المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث السبعون 119 - عن جابر بن عبد الله رضي الله - فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري - جـ ٢

[عبد السلام العامر]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الصلاة

- ‌باب المواقيت

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌باب فضل الجماعة ووجوبها

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌باب الأذان والإقامة

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌الحديث العشرون

- ‌الحديث الواحد والعشرون

- ‌الحديث الثاني والعشرون

- ‌باب استقبال القبلة

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌الحديث الرابع والعشرون

- ‌الحديث الخامس والعشرون

- ‌باب الصّفوف

- ‌الحديث السادس والعشرون

- ‌الحديث السابع والعشرون

- ‌الحديث الثامن والعشرون

- ‌الحديث التاسع والعشرون

- ‌باب الإمامة

- ‌الحديث الثلاثون

- ‌الحديث الواحد والثلاثون

- ‌الحديث الثاني والثلاثون

- ‌الحديث الثالث والثلاثون

- ‌الحديث الرابع والثلاثون

- ‌الحديث الخامس والثلاثون

- ‌الحديث السادس والثلاثون

- ‌باب صفة صلاة النبيّ صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث السابع والثلاثون

- ‌الحديث الثامن والثلاثون

- ‌الحديث التاسع والثلاثون

- ‌الحديث الأربعون

- ‌الحديث الواحد والأربعون

- ‌الحديث الثاني والأربعون

- ‌الحديث الثالث والأربعون

- ‌الحديث الرابع والأربعون

- ‌الحديث الخامس والأربعون

- ‌الحديث السادس والأربعون

- ‌الحديث السابع والأربعون

- ‌الحديث الثامن والأربعون

- ‌الحديث التاسع والأربعون

- ‌الحديث الخمسون

- ‌باب وجوب الطمأنينة في الركوع والسجود

- ‌الحديث الواحد والخمسون

- ‌باب القراءة في الصّلاة

- ‌الحديث الثاني والخمسون

- ‌الحديث الثالث والخمسون

- ‌الحديث الرابع والخمسون

- ‌الحديث الخامس والخمسون

- ‌الحديث السادس والخمسون

- ‌الحديث السابع والخمسون

- ‌باب ترك الجهر بـ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)

- ‌الحديث الثامن والخمسون

- ‌الحديث التاسع والخمسون

- ‌باب سجود السّهو

- ‌الحديث الستون

- ‌الحديث الواحد والستون

- ‌باب المرور بين يدي المُصلِّي

- ‌الحديث الثاني والستون

- ‌الحديث الثالث والستون

- ‌الحديث الرابع والستون

- ‌الحديث الخامس والستون

- ‌بابٌ جامعٌ

- ‌الحديث السادس والستون

- ‌الحديث السابع والستون

- ‌الحديث الثامن والستون

- ‌الحديث التاسع والستون

- ‌الحديث السبعون

- ‌الحديث الواحد والسبعون

- ‌الحديث الثاني والسبعون

- ‌الحديث الثالث والسبعون

- ‌الحديث الرابع والسبعون

الفصل: ‌ ‌الحديث السبعون 119 - عن جابر بن عبد الله رضي الله

‌الحديث السبعون

119 -

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه ، أنّ معاذ بن جبلٍ كان يُصلِّي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عشاء الآخرة. ثمّ يرجع إلى قومه ، فيصلِّي بهم تلك الصّلاة. عشاء الآخرة ، صلاة العشاء. (1)

قوله: عن جابر بن عبد الله) الأنصاري الصحابي المشهور. (2)

قوله: (يُصلِّي مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم) زاد مسلمٌ من رواية منصور عن عمرو بن دينار عن جابر " عشاء الآخرة "، فكأنّ العشاء هي التي كان يواظب فيها على الصّلاة مرّتين. وللبخاري: يرجع فيؤمّ قومه ، فصلَّى العشاء فقرأ البقرة ، كذا في معظم الرّوايات.

ووقع في روايةٍ لأبي عوانة والطّحاويّ من طريق محارب عن جابر " صلَّى بأصحابه المغرب " ، وكذا لعبد الرّزّاق من رواية أبي الزّبير.

