المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحديث الرابع والثمانون - فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري - جـ ٣

[عبد السلام العامر]

فهرس الكتاب

- ‌باب التشهُّد

- ‌الحديث الخامس والسبعون

- ‌الحديث السادس والسبعون

- ‌الحديث السابع والسبعون

- ‌الحديث الثامن والسبعون

- ‌الحديث التاسع والسبعون

- ‌باب الوتر

- ‌الحديث الثمانون

- ‌الحديث الواحد والثمانون

- ‌الحديث الثاني والثمانون

- ‌باب الذكر عقب الصّلاة

- ‌الحديث الثالث والثمانون

- ‌الحديث الرابع والثمانون

- ‌الحديث الخامس والثمانون

- ‌الحديث السادس والثمانون

- ‌باب الجمع بين الصلاتين في السفر

- ‌الحديث السابع والثمانون

- ‌باب قصر الصلاة في السفر

- ‌الحديث الثامن والثمانون

- ‌باب الجمعة

- ‌الحديث التاسع والثمانون

- ‌الحديث التسعون

- ‌الحديث الواحد والتسعون

- ‌الحديث الثاني والتسعون

- ‌الحديث الثالث والتسعون

- ‌الحديث الرابع والتسعون

- ‌الحديث الخامس والتسعون

- ‌الحديث السادس والتسعون

- ‌باب صلاة العيدين

- ‌الحديث السابع والتسعون

- ‌الحديث الثامن والتسعون

- ‌الحديث التاسع والتسعون

- ‌الحديث المائة

- ‌الحديث المائة وواحد

- ‌باب صلاة الكسوف

- ‌الحديث المائة واثنان

- ‌الحديث المائة وثلاثة

- ‌الحديث المائة وأربعة

- ‌الحديث المائة وخمسة

- ‌باب صلاة الاستسقاء

- ‌الحديث المائة وستة

- ‌الحديث المائة وسبعة

- ‌باب صلاة الخوف

- ‌الحديث المائة وثمانية

- ‌الحديث المائة وتسعة

- ‌الحديث المائة وعشرة

- ‌كتاب الجنائز

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

الفصل: ‌الحديث الرابع والثمانون

‌الحديث الرابع والثمانون

133 -

عن ورّادٍ مولى المغيرة بن شعبة ، قال: أملى عليَّ المغيرة بن شعبة من كتابٍ إلى معاوية: إنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يقول في دُبر كل صلاةٍ مكتوبةٍ: لا إله إلَاّ الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيءٍ قديرٍ. اللهمّ لا مانع لِمَا أعطيتَ ولا معطي لِمَا منعتَ ، ولا ينفع ذا الجدّ منك الجدّ. ثمّ وفدتُ بعد ذلك على معاوية فسمعتُه يأمر النّاس بذلك.

وفي لفظٍ: كان ينهى عن قيل وقال ، وإضاعة المال ، وكثرة السّؤال ، وكان ينهى عن عقوق الأمّهات ، ووأدِ البنات ، ومنعٍ وهات. (1)

قوله: (أملى عليَّ المغيرة بن شعبة من كتاب إلى معاوية) كان المغيرة إذ ذاك أميراً على الكوفة من قِبَل معاوية ، وللبخاري من وجه آخر عن ورّاد بيان السّبب في ذلك، وهو أنّ معاوية كتب إليه: اكتب لي بحديثٍ سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وللبخاري في القدر من رواية عبدة بن أبي لبابة عن ورّاد قال: كتب معاوية إلى المغيرة: اكتب إليّ ما سمعت النّبيّ صلى الله عليه وسلم يقول خلف الصّلاة. قد قيّدها في رواية الباب بالمكتوبة ، فكأنّ المغيرة فهم ذلك من قرينة في السّؤال.

(1) أخرجه البخاري (808 ، 1407 ، 2277 ، 5630 ، 5971 ، 6108 ، 6241 ، 6862) ومسلم (593) و (3/ 1341) من طرق عدةٍ عن وراد عن المغيرة.

ص: 124

واستدل به على العمل بالمكاتبة وإجرائها مجرى السّماع في الرّواية ، ولو لَم تقترن بالإجازة. وعلى الاعتماد على خبر الشّخص الواحد. وللبخاري في آخره أنّ ورّاداً قال: ثمّ وفدت بعد على معاوية ، فسمعته يأمر النّاس بذلك.

