاً: أشجار الجنة وظلها:

- ‌ثانياً: أشجار النار وظلها:

- ‌المبحث الحادي والعشرون: خدم أهل الجنة، وزبانية أهل النار

- ‌أولاً: خدم أهل الجنة وخزنتها:

- ‌ثانياً: زبانية أهل النار وخزنتها:

- ‌المبحث الثاني والعشرون: اجتماع المؤمنين بأحبتهم، وفراق أهل النار لأحبتهم

- ‌أولاً: اجتماع المؤمنين بأهليهم وذرياتهم:

- ‌ثانياً: فراق أهل النار لأحبتهم وأهليهم:

- ‌المبحث الثالث والعشرون: نعيم أهل الجنة النفسي، وعذاب أهل النار النفسي

- ‌أولاً: النعيم النفسي لأهل الجنة:

- ‌ثانياً: العذاب النفسي لأهل النار:

- ‌المبحث الرابع والعشرون: أعظم نعيم أهل الجنة، وأعظم نعيم أهل النار

- ‌أولاً: أعظم نعيم أهل الجنة:

- ‌ثانياً: أعظم عذاب أهل النار:

- ‌المبحث الخامس والعشرون: الطريق إلى الجنة، والطُّرُق إلى النار

- ‌أولاً: الطريق إلى الجنة:

- ‌ثانياً: الطُّرُقُ إلى النار:

- ‌الرسالة السادسة: النور والظلمات في الكتاب والسنة

- ‌التمهيد:

- ‌المبحث الأول: النور والظلمات في الكتاب الكريم

- ‌ الناس قسمان:

- ‌القسم الأول: أهل الهدى والبصائر

- ‌القسم الثاني: أهل الجهل والظلم، وهؤلاء قسمان:

- ‌1 - الذين يحسبون أنهم على علم وهدى

- ‌2 - أصحاب الظلمات، وهم المنغمسون في الجهل

- ‌ الناس في الهدى الذي بعث الله تعالى به رسوله صلى الله عليه وسلم أربعة أقسام:

- ‌ القسم الأول: قبلوه ظاهراً وباطناً، وهم نوعان:

- ‌ النوع الأول: أهل الفقه فيه، والفهم

- ‌ النوع الثاني: حفظوه، وضبطوه وبلّغوا ألفاظه إلى الأمة

- ‌ القسم الثاني: من ردّه ظاهراً وباطناً، وكفر به، ولم يرفع به رأساً، وهؤلاء أيضاً نوعان:

- ‌النوع الأول: عرفه وتيقَّن صحته، وأنه حق، ولكن حمله الحسد، والكِبر

- ‌النوع الثاني: أتباع هؤلاء الذين يقولون هؤلاء سادتنا وكبراؤنا

- ‌ القسم الثالث: الذين قبلوا ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، وآمنوا به ظاهراً

- ‌النوع الأول: من أبصر ثم عمي

- ‌النوع الثاني: ضعفاء البصائر

- ‌ القسم الرابع: يكتمون إيمانهم في أقوامهم، ولا يتمكنون من إظهاره

- ‌الحديث الأول:

- ‌الحديث الثاني:

- ‌الحديث الثالث:

- ‌الحديث الرابع:

- ‌المبحث الثاني: النور والظلمات في السنة النبوية

- ‌((القلوب أربعة:

- ‌قلب أجرد فيه سراج يزهر، فذلك قلب المؤمن

- ‌فالقلب الأجرد: المتجرِّد مما سوى الله سبحانه وتعالى

- ‌والقلب الأغلف: قلب الكافر، لأنه داخل في غلافه وغشائه

- ‌القلب المنكوس المكبوب: قلب المنافق

- ‌20 - قال يهودي للنبي صلى الله عليه وسلم: أين يكون الناس يوم تُبدَّل الأرض

- ‌الرسالة السابعة: نور التوحيد وظلمات الشرك

- ‌التمهيد

- ‌المبحث الأول: نور التوحيد

- ‌المطلب الأول: مفهوم التوحيد:

- ‌المطلب الثاني: البراهين الساطعات في إثبات التوحيد

- ‌أولاً: قال الله عز وجل: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ *

- ‌ثانياً: قال سبحانه وتعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً

- ‌ثالثاً: قال عز وجل: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ

- ‌رابعاً: قال الله سبحانه وتعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَاّ تَعْبُدُواْ إِلَاّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}

- ‌خامساً: الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يقولون لأممهم: {يَا قَوْمِ اعْبُدُوا الله مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}

- ‌سادساً: قال سبحانه وتعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}

- ‌سابعاً: قال سبحانه وتعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لله رَبِّ الْعَالَمِين *

- ‌ثامناً: عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: له: ((يا معاذ هل تدري ما حق الله على عباده))

- ‌تاسعاً: عن عتبان بن مالك رضي الله عنه، يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الثالث: أنواع التوحيد

- ‌النوع الأول: التوحيد الخبري العلمي الاعتقادي

- ‌النوع الثاني: التوحيد الطلبي القصدي الإرادي:

- ‌ أنواع التوحيد على التفصيل ثلاثة أنواع

- ‌النوع الأول: توحيد الربوبية

- ‌النوع الثاني: توحيد الأسماء والصفات:

- ‌النوع الثالث: توحيد الإلهية

- ‌المطلب الرابع: ثمرات التوحيد وفوائده

- ‌أولاً: خير الدنيا والآخرة من فضائل التوحيد

- ‌ثانياً: التوحيد هو السبب الأعظم لتفريج كربات الدنيا والآخرة

- ‌ثالثاً: التوحيد الخالص يثمر الأمن التام في الدنيا والآخرة

- ‌رابعاً: يحصل لصاحبه الهدى الكامل، والتوفيق لكل أجر وغنيمة

- ‌خامساً: يغفر الله بالتوحيد الذنوب، ويكفّر به السيئات

- ‌سادساً: يدخل الله به الجنة

- ‌سابعاً: التوحيد يمنع دخول النار بالكلية إذا كمل في القلب

- ‌ثامناً: يمنع الخلود في النار إذا كان في القلب منه أدنى حبة

- ‌تاسعاً: التوحيد هو السبب الأعظم في نيل رضا الله وثوابه

- ‌عاشراً: جميع الأعمال، والأقوال الظاهرة والباطنة متوقفة في قبولها وفي كمالها

- ‌الحادي عشر: يُسَهِّل على العبد فعل الخيرات، وترك المنكرات

- ‌الثاني عشر: التوحيد إذا كَمُل في القلب حبّب الله لصاحبه الإيمان

- ‌الثالث عشر: التوحيد يخفف عن العبد المكاره، ويهوِّن عليه الآلام

- ‌الرابع عشر: يحرِّر العبد من رِقّ المخلوقين والتعلُّقِ بهم

- ‌الخامس عشر: التوحيد إذا كَمُلَ في القلب

- ‌السادس عشر: تكفَّل الله لأهل التوحيد بالفتح، والنصر في الدنيا

- ‌السابع عشر: الله عز وجل يدفع عن الموحِّدين

- ‌المبحث الثاني: ظلمات الشرك

- ‌المطلب الأول: مفهوم الشرك

- ‌المطلب الثاني: البراهين الواضحات في إبطال الشرك

- ‌أولاً: كل من دعا نبيًّا، أو وليًّا، أو مَلَكًا، أو جنيًّا

- ‌ثانياً: من البراهين القطعية التي ينبغي تبيينها وتوضيحها

- ‌ثالثاً: من المعلوم عند جميع العقلاء أن كل ما عُبِدَ من دون الله من الآلهة ضعيف من كل الوجوه

- ‌رابعاً: من المعلوم يقينًا أن ما يعبده المشركون من دون الله:

- ‌خامساً: وقد أوضح الله تعالى، وبيّن سبحانه أن ما عُبِدَ من دونه قد توافرت فيهم جميع أسباب العجز

