المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحديث السابع والثلاثون - فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري - جـ ٢

[عبد السلام العامر]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الصلاة

- ‌باب المواقيت

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌باب فضل الجماعة ووجوبها

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌باب الأذان والإقامة

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌الحديث العشرون

- ‌الحديث الواحد والعشرون

- ‌الحديث الثاني والعشرون

- ‌باب استقبال القبلة

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌الحديث الرابع والعشرون

- ‌الحديث الخامس والعشرون

- ‌باب الصّفوف

- ‌الحديث السادس والعشرون

- ‌الحديث السابع والعشرون

- ‌الحديث الثامن والعشرون

- ‌الحديث التاسع والعشرون

- ‌باب الإمامة

- ‌الحديث الثلاثون

- ‌الحديث الواحد والثلاثون

- ‌الحديث الثاني والثلاثون

- ‌الحديث الثالث والثلاثون

- ‌الحديث الرابع والثلاثون

- ‌الحديث الخامس والثلاثون

- ‌الحديث السادس والثلاثون

- ‌باب صفة صلاة النبيّ صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث السابع والثلاثون

- ‌الحديث الثامن والثلاثون

- ‌الحديث التاسع والثلاثون

- ‌الحديث الأربعون

- ‌الحديث الواحد والأربعون

- ‌الحديث الثاني والأربعون

- ‌الحديث الثالث والأربعون

- ‌الحديث الرابع والأربعون

- ‌الحديث الخامس والأربعون

- ‌الحديث السادس والأربعون

- ‌الحديث السابع والأربعون

- ‌الحديث الثامن والأربعون

- ‌الحديث التاسع والأربعون

- ‌الحديث الخمسون

- ‌باب وجوب الطمأنينة في الركوع والسجود

- ‌الحديث الواحد والخمسون

- ‌باب القراءة في الصّلاة

- ‌الحديث الثاني والخمسون

- ‌الحديث الثالث والخمسون

- ‌الحديث الرابع والخمسون

- ‌الحديث الخامس والخمسون

- ‌الحديث السادس والخمسون

- ‌الحديث السابع والخمسون

- ‌باب ترك الجهر بـ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)

- ‌الحديث الثامن والخمسون

- ‌الحديث التاسع والخمسون

- ‌باب سجود السّهو

- ‌الحديث الستون

- ‌الحديث الواحد والستون

- ‌باب المرور بين يدي المُصلِّي

- ‌الحديث الثاني والستون

- ‌الحديث الثالث والستون

- ‌الحديث الرابع والستون

- ‌الحديث الخامس والستون

- ‌بابٌ جامعٌ

- ‌الحديث السادس والستون

- ‌الحديث السابع والستون

- ‌الحديث الثامن والستون

- ‌الحديث التاسع والستون

- ‌الحديث السبعون

- ‌الحديث الواحد والسبعون

- ‌الحديث الثاني والسبعون

- ‌الحديث الثالث والسبعون

- ‌الحديث الرابع والسبعون

الفصل: ‌الحديث السابع والثلاثون

‌باب صفة صلاة النبيّ صلى الله عليه وسلم

-

‌الحديث السابع والثلاثون

86 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبّر في الصّلاة سكت هُنيَّةً قبل أن يقرأ ، فقلت: يا رسولَ الله ، بأبي أنت وأمّي ، أرأيتَ سكوتك بين التّكبير والقراءة ما تقول؟ قال: أقول: اللهمّ باعد بيني وبين خطاياي كما باعدَّتَ بين المشرق والمغرب. اللهمّ نقّني من خطاياي كما يُنقّى الثّوب الأبيض من الدَّنس. اللهمّ اغسلني من خطاياي بالماء والثّلج والبرد. (1)

قوله: (إذا كبّر في الصّلاة سكت) كذا لمسلم ، وللبخاري " يسكت إسكاتةً " وقوله " يسكت " ضبطناه بفتح أوّله من السّكوت، وحكى الكرمانيّ عن بعض الرّوايات بضمّ أوّله من الإسكات.

قال الجوهريّ: يقال تكلم الرّجل ثمّ سكت بغير ألفٍ، فإذا انقطع كلامه فلم يتكلم قلت أسكت.