وزعم بعضهم: أنّ معاوية كان قد سمع الحديث المذكور، وإنّما أراد استثبات المغيرة. (1)

واحتجّ بما في الموطّأ من وجه آخر عن معاوية ، أنّه كان يقول على المنبر: أيّها النّاس، إنّه لا مانع لِمَا أعطى الله، ولا معطي لِمَا منع الله، ولا ينفع ذا الجدّ منه الجدّ. من يرد الله به خيراً يفقّهه في الدّين. ثمّ يقول: سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه الأعواد.

قوله: (معاوية) أي ابن أبي سفيان. واسمه صخر ، ويكنى أيضاً أبا حنظلة بن حرب بن أمية بن عبد شمس، أسلم قبل الفتح، وأسلم أبواه بعده.

وصحب النبي صلى الله عليه وسلم وكتب له. وولي إمرةَ دمشق عن عمر بعد موت أخيه يزيد بن أبي سفيان سنة تسع عشرة ، واستمر عليها بعد ذلك إلى

(1) قال العيني في " عمدة القاري "(2/ 45): فإن قلتَ إنّ معاوية إذا كان قد سمع هذا من رسول الله. فكيف يسأل عنه؟ قلتُ: أراد أن يستثبت ذلك ، وينظر هل رواه غيره أو نسي بعض حروفه أو ما أشبه ذلك. انتهى.

قلت: والصواب أنه لا منافاة بينهما. فمعاوية سمع هذا الدعاء من النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر ، ولم يسمعه منه بعد الصلاة ، ولذلك سأل المغيرة عما يُقال بعد الصلاة.

أمَّا ما وقع في بعض الرويات أنَّ معاوية سمع هذا الكلام من النبي صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من الصلاة فهي روايةٌ شاذةٌ. بيّنتها في كتابي زوائد الموطأ. رقم (777)

ص: 125

خلافة عثمان، ثم زمان محاربته لعلي وللحسن، ثم اجتمع عليه الناس في سنة إحدى وأربعين إلى أن مات سنة ستين. فكانت ولايته بين إمارة ومحاربة ومملكة أكثر من أربعين سنة متوالية.

قوله: (في دبر كل صلاةٍ) أخرج السّرّاج والطّبرانيّ وابن حبّان من طريق شعبة عن الحكم عن القاسم بن مخيمرة عن وراد. ولفظه كلفظ عبد الملك (1) إلَاّ أنّه قال فيه " كان إذا قضى صلاته وسلَّم ، قال: فذكره، ووقع نحو هذا التّصريح لمسلمٍ من طريق المسيّب بن رافع عن ورّاد به.

قوله: (له الملك وله الحمد) زاد الطّبرانيّ من طريق أخرى عن المغيرة " يحيي ويميت وهو حيّ لا يموت، بيده الخير .. إلى .. قدير " ورواته موثّقون. وثبت مثله عند البزّار من حديث عبد الرّحمن بن عوف بسندٍ ضعيف، لكن في القول " إذا أصبح وإذا أمسى ".

قوله: (ولا ينفع ذا الجدّ منك الجدّ) قال الخطّابيّ: الجدّ الغنى ، ويقال: الحظّ، قال: و " من " في قوله " منك " بمعنى البدل، قال الشّاعر: فليت لنا من ماء زمزم شربة

مبرّدةً باتت على الطّهيان.

يريد ليت لنا بدل ماء زمزم. انتهى.

وفي الصّحاح: معنى " منك " هنا عندك، أي: لا ينفع ذا الغنى عندك غناه، إنّما ينفعه العمل الصّالح.

وقال ابن التّين: الصّحيح عندي أنّها ليست بمعنى البدل ولا عند

(1) أي: ابن عمير عن ورَّاد. وروايته هي رواية الباب التي أوردها المقدسي رحمه الله.

ص: 126

، بل هو كما تقول: ولا ينفعك منّي شيء إن أنا أردتك بسوءٍ. ولَم يظهر من كلامه معنىً، ومقتضاه أنّها بمعنى عند أو فيه حذف تقديره من قضائي أو سطوتي أو عذابي. واختار الشّيخ جمال الدّين في المغني الأوّل.

قال ابن دقيق العيد: قوله " منك " يجب أن يتعلق بينفع، وينبغي أن يكون ينفع قد ضمّن معنى يمنع وما قاربه، ولا يجوز أن يتعلق منك بالجدّ كما يقال حظّي منك كثير لأنّ ذلك نافع. انتهى.

والجدّ مضبوط في جميع الرّوايات بفتح الجيم ، ومعناه الغنى. كما نقله البخاري عن الحسن، أو الحظّ.

وحكى الرّاغب: أنّ المراد به هنا أبو الأب، أي: لا ينفع أحداً نسبه.

