الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الخامس: سير الأحداث:
في شهر رجب من السنة السادسة من الهجرة النبوية المباركة،
كما يذكر ابن سعد1، وصلت إلى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم معلومات هامَّة عن تحركات مُعَادية تقوم بها امرأة من بني فزارة، ذات شأن فيهم، ومنْزلة ورئاسة يُقال لها أُمّ قرفة2، يذكر الزهري عن عروة أنَّها:
[4]
"قد جهَّزت ثلاثين راكباً من ولدها وولد ولدها، قالت: اقدموا المدينة فاقتلوا محمَّداً! فقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: اللهم اثكلها بولدها. وبعث إليهم زيد بن حارثة" 3 رضي الله عنه على رأس سرية، لم تذكر الروايات قوتها، ولكنها كانت على ما يبدو قليلة العدد.
[5]
"فالتقوا بالوادي4،وقُتِلَ أصحاب زيد"5 رضي الله عنهم منهم:
1 الطبقات 2/89.
2 بكسر القاف، وسكون الراء وبالفاء، فاطمة بنت ربيعة بن بدر الفزارية، التي جرى فيها المثل:"أمنع من أُمّ قِرْفة" لأنه كان يُعَلَّق في بيتها خمسون سيفاً لخمسين فارساً كلهم لها ذو محرم، كُنّيت بابنها قِرْفة، قتله النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم فيما ذكر الواقدي، وذكر أنَّ سائر بنيها وهم تسعة قُتِلُوا مع طليحة يوم بزاخة.
الروض الأنف 7/528، شرح المواهب 2/163، مجمع الأمثال 2/392.
3 سبق تخريجه برقم [1] .
4 يعني وادي القرى.
5 من رواية عروة عند أبي نعيم. وقد سبق تخريجها برقم [1] .
[6]
"ورد بن مرداس1، وارتُثَّ2 زيد بن حارثة من بين وسط القتلى"3.
[7]
"فلمَّا قدم زيد بن حارثة، نذر ألَاّ يمس رأسه غُسل من جنابة حتى يغزو فزارة، فلمَّا استبلَّ من جراحه بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في جيشٍ إلى بني فزارة"4 فيهم سلمة بن الأكوع رضي الله عنه، ويقودهم أبو بكر الصّدّيق رضي الله عنه، فكمنوا النهار وساروا الليل، ومعهم دليل لهم كما يذكر الواقدي5.
قال سلمة رضي الله عنه:
[8]
"فلمَّا دنونا من الماء6أمرنا أبو بكر، فعرَّسنا7، قال: فلمَّا صلَّينا الصُّبْح، أمرنا أبو بكر فشننا الغارة8، فقتلنا على الماء
1 ورد بن مرداس: أحد بني سعد بن هذيم، كتب له النبي صلى الله عليه وسلم في عسيب فعدا على العسيب فكسره، ثُمَّ إنَّه أسلم بعد ذلك، وغزا مع زيد بن حارثة رضي الله عنه وادي القرى فاستشهد. طبقات ابن سعد1/284، الإصابة2/81.
2 ارتُثَّ: بالبناء للمجهول، أي حمل من المعركة رثيثاً أي جريحاً وبه رمق.
3 ذكره ابن سيد الناس (عيون 2/142) من حديث ابن عائذ بسنده عن عروة، وهو مرسل.
4 سبق تخريجه برقم [1] .
5 مغازي: 2/564.
6 الحاضر الذي كانت تقيم عليه بنو بدر من فزارة، ربما كان في وادي القرى.
7 التعريس: النزول آخر الليل للراحة.
8 شن الغارة: أي فرَّقها عليهم من كُلِّ جانب.
مَن قتلنا"1.
[9]
"فكان شعارنا: أمت. أمت. قال: فقتلت بيدي سبعة أهل أبيات من المشركين"2.