- ‌سادساً: قال الله عز وجل: {قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ الله

- ‌سابعاً: قال سبحانه وتعالى: {وَلَا تَدْعُ مِن دُونِ الله مَا لَا يَنفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ

- ‌ثامناً: قال الله عز وجل: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ الله

- ‌تاسعاً: ضرب الأمثال من أوضح وأقوى أساليب الإيضاح والبيان

- ‌1 - قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ

- ‌2 - ومن أحسن الأمثال وأدلّها على بطلان الشرك

- ‌3 - ومن أبلغ الأمثال التي تُبيّن أن المشرك قد تشتّت شمله

- ‌عاشراً: الذي يستحق العبادة وحده من يملك القدرة على كل شيء

- ‌1 - المتفرِّد بالألوهية:

- ‌2 - وهو الإله الذي خضع كل شيء لسلطانه

- ‌3 - وهو الإله الذي بيده النفع والضرّ

- ‌4 - وهو القادر على كل شيء

- ‌5 - إحاطة علمه بكل شيء

- ‌المطلب الثالث: الشفاعة

- ‌أولاً: مفهوم الشفاعة لغةً:

- ‌ثانيًا: يُرَدُّ على من طلب الشفاعة من غير الله تعالى بالأقوال الحكيمة الآتية:

- ‌1 - ليس المخلوق كالخالق

- ‌ الوسائط بين الملوك وبين الناس

- ‌الوجه الأول: إما لإخبارهم عن أحوال الناس بما لا يعرفونه

- ‌الوجه الثاني: أو يكون الملِكُ عاجزًا عن تدبير رعيته

- ‌الوجه الثالث: أو يكون الملك لا يُريدُ نفع رعيته

- ‌2 - الشفاعة: شفاعتان:

- ‌الشفاعة الأولى: الشفاعة المثبتة:

- ‌الشرط الأول: إذن الله للشّافع أن يشفع

- ‌الشرط الثاني: رضا الله عن الشّافع والمشفوع له

- ‌الشفاعة الثانية: الشفاعة المنفية:

- ‌3 - الاحتجاج على من طلب الشفاعة من غير الله

- ‌المطلب الرابع: مسبغ النعم المستحق للعبادة

- ‌أولاً: على وجه الإجمال:

- ‌ثانيًا: على وجه التفصيل:

- ‌المطلب الخامس: أسباب ووسائل الشرك

- ‌أولاً: الغلو في الصالحين هو سبب الشرك بالله تعالى

- ‌ثانياً: الإفراط في المدح والتجاوز فيه

- ‌ثالثاً: بناء المساجد على القبور، وتصوير الصُّوَر فيها:

- ‌رابعاً: اتخاذ القبور مساجد:

- ‌خامساً: إسراج القبور وزيارة النساء لها:

- ‌سادساً: الجلوس على القبور والصلاة إليها:

- ‌سابعاً: اتخاذ القبور عيدًا، وهجر الصلاة في البيوت

- ‌ثامناً: الصور وبناء القباب على القبور:

- ‌تاسعاً: شدّ الرّحال إلى غير المساجد الثلاثة:

- ‌عاشراً: الزيارة البدعية للقبور من وسائل الشرك

- ‌النوع الأول: زيارة شرعية

- ‌1 - من يسأل الميت حاجته

- ‌2 - من يسأل الله تعالى بالميت

- ‌3 - من يظنّ أن الدعاء عند القبور مُستجاب

- ‌الحادي عشر: الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها

- ‌الخلاصة:

- ‌المطلب السادس: أنواع الشرك وأقسامه

- ‌أولاً: الشرك أنواع، منها

- ‌النوع الأول: شرك أكبر يُخرج من الملّة

- ‌القسم الأول: شرك الدعوة:

- ‌القسم الثاني: شرك النية والإرادة والقصد:

- ‌القسم الثالث: شرك الطاعة:

- ‌القسم الرابع: شرك المحبة:

- ‌النوع الثاني: شرك أصغر لا يُخرج من الملة

- ‌ الشرك الأصغر قسمان:

- ‌القسم الأول: شرك ظاهر

- ‌النوع الأول: الألفاظ:

- ‌القسم الثاني من الشرك الأصغر: شرك خفي

- ‌النوع الأول: الرياء، والسمعة

- ‌‌‌النوع الثاني: إرادة الإنسان بعمله الدنيا:

- ‌النوع الثاني: إرادة الإنسان بعمله الدنيا:

- ‌ثانيًا: الفروق بين الشرك الأكبر والأصغر:

- ‌1 - الشرك الأكبر يخرج من الإسلام

- ‌2 - الشرك الأكبر يُخلّد صاحبه في النار

- ‌3 - الشرك الأكبر يُحبط جميع الأعمال

- ‌4 - الشرك الأكبر يُبيح الدم والمال

- ‌5 - الشرك الأكبر يوجب العداوة بين صاحبه وبين المؤمنين

- ‌المطلب السابع: أضرار الشرك وآثاره

- ‌أولاً: شرّ الدنيا والآخرة من أضرار الشرك وآثاره

- ‌ثانياً: الشرك هو السبب الأعظم لحصول الكربات في الدنيا والآخرة

- ‌ثالثاً: الشرك يسبب الخوف، وينزع الأمن في الدنيا والآخرة

- ‌رابعاً: يحصل لصاحب الشرك الضلال في الدنيا والآخرة

- ‌خامساً: الشرك الأكبر لا يغفره الله إذا مات صاحبه قبل التوبة

- ‌سادساً: الشرك الأكبر يحبط جميع الأعمال

- ‌سابعاً: الشرك الأكبر يوجب الله لصاحبه النار ويحرم عليه الجنة

- ‌ثامناً: الشرك الأكبر يخلد صاحبه في النار

- ‌تاسعاً: الشرك أعظم الظلم والافتراء

- ‌عاشراً: الله تعالى بريء من المشركين ورسولُهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌الحادي عشر: الشرك هو السبب الأعظم في نيل غضب الله وعقابه

- ‌الثاني عشر: الشرك يطفئ نور الفطرة

- ‌الثالث عشر: يقضي على الأخلاق الفاضلة

- ‌الرابع عشر: يقضي على عزّة النفس

- ‌الخامس عشر: الشرك الأكبر يبيح الدم والمال

- ‌السادس عشر: الشرك الأكبر يوجب العداوة بين صاحبه وبين المؤمنين

- ‌السابع عشر: الشرك الأصغر يُنقص الإيمان

- ‌الثامن عشر: الشرك الخفي، وهو شرك الرياء، والعمل لأجل الدنيا

الفصل: ‌المبحث الأول: النور والظلمات في الكتاب الكريم

‌الرسالة السادسة: النور والظلمات في الكتاب والسنة

‌التمهيد:

لا ريب أن الله عز وجل أنزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الوحي، وسمّاه روحاً؛ لأن الروح يحيا به الجسد، والقرآن تحيا به القلوب والأرواح، وتحيا به مصالح الدين والدنيا والآخرة، وجعله الله نوراً يهدي به من يشاء من عباده، فيستضيئون به في ظلمات الكفر، والشبهات والضلال، ويهتدون به إلى صراط مستقيم، قال الله عز وجل: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا

مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ * صِرَاطِ الله الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ أَلا إِلَى الله تَصِيرُ الأمُورُ} (1).

والله عز وجل يُخْرِجُ الناس بالوحي من ظلمات الجهل والكفر والأخلاق السيئة إلى نور العلم والإيمان والأخلاق الحسنة، قال عز وجل:{الَر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} (2).

وسأبيِّن ذلك بالتفصيل والإيجاز في المبحثين الآتيين:

‌المبحث الأول: النور والظلمات في الكتاب الكريم

جاء في كتاب الله عز وجل ذكر النور والظلمات في آيات كثيرة، وهذا فيه دلالة على الترغيب في العمل لاكتساب النور، وسؤال الله ذلك، والترهيب من

(1) سورة الشورى، الآيتان: 52 - 53.

