الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثالث: تاريخ السرية:
أرَّخ لها الواقدي، وابن سعد بأنَّها كانت في جمادى الآخرة سنة ست من الهجرة1.
وقطع به اليعمري2، وقال به المقريزي3، والشامي4.
وذكرها ابن خياط في سراياه صلى الله عليه وسلم أنها كانت سنة سبع5.
وقال الحلبي: "وسببها أنَّ دحية الكلبي - رضي الله تعالى عنه - أقبل من عند قيصر ملك الروم، أي وكان صلى الله عليه وسلم وجَّهه إليه بغير كتاب، وإلَاّ فإرساله إليه بالكتاب كان بعد هذه السرية، لأنه كان بعد الحديبية"6.
ولعلَّ الحلبي - رحمه الله تعالى - قال ذلك اعتماداً على روايتي الواقدي وابن سعد في تاريخ السرية، وقد ثبت من روايات أهل المغازي جميعاً، بما فيهم الواقدي، وابن سعد، أنَّ ذلك كان فعلاً هو سبب السرية، كذلك لم يذكر أحد من أهل المغازي أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أرسل دحية - رضي الله تعالى عنه - إلى هرقل ملك الروم مرَّتين، مرَّة بكتاب، وأُخرى بغير كتاب، بل الثابت كما هو في صحيح مسلم، وغيره:
1 المغازي: 2/556، والطبقات: 2/88.
2 عيون الأثر: 2/140.
3 إمتاع: 1/266.
4 سبل الهدى: 6/140.
5 خليفة بن خياط: تاريخ: 85.
6 الحلبية: 3/179.
[3]
"أنَّ نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى كسرى، وإلى قيصر، وإلى النجاشي، وإلى كُلِّ جبار، يدعوهم إلى الله تعالى"1. وبعث تلك الكتب مع نفر من أصحابه - رضي الله تعالى عنهم، وكان منهم دحية بن خليفة الكلبي - رضي الله تعالى عنه، الذي بعثه إلى قيصر ملك الروم، وقد يكون ما ذكره الواقدي، وابن سعد في تاريخ هذه السرية، وَهَماً منهما - رحمهما الله تعالى - حيث جزم ابن القيم - رحمه الله تعالى - بأنَّها بعد الحديبية بلا شك2.
قال الزرقاني: "فتكون هذه السرية سنة سبع"3.
وقال العامري: "وذكر البخاري بعد غزوة خيبر غزوة زيد بن حارثة، وهي التي أغار فيها على جذام"4.
وقد مرَّ بنا في سرية زيد بن حارثة - رضي الله تعالى عنه - إلى وادي القرى ما ذكره ابن حجر - رحمه الله تعالى - في اعتقاده أنَّها هي مراد البخاري.
1 الصحيح: 4/43-47 باب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام، وباب كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى ملوك الكفَّار يدعوهم إلى الله عز وجل.
وانظر: أسماء سفراء رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسله إلى الملوك والزعماء (ابن هشام: سيرة: 4/337-339) .
2 زاد المعاد: 3/284.
3 شرح المواهب: 2/158.
4 بهجة المحافل: 1/362.
ولعلَّ ما جزم به ابن القيم - رحمه الله تعالى - في كون هذه السرية بعد الحديبية، وما رجَّحناه سابقاً في سرية زيد بن حارثة - رضي الله تعالى عنه - إلى وادي القرى بأنَّها قبل الحديبية، وكذلك ترتيب البخاري لذكر سرية زيد - رضي الله تعالى عنه - بعد خيبر، وأيضاً قصة وفادة رفاعة إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وإهداؤه غلاماً له يُسمَّى مُدعم، والذي وقع في الصحيح أنه قُتِلَ في أثناء غزوة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إلى وادي القرى1.
كُلُّ ذلك يؤيد رأي خليفة، والزرقاني، والعامري في كون هذه السرية بعد خيبر، أي: سنة سبع، والله تعالى أعلم.
1 فتح الباري: 7/487 - 488، 11/593.