وقوله " إسكاتة " بكسر أوّله بوزن إفعالة من السّكوت، وهو من المصادر الشّاذّة نحو أثبته إثباتة.

قال الخطّابيّ (2): معناه سكوت يقتضي بعده كلاماً مع قصر المدّة فيه،

(1) أخرجه البخاري (711) ومسلم (598) من طرق عن عمارة بن القعقاع، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة به.

(2)

حمد بن محمد البستي. تقدمت ترجمته (1/ 61).

ص: 288

وسياق الحديث يدلّ على أنّه أراد السّكوت عن الجهر لا عن مطلق القول، أو السّكوت عن القراءة لا عن الذّكر.

قوله: (هُنيّة)(1) كذا لمسلم ، وللبخاري " قال: أحسبه قال هنيّة " وهذه رواية عبد الواحد بن زياد بالظّنّ، ورواه جرير عند مسلم وغيره ، وابن فضيل عند ابن ماجه وغيره بلفظ " سكت هنيّة " بغير تردّد، وإنّما اختار البخاريّ رواية عبد الواحد لوقوع التّصريح بالتّحديث فيها في جميع الإسناد (2).

وقال الكرمانيّ: المراد أنّه قال - بدل إسكاتة - هنيّة.

قلت: وليس بواضح، بل الظّاهر أنّه شكّ. هل وصف الإسكاتة بكونها هنيّةً أم لا.

وهنيّة بالنّون بلفظ التّصغير، وهو عند الأكثر بتشديد الياء.

وذكر عياضٌ والقرطبيّ ، أنّ أكثر رواة مسلم ، قالوه بالهمزة.

وأمّا النّوويّ فقال: الهمز خطأ. قال: وأصله هنوة. فلمّا صغّر صار هنيوة فاجتمعت واو وياء وسبقت إحداهما بالسّكون فقلبت الواو ياء ثمّ أدغمت.

قال غيره: لا يمنع ذلك إجازة الهمز، فقد تقلب الياء همزة. وقد

(1) وقع في طبعة الأرنووط (هُنيهةٌ) بزيادة الهاء. ولم أرها في الصحيحين. وإنما جاءت عند النسائي (60) وابن حبان (1776) وغيرهما. وقد وقعت في رواية الكشميهني كما سيذكر الشارح.

(2)

صحيح البخاري (711) حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا عبد الواحد بن زياد قال: حدثنا عمارة بن القعقاع قال: حدثنا أبو زرعة، قال: حدثنا أبو هريرة .. "

ص: 289

وقع في رواية الكشميهنيّ " هنيهةً " بقلبها هاء، وهي رواية إسحاق والحميديّ في " مسنديهما " عن جرير.

قوله: (بأبي أنتَ وأمّي) الباء متعلقة بمحذوفٍ اسم أو فعل ، والتّقدير أنت مفديٌّ أو أفديك، واستدل به على جواز قول ذلك، وزعم بعضهم أنّه من خصائصه صلى الله عليه وسلم. (1)

قوله: (أرأيت سكوتك) كذا لمسلم ، وللبخاري " إسكاتك " بكسر أوّله وهو بالرّفع على الابتداء.

وقال المظهّريّ شارح المصابيح: هو بالنّصب على أنّه مفعولٌ بفعلٍ مقدّرٍ ، أي أسألك إسكاتك، أو على نزع الخافض. انتهى.

والذي في روايتنا بالرّفع للأكثر، ووقع في رواية المستملي والسّرخسيّ بفتح الهمزة وضمّ السّين على الاستفهام، وفي رواية الحميديّ " ما تقول في سكتتك بين التّكبير والقراءة " ولمسلم " أرأيت سكوتك ".

وكلّه مشعرٌ بأنّ هناك قولاً لكونه قال " ما تقول " ولَم يقل هل تقول؟ نبّه عليه ابن دقيق العيد. قال: ولعله استدل على أصل القول بحركة الفم كما استدل غيره على القراءة باضطراب اللحية.