(2)

سورة إبراهيم، الآية:1.

ص: 450

الظلمات والاستعاذة بالله من ذلك، ومن هذه الآيات ما يأتي:

1 -

قال الله عز وجل في شأن المنافقين: {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ الله بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَاّ يُبْصِرُونَ * صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ} (1).

جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما وقتادة، ومقاتل، والضّحاك، والسُّدّي أن هذه الآيات نزلت في المنافقين، يقول: مَثَلُهم في نفاقهم كمَثَلِ رجل أوقد ناراً في ليلة مظلمة في مفازة، فاستدفأ ورأى ما حوله، فاتقى مما يخاف، فبينما هو كذلك إذ طَفئت نارُه، فبقي في ظلمة خائفاً متحيِّراً، فكذلك المنافقون بإظهار كلمة الإيمان أَمِنوا على أموالهم، وأولادهم، وناكحوا المؤمنين، ووارثوهم، وقاسموهم الغنائم، فذلك نورهم، فإذا ماتوا عادوا إلى الظلمة والخوف (2).

واختار الإمام ابن جرير الطبري هذا القول، فقال:((وأولى التأويلات بالآية: ما قاله قتادة، والضحاك، وما رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس)) (3)، وذكر رحمه الله أن هؤلاء المنافقين أظهروا إيمانهم بالله، وملائكته، وكتبه ورسله، واليوم الآخر، حتى حُكِمَ لهم بذلك في الدنيا: في حقن الدماء والأموال، والأمن على الذرِّية، كمثل استضاءة الموقد للنار بالنار، حتى إذا انتفع بضيائها، وأبصر ما حوله خمدت النار، فذهب نوره، وعاد في ظلمة وحيرة، فالله عز وجل يُطفئ نورهم يوم القيامة،

(1) سورة البقرة، الآيتان: 17 - 18.

(2)

تفسير البغوي، 1/ 53.

(3)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 1/ 324، وذكر سنده لقولهم في: 1/ 323.

ص: 451

فيستنظروا المؤمنين؛ ليقتبسوا من نورهم، فيقال لهم:((ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً)) (1)، فقد حصل لهم في الآخرة ظلمة القبر، وظلمة الكفر، وظلمة النفاق، وظلمة المعاصي على اختلاف أنواعها (2).

واختار الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى أن هؤلاء آمنوا ثم كفروا فقال: ((وتقدير هذا المثل أن الله سبحانه شبَّههم في اشترائهم الضلالة بالهدى، وصيرورتهم بعد البصيرة إلى العمى بمن استوقد ناراً، فلما أضاءت

ما حوله، وانتفع بها، وأبصر بها ما عن يمينه وشماله، واستأنس بها، فبينما هو كذلك إذ طفئت ناره، وصار في ظلام شديد، لا يُبصر ولا يهتدي، وهو مع هذا أصمُّ لا يسمع، أبكمُ لا ينطق، أعمى لو كان ضياءً لما أبصر؛ فلهذا لا يرجع إلى ما كان عليه قبل ذلك، فكذلك هؤلاء المنافقون في استبدالهم الضلالة عوضاً عن الهدى، واستحبابهم الغيّ على الرشد، وفي هذا المثل دلالة على أنهم آمنوا ثم كفروا)) (3)، وقال رحمه الله:((وزعم ابن جرير أن المضروب لهم المثل هاهنا لم يؤمنوا في وقت من الأوقات، واحتج بقوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِالله وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ} (4)، والصواب أن هذا إخبار عنهم في حال نفاقهم وكفرهم، وهذا لا ينافي أنه كان حصل لهم إيمان قبل ذلك، ثم سُلبوه، وطبع على قلوبهم، ولم يستحضر ابن جرير هذه الآية: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا

(1) انظر: جامع البيان عن تأويل آي القرآن،1/ 326،والجامع لأحكام القرآن، للقرطبي، 1/ 230.

(2)

انظر: تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للسعدي، ص27.

(3)

تفسير القرآن العظيم، 1/ 51.

(4)

سورة البقرة، الآية:8.

ص: 452

ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ} (1) انتهى (2).

قال العلامة السعدي رحمه الله تعالى: ((مثلهم المطابق لما كانوا عليه كمثل الذي استوقد ناراً: أي كان في ظلمة عظيمة، وحاجة إلى النار شديدة، فاستوقدها من غيره، ولم تكن عنده مُعدَّةً، بل هي خارجة عنه، فلما أضاءت النار ما حوله، ونظر المحل الذي هو فيه، وما فيه من المخاوف، وأمنها، وانتفع بتلك النار، وقرت بها عينه، وظن أنه قادر عليها، فبينما هو كذلك ذهب الله بنوره، فزال عنه النور، وذهب معه السرور، وبقي في الظلمة العظيمة، والنار محرقة فذهب ما فيها من الإشراق، وبقي ما فيها من الإحراق، فبقي في ظلمات متعددة: ظلمة الليل، وظلمة السحاب، وظلمة المطر، والظلمة الحاصلة بعد النور، فكيف يكون حال هذا الموصوف؟ فكذلك هؤلاء المنافقون، استوقدوا نار الإيمان من المؤمنين، ولم تكن صفةً لهم، فاستضاؤوا بها مؤقتاً، وانتفعوا، فحُقنت بذلك دماؤهم، وسَلِمت أموالهم، وحصل لهم نوع من الأمن في الدنيا، فبينما هم كذلك إذ هجم عليهم الموتُ فسلبهم الانتفاع بذلك النور، وحصل لهم كلُّ همٍّ وغمٍّ وعذاب، وحصل لهم: ظلمة القبر، وظلمة الكفر، وظلمة النفاق، وظلمة المعاصي، على اختلاف أنواعها، وبعد ذلك ظلمة النار وبئس القرار؛ فلهذا قال تعالى:{صُمٌّ} أي عن سماع الخير، {بُكْمٌ} أي عن النطق به، {عُمْيٌ} أي عن رؤية الحق، {فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ} ؛ لأنهم تركوا الحق بعد أن عرفوه، فلا

(1) سورة المنافقون، الآية:3.

(2)

تفسير القرآن العظيم، 1/ 51.

ص: 453

يرجعون إليه، بخلاف من ترك الحق عن جهل، فإنه لا يعقل، وهو أقرب رجوعاً منهم)) (1).

وقال الإمام ابن القيم رحمه الله: ((شبَّه سبحانه أعداءه المنافقين بقوم أوقدوا ناراً؛ لتضيء لهم، وينتفعوا بها، فلما أضاءت لهم النار فأبصروا في ضوئها ما ينفعهم ويضرهم، وأبصروا الطريق بعد أن كانوا حيارى تائهين، فهم قوم سَفَر ضلُّوا الطريق فأوقدوا النار تضيء لهم الطريق، فلما أضاءت لهم وأبصروا وعرفوا طفئت تلك الأنوار، وبقوا في الظلمات لا يبصرون، وقد سُدّت عليهم أبواب الهدى الثلاثة؛ فإن الهدى يدخل إلى العبد من ثلاثة أبواب: مما يسمعه بأذنه، ويراه بعينه، ويعقله بقلبه، وهؤلاء قد سُدَّت عليهم أبواب الهدى، فلا تسمع قلوبهم شيئاً، ولا تبصره، ولا تعقل ما ينفعها)) (2).

