الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
((إذا كان أوّلُ ليلةٍ من شهر رمضان صُفِّدت الشياطين، ومَرَدَةُ الجنّ، وغُلِّقت أبوابُ النار، فلم يُفتح منها بابٌ، وفُتِّحت أبواب الجنة، فلم يُغْلَقْ منها بابٌ، وينادي منادٍ: يا باغي الخير أقْبِلْ، ويا باغي الشر أقصِرْ، ولله عتقاء من النار، وذلك كل ليلة)) (1).
المبحث الثامن: حجاب الجنة وحجاب النار
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لَمَّا خلق الله الجنة والنار، أرسل جبرائيل إلى الجنة فقال: انظر إليها، وإلى ما أعددتُ لأهلها فيها، قال: فجاءها فنظر إليها، وإلى ما أعد الله لأهلها فيها، قال: فرجع إليه، قال: وعِزَّتِكَ لا يسمع بها أحدٌ إلا دخلها، فأمر بها فَحُفَّتْ بالمكاره، فقال: ارجعْ إليها، فانظرْ إليها، وإلى ما أعددتُ لأهلها فيها، قال: فرجع إليها، فإذا هي قد حُفَّت بالمكاره، فرجع إليه، فقال: وعِزَّتِكَ لقد خفتُ أن لا يدخلَها أحد، قال: اذهب إلى النار فانظر إليها، وإلى ما أعددت لأهلها فيها، فنظر إليها فإذا هي يركب بعضها بعضاً، فرجع إليه فقال: وعزتك لا يسمع بها أحد فيدخلها، فأمر بها فحفت بالشهوات، فقال: ارجع فانظر إليها، [فرجع إليها] فنظر إليها فإذا هي قد حُفَّت بالشهوات، فرجع وقال: وعِزَّتِكَ لقد خشيتُ أن لا ينجوَ منها أحدٌ إلا
(1) أخرجه الترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء في فضل شهر رمضان، برقم 682، والنسائي في كتاب الصيام، باب ذكر الاختلاف على معمر فيه، برقم 2105، وابن ماجه في كتاب الصيام، باب ما جاء في فضل شهر رمضان، برقم 1642. وأصل الحديث عند البخاري في كتاب بدء الخلق، باب صفة إبليس وجنوده، برقم 3277، ومسلم في كتاب الصيام، باب فضل شهر رمضان، برقم 1079.
دخلها)) (1).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((حُجبت النار بالشهوات، وحجبت الجنة بالمكارِه)) (2).
والمراد بالشهوات هنا ما أُمر المكلف بمجاهدة نفسه فيه فعلاً وتركاً، كالإتيان بالعبادات على وجهها، والمحافظة عليها، واجتناب المنهيات، قولاً وفعلاً (3).
وهذا الحديث من بديع الكلام، وفصيحه، وجوامعه التي أوتيها رسول الله صلى الله عليه وسلم من التمثيل الحسن، ومعناه لا يوصل إلى الجنة إلا بارتكاب المكاره، والنار بارتكاب الشهوات، وكذلك هما محجوبتان بهما، فمن هتك الحجاب وصل إلى المحجوب، فهَتْكُ حجاب الجنة بارتكاب المكاره، وهَتْكُ حجاب النار بارتكاب الشهوات، فأما المكاره فيدخل فيها: الاجتهاد في العبادات، والمواظبة عليها، والصبر على مشاقّها، وكظم الغيظ، والعفو، والحلم، والصدقة، والإحسان إلى المسيء، والصبر عن الشهوات، ونحو ذلك.
وأما الشهوات التي حُفَّت وحُجبت بها النار، فالظاهر أنها الشهوات
(1) أخرجه الترمذي في كتاب صفة الجنة، باب ما جاء حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات، برقم 2560، والنسائي وغيرهما، وما بين المعقوفين من لفظ الترمذي، وحسنه الألباني في صحيح النسائي، 2/ 797، برقم 3523، وفي صحيح الترمذي، 2/ 318، برقم 2075.
(2)
أخرجه البخاري في كتاب الرقاق، باب حجبت النار بالشهوات، برقم 6487، ومسلم في كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، برقم 2822، 2823.
(3)
انظر: فتح الباري، لابن حجر، 11/ 320.