فإن حُمل على تعدّد القصّة ، أو على أنّ المراد بالمغرب العشاء مجازاً تمّ، وإلا فما في الصّحيح أصحّ.

قوله: (ثمّ يرجع إلى قومه) في رواية منصور المذكورة " فيصلي بهم تلك الصّلاة " وللبخاري " فيصلي بهم الصّلاة " أي: المذكورة.

وفي هذا ردٌّ على من زعم أنّ المراد أنّ الصّلاة التي كان يُصلِّيها مع

(1) أخرجه البخاري (669 ، 679 ، 5755) ومسلم (465) من طرق عن عمرو بن دينار عن جابر. مطوّلاً ومختصراً. وانظر رقم (106).

(2)

تقدّمت ترجمته في الطهارة رقم (39). وستأتي إن شاء الله ترجمة معاذ رضي الله عنه برقم (174)

ص: 519

النّبيّ صلى الله عليه وسلم غير الصّلاة التي كان يُصلِّيها بقومه.

وفي رواية ابن عيينة عن عمرو عن جابر عند مسلم " فصلَّى ليلةً مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم العشاء ثمّ أتى قومه فأمّهم ، وفي رواية الحميديّ عن ابن عيينة " ثمّ يرجع إلى بني سلمة فيُصلِّيها بهم " ، ولا مخالفة فيه؛ لأنّ قومه هم بنو سلمة.

وفي رواية الشّافعيّ عنه " ثمّ يرجع فيُصلِّيها بقومه في بني سلمة " ، ولأحمد " ثمّ يرجع فيؤمّنا ".

واستدل بهذا الحديث على صحّة اقتداء المفترض بالمتنفّل؛ بناءً على أنّ معاذاً كان ينوي بالأولى الفرض وبالثّانية النّفل.

ويدلّ عليه ما رواه عبد الرّزّاق والشّافعيّ والطّحاويّ والدّارقطنيّ وغيرهم من طريق ابن جريجٍ عن عمرو بن دينار عن جابر في حديث الباب. وزاد " هي له تطوّع ولهم فريضة " وهو حديثٌ صحيحٌ رجاله رجال الصّحيح، وقد صرّح ابن جريجٍ في رواية عبد الرّزّاق بسماعه فيه فانتفت تهمة تدليسه.

فقول ابن الجوزيّ: إنّه لا يصحّ ، مردود.

وتعليل الطّحاويّ له: بأنّ ابن عيينة ساقه عن عمرو أتمّ من سياق ابن جريجٍ ، ولَم يذكر هذه الزّيادة ، ليس بقادحٍ في صحّته؛ لأنّ ابن جريجٍ أسنّ وأجلّ من ابن عيينة وأقدم أخذاً عن عمرو منه، ولو لَم يكن كذلك فهي زيادةٌ من ثقةٍ حافظٍ ليست منافية لرواية من هو أحفظ منه ولا أكثر عدداً ، فلا معنى للتّوقّف في الحكم بصحّتها.

ص: 520

وأمّا ردّ الطّحاويّ لها: باحتمال أن تكون مدرجة.

فجوابه: أنّ الأصل عدم الإدراج حتّى يثبت التّفصيل، فمهما كان مضموماً إلى الحديث فهو منه ، ولا سيّما إذا روي من وجهين، والأمر هنا كذلك، فإنّ الشّافعيّ أخرجها من وجهٍ آخر عن جابر. متابعاً لعمرو بن دينار عنه.

وقول الطّحاويّ هو ظنٌّ من جابر. مردود؛ لأنّ جابراً كان ممّن يُصلِّي مع معاذ ، فهو محمولٌ على أنّه سمع ذلك منه ، ولا يظنّ بجابر أنّه يخبر عن شخصٍ بأمرٍ غير مشاهدٍ إلَاّ بأن يكون ذلك الشّخص أطلعه عليه.