[10]
"وأنظر إلى عنق من الناس فيهم الذراري فخشيت أن يسبقوني إلى الجبل، فرميت بسهم بينهم وبين الجبل، فلمَّا رأوا السهم وقفوا فجئت بهم أسوقهم، وفيهم امرأة من بني فزارة عليها قشع من أدم3 معها ابنة لها من أحسن العرب، فسقتهم حتَّى أتيت بهم أبا بكر"4.
ويجزم أهل المغازي أنَّ تلك المرأة هي أُم قرفة5، وأنَّها قُتِلَت، وقُتِلَ بعض ولدها6، وذكرت بعض الروايات أنَّها قُتِلَت قتلاً
1 من رواية سلمة عند أحمد. وقد سبق تخريجها برقم [3] .
2 أخرجه أبو داود. (انظر: عون المعبود، حديث رقم: 2621) ، وابن سعد، (الطبقات 2/118) ، واللفظ له، والنسائي (السنن الكبرى 5/271) ، وابن ماجه (السنن، حديث رقم: 284) ، وأحمد (المسند، حديث رقم: 16516) ، كلّهم من حديث عكرمة بن عمار، نحوه.
3 القشع: بقاف ثُمَّ شين معجمة ساكنة: النطع، وهو الفَرْو الخَلِق.
4 من رواية سلمة عند مسلم، وقد سبق تخريجها برقم [3] .
5 انظر: ابن هشام: سيرة 4/617،الواقدي: مغازي2/565،ابن سعد: طبقات 2/91، أبو نعيم: دلائل 2/535، الحلبي: سيرة 3/180، الزرقاني: شرح2/164.
6 انظر: رواية الزهري عن عروة عند أبي نعيم: دلائل 2/535، والسهيلي: الروض 7/528.
عنيفاً1.
[11]
"وأنه بُعِثَ برأسها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمر به فديرَ به في المدينة ليُعلم قتلها"2.
وهذه الروايات إسنادها ضعيف، وتعارضها الأحاديث الصحيحة التي تأمر بإحسان القتل، وتنهى عن المُثْلَة، كما أنه لم يثبت أنه حُمِلَ رأس أحد من الرجال أو من النساء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال سلمة بن الأكوع رضي الله عنه:
[12]
"فنفلني أبو بكر ابنتها، فقدمنا المدينة وما كشفت لها ثوباً3، فلقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم في السوق فقال: يا سلمة هب لي المرأة. فقلت: يا رسول الله! والله لقد أعجبتني، وما كشفت لها ثوباً. ثُمَّ لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغد في السوق فقال لي: يا سلمة هب لي المرأة، لله أبوك4، فقلت: هي لك يا رسول الله، فو الله ما
1 المصادر السابقة، وذكر السهيلي، وابن سيد الناس نقلاً عن الدولابي أنَّها قتلت كذلك لسَبِّها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
2 ذكر ذلك المقريزي (إمتاع 1/270) ، وهي زيادة منكرة تفرَّد بها، ولا أدري مِن أين جاء بها.
3 كناية عن الجماع.
4 كلمة مدح وثناء، مثل قولهم: لله درك، فإنَّ الإضافة إلى العظيم تشريف، فإذا وُجِدَ من الولد ما يحمد فعله قيل له: لله أبوك، أي أبوك لله خالصاً حيث أتى بمثلك.
وقد تكون الكلمة في حكم القسم أيضاً.
كشفت لها ثوباً، فبعث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة ففدى بها ناساً من المسلمين كانوا أسرى بمكة"1.
ويذكر عروة أنَّ زيد بن حارثة رضي الله عنه لمَّا قدم المدينة مع أهل السرية أقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم [13]"قالت عائشة رضي الله عنها، ورسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الليلة في بيتي، فقرع الباب، فخرج إليه يجر ثوبه حتى اعتنقه، وقبَّله رسول الله صلى الله عليه وسلم"2.
1 من رواية سلمة عند مسلم، وقد سبق تخريجها برقم [3] .
2 من رواية عروة عند أبي نعيم، وقد سبق تخريجها برقم [1] .