الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثالث: سير الأحداث:
عندما قدم علبة بن زيد الحارثي الأوسي بخبر سرية بشير بن سعد، ومصابها على رسول الله صلى الله عليه وسلم".
[16]
"هيأ رسول الله صلى الله عليه وسلم الزبير بن العوام، وقال له: "سِر حتَّى تنتهي إلى مُصاب أصحاب بشير بن سعد، فإن أظفرك الله بهم فلا تبق فيهم، وهيأ معه مائتي رجل، وعقد له لواء"1.
[17]
"فقدم غالب بن عبد الله من سرية قد ظفَّره الله عليهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للزبير بن العوام: "اجلس، وبعث غالب بن عبد الله في مائتي رجل2، فخرج أُسامة بن زيد في السرية حتى انتهى إلى مصاب بشير وأصحابه، وخرج معه علبة بن زيد"3". و [18] "عقبة بن عمرو أبو مسعود4، وكعب بن
1 من رواية ابن سعد (طبقات 2/126) من حديث شيخه محمَّد بن عمر الواقدي.
2 ذكر خليفة بن خياط (تاريخ 78) أنهم كانوا ستين فقط.
3 من رواية الواقدي (مغازي 2/723) .
4 عقبة بن عمرو بن ثعلبة الخزرجي الأنصاري، أبو مسعود البدري، مشهورٌ بكنيته، اتَّفقوا على أنه شهد العقبة، واختلفوا في شهوده بدر، وجزم البخاري بأنه شهدها، ونزل الكوفة، وكان من أصحاب عليّ، مات بالكوفة بعد سنة أربعين.
(ابن حجر: إصابة 2/491) .
عجرة"12". وأبو سعيد الخدري3".
[19]
"فلمَّا دنا غالب منهم بعث الطلائع، فبعث علبة بن زيد في عشرة ينظر إلى جماعة محالهم، حتى أوفى على جماعة منهم، ثُمَّ رجع إلى غالب، فأخبره فأقبل غالب يسير حتَّى إذا كان منهم بمنظر العين ليلاً، وقد اجتلبوا وعطَّنوا4، وهدأوا، قام فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثُمَّ قال: "أمَّا بعد، فإني أوصيكم بتقوى الله وحده لا شريك له، وأن تطيعوني ولا تخالفوا لي أمراً، فإنَّه لا رأي لمن لا يُطاع، ثُمَّ ألَّف بينهم5 فقال:"يا فلان أنت وفلان، يا فلان أنت وفلان، لا يفارق كُلّ رجل زميله"6".
1 كعب بن عجرة بن أُمَيَّة البلوي، وقيل: القضاعي، حليف الأنصار. قال البخاري: مدنيٌّ له صحبة، روى عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أحاديث، وشهد عمرة الحديبية، ونزلت فيه قصة الفدية. وأخرج ابن سعد بسندٍ جيدٍ عن ثابت بن عبيد أنَّ يد كعب قُطِعَت في بعض المغازي، ثُمَّ سكن الكوفة. قيل: مات بالمدينة سنة إحدى، وقيل: ثنتين، وقيل: ثلاثٍ وخمسين. (إصابة 3/298) .
2 من رواية ابن سعد (طبقات 2/126) عن شيخه الواقدي.
3 سعد بن مالك بن سنان الأنصاري، أبو سعيد الخدري، له ولأبيه صحبة، واستُصْغِر بأُحُد، ثُمَّ شهد ما بعدها، وروى الكثير، مات بالمدينة سنة ثلاثٍ أو أربعٍ أو خمسٍ وستين، وقيل: سنة أربعٍ وسبعين. (تقريب 232) .
4 أي سقوا الإبل ثُمَّ أناخوها وحبسوها عن الماء. (لسان العرب 17/158) .
5 في رواية أُخرى للواقدي (مغازي 2/725) ذكر فيها أنَّ أمير السرية آخى بينهم.
6 من رواية الواقدي (مغازي 2/724) .
فلمَّا كان قرب الفجر انقضوا عليهم في هجوم فجري خاطف، وهم يتصايحون بشعارهم المُتَّفَق عليه مسبقاً:"أمت! أمت! 1".