وبيَّن رحمه الله تعالى أن الله سبحانه وتعالى: ((سَمَّى كتابه نوراً، ورسوله صلى الله عليه وسلم نوراً، ودينه نوراً، وهُدَاه نوراً، ومن أسمائه النور، والصلاة نور، فذهابه سبحانه بنورهم ذهاب بهذا كله)) (3)، وبيّن رحمه الله: ((أن الخارجين عن طاعة الرسل يتقلَّبون في عشر ظلمات: ظلمة الطبع، وظلمة الجهل، وظلمة الهوى، وظلمة القول، وظلمة العمل، وظلمة المدخل، وظلمة المخرج، وظلمة القبر، وظلمة القيامة، وظلمة دار القرار، فالظلمة لازمة لهم في دورهم الثلاث، وأتباع الرسل صلوات الله وسلامه عليهم

(1) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للسعدي، ص27.

(2)

اجتماع الجيوش الإسلامية، 2/ 63.

(3)

المرجع السابق، 2/ 35، وانظر: 2/ 44.

ص: 454

يتقلبون في عشرة أنوار، ولهذه الأمة ونبيها صلى الله عليه وسلم من النور ما ليس لأمة غيرها، ولنبيها صلى الله عليه وسلم من النور ما ليس لنبي غيره)) (1).

2 -

وقول الله تعالى: {أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصْابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ والله مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ * يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُم مَّشَوْاْ فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ وَلَوْ شَاءَ الله لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ الله عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير} (2)، وهذا مثل آخر ضربه الله عز وجل للمنافقين، بمعنى: إن شئت مثِّلْهم بالمستوقد، وإن شئت بأهل الصيِّب، وهو المطر الذي يصوب: أي ينزل من السماء إلى الأرض، وقيل:{أَوْ} بمعنى الواو، يريد: وكصيِّبٍ {فِيهِ ظُلُمَاتٌ} أي: ظلمة الليل، وظلمة السحاب، وظلمة المطر، {وَرَعْدٌ}: وهو الصوت الذي يسمع من السحاب،

{وَبَرْقٌ} ، وهو الضوء اللامع المشاهد مع السحاب {كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ} البرق في تلك الظلمات {مَّشَوْاْ فِيهِ} ، {وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ}: أي وقفوا متحيرين (3).

فالله تعالى شَبَّههم في كفرهم ونفاقهم بقومٍ كانوا في مفازةٍ وسوادٍ في ليلةٍ مظلمة، أصابهم فيها مطرٌ فيه ظلمات، من صفتها أن السَّاري لا

(1) المرجع السابق، 2/ 43.

(2)

سورة البقرة، الآيتان: 19 - 20.

(3)

انظر: جامع البيان عن تأويل القرآن، للطبري، 1/ 333 - 362، والجامع لأحكام القرآن، للقرطبي، 1/ 233 - 242، وتفسير البغوي، 1/ 53 - 54، وتفسير القرآن العظيم، لابن كثير،

1/ 53، وتيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للسعدي، ص27.

ص: 455

يمكنه المشي فيها، وصواعق من صفتها أن يضم السامعون أصابعهم إلى آذانهم من هولها، وقوة صوتها المخيفة، وبرق من صفته أن يقرب من خطف أبصارهم، ويعميها من شدة توقُّده. فهذا مَثَلٌ ضربه الله للقرآن وصنيع الكافرين والمنافقين معه، فالمطر: القرآن؛ لأنه حياة القلوب، كما أن المطر حياة الأبدان، والظلمات: الكفر والشرك الذي حذَّر عنه القرآن، والرعد ما خوِّفوا به من الوعيد، وذكر النار، والبرق ما فيه من الهدى والبيان، والوعد، وذكر الجنة، فالمنافقون يسدُّون آذانهم عند قراءة القرآن، مخافةَ ميل القلب إليه؛ لأن الإيمان عندهم كفر، والكفر موت

{يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ} : أي يبهر قلوبهم (1).

وقال العلامة السعدي رحمه الله بعد أن ذكر تفسير الآية: ((فهكذا حالة المنافقين إذا سمعوا القرآن، وأوامره، ونواهيه، ووعده، ونهيه، ووعيده جعلوا أصابعهم في آذانهم، وأعرضوا عن أمره ونهيه، ووعده، ووعيده، فيروعهم وعيده، وتزعجهم وعوده، فهم يعرضون عنها غاية ما يمكنهم، ويكرهونها كراهة صاحب الصيِّب الذي يسمع الرعد فيجعل أصابعه في أذنيه خشية الموت، فهذا ربما حصلت له السلامة، وأما المنافقون فأنَّى لهم السلامة، وهو تعالى محيط بهم: قدرةً، وعلماً، فلا يفوتونه، ولا يعجزونه، بل يحفظ عليهم أعمالهم، ويجازيهم عليها أتمَّ الجزاء، ولَمّا كانوا مُبتلين بالصَّمَمِ، والبكم، والعمى المعنوي، ومسدودة عليهم طرق الإيمان، قال تعالى: {وَلَوْ شَاءَ الله لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ

(1) تفسير البغوي، 1/ 54.

ص: 456

وَأَبْصَارِهِمْ} أي الحسية، ففيه تخويف لهم، وتحذير من العقوبة الدنيوية؛ ليحذروا فيرتدعوا عن بعض شرهم، ونفاقهم {إِنَّ الله عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ، فلا يعجزه شيء، ومن قدرته أنه إذا شاء شيئاً فعله من غير ممانع ولا معارض)) (1).

وقد تكلَّم الإمام ابن القيم رحمه الله كلاماً نفيساً بعد أن ذكر المثل الناري للمنافقين، فقال:((ثم ذكر حالهم بالنسبة إلى المثل المائي، فشبههم بأصحاب صيِّب، وهو المطر الذي يصوَّب: أي ينزل من السماء، فيه ظلمات، ورعد، وبرق؛ فلضعف بصائرهم وعقولهم اشتدت عليهم زواجر القرآن، ووعده، ووعيده، وتهديده، وأوامره، ونواهيه، وخطابه الذي يشبه الصواعق، فحالهم كحال من أصابه مطر فيه ظلمة، ورعد، وبرق؛ فلضعفه وخوفه جعل أصبعيه في أذنيه خشيةً من صاعقة تصيبه)) (2).

3 -

قال الله عز وجل: {الله وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (3).

لا شك أن الله عز وجل نصير المؤمنين، وظهيرهم، ويتولاهم بعونه وتوفيقه، ويخرجهم من ظلمات: الكفر، والشرك، والضلالة، إلى نور:

(1) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للسعدي، ص27.

(2)

أمثال القرآن، ص18، وانظر: اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية، لابن القيم، 2/ 68، ففيه كلام عظيم النفع.

(3)

سورة البقرة، الآية:257.

ص: 457

الإيمان، والتوحيد، والهداية، وقد جعل سبحانه الظلمات للكفر مثلاً؛ لأن الظلمات حاجبة للأبصار عن إدراك الأشياء وإثباتها، وكذلك الكفر حاجبٌ أبصار القلوب عن إدراك حقائق الإيمان والعلم بصحة أسبابه، فالله عز وجل وليُّ المؤمنين، ومُبصِّرهم حقيقة الإيمان، وسبله، وشرائعه، وحججه، وهاديهم فموفِّقهم لأدلته المزيلة عنهم الشكوك بكشفه عنهم دواعي الكفر، وظُلَمِ سواتره عن إبصار القلوب، والذين كفروا بجحد وحدانيته، نُصَراؤهم وظُهراؤهم الذين يتولونهم {الطَّاغُوتُ} وهم: الأنداد، والأوثان الذين يعبدونهم من دون الله، يخرجونهم من نور الإيمان إلى ظلمات الكفر، وشكوكه الحائلة دون إبصار القلوب، ورؤية ضياء الإيمان وحقائق أدلته وسُبُله (1).

4 -

وقال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا * فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ بِالله وَاعْتَصَمُواْ بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا} (2).