(1) قال الشارح في " الفتح "(10/ 698): استوعب الأخبارَ الدالةَ على الجواز أبو بكر بن أبي عاصم في أول كتابه " آداب الحكماء " وجزَمَ بجواز ذلك ، فقال: للمرء أنْ يقول ذلك لسلطانه ولكبيره ولذوي العلم ولمن أحب من إخوانه غير محظور عليه ذلك ، بل يثاب عليه إذا قصدَ توقيرَه واستعطافَه ، ولو كان ذلك محظوراً لنهى النبي صلى الله عليه وسلم قائلَ ذلك ، ولأعلمه أنَّ ذلك غير جائز أنْ يقال لأحدٍ غيره. انتهى

ص: 290

قلت: حديث خبّاب. أخرجه البخاري عن أبي معمر، قال: قلنا لخباب: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر؟ قال: نعم، قلنا: بِمَ كنتم تعرفون ذاك؟ قال: باضطراب لحيته.

ونقل ابن بطّالٍ عن الشّافعيّ ، أنّ سبب هذه السّكتة للإمام أن يقرأ المأموم فيها الفاتحة، ثمّ اعترضه بأنّه لو كان كذلك لقال في الجواب: أسكت لكي يقرأ من خلفي.

وردّه ابن المنير: بأنّه لا يلزم من كونه أخبره بصفة ما يقول أن لا يكون سبب السّكوت ما ذكر. انتهى.

وهذا النّقل من أصله غير معروفٍ عن الشّافعيّ ولا عن أصحابه.

إلَاّ أنّ الغزاليّ قال في الإحياء: إنّ المأموم يقرأ الفاتحة إذا اشتغل الإمام بدعاء الافتتاح.

وخولف في ذلك، بل أطلق المتولي وغيره كراهة تقديم المأموم قراءة الفاتحة على الإمام. وفي وجهٍ: إن فرغها قبله بطلت صلاته، والمعروف أنّ المأموم يقرؤها إذا سكت الإمام بين الفاتحة والسّورة، وهو الذي حكاه عياض وغيره عن الشّافعيّ.

وقد نصّ الشّافعيّ. على أنّ المأموم يقول دعاء الافتتاح كما يقوله الإمام، والسّكتة التي بين الفاتحة والسّورة ثبت فيها حديث سمرة عند أبي داود وغيره.

قوله: (باعد) المراد بالمباعدة محو ما حصل منها والعصمة عمّا سيأتي منها، وهو مجازٌ؛ لأنّ حقيقة المباعدة إنّما هي في الزّمان والمكان

ص: 291

، وموقع التّشبيه أنّ التقاء المشرق والمغرب مستحيل فكأنّه أراد أنّه لا يبقى لها منه اقتراب بالكليّة.

وقال الكرمانيّ: كرّر لفظ " بين " لأنّ العطف على الضّمير المجرور يعاد فيه الخافض

قوله: (نقّني) مجاز عن زوال الذّنوب ومحو أثرها، ولَمّا كان الدّنس في الثّوب الأبيض أظهر من غيره من الألوان وقع التّشبيه به. قاله ابن دقيق العيد.

قوله: (بالماء والثّلج والبرد) قال الخطّابيّ: ذكر الثّلج والبرد تأكيدٌ، أو لأنّهما ماءان لَم تمسّهما الأيدي ولَم يمتهنهما الاستعمال.

وقال ابن دقيق العيد: عبّر بذلك عن غاية المحو، فإنّ الثّوب الذي يتكرّر عليه ثلاثة أشياء منقّية يكون في غاية النّقاء.

قال: ويحتمل أن يكون المراد أنّ كلّ واحد من هذه الأشياء مجاز عن صفةٍ يقع بها المحو ، وكأنّه كقوله تعالى (واعف عنّا واغفر لنا وارحمنا).

