الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب السادس: الأحكام المستنبطة، والدروس والعبر المستفادة:
اشتملت هذه السرية على بعض الأحكام الفقهية، وبعض الدروس والعظات المفيدة التي يمكن استنباطها والإفادة منها.
أولاً: الأحكام الفقهية المستنبطة:
- حكم التنفيل من أصل الغنيمة:
قال النووي: قوله: "فنفلني أبو بكر رضي الله عنه ابنتها" فيه جواز التنفيل، وقد يحتج به مَن يقول التنفيل من أصل الغنيمة، وقد يجيب عنه الآخرون بأنه حسب قيمتها، ليعوض أهل الخُمس عن حصَّتهم1.
وقد فصَّل ابن قدامة الحديث في النَّفل وأقسامه، وجعل هذا من القسم الثاني من أقسام النَّفل حيث قال: "القسم الثاني: أن ينفل الإمام بعض الجيش لغنائه وبأسه وبلائه، أو لمكروه تحمّله دون سائرالجيش، قال أحمد: في الرَّجُل يأمره الأميرُ يكونُ طليعةً، أو عندَه، يدفَعُ إليه رأساً من السَّبْي أو دابةً، قال: إذا كان رجلٌ له غَناءٌ، ويقاتل في سبيل الله، فلا بأس بذلك، ذلك أنفعُ لهم، يُحَرَّضُ هو وغيرُه، يُقاتلون ويَغْنَمون. وقال: إذا نفَّذ الإمامُ صَبِيحةَ المَغَارِ الخيْلَ، فيُصِيبُ بعضُهم، وبعْضُهم لا يأتي بشيءٍ، فللوالي أنْ يَخُصَّ بعضَ هؤلاء الذين جاءوا بشيءٍ دونَ هؤلاء. وظاهرُ هذا أنَّ له إعطاءَ مَن هذه حالُه من غيْرِ شرطٍ. وحُجَّةُ هذا حديث
1 النووي على مسلم: 12/68.
سلمة بن الأكوَع، أنَّه قال: أغارَ عبدُ الرحمن بنُ عُيَيْنَة على إبلِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتَبِعْتهُم - فذكرَ الحديثَ - فأعطاني رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سهمَ الفارِسِ والرَّاجلِ. رواه مسلم، وأبو داود. وعنه أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أمَّرَ أبا بكرٍ، قال: فبيَّتنا عَدُوَّنا، فقَتَلْتُ لَيْلَتئِذٍ تسعةَ أهل أبياتٍ، وأخذتُ منهم امرأةً، فنفَّلَنيها أبو بكرٍ، فلمَّا قَدِمْتُ المدينةَ، استوهبها منّي رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فوهبتها له. رواه مسلم بمعناه1.
- حكم التفريق بين الوالدة وولدها البالغ:
قال الخطابي: "فيه دليلُ على جواز التفريق بين الأُمّ وولدها الكبير"2.
وقال النووي: "ولا خلاف في جوازه عندنا"3.
وقال ابن قدامة: "أجمَعَ أهلُ العلمِ على أنَّ التفريق بين الأُمّ وولدِها الطّفل غيرُ جائزٍ، هذا قول مالك في أهل المدينة، والأوزاعي في أهل الشام، والليث في أهل مصر، والشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي فيه. والأصل فيه ما رَوَى أبو أيوب قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَنْ فرَّق بَيْنَ والِدَةٍ ووَلَدِها، فرَّق الله بَيْنَه وبَيْنَ أحِبَّته يومَ القيامةِ". أخرجه
1 المغني: 13/56.
2 معالم السنن، حاشية سنن أبي داود: 3/146.
3 صحيح مسلم بشرح النووي: 12/69.
الترمذي، وقال: حديثٌ حسنٌ غريبٌ1. وقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لا تُوَلَّهُ والِدَةٌ عن وَلَدِها"2. قال أحمد: "لا يُفَرَّقُ بيْن الأُمّ وولدِهَا وإنْ رَضِيَت. وذلك - والله أعلم - لِمَا فيه من الإضرار بالولَدِ، ولأنَّ المرأة قد تَرْضَى بما فيه ضَرَرُها، ثُمَّ يَتَغَيَّرُ قلبُها بعد ذلك فتندم"3.
- وقال النووي: "وفيه جواز استيهاب الإمام أهل جيشه بعض ما غنموه ليفادي به مسلماً أو يصرفه في مصالح المسلمين، أو يتألَّف به مَن في تألُّفه مصلحة، كما فعل صلى الله عليه وسلم هُنا، وفي غنائم حنين"4.
- وقال أيضاً: "وفيه جواز قول الإنسان للآخر: للهِ أبوك، ولله درُّك"5.
1 أخرجه الترمذي، (انظر: تحفة الأحوذي 4/184) ، والحاكم (المستدرك 2/55) ، والبيهقي في السنن الكبرى (9/126) ، وأحمد (المسند 5/402) ، كلّهم من طريق حُيّ بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن الجبلي، وفيه حُيّ بن عبد الله قال فيه أحمد: أحاديثه مناكير. وقال البخاري: فيه نظر. ولكن تابعه عبد الله بن خباءة عند الدارمي (2/227) . فلعلّ الترمذي حسّنه من أجل المتابعة.
2 أخرجه البيهقي في باب الأم تتزوج فيسقط حقها من حضانة الولد
…
من كتاب النفقات. السنن الكبرى 8/5.
ومعنى (لا تولّه) أي: لا يفرّق بينهما في البيع. وكلّ أنثى فارقت ولدها فهي واله. (النهاية في غريب الحديث 15/227) .
3 المغني: 13/108-109.
4 صحيح مسلم بشرح النووي 12/69.
5 صحيح مسلم بشرح النووي 12/69.
ثانياً: الدروس والعبر المستقاة:
- أدب النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مع أصحابه، وعدم إرغامهم على فعل شيء أو بذل شيء دون طيبة نفس.
- طاعة الصحابة رضي الله عنهم لنبيهم عليه الصلاة والسلام، وإيثاره على أنفسهم، وتجردهم من مغانم الدنيا ولذَّاتها في سبيل ذلك.
- حرص النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم البالغ على المسلمين جميعاً، ورأفته بهم، ومحاولة التخفيف من معاناتهم، وفك أسرهم بأسرع وقت ممكن وبالسبل الممكنة والكفيلة.