الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وملائكته، وغير ذلك من الوجوه الكثيرة التي ذكر كل عالم ما فتح الله عليه به منها (1)، وسأقتصر على أربعة وجوه من باب المثال لا الحصر بإيجاز كالآتي:
الوجه الأول: الإعجاز البياني والبلاغي:
من الإعجاز القرآني ما اشتمل عليه من البلاغة والبيان، والتركيب المعجز، الذي تحدّى به الإنس والجنّ أن يأتوا بمثله، فعجزوا عن ذلك، قال تعالى:{قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} (2)، وقال تعالى:
{أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لاّ يُؤْمِنُونَ * فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا
صَادِقِينَ} (3).
وبعد هذا التحدّي انقطعوا فلم يتقدّم أحد، فمدّ لهم في الحبل وتحدّاهم بعشر سور مثله:{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ الله إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} (4)،فعجزوا فأرخى لهم في الحبل فقال تعالى:{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ الله إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} (5)،ثم أعاد التحدي
(1) انظر: الجواب الصحيح، 4/ 74، 75، وأعلام النبوة للماوردي، ص53 - 70، والبداية والنهاية، 6/ 54، 65،والبرهان في علوم القرآن للزركشي، 2/ 90 - 124، ومناهل العرفان للزرقاني،
2/ 277 - 308.
(2)
سورة الإسراء، الآية:88.
(3)
سورة الطور، الآيتان: 33 - 34.
(4)
سورة يونس، الآية:38.
(5)
سورة هود، الآية:13.
في المدينة بعد الهجرة، فقال تعالى:{وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ الله إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} (1).
فقوله تعالى: {فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ} أي: فإن لم تفعلوا في الماضي، ولن تستطيعوا ذلك في المستقبل، فثبت التحدّي وأنهم لا يستطيعون أن يأتوا بسورة من مثله فيما يستقبل من الزمان، كما أخبر قبل ذلك، وأمر النبي وهو بمكة أن يقول:{قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} (2).
فعم بأمره له أن يخبر جميع الخلق معجزاً لهم، قاطعاً بأنهم إذا اجتمعوا لا يأتون بمثل هذا القرآن، ولو تظاهروا وتعاونوا على ذلك، وهذا التحدي لجميع الخلق، وقد سمعه كل من سمع القرآن، وعرفه الخاص والعام، وعلم مع ذلك أنهم لم يعارضوا، ولا أتوا بسورة مثله من حين بُعِثَ صلى الله عليه وسلم إلى اليوم والأمر على ذلك (3).
والقرآن يشتمل على آلاف المعجزات؛ لأنه مائة وأربع عشرة سورة، وقد وقع التحدي بسورة واحدة، وأقصر سورة في القرآن سورة الكوثر،
(1) سورة البقرة، الآيتان: 23 - 24.
(2)
سورة الإسراء، الآية:88.
(3)
انظر: الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح، 4/ 71 - 77، والبداية والنهاية، 6/ 95.