فبيّن الله عز وجل أنه قد جاء جميع الناس حجة منه سبحانه، وبرهان قاطع للعذر، والحجة المزيلة للشبهة، وهو محمد صلى الله عليه وسلم الذي جعله الله حجة قطع بها أعذار الناس، وأنزل الله معه النور الواضح المبين ((وهو القرآن الكريم)) الذي يُبيّن الحجة الواضحة، والسبل الهادية إلى ما فيه النجاة من

(1) انظر: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، للطبري، 1/ 318، و5/ 424، والجامع لأحكام القرآن، للقرطبي، 3/ 282.

(2)

سورة النساء، الآيتان: 174 - 175.

ص: 458

عذاب الله، وأليم عقابه، لمن سلكها واستنار بضوئها (1). والله عز وجل قد جعل النور في كتبه التي أنزلها على رسله، قال الله عز وجل:{إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ} (2)، وقال سبحانه وتعالى:{قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِّلنَّاسِ} (3)، وقال تعالى في عيسى صلى الله عليه وسلم:{وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ} (4)، وقد أنزل الله عز وجل القرآن الكريم، وختم به هذه الأنوار، فهو النور الأعظم، قال الله تعالى:{وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ الله} (5).

5 -

وقال الله عز وجل: {قَدْ جَاءَكُم مِّنَ الله نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ} (6): يعني بالنور محمداً صلى الله عليه وسلم الذي أنار الله به الحق، وأظهر به الإسلام، ومحق به الشرك، فهو نور لمن استنار به، يُبيّن الحق، قال الله عز وجل:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا، وَدَاعِيًا إِلَى الله بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا} (7)، ومن إنارته صلى الله عليه وسلم للحق تبيينه لليهود كثيراً مما كانوا يخفون من الكتاب، وقوله تعالى:{وَكِتَابٌ مُّبِينٌ} يعني كتاباً فيه بيان ما اختلفوا فيه بينهم: من توحيد الله، وحلاله، وحرامه، وشرائع دينه، وهو القرآن الذي أنزله

(1) انظر: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، للطبري، 9/ 427،وتفسير القرآن العظيم، لابن كثير، 1/ 560.

(2)

سورة المائدة، الآية:44.

(3)

سورة الأنعام، الآية:91.

(4)

سورة المائدة، الآية:46.

(5)

سورة المائدة، الآية:48.

(6)

سورة المائدة، الآيتان: 15 - 16.

(7)

سورة الأحزاب، الآيتان: 45 - 46.

ص: 459

على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يُبين للناس ما بهم الحاجة إليه من أمر دينهم، ويوضحه لهم، حتى يعرفوا حقَّه من باطله (1).

{يَهْدِي بِهِ الله مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} سبل السلام: طرق السلام، والسلام هو الله عز وجل، وسبيل الله الذي شرعه لعباده، ودعاهم إليه، وابتعث به رسله: هو الإسلام الذي لا يقبل من أحد عملاً إلا به، ويخرجهم من الظلمات إلى النور: يعني من ظلمات الكفر والشرك إلى نور الإسلام وضيائه (2).

وقال السعدي رحمه الله: ((ظلمات: الكفر، والبدعة، والمعصية، والجهل والغفلة، إلى نور: الإيمان، والسنة، والطاعة، والعلم والذكر)) (3).

6 -

وقال عز وجل: {الْحَمْدُ لله الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ} (4)، قال الإمام القرطبي رحمه الله في تفسير هذه الآية:((واختلف العلماء في المعنى المراد بالظلمات والنور، فقال السدي، وقتادة، وجمهور المفسرين: المراد سواد الليل، وضياء النهار، وقال الحسن: الكفر، والإيمان، قلت: اللفظ يعمُّه)) (5)، وقال السعدي رحمه الله: ((فحَمِد نفسه على خلق السموات والأرض

(1) جامع البيان عن تأويل آي القرآن، للطبري، 10/ 143.

(2)

المرجع السابق، 10/ 145.

(3)

تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للسعدي، ص188.

(4)

سورة الأنعام، الآية:1.

(5)

الجامع لأحكام القرآن، 6/ 361.

ص: 460

الدّالّة على كمال قدرته، وسَعَة علمه، ورحمته، وعموم حكمته، وانفراده بالخلق والتدبير، وعلى جعله الظلمات والنور، وذلك شامل للحسِّي من ذلك: كالليل والنهار، والشمس والقمر، والمعنوي: ظلمات: الجهل، والشك، والشرك، والمعصية، والغفلة، ونور العلم، والإيمان، واليقين، والطاعة، وهذا كله يدلّ دلالة قاطعة أنه تعالى هو المستحق للعبادة وإخلاص الدين له (1).

7 -

وقال سبحانه وتعالى: {أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ

مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} (2).

هذا مثل ضربه الله للمؤمن الذي كان ميتاً: أي في الضلالة حائراً، فأحيا الله قلبه بالإيمان، وهداه له ووفقه لاتِّباع رسوله صلى الله عليه وسلم (3)، فقد كان ميِّت القلب بعدم روح العلم والهدى والإيمان، وبجهله بتوحيد الله وشرائع دينه، وتَرْكِهِ العمل لله بما يؤدي إلى نجاته، فأحياه الله بروح أخرى غير الروح التي أحيا بها بدنه، وهي روح هدايته للإسلام، ومعرفة الله وتوحيده، ومحبته، وعبادته وحده لا شريك له، وجعل له نوراً يمشي به بين الناس، وهو نور القرآن والإسلام، فهل يستوي هذا بمن هو في الظلمات: ظلمات الجهل، والكفر، والشرك، والشكّ، والغيّ والإعراض، والمعاصي؟ ليس بخارجٍ منها؛ قد التبست عليه الطرق

(1) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للسعدي، ص212.

(2)

سورة الأنعام، الآية:122.

(3)

انظر: تفسير القرآن العظيم، لابن كثير، 2/ 163.

ص: 461

وأظلمت عليه المسالك، فحضره الهمُّ، والغمُّ، والحزن، والشقاء، فنبه عز وجل العقول بما تدركه وتعرفه، أنه لا يستوي هذا ولا هذا، كما لا يستوي الليل والنهار، والضياء والظلمة، والأحياء والأموات، فكأنه قيل: فكيف يُؤثِر من له مسكة من عقل أن يكون بهذه الحالة، وأن يبقى في الظلمات متحيِّراً؛ فأجاب بأنه {زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} ، فلم يزل الشيطان يُحَسِّن لهم أعمالهم، ويُزَيِّنُها في قلوبهم، حتى استحسنوها ورأوها حقاً، وصار ذلك عقيدة في قلوبهم، وصفة راسخة ملازمة لهم (1).

8 -

وقال سبحانه وتعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (2).

بيّن وأوضح سبحانه وتعالى أن اليهود والنصارى ومن معهم من المشركين

{يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ الله بِأَفْوَاهِهِمْ} ونور الله: دينه الذي أرسل به محمداً صلى الله عليه وسلم، وسمّاه الله نوراً؛ لأنه يستنار به في ظلمات الجهل، والأديان الباطلة؛ فإنه علمٌ بالحق، وعملٌ بالحق، ويدخل في هذا النور حجج الله على توحيده؛ فإنّ البراهين نور لما فيها من البيان، فهؤلاء اليهود والنصارى ومن ضاهاهم من المشركين يريدون أن يطفئوا نور الله بمجرد أقوالهم الباطلة، وجدالهم، وافترائهم، فمثلهم كمثل من يريد أنْ يُطفئ شعاع الشمس أو نور القمر بنفخه، وهذا لا سبيل إليه، فلا على

(1) انظر: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، للطبري، 12/ 88، ومدارج السالكين، لابن القيم،

3/ 258، وتفسير القرآن العظيم، لابن كثير، 2/ 163، وتيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للسعدي، ص234.

(2)

سورة التوبة، الآية:32.

ص: 462

مرادهم حصلوا، ولا سلمت عقولهم من النقص والقدح فيها (1)، قال الله عز وجل:{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى الله الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الإِسْلامِ وَالله لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ الله بِأَفْوَاهِهِمْ وَالله مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (2).