قال القرطبيّ: حكي عن أبي عمرو الشّيبانيّ ، أنّه رواه بالكسر ، وقال: معناه لا ينفع ذا الاجتهاد اجتهاده. وأنكره الطّبريّ.

وقال القزّاز في توجيه إنكاره: الاجتهاد في العمل نافع ، لأنّ الله قد دعا الخلق إلى ذلك، فكيف لا ينفع عنده؟.

قال: فيحتمل أن يكون المراد أنّه لا ينفع الاجتهاد في طلب الدّنيا وتضييع أمر الآخرة.

وقال غيره: لعل المراد أنّه لا ينفع بمجرّده ما لَم يقارنه القبول، وذلك لا يكون إلَاّ بفضل الله ورحمته، كما في قوله " لا يدخل أحداً منكم الجنّة عمله "

ص: 127

وقيل: المراد على رواية الكسر السّعي التّامّ في الحرص أو الإسراع في الهرب.

قال النّوويّ: الصّحيح المشهور الذي عليه الجمهور ، أنّه بالفتح. وهو الحظّ في الدّنيا بالمال أو الولد أو العظمة أو السّلطان، والمعنى لا ينجّيه حظّه منك، وإنّما ينجّيه فضلك ورحمتك.

وفي الحديث استحباب هذا الذّكر عقب الصّلوات لِمَا اشتمل عليه من ألفاظ التّوحيد ، ونسبة الأفعال إلى الله والمنع والإعطاء وتمام القدرة، وفيه المبادرة إلى امتثال السّنن وإشاعتها.

فائدةٌ: اشتهر على الألسنة في الذّكر المذكور زيادة " ولا رادّ لِمَا قضيت " وهي في مسند عبد بن حميدٍ من رواية معمر عن عبد الملك بن عمير بهذا الإسناد، لكن حذف قوله " ولا معطي لِمَا منعت " ، ووقع عند الطّبرانيّ من وجه آخر من طريق مسعر عن عبد الملك بن عمير بسند صحيح عنه.

ووقع عند أحمد والنّسائيّ وابن خزيمة من طريق هشيمٍ عن عبد الملك عن وراد ، أنّه كان يقول الذّكر المذكور أوّلاً ثلاث مرّات.

قوله: (وكان ينهى عن قيل وقال) في رواية لهما " وكره لكم قيل وقال " كذا للأكثر في جميع المواضع بغير تنوين، ووقع في رواية الكشميهنيّ (1) هنا (2) " قيلاً وقالاً " والأوّل أشهر. وفيه تعقّب: على

(1) هو أبو الهيثم محمد بن مكي ، سبق ترجمته (1/ 32)

(2)

أي: في كتاب الأدب من صحيح البخاري. باب عقوق الوالدين من العقوق. أمّا في المواضع الأخرى فمثل رواية العمدة.

ص: 128

من زعم أنّه جائز ولَم تقع به الرّواية.

قال الجوهريّ: قيل وقال اسمان، يقال كثير القيل والقال.

كذا جزم بأنّهما اسمان، وأشار إلى الدّليل على ذلك بدخول الألف واللام عليهما.

وقال ابن دقيق العيد: لو كانا اسمين بمعنىً واحد كالقول لَم يكن لعطف أحدهما على الآخر فائدة، فأشار إلى ترجيح الأوّل.

وقال المحبّ الطّبريّ: في " قيل وقال " ثلاثة أوجه:

أحدها: أنّهما مصدران للقول، تقول قلت قولاً وقيلاً وقالاً ، والمراد في الأحاديث الإشارة إلى كراهة كثرة الكلام لأنّها تؤوّل إلى الخطأ، قال: وإنّما كرّره للمبالغة في الزّجر عنه.

ثانيها: إرادة حكاية أقاويل النّاس ، والبحث عنها ليخبر عنها فيقول: قال فلان كذا وقيل كذا، والنّهي عنه إمّا للزّجر عن الاستكثار منه، وإمّا لشيءٍ مخصوص منه وهو ما يكرهه المحكيّ عنه.

ثالثها: أنّ ذلك في حكاية الاختلاف في أمور الدّين كقوله: قال فلان كذا وقال فلان كذا، ومحلّ كراهة ذلك أن يكثر من ذلك بحيث لا يؤمن مع الإكثار من الزّلل، وهو مخصوص بمن ينقل ذلك من غير تثبّت، ولكن يقلد من سمعه ولا يحتاط له.

قلت: ويؤيّد ذلك الحديث الصّحيح: كفى بالمرء إثماً أن يحدّث بكل ما سمع. أخرجه مسلم.