وأمّا احتجاج أصحابنا لذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: إذا أقيمت الصّلاة فلا صلاة إلَاّ المكتوبة (1). فليس بجيّد؛ لأنّ حاصله النّهي عن التّلبّس بصلاةٍ غير التي أقيمت من غير تعرّضٍ لنيّة فرض أو نفل، ولو تعيّنت نيّة الفريضة لامتنع على معاذ أن يُصلِّي الثّانية بقومه؛ لأنّها ليست حينئذٍ فرضاً له.

وكذلك قول بعض أصحابنا: لا يظنّ بمعاذ أن يترك فضيلة الفرض خلف أفضل الأئمّة في المسجد الذي هو من أفضل المساجد، فإنّه وإن كان فيه نوع ترجيح لكن للمخالف أن يقول: إذا كان ذلك بأمر النّبيّ صلى الله عليه وسلم ، لَم يمتنع أن يحصل له الفضل بالاتّباع.

وكذلك قول الخطّابيّ: إنّ العشاء في قوله " كان يُصلِّي مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم

(1) أخرجه مسلم في صحيحه (710) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه -

ص: 521

العشاء " حقيقة في المفروضة، فلا يقال كان ينوي بها التّطوّع؛ لأنّ لمخالفه أن يقول: هذا لا ينافي أن ينوي بها التّنفّل.

وأمّا قول ابن حزم: إنّ المخالفين لا يجيزون لمن عليه فرض إذا أقيم أن يصليه متطوّعاً ، فكيف ينسبون إلى معاذ ما لا يجوز عندهم؟.

فهذا - إن كان كما قال - نقضٌ قويٌّ. وأسلم الأجوبة التّمسّك بالزّيادة المتقدّمة.

وأمّا قول الطّحاويّ: لا حجّة فيها؛ لأنّها لَم تكن بأمر النّبيّ صلى الله عليه وسلم ولا تقريره. فجوابه أنّهم لا يختلفون في أنّ رأي الصّحابيّ إذا لَم يخالفه غيره حجّة، والواقع هنا كذلك، فإنّ الذين كان يُصلِّي بهم معاذ كلّهم صحابةٌ ، وفيهم ثلاثون عقبيّاً وأربعون بدريّاً، قاله ابن حزم.

وقال: ولا يحفظ عن غيرهم من الصّحابة امتناع ذلك، بل قال معهم بالجواز عمر، وابن عمر، وأبو الدّرداء وأنس وغيرهم.

وأمّا قول الطّحاويّ: لو سلَّمنا جميع ذلك ، لَم يكن فيه حجّة لاحتمال أنّ ذلك كان في الوقت الذي كانت الفريضة فيه تصلى مرّتين. أي: فيكون منسوخاً.

فقد تعقّبه ابن دقيق العيد: بأنّه يتضمّن إثبات النّسخ بالاحتمال وهو لا يسوغ، وبأنّه يلزمه إقامة الدّليل على ما ادّعاه من إعادة الفريضة. انتهى.

وكأنّه لَم يقف على كتابه ، فإنّه قد ساق فيه دليل ذلك ، وهو حديث

ص: 522

ابن عمر رفعه " لا تصلّوا الصّلاة في اليوم مرّتين "(1).

ومن وجهٍ آخر مرسل ، إنّ أهل العالية كانوا يصلّون في بيوتهم، ثمّ يصلّون مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم فبلغه ذلك فنهاهم. (2)

ففي الاستدلال بذلك على تقدير صحّته نظرٌ، لاحتمال أن يكون النّهي عن أن يصلّوها مرّتين على أنّها فريضة، وبذلك جزم البيهقيّ جمعاً بين الحديثين، بل لو قال قائل: هذا النّهي منسوخ بحديث معاذ، لَم يكن بعيداً.

ولا يقال القصّة قديمة؛ لأنّ صاحبها استشهد بأحدٍ؛ لأنّا نقول: كانت أُحدٌ في أواخر الثّالثة فلا مانع أن يكون النّهي في الأولى والإذن في الثّالثة مثلاً، وقد قال صلى الله عليه وسلم للرّجلين اللذين لَم يصليا معه: إذا صليتما في رحالكما ، ثمّ أتيتما مسجد جماعةٍ فصليا معهم ، فإنّها نافلة. أخرجه أصحاب السّنن من حديث يزيد بن الأسود العامريّ. وصحّحه ابن خزيمة وغيره، وكان ذلك في حجّة الوداع في أواخر حياة النّبيّ صلى الله عليه وسلم.

