الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غير ذلك مما لا يعلمه إلا الله، وأطلع عليه رسوله صلى الله عليه وسلم.
النوع الثالث: غيوب المستقبل: أخبر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بأمور لم تقع، ثم وقعت كما أخبر، فدلّ ذلك على أن القرآن كلام الله، وأن محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله (1).
الوجه الثالث: الإعجاز التشريعي:
القرآن العظيم جاء بهدايات كاملة تامّة، تفي بحاجات جميع البشر في كل زمان ومكان؛ لأن الذي أنزله هو العليم بكل شيءٍ، خالق البشرية والخبير بما يُصلحها ويُفسدها، وما ينفعها ويضرّها، فإذا شرع أمراً جاء في أعلى درجات الحكمة والخبرة:{أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (2).
ويزداد الوضوح عند التأمل في أحوال الأنظمة والقوانين البشرية التي يظهر عجزها عن معالجة المشكلات البشرية ومسايرة الأوضاع والأزمنة والأحوال، مما يضطر أصحابها إلى الاستمرار في التعديل والزيادة والنقص، فَيُلْغُونَ غداً ما وضعوه اليوم؛ لأن الإنسان محلّ النقص والخطأ، والجهل لأعماق النفس البشرية، والجهل بما يحدث غداً في أوضاع الإنسان وأحواله وفيما يصلح البشرية في كل عصر ومصر.
وهذا دليل حسّي مُشاهد على عجز جميع البشر عن الإتيان بأنظمة
(1) انظر: الداعي إلى الإسلام للأنباري، ص424 - 428، وإظهار الحق، 65 - 107، ومناهل العرفان، 2/ 263، ومعالم الدعوة للديلمي، 1/ 463. وقد أخبر صلى الله عليه وسلم بأمور غيبية كثيرة جدّاً. انظر: جامع الأصول لابن الأثير، 11/ 311 - 331.
(2)
سورة الملك، الآية:14.
تُصْلِحُ الخلق وتقوّمُ أخلاقهم، وعلى أن القرآن كلام الله سليم من كل عيب، كفيل برعاية مصالح العباد، وهدايتهم إلى كلِّ ما يُصلح أحوالهم في الدنيا والآخرة إذا تمسكوا به واهتدوا بهديه (1)، قال تعالى:{إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا} (2).
وبالجملة فإن الشريعة التي جاء بها كتاب الله تعالى مدارها على ثلاث مصالح:
المصلحة الأولى: درء المفاسد عن ستة أشياء (3):حفظ الدين، والنفس، والعقل، والنّسب، والعرض، والمال.
المصلحة الثانية: جلب المصالح (4): فقد فتح القرآن الأبواب لجلب المصالح في جميع الميادين، وسدّ كل ذريعة تؤدي إلى الضرر.
المصلحة الثالثة: الجري على مكارم الأخلاق ومحاسن العادات، فالقرآن الكريم حلَّ جميع المشكلات العالمية التي عجز عنها البشر، ولم يترك جانباً من الجوانب التي يحتاجها البشر في الدنيا والآخرة إلا وضع
(1) انظر: مناهل العرفان للزرقاني، 2/ 247، وأثر تطبيق الحدود في المجتمع الإسلامي، من البحوث المقدمة لمؤتمر الفقه الإسلامي بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ص117، ومعالم الدعوة للديلمي، 1/ 426.
(2)
سورة الإسراء، الآية:9.
(3)
درء المفاسد هو المعروف عند أهل الأصول بالضروريات. انظر: أضواء البيان، 3/ 448.
(4)
جلب المصالح يعرف عند أهل الأصول بالحاجيات. انظر: أضواء البيان،3/ 448.