ص: 129

وفي " شرح المشكاة " قوله " قيل وقال ": من قولهم قيل كذا وقال كذا، وبناؤهما على كونهما فعلين محكيّين متضمّنين للضّمير والإعراب على إجرائهما مجرى الأسماء خلوين من الضّمير، ومنه قوله:" إنّما الدّنيا قيل وقال " وإدخال حرف التّعريف عليهما في قوله: ما يعرف القال القيل لذلك.

قوله: (وإضاعة المال) قال الجمهور: إنَّ المراد به السرف في إنفاقه ، وعن سعيد بن جبير: إنفاقه في الحرام.

والأقوى: أنّه ما أنفق في غير وجهه المأذون فيه شرعاً سواء كانت دينيّة أو دنيويّة فمنع منه؛ لأنّ الله تعالى جعل المال قياماً لمصالح العباد، وفي تبذيرها تفويت تلك المصالح، إمّا في حقّ مضيّعها وإمّا في حقّ غيره، ويستثنى من ذلك كثرة إنفاقه في وجوه البرّ لتحصيل ثواب الآخرة ما لَم يفوّت حقّاً أخرويّاً أهمّ منه.

والحاصل في كثرة الإنفاق ثلاثة أوجه:

الأوّل: إنفاقه في الوجوه المذمومة شرعاً ، فلا شكّ في منعه. والثّاني: إنفاقه في الوجوه المحمودة شرعاً ، فلا شكّ في كونه مطلوباً بالشّرط المذكور.

والثّالث: إنفاقه في المباحات بالأصالة كملاذّ النّفس، فهذا ينقسم إلى قسمين.

القسم الأول: أن يكون على وجه يليق بحال المنفق وبقدر ماله، فهذا ليس بإسرافٍ.

ص: 130

القسم الثّاني: ما لا يليق به عرفاً، وهو ينقسم أيضاً إلى قسمين:

أحدهما: ما يكون لدفع مفسدة إمّا ناجزة أو متوقّعة، فهذا ليس بإسرافٍ.

والثّاني: ما لا يكون في شيء من ذلك ، فالجمهور على أنّه إسراف.

وذهب بعض الشّافعيّة. إلى أنّه ليس بإسرافٍ ، قال: لأنّه تقوم به مصلحة البدن وهو غرض صحيح، وإذا كان في غير معصية فهو مباح له.

قال ابن دقيق العيد: وظاهر القرآن يمنع ما قال. انتهى.

وقد صرّح بالمنع القاضي حسين ، فقال في كتاب قسم الصّدقات: هو حرام، وتبعه الغزاليّ، وجزم به الرّافعيّ في الكلام على المغارم، وصحّح في باب الحجر من الشّرح وفي المحرّر ، أنّه ليس بتبذيرٍ، وتبعه النّوويّ.

والذي يترجّح أنّه ليس مذموماً لذاته؛ لكنّه يفضي غالباً إلى ارتكاب المحذور كسؤال النّاس، وما أدّى إلى المحذور فهو محذور.

وقد ذكرنا البحث في جواز التّصدّق بجميع المال ، وأنّ ذلك يجوز لمن عرف من نفسه الصّبر على المضايقة (1).

(1) استوعب الحافظ رحمه الله في " الفتح " كلام أهل العلم وأدلتهم في هذه المسألة ، عند شرح حديث أبي هريرة. الذي أخرجه البخاري (1426) من طريق الزهري عن ابن المسيب عنه رفعه: خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى. وابدأ بمن تعول.

قال البخاري: باب لا صدقة إلا عن ظهر غنى. ومن تصدَّق وهو محتاج، أو أهله محتاج، أو عليه دين، فالدين أحق أن يقضى من الصدقة والعتق والهبة، وهو ردٌّ عليه، =

ص: 131

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ليس له أن يتلف أموال الناس. قال النبى صلى الله عليه وسلم: من أخذ أموال الناس يريد إتلافها أتلفه الله. إلا أن يكون معروفاً بالصبر فيؤثر على نفسه ولو كان به خصاصة كفعل أبى بكر رضي الله عنه حين تصدق بماله، وكذلك آثر الأنصارُ المهاجرين، ونهى النبى صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال، فليس له أن يضيع أموال الناس بعلة الصدقة. وقال كعب رضي الله عنه قلت: يا رسول الله إنَّ من توبتى أن أنخلع من مالى صدقة إلى الله وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم ، قال: أمسك عليك بعض مالك، فهو خير لك. قلت: فإنى أمسك سهمى الذى بخيبر. انتهى كلام البخاري.

