الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بابٌ جامعٌ
الحديث السادس والستون
115 -
عن أبي قتادة بن ربعيٍّ الأنصاريّ رضي الله عنه قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: إذا دخل أحدُكم المسجدَ فلا يجلس حتّى يُصلِّي ركعتين. (1)
قوله: (عن أبي قتادة) بفتحتين، هكذا اتّفق عليه الرّواة عن مالك عن عامر عن عمرو بن سليم الزرقي عنه، ورواه سهيل بن أبي صالح عن عامر بن عبد الله بن الزّبير. فقال: عن جابر. بدل أبي قتادة، وخطّأه التّرمذيّ والدّارقطنيّ وغيرهما. وهو السَّلميّ بفتحتين؛ لأنّه من الأنصار
قوله: (فلا يجلس) صرّح جماعة بأنّه إذا خالف وجلس لا يُشرع له التّدارك.
وفيه نظرٌ ، لِمَا رواه ابن حبّان في " صحيحه " من حديث أبي ذرٍّ ، أنّه دخل المسجد. فقال له النّبيّ صلى الله عليه وسلم: أركعتَ ركعتين؟ قال: لا، قال: قم فاركعهما. ترجم عليه ابن حبّان أنّ تحيّة المسجد لا تفوت بالجلوس.
(1) أخرجه البخاري (433) ومسلم (714) من طرق عن مالك، عن عامر بن عبد الله بن الزبير، عن عمرو بن سليم الزرقي، عن أبي قتادة رضي الله عنه.
وأخرجه البخاري (1110) من طريق عبد الله بن سعيد ، ومسلم (714) من طريق محمد بن يحيى بن حبان كلاهما عن عمرو بن سليم به.
قلت: ومثله قصّة سليك كما في صحيح البخاري (1).
وقال المحبّ الطّبريّ: يحتمل: أن يقال وقتهما قبل الجلوس وقت فضيلة وبعده وقت جواز، أو يقال وقتهما قبله أداء وبعده قضاء.
ويحتمل: أن تحمل مشروعيّتهما بعد الجلوس على ما إذا لَم يطل الفصل.
قوله: (يُصلِّي ركعتين) وللبخاري " فليركع ركعتين قبل أن يجلس " أي: فليصل، من إطلاق الجزء وإرادة الكلّ ، وهذا العدد لا مفهوم لأكثره باتّفاقٍ.
واختلف في أقلّه، والصّحيح اعتباره فلا تتأدّى هذه السّنّة بأقلّ من ركعتين
واتّفق أئمّة الفتوى على أنّ الأمر في ذلك للنّدب، ونقل ابن بطّالٍ عن أهل الظّاهر الوجوب، والذي صرّح به ابن حزم عدمه.
ومن أدلة عدم الوجوب قوله صلى الله عليه وسلم الذي رآه يتخطّى: اجلس فقد آذيت (2) ، ولَم يأمره بصلاةٍ، كذا استدل به الطّحاويّ وغيره ، وفيه نظر.
وقال الطّحاويّ أيضاً: الأوقات التي نهي عن الصّلاة فيها ليس هذا الأمر بداخلٍ فيها.
(1) صحيح البخاري رقم (930) ومسلم (875) من طرق عن جابر قال: جاء سليكٌ الغطفاني يوم الجمعة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب، فجلس، فقال له: يا سليك قم فاركع ركعتين، وتجوز فيهما. وهذا لفظ مسلم. وسيأتي برقم (140)
(2)
حديث عبد الله بن بسر رضي الله عنه. سيأتي كلام الشارح عليه. انظر حديث رقم (140).
قلت: هما عمومان تعارضا، الأمر بالصّلاة لكلّ داخل من غير تفصيل، والنّهي عن الصّلاة في أوقات مخصوصة، فلا بدّ من تخصيص أحد العمومين.
فذهب جمعٌ: إلى تخصيص النّهي وتعميم الأمر ، وهو الأصحّ عند الشّافعيّة.
وذهب جمعٌ: إلى عكسه ، وهو قول الحنفيّة والمالكيّة.
فائدتان:
الفائدة الأولى: حديث أبي قتادة هذا ورد على سبب، وهو أنّ أبا قتادة دخل المسجد فوجد النّبيّ صلى الله عليه وسلم جالساً بين أصحابه فجلس معهم، فقال له: ما منعك أنْ تركع؟ قال: رأيتك جالساً والنّاس جلوس. قال: فإذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتّى يركع ركعتين. أخرجه مسلم.
وعند ابن أبي شيبة من وجه آخر عن أبي قتادة: أعطوا المساجد حقّها، قيل له: وما حقّها؟ قال: ركعتين قبل أن تجلس.
الفائدة الثانية:
قال الشّافعيّ: أرى للإمام أن يأمر الآتي بالرّكعتين. ويزيد في كلامه (1) ما يمكنه الإتيان بهما قبل إقامة الصّلاة، فإن لَم يفعل كرهت ذلك.
وحكى النّوويّ عن المحقّقين: أنّ المختار إن لَم يفعل أن يقف حتّى
(1) أي: في الخطبة.
تقام الصّلاة ، لئلا يكون جالساً بغير تحيّة أو متنفّلاً حال إقامة الصّلاة.
واستثنى المحامليّ المسجد الحرام ، لأنّ تحيّته الطّواف.
وفيه نظرٌ. لطول زمن الطّواف بالنّسبة إلى الرّكعتين.
والذي يظهر من قولهم إنّ تحيّة المسجد الحرام الطّواف إنّما هو في حقّ القادم ليكون أوّل شيء يفعله الطّواف.