الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الرابع: تاريخ السرية:
تفرَّد الواقدي، وابن سعد من المتقدّمين من أهل المغازي بتحديد تاريخ هذه السرية، حيث أرَّخ لها الواقدي برمضان سنة ست من الهجرة1.
وكذلك فعل ابن سعد2، ولكنَّه أرَّخ للسرية الأولى برجب سنة ست3.
وقد مرَّ بنا قول ابن سيّد النَّاس: كذا ثبت عن ابن سعد، لزيد سريتان بوادي القُرى، إحداهما في رجب، والثانية في رمضان4.
وقد تابعهما في ذلك البلاذري في الأنساب5.
ولم يؤرّخ لها ابن إسحاق، وإنَّما ذكرها في سياق السرايا والبعوث حيث عدَّد سرايا زيد بن حارثة رضي الله عنه، وذكر هذه السرية بعد سريته إلى الطرف من ناحية نخل من طريق العراق6.
1الواقدي: مغازي 2/564.
2 ابن سعد: طبقات 2/90.
3 المصدر السابق 2/89.
4 ابن سيد الناس: عيون 2/145.
5 البلاذري: أنساب الأشراف 1/378.
6 ابن هشام: سيرة 4/617.
ونقل بعض المتأخرين من أهل المغازي أمثال: ابن سيّد الناس، والقسطلاني، والمقريزي، والشامي، تاريخ السرية عن ابن سعد، وشيخه الواقدي1.
ولم يذكر البيهقي2، وتبعه في ذلك ابن كثير3 سرية زيد بن حارثة رضي الله عنه إلى بني فزارة، وإنَّما ذكرا سرية أبي بكر الصديق رضي الله عنه إليهم، حيث قال البيهقي: جماع أبواب السرايا التي تذكر بعد فتح خيبر، وقبل عمرة القضية، وإن كان تاريخ بعضها ليس بواضح عند أهل المغازي، ثُمَّ بدأ الحديث عن سرية أبي بكر رضي الله عنه 4.
وكذلك فعل ابن القيم، حيث قال:"وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة بعد مقدمه من خيبر إلى شوال، وبعث في خلال ذلك السرايا، فمنها سرية أبي بكر الصديق رضي الله عنه إلى نجد قبل بني فزارة"5.
هذا بالنسبة لأهل السير والمغازي، أمَّا ما يفهم من روايات أهل الحديث فيفهم من قول سلمة رضي الله عنه عندما سأله النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم
1 ابن سيد الناس: عيون 2/144، القسطلاني: المواهب اللدنية 1/481، المقريزي: إمتاع الأسماع 1/269، الشامي: سبل الهدى 6/148 – 157.
2 البيهقي: دلائل 4/290.
3 ابن كثير: البداية والنهاية 4/221.
4 البيهقي: دلائل 4/290.
5 ابن القيم: زاد المعاد 3/359.
الجارية – "يا رسول الله لقد أعجبتني - وما كشفت لها ثوباً" وسكوت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتركه الإنكار عليه، دليلٌ على أنَّهم يستبيحون إذ ذاك وطء الوثنيات، وذلك قبل نزول تحريمه بعد الحديبية1، ففي ذلك دليل على أنَّ السرية كانت قبل الحديبية.
وكذلك إرسال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الجارية إلى أهل مكة ليفتدي بها أسيرين من المسلمين كانوا عندهم، دليلٌ آخر على أنَّ السرية كانت قبل الحديبية، لأنَّ اتفاقية الحديبية كانت اتفاقية سلام ومعاهدة صلح بين المسلمين ومشركي مكة سوَّت الوضع القائم بينهما، وأعتقد أنه كان لا يمكن استثناء الأسرى من الاتفاقية لو وُجِدُوا، فذلك دليلٌ على أنَّ الأسرى قد سُوّيَ وضعهم قبل الحديبية حيث لم يرد في بنود المعاهدة2 أيّ ذكرٍ عنهم، والله تعالى أعلم.
1 انظر: الخطابي: معالم السنن 3/146 وهذه المسألة خلافية بين الفقهاء.
2 انظر: مرويات الحديبية 166.