قال ابن حجر: أورد في الباب حديث أبي هريرة بلفظ " خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى " وهو مشعرٌ بأن النفي في اللفظ الأول للكمال لا للحقيقة، فالحقيقة لا صدقة كاملة إلا عن ظهر غنى، وقد أورده أحمد من طريق أبي صالح بلفظ " إنما الصدقة ما كان عن ظهر غنى " وهو أقرب إلى لفظ الترجمة. وأخرجه أيضاً من طريق عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن أبي هريرة بلفظ الترجمة قال " لا صدقة إلا عن ظهر غنى " الحديث.

ومعنى الحديث أفضل الصدقة ما وقع من غير محتاج إلى ما يتصدق به لنفسه أو لمن تلزمه نفقته.

قال الخطابي: لفظ الظهر يرد في مثل هذا إشباعا للكلام، والمعنى أفضل الصدقة ما أخرجه الإنسان من ماله بعد أن يستبقي منه قدر الكفاية، ولذلك قال بعده: وابدأ بمن تعول.

وقال البغوي: المراد غنى يستظهر به على النوائب التي تنوبه. ونحوه قولهم ركب متن السلامة. والتنكير في قوله " غنى " للتعظيم، هذا هو المعتمد في معنى الحديث.

وقيل: المراد خير الصدقة ما أغنيت به من أعطيته عن المسألة، وقيل " عن " للسببية والظهر زائد، أي: خير الصدقة ما كان سببها غنى في المتصدق.

وقال النووي: مذهبنا أنَّ التصدق بجميع المال مستحب لمن لا دَيْن عليه ، ولا له عيال لا يصبرون، ويكون هو ممن يصبر على الإضاقة والفقر، فإن لم يجمع هذه الشروط فهو مكروه.

وقال القرطبي في " المفهم ": يرد على تأويل الخطابي بالآيات والأحاديث الواردة في فضل المؤثرين على أنفسهم، ومنها حديث أبي ذر " فضل الصدقة جهد من مقل " والمختار أنَّ معنى الحديث أفضل الصدقة ما وقع بعد القيام بحقوق النفس والعيال بحيث لا يصير المتصدق محتاجاً بعد صدقته إلى أحد، فمعنى الغنى في هذا الحديث =

ص: 132

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= حصول ما تدفع به الحاجة الضرورية كالأكل عند الجوع المشوش الذي لا صبر عليه، وستر العورة، والحاجة إلى ما يدفع به عن نفسه الأذى، وما هذا سبيله فلا يجوز الإيثار به بل يحرم، وذلك أنه إذا آثر غيره به أدى إلى إهلاك نفسه أو الإضرار بها أو كشف عورته، فمراعاة حقه أولى على كل حال، فإذا سقطت هذه الواجبات صحَّ الإيثار وكانت صدقته هي الأفضل لأجل ما يتحمل من مضض الفقر وشدة مشقته، فبهذا يندفع التعارض بين الأدلة إن شاء الله.

قوله: (وابدأ بمن تعول) فيه تقديم نفقة نفسه وعياله لأنها منحصرة فيه بخلاف نفقة غيرهم.

قوله: (ومن تصدق وهو محتاج إلى آخر الترجمة) كأنه أراد تفسير الحديث المذكور بأن شرط المتصدّق أن لا يكون محتاجاً لنفسه أو لمن تلزمه نفقته. ويلتحق بالتصدق سائر التبرعات.

وأما قوله (فهو ردٌّ عليه) فمقتضاه أنَّ ذا الدين المستغرق لا يصحُّ منه التبرع، لكن محل هذا عند الفقهاء إذا حجر عليه الحاكم بالفلس، وقد نقل فيه صاحب " المغني " وغيره الإجماع، فيحمل إطلاق البخاري عليه. واستدل له المصنف بالأحاديث التي علقها.

وأما قوله: (إلا أن يكون معروفاً بالصبر) كأنَّ البخاري أراد أنْ يخص به عموم الحديث الأول. والظاهر أنه يختص بالمحتاج، ويحتمل: أن يكون عاماً ويكون التقدير إلا أن يكون كل من المحتاج أو من تلزمه النفقة أو صاحب الدين معروفا بالصبر. ويقوي الأول التمثيل الذي مثل به من فعل أبي بكر والأنصار.

قال ابن بطال: أجمعوا على أنَّ المديان لا يجوز له أن يتصدق بماله ويترك قضاء الدين، فتعين حمل ذلك على المحتاج. وحكى ابن رشيد عن بعضهم ، أنه يتصور في المديان فيما إذا عامله الغرماء على أن يأكل من المال فلو آثر بقوته. وكان صبوراً جاز له ذلك ، وإلاّ كان إيثاره سبباً في أن يرجع لاحتياجه فيأكل فيتلف أموالهم فيمنع.

