الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من الملة (1).
وذكر العلامة السعدي رحمه الله أن حدَّ الشرك الأكبر الذي يجمع أنواعه وأفراده أن يصرف العبد نوعًا أو فردًا من أفراد العبادة لغير الله، فكل: اعتقاد، أو قول، أو عمل ثبت أنه مأمور به من الشارع فصرفه لله وحده توحيد وإيمان وإخلاص، وصرفه لغيره شرك وكفر، وهذا ضابط للشرك الأكبر لا يشذ عنه شيء.
وأما حدّ الشرك الأصغر فهو: كل وسيلة وذريعة يتطرّق منها إلى الشرك الأكبر، من: الإرادات، والأقوال، والأفعال التي لم تبلغ رتبة العبادة (2).
المطلب الثاني: البراهين الواضحات في إبطال الشرك
الأدلّة القاطعة الواضحة في إبطال الشرك، وذمّ أهله كثيرة، منها ما يأتي:
أولاً: كل من دعا نبيًّا، أو وليًّا، أو مَلَكًا، أو جنيًّا
، أو صرف له شيئًا من أنواع العبادة فقد اتخذه إلهًا من دون الله (3)، وهذا هو حقيقة الشّرك الأكبر الذي قال الله تعالى فيه:{إِنَّ الله لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِالله فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا} (4).
ثانياً: من البراهين القطعية التي ينبغي تبيينها وتوضيحها
لمن اتَّخَذَ من دون الله آلهة أخرى، قوله تعالى: {أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِّنَ الأَرْضِ هُمْ يُنشِرُونَ
(1) انظر: قضية التكفير، للمؤلف، ص119.
(2)
انظر: القول السديد في مقاصد التوحيد، لعبد الرحمن بن ناصر السعدي، ص31، 32، 54.
(3)
انظر: فتح المجيد شرح كتاب التوحيد، ص242.
(4)
سورة النساء، الآية:48.
* لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلا الله لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ الله رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ * لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} (1).
فقد أنكر سبحانه على من اتخذ من دونه آلهة من الأرض، سواء كانت أحجارًا أو خشبًا، أو غير ذلك من الأوثان التي تعبد من دون الله! فهل هم يحيون الأموات ويبعثونهم؟ الجواب: كلا، لا يقدرون على شيء من ذلك، ولو كان في السَّموات والأرض آلهة تستحق العبادة غير الله لفسدتا وفسد ما فيهما من المخلوقات؛ لأن تعدد الآلهة يقتضي التمانع والتنازع والاختلاف، فيحدث بسببه الهلاك، فلو فُرِضَ وجود إلهين، وأراد أحدهما أن يخلق شيئًا والآخر لا يريد ذلك، أو أراد أن يُعطي والآخر أراد أن يمنع، أو أراد أحدهما تحريك جسم والآخر يريد تسكينه، فحينئذ يختل نظام العالم، وتفسد الحياة! وذلك:
* لأنه يستحيل وجود مرادهما معًا، وهو من أبطل الباطل؛ فإنه لو وجد مرادهما جميعًا للزم اجتماع الضدين، وأن يكون الشيء الواحد حيًّا ميتًا، متحركًا ساكنًا.
* وإذا لم يحصل مراد واحد منهما لزم عجز كل منهما، وذلك يناقض الربوبية.
* وإن وُجِدَ مراد أحدهما ونفذ دون مراد الآخر، كان النافذ مراده هو الإله القادر، والآخر عاجز ضعيف مخذول.
* واتفاقهما على مراد واحد في جميع الأمور غير ممكن.
(1) سورة الأنبياء، الآيات: 21 - 23.