وارتبك الأعراب بادئ الأمر، إلَاّ أنَّهم تمالكوا أنفسهم بعضاً من الوقت حيث أبدوا بعض المقاومة، فخرج الرجال فقاتلوا ساعة، وكان منهم رجل من أشدِّهم، فكان:
[20]
إذا شاء أن يقصد إلى رجل من المسلمين، قصد له فقتله2، حتَّى أوجع في المسلمين، غير أنَّ قوة وتنظيم المسلمين في هجومهم المباغت، وهول المفاجأة من ذلك الهجوم الفجري غير المتوقَّع أفقد الأعراب توازنهم، فانهزموا هاربين، ووضع المسلمون سيوفهم فيهم حيث شاءوا3.
يقول أُسامة - رضي الله تعالى عنه - في وصف ذلك:
[21]
فصبَّحنا القوم فهزمناهم4.
[22]
فكان منهم رجلٌ إذا أقبل القوم كان من أشدِّهم، وإذاأدبروا كان حاميتهم، قال: "فغشيته أنا ورجلٌ من الأنصار5.
1 من رواية الواقدي (مغازي 2/724) .
2 أخرجه مسلم (الصحيح 1/136) من حديث جندب بن عبد الله البجلي.
3 انظر: الواقدي: مغازي 2/724.
4 أخرجه البخاري (الصحيح3/88) ، من رواية عمرو بن محمَّد.
5 أخرجه أحمد (المسند، حديث رقم: 21739) . وسنده رجاله رجال الصحيح.
[23]
"فلمَّا غشيناه قال: "لا إله إلَاّ الله، فكفَّ الأنصاري، فطعنته برمحي1".
[24]
"فوقع في نفسي من ذلك"2".
ثُمَّ تمكَّن المسلمون من السيطرة على الأعراب بسرعة، حيث استحوذوا على حاضر القوم بعد أن قتلوا منهم مَن قتلوا، وهَرَبَ الباقون أمامهم فاستاقوا:
[25]
"النَّعم والشاء والذرية، وكانت سهامهم عشرة أبعرة لكل رجل، أو عدلها من الغنم، وكان يحسب الجزور بعشرة من الغنم"3". وكان ذلك القتال يعدّ أوَّل تجربة عسكرية قتالية لأُسامة بن زيد - رضي الله تعالى عنهما4، حِبِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلمَّا جاء البشير بخبر النَّصر والفتح إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تهلَّل وجهه فرحاً، وازداد فرحه صلى الله عليه وسلم حينما أخبره البشير عن شِدَّة بأس أُسامة، واستبساله في القتال، ولكنَّه حينما أخبره بخبر الرجل الذي قتله أُسامة تغيَّر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعث إلى أُسامة".
1 أخرجه البخاري من رواية عمرو بن محمَّد، وقد سبق تخريجها برقم [21] .
2 أخرجه مسلم (الصحيح 1/134) من حديث أبي ظبيان عن أُسامة.
3 من رواية الواقدي (مغازي 2/725) .
4 من رواية ابن سعد، وقد سبق تخريجها برقم [18] .
[26]
"فدعاه فسأله، فقال: "لِمَ قتلته؟ قال: "يا رسول الله! أوجَعَ في المسلمين، وقتل فلاناً وفلاناً، وسمَّى له نفراً، وإني حملت عليه، فلمَّا رأى السيف قال: "لا إله إلَاّ الله". قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أقتلته؟ قال: "نعم". قال: "كيف تصنع بلا إله إلَاّ الله إذا جاءت يوم القيامة؟ قال: "يا رسول الله استغفر لي". قال: "وكيف تصنع بلا إله إلَاّ الله إذا جاءت يوم القيامة؟ قال: "فجعل لا يزيده على أن يقول: "كيف تصنع بلا إله إلَاّ الله إذا جاءت يوم القيامة" 1.
قال أُسامة:
[27]
"فما زال يكررها حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم2".
1 من رواية جندب عند مسلم، وقد سبق تخريجها برقم [20] ، وفي رواية أخرى لمسلم
(الصحيح 1/133) قال: " قلت: يا رسول الله إنَّما قالها خوفاً من السلاح.
قال: أفلا شققت عن قلبه حتَّى تعلم أقالها أم لا؟ ". وفي رواية البخاري (الصحيح 3/88) : "فقال: يا أسامة، أقتلته بعدما قال لا إله إلَاّ الله؟ قلت: كان متعوِّذاً".
2 من رواية عمرو بن محمَّد عند البخاري، وقد سبق تخريجها برقم [21] .