وقوله " كفعل أبي بكر حين تصدق بماله " هذا مشهورٌ في السير، وورد في حديث مرفوع أخرجه أبو داود وصحَّحه الترمذي والحاكم من طريق زيد بن أسلم عن أبيه سمعت عمر يقول: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق، فوافق ذلك مالاً عندي فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إنْ سبقته يوما، فجئت بنصف مالي، وأتى أبو بكر بكل ما عنده. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: يا أبا بكر ما أبقيت لأهلك؟ قال: أبقيت لهم الله ورسوله " الحديث تفرد به هشام بن سعد عن زيد، وهشام صدوق فيه مقال من جهة حفظه.

قال الطبري وغيره: قال الجمهور: من تصدق بماله كله في صحة بدنه وعقله حيث لا دين عليه ، وكان صبوراً على الإضاقة ولا عيال له أو له عيال يصبرون أيضاً فهو جائز، فإن فُقد شيء من هذه الشروط كره.

وقال بعضهم: هو مردود. وروي عن عمر حيث رد على غيلان الثقفي قسمةَ ماله. ويمكن أن يحتج له بقصة المدبر الآتي ذكره، فإنه صلى الله عليه وسلم باعه وأرسل ثمنه إلى الذي دبَّره لكونه كان محتاجاً

وقال آخرون: يجوز من الثلث ويرد عليه الثلثان، وهو قول الأوزاعي ومكحول. وعن مكحول أيضاً يرد ما زاد على النصف.

قال الطبري: والصواب عندنا الأول من حيث الجواز، والمختار من حيث الاستحباب أن يجعل ذلك من الثلث جمعاً بين قصة أبي بكر وحديث كعب. والله أعلم. انتهى بتجوز.

ص: 133

وجزم الباجيّ من المالكيّة: بمنع استيعاب جميع المال بالصّدقة ، قال: ويكره كثرة إنفاقه في مصالح الدّنيا، ولا بأس به إذا وقع نادراً لحادثٍ يحدث كضيفٍ أو عيد أو وليمة.

وممّا لا خلاف في كراهته. مجاوزة الحدّ في الإنفاق على البناء زيادة على قدر الحاجة، ولا سيّما إن أضاف إلى ذلك المبالغة في الزّخرفة ، ومنه احتمال الغبن الفاحش في البياعات بغير سبب.

وأمّا إضاعة المال في المعصية فلا يختصّ بارتكاب الفواحش، بل يدخل فيها سوء القيام على الرّقيق والبهائم حتّى يهلكوا، ودفع مال من لَم يؤنس منه الرّشد إليه، وقسمه ما لا ينتفع بجزئه كالجوهرة النّفيسة.

وقال السّبكيّ الكبير في " الحلبيّات ": الضّابط في إضاعة المال أن لا يكون لغرضٍ دينيّ ولا دنيويّ، فإن انتفيا حرم قطعاً، وإن وجد

ص: 134

أحدهما وجوداً له بال وكان الإنفاق لائقاً بالحال ولا معصية فيه جاز قطعاً، وبين الرّتبتين وسائط كثيرة لا تدخل تحت ضابط. فعلى المفتي أن يرى فيما تيسّر منها رأيه، وأمّا ما لا يتيسّر فقد تعرّض له؛ فالإنفاق في المعصية حرام كلّه، ولا نظر إلى ما يحصل في مطلوبه من قضاء شهوة ولذّة حسنة.

وأمّا إنفاقه في الملاذّ المباحة فهو موضع الاختلاف، فظاهر قوله تعالى:(والذين إذا أنفقوا لَم يسرفوا ولَم يقتروا وكان بين ذلك قواماً) أنّ الزّائد الذي لا يليق بحال المنفق إسراف. ثمّ قال: ومن بذل مالاً كثيراً في غرض يسير تافه عدّه العقلاء مضيّعاً، بخلاف عكسه، والله أعلم.

قال الطّيبيّ: هذا الحديث أصل في معرفة حسن الخلق، وهو تتبّع جميع الأخلاق الحميدة والخلال الجميلة.

قوله: (وكثرة السّؤال) اختلف في المراد منه ، وهل هو سؤال المال، أو السّؤال عن المشكلات والمعضلات، أو أعمّ من ذلك؟.

والأولى حمله على العموم.

وقد ذهب بعض العلماء: إلى أنّ المراد به كثرة السّؤال عن أخبار النّاس وأحداث الزّمان، أو كثرة سؤال إنسان بعينه عن تفاصيل حاله، فإنّ ذلك ممّا يكره المسئول غالباً.