ويدلّ على الجواز أيضاً. أمره صلى الله عليه وسلم لمن أدرك الأئمّة الذين يأتون بعده

(1) أخرجه الإمام أحمد (4689) وأبو داود (579)، والنسائي (2/ 144) عن سليمان بن يسار مولى ميمونة، قال: أتيتُ ابن عمر على البلاط وهم يصلون، فقلت: ألا تُصلّي معهم؟ قال: قد صلّيت، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. وصحَّحه ابن خزيمة (1641) وابن حبان (2396).

(2)

أخرجه الطحاوي في " شرح معاني الآثار "(1/ 317) عن عمرو بن شعيب عن خالد بن أيمن المعافري ، قال: كان أهل العوالي. وفيه: فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنْ يُعيدوا الصلاة في يوم مرتين. قال عمرو: قد ذكرتُ ذلك لسعيد بن المسيب. فقال: صدق.

ص: 523

ويؤخّرون الصّلاة عن ميقاتها: أن صلّوها في بيوتكم في الوقت ، ثمّ اجعلوها معهم نافلة (1).

وأمّا استدلال الطّحاويّ: أنّه صلى الله عليه وسلم نهى معاذاً عن ذلك بقوله في حديث سليم بن الحارث: إمّا أن تصلي معي ، وإمّا أن تخفّف بقومك (2). ودعواه أنّ معناه إمّا أن تصلي معي ولا تصل بقومك ، وإمّا أن تخفّف بقومك ولا تصل معي.

ففيه نظرٌ؛ لأنّ لمخالفه أن يقول: بل التّقدير إمّا أن تصلي معي فقط إذا لَم تخفّف ، وإمّا أن تخفّف بقومك فتصلي معي، وهو أولى من تقديره؛ لِمَا فيه من مقابلة التّخفيف بترك التّخفيف؛ لأنّه هو المسئول عنه المتنازع فيه.

وأمّا تقوية بعضهم بكونه منسوخاً: بأنّ صلاة الخوف وقعت مراراً على صفةٍ فيها مخالفةٌ ظاهرةٌ بالأفعال المنافية في حال الأمن، فلو جازت صلاة المفترض خلف المتنفّل لصلَّى النّبيّ صلى الله عليه وسلم بهم مرّتين على وجهٍ لا تقع فيه منافاة، فلمّا لَم يفعل دلَّ ذلك على المنع.

فجوابه: أنّه ثبت أنّه صلى الله عليه وسلم صلَّى بهم صلاة الخوف مرّتين. كما أخرجه

(1) أخرجه مسلم (648) عن أبي ذر قال: قال لي رسول الله: كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها؟ أو يُميتون الصلاة عن وقتها؟ قال: قلت: فما تأمرني؟ قال: صلِّ الصلاة لوقتها، فإن أدركتها معهم، فصلِّ، فإنها لك نافلة.

(2)

أخرجه الإمام أحمد (20699) من طريق معاذ بن رفاعة الأنصاري، عن رجلٍ من بني سلمة يقال له: سليم. وقد أعلّه الشارح كما تقدّم في التعليق على حديث رقم (85).

ص: 524

أبو داود عن أبي بكرة صريحاً، ولمسلمٍ عن جابر نحوه، وأمّا صلاته بهم على نوعٍ من المخالفة فلبيان الجواز.

وأمّا قول بعضهم: كان فعل معاذ للضّرورة لقلة القرّاء في ذلك الوقت. فهو ضعيفٌ كما قال ابن دقيق العيد؛ لأنّ القدر المجزئ من القراءة في الصّلاة كان حافظوه كثيراً، وما زاد لا يكون سبباً لارتكاب أمرٍ ممنوعٍ منه شرعاً في الصّلاة.

ص: 525