9 -

وقال سبحانه وتعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ} (3)، قال قتادة:((أما الأعمى والبصير: فالكافر والمؤمن، وأما الظلمات والنور: فالهدى والضلالة)) (4).

10 -

وقال عز وجل: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} (5)، قال قتادة:{لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} أي: من الضلالة إلى الهدى)) (6)، قال السعدي رحمه الله: ليخرج الناس من ظلمات الجهل، والكفر، والأخلاق السيئة، وأنواع المعاصي إلى نور العلم، والإيمان، والأخلاق الحسنة)) (7).

11 -

وقال سبحانه: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ

(1) انظر: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، للطبري، 14/ 213 - 214، والجامع لأحكام القرآن، للقرطبي، 8/ 614، وتفسير القرآن العظيم، لابن كثير، 2/ 334، وتيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للسعدي، ص295، وص797.

(2)

سورة الصف، الآيتان: 7 - 8.

(3)

سورة الرعد، الآية:16.

(4)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن، للطبري، 16/ 407.

(5)

سورة إبراهيم، الآية:1.

(6)

جامع البيان عن تأويل أي القرآن، للطبري، 16/ 512.

(7)

تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للسعدي، ص375.

ص: 463

مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ الله إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} (1): أي ادعهم من الضلالة إلى الهدى (2).

وقال السعدي رحمه الله: ((أي ظلمات الجهل والكفر، وفروعه إلى نور العلم والإيمان وتوابعه)) (3).

12 -

وقال الله عز وجل: {الله نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي الله لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ وَيَضْرِبُ الله الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَالله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (4).

وقد فُسِّرَ قوله تعالى: {الله نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} فقيل في تفسير ذلك أقوال:

1 -

الله هادي أهل السموات والأرض.

2 -

الله يُدبِّر الأمر في السموات والأرض: نجومها، وشمسها، وقمرها، فهو سبحانه مُنوِّر السموات والأرض.

3 -

الله ضياء السموات والأرض (5).

(1) سورة إبراهيم، الآية:5.

(2)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن، للطبري، 16/ 518.

(3)

تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للسعدي، ص316.

(4)

سورة النور، الآية:35.

(5)

انظر: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، لابن جرير الطبري، 19/ 177، وتفسير البغوي،

3/ 345، والجامع لأحكام القرآن، للقرطبي، 11/ 258، وتفسير القرآن العظيم، لابن كثير،

3/ 280، واجتماع الجيوش الإسلامية، لابن القيم، 2/ 44.

ص: 464

قال الإمام ابن القيم رحمه الله: ((والحق أنه نور السموات والأرض بهذه الاعتبارات كلِّها)) (1).

فالله عز وجل هادي أهل السموات والأرض، فهم بنوره إلى الحق يهتدون، وبهداه من الضلالة ينجون، وهو سبحانه منوِّر السموات والأرض، ومُدَبِّر الأمر فيهما: بنجومها، وشمسها، وقمرها، وهو عز وجل نور؛ فقد سمَّى نفسه نوراً، وجعل كتابه نوراً، ورسوله نوراً، ودينه نوراً، واحتجب عن خلقه بالنور، وجعل دار أوليائه نوراً تتلألأ (2).

قال العلامة عبد الرحمن السعدي رحمه الله: (({الله نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ}، الحسي والمعنوي، وذلك أنه تعالى بذاته نور، وحجابه نور، الذي لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه، وبه استنار العرش، والكرسي، والشمس، والقمر، والنور، وبه استنارت الجنة. وكذلك المعنوي يرجع إلى الله: فكتابه نور، وشرعه نور، والإيمان والمعرفة في قلوب رسله وعباده المؤمنين نور، فلولا نوره تعالى لتراكمت الظلمات؛ ولهذا كل محل يفقد نوره فَثمَّ الظلمة والحصر)) (3).

والنور يضاف إلى الله عز وجل على وجهين: إضافة صفة إلى موصوفها، وإضافة مفعول إلى فاعله، فالأول كقوله تعالى: {وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ

(1) اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية، 2/ 46.

(2)

انظر: المرجع السابق، 2/ 44.

(3)

تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للسعدي، ص517.

ص: 465

رَبِّهَا} (1)، فهذا إشراقها يوم القيامة بنوره تعالى إذا جاء لفصل القضاء (2)، وقد ثبتت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في إثبات صفة النور والفعل لله عز وجل، وأنه نور السموات والأرض وما فيهما، ومُنوِّرهما وما فيهما، وهي على النحو الآتي:

الحديث الأول: حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام يتهجَّد من الليل قال: ((اللهم لك الحمد أنت نور السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت قيِّم السموات والأرض ومن فيهن

)) الحديث (3).

الحديث الثاني: حديث أبي موسى رضي الله عنه قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس كلمات فقال: ((إن الله عز وجل لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يُرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابُه النور، لو كشفه لأحرقت سُبُحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه)) (4).

فالله عز وجل لا ينام وهو منزه عن ذلك، قال الله عز وجل:{الله لَا إِلَهَ إِلَاّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} (5)، والسِّنة: النعاس. وهو عز وجل يخفض الميزان ويرفعه، وسُمِّي الميزان قسطاً؛ لأن القسط العدل وبالميزان

(1) سورة الزمر، الآية:69.

(2)

انظر: اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية، 2/ 45.

(3)

متفق عليه: البخاري، كتاب التهجد، باب التهجد بالليل، 1/ 532، برقم 1120، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم 769.

(4)

صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب قوله صلى الله عليه وسلم:((إن الله لا ينام))، 1/ 162، برقم 179.

(5)

سورة البقرة، الآية:255.

ص: 466

يقع العدل. والمراد أن الله تعالى يخفض الميزان ويرفعه بما يوزن من أعمال العباد المرتفعة، ويوزن من أرزاقهم النازلة، وقيل: المراد بالقسط: الرزق الذي هو قسط كل مخلوق يخفضه فيقتره، ويرفعه فيوسعه، والله أعلم (1)، وهو عز وجل يُرفَع إليه عمل الليل قبل عمل النهار الذي بعده، وعمل النهار قبل عمل الليل الذي بعده؛ فإن الملائكة الحَفَظَة يصعدون بأعمال الليل بعد انقضائه في أول النهار، ويصعدون بأعمال النهار بعد انقضائه في أول الليل، والله أعلم (2)، والله تبارك وتعالى حجابه النور: أي الحجاب المانع والساتر من رؤيته النور، وسبحات وجهه: نوره وجلاله، ولو كشف وأزال الحجاب المُسمَّى نوراً، وتجلّى لخلقه لأحرقت سبحات وجهه جميع مخلوقاته؛ لأن بصره عز وجل محيط بجميع الكائنات (3).

الحديث الثالث: حديث أبي ذر رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم:هل رأيت ربك؟ قال: ((نورٌ أنَّى أراه))،وفي رواية:((رأيتُ نوراً)) (4)،والمعنى حجابه النور فكيف أراه (5)،قال الإمام ابن القيم رحمه الله: ((

سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: ((معناه كان ثَمَّ نور، أو حال دون رؤيته نور، فأنّى أراه)) (6).

وقوله عز وجل: {مَثَلُ نُورِهِ} قيل في تفسير ((الهاء)) أقوال على النحو الآتي:

(1) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، 3/ 16.

(2)

انظر: المرجع السابق، 3/ 17.

(3)

انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، 3/ 17.

(4)

صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب قوله صلى الله عليه وسلم:((نور أنى أراه)) 1/ 161، برقم 178.

(5)

شرح النووي على صحيح مسلم، 3/ 15.

(6)

اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية، 2/ 47.

ص: 467

القول الأول: مثل نور الله: أي مثل: هدى الله في قلب المؤمن.

القول الثاني: مثل نور المؤمن الذي في قلبه من القرآن والإيمان.