وقد ثبت النّهي عن الأغلوطات. أخرجه أبو داود من حديث معاوية، وثبت عن جمع من السّلف كراهة تكلّف المسائل التي

ص: 135

يستحيل وقوعها عادة أو يندر جدّاً، وإنّما كرهوا ذلك لِمَا فيه من التّنطّع والقول بالظّنّ، إذ لا يخلو صاحبه من الخطأ.

وأمّا ما سيأتي في اللعان " فكره النّبيّ صلى الله عليه وسلم المسائل وعابها "(1)، وكذا في التّفسير في قوله تعالى:(لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم)(2) ، فذلك خاصّ بزمان نزول الوحي، ويشير إليه حديث " أعظم النّاس جرماً عند الله من سأل عن شيء لَم يحرّم فحرّم من أجل مسألته "(3).

وثبت أيضاً ذمّ السّؤال للمال ومدح من لا يلحف فيه كقوله تعالى: (لا يسألون النّاس إلحافاً) وجاء في الصحيحين من حديث ابن عمر: لا تزال المسألة بالعبد حتّى يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مزعة لحم ، وفي صحيح مسلم: إنّ المسألة لا تحلّ إلَاّ لثلاثةٍ: لذي فقر مدقع، أو غرم مفظع، أو جائحة.

وفي السّنن قوله صلى الله عليه وسلم لابن عبّاس: إذا سألت فاسأل الله. وفي سنن

(1) أخرجه البخاري (4745) ومسلم (1492) من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه ، وستأتي رواياته إن شاء الله ضمن شرح حديث ابن عمر الآتي في اللعان رقم (327)

(2)

أخرجه البخاري (4621) ومسلم (2359) عن أنس رضي الله عنه، قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة ما سمعت مثلها قطُّ، قال: لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً، ولبكيتم كثيراً، قال: فغطى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوههم لهم خنين، فقال رجل: مَن أَبي؟ قال: فلان، فنزلت هذه الآية:{لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم}

وللبخاري (5622) عن ابن عباس رضي الله عنه، قال: كان قوم يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم استهزاءً، فيقول الرجل: مَن أَبِي؟ ويقول الرجل تضل ناقته: أين ناقتي؟ فأنزل الله فيهم هذه الآية.

(3)

أخرجه البخاري (7289) ومسلم (2358) من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه -

ص: 136

أبي داود: إن كنت لا بدّ سائلاً فاسأل الصّالحين.

وقد اختلف العلماء في ذلك.

والمعروف عند الشّافعيّة أنّه جائز ، لأنّه طلب مباح فأشبه العاريّة، وحملوا الأحاديث الواردة على من سأل من الزّكاة الواجبة ممّن ليس من أهلها.

لكن قال النّوويّ في " شرح مسلم ": اتّفق العلماء على النّهي عن السّؤال من غير ضرورة.

قال: واختلف أصحابنا في سؤال القادر على الكسب على وجهين.

أصحّهما: التّحريم لظاهر الأحاديث.

والثّاني: يجوز مع الكراهة بشروطٍ ثلاثة:

الأول: أن لا يلحّ ، الثاني: ولا يذلّ نفسه زيادة على ذلّ نفس السّؤال، الثالث: ولا يؤذي المسئول. فإن فُقد شرط من ذلك حرُم.

وقال الفاكهانيّ: يتعجّب ممن قال بكراهة السّؤال مطلقاً مع وجود السُّؤال في عصر النّبيّ صلى الله عليه وسلم ، ثمّ السّلف الصّالح من غير نكير، فالشّارع لا يقرّ على مكروه.

قلت: لعلَّ من كره مطلقاً أراد أنّه خلاف الأولى، ولا يلزم من وقوعه أن تتغيّر صفته ولا من تقريره أيضاً، وينبغي حمل حال أولئك على السّداد، وأنّ السّائل منهم غالباً ما كان يسأل إلَاّ عند الحاجة الشّديدة.

وفي قوله: " من غير نكير " نظرٌ ففي الأحاديث الكثيرة الواردة في

ص: 137

ذمّ السّؤال كفاية في إنكار ذلك.

تنْبيه: جميع ما تقدّم فيما سأل لنفسه، وأمّا إذا سأل لغيره فالذي يظهر أيضاً أنّه يختلف باختلاف الأحوال.

قوله: (وكان ينهى عن عقوق الأمّهات) في رواية لهما عن المغيرة ، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله عز وجل حرَّم عليكم: عقوق الأمهات، ووأد البنات ومنعاً وهات.