وأشار الطّيبيّ إلى هذا بحثاً فقال: يمكن أن يكون المطلوب من ذكر الثّلج والبرد بعد الماء شمول أنواع الرّحمة والمغفرة بعد العفو لإطفاء حرارة عذاب النّار التي هي في غاية الحرارة، ومنه قولهم: برّد الله مضجعه. أي: رحمه ووقاه عذاب النّار. انتهى

ويؤيّده ورود وصف الماء بالبرودة. في حديث عبد الله بن أبي أوفى

ص: 292

عند مسلم (1)، وكأنّه جعل الخطايا بمنزلة جهنّم لكونها مسبّبةً عنها، فعبّر عن إطفاء حرارتها بالغسل ، وبالغ فيه باستعمال المبرّدات ترقّياً عن الماء إلى أبرد منه.

وقال التّوربشتيّ: خصّ هذه الثّلاثة بالذّكر؛ لأنّها منزّلةٌ من السّماء.

وقال الكرمانيّ: يحتمل أن يكون في الدّعوات الثّلاث إشارة إلى الأزمنة الثّلاثة فالمباعدة للمستقبل، والتّنقية للحال، والغسل للماضي " انتهى.

وكأنّ تقديم المستقبل للاهتمام بدفع ما سيأتي قبل رفع ما حصل.

واستدل بالحديث على مشروعيّة الدّعاء بين التّكبير والقراءة خلافاً للمشهور عن مالكٍ، وورد فيه أيضاً حديث " وجّهت وجهي إلخ " وهو عند مسلم من حديث عليٍّ، لكن قيّده بصلاة الليل. (2) وأخرجه الشّافعيّ وابن خزيمة وغيرهما بلفظ " إذا صلَّى المكتوبة " واعتمده

(1) مسلم (476) عن ابن أبي أوفى عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه كان يقول: اللهم لك الحمد ملء السماء، وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد ، اللهم طهّرني بالثلج والبرد، والماء البارد ، اللهم طهّرنى من الذنوب والخطايا كما يُنقَّى الثوب الأبيض من الوسخ "

(2)

ولفظه عند مسلم (771): كان إذا قام إلى الصلاة قال. فذكره. وأورده الشارح في بلوغ المرام ثم قال: وفي رواية له: إن ذلك في صلاة الليل. انتهى

ولم أره مقيَّدا بصلاة الليل في الروايات التي اطلعتُ عليها. وكأن مسلماً رحمه الله يرى أنه في قيام الليل حيث ذكره ضمن أحاديث القيام. ورواه أيضاً البزار في " مسنده "(499) بلفظ مسلم ، ثم قال: وإنما احتمله الناس على صلاة الليل. وكذا قال الطيالسي في " مسنده "(152).

ص: 293

الشّافعيّ في الأمّ، وفي التّرمذيّ وصحيح ابن حبّان من حديث أبي سعيد. الافتتاح بسبحانك اللهمّ. (1)

ونقل السّاجيّ عن الشّافعيّ استحباب الجمع بين التّوجيه والتّسبيح ، وهو اختيار ابن خزيمة وجماعة من الشّافعيّة ، وحديث أبي هريرة أصحّ ما ورد في ذلك.

واستدل به على جواز الدّعاء في الصّلاة بما ليس في القرآن خلافاً للحنفيّة.

ثمّ هذا الدّعاء صدر منه صلى الله عليه وسلم على سبيل المبالغة في إظهار العبوديّة، وقيل: قاله على سبيل التّعليم لأمّته، واعترض بكونه لو أراد ذلك لجهر به.

وأجيب: بورود الأمر بذلك في حديث سمرة عند البزّار.

وفيه ما كان الصّحابة عليه من المحافظة على تتبّع أحوال النّبيّ صلى الله عليه وسلم في حركاته وسكناته وإسراره وإعلانه حتّى حفظ الله بهم الدّين.

واستدل به بعض الشّافعيّة على أنّ الثّلج والبرد مطهّران، واستبعده ابن عبد السّلام. وأبعد منه استدلال بعض الحنفيّة به على نجاسة الماء المستعمل.

(1) وتمامه (سبحانك اللهم وبحمدك ، وتبارك اسمك ، وتعالى جدّك ، ولا إله غيرك) وهو في سنن الترمذي (242) وأخرجه أيضاً. أبو داود (775) والنسائي (900) وابن ماجة (804) من طرق عن عليِّ بن عليٍّ الرفاعي عن أبي المتوكل عن أبي سعيد رضي الله عنه.

ص: 294