القول الثالث: مثل نور محمد صلى الله عليه وسلم.

القول الرابع: مثل نور القرآن (1).

قال الإمام ابن القيم رحمه الله: والصحيح أنه يعود على الله عز وجل، والمعنى: مثل نور الله سبحانه وتعالى في قلب عبده، وأعظم عباده نصيباً من هذا النور رسوله صلى الله عليه وسلم، فهذا مع تضمُّن عود الضمير إلى المذكور، وهو وجه الكلام، يتضمن التقادير الثلاثة، وهو أتمّ معنىً ولفظاً، وهذا النور يضاف إلى الله تعالى إذ هو معطيه لعبده، وواهبه إياه، ويُضاف إلى العبد إذ هو محله وقابله، فيضاف إلى الفاعل والقابل، ولهذا النور فاعل، وقابل، ومحل، وحامل، ومادة، وقد تضمَّنت الآية ذكر هذه الأمور كلها على وجه التفصيل: فالفاعل هو الله تعالى، مُفيض الأنوار، الهادي لنوره من يشاء، والقابل العبد المؤمن، والمحل قلبه، والحامل: همته، وعزيمته، وإرادته، والمادة: قوله وعمله)) (2).

وقوله عز وجل: {كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ} فيه أقوال النحو الآتي:

القول الأول: المشكاة: كلّ كُوَّةٍ لا منفذ لها، وهذا مثل ضربه الله

(1) انظر: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، للطبري، 19/ 178 - 179، وتفسير البغوي، 3/ 345، والجامع لأحكام القرآن، للقرطبي، 11/ 261، وتفسير القرآن العظيم، لابن كثير، 3/ 280.

(2)

اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية، 2/ 49 - 50.

ص: 468

لمحمد صلى الله عليه وسلم، والمصباح قلبه، والزجاجة صدره.

القول الثاني: المشكاة: صدر المؤمن، والمصباح القرآن والإيمان، والزجاجة قلبه.

القول الثالث: هو مثل للمؤمن غير أن المصباح وما فيه مثل لفؤاده، والمشكاة مثل لجوفه، ومعنى نور على نور: يعني إيمانه وعمله.

القول الرابع: مثل القرآن في قلب المؤمن.

واختار الإمام ابن جرير رحمه الله أن أولى الأقوال بالصواب في ذلك قول من قال: ذلك مثل ضربه الله للقرآن في قلوب أهل الإيمان به، فقال: مثل نور الله الذي أنار به لعباده سبيل الرشاد الذي أنزله إليهم، فآمنوا به وصدّقوا بما فيه، في قلوب المؤمنين مثل مشكاة، وهي عمود القنديل الذي في الفتيلة، وذلك هو نظير الكوّة التي تكون في الحيطان لا منفذ لها، وإنما جعل ذلك العمود مشكاة لأنه غير نافذ، وهو أجوف مفتوح الأعلى، فهو كالكوّة التي في الحائط لاتنفذ، {فِيهَا مِصْبَاحٌ}: والمصباح هو السراج، وجعل السراج هو المصباح مثلاً لما في قلب المؤمن من القرآن والآيات البينات، {الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ}: يعني أن السراج الذي في المشكاة في القنديل: وهو الزجاجة وذلك مثل القرآن، يقول القرآن الذي في قلب المؤمن الذي أنار الله قلبه في صدره، ثم مثل الصدر في خلوصه من الكفر بالله، والشك فيه واستنارته بنور القرآن، واستضاءته بآيات ربه البينات، ومواعظه فيها بالكوكب الدّريّ، فقال:

ص: 469

{الزُّجَاجَةُ} ، وذلك صدر المؤمن الذي فيه قلبه، كأنه كوكب دُرّيّ)) (1).

وقوله تعالى: {يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ} ، وفي تفسيرها أقوال:

1 -

قيل: شرقية غربية تطلع عليها الشمس بالغداة، وتغرب عليها، فيصيبها حر الشمس بالغداة والعشي، وهذا أجود لزيتها.

2 -

وقيل: هي شجرة وسط الشجر ليست من الشرق ولا من الغرب.

3 -

وقيل: هي شجرة ليست من شجر الدنيا.

قال الإمام الطبري رحمه الله: ((وأولى هذه الأقوال قول من قال: إنها شرقية غربية، وقال: ومعنى الكلام: ليست شرقية تطلع عليها الشمس بالعشي دون الغداة، ولكن الشمس تشرق عليها وتغرب، فهي شرقية غربية)) (2).

وقوله تعالى: {نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي الله لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ وَيَضْرِبُ الله الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَالله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} .

والمعنى: هذا القرآن نور من عند الله أنزله إلى خلقه يستضيئون به

{عَلَى نُورٍ} على الحجج والبيان الذي قد نصبه لهم قبل مجيء القرآن، مما يدل على حقيقة وحدانيته، وذلك بيان من الله، ونور على البيان، والنور

(1) جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 19/ 184، بتصرف يسير.

(2)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن، 19/ 187، وانظر: الجامع لأحكام القرآن، للقرطبي،

11/ 261، وتفسير البغوي، 3/ 347، وتفسير القرآن العظيم، لابن كثير، 3/ 281، واجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية، 2/ 51، وتيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للسعدي، ص517.

ص: 470

الذي كان وضعه لهم ونصبه قبل نزوله، والله عز وجل يوفق لاتّباع نوره من يشاء من عباده، ويُمثّل الأمثال والأشباه للناس، كما مثل لهم هذا القرآن في قلب المؤمن بالمصباح في المشكاة، وسائر ما في هذه الآية من الأمثال، وهو سبحانه يضرب الأمثال عن علم سبحانه عز وجل (1).

وذكر ابن كثير رحمه الله أن أُبي بن كعب رضي الله عنه قال في تفسير: {نُّورٌ عَلَى نُورٍ} [إيمان العبد وعمله]: ((فهو يتقلب في خمسة أنوار: فكلامه نور، وعمله نور، ومدخله نور، ومخرجه نور، ومصيره إلى النور يوم القيامة إلى الجنة)) (2).

وتكلّم العلامة عبد الرحمن السعدي رحمه الله على تفسير: {مَثَلُ

نُورِهِ} الذي يهدي إليه، وهو نور الإيمان والقرآن في قلب المؤمن

{كَمِشْكَاةٍ} أي كوة {فِيهَا مِصْبَاحٌ} ؛ لأن الكوة تجمع نور المصباح بحيث لا يتفرق ذلك {الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ} من صفائها وبهائها {كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ} أي مضيء إضاءة الدُّرّ، {يُوقَدُ} ذلك المصباح الذي في تلك الزجاجة الدرية {مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ}: أي يوقد من زيت الزيتون، الذي ناره من أنور ما يكون {لا شَرْقِيَّةٍ} فقط، فلا تصيبها الشمس آخر النهار، {وَلا غَرْبِيَّةٍ} فقط، فلا تصيبها الشمس أول النهار، وإذا انتفى عنها الأمران، كانت متوسطة من الأرض كزيتون الشام، تصيبه الشمس أول النهار وآخره، فيحسن ويطيب، ويكون أصفى لزيتها؛ ولهذا قال:{يَكَادُ زَيْتُهَا} من صفائها {يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ

(1) انظر: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، للطبري، 19/ 188.

(2)

تفسير القرآن العظيم، 3/ 281، وانظر: تفسير البغوي، 3/ 347.