قيل: خصّ الأمّهات بالذّكر ، لأنّ العقوق إليهنّ أسرع من الآباء لضعف النّساء ، ولينبّه على أنّ برّ الأمّ مقدّم على برّ الأب في التّلطّف والحنوّ ونحو ذلك ، وهو من تخصيص الشّيء بالذّكر إظهاراً لعظم موقعه.

والأمّهات: جمع أمّهة وهي لمن يعقل، بخلاف لفظ الأمّ فإنّه أعمّ.

والعقوق: بضمّ العين المهملة مشتقّ من العقّ وهو القطع، والمراد به صدور ما يتأذّى به الوالد من ولده من قول أو فعل إلَاّ في شرك أو معصية ما لَم يتعنّت الوالد.

وضبَطَه ابن عطيّة ، بوجوب طاعتهما في المباحات فعلاً وتركاً واستحبابها في المندوبات، وفروض الكفاية كذلك، ومنه تقديمهما عند تعارض الأمرين ، وهو كمن دعته أمّه ليمرّضها مثلاً بحيث يفوت عليه فعل واجب إن استمرّ عندها ، ويفوت ما قصدته من تأنيسه لها ، وغير ذلك لو تركها وفعله ، وكان ممّا يمكن تداركه مع فوات الفضيلة كالصّلاة أوّل الوقت أو في الجماعة.

ص: 138

قوله: (ووأد البنات) بسكون الهمزة هو دفن البنات بالحياة، وكان أهل الجاهليّة يفعلون ذلك كراهة فيهنّ.

ويقال: إنّ أوّل من فعل ذلك قيس بن عاصم التّميميّ، وكان بعض أعدائه أغار عليه فأسر بنته فاتّخذها لنفسه ، ثمّ حصل بينهم صلح فخيّر ابنته فاختارت زوجها، فآلى قيس على نفسه أن لا تولد له بنت إلَاّ دفنها حيّة، فتبعه العرب في ذلك.

وكان من العرب فريق ثانٍ يقتلون أولادهم مطلقاً، إمّا نفاسة منه على ما ينقصه من ماله، وإمّا من عدم ما ينفقه عليه، وقد ذكر الله أمرهم في القرآن في عدّة آيات.

وكان صعصعة بن ناجية التّميميّ أيضاً - وهو جدّ الفرزدق همّام بن غالب بن صعصعة - أوّل من فدى الموءودة، وذلك أنّه كان يعمد إلى من يريد أن يفعل ذلك فيفدي الولد منه بمالٍ يتّفقان عليه، وإلى ذلك أشار الفرزدق بقوله:

وجدّي الذي منع الوائدات

وأحيا الوئيد فلم يوأد

وهذا محمول على الفريق الثّاني، وقد بقي كلٌّ من قيس وصعصعة إلى أن أدركا الإسلام ولهما صحبة، وإنّما خصّ البنات بالذّكر ، لأنّه كان الغالب من فعلهم، لأنّ الذّكور مظنّة القدرة على الاكتساب.

وكانوا في صفة الوأد على طريقين:

أحدهما: أن يأمر امرأته إذا قرب وضعها أن تطلق بجانب حفيرة، فإذا وضعت ذكراً أبقته ، وإذا وضعت أنثى طرحتها في الحفيرة، وهذا

ص: 139

أليق بالفريق الأوّل.

الثاني: من كان إذا صارت البنت سداسيّة قال لأمّها: طيّبيها وزيّنيها لأزور بها أقاربها، ثمّ يبعد بها في الصّحراء حتّى يأتي البئر ، فيقول لها: انظري فيها ويدفعها من خلفها ويطمّها، وهذا اللائق بالفريق الثّاني، والله أعلم.

قوله: (ومنعٍ وهاتٍ) وللبخاري " ومنع " بغير تنوين، وهي في الموضعين بسكون النّون مصدر منع يمنع، وتقدم ما يتعلق به في الكلام على " قيل وقال ".

وأمّا هات: فبكسر المثنّاة فعل أمر من الإيتاء.

قال الخليل: أصل هات آت فقلبت الألف هاء.

والحاصل من النّهي منع ما أمر بإعطائه وطلب ما لا يستحقّ أخذه.

ويحتمل: أن يكون النّهي عن السّؤال مطلقاً كما تقدّم بسط القول فيه قريباً، ويكون ذكره هنا مع ضدّه ثمّ أعيد تأكيداً للنّهي عنه.

ثمّ هو محتمل أن يدخل في النّهي ما يكون خطاباً لاثنين كما يُنهى الطّالب عن طلب ما لا يستحقّه ، ويُنهى المطلوب منه عن إعطاء ما لا يستحقّه الطّالب ، لئلا يعينه على الإثم.

ص: 140