الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني: التحرشات العائية التى تعرض لها المسلمون في طريقهم إلى مؤتة
…
المطلب الثاني: التحرُّشات العدائية التي تعرَّض لها المسلمون في طريقهم إلى مؤتة:
ومضى زيد - رضي الله تعالى عنه - بالجيش، فسار بهم في مناطق تخضع لنفوذ الدولة البيزنطية، فكان من الطبعي أن يتعرَّضوا لبعض التحرُّشات العدائية من أهل تلك البلاد الذين كانوا يدينون بولائهم سياسياً، وعقائدياً، للدولة البيزنطية، وإن كانت بينهم خلافات مذهبية متأصلة1، ولكنَّهم اتَّحدوا ضد المسلمين.
فيذكر ابن عائذ بسندٍ منقطعٍ ساقه إلى بعض أهل تلك المنطقة من بني سلامان أنَّ زيد بن حارثة - رضي الله تعالى عنه - سار بالمسلمين:
[48]
"على جبال بين الشراة والبلقاء، على ريفها وعمارتها، فمر بقرية من قرى الجبال، يُقال لها: "أكثب2، فشدَّ أهلها على ساقة3 المسلمين فأصابوهم بجراحة، وقتلوا رجلاً من المسلمين، فبلغ ذلك جماعة الجيش، فاستأذنوا زيد بن حارثة في الرجعة إليهم والانتقام منهم، فقال زيد: "لا أرى ذلك، لأنَّ عدوَّكم أمامكم قد جمعوا لكم، ودنوا منكم، فأكره أن تفلّوا حدَّكم4 ونشاطكم
1 كان نصارى الشام يعاقبة، ونساطرة، وهم يخالفون مذهب الدولة البيزنطية الملكاني.
2 لم أجد لها ترجمة في كتب البلدان.
3 الساقة: مؤخرة الجيش.
4 أي تضيِّعوا نشاطكم وقوَّتكم.
بقتال غيرهم، ثُمَّ لا آمن أن يجمعوا لكم فيكونوا من ورائكم، فتكونوا بين عسكرين"1.
لقد كان رأي زيد - رضي الله تعالى عنه: "المضي قُدُماً، وعدم استنْزاف قوة المسلمين في قتالٍ قد يُعيق تقدُّمهم نحو عدوّهم، وربَّما كان ذلك سبباً لوقوع المسلمين بين فكَّي كمَّاشة".
وقد مرَّ بنا سابقاً في روايتي الواقدي، وابن سعد، تلك التحرُّشات العدائية التي قام بها شرحبيل بن عمرو الغساني - الذي جمع جموع العرب المتنصرة - وذلك بإرساله الطلائع لتعيق تقدم المسلمين، ولكن محاولاته باءت بالفشل الذريع، حيث قَتَل المسلمون أخاه سدوس، قائد الطليعة الأولى، مِمَّا أثار الذُّعْر والهلع في قلب شرحبيل، فتحصَّن2".
1 أي تضيِّعوا نشاطكم وقوَّتكم.
2 سبق تخريجهما برقمي [3] ، [10] .