ص: 471

تَمْسَسْهُ نَارٌ} فإذا مسته النار أضاء إضاءة بليغة {نُّورٌ عَلَى نُورٍ} أي نور النار ونور الزيت ووجه هذا المثل الذي ضربه الله، وتطبيقه على حالة المؤمن ونور الله في قلبه، أن فطرته التي فُطِر عليها بمنزلة الزيت الصافي، ففطرته صافية، مستعدة للتعاليم الإلهية، والعمل المشروع، فإذا وصل إليه العلم والإيمان اشتعل ذلك النور في قلبه، بمنزلة إشعال النار فتيلة ذلك المصباح، وهو صافي القلب: من سوء القصد، وسوء الفهم عن الله، إذا وصل إليه الإيمان أضاء إضاءةً عظيمة؛ لصفائها من الكدورات، وذلك بمنزلة صفاء الزجاجة الدّريّة، فيجتمع له: نور الفطرة، ونور الإيمان، ونور العلم، وصفاء المعرفة، ونور على نوره، ولما كان هذا من نور الله تعالى، وليس كل أحد يصلح له ذلك قال:{يَهْدِي الله لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ} ممن يعلم زكاءه وطهارته، وأنه يزكى معه وينمو، {وَيَضْرِبُ الله الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ} ليعقلوا عنه، ويفهموا لطفاً منه بهم، وإحساناً إليهم؛ وليتضح الحق من الباطل، فإن الأمثال تُقرِّب المعاني المعقولة من المحسوسة، فيعلمها العباد علماً واضحاً {وَالله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} ، فعلمه محيط بجميع الأشياء، فَلْتَعْلموا أن ضربه الأمثال ضربُ من يعلم حقائق الأشياء، وتفاصيلها، وأنها مصلحة للعباد، فليكُن اشتغالكم بتدبُّرها وتعقُّلها، لا بالاعتراض عليها، ولا بمعارضتها، وأنتم لا تعلمون)) (1)، وهذه الآية من أولها إلى آخرها فيها فوائد عظيمة، وأمثال حكيمة بليغة؛ ولهذا قال الإمام ابن القيم رحمه الله: ((وهذا التشبيه العجيب الذي تضمنته الآية فيه من الأسرار والمعاني، وإظهار تمام نعمته على عبده

(1) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للسعدي، ص517.

ص: 472

المؤمن بما أناله من نوره ما تقرُّ به عيون أهله، وتبتهج به قلوبُهم، وفي التشبيه لأهل المعاني طريقتان:

أحدهما: طريقة التشبيه المركب، وهي أقرب مأخذاً، وأسلم من التكلف، وهي أن تشبه الجملة برمّتها بنور المؤمن من غير تعرض لتفصيل كل جزء من أجزاء المشبَّه، ومقابلته بجزء من المشبَّه به، وعلى هذا عامة أمثال القرآن الكريم، فتأمّل صفة مشكاة، وهو كوّة لا تنفذ لتكون أجمع للضوء، وقد وضع فيها مصباح، وذلك المصباح داخل زجاجة تشبه الكوكب الدّرّيّ في صفائها وحسنها، ومادته من أصفى الأدهان وأتمها وقوداً من زيت شجرة {لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ}: بحيث تصيبها الشمس في أحد طرفي النهار، بل تصيبها الشمس أعدل إصابة، فمن شدة إضاءة زيتها وصفائه وحسنه يكاد يضيء من غير أن تمسه نار، فهذا المجموع المركب هو مثل نور الله تعالى الذي وضعه في قلب عبده المؤمن وخصه به.

والطريقة الثانية: طريقة التشبيه المفصَّل، فقيل: المشكاة: صدر المؤمن، والزجاجة قلبه، وشُبِّه قلبه بالزجاجة لرقّتها، وصفائها، وصلابتها، وكذلك قلب المؤمن، فإنه قد جمع الأوصاف الثلاثة: فهو يرحم، ويحسن، ويتحنّن، ويُشفق على الخلق برأفته، وبصفائه تتجلى فيه صور الحقائق والعلوم على ما هي عليه، ويباعد الكدر والدرن والوسخ بحسب ما فيه من الصفاء، وبصلابته يشتدّ في أمر الله تعالى، ويتصلّب في ذات الله تعالى، ويغلظ على أعداء الله تعالى، ويقوم بالحق لله تعالى، وقد جعل الله القلوب كالآنية، كما قال بعض السلف: ((القلوب آنية الله في

ص: 473

أرضه، وأحبها إليه: أرقّها وأصلبها وأصفاها)) (1)، والمصباح: هو نور الإيمان في قلبه، والشجرة المباركة: هي شجرة الوحي المتضمنة للهدى، ودين الحق، وهي مادة المصباح، التي يَتَّقِد منها، والنور على النور: نور الفطرة الصحيحة، والإدراك الصحيح، ونور الوحي والكتاب، فينضاف أحد النورين إلى الآخر، فيزداد العبد نوراً على نور؛ ولهذا يكاد ينطق بالحق والحكمة قبل أن يسمع ما فيه من الأثر، ثم يبلغه الأثر بمثل ما وقع في قلبه، ونطق به، فيتفق عنده شاهد العقل، والشرع، والفطرة، والوحي، فيريه عقله، وفطرته، وذوقه أن الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم هو الحق، لا يتعارض عنده العقل والنقل البتة، بل يتصادقان ويتوافقان، فهذا علامة النور على النور عكس من تلاطمت في قلبه أمواج الشُّبَه الباطلة، والخيالات الفاسدة (2).

13 -

وضرب الله عز وجل مثلين لبُطلان عمل الكفار فقال سبحانه وتعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ الله عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَالله سَرِيعُ الْحِسَابِ * أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ الله لَهُ

(1) عن خالد بن معدان، عن أبي أمامة يرفعه:((إن لله تبارك وتعالى في الأرض آنية، وأحب آنية الله إليه ما رقّ منها وصفا، وآنية الله في الأرض قلوب عباده الصالحين)). أحمد في الزهد، ص283، برقم 827، وصححه الألباني بعد أن ذكر طرقه في سلسلة الأحاديث الصحيحة، 4/ 263، برقم 1691.

(2)

اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية، 2/ 49 - 52، بتصرف يسير.

ص: 474

نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ} (1).

فالمثل الأول ضربه الله عز وجل لأعمال الكفرة الذين جحدوا توحيده، وكذّبوا بالقرآن وبما جاء به، مَثَلُ أعمالهم التي عملوها كسرابٍ بقِيعةٍ - جمع قاعٍ - يحسبه العطشان ماءً، حتى إذا جاءه ملتمساً ماءً يستغيث به من عطشه لم يجد السراب شيئاً، فكذلك الكافرون بالله من أعمالهم التي عملوها في غرور، يحسبون أنها منجيتهم عند الله من عذابه كما حسب الظمآن السراب ماءً، فظنه يرويه من ظمئه، حتى إذا هلك وصار إلى الحاجة إلى عمله الذي كان يرى أنه نافعه عند الله لم يجده ينفعه شيئاً؛ لأنه عمله على كفرٍ بالله، ووجد هذا الكافرُ اللهَ عند هلاكه بالمرصاد، فوفّاه يوم القيامة حساب أعماله التي عملها في الدنيا، وجازاه بها جزاءه الذي يستحقه عليها منه.

والمثل الثاني: ضربه الله عز وجل في بطلان أعمال الكفار، مثل ظلمات في بحر عميق كثير الماء، يغشاه موج، ومن فوق الموج موج آخر يغشاه، ومن فوق الموج الثاني سحاب، فجعل الظلمات مثلاً لأعمالهم، والبحر اللُّجّيِّ مثلاً لقلب الكافر الذي مثل عمله مثل هذه الظلمات: يغشاه الجهل بالله؛ لأن الله ختم عليه فلا يعقل عن الله، وختم على سمعه فلا يسمع مواعظ الله، وجعل على بصره غشاوة فلا يبصر به حق الله، فتلك ظلمات بعضها فوق بعض (2)، وهذا كقوله عز وجل: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ

(1) سورة النور، الآيتان: 39 - 40.

(2)

انظر: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، للطبري، 19/ 195 - 199، وأمثال القرآن، لابن القيم، ص22، وتفسير القرآن العظيم، لابن كثير، 3/ 286.

ص: 475